- الفصل الأول :

4970 Words
الفصل الأول ، شردت لثواني في بعض ذكرياتها الماضية و هي تتساءل بينها و بين نفسها : "هل يمكن لهذا المتعقب أن يكون أحد المشاهدين لعروضها ؟ " ولكن كيف ستتعرف على هوية هذا الرجل من بين عشرات الرجال الذين شاهدوها و هي ترقص على ركح المسرح فشكّت في إحتمالية أن يكون هذا الشخص من الرجال الذين تابعوها في الصفوف الأولى ، من المؤكد أن هذا المتعقب كان منهم و قد تفطّن إلى الوشم المشؤوم الذي تم وشمه على أسفل ظهرها ، بالفعل لقد حارت في أمرها و لم تجد طرف خيط واحد يوصلها إلى معرفة هوية هذا الرجل . - أختي ما بك؟ سألتها نورهان بينما تنظر إليها و هي تجلس شاردة الذهن و لكن نيرمين لم تسمعها لأنها كانت حقا شاردة في تفكيرها المضني - أختي هل تسمعنني ؟، إنني أتكلم معك هنا ! لوّحت لها نورهان لتأخذ انتباهها فإستفاقت نيرمين من شرودها و نظرت إلى شقيقتها بوجوم ، لقد إنتابها الخوف في قلبها من نوايا هذا الرجل معها و قد تسارعت نبضات قلبها  اثر خوفها المتعاظم في ص*رها بسبب هذا الأمر فتحولت نظرات عينيها الى القلادة التي تمسكها و ابتلعت ل**بها خشية من سوء نواياه اتجاهها ثم همست بقلق : - هذا الرجل أمره مريب جدا إتجاهي .. تناقل بصر نورهان بين وجه شقيقتها المصفر الذي يقارب لونه إلى لون الليمون و بين العلبة التي في يدها ثم الى الصناديق المرمية على الأرض حينها تركت المنشفة تسقط من على رأسها و هي تتساءل مشغولة البال بينما تتقدم نحو شقيقتها : - ما هذه الصناديق نيرمين ؟ رفعت نيرمين جفونها الى فوق و نظرت لشقيقتها ثم ظهرت ابتسامة جانبية على محياها بينما تقدّم العلبة إليها و هي تقول بسخرية : - أ لم تقل لي سابقا بأنني مهووسة بتخيلات ليس لها وجود ، خذي و أنظري بعينك حتى تكتشفي بنفسك الحقيقة .. أنزلت نورهان نظرها الى يد شقيقتها بعدم فهم من الاوّل و لكن منذ أن أخذت العلبة و أبصرت شكل القلادة شهقت و وضعت يدها الأخرى على فمها ثم رفعت بصرها قائلة بصدمة : - هذه قلادة ألماسية .. كيف ؟ ما ؟ إضطربت و لم تعد تقدر على مواصلة السؤال فكل الحقيقة قد اتضحت جليةً أمامها ، في مجرد علبة تحمل قلادة من الألماس و قد صنع عليها نقش بصورة فراشة و ما زاد غرابة الامر هو شكل الفراشة الذي يقرب الى وشم شقيقتها إلى حد فائق . - هل صدقتني الآن ؟ سألتها نيرمين و هي ترمقها بنظرات لائمة ثم إرتمت على الأريكة و إنحنت لتحمل الورقة المرمية ثم أعادت فتحها من جديد ، ظلت تتأملها بعبوس و الأفكار السيئة تتراكم في رأسها لأن أسلوب هذا المتعقب غامض جدا و مخيف أيضا فتساءلت في نفسها : " لماذا لم يظهر نفسه إليها الى حد الان ؟ ، ما حقيقة نواياه اتجاهها ؟ ، ما الرسالة التي يريدها أن توصل إليها ؟ ، ما علاقة الرسالة بالقلادة و بها ؟، ما الذي يريده منها بالضبط ؟ ، هناك حقيقة واحدة فقط قد تنبأت إليها ، أن يده واصلة و لديه الكثير من الجواسيس يعني بعبارة اوضح اذا أرادها حقا سيحصل عليها بكل سهولة " - أرني تلك الورقة . طالبتها نورهان بالورقة حينها رفعت نيرمين عينيها الى شقيقتها و أعطتها اياها دون أن تتفوه بكلمة ثم اخفضت رأسها و رفعت يديها لتمرر اصابعها بين خصلات شعرها مدلكة فروة رأسها بقوة لأن رأسها يكاد أن ينفجر من التوتر و تشنّج الأعصاب بسبب عدم إيجادها اجابة واضحة  تريح أعصابها بها أو تهدئ بالها حقيقةً ، فقط تريد أن تعرف من هذا اللعين و ماذا يريد منها فليدعها و شأنها ، لماذا من بين نساء العالم اختارها هي ليلعب معها هذه اللعبة المكرهة و المليئة بالرموز ؟ قرأت نورهان الكلمتين المكتوبتان باللغة العربية و بخط جميل " ساحرتي الحمراء " فقط كلمتين أدخلت في جوف نيرمين كل المشاعر السلبية و الشكوك المريبة في الحين اندهشت نورهان من محتوى الرسالة و هي تقول بعدم تصديق : - فقط كلمتين لا غيرها ! انتفضت نيرمين من مكانها و هي تهدر بغضب : - نعم ، كلمتين فقط قد تسببا لي في هوس مريض ، أكاد أفقد عقلي من التفكير بسببه ، عليه ا****ة لم يقهرني أحد في حياتي مثل هذا المتعقب ! ظلّت تجوب الغرفة ذهابا و إيابا ممسكة خصرها و اليد الاخرى موضوعة على رأسها ، لم تكف عن التفكير للحظة ، لم تستطع انعاش ذاكرتها أو أن تتذكر تفصيلا واحدا فقط يجعلها تتعرف على هذا الرجل بينما شقيقتها ظلت واقفة كالصنم دون ان تتحرك من مكانها ، لقد تجمّد شعرها المبتل دون أن تشعر به و الورقة لازالت في يدها ... - من هو ؟ ، من هذا البغيض ؟ ، أريد أن اعرفه ؟ ، أريد أن أذهب اليه و انتزع رأسه من جسده ، لقد تسبب لي في مرض نفسي من كثرة الهلوسة التي تنتابني كل يوم ، لقد أتلف أعصابي بالكامل هذا المريض ، أريد أن أعرف ماذا يريد مني ، الهم هذا ! ظلت نيرمين تهدر بإنفعال بوجه مغضب بالحمرة من شدة الإحتقان الذي رفع ضغط دمها ثم توقفت فجأة و رفعت رأسها إلى الأعلى و هي تقهقه بينما تقول بسخرية : - يا إلهي ، حتى أنه لم يكل عناء البوح لي بإسمه ... عضت شفتها السفلية ثم اردفت بسخرية : - الخبيث ، السافل ، إني أعلم هذا النوع من الرجال ، يظن بتصرفاته هذه بأنه سيجعلني أفكر به ثم اتعلق بأسلوبه نحوي و بعدها يكشف عن نفسه لأقع في حبه ، يا له من أخرق عديم الرقي و الذوق حقا ! - هل تظنين أن هذا الرجل هو نفسه الذي بعث السيارات السوداء و رجاله ليراقبوكِ ؟ سألتها نورهان منذ أن راود هذا السؤال ذهنها دون تفكير فزمجرت نيرمين و نظرت لها من تحت اهدابها ثم قالت بسخرية : - من سيكون إذن إذ لم يكن هو ؟ ، كفاك أسئلة غ*ية بالله عليك !! توجهت نظراتها إلى النافذة حيث بدأ الزجاج يبتل بحبات المطر التي تتساقط عليه فتحركت من مكانها و إقتربت امنه ثم رفعت يدها و مسحت البخار الذي تكوّن على الزجاج بسبب إرتطام انفاسها به فالقلق و الهواجس يكادان يقتلاها من الداخل ... " ما نهاية هذا المتعقب معها ؟ ، و ما هذه الوقاحة التي يملكها ليدعوها بساحرته الحمراء " لن تكون ساحرة لأحد و لن تكون لأحد ، لقد رفعت ثقتها عن الرجال بأكملهم من بعد حبيبها فضمّت يديها على ص*رها و تن*دت بحزن كانت كل ملامحها تعبر عن الآسى و هي تتذكر ذكرياتها القديمة معه . قبل خمس سنوات ، تسللت من المقعد الأخير للمدرج دون أن ينتبه لها الأستاذ و خرجت من باب القاعة بخفة دون أن تص*ر صوت حتى لا يكشفها أحد إلى أن خرجت أخيرا من القاعة ، تقدمت ببعض الخطوات بحذر بين القاعات ثم بدأت تسرع إلى أن أصبحت تعدو بسرعة لتخرج إليه ، إلى حبيب قلبها الوسيم . رأته يستند على دراجته الهوية مكتفا ذراعيه إلى ص*ره فأخذت نفسا عميقا و ساخنا ثم زفرته براحة و الابتسامة متسعة على وجهها ... - لقد أتيت إليك بسرعة ... إنتبه الى صوتها العذب الذي شق مسامعه ليطرب أذنيه بنغماته الحلوة بينما تناديه بمرحها المعتاد فأبتسم على الفور ثم رفع رأسه ليطالعها بكل هيام و هو يتنهّد بخفوت بينما يتأملها بوله رجل عاشق لإمرأته ثم قال بإفتتان عند إقتراب خطواتها منه : - جمالك يقتلني في كل مرة يا ساحرتي ، رفقا بقلبي بالله عليك ... ضحكت لغزله المحبب لقلبها ككل مرة يلتقي بها فيها ثم قفزت عليه و إحتضنته بقوة محكمة ذراعيها على رقبته ثم همست بسعادة و هي مغمضة العينين : - أنا أيضا ، لقد إشتقت اليك إلى اقصى حد رجلي الوسيم ... أحاط ظهرها بذراعيه و احكم ضمها اليه ثم أغمض عينيه هو الآخر و أجابها بتنهيدة خافتة : - لا تخبريني على الإشتياق لأنني قد تجاوزته إلى حد العذاب ، بعدك عذاب يا ساحرتي ، أخشى على قلبي من أن لا يعود على تحمله يوما فإن بعدك موجع حقا لي ... فتحت عينيها لتدرك الوضع المخجل الذي هما عليه وسط الشارع و أمام المارة فأرخت ذراعها و همستو هي تحذره بنظراتها : - إننا في الشارع ، كفانا إحتضانا الآن ... إبتسم معلقا : - منذ متى تخشين نظرة الناس إليك حبي ؟ ، في الواقع ، أعلم انك متمردة ، مستبدة ، إستثنائية و لا تخجلين من أحد ! لم يؤثر عليها سؤاله المستفز لها لأن نيرمين بن عطية تملك من الثقة في النفس حيث لا يقدر أحد على ازعاجها حتى و لو كان حبيبها فأنزلت يديها من على كتفيه و أمالت وجهها الى وجهه قليلا الى ان لمست شفتيها شحمة أذنه ثم همست له بصوت ضعيف و شجن : - لو كنت أخشى الناس يا حبي لكنت قابلتك في مكان خفي لا يرانا فيه أحد ، أنت تعلم بأنني لا اخشى غير الذي خلقني و خلقك و لكن بالفعل لقد طولنا الوقوف هنا و يجب علينا الانصراف ... أنهت كلامها بصوت واثق : - هل وصلتك المعلومة الآن ؟ تن*د و هو يستمع إلى صوتها الذي خدره فرد عليها بنبرة يشوبها المزاح : - أنت مدمرة و خطيرة إبتعدي عني حالا لكي لا اتهور معك . أجابته بتسلية : - أنت من تمسك بي و لست أنا ! إستفاق من شروده فيها و أدرك الوضع الذي هو عليه فعلا فنظر إلى ذراعيه التي لا تزال تحوط ظهرها و انزلها معتذرا ... - قليلي الأدب ... مرت من جانبهما إمرأة مسنة و رمقتهما بإشمئزاز فألتفت اليها الإثنين و تابعاها بعينيهما ثم أجابها الشاب بصوت جوهري من الخلف : - لما هذا الكلام يا حَجَّة ؟ ، هل رأيتنا نقبل بعضنا مثلا ، فلتنظيفي تفكيرك الذي لا يليق بسنك ، عيب ! ... حَجَّة : تطلق الكلمة على المرأة التي قامت بمناسك الحج أو على المرأة المسنة إحتراما لسنها . إلتفتت إليه المرأة المسنة و قلبت شفتها العليا بتقزز ثم أجابته بنظرات مكرهة : - وقح و عديم التربية أيضا .. ثم إلتفتت أمامها و واصلت طريقها - هل أعجبتك النتيجة الآن ؟ عندما رحلت العجوز إستدارت له نيرمين ثم ض*بته بقبضتها على كتفه مصطنعة الغضب فأدار وجهه إليها ثم إختطف يديها و أمسكها قائلا بتسلية : - يا إلهي ، يد*ك ناعمة مثل الحرير ، كيف يمكن لهذه اليد الرقيقة أن تض*ب ها ؟ أردف و هو يقبل كفها بقبلات رقيقة جعلتها تسبل جفنيها دون شعور ، م**رة بلمسة شفاهه القرمزية على بشرتها ولكن عقلها وبخها بسبب إنحدارها إلى هذه المشاعر الضعيفة مما سببت لها في إحمرار لوجنيتها بشدة فتمالكت رعشة قلبها و سحبت يديها منه قائلة بتعابير حازمة : - هيا يكفينا وقوفا لقد مر علينا الوقت ... فهم ممانعتها له فهي حبيبته و توأم روحه التي قسمت معه كل لحظات حياتهما مع بعضهما البعض منذ أربعة سنوات ، يعني لقد قا**ها لأول مرة و هي مراهقة كفاكهة في طور النضوج ، فاكهة جميلة و حلوة تزداد حلاوة يوما بعد يوم ، من حلاوة روحها و حلاوة صوتها ، حلاوة كلامها و حلاوة شخصيتها و لا داعي إلى أن يوصف حلاوة جسدها ، لقد نمى حبها في قلبه مع نمو سنوات عمرهما و نمى تعلقه بها مع نمو شجرة الحب التي تجمعهما بكل أوراق ذكرياتهما مع بعضهما البعض بأزهار المشاعر الجميلة التي تزينها ، أحيانا يضعف لسحر نظراتها له ، و يضعف لسحر صوتها و حركاتها العفوية ، المليئة بالحياة ، و هو مثل بقية الشباب في عمره تغلبه غريزته البشرية فيتصرف أو يتكلم بدون وعي و لكن نيرمين ، فتاته المميزة لطالما كانت هي القائدة في علاقتهما ، هي الأكثر وعيا ، هي الأكثر عقلانية و هذا ما يجعله يغرق أكثر فيها هياما بها . نطّت على الكرسي من ورائه فناولها غطاء الرأس بينما يقوم بنصحها : - تمسكي بي جيدا إننا سننطلق ... أخذت نيرمين منه الغطاء و هي ترد عليه ضاحكة : - إنك في كل مرة تنبهني نفس التنبيه أ لا تمل !... ثم مطّت شفتيها بينما ترفع القبعة إلى رأسها لترتاديها معلقة بسخرية : - يا لَخوفك المفرط هذا ... إبتسم لتعليقها دون أن يرد عليها بينما أحكمت نيرمين شد يديها على بطنه من الخلف عندها شغل الدراجة البخارية لتنطلق في الشارع بقوّة. - هذه القبعة مزعجة ... تذمرت و هي تصرخ في الهواء الطلق ليجيب عليها و هو يصرخ : - و ما الذي يزعجك فيها يا ساحرتي ؟ ردت عليه : - لأنها تمنع وجهي من الإستمتاع بهذا الجو المنعش كما أنها تحرمني من متعة الإستناد على كتفك ... ضحك بقوة على تذمرها اللذيذ و أجابها : - لقد وقعت في عشق مجنونة فعلا. فأبتسمت بفرح لتصريح الحب الذي لطالما غمرها به ...  " هل يوجد فتاة أخرى اكثر منها حظا ؟ " سألت نفسها هذا السؤال و سخرت منه بشدة ثم همست لنفسها : - كلا ، لا يوجد . - اه ، ماذا قلتي ؟ سألها و هو مركز إنتباهه على الطريق فأجابته دون خجل : - قلت بأنني اكثر فتاة محظوظة في هذا الكون .. - و لماذا ؟ سألها و هو يجاريها في إعترافها . - لأنك ملكي .. شقت وجهه إبتسامة سعادة و هي يجيبها برضاء : - هذا جيد - و أنا ؟ غيرت نبرة صوتها إلى صوت طفلة متذمرة - و أنتِ ماذا ؟ ، لماذا تغير صوتك فجأة ؟ سكتت و لم تجبه لتتركه معلقا فتفطن لعبوسها و فتح فمه قائلا بصدق : - ها ... لقد أدركت ، لقد إنزعجت لأنني لم أخبرك بمكانتك في حياتي ... أجابته بصدق و هي تزيد من عبوسها : - نعم إبتسم و هو يقول : - ما مفعول السحر على الرجل ؟ ، أ لا يجعله خاضعا دون قدرة منه على المقاومة أو الرفض ؟ ، أ لا يجعله مسحورا بكامله إلى الإنسانة التي سلطت عليه هذا السحر ؟ ، هل تسألنني عن مقامك في حياتي و أنت تدركين أن حياتي بأكملها مرهونة على سحرك أنتِ !؟ ، فإذا إبتعدت عنك سأتلقى حتفي فورا و تلك ستكون نهايتي البائسة ، ساحرتي الجميلة ... إعترافه جعل القشعريرة تمر في جسدها مسببة الرعشة في قلبها و الإحمرار لعينيها فأنهمرت الدموع من مقلتيها مخرجة آهات من ص*رها و هي تصرّح بتأثر : - يا إلهي ، لم أرى تصريحا من رجل إلى إمرأة بهذه المثالية . زاد في سرعة الدراجة و هي يجيبها بصراخ : - هل تريدين مغامرة مجنونة مثلك ؟ ... ردت عليه بحماس : - أكيد و هل يحتاج هذا إلى سؤال ؟ بعد مدة من الزمن توقفت الدراجة أمام ساحة شاسعة يمر فيها الكثير من الناس و في وسطها الكثير من النفورات فإبتسم و هو يناظر الجمع بشغف ثم أردف بحماس : - لقد وصلنا ... إتسعت إبتسامته أكثر و هو ينزل من الدراجة في الحين ظلت نيرمين تنظر إلى الساحة و الناس بعدم فهم ثم سألته بنبرة يشوبها الإستغراب : - هل هذه المغامرة التي حدثتني عنها ؟ قطبت جبينها بسخرية و ما زاد من إلتواء حاجبيها هو السؤال الذي طرحه عليها و هو ينظر الى سروالها : - هل يمكنك الرقص بهذا السروال ؟ أنزلت رأسها تطالع سروالها الأ**د الضيق ثم أعادت رفع رأسها لتسأله ببلاهة : - ما قصدك بهذا السؤال ؟ لم يرد عليها و إهتم فقط برفع يد قميصه الأ**د إلى مستوى مرفقه ثم تلتها اليد الأخرى و عينيه لم تحتد على نظراتها الضائعة في فهمه. مدّ يده المليئة بالرسومات على جلده و حرّك أصابعه لتتقدم إليه ثم أمرها بكل لطف: - تعالي معي ... مدّت يديها الرقيقة له ليحكم قبضته عليها و هو يدفعها معه لتتقدّم وسط الساحة دون أن تنبس بكلمة في الحين توجه حبيبها إلى أحد العازفين الجالسين على الارضية الذين يعزفون بآلاتهم لجميع المارين و يتم تجميع اموالهم وسط القبعات .. توقفا الإثنين أمام أحدهم ثم إنحنى عليه حبيبها ليسأله : - صديقي ، هل أنت ماهر في العزف على هذه الآلة ؟ ظل العازف يناظره بدهشة ثم رد عليه أخيرا و هو ينظر له بحيرة : - أكيد ، و لكن لماذا تسأل ؟ فأجابه دون أن تنطفئ شعلة الحماس في عينيه : - لأنني أريدك أن تعزف لنا هذه المقطوعة و سيكون المقابل جيدا لك ، تفاهمنا.. غمزه بثقة ثم أخرج ورقة من جيب سرواله الأ**د المليء بالخدوش و التقطيع كموضة شبابية تدل على التمرد و الحرية عندها نظر الشاب إلى المقطوعة التي ناوله إياه ثم ابتسم قائلا بثقة : - إنني أعرف هذه المقطوعة جيدا اتركها لي ... بينما هي واقفة و تقوم بتجميع الاحداث مع بعضها لتستنج ما يحدث فشهقت مستفسرة بذهول : - لا تقل لي أننا سنرقص أمام هذا الحشد ! طالع وجهها بثبات ثم ركّز نظراته على عيونها الفضية الامعة و انزل نظراته الى وجنتيها التي توردتا بفعل الحرارة التي تصاعدت إليهما و أجابها بصوت مبحوح : - هل تريدين لسحرك أن يبقى مدفون إلى الأبد ؟ ، هذا لن يحصل و أنتِ معي ، فقط أطلقي العنان لنفسك و أتركي الباقي لي يا ساحرتي الحمراء الجميلة ... أرادت معارضته قائلة بتذمر : - و لكن ... سارع بجذبها إلى منتصف الساحة حتى لا تفكر في التراجع ثم أدارها إليه ليصطدم ص*رها به فأخذت نفسا عميقا فاتحة فمها لتستنشق الهواء و عينيها معلقة في عينيه بينما تهمس بأنفاس معلقة : - و الآن ... ظهرت على وجهه إبتسامة واسعة عندما إنطلق اللحن من آلة الكمنجة ثم أجابها و هو يرفع يدها اليمنى إلى الأعلى : - الآن ... واصلت يده الصعود إلى أن لامست أصابعه شريطة شعرها المرفوع إلى فوق في شكل ذ*ل حصان و قبض عليها ثم أنزل يده اليمنى ببطء محررا شعرها الناعم من تلك العقدة وصولا إلى مرفقها ثم ترك الشريطة تقع على الأرض لتطلق العنان لشعرها الطويل ليهبط منسدلا على طول ظهرها بحرية ثم مرر إصبع الإبهام على طول ساعدها وصولا إلى مع**ها و أدخل أصابعه السمراء بين تجاويف أصابعها البيضاء النحيلة مما تسببت لمساته الرقيقة في تخدير كامل مفاصل جسدها و غياب كل وعيها عن العالم المحيط بهما ... أنهى جملته و هو مذهول باستسلامها اليه : - سأطلق على هذه الرقصة .. ثم أضاف بصوت مبحوح و هو ينظر إلى عمق عينيها الفضيتين ، الصافيتين : " تانغو الشغف " في الحاضر ، تن*دت بخفوت ، بملامح وجه ذابلة تماما و الحزن يخيّم على قلبها لأن تلك اللحظات الرائعة أصبحت الآن ذكريات مؤلمة تلازمها على مدى اليوم  فتكلمت بنبرة تشوبها الحسرة و الحزن: - لقد إشتقت إليه كثيرا ... إقتربت نورهان من شقيقتها و وضعت يدها على كتفها قائلة بتاثر بينما تنظر لوجه شقيقتها بتعاطف : - أ لم تتخطي ماضيك الحزين إلى حد الآن ، أختي !؟ أجابتها نيرمين بينما تشاهد الامطار التي تتسابق في السقوط على الجدران و في أرجاء الشارع : - لا أستطيع تجاوزه لأنه جزء مني و لا أريد أن أنساه أيضا ... تركت نورهان كتف شقيقتها ثم أدارتها إليها لتواجهها قائلة بعتاب : - متى ستنسينه إذن ؟ ، لماذا تغلقين على نفسك كل أبواب السعادة أمامك ؟ ، ما الذي ينقصك أختي ؟ ، فأنت لد*ك كل مقومات الجمال و لكنك غ*ية تتعمدين الانغلاق على نفسك و ستعشين مدى حياتك تعيسة بهذا الشكل ! ظلت نيرمين تنظر لشقيقتها المنفعلة بجمود و لا تملك رغبة في الرد عليها و لكن نورهان ظلت تلومها دون إنقطاع : - لم أراكِ يوما تبتسمين منذ خمس سنوات ؟ ، لم أراك يوما تضحكين ؟ ، لم أراك يوما مبتهجة ؟ ، أنت فقط تقومين بروتينك اليومي دون بهجة ، تنهضين في الصباح الباكر ، تتناولين غذائك ، تغيرين ملابسك و تذهبين إلى العمل ثم تعودين متعبة و تنامين ، لم تكفي على ت***ب نفسك مدى هذه السنوات و لم تفتحي قلبك البائس لـأحد ، حتى لي أنا ، شقيقتك الوحيدة ، لقد قطعتي كل ثقتك في البشر كليا ، لماذا كل هذا البأس في حياتك ؟ ، حتى أنني لم أراك يوما تبكين عليه ؟ ، أنا شقيقتك الأقرب إليك و لم أستطع فهمك أو الدخول إلى منبع مشاعرك و إخراجك من هذه الحالة البائسة التي تحيينها ! ، لماذا تعذبين نفسك هكذا ؟ ، أرجوكِ ، إنك تقطعين قلبي عليكِ يا أختي .. إبتسمت نيرمين ابتسامة الزهرة الذابلة ثم ردت عليها بكل بساطة: - لم أبكِ عليه يوما لأنه إلى حد هذه اللحظة لازال على قيد الحياة في داخلي و سيبقى إلى الأبد ... عندما إنتهت من التعبير عن لوعتها لشقيقتها إستدارت إلى النافذة حتى تكبح الدموع التي شارفت عن النزول و شبكت ذراعها إلى ص*رها بقوة و هي تطالع الزجاج المبلول بشرود ثم تابعت حديثها بإبتسامة حزينة : - هطول الأمطار يذكرونني به ، الكلمات التي أسمعها بين المحبين عند المرور بجانبهم تذكرني به ، كل رقصة أرقصها و أنا مغمضة العينين تذكرني به ، و كل دراجة بخارية تمر من أمامي تذكرني به ، كل شاب يمر من أمامي يذكرني به أيضا ، ماذا سأبوح لك عن ما أشعر به كل يوم منذ أن أفتح عيني إلى أن أقوم بغلقهما ؟ ، الذكريات شيء فوق الإرادة ، فوق القلب ، فوق الرغبة بالنسيان ، فوق المشاعر ، لهذا هي لا تنسى و لن تنسى بالنسبة لي ... إرتخت ملامحها قليلا لتتحول إلى السخرية في ما بعد و هي تتابع قولها بنبرة حزينة : - هذا قدري بالنهاية و لقد تعودت على هذه الذكريات ، و لقد تعودت على الشعور بالذنب أيضا ، أما الآن لقد تأخر الوقت و أنا متعبة جدا ، و أريد أن انام ... أسبلت نورهان جفونها و هي تهتف بصدمة : - هكذا إذن ، تريدين النوم وسط هذه الفوضى ! ، و ماذا ستفعلين بالقلادة و صاحبها إذن ؟ رفعت نيرمين يدها إلى فمها و هي تتثاءب مغمضة العينين ثم تراجعت إلى الخلف و أجابتها بعدم مبالاة : - ماذا سأفعل في هذا الحين ؟ مم ، لن أفعل شيئا لأنني جائعة و مرهقة و أحتاج إلى النوم ، هذا هو المطلوب . ثم نظرت إلى القلادة و صرّحت ببرود : - أرجعيها إلى علبتها إلى أن يظهر صاحبها و ينقلع بها ، هيا لنغير ملابسنا الآن . تركتها مندهشة في مكانها لتتوجه إلى غرفتها فنادتها نورهان من الخلف : - و لكن .. توقفت نورهان عن الهتاف و شردت لبعض الثواني بينما تهمس لنفسها : - لماذا نحن منزعجتنان لهذه الدرجة ؟ ، أ لا يمكن ان يكون هذا الرجل هائما بها و يريد إستدعاء انتباهها له فقط ! عكفت حاجبيها بحيرة و هي تهز أكتافها بعدم مبالاة: - لما نحن متشائمتان إذن ؟ ، مجرّد هدية لا تستدعي كل هذا القلق ! ثم زفرت بعدها و هي تقول بحنق : - أف ، لكن ما قصة المتعاقبين و السيارات السوداء ؟ ، هذا ليس أسلوب شخص عادي ! ، بالفعل أفعال ذلك الرجل تريبني أنا أيضا ! دلفت نيرمين إلى غرفتها ثم توجهت الى الخزانة ، فتحتها و أخرجت ملابس النوم القطنية بعدها جلست على الفراش و أنتزعت حذائها الرياضي ثم نهضت و أخرجت هاتفها الذكي من حقيبتها فوضعته في الشاحن و غادرت الغرفة مجددا فإلتقت بأختها الواقفة مكتفة اليدين أمامها . حرّكت نيرمين حاجبيها بتساؤل و هي تستخبر : - ماذا ؟ أجابتها شقيقتها بعزم و جدية : - سأتصل بعُمَر و أخبره بهذا الأمر . إزداد تشابك حاجبي نيرمين و هي تتساءل : - عمر من ؟ ردت عليها نورهان بتكلّف : - عمر من حسب ظنك غير عمر إبن عمتنا بية ! ، سأخبره بما يحصل معك في الفترة الأخيرة ، ليقوم بالتحقيق في هوية هذا المتعقب ، لأنك يا غ*ية لن تستطيعين حماية نفسك لوحدك دون إبن عمتنا الذي يمكننا الإحتماء ورائه بحكم طبيعة عمله في المباحث العدلية ، هل وصلت الفكرة إلى رأسك الآن ؟. زمجرت نيرمين بسخرية و هي تتجاوزها قائلة : - أدخلي و أرتدي ملابسك و لا تعيدين ذكر تلك العائلة أمامي تجنبا للخلافات معي ، نورهان . دخلت إلى الحمام أمام عيني شقيقتها التي تقف جامدة في مكانها و التي هتفت من ورائها بإنزعاج: - لماذا تصرين على الابتعاد على كل ما يقربوننا ؟ ، ما الذي تخفيه عني و لا تريد إخباري به الى حد الان ؟ تن*دت بقلة حيلة عندما لم تجد الرد منها ثم دلفت إلى غرفتها و هي تدفع قدميها بإستسلام ... قبل شهر ، رفع هاتفه إلى أذنه و تكلّم مع المتصل به بينما يراقب صورها التي تتناقل أمامه في شاشة البلازما الكبيرة ، المعلقة على طول الحائط المصنوع من الحجر العازل للصوت و هو جالس في مكتبه الفخم الذي يطغى عليه اللون البني ذات الطابع الإيطالي بينما ظهره مرتخي على المقعد الجلدي المريح ، رافعا ساقيه على المكتب و رجله موضوعة فوق الأخرى بينما السيجارة الكوبية الفخمة مستريحة في جانب فمه . أخرج السيجارة و تكلّم بكل خشونة : - ما حال الأوضاع عندك ؟ أجابه المتعقب : - سنيور آرورا ، لقد تم إبعاد كل الرجال الذين يلتفون حولها بطريقة غير مباشرة دون دعوى لإنكشاف أمرنا و المهمة تمت بكل جدارة . أعاد السيجارة إلى فمه و إستنشق النيكوتين منها بكل بطء ثم تكلّم بهدوء و هو ينفث الدخان كشكل لولبي في الهواء ... - جيد ، لا تنزع عينيك من عليها أينما كانت ، مفهوم ؟ دخل عليه نائبه دون أن يطرق الباب و هو مستعجل على إخباره فأغلق الباب ورائه ثم أخذ نفسا متحفزا و ناداه بلهفة : - رئيس . أغلق رئيسه الهاتف ثم أنزل ساقيه من على المكتب و هو يستخبر : - ما الأمر ، لوثاريو ؟ تقدّم نائبه إليه و جلس على المقعد أمامه مصرّحا بجدية: - لقد قمنا بإجراءات تحليل الحمض النووي لها ، إنها بالفعل إبنة آلبرتو زعيم المافيا التي تسيطر على شيكاغو . ظهرت شبه إبتسامة جانبية على وجه رئيسه و زمجر بزهو بينما يطقطق على المكتب بأصابعه و هو يقول برضاء : - إذا كان الأمر هكذا ، يجب عليا أن اسرع في إحضارها إلى هنا اذن . عكف نائبه حاجبيه بتوتر و علّق : - رئيس ، إن هذه العملية في منتهى الخطورة و ستحدث أضرارا لاحقة لمنظمتنا ، إنك تلعب بالنار ، أرجوك أترك هذه الفتاة لحالها إنها ستقلب الأوضاع رأسا على عقب إذا حدث و أنكشف أمرها في وسطنا ! رفع بصره إلى الشاشة حيث تظهر صورتها و هي تظهر بملامح شاردة . إبتسم رئيسه بينما يشاهد صورها التي تمر من أمامه بكل تركيز و إنتباه لجميع تفاصيلها التي تظهرها مختلفة بين صورة و صورة ثم أجابه بهدوء و كأن الأمر الذي يتحاورون عنه في منتهى البساطة : - و إن يكن لوثاريو ، إنني لست قلقا من المستقبل ، إذا حدث و إنكشف أمرها سأكون مستعدا لكل النتائج ، كما تعرف ، إذا أردت السلام يوما فأستعد دائما للحرب  ... غمزه عند نهاية كلامه و الإبتسامة البخيلة على ثغره قابعة محلها ف*نهّد نائبه بإستسلام و هو يطالع صورها ، قائلا بصراحة : - إنها تشبهها كثيرا . إنزعج رئيسه من تعليقه الصريح و هو يناظره بنظرات حارقة ثم نوّه بنبرة حادة : -  إنها لا تشبه أي أحد ثم أنزل عينيك عنها لوثاريو ، لا تجعلني أنزع عينيك اللعينة من محلهما ، مفهوم . ثم توقف من مكانه على الفور و ضغط على الزر لينطفئ التلفاز أمام ناظري نائبه ، آمرا بحدة : - إنهض من مكانك و إذهب الى عملك ، لا أريد لتلك الكائنة أن تبقى على الوجود ، قوموا بقتلها ثم تخلصوا من جثتها حيث لا يمكن لأي مخلوق أن يجد جزءا واحدا من جسدها ، هل كلامي واضح ؟ هم لوثاريو بالوقوف ممتثلا لأوامره : - حاضر رئيس ، سنقوم بإذابة الجثة في الأسيد ، هكذا سيتم الأمر ، إتفقنا . أجابه رئيسه بخشونة بينما يطالع أمامه بحاجبين معقودين: - الأداء غير مهم المهم هي النتيجة ، إنصرف الآن في الحاضر ، إنتهيا من تناول العشاء دون ان تتحدثا مع بعضهما البعض ، نيرمين مشغولة بقلقها من هذا الشخص الغريب و نورهان غاضبة من شقيقتها لأنها لا تستمتع إلى نصائحها . في الأخير قطعت نورهان السكون القاتل بينهما و خاطبتها بهدوء : - إن الأمطار لم تكف عن الهطول إلى حد الآن ... رفعت نيرمين بصرها إلى نافذة المطبخ و أجابتها بهدوء : - نعم ، هذا غريب ، نحن في فصل الخريف و الجو كان مشمسا في الصباح ، هذه قدرة الله على خلقه . - ماذا ستفعلين للعلبة ؟ سألتها نورهان بفضول قاتل فرمقت نيرمين شقيقتها على جنب ثم ردت عليها بحدة : - أنت تطرحين أسئلة ليس لها جواب ، ماذا سأفعل بها حسب رأيك ؟ ، سأحتفظ بها إلى أن يظهر صاحبها و أرجعها إليه و ينتهي هذا الموضوع . عبست نورهان و هي تتساءل بحيرة من أمرها : - ماذا لو رفض رفضك له و قد قام بتهديدك ؟ ! ماذا لو كان صاحبها شخص سيء نيرمين و سيفعل بك سوءا لو قمت برفضه بهذه الطريقة ؟ ، إننا فتاتين نعيش لوحدنا و دون حماية ، سنكون حقا طعما سهلا له بدون شك ! تن*دت نيرمين بقوة و أغمضت عينيها بينما تهمس بقلق : - يا إلهي ، فلتحمينا من شر ما يريد الإضرار بنا إنك السميع العليم . إنتفضت نورهان صارخة : - الدعاء فقط لا ينفع في حالتنا يا غ*ية ، لماذا لا تخبرين عمتي و زوجها أو إبنها و تريحِنا ؟ ، لماذا رأسك الصلب لا يقبل أي نصيحة ؟ ، ما الذي بينك و بينهم حتى يجعلك تبعديننا عنهم منذ ان توفيا والدينا ؟ ، أ لم يحن الوقت لتخبريني عن هذا العداء الغريب الذي بينك و بينهم ؟ فجأة ، إنطفأ الضوء عليهما و عمّ الظلام فشهقت نورهان جزعا و هي تتساءل بقلق : - أختي ، لماذا إنطفأت الأضواء ؟ ، بدأت أخاف فعلا ! طمنتها نيرمين و هي تقول بتعقل : - تعالي إلى هنا ، لا داعي للخوف ، هذا المولد العام قد صار فيه إنقطاع بسبب الرعد الذي دوى عليه . ض*ب الرعد الجدار فإنتفضت نورهان من مكانها صارخة بقوة فجذبتها نيرمين إليها على الفور ثم إحتضنتها و هي تهمس لها بإطمئنان : - لا تخافِ حبيبتي ، هل هاتفك بحوزتك الآن ؟ أجابتها نورهان بقلق : - لا ، لقد نسيته في الغرفة . إلتوى فم نيرمين على جنب و تن*دت فقالت بإحباط : - انا أيضا ، لقد وضعت هاتفي في الشاحن ، تعالي معي إلى الغرفة لنأتي بهما ... بدأت تتقدم ببطء وسط الظلام مقدمة يدها إلى الأمام لتلمس الجدار و تتبعه ، لم تكن خائفة بقدر خوف شقيقتها الصغرى ، لسوء الحظ ، كل الأضواء في الشارع و المباني المقابلة قد إنقطعت أيضا ... فجأة ، ض*بة في باب الخروج قد باغتتهما دون توقع قد فزعتهما حد الموت و صراخهما دوى في جميع الغرف فإذ لم تمر ثانية واحدة و إنفتح الباب على مصرعه و دخل أشخاص لم يستطعنا التعرف على شكلهم لعتمة الظلام . فأخذت نيرمين نفسا مرتجفا برعب و أحكمت ضم شقيقتها إليها ثم صرخت في وجههم بقوة : - من أنتم ؟ ، ماذا تريدون منا ؟ كان الرجال يرتدون أقنعة ذو نظرات زجاجية تجعلهم يشاهدون كل الأشياء في الظلام و بشكل واضح وما أن دفعوا الباب إلى الأمام قابلوهما في طريقهم و هما متشبثتان في بعضهما البعض فقام أحدهم بفك **ام علبة الغاز المسيل للدموع و رماه بجانبهما لينتشر الغاز بسرعة فائقة ، لم تمر لحظة من الزمن و هبطت أجسادهما المرنة لتستقبلهما الأرض و لكن لقفتهما أيدي المقنعين بسرعة و حاملوهما على أحد كتفيهما مثل الريشة . تكلّم أحدهما للشخص الثالث الموجود معهما : - قم بإرجاع قفل الباب مثل ما كان و لا تص*ر أي صوت يدعي إلى سرقة الإنتباه ، نحن سنسبقك إلى الأسفل ، بسرعة ...
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD