الخبز اليابس والماء الشحيح

256 Words
انقضى يوم كامل دون أن يصل أي مقاتل يحمل الإمدادات. بدأ الجوع ينهش البطون، والعطش ييبّس الحناجر. لم يبق في النفق سوى بضع أرغفة يابسة، وقارورة ماء نصفها فارغ. جلس يوسف أمام الطعام القليل، عيناه متجمدتان، يحاول أن يقرر كيف يوزعه. كان الموقف أصعب مما لو واجه عدوًا بسلاح. قال بصوت متحجر: – "سيكفي ليوم آخر فقط… إن قسمناه بعدل." رمقه أوري باحتقار: – "تريد أن تضع نفسك قاضيًا علينا أيضًا؟ Give me my share now!"أعطني حصتي الآن! اقترب خالد، صوته خافت، متردد: – "أنا… أستطيع أن أتحمل. أعطوا حصتي للمصاب." ضحك أوري رغم الألم، سخرية ممزوجة بالتهكم: – "Of course! The traitor wants to look like a hero now.""بالتأكيد! الخائن يريد أن يبدو بطلاً الآن." رمقته ناعوم بعينين ضيقتين، ثم قالت ببرود: – "على الأقل هو يفكر. أما أنت فتهدر قوتك في الصراخ." ساد ال**ت لحظة. ثم تقدم يوسف، قسم الرغيف اليابس إلى خمس قطع صغيرة، وملأ غطاء القارورة بماء وزعه بينهم واحدًا واحدًا. حين أعطى حصته لأوري، قال بصرامة: – "لست أفعل هذا حبًا بك… بل لأن كرامتي تمنعني أن أتركك تموت عطشًا." أخذ أوري القطعة والماء، يده ترتجف، ولم ينبس بكلمة. أما ناعوم، فظلت تحدق في حصتها الصغيرة بدهشة صامتة، كأنها لم تتخيل يومًا أن تُجبر على تقاسم **رة خبز مع من تعتبرهم "أعداء". دانيال جلس يتأمل المشهد. لأول مرة، لم يرَ يهوديًا أو عربيًا، خائنًا أو مقاتلًا. رأى فقط بشرًا، محشورين في حفرة تحت الأرض، يجمعهم الخبز اليابس والماء القليل، ويوحدهم العجز أمام الجوع. تمتم في داخله: "Maybe hunger is the only justice left here…""ربما الجوع هو العدالة الوحيدة المتبقية هنا..."
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD