تحدث بهدوء وهو يجلس أمامها :-
_انتي عارفة يا بنتي أني معنديش اولاد والمكتبة هي الحاجة الوحيدة اللي حيلتي ، وانا ارتحتلك ونعمة مراتي بقت بتحبك جدا وبتعتبرك زي بنتها بالضبط ، فأحنا قررنا نبيع المكتبة وهنجيب شقة تانية وتيجي تعيشي معانا يا بنتي واحنا هنتكفل بتعليمك لحد ما تخلصيه ويجيلك نصيبك لحد عندك ...!
أدمعت عيني "جميلة" لما قاله ، أخيرا اعطتها الحياة ما قد سلبته منها ، اعطتها الأمان التي تبحث عنه دائماً ، تحدثت بدمعة سقطت على وجنتها :-
_بس يا عم انس انت إيه ذنبك تتكفل بيا ..!
ابتسم عم انس إليها وتحدث بنبرة مرح :-
_ذنبي يا ستي أني ارتاحتلك ، حبيتك زي بنتي اللي ربنا مرزقنيش بيها ، اسمعي كلامي يا بنتي وتعالي عيشي معانا وصدقيني عمري لا أنا ولا نعمة هنجرحك في يوم ، نفسي أنا ونعمة يكون لينا حد يفتكرنا طول عمرنا حتي بعد ما نموت نلاقي حد يقف على تربتنا يدعيلنا يا بنتي ..!
تحدثت "جميلة" سريعاً وهي تبكي بفرح :-
_بعد الشر عليكوا ، كفاية معاملتكوا الطيبة ليا من ساعة ما جيت اشتغلت هنا ..!
قام ذلك الرجل البشوش من مكانه واكمل حديثه قائلاً :-
_بصي يا بنتي انا كنت وحيد امي وابويا ، ونعمة كمان كانت زي ، بس نعمة ابوها وامها أتوفوا فى حادثة وسابوها وهي بتدرس فى الجامعة ، وقتها انا كنت بشتغل وكنت معجب بيها ، كانت زيك كده ، نزلت اشتغلت وكملت تعليمها لحد ما أنا قررت اتقدملها ، حبتني زي ما حبيتها واتجوزنا بعد سنتين خطوبة ، ربنا أراد يحرمنا من الخلفة ، كان العيب فيا ، عرضت على " نعمة " انها تطلق وتشوف نصيبها مع حد تاني ، لكن هي طلعت بنت اصول ورفضت ، والسنين مرت اهي يا بنتي كان نفسي ربنا يرزقني بعيل يكون سند ليا ، لحد ما ربنا وقعك فى طريقي ، ارتاحتلك انا و "نعمة" خصوصا لما عرفنا حكايتك ، صدقيني يا بنتي احنا محتاجينك اكتر ما انتي محتاجة لينا ، وانا قررت ابيع المكتبة والشقة بتاعتي أنا ونعمة ونشترى شقة اكبر ونحط باقي الفلوس وديعة فى البنك ونعيش من ارباحها ، قولتي إيه يا بنتي ...؟
_بزمتك هو بعد الكلام ده ينفع اقول حاجة ، بس انتوا متعرفوش عني حاجة ولا السبب اللي جيت اسكندرية عشانه ...!
تحدثت هي بعد أن ترك هو الكرة بملعبها لتأخذ القرار ، رد عليها قائلاً بنبرة حنونة :-
_مش عايز اعرف حاجة عنك يا بنتي ، كفايا اللي عارفه وإذا كان على سبب استقرارك هنا فأحتفظي بيه لنفسك ، كل اللي اعرفه عنك انك بنت ناس طيبة بتكافح عشان تكمل تعليمها وتوصل للي هي عايزاه ، وده كفايا اوي بالنسبالي ، ها قررتي إيه ...!
اومأت له فى موافقة على حديثه ، ربت على كتفها بحنان وهو يقول بسعادة :-
_روحي بقا جهزي شنطتك وهاتي كل حاجة تخصك فى الشقة عشان هتيجي معايا من انهاردة ، وانا يومين كده هكلم واحد معرفة يشوفلنا بيعة للمكتبة والشقة ..!
_طب والمكتبة .؟
قالتها سريعاً وهي تراه يجلس مرة أخرى وتحدث بعفوية :-
_انا هقعد فيها لحد ما تجيبي حاجتك وتيجي نقفلها سوي ونروح ، يلا ...!
تحركت "جميلة" سريعاً غير مصدقة ما حدث ، أخيراً كافأها الله وعوضها عن وحدتها بأشخاص طيبين سيكونوا لها الاب والأم حتي ولو لم يعوضوها عن حنانهم ، يكفي شعورها بالأمان والاستقرار دون خوف لما سيحدث فى المستقبل ..!
………………
فتح باب شقته فى ملل ، دلف للداخل وهو يرمي بجسده على الأريكة رافعا رأسه لأعلى مغمضاً عينيه سارحاً بها ، استقبله اخيه وهو يقول بإستغراب من هيئته :-
_مالك ..؟
رد عليه الأخر قائلاً بإبتسامة تُزين محياه دون أن يٌنزل رأسه :-
_شكلى وقعت فى الحب يا سيف ...!
ابتسم "سيف" بسخرية منه ، وضع يديه على خده واردف :-
_و مين سعيدة الحظ دي ، اسمها ايه ..؟
نظر " ياسين " إليه وتحولت ملامحه وهو يرد عليه قائلا بهدوء :-
_معرفش ...!
-نعم ..!
كان رده عليه سريعاً بتلك الكلمة ، وضع يديه على جبين اخيه وهو يكمل :-
_مش سُخن يعني ، مالك يا ابني ومين البت دي اللي شقلبت حالك ومش عارف اسمها ...!
عقد الآخر حاجبيه من حديثه وهتف بعصبية :-
_متقولش عليها بنت ، دي ملاك ..!
_ماشي يا اخويا خليك مع الملاك بقا ، انا نازل ..!
قالها وهو ينهض من مكانه وبيديه هاتفه ومفاتيح سيارته ورحل دون أن ينطق الآخر بكلمة وفور أن اختفي من أمامه تحدث بسخرية :-
قال ملاك قال ...!
………………
فى احد الملاهي الليلية وتحديدا بأحد الغرف المشبوهة ، كانت تجلس بكبرياء واضعة رجلاً فوق أخري ، ثيابها الفاضحة تكشف اكثر ما تخفي ، ضحكة خليعة خرجت منها وهي تقترب منه واضعة يديها على ص*ره قائلةً بخبث :-
_الباشا ماله ، إيه اللي شاغل عقله ...!
-بت معششة جوا دماغي ومش راضية تخرج منها ابدا ، والمشكلة رفضاني ومش مدياني ريق حلو...!
قالها وهو يحتسي أحد الخمور موجهاً نظره تجاهها مكملاً حديثه قائلاً :-
_هو انا اترفض يا صوفيا ...!
اقتربت منه أكثر وهي تحتضنه بيديها قائلةً بنبرة حزينة :-
_يبقي شكلها محترمة يا احمد باشا ...!
نظر إليها "احمد" بتهكم ، من تخبره عن الاحترام ، أكملت حديثها بدمعة تفر من عينيها :-
_سبها يا باشا بلاش تضيعها زي ما غيرك ضيعوا بنات كتير زمان ..!
قلبه رق لها ، لا يعلم لماذا ولكن رغم احتساءه للعديد من الخمور إلا أنه استطاع أن يرى تلك النظرة الحزينة بعينيها فتحدث :-
_انتي إيه حكايتك يا صوفيا ، انتي مينفعش يكون مكانك هنا ..!
رغم الجراءة التي تمثلها أمامهم وكأنها ع***ة منذ أن ولدت ، إلا أنها انهارت أمامه وهي تبكي ب**ت مخبرة إياه بما حدث لها :-
_انا كنت عايشة فى الارياف وكنت بدرس هنا وقاعدة فى المدينة الجامعية وبروح كل اجازة ، كنت فى أولي تجارة ومجموعي مجبش الكلية هناك فأتقبلت هنا ، وفي مرة وانا مروحة كنت راكبة تا**ي فجأة لقيت اتنين ركبوا جنبي و ...........!
**تت لم تقدر على تكملة حديثها ، قلبها يؤلمها بشدة ، عيناها تفيض بالدموع كثيرا وهي تتذكر ما حدث ، مسحت دموعها سريعا واكملت حديثها قائلة بوجع :-
_وحصل اللي حصل ، فوقت فى المستشفي واهلي وصلوا والنيابة حققت معايا لحد ما قدروا يوصلوا للي عمل فيا كده ، شهدوا بالباطل وقالوا أني ركبت معاهم بمزاجي ، ابويا سمع الكلام ده وداني القسم اتنازلت عن المحضر ورماني فى الشارع ، بعد ما جبتله الفضيحة ، مش قادرة انسي كلامهم ليا بعد ما خرجوا ، قالولي عشان تحرمي ترفعي ايدك على اسيادك ، كل ده عشان ض*بت بنت بالقلم ، كانت معايا فى الجامعة وطلعت عني كلام زفت ولما روحت وقفتها عند حدها حصل اللي حصلي ، نظرت إليه وجدته صامت ، وجهه لا يوحي بشئ ، فأكملت حديثها بتماسك :-
_لفيت كتير على شغل ، ملقيتش ، رجعت لبيت ابويا وامي كانوا عزلوا وسابوا البلد ، لفيت كتير لحد ما وقعت على شغلانة فى ملجأ ، حمدت ربنا لقيت شغلانة وفى نفس الوقت مكان اقعد فيه ، المدير كان بيتحرش بيا لحد ما وصل أنه حاول يتهجم عليا فى الحمام ، سبت المكان ورجعت الشارع من تاني ، واحدة لقيتني وجابتني هنا ، كانت رقاصة وجابتني هنا وقالتلي أن لما يحصلك كده بمزاجك احسن ما يتاخد غصب ، تفتكر كنت عايزني اعمل ايه ، فى الحالتين انا ضايعة ، هي دي حكايتي يا "احمد" عشان كده بقولك ابعد عن البنت دي ، بلاش تضيعها زي ما أنا ضيعت زمان ..!
………………
وصلت إلي بيتها ، قررت الصعود سريعا إلي بيت صديقتها كي تودعا وتخبرها بما حدث ، لكنها لم تجد أحد بالشقة والإنارة مغلقة ، قررت الدخول إلي شقتها وتجهز اشيائها حتي تعود "نادية" من الخارج ، فتحت باب الشقة ودلفت للداخل مغلقة الباب خلفها ، فتحت الإنارة وصدمت فور أن رأته ، جالساّ بجمود واضعاً رجلٍ فوق الأخري وعلى وجهه ابتسامة بلهاء قائلاً بجمود :-
-مفاجأة مش كدا ...!
انتهي البارت ♥
بقلمي / نورهان نادر ♥
#NOURHAN #NADER ♥