الفصل الثاني

1305 Words
إذ فجأة يقاطع حديثنا صوت أمي ، موجهة الكلام لأبي ، ماذا تقول ؟ د! ما هذا الكلام . تجربة ماذا التي تريدها أن تخوضها ؟ وهذه الفرصة العظيمة ، التي تنتظرها وراء الباب ماذا عنها ؟ إن الفرصة تأتي مرة واحدة بالعمر , هذا مستقبلك يا ابنتي أفيقي , بأي عقل تتخلين عن الطيار سيف ، مقابل بائع الحلويات هذا ! بأي عقل تتنازلي عن تحليقك بين السحاب لتعيشي في الأرض ! كيف لبائع حلويات أن يتزوج بدكتورة ماهرة مثلك ، ولديها عيادتها الخاصة ! انزعجت كثيراً من كلام أمي عن أحمد ، ووصفه بأنه مجرد بائع حلويات ، فقاطعت حديثها ، وأنا مليئة بالغضب والعند ، قائلة : . ( رجاءّ يكفي يا أمي ، أرجوكي كُفَّي عن التجريح والتقليل منه ، أنا لم ولن أتزوج غيره ، ولا يري قلبي غيره ، هذا مستقبلي أنا ، سأختاره بنفسي ، سأختار ما سيمليه عليه قلبي ، ويجعلني سعيدة , سيرة سيف هذا لن تُفتَح أمامي ثانية هذا انتهي ، وأغلق الموضوع بالنسبة إلى ّ ) لا أعلم ماذا حدث لي ، ولكن إنها المرة الأولى التي يعلو فيها صوتي علي صوت والدي ّ ، لا أعلم ماذا حدث ، ولكن حزنت كثيرا لما حدث , ضجّ البيت في هذا اليوم بالضجيج والمشاجرات ، وأنا في غرفتي ، وأذني تسمع كل حرف يدور بين أبي وأمي ، وكم النازعات بينهما بين رأي أبي ، بأن أخوض تجربتي بنفسي ، وبين رأي أمي الذي يكاد تنشق له الأرض لرفضها التام لأحمد ، وضياع في فرصة سيف ، ومستقبل سيف من بين يدي ّ ، مرَّ يوم واثنان وأسبوع وشهر ، ولم يُخلق أي حديث بيني وبين أمي , امتلأ البيت بالاكتئاب هذه الفترة ، كانت فترة عصيبة جداا علينا . انتظرت قليلاً حتي يهدأ الجو في المنزل ، ثم تحدثت مع أحمد ليحضر أهله ويأتي لخطبتي . إنه يوم الخميس .. يوم قدوم أحمد وأهله لخطبتي , يا إلهي يا لفرحتي كنت أنتظر هذا اليوم منذ سنوات ، كنت انتظره منذ اللحظة الأولى التي وقعت عيني بعينه ، واحببته واحبني .. ولكن ولكن . . لم يأتي هذا اليوم وأنا بكامل سعادتي ، فكان هناك شيء ثمين ينقصني .. نعم إنه هو إنه فرحة أمي بي ، فرحة أمي لفرحتي ، الشيء الثمين الذي كان ينقص هذا اليوم ، ولكن رددت في سريرتي ، بأن رأيها بأحمد سيتغير مع مرور الوقت ، وقبولها بحياتنا سويا أيضا ، سيصبح شيئا تتقبله فيا بعد , حقا اتمني أن يمر هذا اليوم بخير ، كما كنت انتظره وارسمه بمخيلتي طوال هذه السنوات .. دقّ جرس الباب في هذا اليوم ، ومعه كان يدق وينبض دقات قلبي , ارتديت فستاني الأحمر الذي يحبه أحمد ، ووضعت من البيرفيوم الذي كان أول هدية لي منه .. كنت أجلس خلف باب غرفتي ، اتنصت عليهم وابحث عن نبرات صوته ، بين جميع الموجودين , مرَّت تقريباً حوالي نصف ساعة ، حتي أتي أخي الصغير ، ليطرق باب غرفتي لأخرج إليهم .. خرجت من باب غرفتي ونبضات قلبي تتسارع امامي ، خرجت وانا لم أري أمامي غير احمد ! لم تقع عيناي على أحد سواه .. كان وجهي تغمره الحُمرة ، والتوتر والفرح والخجل ، كنت أشعر بجميع مشاعر الكَوْن في آانٍ واحد , إلي أن سمعت صوت أبي يناديني .! إجلسي هنا يا مريم ، قاطعها فوراً صوت أمي ، قائلة : . إسمُها إجلسي هنا يا دكتوره مريم . . هُنا قلقت وخفت كثيرا ، من أن قد يلاحظ أحد طريقة امي ، في العُلوّ من شأني قاصدة ما تعنيه .. فجأة غيَّر أبي الحديث قائلا : . زدتوا من نور البيت نور .. كان يوم لطييف وبدأ الجميع يتسامرون ويتحدثون ، وأستطيع أن أقول إن الجميع كانوا إلي حد ما سعيدون ، ولكن دون أمي .. أمي الوحيدة التي كان جداا ظاهراً عليها علامات الضيق ، وعدم الرضا بهم .. وأءسف أن أقول بأن الجميع لاحظ عليها ، ولكن مرَّ اليوم إلي حد ما بخير . وتمت خطبتنا أنا وأحمد وحقا ، إنه كان من أسعد أيام حيااتي ، كنا سعيدين للغاية ، كأن حلما مستحيلاً تحقق أمام أعيننا .. حتي بعد يوم خطبتنا ، وجدت أمي تناديني بعد أن عُدت من عملي ، وتقول لي تعالي يا مريم اجلسي بجانبي ، أريد أن أخبرك شيئاً , ومن هنا وجدت أن امي ثابتة علي موقفها ، تجاه أحمد ، ورفضها لعلاقتنا سويا ، والدليل كلامها حيث قالت لي : . ( الحب ليس كل شئ يا ابنتي ، لا أريدك أن تخوضي تجربة كهذه لوحدك ، ستخسرين في النهاية يا ابنتي ، لأن النهاية معلومة وواضحة جدا ، وجميعنا نراها ونعرفها حق المعرفة ، كلنا نري عدم نجاح علاقة كهذه الا عينك التي يعميها الحب .. أنتي ما زلتي في بداية الطريقي يا ابنتي ، ومازال سيف يطلبكي مني حتي بعد خطبتك .. صدقيني يا ابنتي ، لن يكون لكي مستقبل الا مع سيف . . . أحمد هذا لن يكون معه مستقبل ، واضح لكي ولا لأولادك فيما بعد . . صدمة من المعيار الثقيل ، في انتظار الشباب ، الذين يرون دائماً أن الحب هو المقياس الحقيقي للزواج الناجح والسعيد ، حيث تكشف الكثير من حالات الطلاق ، عن عدم **ود مشاعر الحب أمام تقلبات الحياة بعد الزواج ، حيث تصبح العواطف ضحية للضغوط وغياب التفاهم والاحساس بالمسئولية بين الطرفين . الحب ليس كل شيء في الارتباط ، أريدك أن تفكري مرة ثانية يا ابنتي ، حتي في مستقبل أولادك الذين سيكون والدهم عامل بمحل حلويات ، وأمهم طبيبة ماهرة ، ولديها عيادتها الخاصة بها . . يا إلهي كيف يجتمع المشرق بالمغرب . . أرجوكي أعيدي التفكير قبل فوات الاوان يا ابنتي . والاحساس بالمسئولية بين الطرفين . الحب ليس كل شيء في الارتباط . أريدك أن تفكري مرة ثانية يا ابنتي ، حتي في مستقبل أولادك الذين سيكون والدهم عامل بمحل حلويات ، وأمهم طبيبة ماهرة ، ولديها عيادتها الخاصة بها . . يا إلهي كيف يجتمع المشرق بالمغرب . . أرجوكي أعيدي التفكير قبل فوات الاوان يا ابنتي .. دخلت إلى غرفتي ، بعد حديث أمي دون أن أنطق كلمة واحدة .. دخلت إلى غرفتي ، وأنا لم أشعر بنفسي ، ولا قدمي ولا اي شئ , جلست علي سريري ، وعمَّ الهدوء على البيت ، سكون غريب عجيب يتبعه ضوضاء ، فجَّة داخلي , لم يخلو عقلي من التفكير في كلام أمي ، الذي يكاد يُقنع طفل مار بالشارع , ولكن . د. ولكن ما ذنب أحمد ! ما ذنبه أن أتركه فجأة دون مبرر أو بحجة ، أن لا يناسبني من وجهة نظر المجتمع , ويحي أنا بل تباً لهذا المجتمع تباً له , لن يستطيع أي شخص ، في هذا المجتمع أن ينزع حبه من قلبي ، لن يستطيع .. رن َّ هاتفي حينها ، وكان هو احمد , فتحت الهاتف لأستمع لصوته قائلاً لي : . ( كيف حالك يا مريومتي ، إشتقت إليكي كثيراً ) , فجأة تحوَّل كمّ هذا الضجيج الذي بداخلي ، إلي جميع سكون العالم ، اجتمع بداخل قلبي دفئ الكوْن , يا إلهي ! هل أتجاهل كل هذه الطمأنينة وهذا الشعور ، لأشبع رغبة المجتمع ؟! لا لا لا يعقل ، لن اتجاهل قلبي أبدا .. وأمي , أمي ستعتاد مع الوقت بإذن الله .. نمت في هذا اليوم ، وأنا مستيقظة وكُلِّي طاقة إيجابية ، بأخذ قرار نهائي يقنعني في موضوع أحمد .. أديت صلاتي ، وتناولت فطوري ، ولبست ملابسي ، وإذ بي أخرج من باب البيت ، متجهة لعملي ، وإذ بصوت أمي ، يعلو قائلة . . ماذا فعلتي يا مريم ؟ ! هل عاد عقلك إلي رأسك أم ماذا ؟ ! هل أنهيت هذا الموضوع ؟ ! موضوع ماذا ! بل هل أنهيت هذه اللعبة ؟! سمعت كلام أمي ، ولكن لم أ**ت كثيراً مثل كل مرة ، ولم أتردد كثيرا في جوابي لها ، لاني حقا أخذت قرار نهائي لا رجوع فيه .. وقلت لها : . ( نعم يا أمي ، انتهي هذا الموضوع ولكن انتهي الحديث عنه وفيه .. أحمد لي وأنا له ، وأرجوكي كما أنهيت الموضوع من ناحيتي ، أرجوكي يا أمي انهيه من ناحيتك ، ولا تفكري مرة ثانية في إنهاء علاقتي بأحمد .....
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD