بينما في مستشفي الخانكة يجلس المدير علي كرسيه باسترخاء ترتسم علي وجهه ابتسامة مرتاحة , سرعان ما سمع هاتفه يرن فاعتدل يمسك هاتفه يجيب علي المكالمة قائلا بنزق : ايه يا وش المصايب فيه اخبار ايه تاني
مرت دقيقة يستمع فيها الي الطرف الأخر قبل أن ينتفض من مكانه قائلا بذعر : يعني ايه الي سمعته ده وهما عرفوا منين انها موجودة هنا ده انتو ليلتكوا سودة احنا كدة هنروح في داهية , اخفي من وشي اخفي دلؤتي
أغلق الهاتف بتوتر يشد شعره بغضب قائلا : هتعمل ايه في المصيبة دي يا رأفت ده لو الباشا شم خبر حياتي هتبقي التمن , لا لا أنا مش هقعد كدة لازم أعمل حاجة
قام رأفت بالاتصال علي رئيسه قائلا بتوتر : احنا اتكشفنا يا باشا وعرفوا ان ملك عندي في المستشفى وكمان بتتعالج بدل ما تاخد دوا يجننها
استمع الي الطرف الاخر بخوف دقائق قليلة ثم أردف قائلا : تحت امرك يا باشا
أنهي حديثه ثم خرج من مكتبه سريعا بعد أن أخذ حقنة متجها ناحية غرفة ملك , وحالما وصل أخبر الحارسين أن يذهبا ويحضران الكفن ثم دخل الي الغرفة وجدها متسطحة علي الفراش ملامحها مستكينة فاقترب منها بحذر وحينما كان علي وشك غرز الحقنة في يدها وجد من تمسك يده بقوة , وحالما نظر لها وجدها تطالعه بابتسامتها التي لطالما أرعبته قائلة ببطء : مش هتقولي حمد الله علي السلامة ولا ايه
نهضت من علي الفراش ببطء وما زالت ممسكة بيده ولم تتخل عن ابتسامتها التي ارعبته قائلة بهدوء : تؤ تؤ كدة تزعلني منك يا جلال , بقي دي مقابلة برضو يا راجل ده انا حتي ضيفة عندك هنا
ابتلع جلال ريقه بخوف قائلا : ح .. حمد الله علي السلامة يا ملك , انت متعرفيش انا كنت قلقان عليكي ازاي
أخذت منه ملك الحقنة تتلاعب بها بينما تبتسم قائلة : يا راجل , وهو واجب الضيافة عندك برضو تديني حقنة تموتني
مسح العرق الذي تكون بكثرة علي جبينه بتوتر قائلا : و أنا برضو هعمل كدة فيكي يا ملك هانم دي كانت بس حقنة فيتامينات
ابتسمت ملك قائلة : يا راجل تمام بما ان دي حقنة فيتامينات فأنا شايفة انها هتبقي مناسبة ليك اكتر مش كدة
أنهت حديثها ولم تمهله الفرصة وحقنته بالحقنة في رقبته بينما اتسعت عيني جلال بذعر وما هي الا ثوان حتي وقع علي الأرض جثة هامدة , نظرت له ملك قائلة : وأدي الفيتامينات طلعت مغشوشة محدش بقي عندو ضمير
انهت حديثها ثم توجهت ناحية الباب وحينما كانت علي وشك فتحه وجدت من يفتحه ويدخل ولم تكن سوي الممرضة صفاء , التي ما ان رأت ملك بوقفتها القوية وملامحها الجامدة , ثم شهقت بصدمة حينما وجدت المدير جلال ملقي أرضا جثة هامدة
ملك: ايه يا صفاء هتفضلي متنحة كتير احنا معندناش وقت هاتيلي لبس ممرضين يالا
ابتلعت صفاء ريقها بتوتر قائلة : ان ... انت عرفتي اسمي منين
ابتسمت ملك بخفة ثم ربتت علي يدها قائلة : بلاش أسئلة كتير عشان مخك الحلو ده ميتعبش , ويالا عشان مفيش وقت
اعطتها صفاء لبس ممرضة بينما تنظر لها بخوف من قوة شخصيتها , فلم يسبق لها ان رأت امرأة مثلها , انهت ملك تبديل ملابسها ثم ذهبت ناحية جلال الملقي ارضا ووضعته علي السرير وغطته بالملاءة جيدا ثم توجهت ناحية صفاء قائلة : دلؤتي هتفتحي الباب وتقولي للحراس الي بره يدخلو يشيلو الجثة وتقفلي الباب وبس ده دورك , وتستنيني لحد ما أطلع تمام
أومئت صفاء برأسها بمعني نعم ثم توجهت ناحية الباب لتخرج بينما ملك بقطعة معدنية واختبأت خلف الباب , نظرت صفاء للحارسين قائلة : جلال بيه بيقولكلوا يالا ادخلوا شيلو الجثة الي جوا
بمجرد دخول الحارسان أقفلت صفاء الباب بخوف , وما هي الا دقائق قليلة ووجدت ملك تفتح الباب وتخرج منه بابتسامة بدت لها مخيفة وجهت نظرها لداخل الغرفة فوجدت الحارسين ملقون أرضا وعلي ما يبدو فاقدين للوعي فقط
أقفلت ملك الباب خلفها , ثم أمسكت بيد صفاء تبتعد عن الغرفة بهدوء قائلة : يالا يا صفاء زي الشاطرة اديني تليفونك وبعدها مهمتك هتكون خلصت كدة تمام
اعطتها صفاء الهاتف في **ت , أخذته منها ملك ثم قامت بالاتصال علي حاتم وحينما فتح الخط تحدثت قائلة : دقايق وتكون علي باب المستشفى يا حاتم
انهت حديثها ثم أقفلت الخط ولم تنتظر سماع رده ثم أعطت صفاء هاتفها , ورحلت من امامها متوجهة خارج المستشفى , انتظرت لدقائق قليلة ثم توقفت امامها سيارة تعرفها جيدا فتوجهت بخطي واثقة ناحيتها , وحالما ركبت استمعت لحاتم الذي يقول بسعادة : الف حمد الله علي السلامة يا كبير والله وحشتينا
نظرت له ملك قائلة : هتطلع فوق في الاوضة الي كنت فيها هتلاقي جثة جلال تخفيها , وهتلاقي اتنين رجالة فاقدين الوعي عايزاك تاخدهم علي المخزن بتاعنا , واه صحيح هات مفتاح العربية
نظر لها حاتم بسخرية قائلا : ايه يا شيخة مفيش حتي سلام ولا ازيك يا حاتم ولا أي حاجة كدة
رفعت ملك حاجبها بسخرية قائلة : حاتم بلاش كلام كتير واعمل الي قولتلك عليه يالا
أعطاها مفاتيح السيارة , بينما يتمتم بكلام غير مفهوم , ثم هبط منها بينما انتقلت ملك لكرسي السائق , ثم انطلقت بالسيارة بسرعة عالية وهي تعرف وجهتها بدقة
في بيت حازم
كان يدور في صالة المنزل بتوتر حاول الاتصال بحاتم مرات عديدة ولكنه لا يجيب , ذلك الا**ق لم يعطيه أي معلومات أخري , كيف يتركه هنا هكذا بينما يعلم أن زوجته في خطر ومخطوفة هل يراه حجر ليتحمل كل ذلك ويقف مكتف اليدين لا يستطيع فعل شيء ,
دقائق قليلة ووجد جرس المنزل يرن فذهب مسرعا لعله يكون حاتم , ولكنه ما ان قام بفتح الباب حتي تفاجئ بالتي تقف أمامه بشموخها وثقتها المعتادة تنظر له باشتياق جارف ,
ثوان قليلة وفاق حازم من صدمته جاذبا إياها لأحضانه يحتضنها بشدة بين ذراعيه بحنان واشتياق فاق عنان السماء , يكاد لا يصدق انها تقف هنا أمامه وبين ذراعيه
احتضنها حازم بشدة أكبر قائلا بينما تكاد الدموع تتحرر من آسر عينيه : ملك ده انت صح ؟ انا مش بحلم انت واقفة قدامي دلؤتي , اه يا ملك وحشتيني وحشتيني
بادلته ملك العناق بحنان جارف قائلة : انا قدامك حقيقة , انت مش بتحلم
قبلها من جبينها بشدة ليؤكد لنفسه انها هنا بين ذراعيه قائلا : رجوعك ليا ردلي روحي من تاني
دارت عينيها في المكان تبحث عن صغيرتها فأجابها حازم قائلا : تعالي فرح فوق في أوضتها
نظرت له باشتياق قائلة : متعرفش انتو وحشتوني قد ايه انا كنت بموت في اليوم الف مرة وانا بعيدة عنكو و .....
وضع اصبعه علي شفتيها يسكتها قائلا : ششش بلاش كلام في الي فات , دلؤتي خلينا نشوف فرح وتشبعي منها الأول وترتاحي بعد كدة تحكيلي كل حاجة
أومئت له بنعم , ثم صعدوا الي غرفة فرح في الطابق الثاني , فتحت الباب بحذر فوجدت طفلتها تجلس علي الأرض وتلعب بعروستها الصغيرة , والتي ما ان رأت الباب يفتح وظهرت لها والدتها حتي رمت العروسة أرضا وانطلقت باتجاه والدتها بفرحة عارمة
تلقتها ملك بين يديها تضمها بشدة اليها وتقبلها بكثرة قائلة : وحشتيني أوي اوي يا قلب ماما انت
نظرت لها فرح قائلة بفرحة : يا مامي مش تسافري تاني وتسبيني , الشغل ده وحش كل شوية أسال بابي يقولي في شغل في شغل وبابي كمان بينزل ويروح الشغل ويسبني ,
لفت فرح ذراعيها حول عنق والدتها قائلة بدموع : عشان خاطري يا مامي متسبيش فرح تاني وتسافري انا بحبك اوي ومش هزعلك وهسمع كلامك , بس مش تسافري وتسبيني تاني
تساقطت دموعها من حديث ابنتها الصغيرة التي عانت في غيابها قائلة : خلاص يا روح مامي مش هبعد عنك تاني وده وعد مني تمام كدة يا برنسيس
ضحكت فرح قائلة : تمام يا فندم
قام حازم بمناغشتها قائلا بابتسامة : بقي بتشتكيني يا ست فرح مين الي كان بيسيب شغله ويقعد معاكي ها بتش*هي سمعتي يا شبر ونص انت
تعالت ضحكاتهم في سعادة وبعد الكثير من الوقت الذي قضوه في اللعب أخيرا نامت فرح بسلام فقبلتها ملك من جبينها بحنان ثم دثرتها جيدا قبل أن تخرج من الغرفة وتتوجه الي غرفتها
وجدت حازم يخرج من الحمام وقد أنهي للتو استحمامه , نظر لها بابتسامة بينما يقوم بتنشيف شعره قائلا : ادخلي يالا خدي دش سريعا كدة وبعديها تعالي عشان نتكلم
أومئت برأسها بابتسامة صغيرة ثم توجهت ناحية الحمام لتأخذ دش سريع يريح اعصابها , دقائق قليلة وكانت أنهت استحمامها وحينما خرجت استقبلها حازم في أحضانه قائلا بحنان : عيطي يا ملك بلاش تفضلي راسمة دور القوية علي طول , هسمحلك بس تبيني ضعفك قدامي انما قدام أي حد تاني انت المقدم ملك الي الكل بيخاف منها ويعملها الف حساب
وكأنها كانت تنتظر كلامه حتي اندفعت الدموع من عينيها كالشلال قائلة بشهقات : اتعذبت كتير اوي يا حازم , انت مش متخيل احساسي ايه وانا بصحي كل يوم اصرخ وانا حاسة ان جسمي كله مشلول ومش قادرة اعمل حاجة , إحساسي بالعجز كان بيقتلني وانا بفكر انتو عاملين ازاي وفرح بنتي الي اتدمرت في غيابي , كنت خايفة اوي وانا هناك لوحدي
زاد من احتضانها بينما هي تبكي بكثرة ويقبل جبينها من فترة لأخري بحنان وانتظر حتي أخرجت كل ما في قلبها وحكت له كل شيئ ثم حملها بحنان ومددها علي السرير ونام بجوارها وهي ما زالت بين أحضانه تشعر بالأمان أخيرا
بعد القليل من الوقت غفت من كثرة الإرهاق فقبلها حازم من جبينها بحنان قائلا : وحياتك عندي لأدفعهم التمن غالي وكل حد أذاكي هيشوف العذاب الوان
نهض من جوارها ببطء ثم قام بالاتصال علي صديقه أدم قائلا : ادم اسمعني كويس , عايزك تجبلي سجل المكالمات بتاع الراجل صاحب مستشفي الخانكة سجل مكالماته يكون عندي في اسرع وقت سامعني
أجابه أدم قائلا : اعتبر انو عندك يا صاحبي ولما أقابلك تبقي تفهمني الحوار ايه
ابتسم حازم قائلا : متشكر جدا يا أدم واكيد هحكيلك لما أشوفك
أغلق الخط ونظر امامه وعينيه مليئة بوعيد الانتقام القي نظرة علي ملك مرة اخري وتمزق قلبه لأجلها فما عاشته ليس بالهين ومهما حاولت أن تبدو قوية فستظل تلك الطفلة التي تبحث عن حنانه والأمان بين ذراعيه