الفصل الرابع

3276 Words
الفصــل الرابــع فريسـة للمـاضـي ــــــــــــــــــــ جلس في مكتبه عدة ايام ليشغل نفسه في عمله ، ولكن تفكيره شرد دون عمدٍ في ضراوة الحديث الذي نشب بينهم ، لم يتوقع معتــز ان يُوضع في موقف كهذا معها ، ولم يضع في اعتباره أختلاف نمط حياتها المرفهه قيد تفكيره ، واقتصر علي حبها له ومدی تعلقه بها ،لم يدري كيف سيقدر علی تنفيذ مطلبها ، فلم يكن بحوزته ما يكفي له،وفكر ماليا في إقتراض بنكي والتسديد لاحقًا ، ولكن خشي عواقب ذلك الأمر وتعثره فيما بعد ، وابتسم ساخرًا متذكرًا شعور زوجته بضيقه ، ولكن ما فكرت فيه جعله مُهان غير قادرًا علي تحمل ظهور ضعفه امامها ، ن** رأسه حزينًا فلم يري ابنته منذ عدة ايامٍ وكان يتفقد أحوالهم من الخادمه رغم قرب المسافة بينهم . رفع رأسه وجد صديقه جالس ومحدقًا به ، فنظر له باستغراب وحدثه بحيرة : - انت هنا من أمتی ، انا ما حسيتش بيك . رد كرم بنبرة متعجبة : ۔ فيك ايه يا معتز ، بقالك كام يوم هنا ، ومبتروحش ، مع ان مراتك وبنتك معاك ، ممكن اعرف فيه ايه. تن*د معتز بقوة ورد بملامح حزينة الی حدٍ ما : - سلمي عايزة تخلي باباها يشتريلها السنتر . كرم بتساؤل : ۔ طيب وانت قولتلها ايه ؟ . معتر بتعجب : ۔ هقولها ايه يعني ، رفضت طبعًا ، انا لا يمكن اسمح إن حد يصرف علي مراتي ، او يدخل في مسئولياتي ، تابع بعصبية : - انا راجل يا كرم ، واللي قالته ده أهنيي ، ومش هيحصل طول ما انا عايش . كرم بتفهم : ۔ اهدي بس يا معتز ، هي بس تلاقيها بتتكلم عادي ، ومتعرفش ان الموضوع ده بيبقي محرج للراجل ، تابع بنبرة لائمة : - وانك تسيب بيتك ومراتك كام يوم ، مع انهم قريبين منك ، دا غلط يا معتز ، لازم تتكلم معاها تاني وتالت وتعرفها ان كده مينفعش ، وانك مش هتقبل بيه ، بس بالهداوة ، من غير خناق اومأ رأسه بتفهم ونظر امامه بوجه مكفهر منزعج وأخذ قراره بالعودة للمنزل، فاستطرد كرم بعمليه : - وصلتنا أخبار ان ا****عة هيوصلوا شحنة كبيرة قوي قريب . معتز بتفهم : ۔ هيتمسكوا بيها ان شاء الله......... ______________________ وقفت أمامه لتحكم ربطة عنقه عليه وسط مداعبته لها، فابتسمت لمغازلته الدائمة فيها ، وازعجتها لمساته الجريئة عليها فتذمرت قائلة : - زين اسكت بقي ، مش عارفه اربط الكرفته . زين بعبث : هو انا عملت ايه يعني . نور بضيق زائف : متحطتش ايدك عليا ، خليني اخلص . زين مدعي الزعل : طيب ، مش هحط ايدي في اي حته . نور زاممة شفتيها : انت زعلت . اومأ برأسه ، فاستطردت بدلال : ممكن أصالحك .. اومأ رأسه بموافقه ، فاقتربت منه بتمايع ووضعت قبلة صغيرة علي وجنته وحدثته : - لسه زعلان . عبس بوجهه واومأ راسه ناظرًا لها بعدم رضي ، فاردفت بضجر : - اومال اعمل ايه . نظر لها بخبث ودنا منها واخذ قبلة مباغتة من شفتيها ، فصدمت منه ودفعته قائله : - ازاي تبوسني كده . زين باستنكار : ايه ده ، انتي اتضايقتي لما بوستك . اقتربت منها وردت بضيق : لما تبقي عايز تبوسني تقولي . ثم طوقت عنقه واغمضت عينيها قائله : - بوس يلا . كتم ابتسامته ودنا منها مرةً اخري مقبلاً شفتيها بحب ، ثم ابتعد قائلاً : - كده حلو . اومأت برأسها ، وردت بمعني : يلا علشان اتأخرت . زين بتساؤل : هتعملي ايه النهارده ؟. نور بلا مبالاة : هقعد انضف اي حاجة ، واتف*ج علي التي في شوية . زين وهو يقبل جبهتها : طيب يا حبيبتي ، انا همشي بقي ، وخلي بالك من نفسك . نور بابتسامة : حاضر يا حبيبي........... ______________________ نهض من علي طاوله الطعام ولكن استوقفته رائحة ما نفاذه اثارت أنفه وقامت بتأليب حواسه ومشاعره الذكورية ، وتسائل وهو يستنشقها : - ايه الريحة الحلوة دي . مريم قاطبه بين حاجبيها : ريحه ايه دي . حسام بتعجب : ازاي مش شامه حاجة! ، دا ريحة برفان يجنن. مريم بسخط : انا مش حاطه اي برفيوم . اقتربت الخادمة لتحمل الأطباق ، وازدادت الرائحة ولاحظتها مريم التي اغتاظت منها ، بينما انحني حسام قليلاً وبدأ في استنشاق رائحتها واغمض عينيه باستمتاع ، فحدجته مريم بنظرات ناريه مهلكه ونهضت قائلة باهتياج : - حســـام .. انتبه لها حسام وتوتر في رده : ۔ خير يا مريم ، بتناديلي كده ليــه .. مريم بنظرات غاضبه : ۔ لم نفسك أحسنلك ، انت متعرفتيش .. حسام بتلعثم : انا كنت عملت ايه يعني .. نظرت له شزرًا ، ثم وجهت بصرها للفتاة وحدثتها آمـره : - روح شوفي شغلك ، والق*ف اللي انتي حطاه ده مش عايز اشمه تاني ، مش كفايه المسخرة اللي بتلبسيها دي.. اسرعت الخادمة للداخل وسط نظراتها المحتقرة لها ، ونظرت لزوجها الواقف مدعي المسكنه ، وحدقت فيه بغيظ وضيقت عينيها نحوه قائلة : - عجبتك ريحتها قوي . حسام من**ًا رأسه : حرام عليكي يا مريم ..دايمًا ظلماني كده . مريم بسخريه : ۔ لا يا شيخ ، علي اساس انا كنت شايفه ايه من شويه .. حسام لامتصاص غضبها : ۔ انتي اللي في القلب يا روحي، معقول ابص لدي ، دا حتي كلها علي بعضها وحشه تابع بصوت خفيض للغاية : - سامحني يا رب علي الكذب ده . واستكمل محدثا اياها بهيام : ۔ دا انتي الحب الأول والأخير . مريم وهي ترمقه بطرف عينيها : - عليا برضه الكلام ده . اقترب منها حسام قائلاً بنبرة والهة زائفة : - انتي بس اللي ماليه عنيا وقلبي . عضت علي شفتيها بخجل مصطنع ، فتابع بهيامه الزائف : - الحركه دي قولتلك قبل كده انها بتغريني .. نظرت له بحب ومطت شفتيها منتظره تقبيله لها ، ولكنه نظر لها مدعي عدم الفهم قائلاً : - عايزه ايه ، بوقك بيوجعك . اعتدلت في وقفتها وحدجته بغيظ وهتفت بعصبية: - عايزاك تمشي من قدامي . شهق حسام من صوتها المنفعل وهرول للخارج وهو كاتم ضحكته من حياته التي تغيرت للأفضل بفضل تلك الخادمة...... _______________________ حملت ابن ابنتها بين ذراعيها وظلت تهدهد فيه وتداعبه ، ويعلو وجهها فرحة شديدة لرؤيه أحفادها ، تشدقت ثریا بنبرة مطمئنة : - الحمد لله يارب ، ربنا طول في عمري وشوفت احفادي . ميرا وهي تضمها من كتفها : ۔ ربنا يطولنا في عمرك يا ماما . ابتسمت لها ثريا وردت مهونه عليها : - تلاقيه يا حبيبتي بيسهرك ، ومبتعرفيش تنامي . ميرا مؤكدة : ۔ ايوه يا ماما ، دا حتي مبقتش فاضيه لوليد ، بقيت بعيدة عنه ، ودا مضايقه . ثريا بلوم : ۔ لا يا ميرا ، مينفعش كده يا حبيبتي ، لازم تهتمي بجوزك وبطلباته . ميرا بضيق : ۔ يعني اعمل ايه بس يا مامي ، ما انتي شايفه الولد مجنني ازاي ، ونهله بتيجي علي طول وتشيله معايا . ثريا باستنكار : - انتي مش بتقولي الولد متعلق بيكي ومش بيروح لحد ، ازاي بيروح لنهلة . ميرا موضحة : ۔ اصله من كتر ما بيشوفها هنا ، اتعود عليها . ثريا بامتعاض : - انا مش مستريحه للبت دي ، من امتي وهي بتسأل يعني ، وكمان تجيلك كل شوية ، هي معندهاش حاجة تعملها . ميرا بعدم فهم : ۔ وفيها ايه لما تيجي تقعد معايا شوية . ثريا بجدية : ۔ اسألي مجربة قبلك ، حافظي علي جوزك من اي حد ، ممكن في لحظه يروح لغيرك ، لما يلاقيكي مش بتهتمي بيه ولا بتشوفيه عاوز ايه . ميرا بتفهم : ۔ عندك حق يا مامي ، تابعت بتساؤل : - بس انتي اللي باين عليكي متضايقة ، في حاجة مزعلاكي؟ . ثريا محركة رأسها بقلة حيلة : - هيكون مين غير مالك أخوكي ، حاله بقي وحش قوي ومش عاجبني ، واتغير ، مبقاش زي الأول ، ومش بيرد علي أتصالاتي ، وبقي بيشرب وبيجيب بنات الفيلا ... ميرا بصدمة: أيه ! ...بنات . ثريا بضيق : - البواب بيحكيلي كل حاجة ، حتي بيقول انه مخرجش بقاله كام يوم ، وكان سمع دربكه جوه الفيلا زي ما يكون كان بي**ر في حاجه . ميرا بقلق : ۔ وليه يا ماما ماروحتيش تشوفيه . ثريا بانزعاج : - البواب الغ*ي لسه قايلي النهاردة ، لو مكنتش اتصلت بيه علشان اطمن عليه مكنش قالي المتخلف ده . ميرا بقلق بائن : - روحي يا مامي وشوفيه ، ليكون عمل في نفسه حاجه ، ولا يكون تعبان . ثريا وهي تنهض : - انا هروحله دلوقتي ، دا ابني ولازم اطمن عليه........... ______________________ ولج البواب بحذر داخل الفيلا حاملاً بيده بعض المتطلبات المنزلية بحجة رؤيه ما يحدث بالداخل ، خاصةً بعدما عنفته ربة عمله علي تقصيره في إبلاغها عن اخباره ، وبرر ذلك عدم خروجه ومكوثه داخل المنزل الأيام الماضيه . تقدم نحو الداخل وصدم مما رأي ، فقد اضحی أثاث الفيلا عبارة عن ركام ، نظر له بصدمة جلية وتسائل كيف حدث ذلك ، فقد انقلبت الردهه رأسًا علي عقب ولم تعد صالحه للإستعمال . حرك الرجل رأسه مبديا استياءه مما رآي . أتی مالك من الخلف وحدثه بعصبية: - انت ايه اللي دخلك هنا يا حيوان . انتفض البواب من مكانه وارتعدت اوصاله ، ثم أستدار بجسده وصدم من هيئته الغير مهندمه ، ونبات بعض الشعر اسفل ذقنه، وشعره الأشعث ، فحدجه مالك بنظرات شرسة وهو يعيد سؤاله : - ايه اللي دخلك هنا يا حيوان ، يلا أنطق . البواب بتوتر جم : ۔ ا..أ.انا كنت جايب لحضرتك شويه طلبات . مالك باهتياج : - حد قالك اني عاوز حاجه ، بتدخل ليه من غير ما اقولك يا بني آدم انت . الرجل بتلعثم : ۔ اسف يا بيه ..اصل الست ثريا كانت بتسأل و... قاطعه بنبرة غاضبة : - وانت بتنقلها اخباري بقي ، انت اللي بتقولها بجيب بنات هنا . ارتعد البواب وتراجع للخلف خوفًا من تطاوله عليه ، فاستأنف مالك بصرامة : - امشي اطلع بره وسبني لوحدي ، ولو دخلت هنا تاني مش هيحصلك كويس .. اومأ رأسه بطاعة وهرول للخارج معاتبًا نفسه علي تدخله فيما لا يعنيه ، وأقتفی مالك أثره بانزعاج ، ثم نظر أمامه وقام بركل تلك الأريكه المبعثرة وهتف بغضب : - بكره تشوفوا انا هعمل ايه ، هوريكوا كلكم .......... ________________________ وقف امامها يرتدي ملابسه ، فنظرت له وهمت هي بالنهوض لاففه جسدها بالملاءه ، وتقدمت منه قائله : - رايح فين ، خليك معايا . رد ماجد وهو يكمل ارتداء ملابسه : ۔ عندي شغل مهم ، ماينفعش أسيبه . هانا بنبرة منزعجة : ۔ وشغلك دا اهم مني علشان تسيبني وتروحله . ماجد باستغراب : ۔ ما احنا كنا مع بعض من شوية . هانا بضيق : ۔ مع بعض من ورا الناس ، انا عارفه انت ليه مأجل جوازنا لحد دلوقتي ، ناقصك ايه ، تابعت بغيظ : - ولا خلاص زهقت مني ، وشايف غيري . رد ماجد بانزعاج : ۔ قولتلك مش جاهز لجواز دلوقتي ، اصبري عليا . هانا بحزن : ۔ انا بحبك يا ماجد ، ومصدقتش نفسي لما طلبت ايدي . هتف ماجد بنبرة متعالية : ۔ ودلوقتي بتنامي في حضني ، وبقيتي معايا في كل مكان ، وغيرك بيتمني اللي انتي فيه ، تابع مستهزءًا : - نسيتي انتي كنتي ايه ..يا....يا هاله ...وكنتي عايشة فين ، كنتي في الزباله ، وانا اللي وصلتك لكده . اغرورقت الدموع في عينيها ون**ت رأسها متحسره علي حالتها ، ف*نهد هو بقوه وشعر بها ،فتقدم منها وضمها اليه قائلاً بهدوء: - انتي اللي وصلتيني اني أقولك كده ، انا مش عايز علاقتنا تبوظ ، لاني ببقي مبسوط وانا معاكي . ثم ابعدها عنه قليلاً وتابع : ۔ وانت عجباني . دنا منها وقبلها بهدوء معبرًا عن اعتزاره لما تفوه به ، ثم ابتعد عنها وتابع بجديه : - خلاص يا هانا ، مش عاوز اسمع كلام في الموضوع ده ، وانا لما ابقي جاهز اتجوز ، هنبقي نتجوز علي طول ، خلاص يا حبيبتي . اومات برأسها وردت بصوت متحشرج : - خلاص يا حبيبي.............. ______________________ تفاجأ بوجودها تدخل عليه ، نهض من مقعده غير مصدقًا رؤيتها امامه ، فاقتربت منه بسعادة جلية علي طلعتها وهي تنظر اليه ، حملق زين فيها متعجبًا منها واعتلت ملامحه فرحة بائنة لقربها منه ، نظرت له بعدم فهم وحدثته باستغراب : - انت متضايق ولا ايه انك شوف*ني . دار حول المكتب متجها اليها وهو محدقًا بها ، ووقف قبالتها قائلاً : - انتي جيتي ازاي؟ . ضحكت نور بصوت عالي ، وضحك هو الآخر متذكرًا ما حدث بينهم قبل ذلك ،فاستأنف بفرحة : - انتي اول مرة تيجي هنا الشركة . نور بسعادة مطلقة : ۔ وهاجي علي طول هنا ، علشان بتوحشني زين بحب : وانتي كمان بتوحشيني . نور بدلال : ۔ انا جيت نتغدي برة النهاردة ، عايزه أخرج معاك ونتفسح شوية . زين بابتسامة فرحة: ۔ النهارده هيبقي ليكي انت ، قوليلي بس عاوزه ايه وانا أعمله يا روحي . نظرت اليه بتفكير ، ثم عبست ملامحها وزمت شفتيها ، فتعجب زين منها واستطرد متسائلاً : - ايه اللي زعلك؟ ، انتي كنتي كويسه من شويه . ردت نور بامتعاض : ۔ ايه اللي قاعده بره دي . زين بتخمين : تقصدي السكرتيره . اومأت راسها وردت بضيق : ۔ انا مش حباها ، لازم تمشي . زين بتعجب : ۔ ليه يا نور ، دي شغاله كويس ، فهميني امشيها ليه ردت بايجاز : بغيِر . زين بتأفف : ۔ هتغيِري من السكرتيرة، هو انا هبصلها برضه . نور بتلميح : ۔ ما انت بصيت لغيرها ، وكانت واحدة لمؤاخذة . بهتت تعابيره وهو ينظر لها ورد بضيق داخلي : - خلاص يا نور ، انسي بقي الموضوع ده ، انتي مراتي دلوقتي ، واكيد مش هبص لغيرك وانتي معايا . نور بمغزي : بجد يا زين ، يعني مش هتبص لغيري . زين بعدم تصديق : انتي مش واثقه فيا يا نور . نور بابتسامة زائفة : واثقة ، اصل لو عملتها مش هيحصل كويس . زين بنبرة واثقة : ودا مش هيحصل ابدا ................... ________________________ القي البواب علي مسامعها ما فعله به ، وما حدث بالداخل من تخريب ، غير هيئته التي باتت مُبَعْثَرة وغير مرتبة ، انتفض قلب ثريا بارتجافه حزينة علي ابنها ، وتوجهت للداخل وهي تمقت نفسها علي تخليها عنه ووجوده بمفرده يقاسي ويلات همومه واحزانه دون ونيس . تقدمت للداخل وشهقت مصدومة من هول المنظر ، وأضطربت أكثر من حالته التي تسوء وخشيت ان يصيبه مكروه ما ، دارت ثريا حولها متفحصه الأثاث الذي بات في طي النسيان ، وتوجست من ضراوة افعاله التي ستصيب حتمًا اقرب ما لديه . لم تتواني في ثبوتها في موضعها ، حتي صعدت للأعلي متجها لغرفته ، هرولت في مشيتها وتعثرت أكثر من مرة غير مكترثه لهيئتها ، ففطرتها الأموميه تحفزها علي رؤيه ما يعانيه فلذه كبدها ، ولجت غرفته وجدته منكبًا علي نفسه ومنكمشًا في الفراش وحالته غير مطمئنه . نظرت ثريا له بأسي ، ودنت من الفراش وجلست بجواره ، وجهت بصرها لوجهه من الناحية الأخري وجدته غافي غير مدركًا لما حوله ، وضعت يدها علي رأسه عفويًا ومررتها بلطف ، وقامت بضمه لحضنها بحنان لم تعهده من قبل ، شعر مالك بها ، وفتح عينيه وادار رأسه ناظرًا اليها ، ثم ابتسم بسخرية وتحدث بنفور : - جايه ليه ، دلوقتي افتكرتي ان ليكي ابن . حركت رأسها حزنًا ولا إراديًا خانتها عبراتها لتنهمر علي خديها ،قسي قلب مالك وهو يطالعها غير مبديًا شفقه عليها ، بل نهض من الفراش بملامح جافه وحدق فيها قائلاً بامتعاض : - جايه ليه ، انا مش عايز اعرف حد فيكم ، ولا عايز حد يسأل عني ، انا بكرهكم كلكم ، سمعاني ، بكرهكم كلكم . نهضت ثريا ودموعها مغرقة وجنتيها ، وردت بنبرة متحسرة : - ليه يا ابني كده ، كلنا بنحبك ومحدش ..... قاطعها بعصبية : ۔ قولت سيبوني لوحدي ، وروحي لجوزك ، انا مش عايز اعرف حد فيكوا . انفعلت ثريا من اسلوبه الفظ وهتفت معنفة إياه : - ايه الكلام اللي بتقوله ده ، انت اتعلمت قلة الأدب دي فين ، كل دا علشان ايه ، حبيت واحده وهي بتحب غيرك ، انت لأول ولا آخر واحد يمر بموقف زي ده ، فوق يا ابني قبل ما تخسر اللي حواليك ، تابعت وهي تنتحب بشدة : - خايفه يجرالي حاجه قبل ما اطمن عليك ، انا امك ومش عيزاك تندم علي حاجه ، انت الشيطان مسيطر عليك ، علشان خاطري يا ابني ، اسمع كلامي ، انا امك ويهمني اشوفك مبسوط. ثم تعالت شهقاتها الحارقة ، وشعر مالك بالشفقة عليها لوهله ولكن وضع علي قلبه كومه من الجليد لتمنيه الإنتقام فقط ، ظنًا منه خيانتهم له . نظرت له ثريا بأعين محتقنه متعجبه من قساوه قلبه ، ولكنها تصلبت أمامه وحدثته بقوة رغم الوهن الذي بداخلها : - روح احلق دقنك دي ، وعيش حياتك قبل ما تضيعها ، وبكره تندم لو عملت حاجه غلط ، وهتقول ماما قالتلي ، يا رتني كنت سمعت كلامها ، تابعت بانزعاج : - انا هكلم مهندس د*كور يجي يشوف البهدله اللي عملتها تحت دي. تأفف هو وادار رأسه بعيدًا عنها ، وحدجته هي بنفاذ صبر وتابعت : - ربنا يهديك................ ______________________ ضجرت من الجلوس في المنزل وترك زوجها لها الأيام الماضية، رغم معاتبتها لنفسها بكلمة عفوية لم يخيل ان توصله للغضب منها ، شعرت سلمي بالوحدة لعدم رؤيته امامها رغم قرب المسافات ، فتركت من تحب وابتعدت من أجله ، ولكنه تخلي عنها ، أخذت ابنتها وقررت التمشي قليلاً بها ، فدائما ما تحب الجلوس امام المياه لتسرح بخيالها قليلاً وتجد في ذلك راحه البال وتؤنس وحدتها .. وقفت الخادمة خلفها وحدثتها بعملية : - هتتأخري يا سلمي هانم؟ ردت سلمي بهدوء زائف : ۔ لا يا هناء ، انا هتمشي علي الشط شوية هناء بجديه : طيب آجي معاكي اشيل البنت . سلمي بنفي : لأ...انا هخرج انا وهي شوية، يلا سلام . همت سلمي بالخروج واوصدت الباب خلفه ، وتوجهت للمصعد لتستقله ، أتت سيدة من الخلف يظهر عليها الترف ، وقفت تلك السيدة بجانبها وابتسمت لها بعذوبة وحدثتها : - اهلا مدام سلمي ، مبسوطة قوي اني شوفتك . سلمي باستغراب : أنتي تعرفيني! . ردت السيدة بابتسامة ذات معني : ۔ طبعًا ، فيه حد ميعرفش مدام سلمي في العمارة ، وزوجة الرائد معتز . سلمي ماططة شفتيها بتفكير في حديثها : ۔ اهلا بيكي . السيدة بنبرة متلاطفة : ۔ قوليلي يا رودي ، نفسي نبقي أصحاب سلمي رافعة كتفيها : عادي ، معنديش مانع . رودي بحماس : انا حاسه اننا هنبقي اصحاب قوي.....اصحاب ايه .....اخوات ان شاء الله.................. ________________________ أتت الممرضه ووقفت أمامها ، ونظرت هي حولها قبل ان تتفوه بكلمه لكي لا ينكشف أمرها ، اطمأنت لعدم وجود أحدًا سواهم وتن*دت بارتياح ، فتلوت الممرضة بجسدها وحدثتها بنفاذ صبر : - متخلصينا يا ست ، مافيش حد غيرنا ، قولي عايزه ايه بقي . ردت بحذر وصوت خفيض : ۔ عايزاكي تساعديني أخرج من هنا . الممرضة بتفكير : معاكي تدفعي . ردت بنبرة سريعة : ۔ معايا فلوس كتير ، هد*كي اللي انتي عوزاه ، بس ساعديني أخرج . الممرضة متغنجة بجسدها : الفلوس الأول . عبست بوجهها قائلة : ۔ اد*كي فلوس ازاي وانا محبوسة كده ، مش لما أخرج الأول . الممرضة باقتناع : طيب وانتي عايزاني اعمل ايه . اجابتها بلهفة : ۔ هد*كي عنوان واحد اعرفه انتي بس بلغيه بمكاني وهو هيتصرف . ردت الممرضة بضيق زائف ونبرة ماكرة : ۔ انا خايفه ، دا انتي محكوم عليكي بالمؤبد ، وكل ده علشان ملاليم هتديهالي . ردت بنفي : ۔ لا ابدًا ، شوفي عاوزه كام وانا هديلك . قالت الممرضة بخبث : ۔ اما نشوف ، اديني بقي العنوان . دونت لها عنوان الرجل واعطته لها وحدثتها بجدية : - انتي بس قوليله هايدي اخت امين صاحبك ، وهو هيعرفني علي طول ، وهيفهم انا عاوزه ايه . الممرضة لاويه شفتيها : ۔ طيب ، اما نشوف أخرتها ايه . ثم دست الورقه في جيب البالطو الأبيض وسارت للخارج وهي تهمهم : - سبوبه باين عليها سقع ، لازم اطلب مبلغ كبير . جلست هايدي علي الفراش ناظره امامها بغضب وتوعد فَتَّاك ، وحدثت نفسها بغل : - مش بعد ما ادَّعَيت اني خارصة الفترة اللي فاتت دي علشان ماينكشفش أمري ، هفضل في الق*ف ده ، لازم أخرج بقي من هنا ، وانتقم من اللي دمر حياتي وكان السبب في موت أخويا . ثم نظرت امامها بوعيد وحقد واستأنفت بنبرة هلاك : - موتك علی إيدي يا ثريا ، انتي وجوزك ......................... _______________ ____________ __________
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD