الفصل الثالث ،
صوتها الدافئ أعاد شن الهجوم عليه للمرة الثانية لتثنيه عن ما كان يفكر به :
" كلا آلانزو ، إياك أن تأذي نفسك فأنت واقع لها دون دراية منك ، أرجوك حبيبي لا تنسى ما وعدتني به ذلك اليوم و أنت صغير ، أن تكون دائما الرجل الجيد لعائلته ، السند لعائلته و حاميها دائما ، عائلتك التي ولدت بينها و التي تموت لأجلها أيضا "
زفر بضيق فصوتها أو صوت ضميره دوما ما يزعجه لأنها تعلم أن ذلك الصبي التي ربته لازال نفسه و لم يتغير مهما تغير عليه الزمن و قست عليه الحياة فأجابها في سره و هو يأخذ نفسا عميقا :
- حسنا أمي ، سأحاول لا تقلقي ...
أسند جبهته على زجاج النافذة مسترجعا ذاكرته لتلك اللحظة التي جمعته معها و هو ينظر لشعرها البري الذي يغطي جانبي ص*رها و وجهها الأبيض الذي تلون بالوردي ما إن طالعته بسبب الغضب ، كانت مضطربة جدا أمامه كما رموشها إرتعشوا من شدة إرتباكها أمامه ، لون عينيها الفضية قد ومض مثل البريق ، و قضمت شفتها المكتنزة من التوتر ثم مررت أسنانها عليها لتتركها في الأخير محمرة .
لقد أغرته بشدة مما جعلته يرغب بلمسها بإصبعه ، جعلته يتمنى إستشعار طراوة بشرتها بين أصابعه ، ذلك الحزام الذي فتحته بأصابعها المرتجفة و تركته ينزل بأريحية متناسية نفسها عندما خاطبته بإنفعال كما تركته يكتشف جسدها الفاتن بأريحية تامة محركة رغبته في نزعه عنها و إكتشاف مفاتنها المخفية عنه مركّزا مع حركة قدمها التي إرتفعت إلى فوق و قامت بحك ربلة ساقها الأخرى ، يقسم أن فتاته مغرية بالفطرة ، لا تستدعي طرق الإغراء لتجذبه إليها ، عليها فقط أن تكون هي بشخصها ، لم تجذبه إمرأة خلقت في هذا الكون من قبل أن يلتقيها كما لم تمنحه إمرأة شعور الفضول لمعرفتها ، للدخول إلى عالمها و التمرغ فيه مثلها هي لأنها هي ليست مثل النساء ، هي إستثناء ، هي عالم منفرد و خاص جدا ، صعبة المراس كما هي صعبة المنال و لكن في داخلها لازالت تلك الفتاة الصغيرة التي تبحث عن من يحتويها ، وهي إذا سمحت له بذلك ستكون أكثر النساء حظا في هذا الكون ...
سمع طرقا على الباب إنتشله من عالمه الخاص بها ليرجع للواقع من جديد و على الفور رجعت التكشيرة على وجهه ثم تحجرت نظراته من جديد فشق صوته الخشن العميق أنحاء حلقه و تكلم بجمود :
- تفضلوا ...
دار المقبض و فتح الباب ثم بدأت أصوات الأقدام تخطو للداخل ، وقف الجميع في صفوف متراصة بينما هم هادئون و مرتبكون ، صُففت النساء في الصف الأول بينما الرجال يقفون خلفهن برؤوس مستقيمة و صدور متقدمة للأمام بينما يوجهون نظراتهم أمامهم و هم ينظرون إليه بتوجس .
لقد تخيل كل حركاتهم فقط من وقع خطواتهم و الأن ها هم جاهزون ليبشرّهم عندها شبّك يديه من الخلف و حرّك أكتافه ليلتفت إليهم ، طالعهم بثقب في البداية ثم تقدّم إليهم و هو يرفع رأسهم إليهم بشموخ ..
الطبقة الأرستقراطية معروفة بأشخاصها ذات الشخصية الخاصة و المميزة فإذا قلنا أن بطلنا رجل أرستقراطي يعني أن لديه كل النفوذ ، قوي ماليا و إقتصاديا ، إجتماعيا و سياسيا ، يتميز بالنضج ، الإنضباط النفسي و العصبي كما يمتاز بالذكاء ، بالدهاء و سرعة البديهة ، لم يفكر شخص أو أي كان يعرفه أم لا ، سوى يخدم عنده أو يتعامل معه أن يقوم بخداعه أو خيانته لأنه سيدفع الثمن غاليا جدا و لا يتوقف فقط عند قتله فقط لأن هذا الرجل يقرأ ما في داخل العقول ، لديه نظرة تجعل من يطالعها يذوب كالجليد من الداخل كما لسعته قاتلة مثل لسعة العنكبوت ، إذ يقوم بإستدراج أعدائه ثم يقوم بالإنقضاض عليهم وأامتصاص كل خلياهم و هكذا إن هذا الرجل يمثل الخطر بعينه ..
ظل يجوب الغرفة ذهابا و إيابا بخطوات بطيئة ، يتصرف برزانة شديدة بينما كل الوجوه مرتكزة على وجهه جاهلين لما يدور في عقله من الداخل لأنه يتصرف مثل قائد الجبهة العسكرية تماما ، وقف فجأة و رفع رأسه إليهم ثم مرر نظراته على كل الوجوه و أعرب بصوت شديد الخطورة :
- هل تعلمون عن ما حدث منذ قليل يا سادة ؟
نظراته الحادة إليهم و سؤاله المحير جعل الكل ينظرون لبعضهم بحيرة .
تكلم المسئول عن الحراس :
- هل حدث شيء سيء سنيور آرورا ؟
لم يرد عن سؤاله ، قام فقط بخفض رأسه و الرجوع إلى التمشية في نفس المكان ثم تكلم بصوت هادئ و هو يقوم بالتوضيح لهم :
- المسؤول على حماية فتاتي ، المسؤول على الإعتناء بها ، المسؤول على حراستها ، كل هؤلاء سأقوم بقطع راتبهم الشهري لمدة شهر كامل لأنهم قاموا بمخالفة تعليماتي ...
رفع رأسه يناظرهم بحدة ثم أضاف بصوت خطير :
- هل كلامي واضح ؟
إمتقع وجه رئيسة الخدم فخاطبته بصوت مرتجف :
- أرجوك سنيور آرورا ، أعفو عنا هذه المرة فقط ، الكل لدينا عائلات و أبناء نصرف عليهم ، من أين سنأتي بالمال ؟
ظلت ملامح آلانزو جامدة ، فكه مكبوس و عينيه مظلمة إذ لم تبدي على ملامحه أي شفقة أو إستعطاف بينما يسألها بكل برود :
- هل تريدين الحفاظ على حياتك يا سنيورة ؟
إرتعش قلبها رعبا خشية من إفقاده لحياتها فأومأت رأسها بخضوع و أخفضت رأسها بينما نقل آلانزو بصره للجميع و هدر فيهم :
- من يريد المحافظة على روحه الكريمة هنا فليتجنب إغضابي و يطبق هذه التعليمات ...
رفع إصبعه الأول محذرا :
- الإنضباط ..
تلاه الإصبع الثاني و هو يقول :
- عدم توجيه الأسئلة ...
رفع الإصبع الثالث أيضا:
- إلتزام كل التعليمات دون محاولة الخضوع إلى النقاش معي و آخرهم ..
ثم رفع إصبعه الرابع و هو يختم تحذيراته :
- تقبل العقاب ب**ت تام دون محاولة للتخفيف عنه ..
بعدها أخفض أصابعه و أنزل يديه متابعا بنبرته المخيفة :
- هذا آخر تحذير لكم و ينتهي الكلام عند هذا الحد ، الجميع يغادر الآن ....
ما إن أُغلق الباب عليع بعد خروج الجميع إبتعد اخوه الغير شقيق من على الحائط و الذي كان يتابع كل شيء منذ البداية دون أن يتدخل ففك يديه المتشابكة عند ص*ره غير راضيا بكل ما يحصل من حوله و خاطب شقيقه بصوته المؤنب :
- آلانزو ( Alanzo ) ما الذي يحصل معك ؟ ، منذ فترة طويلة ، لم أراك يوما بهذه الحالة العصبية
سأله سيزار بملامح مستغربة فأجابه آلانزو بحنق و هو يوالي له ظهره :
- لأنهم أناس أغ*ياء لا تستطيع الإعتماد عليهم في أي شيء .
أنهى كلامه و من ثم إستدار سائلا إياه بملامح جامدة لرئيس مسيطر :
- سيلفر سكوفتشي ، كيف كانت المقابلة معه ؟
أجابه سيزار بملامح جدية :
- لا يريد التفاوض معي ، إنه يريد مقابلتك وجها لوجه ..
تقوست شفاه آلانزو و هو يضيّق عينيه ، معلقا بسخرية :
- هكذا إذن ...
أخذ نفسا و هو يضع كفيه في في جيوب سرواله ، مصرحا بإستهزاء :
- بدأ يثير إعجابي هذا الرجل ...
عقد سيزار حاجبيه و هو يطالعه بإهتمام فسأله مستفسرا :
- آلانزو ، ما الذي يدور في عقلك بضبط ؟
طالعه آلانزو بإبتسامة واثقة قبل أن يقوم بمطالبته كرئيس عمله :
- قم بإعلام طاقم الطائرة عن اتمام تجهيزها قبل صباح الغد ، أريد أن يكون كل شيء جاهز عند الساعة الثامنة أما عن سيلفر فأتركه لي أعلم كيف أأدبه ذلك المخنث اللعين...
زمجر سيزار مكتفا ذراعيه بعدم رضاء ، محادثا إياه بجدية :
- آلانزو ، يجب علينا أن نتحدث بخصوص موضوع الفتاتين ..
قاطعه آلانزو بصوت صارم :
- هذا ليس وقته سيزار ، إنتهى النقاش في ذلك الموضوع ، الآن لدينا سفرة هامة يجب علينا الاهتمام بها ، مفهوم !
همهم سيزار و هو يستفسر بإهتمام :
- مم و ما الخطة إذن ، أيها الشقيق ؟
إلتفت آلانزو إلى الخزانة ليتوجه لها ثم فتح أبوابها المزدوجة ليظهر أمامه برادا كبير ، أخرج منه قنينة ويسكي بينما يتحدث إليه :
- ذلك الو*د يريد الإيقاع بي ، و لكنه لا يعلم بأنني دائما أسبق الأوغاد بمراحل ، أ ليس كذلك ؟
إلتفت ليمنحه ابتسامة ملتوية بينما يرفع القنينة و الكأس أمامه مقترحا الشرب معه :
- هل تريد كأسا ؟
بانت إبتسامة على ثغر سيزار قبل أن يتوجه إلى مكتب شقيقه و يرمي نفسه على المقعد الجلدي و بعدها نظر له بثقة ليرد عليه مازحا :
- بالطبع أريد أيها الشقيق ، هل هذا طلب ؟
***
أغمضت عيناها لتقاوم الدوخة التي إنتابتها فجأة فأخذت نفسا عميقا لتزفره بقوة فيما بعد ، أعادت الشهيق و الزفير مرارا و تكرارا لتقاوم عوارض فقدان الوعي و هي تطمئن نفسها بصوت ضعيف :
- إهدئي نيرمين ، اهدئي ، كل شيء سيكون بخير ، ستخرجين أنت و شقيقتك من هنا عن قريب ، إتفقنا ...
و لكن قلبها لازال يقرع كالطبول و جسدها لازال متشنج ، حقيقةَ وجودها مسجونة في هذا القصر ترعبها فكيف ستتمكن من الخروج من هذه الورطة ؟ ، عليها أن تكون ذكية جدا لتنفذ من هذا المأزق .
إلتفتت الى الخلف لتطالع هذا الجناح بنظرات عينيها الثاقبة لكل ركن موجود فيه ثم إتجهت إلى الحائط و أنارت الغرفة كلها ففغرت فمها متفاجئة من كبر الجناح الذي تتواجد فيه و الذي يفوق مساحته أضعاف مساحة شقتها بالكامل .
همست بدهشة :
- إنها أروع غرفة أراها في حياتي ، من يتوقع أنني سأتواجد في هكذا مكان يوما ما !
تحركت من مكانها و بدأت تتقدم ببطء و هي تستكشف المكان بدقة ، جناح ملكي طويل ، يغلب عليه لون البيج و الذهبي و الرمادي ، يحتوي على أرضية رخامية بيضاء ناعمة و يتوسطه فراش ملكي عريض و مرتفع كما تقبع على اليسار منضدة متوسطة الشكل ، يتواجد بين ضفتيه مقعدين من الجلد تقا**هما طاولة أكل مستطيلة الشكل و مصنوعة من خشب الأبنوس باهض الثمن .
نقلت بصرها إلى البابين المطليان بالدهان الأبيض المنقوشان بالذهبي و لكنها كبحت فضولها في إكتشافهما فأدارت رأسها للنوافذ المغطاة بالستائر الإسبانية و إتجهت إلى إحدى منهم ...
جذبت الستارة الحريرية و فتحت باب الشرفة إذ ض*بتها نسمة الليل الباردة فطيّرت شعرها للخلف و هي تشعر بالبرودة تدغدغ بشرتها ، أخفضت رأسها لتعيد ربط الحزام مرةً أخرى و من ثم خرجت الى الشرفة ، توقفت امام الدرابيز الرخامية و وضعت كفيها على السور و هي تنظر أمامها ، ضيقت عينيها لتدقق النظر أكثر الى المشهد الذي يقا**ها فرغم الظلام المحيط بها إلا ان كل شيء بدى واضحا لها بفضل الفوانيس المنتشرة في انحاء القصر ، لم تقدر حتى على اخفاء شعور الدهشة الذي انتابتها ما إن خرجت الى هذه الشرفة لانها بالفعل تقف في قصر ملكي فخم ، تدور حوله غابة في مكان منقطع ، واسع المساحة و يشقه ممر طويل جدا ، تملئ الفوانيس حاجزيه و السيارات السوداء ذات الأسعار الباهظة من نوع ( اللامبورجيني ، هيونداي ، بي إم دبليو ، ليموزين ) كلهم يتراصون في الفناء الامامي للمبنى الذي يزينه حوض مائي دائري الشكل ، تتوسطه نافورة ماء في شكل تمثال امرأة رومانية يلتف جسدها بقماش يغطي فقط ثديها الايسر و عورتها .
و فجأة ، إتجهت إليها أنوارٌ بيضاء جعلتها تبعد تركيزها على بقية أجزاء القصر و تنظر إلى اتجاه الأضواء التي إرتكزت عليها فأيقنت عندها أن الحراس هم من إنتبهوا لها فقاموا بتوجيه الأضواء إليها بينما يتحدثون في الجهاز اللاسلكي الذي يحملونه في أيديهم و عندها أيقنت أيضا لوجود الكثير و الكثير من الحراس المنتشرين في كل الأرجاء و الزوايا التي لم تنتبه إليهم من الأول لَمّا كانت مأخوذة بجمال الفناء الأمامي للقصر فرفعت يديها لتغطي عينيها على الفور ثم تراجعت للخلف حتى تبتعد عن الأنوار المسلطة عليها و التفتت للخلف ، و لكنها توقفت فجأة ورفعت رأسها لتنتبه الى الكاميرا المراقبة المعلقة في الزاوية و المستديرة إليها و هي ما إن لمحتها على الفور توارى في ذهنها بأن مالك القصر الذي يسمى بآرورا قد علم بوجودها هنا بالفعل ، إنها ذكية ، ذكية جدا ، لهذا أكثر شيء تفتخر به في حياتها هو عقلها سريع التشغيل فعلا ..
ابتسمت إليها بترحيب و هي تقوّس شفاهها بخبث فضاقت حدقة عينيها الفضية ثم تراجعت خطوة للخلف بعدها قامت بفك حزام ردائها قبل أن تتراجع خطوتين إلى الخلف و نزعت الرداء من على كتفيها حتى لا يعرقل حركاتها ثم إستدارت إلى لدرابيز و رفعت ساقها اليمنى إلى فوق ، تركزت بيديها على الحائط ثم رفعت باقي جسدها و توقفت على السور القصير بحذر ، تطاير شعرها الطويل إلى الخلف و هي تنظر إلى الأسفل ، لم تكن خائفة من الوقوع بل إرتفع الأدرنالين في جسدها مما إزداد لديها شعور الحماس و أ**بها سخونة تقاوم بها برودة الطقس .
الآن ستلعب لعبة خطيرة معه إما أن يأتي إليها بنفسه و يجيبها عن الأسئلة التي لطالما راودت ذهنها أو ، حسنا إنها لن تنتحر بالتأكيد و لكنها ستجعله يعترف بما تريده منه رغما عن أنفه فبدأت تمشي على الجدار القصير بتأني و بطئ رافعةً يديها إلى الأعلى لتوازن جسدها بينما اذنيها تنتظر صوت الباب الذي سينفتح عن قريب و يبدأ موعد العرض ...
***
نائم على بطنه بكل هدوء في فراشه الناعم الواسع ، الغرفة هادئة لا يص*ر منها أي صوت و لا يمكن لصوت خارجي أن يخترق بابها الخشبي ، لم يقطع نومه غير الميكروفون الموضوع على المنضدة بجانبه .
شدق صوت الحارس من مكبر الصوت :
- سنيور آرورا ، إننا نريدك في أمر عاجل ، رد عليَ ، رجاءً .
فتح عينيه و رفع رأسه من على الوسادة ليطالع الميكروفون بعينين شبه مفتوحتين ثم ضم شفاهه بحنق قبل أن يرد عليه بصوت مبحوح :
- ماذا يحصل ؟ ، هل إندلعت الحرب العالمية الثالثة حتى تُقضوني من نومي ؟
أجابه الحارس بإرتباك :
- فتاتك سنيور ، إنها تقف على ...
إبتلع الحارس ريقه قبل أن يتابع بحذر :
- إنها على سور الشرفة الآن رئيس ...
تنهّد آلانزو ببال طويل غير مندهش من الخبر الذي طرأ عليه فأجابه بكل هدوء :
- حسنا إجمع أربعة من الرجال معك و أسبقوني إلى جناحها ثم إنتظروني أمام الباب ، مفهوم !
رد عليه الحارس بكل طاعة :
- أمرك سنيور .
نهض من مكانه الدافئ ثم جلس على حافة الفراش ، رفع يده ثم مررها على شعره الناعم ليتركه ينزل حرا على جبهته بينما يهمس بعدم إستغراب :
- علمت من الأول بأنها ستكون فتاة شقية و ها قد بدأت المتاعب معها ...
رفع ساعته اليدوية و نظر للوقت ثم رماها متذمرا بإستياء :
- الرابعة صباحا و بعض الدقائق ، ا****ة متى نمت حتى أستفيق مجددا ؟
نهض من فراشه و توجه للباب ثم فتحه بإندفاع و خرج مسرعا للوصول إليها في أسرع وقت ممكن فألتقى بسيزار في طريقه إليه بينما كانت الصدمة تملئ وجهه ليبادر قائلا بدهشة :
- يا رجل ، حقا فتاتك إتضحت أنها مجنونة بالكامل !
أجابه آلانزو بلا تعبير :
- ليس أمرا جديدا بالنسبة لي و أظن أنه لازال هناك المزيد من جنونها الذي سيظهر في المستقبل ...
أصبح سيزار يمشي حذوه بعدد الخطوات التي يخطيها و رأسه ملتفت إليه ، محادثا إياه بإستغراب :
- إنك لم تحدثني عنها يوما فكيف علمت بشأنها آلانزو ؟
أجابه آلانزو بينما يخطو خطواتً عريضة إلى أن أصبح تنفسه متقطعا :
- تعلم أنني دقيق في بحثي ، كف عن طرح الأسئلة الغ*ية سيزار !!
إبتسم سيزار و هو يزمجر بسخرية :
- نعم ، و من سيقارن نفسه بك أصلا ...
وصلا إلى جناح الفتاتين فتوقف آلانزو يطالع سيزار على جنب ، منذرا إياه بنظرات صارمة :
- أنت ستبقى هنا ، لا أريدهما أن يتعرفا عليك الآن .
أومئ له سيزار بتفهم ثم أشار له بالتقدم ، قائلا بابتسامة على شفتيه :
- حسنا ، تفضل كما تريد ...
توقف آلانزو أمام الباب ثم أمر أحد المرافقين بصوته المسيطر :
- إفتح الباب ...
ما إن إنفتح الباب أمامه أبصرها من باب الشرفة المفتوحة و هي واقفة على السور القصير متأهبة له و هي تدير رأسها في اتجاهه ، ما جعل قلبه ينبض ليس خوفه من وقوفها فوق الحافة بل هيئتها الساحرة التي تقف بها و هي حافية القدمين بينما ثوبها ملتصق بأكثر الأماكن حساسية و حمالات ثوبها ساقطة على زنديها العاريين ، شعرها الطويل الذهبي يتراقص في الهواء بحرية أما عن تلك العينين الشقية فتطالعه بترقب شديد و ثقة فتقدم إليها بخطواته المنتظمة ، المدروسة و هو يأمر حراسه بينما عينيه المتفحصتين لم تنزل من عليها :
- لا يلمس أحد فيكم شقيقتها و إنتظروني هنا ...
خرج إليها حافي القدمين و بسروال النوم الأ**د القطني فقط الذي يستره أما عن جزه العلوي فإنه عاري بالكامل متجها نحوها بخطوات سيره المهيبة و المسافة بينهما بدأت تتلاشى شيئا فشيئا إلى أن توقف أمامها مباشرة .
أصيبت نيرمين بالذهول ما إن إبصرته بالك الشكل و هي تتساءل في سرها :
" ألا يخجل بخروجه أمامي هكذا ؟ "
و لكن لا يهم ، ما أرادته قد حصل و ها هو الآن هنا يقف أمامها وجها لوجه ، لم يجرأ أحد من الإلتحاق به و الكل يقفون برؤوس منخفضة للأسفل .
تساءلت في سرها و هي تطالعهم بغرابة :
" هل ممنوع النظر لها ؟ ، إلى هذا الحد وصل تملكه على القوم ؟ ، أمره مثير للفضول هذا الرجل! "
أبعدت نظرها عنهم لتستدير ببطء إليه و هي تواجهه بجرأة :
- إذن ، من تكون أنت يا سنيور ؟
ظل مرفوع الرأس و هو ينظر إلى عينيها في الأعلى فقط بوجهه الجامد ثم أجابها دون أن يرف له جفن واحد :
- سأجيبك عن سؤالك هذا عندما يحين الوقت المناسب يا سنيورة ...
إتسعت حدقة عينيها من الدهشة فأرتفعا حاجبيها إلى الأعلى على الفور ، لم تمر ثواني و رجعت إلى حالتها العادية لتستمر في تحقيقها معه من جديد و هي محتفظة بثباتها أمامه:
- و لماذا قمت بإختطافنا أنا و شقيقتي من شقتنا كالمجرمين إذن ؟
فغر شفاهه قليلا ثم قام بلعق العلوية بعدها رد عليها ببرود مميت قد أحرق الدم في عروقها فعلا :
- ! أي كان الأمر يا سنيورة فأنا لست مرغما على الرد عليك ، مفهوم
إزداد إحتقانها منه هذا الغريب فرفعت قدمها و ض*بت الأرضية ، ما أن فتحت فمها قاطعها بوضع إصبعه على شفاهه محذرا :
- ! حذار ، عسلي الحلوة ، لا تقومي بالتهورِ معي ، صوتك الذي سيرفع ممنوع أمامي ، مفهوم
تحركت شفاهها من مفعول الصدمة التي إستحوذت على كامل جسدها ، كادت أن تتراجع ففقدت توازنها للخلف و لكنها أسرعت برفع يديها إلى الأعلى حتى تعيد توازنها من جديد قبل أن تقع ثم ـخفضت رأسها ممسكة أنفاسها بصعوبة بليغة و هي تضع يدها على ص*رها بينما تهمس بصوت جاهد :
- إلهي ، كدت أن أقع !
- إذا أنهيت هذا العرض السخيف فأنزلي إذن .
صدمها صوته الغارق من الملل فرفعت رأسها إليه و هي تبعد شعرها من على عينيها حتى تراه جيدا و بينما تهتف بصدمة :
- ما تركيبتك من البشر أنت ؟
واقف بثقة ، خصلات شعره الناعمة تتطاير أمام عينيه بفعل نسمات الهواء القوية لليل بينما يطالعها بجمود و بلا تعبير ، لم تعلم نيرمين إذا كان مستمتع بما يشاهده أو غاضب منها ؟ ، هيئته مخطرة ، نظراته قا-تلة و شخصيته تقتل أكثر بينما جسده المسمر العضلي مهلك و وقفته تملئها الكاريزما و ...
" مهلا "
طالعته من رأسه نزولا إلى الأسفل ألى أن توقفت عند الوشم المكتوب على عظم حوضه بشكل م***ف فقامت بقراءة المكتوب عليه حرفا ، حرفا ، لكنها لم تستطع التعرف على معناه أو اللغة التي كتبت به أيضا .
فقط تلك الجملة الوحيدة التي علقت في ذهنها و لم تتزحزح :
" Mihi vindicta "
رفعت نظراتها إلى عينيه الحادتين مرة ثانية ، لم تستطع إخفاء علامات الفضول و الذهول من على وجهها و لكنه كان ضجرا جدا و يريد أن يعود إلى النوم فقال بإنزعاج :
- إذا إنتهيت من التطلع إلي يا حلوة فإنني أريد الإنصراف الى النوم ، لأنك بالفعل أزعجتني بما فيه الكفاية !
حركت رأسها برفض و هي تعارضه :
- كلا يا سنيور ، لأنك إلى الآن لم توضح لي شيئا بعد .
تن*د بسأم قبل أن يستدير إلى الخلف ليغادر الشرفة فنادته بصوتها الناعم ، الفضولي قبل أن يلتفت عنها :
- ما معنى الوشم الذي كتب على جلدك ؟
تجاهلها و هو يقوم بالإلتفاف مبتعدا عنها فقوّست ظهرها لتنزل و تلحق به منادية عليه بلهفة :
- إنتظر يا سنيور آرورا ...
نزلت من على الحائط القصير و لكن قبل أن تضع قدمها على الأرضية توقف فجأة و إلتفت إليها من جديد مطالعا إياها بنظراته الغامضة و الغائرة جدا و هي لاحظت التغيير فيهما و لكن لا تعرف كيف تصفهما !
أجابها آلانزو بصوت راكز و قوي قبل أن يعيد الإلتفات و يبتعد عنها :
- الثأر
" الثأر "
أعادت الهمس بحروف تلك الكلمة الإيطالية التي تفوه بها و هي ضائعة في عمقها فوجوده يجعلها تنسى كل ما كانت تفكر به ، ينتشلها من نفسها و يجعلها شخصا مخالفا لما هي عليه من قبل بينما هي ظلت جالسة على السور مبعدة ساقيها على بعض غير شاعرة ببرود الرخام تحتها و كل ما يجول في عقلها هو هذا السؤال فقط :
" ما موضوع هذا الرجل ؟ "
ما إن خرج الجميع و أُغلق الباب نظر آلانزو إلى حراسه ثم خاطبهم بصوت قاسٍ و هو يطالعهم بشراسة :
- إذا أعيد هذا المشهد مرة ثانية سأعقابكم جميعكم و سأتلذذ بت***بكم كما سأحرص عندها على طلوع أرواحكم ببطء مميت قبل أن أقتلكم شرّ قتلة ، كلامي واضح !! ، و الآن أغربوا عن وجهي ..
أومئوا له بطاعة قبل أن ينصرفوا و يتركوا فقط حارسين أمام الجناح ليحرسوه .
في الأثناء ، إبتعد سيزار عن الحائط ليتجه إليه ثم اقترب من أذنيه و همس له بصوت مفعم بالفخر :
- ما أعظمك يا رجل ، إنني مفتخر بك جدا ...
طالعه آلانزو بجمود على جنب و هو يخاطبه بسخرية :
- شكرا على هذا الإطراء يا أمي ..
إختفت الابتسامة من على وجه سيزار ثم أبعد نظره عنه قائلا بنبرة صوت يشوبها الفقدان :
- فليرحمها الرب و ينعمها بالفردوس الأعلى ...
أغمض عينيه بعدها ثم رفع يديه و قام بتشكيل رسم الصليب على ص*ره ثم قبّل إصبعيه السبابة و الإبهام بعدها أنزل يده لتتشكل في قبضة بينما آلانزو يتماشى حذوه ببرود .
بعد برهة من الوقت سأله سيزار بفضول :
- يا رجل ، كيف تمكنت من ال**ود أمامها بذلك الشكل ؟
تن*د آلانزو بنفاذ صبر و هو يجيبه مختصرا :
- غايتها بعيدة تماما عن الإنتحار ، هل أتاك الجواب الآن ؟
توقف سيزار فجأة و جذبه من كتفه ليتوقف في مواجهته ثم عبس وجهه و هو يقوم بلومه :
- لماذا أصبحت هكذا آلانزو ؟ ، من حقك أن تكون حذرا من الجميع و لكن أنا آلانزو لست مثل الجميع ، إياك أن تخفي عني شيئا مهم بما يخصّ حياتك الشخصية مرة أخرى ، إتفقنا !
بقي يطالعه آلانزو بملامح خاوية ، لم تحتد عينيه عن عيني السيزار و هو يرد عليه بجدية تامة :
- لقد أصبحت أكثر من النساء المنكدات ما إن أعلمتك بأمر هذه الفتاة ، أ لا تمل من النقيق في رأسي ؟ ، أخبرني !
ضحك سيزار ثم جذبه من كتفه و قام بلف ذراعه الصلبة على شقيقه و هو ينظر إلى فوق و كأنه يتابع شريط حياته أمامه :
- هل تعلم ماذا ؟ ، لقد إشتقت للأيام الماضية لما كنا نتشاجر دائما ، كنت دائما تريد الأفضل و لطالما كنت تفتك أغراضي الخاصة بالعنف ثم تبات معاقبا ليلة كاملة دون طعامك المفضل و انا أتسلل كالسارق لأقدمه لك من النافذة ، من صغري حنون عليك أيها الشقيق هههه ...
إبتسم آلانزو و هو يشاركه الذكرى :
- أمي كانت فاطنة لما يحدث بيننا و لكنها كانت تتركنا لنتصالح بطريقتنا ، كانت هذه طريقتها دائما لتقربنا من بعضنا البعض .
نظر له على جنب ثم طالعه بنظرات عميقة :
- تعلم أنك اخي و ستبقى الأغلى ما في حياتي دائما !
تن*د سيزار و قلب عينيه الى فوق قائلا :
- أترك هذا الهراء على جنب ، العواطف لا تناسبنا يا شقيق .
لكزه آلانزو بمرفقه فأبتعد عنه سيزار متذمرا و هو يرسم ملامح الألم على وجهه :
- لماذا فعلت هذا يا أخرق ؟
رمقه آلانزو بإنزعاج و قال بفضاضة :
- لأنك مزعج كا****ة ، أتركني و أغرب إلى فراشك ...
أوقفه سيزار قبل أن ينصرف ، فقال و هو يبتسم ببراءة :
- حسنا ، قبل أن أذهب ، لدي سؤال .
زفر آلانزو بنفاذ صبر ثم رفع خصلات شعره المزعجة التي سقطت على عينيه و هو يسأل بصوت فاقد للصبر :
- تفضل ، إنني أستمع إليك
ضيق سيزار عينيه ثم إستفسر :
- هل خفت عليها ؟
حرّك آلانزو رأسه بعدم جدوى من أخيه الغير الشقيق المزعج ثم إلتفت ليفتح باب جناحه و هو يطرده بفخامة :
- إذهب دون مطرود ...
ظل سيزار واقفا ورائه و هو يضم ذراعيه الضخمتين إلى ص*ره مبتسما باستفزاز :
- إذن ، لقد خفت عليها .
طالعه آلانزو على جنب ليصارحه مستسلما حتى يكف عن إزعاجه :
- الشيء الوحيد الذي يجعلها تفكر بالتخلي عن حياتها هو فقدانها لعائلتها ولكن شقيقتها الصغرى يا حبيبي لازالت على قيد الحياة ، هذه مجرد خدعة منها لتجعلني أتفوه بما تريده ، هل فهمت الآن كل القصة ؟ ...
رفع سيزار يده ملوحا إياها في الهواء ثم قال بإستسلام :
- كفى لقد فهمت ، لا جدوى منك يا أخي ، أنا ذاهب ...
إنتهى سيزار من كلامه ثم تحرك من مكانه و تركه بينما آلانزو أرجع رأسه للخلف و ناداه :
- ها ، لقد سئمت من كلامي بهذه السرعة !
رد عليه سيزار بصوت عالي و هو مستمر في الإبتعاد عنه :
- لقد سئمت من إنعدام إحساسك يا أخرق لهذا أنا راحل ...
***
واقف أمام المرآة ينظر إلى هيئته رافعا يده إلى ياقة قميصه الأ**د ليرتبها بينما ترك القفلين العلويين مفتوحان ثم أنزل يده إلى الأسفل و هو يضغط على قماش القميص حتى يُطلقه ثم لف يد القميص على ساعده و هو يقوم بإغلاق القفل الذهبي المصنوع من الذهب الخالص ، كان مهتما جدا بكل تفاصيل لباسه و هيئته الأرستقراطية مؤكدا على أن تكون هيبته على تمام الكمال ، بذلة رسمية سوداء اللون من برادا المصنوعة من الحرير و الكاشمير و الصوف عالي الجودة خيّطت خصيصا لتلائم جسده الرياضي ، حذاء أ**د يلمع مرصّع بالألماس من " أوبرسي الماسي" و حزام بني مصنوع من جلد الأفعى مزين بدبوس فضي مرصع بالألماس أخذت شكل رأس أسد ليكمل مظهره الفخم .
رفع اكتافه إلى الأعلى ليطلق قماش القميص على ص*ره العريض ، الشعرات القصيرة المنبتة في أعلى ص*ره زادته جاذبية و بشرته البرونزية جُعلت فقط لإذابة كل قلوب النساء اللات يرونه بينما تعقيد حاجبيه و نظرته الحادة جعلا قلب كل عدو أراد أن يستفزه يذوب ما أن يبصرانهما .
و أخيرا ، أخفض نظراته إلى منضدة الزينة و رفع خاتمه ثم أدخله في إصبعه البنصر ، هذا الخاتم بالتحديد يحتوي على تاريخ عائلته القديم بأكملها ، خاتم توارثه من أجداد أجداه إلى أن وصل إلى دوره و يحمل تاريخ عائلته الإجرامية و ألتمس كل الدماء التي سقطت على أياديهم ، خاتم مصنوع من الذهب الأبيض المعجون من الألماس على شكل رأس أسد غاضب و مكشر عن أنيابه بينما عينيه الماسية تلق بشدة و أسنانه تبرق كتحذير .
سمع طرقا على الباب فتحكم في صوته و هتف :
- تفضل .
دخل الخادم و أومئ برأسه له ثم تكلم :
- سنيور آرورا ، الطائرة جاهزة ...
أبصره آلانزو على جنب قبل أن يؤمره :
- أخبر جميع العاملين بأن يجتمعوا كلهم في الأسفل .
هز الخادم رأسه بطاعة :
- حاضر سنيور آرورا ، هل تستحقني في شيء آخر ؟
أخذ آلانزو المشط و أرجع به شعره للخلف بعناية ثم أسبل جفنيه قليلا و خفف من قسوة ملامحه بينما يقوم بمخاطبته بهدوء :
- كيف حال إيڨانا و شقيقتها ؟
تفاجئ الخادم من الإسم الذي أطلقه سيده للتو فتوترت ملامح وجهه و تردد في الإجابة عندها رمقه آلانزو بحدة و هدر في وجهه بسخط حتى يستفيق من بلاهته :
- هل ستبقى صامتا كالأبله أمامي ؟
إرتبك الخادم و أجابه على قدر عقله :
- إنهما مستيقظتان سنيور لكنهما هادئتان .
أجابه آلانزو برضاء بينما هو مستمر في تجهيز نفسه
- جيد .
ظل الخادم الكبير في السن يبحلق فيه بتردد و آلانزو إنزعج من وجوده فألتفت له و طالعه بنظرات مخيفة بينما يقول :
- أنتَ ، هل أنت مستغني عن كومة اللحم التي تحمل دماغك الغ*ي فعلا ؟
إرتبك الخادم و أرتجف جسده قبل أن ينزل رأسه على الفور ثم قام بالتراجع إلى الخلف و هو يعتذر :
- أعتذر ، أعتذر سنيور آرورا ، إنني مغادر ..
ما إن أغلق الباب عليه أعاد آلانزو النظر إلى نفسه في المرآة ممتعضا و يهمس بسخط :
- غ*ي .
رفع قنينة العطر و رش السائل على رقبته ثم رفع ذراعه لينظر إلى الساعة قبل أن يخرج .
***
- نورهان ، نورهان ، أفيقي يا فتاة ، أ لا تسمعي ؟
تذمرت نورهان في نومها :
- ماذا ؟ ، ماذا ؟ ، أتركيني لأنام .
ظلت نيرمين جالسة بجانب رأس شقيقتها فقامت بلكزها و هي تعود لمناداتها من جديد :
- فعلا أنتِ إله النوم بعينيها ، لقد حلت علينا مصيبة الدهر أيتها الإكوالا الغاطسة في شخيرك .
فتحت نورهان عينا ناعسة و هي ترمقها بإستغراب :
- ماذا ؟
قلبت نيرمين شفاهها بعبوس ثم صارحتها :
- نعم يا حبيبتي شغلي عقلك الناعس ذاك و ستدركين عن ما أتحدث !
رفعت نورهان رأسها من على الوسادة و تساءلت بعدم إستيعاب :
- ماذا ؟
رفعت عينيها إلى السقف و ما إن حدقت في شكله إنتفضت على الفور جالسةً على ركبتيها و هي تهتف بهلع :
- ماذا ؟ ، ماذا نفعل هنا ؟ ، أين نحن ؟ ، كيف أتينا إلى هنا ؟ ، ما الذي يحصل لنا هنا ، نيرمين ؟
نظرت نورهان إلى شقيقتها برعب و قد إصفر وجهها من شدة الفزع بينما إستمرت نيرمين بالنظر لها ب**ت ثم نهضت من جانبها و شبكت ذراعيها أمام ص*رها قائلةً بخفوت :
- لا أعلم ما حقيقة الذي يجري هنا ، ما أعلمه أننا مختطفتان و محتجزتان هنا في هذه القلعة الضخمة ، ما أعلمه أن علاقة المالك لهذا القصر تدور بي أنا و لسبب غير معروف ...
ألتفتت نيرمين لشقيقتها ثم أخبرتها بعيون حزينة :
- لقد قابلته أختي هذا ما حصل أثناء غفوتك .
نزلت دموع نورهان و هي لا تزال فاغرة الفاه غير مستوعبة إلى حد الآن الوضع الذي إستفاقت عليه ثم سألتها بخوف :
- يعني ماذا ؟، ماذا يعني كلامك ؟ ، يعني أننا لن نعود إلى شقتنا و حياتنا التي تعودنا عليها ! ، أريد تفسيرا هنا !
ثم أجالت نظرها على كل المكان و سألتها بدهشة :
- ما هذا المكان ؟ ، في أي عصر نحن ؟
جلست نيرمين بجانبها ثم وضعت كفها على ظهر يد شقيقتها و هي تقول :
- إسمعيني ، أيا كان ما يحدث فأنا سأحارب إلى الأخير لأجلك و أنني لن أتخلى عنك مهما حصل ..
نظرت نورهان لها بضياع و هي تستفسر :
- ما قصدك أختي ؟
حينها رمقتها نيرمين لها بعبوس ثم أردفت موضحةً :
- سأقص عليك ما حدث ...