ماهي مختار.
ناولني السيجارة الأخيرة بعلبته, و أولاني ظهره للمرة المائة بعد المليون, ادعى النوم أم غطس ببحر النكران كعادته كلما ذكرته بما وعد و غفل عنه كما الآن. أطفئتُ سيجارته بالمرمدة و استلقيت بجانبه أستجدى نهار يرخي شباكه المزعجة على عيونه الباردة علها تفلح و تعيدني للضوء بعدما أسكنني الليل منذ رأيته .
لم أستمع لتحذيرات أمي, أصدقائي أو حتى أصدقاؤنا و استمريتُ بحرق نفسي بعلاقه طويلة الأمد بلا مدد. لا .. كان هناك مدد لكن ماذا ظن, جنيهاته القليلة هي التي تكفلت بي وبأمي المريضة !! لا. لم يحدث أبداً, فقد كنت أعمل بالحفلات الخاصة التي عرضت علي حتى من قبل المنتج الحقير المضطرب الذي يرتجف مثل المراهقين الشبقين لمجرد رؤيتي, حتى تلك الحفلات لم تتكفل بمعيشتنا البسيطة و اضطررتُ لبيع الخاتم الماسي الذي كان لأخرى رءاها هو و أبيها أفضل مني, و بالنهاية تركته لما سمعت عن ضائقة العائلة المادية بلا أمل للنجاة أما أنا عالقة, مدفوعة بقوة خفية لأنقذ ما يمكن إنقاذه من حب يأبى التزحزح من قلبي.
أصبح مثلي الآن, بلا عائل ولا طائل, هل تراني أناسب معايير عائلته العريقة الحين, أم سوف أعاقب لأبدية على حبي له, و التضحية بقلبي و عمري و أغلى ما أملك فقط لأجله. كيف لا يرى إخلاصي السقيم, نزوات و علاقات و بالنهاية عودته إلي, حبه حياته كما يردد وأنا أصدق كلماته حتى بلا محاولات من ال*قل للتدبر أو الإنقاذ قبل أن يبتلعني بحر الهوى وشره المستطير بلا شُطان للنجاة, معه سابحة غاطسة أثقلني الموج بلا أمل, بلا مستقبل.
أيام ويعود لحلمه و حيداً و يتركني بما علقت وحيدة بدوري.
أيقظتني نغزات غزت جسدي إثر البرودة الآتية من النافذة المشرعة على ضفتيها عندما تفجر النهار كما تمنيتُ. التفت له لم أجده بجانبي, غادرني مع ملابسه و ساعته و هاتفه. رحل, له عودة فلم يتبقى له غيري. ارتديت ملابسي و عدت لأستكمل نومي في بيتي و لكن وجدت صديقتي التي هاتف*ني أمس عشرات المرات و لم أجيبها بانتظاري مع أمي. الثانية تلقي على مسامعي ومسامع صديقتي تهكماتها على قصة حب بلا فائدة, أحرق بها وقتي الثمين, و قلبي المرهف, و الراغ*ين بي المتخوفين من الاقتراب مني من شأن من يحسب نفسه رجلي الحافظ.
سحبتُ صديقتي لغرفة النوم و تركتُ مزاح أمي الثقيل بالصباح, فقد سمعت تلك الكلمات مئات المرات حتى حفظتها عن ظهر قلب إنما ذاك القلب صداه رؤياه .
بينما أبدل ملابسي سألتني حياة عن رأى الحبيب بمسألة الأمس, أجبتها :
- مارضيش إتحجج بنفس الحجة مش عارفة اعمل ايه .
بدى على حياة معرفة إجابة السؤال حتى قبل سؤاله, فقد ارتخت شفاها بتهكم وقالت :
- قولتي له على العرض اللي جالك ؟
- طبعا لاء .. ما إنتى عارفة لو فتحت بُقي.. هيسيبنى زى ما سابنى ساعت المنتج الأولاني .
خلعت الملابس التي إقترضتها من حياة أمس, علني أحظى بقبول الغائب, عل سؤالي هذه المرة تأتيه إجابة جديدة و لكن لا أمل بأي شيء. وضعت الملابس الفاخرة بجانب صاحبتهم التي جلست على طرف سريري تتفحصني بيأس و قلت :
- ميرسي يا حياة .
أجابتني بمودة :
- على إيه .. خليهم عندك .
- ميرسي بجد يا حياة على كل اللي بتعمليه معايا .
جلست بجانب حياة على طرف السرير فقالت بملل :
- إمتى بس هتسيبك منه ؟! بيصاحب بالإتنين وبالتلاتة عليكي .. وقاعدة مستنياه والسنين عماله تعدي عليكي .. ولا منك مراته ولا حققتي حلمك .
قلت بهدوء أقرب للسخرية من حالي :
- عندك حل بدل التأطيم ؟
لمعت عيون حياة بفكرة نيرة و قالت :
- حققي حلمك .. إنتي عندك الموهبة كبيرة .. هادي النشار كلمني و عايز يشوفك الليله عشان يعتذرلك على أسلوبه معاكِ .. ومستعد لتعديل ال*قد على كيفك .
أشحتُ وجهي بإستياء عن صديقتي ثم عدت إليها و قلت بحدة :
- أكيد هيكون في مقابل وسخ مقدرش عليه .
- انت اللي هتحددي المقابل .. ولما تخلصي وديه اللاندري ينضف ويبقى زى الفل .. وتبقي نجمة الناس كلها تتمنى تشوفها ومالك وغيره يتمنوا رضاكِ.
عيون حياة تلمع بالظفر, تبدوا أكيدة بتلك المرة, و بتلك المرة قد تتحقق أحلامي. نعم لم لا .. أنا من أحدد المقابل كما حددتُ من قبل, و تركتُ ذلك المنتج لما طلب ما لا طاقة لي به.
قلت :
- خليه يأجل الميعاد لحد ما مالك يرجع أمريكا .. وفهميه مش هروح معاه فيلته .. اللى بينا شغل و بس و ياريت تفهميه كده من دلوقتى و إلا مش رايحة اصلا .
أعادت حياة خصلات شعرها الأحمر للخلف و قالت :
- يا حبيبتى هو خلاص فهم .. ده حتى كان محضرلك مفاجأة كده .. بس مش عايزة أحرقها .
سألت حياة بلهفة :
- قولى يا لالا بليز .
- هيموت عليكى اكتر من ساعت ما سيبتيه و مشيتي .. و قالي أنه مستعد يجوزك .
إبتسمت بسخرية و قلت :
- نجوم السما أقربله .. انا مستحيل أسيب مالك .
- براحتك إدينى قولتك .
***انتهى الفصل***