تمهيد
نظرات غاضبة و أخرى خجلة و تلك حانقة و هذه متوعدة و ضحكات مكتومة و سباب مختزن و غضب عارم فكرة واحدة كانت تدور في رؤوس كل هؤلاء بمشاعرهم المختلفة . و هى !! هذا كثير تخطى الحدود . نهض ذلك ببذلته السوداء و ربطة عنق كأجنحة فراشة شكلها مضحك حقاً مضحك و لكنه لم يمانع و قبل بهذه السخرية من أجلها و هى أين ؟؟ فرت هاربة . صوت نزق يقول بحدة " هل سنتناول العشاء الأن "
نظرات مشتعلة تخبره بأنت عديم الإحساس .. زم صاحب الصوت شفتيه بضيق و صاحب البذلة السوداء يقول . " هذه كانت الفرصة الأخيرة لها معي . أريد ما دفعته منذ عرفتها . من هدايا و مجوهرات و ملابس و حتى ثمن تذكرة السينما التي دفعتها لمشاهدة تلك الأفلام السيئة التي لم تكن على هوايا أساساً . غير ثمن ذلك الحذاء الذي هربت به أنا من أحضرته مريح لقدمها لتستطيع الهروب " أضاف بسخرية ..
قال صوت غاضب لرجل أشيب الفودين جعد الجبين كث الحاجبين
" لم لا تطلب ثمن كوب الماء الذي سقيته لها و أنتم تسيرون على الطريق أيضاً "
أجاب صاحب البذلة السوداء " لم أدفع ثمنه "
عاد صوت النزق " يا عالم جائع حرام عليكم "
رد صوت ناعم ساخر ببرود " مفترض بك تعودت لم تنسى تناوله دوماً و كل مرة تسمعنا تذمرك "
نظر صاحب البذلة السوداء بغموض ينظر لصاحبة الصوت الساخر كأنه يراها للمرة الأولى . شعر بني طويل عيون بلون العسل شفاه وردية بلون التوت البري . لاحظت نظراته و ارتبكت لتخفض رأسها و صاحب البذلة السوداء يقول ببرود " لدي ما هو أفضل من أخذ ثمن تذكرة السينما "
قالها لأشيب الفودين .. سأله الأشيب بغلظة و قد فاض به الكيل من كثرة ورطات المعتوهة الهاربة .. " ما هو تفضل أطربني بما لد*ك "
نظر لصاحبة العيون العسلية و قال بهدوء " أريد دهب تحل محلها"
قال الأشيب بغلظة " لا ليس ثانياً . هذه المرة الثالثة ماذا ستقول عندما تعود "
رد صاحب البذلة السوداء بسخرية حاقدة " ستقول ككل مرة مبارك لك عزيزتي أسفة لوضعك في هذا الموقف أنه رجل صالح و سيسعدك "
زفرت تلك العجوز الطاعنة التي تنتشر تجاعيد وجهها بكثرة حتى لا تستطيع عدهم من كثرة قربهم . نعم بالفعل فقد تخطت الثمانون و هى الحامي الرئيسي للهاربة و الحضن المحتوى بعد العودة و اليد الحانية دارئة عنها غضب ذلك الأشيب و الزوجة الكاتمة فمها بيدها ربما حتى لا تصرخ غاضبة .. " لا تسير الأمور هكذا يا ولد "
رد صاحب البذلة السوداء ببرود " بل تسير هكذا كل مرة يا جدة و لكني غ*ي وقعت في نفس الخطأ رغم التحذيرات "
ضربت عصاها بالأرض بقوة علامة اعتراض فنطقت تلك الصامتة منذ البداية " موافقون . غداً تأخذها لمنزلك و معها ما جلبناه للهاربة"
ردت صاحبة العيون العسلية " أمي لا أستطيع فعل ذلك بها "
قال صاحب الصوت النزق " لتذهب للجحيم المهم نأكل يا عالم حرام قسما بالله . "
رمقته العجوز بنزق " لا هم لك إلا معدتك . يا لك من عديم النفع هذا بدلا من البحث عنها . "
قال صاحب الصوت النزق " ستعود أنها مثل الغراء ملتصقة بنا و لا تريد تركنا "
ردت العجوز ساخرة " نعم و يتركنا القطيع شاه شاه و الفضل لها "
ردت زوجة أشيب الفودين " أمي لو أفسحت هى الطريق لتسلل القطيع شاه شاه و لكنها تقف على باب الحظيرة كالحارس فماذا نفعل ننتظر لمتى و باب الحظيرة مفتاحه في يدها "
ضربت العجوز العصا بالأرض ثانياً " ست**رين قلبها ككل مرة و تأتي لحضني باكية "
قال صاحب البذلة السوداء بسخرية " هذه ما اسميها دراما الجدة و لا اصدقها و لن أفعل بعد هروبها بتلك الطريقة اليوم "
قالت صاحبة العيون العسلية " فلتنهيا الأمر ماذا قلتم في النهاية من سيتزوج هنا "
نظر إليها والديها و العجوز بحنق .. و صاحب البذلة السوداء يقول بغزل " نحن ذهبيتي "
رد صاحب الصوت النزق " المهم سنأكل أليس كذلك "
التفت إليه أشيب الفودين " ستأكل بالتأكيد و لكن علقة ساخنة "
نهض محاولا ضربة فنهض النزق هاربا و هو يختفي خلف صاحب البذلة السوداء يقول " لو فعلتها معها هى ما هربت مجدداً "
قبض أشيب الفودين قبضته و هم ليطاله و يضربه عندما دلف ذلك الرجل صاحب الصوت الخشن " طلبتني يا سيد قطب "
نظر لذلك الفارع غليظ الملامح كثيف الشعر بفمه القاسي و ملامح الغضب ككل مرة يطلبه فيها فما يعرف هل هو السبب أم المهمة الموكلة إليه .. قال أشيب الفودين " مهمتك المعتادة مع بعض التعجل فدهب حلت محلها هذه المرة و غداً ذهابها .. "
أومأ غليظ الملامح برأسه و لم ينتبه غير الجدة التي رمقته بسخرية لنظرات الراحة التي كللت عيناه بخضارهما الفاقع بشذرات بنية كحقل من البرسيم بزهرته البيضاء المصفرة قالت الجدة بخبث
" ربما لو تعجلت لأقنعناها بالعودة و إتمام الزفاف . فقط تعجل "
زم شفتيه لتزداد قسوة و همهم ببرود " العجلة من الشيطان سيدتي"
فرقعت ضحكة الجدة و قالت بمكر " الشيطان حضر للتو بالفعل يا ولد . هيا أذهب و أجلب الهاربة ربما تقنعها هذه المرة فقد مللتها "
رحل غليظ الملامح بعيونه الخضراء التي ترسل شرارات متوعدة و السيارة تنهب الأرض متجها لوجهه يعلمها .
**★**★**★**★**★**★**★***★**