الفصل الثاني

1338 Words
..جمعت ثيابها و كتبها في حقيبة و تبعت ناظم و ركبت معه في السيارة..نظرت الى الرجل الجالس بجانبها..رجل في الخمسين من عمره ..عيونه تع** شرا كبيرا و قسوة لا حدود لها..أمر السائق بالاسراع الى القصر ثم التفت اليها و قال" من اليوم ستصبحين زوجتي و تحت رحمتي..تطيعين كلامي دون نقاش..اطاعتكي لي و عدم رفضكي لأوامري هو مقياس حياتكي و راحتكي..اياكي و التقليل من احترامي او رفع صوتكي في وجهي..تمام" صمتت قليلا ثم قالت" لا اريد منك شيئا سوى ان انهي دراستي" ضحك و قال" سنرى..كل ذلك رهين بتصرفاتكي معي" هزت رأسها مواقفة ولم تقل شيئا..وصلا الى قصر فخم يحيط به الرجال المسلحون من كل جانب و أسواره عالية..نزل ناظم من السيارة و نادى" ياغيز..أين انت؟" أسرع شاب وسيم ذي عينين بلوريتين يرتدي بدلة سوداء و قال" أمرك ناظم باي" ابتسم ناظم و ربت على كتفه و قال" لقد أحضرت عروسي..اهتم بها" ..فتح ياغيز الباب لهزان و هو يقول" تفضلي سيدتي" ..نظرت هزان اليه و استغربت وجود شاب انيق و وسيم مثله في قصر كهذا و تحت امرة رجل كهذا..رفع اليها عينين جميلتين و سرعان ما ابعد نظره عنها..رافقها و هو يقول" هذه غرفتكي سيدتي..ستجدين فيها فستان زفاف ارتديه و سيهتم بكي فريق التجميل الخاص." فتح لها الباب و انسحب....بقي ياغيز واقفا أمام الباب مستغربا من تورط فتاة جميلة كهذه في الزواج من ناظم..انها صغيرة عليه و تبدو من شكلها أنها مثقفة و مهذبة..ابتعد عن الغرفة و ذهب الى ناظم و قال" ناظم باي..كل شيء كما أردت" ابتسم ناظم و قال" ألم اقل لك سابقا ان تناديني بابا" طأطأ ياغيز رأسه و قال" ايفيت ناظم بابا" وقف ناظم و ربت على كتفه و قال" هل وصل مأمور الزواج؟" اجاب" نعم..و المدعوون و الصحافة هنا ايضا..هار شي مكمل" ابتسم ناظم و قال" طبعا..ما دمت انت تهتم به فسيكون مثاليا..اتعلم..أشعر أنك ابني الذي فقدته منذ سنين..وجودك بجانبي يجعلني مطمئنا على عملي و حياتي..شكرا لوجودك معي ابني" قبل ياغيز يده و قال" العفو ناظم بابا..شرف لي ان اكون ابنك" ..في غرفتها..نظرت هزان الى نفسها في المرآة بعد ان ارتدت فستان الزفاف الذي يلائم جسدها ..طويل..مكشوف الكتفين مغلق من الخلف بخيوط متشابكة و على ياقته فراشات صغيرة بلون وردي..نزلت دموعها سخية ..لم تكن تعتقد ان يوم زواجها سيكون كئيبا هكذا..لوحدها..و زوجة لرجل مافيا و اجرام..معزولة عن الدنيا في قصر تحيط به الاسلاك الشائكة و الرجال المسلحون..سمعت طرقات على الباب فمسحت دموعها و قالت " تفضل" فدخل عليها امرأتان اهتمتا بمكياجها و شكلها..بعد لحظات خرجت من غرفتها لتجد ناظم في انتظارها و بجانبه يقف ياغيز..تأملها ناظم و قال" اوو كم انا محظوظ..ياغيز..اليست زوجتي جميلة جدا" نظر اليها ياغيز بعينين ملتهبتين كلهما اعجاب و قال" نعم ناظم بابا" ..أخذ ناظم يدها في يده و نزلا الى الحديقة حيث طاولة بيضاء جلس عليها مأذون الزواج و شاهدين و وقف المدعوون و الصحفيون امامها..صفق الجميع عند خروجهما..