الفصل الثاني ،
الظلام حالك و القصر فارغ من البشر في الداخل ما عدا الأضواء المشتعلة باللون البرتقالي الشاحب و الخافت في الممر الذي يمشي فيه ثم وقف أمام باب جناحهما و مدّ يده إلى القفل ذات الرأس الدائري المغلّف بالذهب و أداره ..
لأول مرة يشعر بهذا التوتر و يتردد من الدخول لحجرة شخص ما و لكن من تتواجد داخل هذا الجناح ليست مثل أي شخص عادي بالنسبة له ، علاقته بها معقدة و لا يوجد لها أي تفسير لأنه يعلم ما يريده منها و لكن لا يعلم لماذا يريدها و لماذا لم يستطع إخراجها من عقله بالرغم من محاولاته لابعادها عن تفكيره ، مهما يكن لا يريد أن يفكر في أي شيء آخر الآن سوى الدخول إليها فقط .
زفر بهدوء ثم أدار القفل ببطء و فتح الباب ثم دلف إلى الغرفة بخطوات رشيقة لا تستدعي الإنتباه فهو يعلم وجهته إلى أين ؟ ، أين تكون تلك الجميلة النائمة على جانبها الأيمن في فراشها الواسع ، رأسها مائل قليلا على الوسادة و وجهها مغطى بالكامل ب*عرها العسلي الطويل بينما تنفسها البطيء جعل خصلات شعرها تتقدّم إلى الأمام و تتراجع قليلا .
خالجته الإبتسامة على وجهه القاسي ، مظهرها و هي تنام لطيف جدا بل مضحك و ملائكي فقط عندما تكون نائمة هكذا لانها إذا إستافقت سينقلب هذا القصر إلى فوضى بحضورها ، إنحدرت عينيه إلى جسدها الرشيق الذي ظهرت تقاسيمه بفعل ملابس نومها الحريرية التي إلتصقت به ثم رفع نظره إلى يدها اليمنى التي تحوط بخصر شقيقتها النائمة بجانبها و من ثم إلى ساقها البيضاء الهاربة من الغطاء مما جعلا داخله يهتز من الداخل فهو لم يقترب منها بهذا القدر من قبل و رؤيتها أمامه بعد مدة طويلة أضرمت فيه النيران في الداخل فأغمض عينيه و ضمّ شفاهه بقوّة شاتما الخادمة التي قامت بتغيير ملابسها لهذه البيجامة المثيرة للف*ن .
" ا****ة "
شتم في نفسه بسبب نومها و جسدها و ملامحها لأن كل تفاصيلها بصفة عامة تغريه كثيرا و توقظ رغبته الوحشية بها كما تجعله مثارا جدا و رغما عنه للأسف يفقد ثباته أمامها و لكنه لا يستطيع التقدم منها خطوة واحدة إلا إذا كانت محسوبة جيدا دون تهور .كوّر قبضة يده اليمنى ليتحكّم في نفسه و يهدئها ثم تقدم إلى فراشهما بخطى ثابتة ، ضاغطا على قبضته القوية بشدة حتى يبقى على تنفسه المنتظم ، أنفاسه أيضا قام بإحتسابها كابحا مشاعره على عدم التأثر أمامها .
و أخيرا ، توقف بجانب فراشها و هو ينظر لها من الأعلى بينما هي نائمة في سبات عميق غير مدركة لمن حولها ، ترتدي الأبيض مثل الملائكة و خصلات شعرها العسلية تتألق تحت ضوء الأباجورة بينما شفاهها الوردية مفترقتان عن بعضهما البعض و ص*رها يعلو و يهبط ببطء .
إنحدرت نظراته إلى حمالة قميصها الساقطة على كتفها الأيمن ثم إلى قميصها الذي إرتفع الى فوق مظهرا بطنها المسطحة و بنطلونها القصير، لم يستطع مقاومة نفسه فأنحنى عليها قليلا و أطبق جفنيه بقوة منذ أن لفحته راحتها الأنثوية المسكرة ، أستنشق عبيرها بإستمتاع من رائحتها الم**رة التي تبعث إليه الإسترخاء و فتح عينيه مجددا ليملئ عينيه بها بحرية ، بكل بطء و تمهل حتى ترسخ ملامح وجهها الفاتنة في ذهنه لوقت طويل ثم رفع يده إلى وجهها و حرّك أصابعه مترددا من لمسها ولكنه قبض على كفه و أغلق جفنيه مرةً أخرى و هو يقضم شفته السفلى كابحا توقه الشديد للمسها و إستشعار بشرتها بين أنامله و في النهاية إستقام في وقفته و تحرّك مبتعدا عنها ...
توقف وسط الجناح فجأة و كأن قيدا ما منعه من التحرّك خطوة واحدة إلى الأمام ، شعر بأن القيد يشده بقوة إلى الخلف طالبا منه الإلتفات و الإسراع إليها و هو لم يقدر أن يتجاهل هذا النداء فأدار رأسه على جنب حائرا في أمره ثم أخذ نفسا عميقا و ألتفت إلى الخلف مجددا ليرجع إليها بسرعة ، خطى خطوات سريعة دون إدراك منه و إنحنى عليها مرة ثانية فمد يده إلى وجهاه و مرر إصبعه على خدها الطري مستشعرا بدغدغة خفيفة لامست بشرته الخشنة .
