كانت تجري في حديقة منزلهم مرتدية فستان ابيض ناصع تاركة الفرح و المرح أينما خطت....... تأملها والدها و ابتسم....
-اماليا تعالي امضي معنا بعض الوقت......
صرخت و هي تطارد الفراشات - الفراشات ستهرب مني ابي اذا جلست معكم...... أما انتهم فلا......
تكلم والدها- قد يسرقنا الموت منك يا ابنتي......
توقف الزمن للحظة عادت برأسها و سألت والدها...... - بابي هل هناك أقوى من الموت
ابتسم شاكر - الموت يا ابنتي ليس هو القوي....... القوي هو الاشتياق..........
-كيف........
-ان تشتاق للشخص كل ثانية........ لا تمر عليك ساعة واحدة دون أن تموت الف مرة بغصة اشياق........ لهذا يا ابنتي ركزي على نفسك و على حياتك و على مستقبلك....... لان الاشتياق لن يقدر سوى على حرقك ببطئ شديد........ ببطئ سيقتلك حية......... و هذا اكثر ألما من الموت
في لحضة انتقلو من الحديقة إلى باب بيت لم تراه ابدا في حياتها كان ضخم جدا ..... كان كل منهما يمسك يد الاخر.........
تمتمت بخوف - أين نحن ماما.......
تكلمت والدتها - نحن يا ابنتي انتهت رحلتنا و انتهى الاختبار....... لكنك صغيرتي مستمرة فيه..... و لكي لا تضيعي وضعناك أمانة عنده...... أشار بيده إلى زاوية الباب فكان يقف هناك الرجل صاحب الضل الطويل.....
-من هذا ابي و أين نحن.......... انا اريد الذهاب معكم ارجوكم لا تتركوني هنا...... ارجوكي امي......
-لا يمكن ليس لد*ك تذاكر صغيرتي........ لا تخافي سنلتقي في الجنة.......
خطا والدها خطوة إلى الوراء - وداعا يا ابنتي........ سنراقبك من السماء لذا لا تفتعلي المشاكل مع احد........
تكلمت بهستيرية - لا يا بابي اريد البقاء معكم...... ارجوكم خدوني معك..... لن استطيع التعايش مع الوضع..... امي من سيصنع لك الضفيرة هناك ارجوكم خدوني معكم.......
كانت تنهار كلما خطو خطوة إلى الوراء ثم اختفو......... نهضت من سرير المشفى و أطلقت صرخة مملوءة بالألم.........
بعد رحيلهم كل شيء أصبح سيمر عليها ببطئ، الدّقائق ساكنة والساعات واقفة أما الثواني فجارحة........ الوقت سيصبح كالسوط....... لاذع......... أما السنوات فستصبح نارا تكاد تحرقها كيف لطفلة ان تعيش بدون والديها..........
اقترب منها أسد محاولا تهدئتها...... لكن لا جدوى....... أعطاها الطبيب حقنة و قد اعلم أسد انه يمكنه اخدها إلى البيت..... لكن فقط
يجب أن يحضر لها طبيب نفسي ربما قد يزول ألمها بعض الشيء.......
تكلم أسد باقتضاب - ليست الوحيدة من فقدت او من ستفقد أهلها...... لذا لا اريد عطفك عليها.... قلبها مع الوقت سيقسى و سينسى... لاني سأعوض مكانهم.....
حمل الطفلة بين ذراعيه و غادر على مرمى بصر الطبيب الذي اردف......
-تضن انك ستعوضها والديها...... انت تحلم
الأيام تذوي يوماً يوماً، والعمر ينقضي شيئاً فشيئاً، لحظات ستعدها بل ساعات تترقبها، إنها من أصعب اللحظات التي سعيشها هذه الطفلة......... الأيام و اللحضات التي يقف بها طيف الفراق على ناحية طريقي إليها، فما تستطيع التحرك او التأقلم مع غيابهم.......تستميت و تستميت للقائهم مجددا ومالها سبيل لتنعي نفسها عليهم لأنها ستكون رافضة في الواقع........ و لا تريد أن تذكر تلك اللحظات التي فرقت فيها أعز الناس وأقربهم إلى نفسها ، فهو وداع للأبد ليس فقط لأيام معدودة بل لسنون وقرون
وقف أمام باب القصر....... كانت بين يديه فتحت عيونها قليلا..... لا ترى سوى السراب و السراب......... لكنها ميزت باب البيت...... البيت الذي كان يقف فيه صاحب الضل الطويل في الكابوس........
تأملت من يحملها و وجدته نفسه صاحب الضل....... تأملها هو عندما وجد دموعها على خديها و ضمها له........ - لا تخافي سأعتني بك جيدا ..... سيزول ألمك أعدك.........
دخلو القصر الفارغ من كل شيء........ لا أحد هنا....... الفراااغ فقط يعم المكان...... لا روح و لا رياح....... فقط السكون...... هل يعيش في كل هذا القصر وحده فقط........ ربما......... هل هو وحيد مثلها الان........ هل مر بما مررت به أيضا...... هل لهذا ائتمنه والدها عليها....... لا تعلم...... لكن كل ما تعلمه انها تريد والديها فقط....... لا تريد العيش مع وصي في قصر الأشباح هذا........ قصر عديم الروح و بارد جدا....
وضعها على سريرها في إحدى الغرف.........
تم خرج صوته بعمق - لم تأكلي شيئا من البارحة......... سأطلب لك شيئا تأكلينه...... هذا التلفاز فيه محطات كثيرة للأطفال يمكنك مشاهدة كل ما تريدين....... تحبين المشروبات الغازية ام العصائر؟
طرح سؤالا إذ ربما تتحمس و تجيبه....... إذ ربما يخفف عنها الأمر..... لكن ربما لن يستطيع بصعوبة...... لم يجبه سوى دموعها التي خرجت من دون اذن.........
غادر هو...... و اتصل بمطع ليحضر له بيتزا.... كما أنه اتصل البقالة و طلب منهم إحضار الأل**ب للذكور و الايناث فهو لا يعرف ماذا قد تحب و ماذا قد تكره....... كما طلب منهم إحضار مستحضرات التجميل.... فهي تقريبا في فترة المراهقة و قد تحب تلطيخ وجهها.......... َ أيضا طلب منهم إحضار الكثير من الشكولا الفرنسية اللذيذة و رقائق البطاطا و الايس كريم...... إذ ربما يعجبها شيء من الأشياء الذي سيحضر....... صعد بسرعة إلى المكتبة الضخمة التي توجد في القصر......
بحث و بحث عن كتب مناسبة للأطفال.... و روايات الاميرات...... كل الفتيات تحب هذه الأشياء اليس كذلك...... ربما...... اكيد ستحب شيئا من هذا....... لكن ماذا ان فقدت الشغف...... سيحاول شيئا فشيئا ان يعيد لها الشغف في الحياة و حب هذه الحياة الخائن......... غدا سيأخدها لكي تشتري الكثير من الملابس الفتيات يعشقن هذا........ هو يظن هذا....... ليست كل الفتيات سطحيات لكن يتمنى ان تكون هي كذلك...... على الاقل حتى تخرج من محنتها هذه..... و سيجعلها منذ الغد تذهب إلى ناد رياضي لكي تملء وقتها و تشغل تفكيرها........ و تفرغ كل طاقة سلبية يخزنها قلبها...... أثناء ما كان أسد يبحث كيف يسعدها هي كانت تفكر كيف ستلتقي بوالديها مجددا...... لأنها لن تعيش أياما أخرى بدونهم ابدا...... لا تستطيع....... نهضت من السرير....... دون أن تستطيع قدماها حملها لكنها عافرت....... جرت قدميها الصغيرتين ببطئ..... ببطئ شديد حتى وصلت إلى الشرفة التي تطل على مدينة ليون الفرنسية......... اه يا فرنسا من اخدت من طفلة صغيرة اخدت منها كل ما تملك....... اخدت منها ادفئ حضن لأعظم ام و أعظم اب....... لكنها ستسلك كل الطرق المؤدية إليهم كلها........ حتى تستطيع لقائهم في النهاية....... اخدت كرسي بيديها الصغيرتين و اعتلته حتى تصل إلى الشرفة....... وقفت على الحافة
بينما أسد كان مارا متحمسا لما وصل من البقالة......... سمع صوت شهاقتها....... دفع باب غرفتها قليلا لكنه شهق مما شاهد...... جرى بأقصى سرعته حتى يلحق إيقافها مما تفعل...... كانت على وشك ان ترمي بنفسها من الشرفة لكنه لحقها في آخر لحضة.......
أخذها في حضنه بينما كموعها تجري على خديها كمياه الشلال....... تمتم - ارجوكي لا تفعلي....... ارجوكي لا تفعلي َ...... ارجوكي..... ليس هناك جدوى من فعل هذا...... الأطفال في سنك الان يفكرون في الأل**ب و افتعال المشاكل هل هذا ما تريدينه...... الانتحار....... تريدين التخلص من حياتك......تريدين إيذاء نفسك و والديك....... صدقيني قلبهما يعتصر من أجلك لا تفعلي هذا