لم يكن النوم ممكنًا تلك الليلة.
كلمات يوسف بقيت عالقة في الهواء كدخان كثيف، لم يستطع أحد أن يتجاهلها.
جلس دانيال في مكانه، ثم نظر إلى خالد في الركن المظلم.
تردد لحظة، قبل أن يسأله:
– "خالد… why? Why did you… betray your own people?"لماذا؟ لماذا... خنت شعبك؟"
رفع خالد رأسه ببطء، عيناه غارقتان في سواد الذنب.
– "في الجامعة… تعرفت على فتاة. لم أكن غ*يًا… لكنني كنت ضعيفًا. صارت حياتي كلها تدور حولها، حتى اكتشفت أنني كنت لعبة. صوّروني… وهددوني. قالوا: فضيحة أو… تعاون."
تنفس بعمق، صوته يرتجف:
– "أغرتني الأموال… البيت… الحياة التي وعدوني بها في تل أبيب. قلت لنفسي: ربما هذا قدري. لكن… لم يدم الأمر طويلًا. أمي هي من فضحتني. وجدت جهاز الاتصال في غرفتي… وسلّمتني قبل أن أُسلمها العار."
ساد ال**ت.
حتى يوسف، رغم غضبه العميق منه، أدار وجهه عنه لوهلة، كأنه لا يستطيع النظر.
تمتم خالد:
– "الآن… كل ما عندي هو انتظار الحكم. أعيش بينكم، لكنني ميت منذ زمن."
دانيال شعر بقشعريرة، رأى فيه صورة رجل ابتلعته الخيانة حتى لم يبقَ منه شيء.
ثم التفت نحو ناعوم، التي كانت تحدق في الحائط بملامح متصلبة.
– "And you, Naom… why did you join the army?""وأنت يا نعوم... لماذا انضممت إلى الجيش؟"
ضحكت بخفة مصطنعة، لكنها اختفت بسرعة:
– "I didn’t hate. Not like أوري. For me it was… routine. The checkpoint was boring. People lining up… showing papers. We laughed at them, yes… but it wasn’t personal." "لم أكره. مثل أوري. بالنسبة لي، كان الأمر... روتينيًا. كانت نقطة التفتيش مملة. الناس يصطفون... يُظهرون أوراقهم. كنا نضحك عليهم، نعم... لكن الأمر لم يكن شخصيًا.
قاطعها يوسف بصوت هادئ لكنه صارم:
– "ليس شخصيًا؟ أن تُذل إنسانًا وتجعله ينتظر تحت الشمس ساعات… هو شخصي جدًا. أن تُضحكي على رجل يبكي لأنه متأخر عن عملية ابنه… شخصي جدًا."
أطرقت ناعوم رأسها، لم تستطع الرد.
تمتمت:
– "I never thought of it that way… until now.""لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة... حتى الآن."
ظل دانيال يراقبهم جميعًا:
يوسف = الجرح العميق الذي تحوّل إلى قوة.
خالد = الضعف الذي قاده إلى الخيانة.
ناعوم = السطحية التي صارت ندمًا.
أوري = الجدار الصلب من الكراهية.
وأدرك دانيال أن كل واحد منهم مرآة لجانب مختلف من هذه الحرب، وأنه وحده العالق في المنتصف، يتعلم من كل صوت.