جلسا فسأل المأذون" انت الانسة هزان شامكران هل تقبلين بالسيد ناظم كايا زوجا لكي؟" بعد صمت قصير و تنهيدة قالت" نعم" و وافق ناظم أيضا فأعلنهما المأذون زوجا و زوجة و سلمها دفتر العائلة فاقترب منها ناظم و قبل جبينها.. ..ارتعش جسد هزان قرفا من قبلة ناظم لكنها لم تقل شيئا..كانت صامتة و تغالب دموعها ..جالت بعينيها على الموجودين..كانوا بين مستغربين من هذا الزواج و بين سعيد به..انطلقت الموسيقى فأخذها ناظم بين يديه و رقصا معا..كانت تهرب بعينيها منه و تتحاشى نظراته الوقحة..عينان بلوريتان راقبتاها و تأملتاها في كل حركة خطتها..التفت اليه..التقت نظراتهما..فأشاحت بوجهها عنه..توقفت الموسيقى فجلست و تركت ناظم يجول بين المدعويين و يتلقى التهاني..وقف ياغيز بجانبها و قال" سيدتي..هل أنت بخير؟" ضحكت هزان و عيناها دامعتين و اجابت" بخير..اجل انا بخير..و كيف لا أكون بخير..و اليوم..سرقت مني أحلامي و مستقبلي و عائلتي و شبابي..اجل..انا بخير يا سيد.." قال" ياغيز..اسمي ياغيز" رفعت نظرها اليه و قالت" تمنيت ان اقول انني سررت بمعرفتك..لكن اعذرني..لست كذلك" ابتسم و قال" لا عليكي..لست مجبرة على قول ذلك..المهم ان تعلمي انني هنا ان احتجتي الى شيء" هزت رأسها و لم تقل شيئا..انتهى الحفل و غادر الجميع فاضطربت هزان و بدأت ترتعد خوفا..فالآن ستبقى لوحدها معه..الآن سيأخذ منها ما حافظت عليه لتهديه للرجل الذي تحبه..الآن ستصبح زوجة لرجل قاتل لا مكان للرحمة في قلبه..اقترب منها ياغيز و قال" رافقيني الى غرفتكي سيدتي" وقفت و امسكت يده و قالت بصوت مرتعش" أرجوك..ساعدني" التفت اليها و سأل" عفوا؟ كيف؟" قالت" ارجوك ساعدني..ساعدني على الهرب" تطلع اليها باستغراب و قال" هرب؟ هل جننتي؟ " قالت" لا..لم أجن..ارجوك..ساعدني" ابعد يده عنها و قال" ..مستحيل..انت زوجة الزعيم الان..افهمي ذلك..لا تستطيعين الهرب..اتبعيني الى غرفتكي..هيا" نزلت دموعها سخية على خديها و تبعته..فتح لها باب الغرفة فدخلت..نظر اليها للحظات ثم انسحب و اغلق الباب وراءه....بقيت هزان جالسة على حافة السرير في غرفتها تبكي في صمت..بعد لحظات..دخل ناظم ..نظر اليها مطولا ..اقترب منها و جلس بجانبها على السرير..لمح دموعها فمد يده و رفع وجهها اليه و قال" امسحي دموعكي هزان و لا تخافي" نظرت اليه هزان باستغراب فابتسم و قال" منذ اليوم انت زوجتي..ما أريده منكي هو ان تطيعيني و تحترميني و تكوني زوجة مخلصة ..اياكي ان تفكري في الهرب من هنا ..او الاساءة الي بأية طريقة كانت..حياتكي ستكون جنة اذا نفذتي ما طلبته..و الا .." هزت رأسها موافقة فضحك و قال" جميل..و الان..تصبحين على خير" اقترب منها و قبل جبينها و فتح الباب و خرج..لم تفهم هزان ما حدث لكنها ضحكت و فرحت لأنه لم يقترب منها..على الاقل ستكون لوحدها هذه الليلة..لم تفهم لماذا لم يقترب منها..لم تفهم لماذا لم يطالبها بحقوقه..لكنها لم تهتم..المهم بالنسبة اليها الان هو انها على الاقل لم تخسر نفسها معه و لو مؤقتا ..نزعت عنها الفستان و ارتدت بيجامتها..وقفت على نافذة غرفتها تنظر الى الحديقة و المسبح..رأت ياغيز يمشي بجانب المسبح و هو يدخن سيجارة..