لم يشعر يوما ب*عور الملكية إلا الآن أو يمكنه القول أنه من اللحظة التي وقعت فيها عيناه عليها قرر أن هذه الفتاة ستكون له سوى إن شاءت أم أبت ، هي لا تعلم من هو و لكن هو يعلم من هي ، يعلم ما يخفى و ما لا يخفى عنها ، لم يرجع ليستعديها إلا عندما إنتهى من كل الإجراءات الازمة للحصول عليها إلى الأبد ، لم يكن يوما متسرعا في قراراته فعندما يريد شيئا مهما بلغت صعوبته سيحصل عليه في النهاية مهما أخذ منه هذا الأمر من وقت للحصول عليه و الآن بعد مرور عام كامل على أول مقابلة بينهما رجع إليها ، رجع إلى ساحرته الحمراء الجميلة ليغير تقاويم حياتها التي كانت عليها من جديد ، لتكون في مكانها الصحيح برفقته ...
قرّب وجهه لوجهها و أغمض عينيه بإحكام ثم إستنشق رائحة شعرها المحملة برائحة الياسمين البري و الفانيليا ، رائحة تفيض سحرا ذات طابع حيوي متمرد تضفي إلى صاحبتها إغراءً و جاذبيةً لا يوصفان فيقومان على تخدير كل الحواس المصاحبة لأعضاء جسده الأكثر حساسية لأنها تخدره ، تشعله في الواقع فأخذ إحدى خصلاتها النائمة على الوسادة و مررها على إصبعيه ببطء ثم تركها و أرجعها إلى مكانها ، رفع بصره إلى شقيقتها المستلقية بجانبها و هو يطالعها ببرود ثم تحركت شفاهه بإمتعاض غير مسر بتواجدها بجانبها و في قصره أيضا فقبض على أصابعه بشدة ثم إستقام منصرفا مثلما آتى بهدوء ...
***
بدأت جفونها بالإرتعاش مستشعرة بعطش شديد فحرّكت شفاهها تحت تأثير النوم لتبلل فمها الجاف و هي تستطعم مطعما مرا على ل**نها جلب لها الشعور بالتقزز فرفعت جفونها ببطء لتفتح عينيها ، كان المكان مظلما و ينيره ضوء خافت لم تتمكن من التعرف عليه في لمح البصر ، في بادئ الأمر ظنت أنها نائمة في غرفتها و لكن عندما أحست بالشيء الناعم الذي تحوطه ساقيها و نظرت للوسادة البيضاء الكريمية التي تتوسدها عندها إستغربت من شكلها و ملمسها الغريب عليها فرفعتها و قلبتها أمام نظراتها المستغربة ، لم يَزل تأثير النوم عن عقلها بَعد لتستوعب حقيقة ما يجري معها ثم تساءلت في سرها :
- من أين أتت هذه الوسادة ؟ ، أنا لم أملك وسادة مثل هذه من قبل !
فتحت عينيها على مصرعهما عندما أيقنت أن كل شيء هنا غريب عنها فرفعت بصرها إلى فوق و هي تهتف بصدمة :
- هذا السقف غريب أيضا ، مهلا ...
رمشت عينيها مرتين لتتأكد مما تراه ، بدأت دقات قلبها تتسارع و عقلها يسترجع ما صار فأغمضت عينيها بإحكام ثم فتحتها و إنتفضت مندفعة من مكانها و هي تهذي بهلع:
- أوه ، لا ، كلا ، يا إلهي ، ماذا يحصل معنا ؟!!
إلتفتت بوجهها يمنة و يسرة و هي تطالع محتويات الغرفة التي هي موجودة فيها ، تسارعت أنفاسها خوفا من هذا المكان الذي تجهله فوضعت يديها على ص*رها ثم أخفضت رأسها تناظر جسدها و تلامسه بعدم تصديق ، دققت نظرها في كل أنحاه جسمها لتتأكد من سلامته فلم تجد أي خدش يدل على تعنيفها أو الإعتداء عليها فصدمت من الهيئة التي وجدت نفسها عليها و لم تفهم شيئا واحدا و لو بسيطا مما حدث لها مؤخرا فهاجمتها الأسئلة داخل رأسها متساءلةً بقلق :
- هذه ليست غرفتي ! ، ماذا أفعل هنا ؟ ، من غيّر لي ملابسي ؟ ، من أتى بي إلى هنا ؟ ، ما الذي يحصل لي يا ربي ؟
إفترقت شفاهها عن بعضهما بدهشة فظيعة قد إكتسحت كل ملامحها ثم طالعت شقيقتها النائمة بسلام و كأنه لم يحصل شيء لهما بتاتا ، و كأنه لم يتم خ*فهما من طرف أشخاص مجهولين منذ ساعات ، نظرت للفراش الملكي الفخم الذي كانتا تنامان عليه ثم إلى اللحاف الحريري الذي كانتا تستلقيان عليه ثم ألتفتت إلى الخلف فوجدت نفسها في جناح واسع و باب مغلق في المنتصف فرفعت يديها و بعثرت شعرها و هي تزفر حائرة في أمرها بينما تهمس بقلق :
- ماذا يجب علي أن أفعل الآن ؟ ، ما هذه المصيبة التي فيها أنا ؟ ، إنني سأجن حتما !!
أخفضت رأسها تناظر ملابسها بإستياء ثم أردفت بإنزعاج :
- و من وضع علي هذا الق*ف أيضا ؟
زفرت بقوة ثم تراجعت للخلف و خ*فت ردائها من على الفراش وإرتدته بسرعة ثم ربطت حزامه على خصرها بإحكام لتستر جسدها قليلا بعدها رفعت رأسها مقررة أن تضع حدا لهذا الأمر ثم تقدمت الى الباب و وضعت يديها على المقبض بتأني و أدارته .
عندما خرجت إلى الممر حركت مقلتيها على كلا الجانبين مترددة من الخطوة التي ستقدم عليها فأبتلعت ريقها بتوتر ثم أغلقت الباب بترو و تحركت من مكانها بحذر ، ألتفتت إلى الباب لتحفظ مكان الغرفة و تقدمت تطالع الممر الملكي الفخم ذات الإطارات الزيتية المتنوعة ، المعلقة على جدرانه العريقة و الإنارة البرتقالية الخافتة ، لا تعلم كيف أتتها الجرأة و تشجعت على الخروج و التجول في أنحاء هذا القصر المليء بالممرات الضيقة و الغرف الكثيرة و كأنها تدور وسط متاهة لا تعلم أين مخرجها و كيف ستخرج منها أساسا بينما التوتر القوي الذي تحمله معدتها جعلت شعور الجوع في جوفها يقوى فأمسكت بطنها حتى لا تص*ر صوتا و ألتفتت إلى الخلف ، نظرت إلى الأسفل حيث البساط الأحمر تحت قدميها العارية محتسبة عدد خطواتها التي وصلت إلى حد الثالث و العشرين خطوة منذ أن غادرت ذلك الجناح حتى لا تنسى كيفية الرجوع إلى شقيقتها ثم زفرت بهدوء و كبحت أنفاسها المضطربة حتى لا تص*ر صوتا يجعل من خاطفيها يكشفون أمرها ، لم تفهم شيئا في هذا القصر فهي تخشى أن تفتح بابا فيه يضعها في واجهة أحد المقيمين فيه كما تخشى أي شيء منذ أن تم خ*فها هي و شقيقتها من شقتهما الآمنة و وضعها هنا بتلك الطريقة ؟ ، و الآن تريد الخروج في أقرب وقت من هذا القصر المخيف ؟ ، ثم من هذا الشخص المريض المختل و الغ*ي الذي قام بهذه العملية و يضعهما في هكذا مكان دون حراسة ؟ ، معدتها قد أوجعتها من فرط التوتر ، أي كان سيحصل يجب عليها أن تبحث عن هاتف هنا و تقوم بالإتصال بالشرطة لتأتي إليها حالا قبل أن تفقد عقلها ...
توقفت أمام أحد الأبواب الخشبية العريقة المليئة بالنقوش الذهبية و أدارت المقبض ، تبا ، لقد أص*ر صوتا مزعجا ، هذا ما كان ينقصها فقضمت شفتها السفلى شاتمة نفسها قبل أن تلتفت بوجهها يمنه و يسرة ، و ما أن إطمئنت الى عدم وجود أحد ما دلفت الى الداخل و أغلقت الباب بحذر شديد لكي لا يص*ر صوتا مرةً ثانية ثم توقف قلبها فجأة و تشنجت عضلاتها إثر سماعها لجلبة حدثت خلفها فأبتلعت ريقها و هي تص*ر صوتا ضعيفا يكاد يستمع من هلعها :
- يا للهول ، لا تقل لي أن ...
بدأت بالإلتفات ببطء لتطالع المكان بريبة خشية من الشخص الذي ستلتقيه ، و ما أن قابلت عيناها عيناه قفز قلبها بجنون مصطدما بأضلاعها و معدتها تقلصت من شدة الفزع فتوقفت أنفاسها و جمدت ساقيها في الأرض فظلت واقفة في مكانها تناظره بجمود تام حتى أنها لم تجد ل**نها لتتكلّم ، لم تستطع أن ترمش بعينيها أو تفكّر في حل يخرجها من هذه الورطة ، الشيء الوحيد الذي إستطاعت التفكير فيه بشكل سليم هو أن هذا الرجل من المحتمل أنه مالك هذا القصر و أنه هو الشخص المعني بالأمر ...
***
قضى ليلته في مكتبه يراجع الصفقات و حسابات شركاته العبر قطرية بينما حاسوبه المنقول مفتوح أمامه ليراقب كاميرات المراقبة التي تتوزع على أهم الأماكن السرية الموجودة في ممتلكاته بينما هاتفه الذكي في أذنه و هو يستمع إلى الطرف المقابل :
- رئيس ، لقد تم تسوية وضعية تلك الفتاة .
أجابه آلانزو بجمود :
- جيد لوثاريو ، هل تخلصت من جثتها بحيث لا يستطيع أي كائن لعين على وجه الأرض العثور عليها ؟ ، لا أريد لهذا الأمر أن يثير لي أي المتاعب فيما بعد ، هل تسمع لوثاريو ؟ ، لا تجعل ثقتي فيك تتزعزع حيال هذا الأمر فأنت تعلم عواقب من يعصى تعليماتي .
أجابه نائبه بنبرة واثقة :
- كن هنيئا يا رئيس ، لقد تم الأمر كما أردت تماما ...
أخذ نفسا طويلا بينما نظراته ترتكز على شاشة الحاسوب و هو يشاهد أحد شرائط الفيديو بإهتمام ، فخالجته إبتسامة جانبية و هي يرد عليه :
- جيد ، سأتركك الآن و أبقي عينيك مفتوحة جيدا هناك ، إنني أتكل عليك ها ...
رد عليه لوثاريو بنبرة واثقة:
- دون توصية يا رئيس ، تصبح على خير ...
ظلت إبتسامة آلانزو قابعة محلها فأجابه بخشونة قبل أن يقفل الخط :
- ليلة لعينة لك أيضا ، لوثاريو..
ظل يتابع مشاهدة تلك الفتاة المحتجزة في قفص فولاذي ضيق و ذراعيها الإثنتين معلقتين خارج القفص بقيدين ضيقين على عضديها بينما هي جالسة على ركبتيها في كهف مق*ف موجود تحت الأرض ذو جدران سميكة موحشة و أرضية ملطخة بالدماء كما تملئه الروائح النتنة ، مكان تتشكل فيه كل الأمراض و الأوبئة فإذا بقيت تلك الفتاة على قيد الحياة لعدة أيام أخرى فحتما ستكون لعينة محظوظة ...
نعم ، إنه يعلم مكانها و يتابع كل التطورات التي تحصل منذ أن تم إختطافها إلى حد هذه اللحظة ، مترقبا المرحلة التالية التي سيقوم بها نائبه " لوثاريو" رقيق القلب ، عديم الفائدة ، لا يعلم أنه يسيطر على كل كاميرات المراقبة و أشرطة الفيديو في هذا العالم و ذلك بفضل التكنولجيا بالطبع ، لم يستأجر أفضل القراصنة و الأدمغة دون فائدة ، لم يقضي كل هذه السنوات في تطوير نفوذه بلا فائدة لأنه يعيش دون ثقة بمن حوله حتى من روحه لأنه يتوقع الخيانة من كل أتباعه في أي ثانية مثلما يتوقع إنقطاع أنفاسه في أي لحظة أيضا ...
رمى الهاتف على المكتب و أغلق الحاسوب ثم توقف يناظر كل الشاشات المعلقة بالحائط التي تجعله يراقب كل أنحاء العالم من خلالها فتأوه بخفوت مرخيا كتفيه بينما يضع راحة يديه في جيوب سرواله القطني الأ**د المريح مستمتعا بما يراه أمامه فهو أفضل شيء حصل عليه في الحياة هي امتلاك العظمة ، كل العالم يملكه بين يديه بفضل التكنولوجية المتطورة و القمر الإصطناعي الذي أتاح له قرصنة كل الشفرات الإلكترونية لأهم المنظمات الأمنية و الإجرامية في هذا العالم كما تجعله يشاهد من يريد و يراقب من يريد و يتحصل على ما يريد ، نعم ، في قائمة أولياته يأتي المال أولا ثم إمتلاك التكنولوجيا و أخيرا القوة و الجيد في الأمر أنه يملك كل شيء و إذا أراد الحصول على أي شيء سيحصل عليه بكل سهولة ...
إنه رجل قليل الكلام و لكنه قوي الدهاء و ي**وه الغموض حتى أقرب الناس إليه و أهم رجاله يجهلون ما يخفيه عنهم و لا يمكنهم توقع ما يجول في عقله كما يعجزون على فهم الطريقة التي يفكر بها و هذه الغرفة هي الأكثر سرية من كل غرف القصر الموجود في هذه البلاد ، لقد كلف أهم و أفضل المهندسين و خبراء التكنولوجية و المعلوماتية لصناعتها مثل ما يريد بضبط ثم تم تصفيتهم واحدا واحدا ليموت سر هذه الغرفة معهم و تبقى كل الأسرار المهمة فقط عنده و هكذا تتم الأمور عند هذا الرجل ...
حرّك أكتافه و ضم شفاهه في بعضهما حائرا في شيء صغير و هو يتساءل في نفسه :
" ما غاية لوثاريو من إبقاء تلك الفتاة النكرة على قيد الحياة ؟ "
لا يهم ما يجول في فكر نائبه الغ*ي لأنه دائما على ترقب لهفواته و لحسن حظه السعيد أنه لم يقع في الفخ لمدة الإثني عشر سنة التي قضاها في خدمته ...
رجع إلى كرسيه الجلدي و أداره للمكتب ليواصل عمله في جو الهدوء الذي يطغى على الغرفة بينما جميع ما في القصر نائمون ما عدا الحراس الذين يحرسون القصر في الداخل و الخارج ، لم يعد النوم يأثّر فيه أو أي شيء آخر يتعلق بجسده فهو ينام فقط خمس ساعات في اليوم و باقي اليوم يقضيه بين العمل و السفر و مراقبة الجميع و تصفيات الحسابات كما يقضي آلانزو ساعة واحدة ككل يوم في ممارسة الرياضة ليحافظ على لياقته البدنية أما عن علاقته العاطفية مع النساء فذلك يتطلب دائما إختيار الأنسب له و ليس متسرعا لإيجاد المرأة التي ترضيه ...
أرجع رأسه للخلف بعد أن أنهى عمله و وضع كفتا يديه على عنقه ثم قام بفرقعتها ، أغلق عينيه لعدة دقائق ليريحها قليلا ثم رفع جفنيه و أعدل جلسته بعدها إنحنى على المكتب و رفع قنينة الويسكي الفارغة حينها عبس قليلا لأنه لم يتخيل نفسه شاربا هذا الحد من المشروب القوي في ليلة واحدة دون أن يشعر به أو يؤثر به أيضا ، نعم ، عندما يكون عقل الإنسان مشغولا طوال الوقت هكذا تكون النتيجة ...
قام بجمع أوراقه و رتبهم ثم أغلق كل الاجهزة و نهض ، ظل الضوء الأزرق يطغى على لون الغرفة بينما توجه إلى الباب الآلي و وضع ب**اته على اللوح الإلكتروني حتى يفتح الباب بخفة دون أن يص*ر ضجيجا قوي ثم خرج من الغرفة ليجد نفسه أمام مكتبه الفخم ذات الطابع الإيطالي المليء بالمكتبات و الكتب القيمة فخطى خطوتين قبل أن يغلق الباب السري ورائه و تغلق المكتبة التي تخفيه ...
خرج من المكتب و نزل إلى الأسفل ثم توجه إلى القبو الذي يتواجد تحت القصر فاختار قنينة من نبيذ العنب العريق من أقوى الأنواع التي عنده و الذي تعود إلى عام ألف و تسعمائة و تسعة و ثلاثون ، عام الحرب العالمية الثانية فأخذها من الرف ثم صعد إلى فوق و أغلق الباب ...
في مطبخه ، بينما هو منشغل بإطعام نفسه و شربه للمشروب الروحي براحة تامة ركّز نظره إلى المقبض الذي بدأ بالدوران ، عكف حاجبيه بإنزعاج فمن الذي سيتجرأ على الإستفاقة في هذا الوقت المتأخر و يتجول وسط قصره فترك السكين على الطاولة و مسح فمه بالمنديل ثم أرجع ظهره للخلف ليراقب حركات الفاعل بإهتمام ، كانت هي من دخلت دون أن تتفطن له و أغلقت الباب بتأني ، مرر نظراته على شعرها المنساب بحرية ثم على طول ظهرها إلى ردائها الحريري القصير الذي لا يتجاوز منتصف فخضها ثم إنحدرت نظراته المهتمة بساقيها البيضاء الرشيقة إلى قدميها العاريتين ، كل هذا طالعه في لمحة البصر و عندما إنتهى قام بالنقر على الطاولة بإصبعيه ليسترق إنتباهها عندها أحس بتصلب عضلاتها قبل أن تلتفت له و تتجمد في مكانها ، ثبت نظراته الثاقبة في عينيها منتظرا منها ردة فعل واحدة فأرتعشت أطرافها امامه و تراجعت للخلف إلى أن إلتصق ظهرها بالباب و هي تنظر له متسعة العينين .
" أوه ، من تلك العينين "
قال في نفسه بإعجاب دون أن يظهر ما يدور في رأسه فقالت متلعثمة :
- أنا .. كنت .. س .. أنا .. آسفة .. سأذهب ..
ما إن أنهت جملتها المتلعثمة إلتفتت بكلها الى الباب و وضعت يدها على المقبض فهدر صوته العميق من الخلف ذات النغمة المبحوحة مما جعل من جسدها يرتعش :
- Che cazzo ti ha fatto venire qui?
(ما ا****ة التي جعلتكِ تأتي إلى هنا ؟ )
الآن علمت جنسيته من لكنته الإيطالية المميزة ، اللغة التي تعشق حروفها و لكنتها الاتينية التي تص*ر من أفواه مخاطبيها و لكن صوته الخشن العميق الرجولي الذي أص*ر من حنجرته جعل من قلبها يرتعد خوفا يبدو أنه رجل جاد جدا و خطير فأبتلعت ل**بها بصعوبة و تركت المقبض دون أن تلتفت إليه ، هنالك هالة مخيفة تحيط به تجعلها تخاف من مواجهته و لا تعلم لماذا ذلك الرجل بالذات من حيّر فيها هذا الإحساس ؟
شدق صوته الذكوري العميق إلى أذنيها للمرة الثانية آمرا إياها بخشونة :
- Svolta a destra ora ...
(إستديري الآن و حالا)
أغمضت عينيها كابحة خوفها من مواجهته ، عليها أن تتشجع و ترد عليه الآن ، لماذا هي خائفة منه في الأصل ؟
- حسنا ، سأواجهه ...
شجعت نفسها قبل أن تستدير و تلتفت إليه لتقابل نظرات عينيه الحادة للمرة الثانية و هيئته المخطرة تحت ضوء المصباح الشاحب للمطبخ بينما هو كان جالسا بأريحية بينما كتفيه العريضين مرتخين ، واضعا يده فوق طاولة المطبخ ، كان يرتدي قميصا أ**د اللون مكبوس على ص*ره العضلي و صِدارة صوفية رمادية اللون فوقه بينما خصلات شعره الأ**د ناعمة ساقطة على جبهته ( هو في الحقيقة يكون بني داكن لكنه في الضوء الخافت يظهر أ**دا لمبصره ) ، أما عن حاجبه الأيسر الم***ف فيجعل من يراه يفكر ألف مرة قبل أن يفعل شيء ليتجنب خطورة إرتفاعه مما يجعل من وظائفه " التربص و الترقب فقط " ...
تلك العيون الحادة الداكنة ذات الرموش الكثيفة و النظرات الثابتة المترقبة جعلتها تغرق في بحر من الغموض و الخطورة ، أنفه المتعالي و فمه المتقوس اللعوب ، فكه العريض المشدود ، عنقه الطويل و العريض يزيده خطورة فوق الإثارة التي تحيط به ..
قطع ال**ت الذي يحيط بهما و هو يردف بصوت قوي مسيطر :
- Il gatto ti ha mangiato la lingua, Seniora o cosa?
( هل أكل القط ل**نك يا سنيورة أم ماذا ؟)
إرتعشت شفافها مترددة من الإجابة و لكنها في النهاية جمعت كل الشجاعة التي تملكها ثم ردت عليه بكل قوة :
- Chi sei tu ? E cosa vuoi da me ??
( من أنت ؟ ، و ماذا تريد مني ؟ )
حسنا ، هذه فتاته التي يعرفها ، لقد رجعت إلى شراستها من جديد مسقطة قناع البلاهة من على وجهها الجميل بالرغم من إنبساطة بشجاعتها إلا أن حاجبه ظل مرفوعا إلى الأعلى بينما إرتفعت يده و مرر أصابعه على حافة ذقنه الحاد بإستمتاع محذرا إياها بنظراته الثاقبة الموجهة لها كما أن زوايا فمه إرتفعا إلى فوق و ظهرت إبتسامته الخفيفة على جانب خده أيمن ..
نبهها قائلا بنبرة محذرة :
- Dolce nocciola , stai attento, non rispondere più alla mia domanda un'altra domanda
( عسلي الحلوة ، كوني حذرة ها ، لا تردي على سؤالي مرة أخرى بسؤال آخر )
إزداد إنعقاد حاجبيها الرفيعين و هي تطالعه بدهشة مبالغة فحرّكت حاجبيها و هي تفكر في معنى كلامه داخل عقلها بإنزعاج :
"هل قام بتهديدها بصورة غير مباشرة الآن ؟ ، حسنا ، من يحسب نفسه هذا الرجل المغرور حتى يخاطبها بهذه الطريقة الصلفة مثلما يخاطب خدمه بها ! "
قلبت شفاهها بإمتعاض قبل أن تفتح فمها و تهدر في وجهه بإنفعال :
- Voglio una risposta chiara qui ,Perché hai rapito l'italiano mentre conoscevi il tunisino? , la nostra nazionalità è diversa, cosa vuoi da me? Qual è il tuo scopo? Perché mi hai portato qui? Voglio tornare nel mio appartamento, voglio essere al sicuro, non voglio passare più tempo qui, questo posto mi spaventa
( أريد إجابة واضحة هنا ، لماذا اختطف*ني أيها الإيطالي و أنت تعلم أنني تونسية ؟ ، يعني أن جنسيتنا تكون مختلفة ، فماذا تريد مني؟ ، ما هو غرضك ؟ ، لماذا أتيت بي إلى هنا ؟ ، أريد أن تعود بي إلى شقتي ، أريد أن أكون آمنة ، لا أريد أن أقضي المزيد من الوقت هنا ، هذا المكان يخيفني)
ظل رافعا ذقنه بينما يستمتع إليها بانتباه ، لا يوجد أي مؤشر يدل على إنزعاجه منها كما لا يظهر على تقاسيم وجهه شيء ، لا تأثير ، لا علامة ، لا توضيح ، فأجابها على الفور منذ أن توقفت عن الحديث لتسترجع أنفاسها من شدة الإنفعال و الصراخ ، بع**ها كان هادئة و نبرته بسيطة و كأنهما يتحدثان عن شيء غير مهم :
- Hai finito ?
( هل إنتهيت ؟ )
فغرت فمها بذهول ثم حركت رأسها بإستنكار:
- No
( لا )
فأومئ برأسه و هو يقول متفهما :
- buono
( جيد )
إنتهى من كلامه المختصر ثم أسند نفسه على كف يده اليمنى و نهض فأرتعش جسدها ما أن تحرك من مكانه و بدأ بالتقدم نحوها بينما نظرات عينيه مرتكزة فقط على عينيها فتراجعت خطوة للخلف خوفا منه بالرغم من أنه لم يبدي على وجهه أي مؤشر خطير لتأخذ حذرها منه و لكن نظراته الشرسة و التسلط الذي يغزو من كلامه يجعلانها تخشيانه دون وعي منها و تسرع للهروب بعيدا عنه .
إرتطم ظهرها بالباب و هي تنكمش في مكانها بكل ترقب و حذر لما سيفعله في الخطوة القادمة و هو توقف أمامها مباشرة على بعد بضع إنشات قليلة منها فقط بجسده الضخم الذي حاصرها به و قلص الهواء بينهما ، و ما إن أخفض رأسه إليها قليلا سقطت شعراته الحريرية على عينيه لتخفيهما عن نظراتها المضطربة ثم حرّك شفاهه قائلا بهدوء و تسلية :
- Siniora, sei tu quella che ci ha chiuso la porta qui.
(سنيورة ، أنت من أغلقت علينا الباب هنا )
أخذت نفسا عميقا إلى أن تقدم ص*رها إلى الأمام و الذي كاد يلامس ص*ره العضلي ثم أجابته بصوت منخفض بان عليه الإضطراب و التوتر :
- Voglio che tu mi tiri fuori da qui ...
(أريدك أن تخرجني من هنا)
فنظر خلفها إلى الباب ثم أجابها و هو يرفع كلا حاجبيه إلى الأعلى :
- Ma ti impedisce di uscire con noi, signora
(و لكن أنتِ من تمنعين علينا الخروج من هنا يا سنيورة)
دهشت حقا من هذا البرود و السخرية الذي يطغيان على نبرة صوته و لكن بالرغم من كل الإضطرابات و الإرتباكات التي سببها لها هذا الرجل إلا أنها قامت بتلبية طلبه و تنحنحت على جنب متحركة بكل تأني و حذر حتى لا تلمس جسده و تحتك به إلى أن إبتعدت أخيرا من على الباب فأتسعت إبتسامته أكثر و إزداد تقوس شفتيه الحسية المثيرة و هو يقول بكل إستمتاع و تسلية :
- Una ragazza obbediente , ben fatto ...
(فتاة مطيعة ، أحسنتِ )
ثم مد يده بجانبها و وضع أصابعه الطويلة على المقبض و أداره ، توقف لوهلة و طالعها على جنب و هو يقول بكل تحكم في النفس :
- Fai quello che vuoi fare , ma per la tua sicurezza , non uscire di nuovo .
(إفعلي ما تريدين فعله ، و لكن من أجل سلامتك ، لا تخرجي مرة أخرى)
و ما إن إنتهى من إصدار أوامره تحرّك من مكانه مغادرا المطبخ ليتركها جامدة في مكانها فاغرة الفاه و هي غارقة تماما في الدهشة غير مستوعبة أي شيء مما حصل و غير قادرة على فعل شيء بينما أخذت تحلل في عباراته التى أنزلها عليها مثل الصاعقة ، هل قام بتهديدها للتو و للمرة الثانية في نفس المقابلة بينهما ؟ ، كما أنه لم يقم بالإجابة عن أي سؤال قد أثار فضولها و لم يوضح لها حقيقة تواجدها هنا في هذا القصر ليتركها غارقة في المجهول و غادر من أمامها بكل هذه بساطة ، فقط تريد أن تعرف ما هذا المتغطرس الذي يطغو على شخصيته المتعجرفة ؟ ، و كيف سمحت له بمخاطبتها بذلك الشكل دون أن تنطق أمامه بكلمة ؟ ، لا لن تسمح بأن يحصل هذا لها و تبقى ساكتة يجب أن تضعه عند حده الآن و على الفور ، طرفت عينيها مرتين لتستفيق من ذهولها قبل أن تتحرك من مكانها بسرعة و تخرج من المطبخ لتبحث عنه بين أرجاء القصر وسط الممرات ، إلتفتت يمنة و يسرة ، لم تجده أيضا فهذا الرجل الغريب قد إختفى مثل الشبح ، أصبحت تعدو بين الممرات تبحث عنه لاهثة بينما لم تعد تعرف وجهتها الصحيحة و كيف ستعود إلى الجناح الذي تركت فيه شقيقتها النائمة ؟
أوقفها صوت خشن من الخلف و هو يناديها بلغتها الأم :
- سيدتي ...
إلتفتت إلى الخلف ثم ثبتت في مكانها دون حراك و هي تنظر إلى العملاقين ضخام البنية اللذان يتجهان إليها بخطى متسرعة إلى أن توقفا أمامها ، لوهلة ظنت أنها ستشال مثل الذبيحة أو سيستعملان معها القسوة فإهتز جسدها لمجرد تخيل ذلك ولكنهما خالفا ظنها و قاما بالإببتسام لها بلطف ثم مدا يديهما الضخمة بهدوء و طالباها بالتقدم :
- تفضلي سيدتي ، حتى لا تبقي تائهة ، طلب منا السيد آرورا بأن نرافقك إلى جناحك ...
توقف عقلها أمام هذا الإسم الذي أباحاه الآن ، هل يقصدون بكلامهما ذلك الرجل الذي ألتقت به في المطبخ أم شخصا آخر ؟
إستدارت برفقتهما و بدأت بالتقدم محاصرة بينهما بينما هي مشغولة بالتساؤل بينها و بين نفسها :
" كيف علم بضياعها في أرجاء هذا القصر ؟ ، هل إسمه آرورا ؟ ،و لماذا لم يجبيها على أسئلتها ؟ ، ما الذي يخفيه عنها و ما الذي يريده منها أصلا؟ "
أجالت بصرها عليهما مترددة من الإستفسار منهما فهي لا تحمل الجرأة لطرح الأسئلة عليهما لأنها تخاف منهما بعد كل شيء ، رغم إرتدائهما البدلات الأنيقة و الفخمة ، رغم الملامح المسالمة التي بانت عليهما عند محادثتها و رغم الإحترام الذي بدا عليهما عند حديثهما أيضا فإنها تخشاهما و ليست مرتاحة لما يجري من حولها كما ينتابها شعور سيء جدا أيضا فكيف ستكون مطمئنة بينما هي داخل ملكيته بين هؤلاء العمالقة ؟
أوصلاها أمام الجناح التي كانت نائمة فيه فرفعت نظرها إلى أحد منهما و سألته بينما تشبك أصابعها أمامها بتوتر :
- هل يمكنك توضيح سبب وجودي أنا و شقيقتي هنا ؟ ، أرجوك ، من يكون سيدكم ؟ ، لماذا قام بإختطافنا أصلا ؟
كانت نظراتها تتوسل له ولكن المرافق تجنب النظر لها و تجاهل أسئلتها بينما المرافق الآخر فتح لها الباب و هو يشير لها بالدخول :
- أدخلي لجناحك و ممنوع عليك الخروج ،
فغرت فمها و هي تتساءل بدهشة :
- ماذا ؟
ولكنهما قاما بدفعها إلى الداخل في لمحة البرق دون أن تدرك ما فعالاه للتو و أغلقا عليها الباب ثم قام أحد منهما بإدارة المفتاح في القفل ليتركانها تنظر إلى الباب بعيون محمرة بينما ص*رها أخذ يعلو و يهبط و شهقاتها تتصاعد معه دون دموع كما تعطلت كل خلايا عقلها على العمل بينما هي تشعر بنفسها مقيدة اليدين و الرجلين لا تستطيع فعل شيء بينما هي محتجزة في قصر غريب لشخص غريب و لا تعلم ما المصير الذي ينتظرها هنا !
***
في هذه الأثناء ، ما ان لامست قدمه أرضية الممر قبض على كفه و صر على أسنانه بقوة ، فكه قد إمتص للداخل و برزت عروق جبينه ، إنه الآن فعلا غاضب جدا و منزعج من اللقاء الذي جمعهما منذ القليل ، أ ليس من المفترض أن لا تخرج من ذلك الجناح اللعين ، أين الحراس الأغ*ياء ؟ ، هذه الهفوة لا يمكنه تمريرها فصعد اإى الطابق الثاني و قصد مكتبه ثم توجه إلى الميكروفون مباشرة و إنحنى اليه مشغلا إياه و قال بصرامة :
- جميع من في القصر ، تعالوا حالا ...
أعدل وقفته ثم تقدم إلى الشباك فوضع كفيه في جيوب البيجاما و حرّك فكه زافرا بقوة لأنه منزعج جدا و مزاجه معكر جدا ، سيجعلونه يهدر الكثير من الدماء الليلة لشدة غبائهم و لكن ماذا سيفعل معها تلك الغ*ية ذات ا****ن السليط أيضا ؟ ، لإإذا مد عليها يده سيسبب لهاإارتجاجا مخيا سيظل يلازمها مدى حياتها فأغمض عينيه متن*دا بعمق فشدق صوت والدته الدافئ إلى اذنيه لتنهيه دائما عن الأفعال السيئة :
" إذا كبرت و صرت رجلا يوما ، مهما كانت المشاكل و التعقيدات ، لا تقم بإيذاء المرأة التي تحب يا بني لأنها تمتلك ذاكرة قوية وستعيش باقي الدهر وهي تنزف ، لا تؤذيها كي لا تخسرها ، لا تنسى هذه النصيحة يوما "
زمجر بإستخفاف ، أين تلك التي كانت دوما تستقبله بحضنها الدافئ و تثنيه دائما على فعل الخير حتى يكون رجلا جيدا لعائلته و أن يكون سندها و حاميها ، ظهرت على وجهه ابتسامة القرش المستهزئة لأن تلك المرأة رحلت دون وداع و ذلك الحضن الدافئ إختفى أما عن ثنائها فقد حصل الع** و الرجل الذي أرادته جيدا لعائلته أصبح يمقت العائلة و أن يكون سندها و حاميها ، كلا ، إن هذا آخر شيء يفكر به ، بل الع** تماما لأنه ها هو ينتظر الوقت المناسب ليقوم بتصفية دمه الملوث إلى آخر قطرة ...