الفصل الرابع عشر

1602 Words
تجلس معه علي اريكة ما ، يشاهدان التلفاز على احد افلام الكرتون كما اختارت هي ، هو محتضناً اياها بإستغراب من أفعاله ، وهي تبتسم بسعادة غير مصدقة تصرفاته معها ، قطعت هي تلك اللحظة بسؤالها له :- _"مراد" هو جوازنا ده حلال ...! ترك "مراد" ما بيديه على المنضدة التي امامه ، ثم جال بنظره إليها محدثاً إياها بحنو بالغ وهو يلمس اناملها الصغيرة هادراً :- _الجواز أساسه الاشهار يا "جميلة" سواء لو كان بإسمك أو اسم مُستعار والاهم من ده الولى والشاهدين ، فيه ناس كتير مجهولين النسب أو غيرهم بيغيروا اسمهم وبدل ما الاسم الجديد ده مبيتعارضش مع نسب عائلة أو المقصد من تغير الاسم النصب يبقي عادي ، انتي عايزة ترجعي "جميلة" تاني ولا عايزة تفضلي "ليلي" ..! سحبت يديها من كفه ، مُرجعةً خصلات شعرها فى حركة لا إرادية للخلف ، اجابته بحيرة شديدة وهي تُسلط عينيها عليه :- _مش عارفة ، مش عارفه يا "مراد" ، انا عايزة ادفن الماضي كله ، مكنتش عايزة يحصلي كده ولا كنت عايزة اقابل "سيف" ولا اي حد ، يمكن لو كنت يوميها مقررتش ادخل الحمام اغسل وشي أو كانت "نادية" عطلتني مكنش ده هيحصل ، مكنتش هشوف "ميرا" بمنظرها ده ولا كان حصلي زيها ، كان ممكن امي تفضل عايشة لحد دلوقتي ومكنتش هسيب المنطقة اللي اتولدت واتربيت فيها وجيت اسكندرية ، هو احنا ليه مبنقدرش نغير القدر ...! اقترب منها أكثر مُلتصقاً بها حتي انعدمت المسافات بينهم ، جذبها إليه فى عناق طويل ، هامساً لاياها بصوت رخيم :- _يبقي لازم "جميلة" تندفن يا "ليلي" عشان تقدرى تكملى ، انتى "ليلي" مش "جميلة" ...! ……….….….……… عاد لمنزله وجد اخيه بإنتظاره ، القي عليه نظره متفحصاً إياه ثم دلف لغرفته يُبدل ملابسه بعد أن ألقي ما بيديه على طاولة ما ، تفحص "ياسين" حال الشقة المقلوبة رأس على عقب محدثاً إياه بصوت عالي :- -"سيف" أنجز عشان عايزك فى موضوع ...! جلس على الأريكة بعد أن ابعد ما عليها من ملابس و اوراق ، وقع نظره على ذلك الظرف مُغلق الذي ألقاه "سيف" على الطاولة فور أن دخل ، تملكه الفُضول فى معرفة ما بداخله ، فتحه بهدوء وهو يراقب الممر المؤدي إلى غرفة اخيه ، قرأ ما بداخله سريعاً ثم نهض واقفاً وهو يُنادي على "سيف" بغضب :- -"سييييييف" ....! كان "سيف" قد انتهي من تبديل ملابسه فور أن نادي عليه "ياسين" ، خرج إليه وجده يقف بغضب وبيديه أوراقه الخاصة ، فهم سر نبرته فتحدث بلا مُبالاة :- _خير يا "ياسين" كنت عايزني فى إيه ...! رد "ياسين" عليه مُندهشا من تصرفاته :- _بلا عايزني بلا مش عايزني ، إيه الورق ده ، انت هتسافر تاني ...! برود تام سيطر على ملامح "سيف" قائلاً :- _طلبوني تاني فى امريكا ، وبصراحة فرصة كويسة انا محتاج ابعد ، واحتمال مرجعش مصر تاني ..! -انت إيه يا اخي ، قولت الكام شهر اللي قعدتهم بعيد عنك عقلوك ، انت مش هتتغير هتفضل طول عُمرك اناني مبتفكرش غير فى نفسك ، عايز تسافر سافر يا "سيف" بس اعتبر اخوك مات ده لو بتعتبرني اخوك ...! انفجر به "ياسين" ورحل ، ألقي عليه "سيف" نظرة وجع وامسك بالظرف الذي أمامه ثم ألقاه بعيداً عنه وهو يردد داخل نفسه :- -انا مش اناني ...! خرج من الاسانسير وهو يزفر بضيق ، قابل فى طريقه عمه "خالد" والد "دينا" ، اصر عمه على أن يصعد معه حتى يفهم منه سبب خلافه مع أخيه ...! جلسا كلاهما يتحدثان حيث قال "خالد" :- _ايه حكايتك ، فيه ايه انت واخوك متخانقين ، "دينا" كانت قالتلى بس للاسف مش بشوفك ولا اخوك حتى عارف اتلم عليه ، الوقت اللى ببقي موجود فيه هو مش موجود والع** ...! رد عليه "ياسين" بخنقة :- -يا عمي انا تعبت من تصرفات "سيف" ، انهاردة كنت جاي اقوله اني عايزه معايا وانا بتقدم للبنت اللي هخطبها ، الاقيه بيجهز ورق سفره وهيرجع امريكا تاني ..! تنهيدة حارة ص*رت عنه عمه هادراً بحُزن :- _و"دينا" برضوا مُصرة تسافر امريكا لاخوها بتقولك هتستقر هناك ..! فتح "ياسين" عينيه بإتساع مُندهشا بما قاله عمه ، ثم تحدث بإستغراب :- _"دينا" عايزة تسافر طب والدراسة والغُني ...! -بتقولك هتعتزل وخلاص هتستقر مع "عُمر" وهتكمل دراستها كمان هناك ، دي حتي حجزت تذكرة السفر من دلوقتي وهتسافر بعد حفلتها الأخيرة على طول ...! قالها "عمه" بحزن على حال ابنته ثم أكمل :- _مش عارف يا ابني اعمل ايه ، "دينا" بقالها فترة متغيرة وانا مش قادر اعرف السبب ...! كان "ياسين" على علم بمشاعر "دينا" تجاه "سيف" ، لكن سفرها المُفاجئ تفاجأ به فهي كانت تحادثه أمس ولم تخبره شئ ، انتبه لحديث عمه حينما قال :- _انت قاعد فين دلوقتي يا "ياسين" ...؟ ابتسم بهدوء قائلاً بأدب :- _هو انا حاليا قاعد مع واحد صاحبي بس الصراحة بدور على شقة صغيرة علي قدي اقعد فيها ..! قام "عمه" من مكانه مستأذناً منه بأن يأتي بشئ ثم عاد مرة أخرى وفي يديه مُفتاح قائلاً بحب :- _بص يا "ياسين" انت عارف انك زي ابني بالضبط ، ده مُفتاح بيت جدك وجدتك الله يرحمهم ، ذكرياتي انا وابوك الله يرحمه هناك وأبوك كان ليه النص ، طبعا عُمرنا ما اتكلمنا فى ورث والبيت فضل مقفول بعد ما جدتك ماتت واحنا كل واحد كان ليه حياته وبيته ، ده بيتك دلوقتي ، مهو مش معقول يبقي ابوك عنده بيت وتقعد فى شقة تانية ...! اندهش "ياسين" من ما سمعه وتحدث بعفوية :- _بس انا فكرت أن "سيف" باع كل حاجة ورثها من بابا ما عدا الشقة اللي فوق ..! وضع "عمه" المفتاح بأيدي "ياسين" قائلا بهدوء :- _لما "سيف" قرر يبيع كل حاجة بعد موت ابوك وامك ، ساعتها انا قعدت معاه بخصوص البيت ده وأنه ليه ذكريات كتير معايا واقنعته أنه ميبيعهوش أو لو عاوز يبيعه انا هشتري نصيبه فيه ، "سيف" ساعتها موافقش وقرر يسيبه يمكن يحتاجه فى مرة ، خد المُفتاح انا معايا نسخة تانية هبعت حد ينضفلك الشقة ده بقالها زمن متفتحش ، وانت على بكره الصبح تعالي تكون اتظبطت ، وحدد ميعاد مع اهل البنت اللي عايز تُخطبها عشان اجي معاك ..! قام "ياسين" من مكانه بفرحة وهو يرمي نفسه بأحضان عمه شاكراً إياه ، تفاجأ "عمه" من فعلته فأبتسم بِود وهو يطبطب على ظهره قائلاً بمرح :- _يااض ده انت زي عُمر ابني وبعدين انا مديتكش غير حقك ، ياريتني اقدر ارد جِميل واحد من جمايل ابوك عليا ...! …….….…….….….… -فيه إيه يا "دينا" مالك مش مضبوطة ليه ، البورفا انهاردة كانت مش حلوة نهائي ...! قالتها "اروي" وهي تمسك بدفتر ما بيديها تُسجل به بعض الاشياء ، زفرت "دينا " بضيق مُحدثة "اروي" بخنقة :- _مش عارفة ، بقولك جهزتيلي قائمة الاغاني اللي هتدرب عليها الحفلة فاضل عليها كام يوم ..! تحدثت "اروى" بعملية وهي تعطي لها قائمة الاغاني المؤدية إياها :- -بصي الحفلة دي مميزة ، انتي هتقدمي مواهب جديدة سواء من الشعر أو تمثيل أو غناء ، انا مقسمة الاغاني على فقرات مُعينة وشوفي لو عايزة تضيفي حاجة أو تغيري حاجة من دلوقتي ..! اخرجت "دينا" قلماً من شنطتها وهي تقرأ ما بيديها بهدوء ، كتبت بعض الأغاني إضافية وحذفت اخري ثم تحدثت بإهتمام وهي تُشير إلي أحد الاغاني التي كتبتها :- _الاغنية دي عايزة ابدأ بيها الحفلة ، الباقي وزعيه مكان ما انتي عايزة واحذفي اللي معلمالك عليه ، صحيح الدعاوي خلصت ..! -ايوه طبعا ، وخدي اهم ال٥ دعاوي اللي طلبتيهم ، بس اشمعني الأغنية دي فيه احسن منها 100 مرة ..! قالتها "اروي" بعد أن أعطت لها دعوة الحفلة بالعدد التي طلبته ، وسلطت نظرها على الورقة التي دونت بها "دينا" بعض التعديلات ، ابتسمت "دينا" بفتور قائلةً بوجع :- _بعدين هتعرفي ...! ….….…..….….….….… "قبل حفلة "دينا" بيوم " ....! _ياااه أخيرا خلصنا ...! قالتها "اروي" بتنهيدة غير مُصدقة انهاء ذلك اليوم على خير ، تحدثت "دينا" ببرود :- _على أساس ذاكرنا اوي السنادي ومقطعين الكتب ، بقولك ايه انا مش جاية انهاردة البورفا كفاية بكره من اول اليوم هبقي موجودة ، انا همشي بقى عشان الحق اوزع الدعاوى اللى معايا ، سلام ..! ..…...….….….….… _"سيييف" ...! كان ذلك صوت "مراد" ، التفت إليه "سيف" قائلاً بهدوء :- _خير يا "مراد" عايزنى فى حاجة ..! تفحص "مراد" بعينيه "سيف" ، حالته النفسية سيئة كما ظن ، فتحدث سريعا مطمئناً على حاله :- _انت مسافر تانى ، كنت عند عميد الكلية وقالى بسفرك ...! ابتسم "سيف" بحُزن وقبل أن يتفوه بشئ تحدث صوت انوثى من خلفهم :- _"مراد" و "سيف" كويس انى لقيتكوا قبل ما تمشوا ...! _خير يا "دينا" فيه حاجة ...! قالها "مراد" بإبتسامة صافية ، رمقها "سيف" بنظرة عابرة فمنذ اخر مُشاحنة بينهم لم يتحدث معها مرة أخرى ، حاولت "دينا" تهدئة نفسها وانشغلت بإخراج 3 دعوات لهم ثم تحدثت :- _حفلتى الأخيرة بكره ، دى دعوة ليك يا سيف ..! مدت يديها له فأخذها بهدوء ، مدت يديها الأخرى بدعوتين ل"مراد" قائلةً بِود :- _لازم تيجي يا "مراد" ، دى دعوتين ليك انت و"ليلي" أو "جميلة" شوف انت بتقولها إيه بقي ...! حُب أو ليس حُب ، هى مشاعر غير مفهومة داخله تجاهها ، لا يعلم ما الذي يجذبه إليها على الرغم من شعوره بالسعادة مع زوجته ، ربما قلبه تعود على حبه ل"دينا" ، لكنه احب ايضا "جميلة" أو "ليلي" كما تُسمى حاليا ، كذب من قال ان "القلب لا يُحب سوي مرة واحدة" ، لا فالقلب يُحب من يهتم به ، يهتم بمشاعره ، لكن حبه ل"دينا" كان بعيد تماما عن ما يُسمي الحب ، الوقت كافي لإثبات أن حبه لزوجته هو الذي سيدوم للأبد ..! رحلت "دينا" سريعاً بعيداً عنهم ، امسكت هاتفها مُخرجةً إياه من حقيبتها ، رنت على والدها مُنتظرة رداً الذي اتاها سريعاً قائلاً بفرحة :- _ايوه يا بنتي انتي فين مش هتيجي معانا انا و"ياسين" واحنا بنتقدم لأهل عروسته ...! انتهي البارت ?? بقلم / نورهان نادر ??
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD