الفصل الخامس ,
قبل خمس سنوات ،
توقفا أمام محل لرسم الأوشام حينها ظهرت على وجهها إبتسامة عريضة فنزعت الخوذة ثم نزلت من ورائه ، في هذا الوقت ألتفت إليها و ساءلها :
- هل أنت جادة حقا ؟
ظلت مبتسمة و هي تنظر إلى المحل بحماس ثم أجابته :
- إنني في منتهى الجدية =.
ألتفتت إليه و ناظرته بحب ثم صارحته :
- لا أشعر بحريتي المطلقة إلا معك ، هل تعلم بهذا ؟
نزع الخوذة و أمسكها بين ذراعيه ثم بادرها الإبتسامة و هو يصارحها ببهجة :
- هذا يسعدني جدا يا ساحرتي .
نزل من الدراجة ليتقدم بها ، وضعها في مكان آمن ثم إنطلقا الى المتجر ، فتح الباب بالمفتاح و هو يشير لها بالدخول مبتسما :
- السيدات أولا ...
أومأت برأسها و شكرته بلطف ثم دلفت الى الداخل ، أجالت نظرها على محتوى المكان بأكمله مندهشة و منبهرة بكل الرسومات التي تطالعها بإعجاب .
- هل وضعها مؤلم ؟
سألته فصارحها :
- كل ما كان الوشم ثقيلا يكون الألم مضاعفا .
- هل هذا المكان الذي تعمل فيه ؟
أعادت الإستفسار منه من جديد فعاد لمصارحتها بكل صدق :
- نعم ، هذا مكاني .
ألتفتت إليه لتجده مستندا على الحائط بكتفه و يطالعها بإهتمام فنظرت إلى يديه المليئة بالحبر ثم استعلمت :
- كيف تحملت كل ذلك الألم إذن ؟
إبتعد من الجدار و تقدم إليها ثم وقف أمامها ليصارحها قائلا بصدق :
- هنالك طريقة واحدة فقط ، عندما تكون منتشيا .
إتسعت حدقة عينيها بدهشة و لأول مرة تعلم أنه يتعاطى تلك الم**رات حينها مد يده إلى وجهها و رفع ذقنها بإصبعيه ثم سألها بصوت شجي و هو ينظر إلى عينيها :
- هل استحقرت الحقيقة التي هي أنا عليها ؟
تراجعت خطوة إلى الوراء مبتعدة عنه ثم حرّكت رأسها برفض و هي تجيبه بنبرة صوتها العادية :
- كلا ، لأن هنالك أفراد من عائلتي لقد مروا بنفس التجربة و نجحوا في تجاوزها .
إبتلعت ريقها لتتحكم في خامة صوتها ثم صارحته و هي تطمئنه بنظرات عينيها الدافئة نحوه :
- لقد صدمني الأمر حقيقة لكني لا أستحقرك فأنا أعلم جوهر الرجل الذي أحبه و هذا يكفيني .
تنفس الصعداء ثم تن*د براحة ففتح ذراعيه و أمرها بلطف و هو يبتسم لها :
- تعالي إلى هنا إذن .
إبتسمت له هي ايضا ثم هرعت إليه لتحضنه بقوة ، وضعت أذنيها على ص*ره حيث يكون قلبه الذي يقرع بجنون مخترقا طبلة أذنها بقوة حينها تكلّم و هو يعزز ضمها إلى ص*ره :
- إنني أعشقك يا فتاة .
إبتسمت ابتسامة واسعة و هي تهمس بصوت مبحوح :
- أعلم .
أخفض رأسه إليها ليسألها و هو يحدق في عينيها :
- و الآن ، ما الذي تريده حبيبتي مني ؟
رفعت رأسها إليه و أجابته مطالعة عينيه بثقة :
- أريد فراشة ؟
- أين ؟
أخبرته بجرأة :
- أسفل ظهري .
ضيق عينيه اليسرى كابحا ضحكته ليصارحها بمزاح :
- حبيبتي الصغيرة إتضحت أنها م***فة .
اخفضت رأسها على الفور و هي تخفي خجلها من تعليقه المخرج ثم أغرست وجهها في ص*ره و هي تضحك على نفسها .
بعد مدة ، جلست فوق مقعد صغير قبالته ، رفع قميصها قليلا بينما هي موالية له ظهرها ، كوّرت قبضة يديها و أغمضت عينيها بإحكام لتتشجع ، كان قلبها يطرق بقوة من فرط التوتر ، عندما كاد ان يلمس جلدها بالآلة فتحت عينيها فجأة و أوقفته :
- لا ، ليس الآن .
رفع بصره مستغربا فألتفتت إليه و ناظرته بت**يم بينما تقول بشجاعة :
- الإنسان يستحق أن يغامر ليوم واحد في حياته أ ليس كذلك ؟
عقد حاجبيه بغرابة ثم أجابها بصدق :
- نعم ، عندما يكون لديه الشجاعة ، لماذا ؟
تنفست الصعداء و طالعته بعينين ذابلتين ، قائلة برجاء :
- أريد أن أجرب إحساس الإنتشاء و أتعاطى ، تعلم ، الحشيش .
إزداد إتساع حدقة عينيه مصرحا بذهول :
- لقد جننتِ بالفعل .
نظرت له بعيون بريئة و هي تردف برقة :
- أرجوك ، فقط هذه المرة و لن أعيدها مرة ثانية ، وعد صادق مني إليك !
أرخى كتفيه مناظرا لها بتردد :
- فقط إنتظري دقيقتين و سأرجع .
نهض من مكانه بملامح متجمدة ثم خاطبها بصدق :
- بالفعل لدي حبيبة مجنونة و مجنونة ، مجنونة لم أرى مثيلا لها من قبل !
صر على كلمة مجنونة بجدية لتدارك نفسها فضحكت بينما ترفع رأسها إليه لتعطيه إبتسامتها اللعوبة ثم حركت شفاهها ب**ت :
- بِكَ بالتأكيد ...
إنحدرت دمعتين من عينيها بينما تتأمل تلك الذكرى البعيدة فرفعت يدها و مسحتهما من خدها قبل أن يصلا إلى أسفل فكها و نهضت من مقعدها لتدخل إلى الداخل .
***
- سنيورة .
صوت الخادمة أعادها للواقع من جديد لتجد نفسها قد إنتقلت من ذكرياتها المظلمة إلى واقعها المظلم أيضا ، لم تحرّك أي عضلة من وجهها بينما هي ترد عليها بصوتها البارد كالصقيع :
- ماذا يا سارة ؟
أجابتها الخادمة :
- الفطور جاهز سنيورة ، تعالي إلي الداخل .
بقيت على نفس الجمود و هي ترد عليها :
- بالفعل ، لقد شربت قهوة الصباح كما ترين يا سارة .
لم تبرح الخادمة مكانها و ظلّت واقفة ورائها كالصنم حينها حرّكت نيرمين كتفيها ثم سألتها و هي تزفر بضيق :
- ماذا أيضا ؟
أجابتها الخادمة :
- سنيوريتا ، السنيور آرورا يصر على أن تقوم بتناولِ فطور صباحك كاملا ، ككل صباح .
إبتسمت نيرمين بينما تطالع البوابة بضيق ثم قالت بسخرية :
- كل ما يحدث هنا على علم به إذن و متى سيشرفنا سيدك المبجّل يا سارة ؟
إعتذرت الخادمة :
- سنيورة ، أنا آسفة جدا ، يجب أن تطاع كل أوامر السنيور دون مجادلة .
- لا بأس إذن ، حسنا سأدخل .
تن*دت بإستسلام و نهضت من الكرسي ثم إلتفتت إلى الخادمة الواقفة عند النافذة و إتجهت اليها ، طبطبت على كتفها مبتسمة لها بلطف ثم دخلت إلى الجناح فوجدت شقيقتها قد سبقتها بالفعل في الجلوس على طاولة الفطور و قد قامت بطلي قطعة الخبز الباجيت الفرنسي بالزبدة و مربى المشمش حينها زمجرت نيرمين بإنزعاج من تصرفات شقيقتها الباردة في هذه الأجواء المقلقة قبل أن تتجه اليها و تجذب كرسيا مقابلا لها لتجلس عليه و هي متجهمة الملامح .
أتت الخادمة من خلفها و إنحنت لتضع الكرواسون الفرنسي و الفطائر ثم سكبت الحليب و القهوة في الفنجان الذي أمامها فأبتسمت نيرمين لها و شكرتها :
- شكرا لك سارة ، يمكنك الإنصراف .
ردّت عليها الخادمة بلطف :
- هذا واجبي سنيوريتا .
ما إن غادرت الخادمة الشابة وضعت نيرمين مرفقها على الطاولة و أراحت خدها على كف يدها بينما تطالع أختها بإستغراب .
رفعت نورهان بصرها و هي تقضم الخبز لترمق شقيقتها بتعجب ثم سألتها بفضول :
- أختي ما بك ؟
أجابتها نيرمين بوجه عبوس :
- مصدومة فيك فقط .
تابعت نورهان أكلها بعدم مبالاة ثم أستخبرت :
- و لماذا ؟
إبتسمت نيرمين بسخرية و أجابتها :
- أ لست خائفة من هذا الوضع الذي نحن عليه ؟ ، أ لا يجلب لك الشكوك أبدا يا معتوهة !؟
وضعت نورهان الخبز على الصحن و رفعت بصرها إليها لترد عليها ببساطة :
- أنظري إلى هذا المكان الفخم الذي نحن فيه .
إبتسمت و هي تطالع كل شيء بإعجاب ثم أردفت :
- أنظري إلى هذا الأثاث و هذه المعاملة التي تليق فقط بالطبقات الأرستقراطية ، أنظري إلى كل النعيم الذي نحن فيه ، هل يوجد شيء يجعلني أخاف منه هنا ؟ ، قولي لي !
ظلّت نيرمين تتابعها بعبوس و هي تمط شفاهها برفض لما تفوهت به شقيقتها الصغرى ثم ردت عليها بصوت عالي :
- و ما أدراك أنت بنوايا الخفية لذلك الرجل ؟ ، أ لا تتساءلين ؟ ، أ لا تشكين ؟ ، أل ا تنزعجين أبدا ؟ ، أعجبك وجودك بين أربعة حيطان و أنتِ سجينة بينهم !
أنصتت إليها نورهان إلى أن أنتهت من حديثها .
- أختي .
خاطبتها بينما ترجع ظهرها إلى الخلف ثم كتّفت يديها و إبتسمت لها إبتسامة بلهاء لتسألها بمكر :
- هل أعجبك السنيور آرورا ؟
فغرت شقيقتها الكبرى فمها بصدمة ثم نهضت من مكانها و هي تغلق عينيها هامسة لنفسها بصوت ضعيف :
- يا ربي ، صبرني عليها .
ضحكت نورهان و هي تردف بمرح :
- أيتها المتعصبة ، أعترفي ها ، يعجبك أ ليس كذلك ؟
رمقتها نيرمين بحدة قبل أن تهدر في وجهها بإنفعال :
- كفي عن هذا ، لقد سئمت من برودك و تغابيك الميئوس منه ، لقد سئمت .
- لماذا لا تعترفين أنت أيضا بذلك ؟ ، لقد رأيت النظرة التي كانت في عينيك عندما تطلعت إليه عند الشرفة ، أ ليست تلك نظرة الإعجاب في عينيك ها ؟ ، لا تتهربي من الحقيقة ، أظن أن ذلك الرجل قد أثار إهتمامك !
إزدادت اتساع ابتسامة نورهان الخبيثة و هي تتطلع إليها بتركيز بينما تضيق عينيها و هي تقوم بمساءلتها فخرجت ضحكة سخيفة من نيرمين إلى أن أصبحت تقهقه بصوت مرتفع ثم رفعت رأسها إلى الأعلى و صرّحت :
- إلهي ، أنظر إلي و إليها ، أخبرني كيف سأتصرف معها ؟ ، ساعدني ، لقد عجزت على التوضيح لها هذه البلهاء ، الغ*ية ... !
علّقت نورهان بينما ترمقها ببرود :
- أصلح حالك أختي ، فعلا لقد تجاوزت صفة المعقدة ! ، فعلا ، لقد تغيرت كثيرا منذ أن توفي "شهاب " ، لأنك منذ تلك الحادثة لم تعودي مثلما كنت من قبل ، نيرمين.
أغلقت نيرمين عينيها ثم صرخت بقوة من شدة إنفعالها إلى أن أرعبت شقيقتها :
- يكفيييييي ، لقد سئمت منك و من الجدال معك ..
فتح الباب فجأة و دلف ثلاثة من الحراس **رعة البرق ليتسائلوا بقلق بعد أن أجالوا بصرهم على كامل الجناح :
- ماذا هناك ؟
هدرت في وجههم بملامح غاضبة و نظرات حادة :
- و أنتم ما شأنكم بنا أيها الملاعين ؟ ، كل هذا حدث بسببكم و بسبب رئيسكم ذالك الو*د الحقير .
رفع أحدهم اصبعه ليوقفها بصوته الحاد :
- إخرسي يا فتاة لا تجعليه يأتي إليك ليخرسك هو بنفسه .
إبتسمت له بتحدي لأنها لم تعد تخاف من أي أحد منهم ، ففي الثلاث أسابيع التي قضتهم في القصر جعلوا منها أكثر جرأة ، لم تعد تخاف من حراسه العمالقة لأنهم مسئولون على العناية بهم و حمايتهم و ليس الع** .
- فعلا ، أتأسف على حالكم .
أنزلت رأسها مزمجرة
- مم ، نسيت شيئا لم أقله لكم .
رفعت رأسها و هي تحرّك قدمها في شكل دائرة و ظلّت تناظرهم بتحدي
- أ لستم جراءه الذين يعملون على لعق قدمه طاعة له .
تقدمت إليهم لتقف أمامهم مباشرة ثم رفعت رأسها لتواجه كل من الثلاث الرجال المواجهين لها دون اكتراث بالملامح المميتة التي ظهرت على وجوههم ثم أردفت بحدة :
- دوركم هنا هو تقديم الطاعة لي أيضا ، أ ليس كذلك ؟
**ت الثلاثة دون رد بينما أنفاسهم الساخنة هي فقط من ترد على وقاحتها فتابعت كلامها دون أن ترمش عينيها ، تحولت فجأة إلى تلك المرأة المسيطرة ، المستبدة ذات النظرات الشرسة .
قالت من بين أسنانها :
- و الآن ، أريد مقابلة ذلك الذي يسمى " آرورا" ، أعلموه بالأمر قبل أن افعل شيئا تندمون عليه جميعكم ...
أجابها أحدهم بنظرات جافة :
- الأوامر تطاع فقط من قبل الرئيس ، عودي إلى فطورك يا آنسة و أنهيه بسرعة ، هذا المطلوب منك فقط .
أجابته من بين أسنانها :
- أنتم كلكم مجموعة أغ*ياء لا تصلحون لشيء مفيد .
إزدادت حدة الرجل إلى أن إحمرت عيناه غلا منها و لكنه لا يستطيع فعل شيئا لها أو حتى أن يتفوه بكلام يسيء لها خشيةً من عقاب رئيسه .
رص على أسنانه بينما يخاطب رفاقه :
- هيا رفاق لا يوجد شيء يدعى إلى مكوثنا هنا .
إبتسمت لهم بقسوة و ظلّت عيناها تتابعهم إلى أن غادروا حينها أغمضت عينيها بتعب كابحة دموعها على التشكّل ، هنالك ألم قوي مستمر في أذية قلبها ، ألم لم تستطع تجاوزه حتى بعد مرور خمس سنوات ولكنها ليست ضعيفة لتنجرف إلى ألامها الآن و تجعل منها إنسانة ضعيفة ، إذا ضعفت في هذه الحالة ستخور قوتها و تنهزم بسهولة أمامه و هذا الوضع حتما لن يكون في صالحها أبدا .
ألتفتت برأسها إلى الخلف حينها تحولت ملامحها اإى الذعر عندما وجدت شقيقتها الصغيرة قد انهارت على الكرسي تبكي بشكل هستيري ، لم تدري ما الذي حصل لها فهرعت إليها و وضعت يدها على يديها التي تغطي كافة وجهها
- نورهان ، ما بك حبيبتي ؟
سألتها بقلق
- لقد إشتقت إليهما كثيرا ، أريد أمي و أبي يا نيرمين .
حضنتها و قبلت قمة رأسها بينما تقول بتأسف :
- أنا آسفة ، لقد قاسيت عليك كثيرا ، أنا هنا معك و لن أتركك أبدا لا تخافِ ، إذا ظللنا متماسكتين ببعضنا البعض سنتجاوز كل شيء معا ، هل إتفقنا ؟
تن*دت نورهان بحزن و هي تريح رأسها على كتف شقيقتها الكبرى ثم همست بآسى :
- أنا أيضا آسفة نيرمين ، لم أراعي شعورك عندما تفوهت بذلك الكلام القاسي أيضا .
أغمضت نيرمين عينيها بينما أصابعها تداعب شعر شقيقتها ثم ردّت عليها بصوت ضعيف :
- المظاهر خادعة جدا يا نورهان ، لا تنخدعي بما ترائينه أمامك إلى أن تكتشفِين ما يخفيه ورائه .
رفعت نورهان رأسها ثم فغرت فمها و قالت بتعاطف :
- نيرمين ، يكفي حزنا على شيء مضى ، أنت فتاة جميلة جدا و ذكية ، مثقفة و تليق بذلك الرجل ، لعله الشخص الوحيد الذي يستطيع تغيير حياتك إلى الأفضل و ينسيك كل ما تسبب في إيلامك يوما ، لماذا لا تفكرين في الموضوع بشكل إيجابي إذن ؟
نظرت نيرمين لها بإنزعاج فأشاحت نظرها عنها ثم تركتها و نهضت كابحة غضبها حتى لا تؤلمها ، لكن نورهان عنيدة أكثر منها عند التمسك برأيها .
نادتها من الخلف :
- نيرمين لا تهربي من الحقيقة ، إن ذالك الرجل الوحيد المناسب لك ، لن تجد شخصا أكثر منه بتلك الكاريزما و القوة ، لن تجد أحدا بذات الشخصية مثله ، بجانبه يمكنك أن تحققي كل أحلامك ، يمكنك السفر إلى كل الأماكن التي تريدينها ، يمكنك إرتداء ما تردين ، يمكنك الإفتخار به امام الجميع ، عزيزتي ...
زمجرت نيرمين بتهكم و هي تقول بإعتراض :
- لا أحتاج رجلا لأعتمد عليه ، لست تلك الفتاة التي تجلس مكتوفة اليدين بينما عالمها ينهار أمام عينيها ، مفهوم.
ألتفتت إليها و تابعت بجدية :
- أنا أريد حريتي بالكامل نورهان ، لن أساومها مع أي شيء في هذا الكون ، لا أريد رجلا يريد السيطرة علي ، أفضل ان أحلق وحدي ، أن أتكل على نفسي و أن أكون مسؤولة عن نفسي على أن أمتثل له ، لا أريد أن أكون تلك الفتاة التي تعيش في عالم باربي تلبس الملابس الباهظة و تنام على وسادة مليئة بريش النعام و لكنها مسجونة بين أربعة حيطان ، عصر الع****ة لقد إنتهى و لا أحبذ العيش فيه ، هل فهمتِ ؟
فجأة نقلت بصرها إلى الشرفة و توقفت مقلتيها متجمدتين و هي تتنصت اإى صوت مروحية قد خيّل لها أنها سمعتها بينما تقترب من القصر ثم سئلت شقيقتها :
- هل سمعت ما سمعته الآن ؟
إستغربت نورهان ثم استخبرت :
- أسمع ماذا ؟
لم تستطع نيرمين الإنتظار و هرعت إلى الشرفة فأبعدت الستائر و فتحت النافذة ثم توقفت عندها فاغرة الفم و هي تنظر إلى المروحية التي تقترب من الفناء الأمامي للقصر .
- لقد عاد .
تكلمت نورهان بذهول بينما تشاهد الطائرة في صدد الهبوط على المكان المخصص لها .
أجابتها نيرمين بصوت ضعيف منبأ على الإستهزاء :
- نعم ، السيد المبجّل قد شرّفنا أخيرا .
فتح الباب بعدها نزل المرافقون أولا ثم تبعهم آلانزو و إستدار بجسده إلى الخلف ليمدّ يده لسيزار حتى يتمسّك به عند النزول ، كل هذا حدث أمام ناظري الفتاتين فأقترب نيرمين من شقيقتها و همست بالقرب من أذنيها :
- هناك أمر مريب قد حصل لهما عند السفر ، الرجل الذي يرافقه غير طبيعي !
نزل سيزار على المدرج بحذر متعمدا على عدم الدهس بقوة على ساقه اليمنى فساعده آلانزو على النزول بتأني شديد ثم رفع بصره إليه و سأله بإهتمام :
- هل تستطيع السير لوحدك ؟
زفر سيزار بضيق بينما يرمقه بنظرات منزعجة :
- كفى بالله عليك ، إنني بخير كما ترى لست عاجزا !
ناظره آلانزو بعدم اقتناع بينما يعقد حاجبيه و لكنه بقي صامتا و لم يجادله .
في الأثناء ، ظلّت نيرمين تتابعهما بعينيها طوال المسافة الى القصر ، ركّزت نظراتها على الرجل الذي يرافقه جنبا إلى جنب و الذي أوضح لها بأنه يقربه كثيرا من حيث العلاقة التي بينهما كما أنهما متقاربين جدا في الطول ، الرجل الثاني كان أطول ببعض الإنشات من صاحب القصر و الذي إلى حد هذه الساعة لا تعلم ما هويته الحقيقية .
خاطبت نيرمين شقيقتها بشك بينما تشبك ذراعيها إلى ص*رها :
- الرجل الثاني مصاب في فخذه .
نقلت نورهان بصرها بين وجه شقيقتها و وجه الرجل الذي توجه إليه نظراتها ثم تساءلت :
- كيف علمت بهذا أختي ؟ ، أنا لم ألاحظ شيئا !
أومأت نيرمين برأسها و حرّكت حاجبيها لتشير إلى ساقه و هي تقول بدهاء :
- أنظري إلى حركته العرجاء ، إنه يحاول أن يضع ثقل جسده على ساقه اليسرى لكي لا يضغط على ساقه اليمنى إذن ماذا تستنتجين عند هذه النقطة ؟
فغرت نورهان فمها بذهول و تحولت نظراتها الفضولية إلى ذلك الرجل الأسمر الطويل ذو البنية الضخمة و الذي يرافق سنيور آرورا بالقرب منه ، لم تلاحظ الإختلاف الذي تحدثت عنه نيرمين من الأول و لكن عندما إقتربت إلى حافة الشرفة و ركزت نظراتها على ساقه اليمنى فأنتبهت إلى الانتفاخ الذي يظهر تحت سروال بدلته الكحلي .
فزعت فجأة :
- يا إلهي !
تراجعت إلى الخلف عندما إنتبها إليها الاثنين بينما لم يبدي على ملامحهما أي تعبير و واصلا التقدم .
- ماذا ستفعل بشأن تلك الفتيات ؟
سأله سيزار بينما يطالعهما بجمود
- لازال الوقت باكرا بشأنهما ، لا يشغل بالي حاليا غيرك ، الرصاصة تسببت في تمزق أنسجة ساقك لو لم أكن غ*يا لما حصل ما حصل !
إحتدت ملامح وجه آلانزو بعدم رضاء بينما يخاطب شقيقه فضحك سيزار معلقا على كلامه :
- لو كانت ساقي سليمة لنزلت على الأرض ضحكا من كلامك السخيف هذا ..
ثم **ت فجأة و تحولت ملامحه إلى الجدية بينما يرمق آلَانزو على جنب بإستهزاء :
- هل تسمى ما فعلته غباءً ؟ حقا ! ، ماذا ستسمي نفسك ذكيا إذن ؟ ، عندما تقضي على جميع ما تبقى من البشرية مثلا !
إبتسم آلَانزو على تعليقه و صرّح بتسلية :
- فكرة جيدة لما لا ، سأقضي على الحثالة جميعا يوما ما ، سأبقي فقط من له مصلحة معي !
رجعت نورهان إلى شقيقتها و جذبتها معها ليدخلا إلى الداخل
- هيا .
سايرتها نيرمين بعدم إقتناع
- لماذا ؟
أغلقت نورهان النافذة و جذبت الستارة ثم إلتفتت إلى شقيقتها عندها وضعت يدها على ص*رها و زفرت براحة بينما تقول :
- فقط ، أحسست بالإختناق هناك .
أضاقت نيرمين عينيها بعدم إقتناع و تساءلت :
- حقا ! ألا يوجد شيء آخر ؟
إتجهت نورهان بسرعة إلى فراشها و إرتمت عليه ثم نظرت إلى شقيقتها الكبرى و صارحتها بقلق :
- حسنا سأعترف ، عندما أبصرني ذلك الرجل المصاب إرتبكت بل خفت .
إستدارت بعدها ثم نامت على بطنها و وضعت خدها على كف يدها و هي تتساءل بفضول :
- ما الذي حصل معهما يا ترى ؟
أجابتها نيرمين و هي تحدجها بنظرات لائمة :
- أ لم أقل لك أن ذلك الرجل خطير و أمره مريب ؟ ، و الآن ماذا سنفعل بهذا الشأن ؟
إلتفتت إلى الباب الموصد ثم صرّحت :
- أريد أن أخرج من هنا في أقرب وقت ممكن ، لن أشعر بالأمان أبدا بينما أنا بعيدة عن بيتنا .
زفرت نيرمين ثم قالت بضيق :
- عليا أن أنتظر مقابلته مرة أخرى لأنه لا يساعدني هذا الوضع أبدا !
في هذه الأثناء ،
فتح باب الدخول و خرج كل من الخادمين في القصر ثم تقدمت إليهما الممرضة مسرعة و في يدها الكرسي المتحرّك .
توقف سيزار و تحولت نظراته المصدومة إلى آلانزو :
- أنت حتما تمزح !
إبتسم له آلانزو و أجابه بثقة رافعا حاجبه إلى الأعلى بينما يشير إلى الكرسي بعينيه و هو يقول بجدية :
- أنا حتما في تمام الجدية سيزار ، إجلس يا حبيب قلبي حتى يقوموا بواجبهم معك .
رمقه سيزار بنظرات قاتلة قبل أن يسقط على الكرسي بقوة ثم وضع آلانزو كلتا يديه على ذراعي الكرسي و إنحنى على ركبتيه أمامه ، غير مهتم بصورته أمام العاملين عنده أو بملابسه الفخمة التي إنكمشت ، لأول مرة في حياته يتخلى على صورته الشرسة المسيطرة و يظهر حقيقته لأحد ، بأنه شخص فعلا يخاف و يهتم ، شخص حنون و ليس قاس القلب كالمعتاد .
أخفض رأسه ليتنفس الصعداء قبل أن يتفوه بكلمة :
- حسنا .
ابتلع ريقه ثم أعاد رفع رأسه ليواجه سيزار :
- أعلم أنك غاضب مني الآن جدا و تتمنى أن تقوم بخنقي في هذه اللحظة سيزار ، لكن خذ هذا الكلام بعين الإعتبار ، إتفقنا !
إبتسم له سيزار بشراسة و هو يقول بضيق شديد :
- ماذا ستقرر بشأني فسكوتك طول هذه الفترة لا ينبأ على خير ، تكلّم قبل أن أفقد صبري معك !
أجابه آلَانزو بدون تردد :
- ستبقى هنا لمدة شهر إلى أن تتعافى بالكامل ، لقد جهزت فريقا كاملا ليقوم بالإعتناء بك أثناء سفري ، واضح سيزار !
قاطعه سيزار هادرا من تحت أسنانه :
- عليك ا****ة آلانزو .
كاد أن ينهض فأسرع آلانزو بمسكه منبها إياه :
- لا تتهوّر ، تعلم أنني أستحقر المتهورين .
أجابه سيزار بقسوة :
- فلتذهب أنت و إستحقارك إلى الجحيم السابع ، أغرب عن وجهي الآن ...
لم يبدي على آلانزو أي انفعال أو غضب فقط قام بالنهوض و أعطى تعليماته للخدم بجمود تام .
- أحرصوا على الإعتناء به جيدا و أن تقوموا بطاعة كافة أوامره ، إذا علمت بشيء يثير غضبي سأحرص على إذاقتكم العذاب بكافة أنواعه عندها ، واضح !
- حاضر سنيور آرورا .
تابع إعطاء تعليماته الصارمة بوجه قاس :
- لا تنسوا أيضا أن كل ما يدور في المكان يجب إعلامي به و لست راضيا على الأحداث التي صارت اليوم في القصر و لكن سنتحاسب لاحقا ، و الآن لـتأتوا لي بمدلكة جيدة بينما أغير ملابسي ـ هل الحمام جاهز ؟
أومأت كبيرة الخدم برأسها و هي تمتثل بطاعة :
- حاضر سنيور آرورا ، لقد أتممنا تحضير الحمام لك أيضا .
نفث أنفاسه الحارة و هو يقول برضاء :
- جيد .
ألقى آخر نظرة على شقيقه المقعد و الذي مهتم بالنظر فقط إلى ساقه دون إهتمام به فأشاح عنه النظر و دلف إلى الداخل .
صاعد في السلم ب**ت ، بالرغم من أنه ظاهريا لا زال متماسكا بملامح وجه ميتة ، لازال شامخا مثل الجبل و همته مرفوعة ، لازال متحكما عزيز النفس و هادئ و لكنه متعب للغاية من الداخل فهناك نار سوداء متأججة لأنه غاضب جدا من نفسه ، بالرغم من كل الحذر الذي أتخذه لحماية كل الأشخاص المقربين له لم يكن هذا كافيا ، خطأ واحد كاد ان يخسره أهم فرد في عائلته .
توقف فجأة و أغمض عينيه ثم زفر بخشونة ليتحكم في ثورة غضبه ، تشكلت صورة عينيها الصافيتين أمامه فجأة من بين السواد الذي يحيط بعينيه بينما شعرها العسلي ينساب على حافة جيدها ففتح عينيه و زفر بضيق للمرة الثانية بعد أن حرّك رأسه ليشيلها من دماغه و واصل طريقه بإستقامة .
توجه إلى مكتبه و فتح الباب ثم تقدّم إلى طاولة مكتبه ، قام بجذب المقعد ثم نزع معطفه و وضعه على ظهره بعناية ، فتح قفل القميص و قام برفع يديها إلى مرفقه بينما عينيه متعلقة فقط بإتجاه الميكرفون و أصابعه الطويلة تتحرك لوحدها تلقائيا .
بعدها ترك القميص مفتوحا و وضع كلا كفيه على المكتب ثم إنحنى على الميكرفون و قام بتشغيله :
- سنيورة سُكينة .
رد الخط من المطبخ :
- سنيور آرورا ، هل تحتاجني في خدمة ؟
أجابها بصوته الثابت :
- أطلب من الخدام أن يجهزوا غرفة الطعام ، أريد عشاءا فاخرا بأتم معنى الكلمة .
إمتثلت له بطاعة :
- حاضر سنيور آرورا .
أردف :
- أطلب من الطباخ أن يجهز أفضل الأكلات المشهورة في هذه المنطقة ، أريد للعشاء أن يكون جاهزا قبل الساعة السابعة و نصف و إذا وجدت شيئا غير لائق بالمقام ستلومون أنفسكم جميعا .
ردّت عليه بإرتباك :
- سيكون كل شيء معدا على أكمل وجه سنيور آرورا .
إرتمى على مقعده بعد أن أغلق الميكرفون ثم قام برفع يده و مررها على كافة ذراعه ، أغمض عينيه ليفكّر قليلا بهدوء و أريحية بينما أصابعه تنقر على طاولة مكتب مشكلا إيقاعا منتظم ، هذه هي طريقة آلانزو في التفكير .
همس بشرود :
- سيلفر و قد إنتهينا منه نهائيا ، بقي ذلك الداعر أبي ثم إيڨانا و أختها بعدها بييرو ، مارتينو ، آلبرتو ، آلدر ، سيزار ، المنظمة بأكملها أيضا !
عض شفته السفلى بحيرة و زفر بضيق
-الأمور مستمرة في التعقيد أكثر فأكثر مع مرور الوقت كيف سأقوم بحلها جميعا الآن ! ، كلهم يشكلوا لي عائقا في طريقي ! ، لا يمكن أن أخفق أبدا يجب عليَ التحرّك بسرعة !، حسنا ، سأعجّل أمرها أولا ثم سأهتم بالبقية .
إتصال ص*ر من هاتفه الذكي قد جعله يستقيم و يعدّل وضعية جلوسه ثم أخرج الهاتف من جيب سرواله ، ما أن أبصر رقم المتصّل تجهمت ملامحه و شدّ قبضته على الهاتف حتى أنه كاد أن يحطّمه فأخذ نفسا عميقا و زفر ثم رفع الهاتف إلى أذنه .
بادر الكلام بصوت بطيء بينما نظراته مثبته إلى الأمام :
- ماذا ؟
رد عليه المتصل بخامة صوته الإيطالية الصارمة :
- آلانزو ، تعالى إلى باليرمو حالا ...
إمتص آلانزو فكه الى الداخل و ضم شفاهه بقسوة حتى يتحكم في نفسه فأردف الصوت بصراخ في أذنه :
- هل تسمعني ؟
أجابه ببرود :
- إذن ، هل علمت بالموضوع ؟
رد عليه الصوت بخشونة :
- نعم و لهذا أوقف كل أعمالك و سافر لي على الفور ، الأمر مستعجل !
قلب آلَانزو عينيه بضجر قبل أن يرد بنفس الصوت الجليدي :
- غدا ستجدني عندك ، و الآن أتركني و شأني ...
أغلق الخط قبل أن يرد عليه ثم رمى الهاتف على المكتب بكل هدوء ، نهض من مكانه ثم غادر المكتب و توجّه الى جناحه بخطوات رزينة بينما فكره شارد في الموضوع المشكوك فيه ، فكل غايته أن لا يعلم والده بأمرها و إلا ستحصل كارثة ، ليس مكترثا للحرب التي ستقام و لكنه لا يريد للخطر أن يحدق بها خصوصا أنها الى الآن لا تعلم بحقيقته .
وصل إلى باب جناحه ثم قام بفتحه و أغلقه بقدمه اليمنى ، في نفس الوقت إهتم بنزع ملابسه ببطء ، بالرغم من الفوضى المحيطة به لازال مسيطرا على نفسه ، رغم كل الأمور المعقدة التي تتعلق بعالمه إلا أنه يتعامل معها بكل بساطة ، لا توجد في قاموسه كلمة " توتر" و لا يظهر عليه أبدا التوتر فأرتسمت على ثغره إبتسامة متسلية عندما تذكرها ، لم يدخل إسمها إلى عقله بقدر صورتها التي رافقته أينما كان ، نعم ، تناقض الذي يعيشه الآن و لا يمكن أن يجد له عنوان يليق به لأن المنطق يقول
" عندما يكون شخص ما ، بقدر نفوذه و قوته فهو بإستطاعته الحصول على ما يريده بكل سهولة "
لكن حالته خالفت المنطق بكثير ،
أولا : الأديان مختلفة
ثانيا : المواطن مختلف
ثالثا : المنشأ مختلف
و أهم شيء : عالمهما يبعد كثيرا عن بعضه البعض و مستحيل أن يتقابلا يوما في شيء يتفاهمان فيه !
***
مستلق وسط حوض الإستحمام و هو مرتخي الجسد بينما مرفقيه الإثنين موضوعين على جانبي الحوض و هو مغمّض العينين ولكن مع هذا ظل عقله مستيقظا بالكامل و لم يكف عن التفكير أبدا لأنه لم يجد جوابا يجيب نفسه به :
" ما الذي يريده منها و هي في الأصل لا تناسبه ؟ ، إنه يعلم ، نعم يعلم و لكنه يكابر لأن السر يكمن داخلها ، تلك الفتاة تملك قوة تماثله و ذكاءً قوي يمكنها به أن تنجو من خواطر عالمه بكل بساطة ، ثانيا تلك الفتاة مثقفة جدا و يمكنها التحدث بلهجات مختلفة و هذا شيء يناسبه جدا ، و أخيرا يبقى جمالها الفاتن الذي يرضيه بالكامل و يجذبه ".
و لكن تبقّى هناك مشكلة تعترض طريقه و هو عنادها القاتل ، لقد تحدته مرة واحدة و تلك المرة هي من أعادته لها مرة ثانية بعد سنة كاملة في الشهر نفسه و في اليوم نفسه و لكن ب*روف مختلفة مما تجعلها لن تتذكره أبدا .
" ساحرته الحمراء الجميلة "
سيبقى يتذكر ذلك اليوم الى آخر يوم في حياته و سيحرص أيضا على تذكيرها به .
***
ما إن فتح باب الحمام محيطا خصره بمنشفة بينما أصابعه تجفف في خصلات شعره توقف يطالع الفتاة التي تقا**ه و هي تمنحه إبتسامة واسعة .
بادرته التحية بلكنتها الأمريكية :
- مرحبا سيدي .
توقفت أصابعه على التحرك و أخفض يده بينما أجال بصره بحرية على ساقيها الطويلة و الرشيقة ، بدأت نظراته الدقيقة بالصعود إلى أن توقفت عند عينيها ، تمعّن في النظر إلى تفاصيل جسدها ب**ت ، من قامتها المسمرة بفعل الصفع الشمسي إلى ردائها الأبيض القصير وصولا إلى شعرها الأشقر المصبوغ ، لم تتحرك عضلات وجهه كما لم تتحرك عضلات عينيه أيضا و ظلّت ثابتة في إتجاه واحد فأرتفع حاجبه الأيمن في الأخير و ظهرت إبتسامة خفيفة على فمه ، إبتسامة تخفي إستهزاء من شكلها المصطنع .
خاطبها بتسلية :
- سأحزر .
أبقت إبتسامتها على فمها المنتفخ و أجابته :
- نعم سيدي ، أنا المدلكة .
أشارت له بيدها إلى الفراش المحمول لينام عليه فرمقها لوهلة من الزمن دون تعبير قبل أن يخطو إلى الفراش و يمتد عليه ثم نام على بطنه و وضع ذقنه على كفتا ذراعيه منتظره إياها حتى تقوم بعملها .
سكبت المدلكة بعض القطرات من الزيت على ظهره و بدأت بتدليك كتفيه بخبرة فأغمض عينيه مزمجرا بأريحية بينما الفتاة تقوم على إرخاء عضلاته المتشنجة و من بين الظلام الذي يُحدق في عينيه ظهر خيال جسدها للمرة الثانية ، جسمها الذي يتمايل بكل سلالة و خبرة مرتدية فستانا إسبانيا أ**د اللون ، يديها البيضاء تتلوى بحركات فلوكرية إسبانية و منحيات جسدها تتمايل مثل موجات البحر المتمردة بينما كل عصب في جسدها يشتغل بعنف ، قماش مطاطي ينحصر على ص*رها مسببا في إرتفاعه و إنخفاضه بجنون ، كان مشهدا دون موسيقى يعمل فقط على إيقاع قدميها فوق الأرضية الخشبية ولكن شكلها قد سلب عقله و كل أنفاسه ، شعرها الطويل المرفوع قليلا بواسطة ربطة حريرية سوداء منسدل بنعومة على طول ظهرها العاري ذات الفتحة الخلفية المحدبة ، اللون الأ**د مع لون بشرتها البيضاء الصافية جعلاها مدمرة جدا عند مشاهدتها ، فتاة واحدة فقط ملكت كل سحر الأ***ة الموجود في الأنثى ، كل تفصيل و كل جزئي فيها يجعلون رغبته فيها تزداد يوما بعد يوم دون دراية منه و لكن أكثر شيء قد لعب بكل مداركه العقلية هي تلك الفراشة المرسومة على أسفل ظهرها ، أكثر شيء ملموس أراد لمحه و تقبيله بشدة دون شبع ، لم يعلم ما غاية وجودها في ذلك المكان الحسي و إلى ماذا ترمز بها ؟