كان محني الرأس كأنه يفكر في أمر مهم..رفع رأسه و نظر الى نافذة غرفتهافرآها واقفة هناك..التقت نظراتهما للحظات ثم انسحب و اختفى..ابتعدت هزان عن النافذة و تممدت في سريرها..أخذت هاتفها و فتحت احدى أغانيها المفضلة ..بحثت بين كتبها عن كتاب تقرأه قبل ان تنام..كتاب عن الامراض التي تصيب الدماغ..قرأت منه صفحات الى ان غلبها النعاس و نامت....في غرفته أشعل ياغيز الضوء و نزع عنه سترته و فتح ازرار قميصه العلوية و وقف مطولا امام المرآة..كان عقله مسكونا بها..هذه الفتاة التي احضرها ناظم و اختارها لتكون زوجته بعد وفاة زوجته الاولى شكران ..و التي هي أم ابنه انور الذي فقده ناظم في حادث سيارة منذ سنة..تساءل ياغيز ترى مالذي ورط هذه الفتاة مع ناظم..هل تراها تطمع في ماله؟ ام ان هنالك سببا آخر أجبرها على هذا الزواج؟ و لماذا طلبت منه ان يساعدها على الهرب؟ لا يستطيع ان يفعل ذلك..هي الان زوجة الزعيم و يجب عليها ان تتقبل ذلك..تحت مياه الحمام الدافئة حاول ياغيز ابعادها عن افكاره و عدم التفكير فيها..لكن دون جدوى..يريد ان يعرف مالسبب الحقيقي وراء هذا الزواج..و ما أدهشه و ما لم يستطع انكاره انه اعجب بها و بجمالها..تأثر بدموعها ..بجسمها الذي زاده الفستان إثارة..بثقتها السريعة به و طلبها المساعدة منه هو بالذات..ثم سرعان ما طرد هذه الافكار من رأسه ..انهى حمامه و ارتدى ثيابه و نام..في الصباح..استيقظت هزان على صوت طرقات على الباب..قال الصوت" هزان هانم..انا نعمت المدبرة المنزلية ..اردت ان اخبركي ان الفطور جاهز و ان الزعيم ينتظركي في الحديقة لتتناولا الفطور معا" رفعت رأسها عن الوسادة و قالت" تمام..انا قادمة" ..ارتدت فستانا أحمرا يصل الى ركبتيها و رفعت شعرها و اكتفت بوضع الكحل في عينيها و ملمع شفاه خافت اللون و نزلت..كان ناظم جالسا مع ياغيز ..قالت" صباح الخير " اجاب ناظم و هو ينظر اليها" صباح النور حياتي" ..قال ياغيز دون ان يرفع نظره اليها" صباحا سعيدا سيدة هزان" ..جلست فقدمت لها نعمت طبقا عليه خبز و مربى و جبن و سكبت لها الشاي فقالت" سيدة نعمت..انا اشرب قهوة لو سمحتي..سادة" قالت نعمت" حسنا سيدة هزان..أمرك" ..نظر اليها ناظم و قال" أيعقل ان لا تأكلي شيئا ..لا تكتفي بالقهوة" ابتسمت و قالت" أشرب القهوة اولا ثم آكل..هكذا تعودت" قال" تمام..حسنا..كما تريدين" ثم التقت الى ياغيز و قال" الشحنة الجديدة وصلت..اهتم انت بها" وقف ياغيز وقال" أمرك ناظم بابا" و ذهب..قال ناظم" هزان..زواجنا سيكون على الورق فقط ..لكن هذا لن يغير من حقيقة كونكي زوجتي..اريد ان نكون زوجين حقيقيين امام الجميع و خاصة امام رجالي" قالت" تمام..لكن دراستي؟" رشف رشفة من شايه و قال" ارتاحي لبضعة ايام في القصر ثم بعد ذلك سنرى" صمتت هزان و لم تقل شيئا..على الاقل هنالك جانب مريح في هذا الزواج و هو انها لن تضطر الى معاشرة شخص كهذا..لكنها تساءلت بينها و بين نفسها ان كان زواجهما سيكون فقط على الورق فلماذا تزوجها اذا؟..
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD