الفصل السابع

1000 Words
المشفى جميعها ليال تعتم على الصادق و الكاذب و الخائن و الأمين سواء . ليال سوداء لما إتخذت عهد مع حبيب أن نغرق بدوامات الحياة و لنا عودة إن كتبت لنا النجاة, ليال موحلة أبصر بها الحبيب يحقق مبتغاه وحيد بينما بقيتُ ظل يتبع زوجي, ليال منيرة أسمع بها أشعار لم أستشعر مذائقها العذب لقلب نقي كقلب زوجي لأني أدمنت ملوحة البحور و لكني المقصدُ, يراني الأولى, يراني .. بيضاء هي .. شعرها البني حرير يغطي أكتافها .. عيناها اللوزيتان تقتل حسادها ... هي ابنة القمر ... قلبها كعنقود عنب يسكر كل من ذاق حلاه ... تلامس النجوم بكفيها ... تراقص الفراشات بمشيتها ... رقيقة كأزهار النرجس .. ناعمه ... قوية كأشجار الصنوبر ... فارعه ... بيضاء هي ... احتكرت جمال الارض ... و اسرت أفئدة رجالها . كانت كلمات الليال الأولى لعروسه, أخبرني أنها سقطت على رأسه فور إلتقاني رغم برودتي المتعمدة معه بأول لقاء, أخبرني أنه إلتمس لي الأعذار لكوني فتاة بريئة بلا تجارب, أخبرني أن حنان و سلمية أمي كامنين من داخلي و في إنتظار التفعيل عندما أكتشف أنه الزوج و الإبن و الحبيب؛ يا له من مسكين فأخر مخلوق بهذا الكون أريد أن أكونه هي أمي و كانت تلك أول خدعة مارستها عليه أمي. أخبرني زوجي أنهم كاذبون, من قالوا أن أول رجل بحياة المرأة هو مرآتها العا**ة لكل رجل قد يأتي بعده, قال لي أن المرأة لا تهفوا إلا للرجل الذي أمن لها الحماية و الآمان , أخبرني كذلك أن الرجل طفل معوذ أول امرأة بحياته إرتوى بماء ينابيع عشقها إنعكاسه الدائم و مبحثه بين كل النساء كما كنت بحياته و كان بحياتي. هو أول و أخر من إمتدح جمالي فمن ظننته حبيب لم أسمع منه إلا القنوت من حياته و معيشته, أحلام مؤجلة, أحلام مستعصية, أحلام مستحيلة و كنت له صاغية مصغرة لا حول لي ولا قوة مثله نبحث كلانا عمن يحقق لنا الأحلام. حقق إبن العم الأحلام لما تزوج من الجاهلة الريفية, أمست له السكنة و العمل بعدما أمن له أبيها سكن الزوجية و عيادة صغيرة بعقار يملكه, بيعَ كطبيب و بيعتُ كزوجة عتيقة لا أحلام لها أو طموح و لكنه قدر النساء ؛ أمي تقول و تقول كذلك أن سبيلي البحث بين الفتات و ما أكثر ما يسقط سهواً عن زوجي. لكم كان أخرق و لازال يبدد نقوده بسفه مستغرب على من عاش قحط و يخاف مرارة الأيام, إبنتي أخبرتني أنه إبتاع لعاهرته الاجنبية مأزر معالج لا يسبب الحساسية لتقرحات جسدها المنفرة تكلفته قرابة مئات الدولارات, دميمة و يعي ذلك, مصطنعة و يزيد من بدعها, يعرف ماضي عائلتها القذر ولا يذكر إلا أنني كذبته و أخبرته أن والدي مستشار قضائي عوضاً عن كاتب و علته الصدق ينجي و كأن الصدق قدم لي طوق نجاة من قبل. هو الكاذب و أبيه عائلته ليس لها جذور و كل ما نعرفه عنهم أنهم هبطوا من الصعيد للزقازيق مرة واحدة, مدعين أنهم أبناء الشيخ الخطيب . لسوء حظهم ذهب إبني عمي للعمل عند أمر التكليف بالصعيد و الفراغ الذي عايشه بتلك المناطق النائية وظفه بالبحث عن جذور تلك العائلة المزعومة و عاد بالمفاجأة . كان يوم الجمعة , نجتمع به ببيت عمي للغداء, كنت أتذلل لوجيه لأيام ليصطحبني إلى هناك كما يفعل كل زوج مع زوجته فقد كان يكره عائلتي بلا أسباب و يعاملهم بإزدراء رغم معاملتي المثالية لعائلته من الر**ع و لكن ما يدينني إننا كنت من حين لأخر أتسائل لمَ زوجي ليس لديه بيت كبير كبيت أبيه أو سيارة أكثر من فاخرة كمثل أخويه و من حينها أمسيتُ العدوة اللدودة لتلك العائلة . إنتهى الغداء الذي لم يقربه زوجي و إبنتي رغم أنه يعشق طهو أمي و لكنه يرى أن عمي ماله حرام هكذا فحسب . يجلس على أغلى مقتنيات عمي صالونه الفرنسي و إبنته على فخذه تشرب العصير الذي إبتاعه له من الخارج, تجلس بجانبه و لكن على كرسي من كراس الصالون زوجة إبن العم و تقول له بشغف : - كمل يا أستاذ وجيه بقه .. حكاية الهند .. طلع فيها بترول ولا لاء ؟ إبتسم لها زوجي و قال : - انتي لسه فاكرة .؟! - ده انا من ساعة ما سمعتها منك عماله أقلب في الاخبار يمكن أفهم حاجة أبداً, قلت أستناك لما ترجع و تحكي انت. - معلش خليها وقت تاني أصلي مصدع. - إمتى بس ما انت مسافر تاني ؟ و بكل سفور قامت عن كرسيها تحمل حقيبتها النسائية و تجلس بجانب زوجي على الأريكة, تفتح حقيبتها لتستعرض بينما تقول: - انا جايبة من بيت أبويا الشاي و السكر و البن .. تشرب إيه ؟ ثم لاحت منها نظرة عابثة خبيثة و أردفت بميوعة : - ولا أبويا هو كمان .... و ضحكت و زوجي حد القهقهة و بدأ بينهما التسامر على الهند و بترولها كما تدعي. المدهش أو المريح أن زوج الجاهلة الريفية يتابع كل ما يحدث بهدوء تام و لا يردع إفتتنان زوجته بأخر, يدلف للبلكون فأتبعه و أقول : - مراتك دي عجيبة أوي . - ليه ؟ - أنت مش شايف ولا إيه ؟ نظرت ناحية الضحكات ثم عاد إلي يقول : - كل الستات عندها ولع بالبدل و المغامرات و الهجس و جوزك خياله واسع أوي, انا لو منه أكتب روايات تبيع أحسن من روايات نبيل فاروق. حدجته بتعجب لبرودته مع الموقف, معترف بكون زوجته مفتتنة بأخر و مدرك لكل ما يدور من حوله و نهاية قلت : - انت ما بتغرش عليها خالص ؟ - المنطق بيقول أغير منه .. إجوزك و مراتي قاعدة بتسمعله .. اللي بيطلعه في سنة عمري ما أقدرش أجمعه في عمري كله و الاسم دكتور و هو سواق .. الزمن إتشقلب يا غادة . - معاك حق الزمن بقه بتاع الجهل و الميكانيكية و العطارين. عدنا بالنظر للجمعة الشجية وجدناها توسعت عمي و أمي و باقي العائلة يجلسوا من حول زوجي الذي يسرد النوارد و المغامرات, أما زوجة إبن العم تناول زوجي الشاي من مؤن أبيها العطار بكل الحب. عينا ابن العم لا تبارح حذاء زوجي، فزوجي لديه ولع بالأحذية المكلفة، يشتريها من الخارج، بأسعار بالغة التكلفة كمثل أصدقائه ولكن أصدقائه فاحشون الثراء على النقيض منه، يرفض أي مساعدة من أبيه لأنه رجل بالغ كما يردد بجفاء. يحيرني ابن العم عيناه مثبتة على حذاء وتارك زوجته تتملل من جلستها على كرسي لأريكة يجلس عليها زوجي، إنما يذهب زوجي لنهاية الأريكة ثم يضع سما حائل بينهما ويعود للسرد.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD