الفصل الاول
تجلس تلك الفتاة علي ذلك السرير الصغير في تلك الغرفة البيضاء الخالية من أي شيء عدا ذلك الفراش الذي تجلس عليه , ونافذة صغيرة يتسلل منها ضوء النهار لينير لها الغرفة , تجلس ضامة ركبتيها الي ص*رها بينما تنظر للفراغ امامها قائلة : قتلوهم , خلاص اتقتلوا ظلم بس أنا مش هسيب حقهم , هقتلهم كلهم هقتلهم كلهم
بعد القليل من الوقت دلفت فتاة الي الغرفة ترتدي زي الممرضات وبيدها حقنة , واقتربت من تلك التي تجلس علي فراشها وما زالت تهذي بكلامها المعتاد , حينما رأتها نهضت من علي فراشها تصرخ بالممرضة قائلة : لا لا لا مش هاخد حقن تاني , انتو عايزين تقتلوني كلكم مجرمين
نادت الممرضة علي ممرضان اخران كانا واقفان بجانب الباب قائلة : تعالوا بسرعة كتفوها عقبال ما أديها الحقنة يلا
وعلي الفور اتجه الممرضان لتلك الفتاة وامسكاها بقوة , وتمكنت الممرضة من إعطائها الحقنة ثم مددوها علي السرير مرة اخري وقد خارت قواها وبدأت تتحدث بخفوت قائلة : أنا هسجنكم كلكم انا المقدم ملك الشافعي مش هسيب حقهم
خرج الممرضان بينما نظرت تلك الممرضة اليها بشفقة قائلة : لا حول ولا قوة الا بالله , ايه بس الي خلاكي تلعبي مع الناس الكبار
أنهت الممرضة حديثها ثم التفتت مغادرة الغرفة , حينما خرجت أغلقت باب الغرفة بالمفتاح وحينما كانت علي وشك المغادرة سمعت صوت ينادي عليها قائلا : بت يا صفاء
التفتت صفاء خلفها فرأت صديقتها فنظرت لها قائلة : ايه يا بسمة عايزة ايه
نظرت بسمة الي غرفة ملك ثم نظرت الي صفاء قائلة بفضول : ألا قوليلي يا بت مين الي موجودة في الاوضة دي , ومتعرفيش جابوها ليه
تن*دت صفاء بنفاذ صبر قائلة : بقلك ايه يا بسمة يا حببتي ما تخليكي في حالك أحسن وبلاش تتدخلي في الي ملكيش فيه , ساعتها هترتاحي واحنا كمان هنرتاح
امتعضت ملامح بسمة قائلة بحنق : وايه لازمته الموشح ده أنا سألتك مجرد سؤال , وهي يعني المريضة دي تختلف عن الباقيين في ايه ما كلهم في مستشفى المجانين , وكمان ليه المدير مانع أي حد يدخلها غيرك
نظرت لها صفاء بحدة قائلة : بسمة , قلتلك خليكي في حالك أحسن , ولو عايزة إجابة لأسئلتك روحي للمدير وخليه يجاوبك , واوعي بقي من طريقي خليني أشوف شغلي
انهت صفاء حديثها ثم غادرت بخطوات غاضبة بينما نظرت بسمة امامها قائلة : أقطع دراعي ان مكنش الموضوع في ان , وشكل كدة المستشفى دي فيها بلاوي, مش كفايا علينا المجانين هيبقي مجرمين ومجانين , استرها علينا يا رب
نظرت بسمة الي باب تلك الغرفة المقفلة قائلة : يا تري حكايتك ايه وليه رموكي هنا , شكل حكايتك حكاية
غادرت بسمة لتكمل عملها بعقل شارد بتلك الفتاة المحتجزة بتلك الغرفة , والتي بين ليلة وضحاها أصبحت حبيسة تلك الغرفة , لا أحد يعلم متي أتت أو ما هي حالتها ولما يمنع المدير أي أحد من التحدث بشأنها ولا يسمح الا لأشخاص محددين بالتعامل معها , فكل ما يعرفه الجميع أن تلك المريضة حالة خاصة
في احدى الفلل بالقاهرة
يهبط ذلك الرجل بوقار تلك الدرجات بخفة رغم سنه الذي تعدي الخمسين , تقدم بخطوات رزينة تجاه ذلك الشاب الذي يجلس بانتظاره في صالة فيلته والذي حينما رأه نهض مسرعا يؤدي التحية العسكرية قائلا : مساء الخير يا فندم
جلس ذلك الرجل علي احد المقاعد ثم شاور لذلك الشاب قائلا : مساء النور يا حاتم , اتفضل اقعد
جلس حاتم مجددا متن*دا بخفوت قائلا : لسة ملقتهاش يا فندم كأن الأرض اتشقت وبلعتها , بقالنا ٦ شهور بندور عليها وموصلناش لحاجة
نظر له ذلك الرجل قائلا : قصدك انت الي معرفتش توصل لحاجة , المقدم ملك الشافعي موجودة في مستشفى الخانكة للصحة النفسية , والله اعلم حالتها ازاي دلؤتي ويا تري لسة عاقلة ولا جننوها
نظر له حاتم بدهشة قائلا : حضرتك تقصد مستشفي المجانين ! وحضرتك عرفت المعلومات دي منين يا فندم
نظر له بتهكم قائلا : انا اللواء حسن المصري يا حاتم, الشعر الأبيض ده مش من فراغ , انا مش شغال في الداخلية من سنة ولا اتنين بقالي ٢٠ سنة فيها
نظر له حاتم بأسف قائلا : العفو يا فندم , طبعا حضرتك عندك خبرة كبيرة
أخرج اللواء حسن من جيبه ورقة ما ثم مد يده الي حاتم : علي العموم خد الورقة دي هتلاقى فيها عنوان , ده عنوان ممرضة بتشتغل في المستشفى دي , عايزك تروحلها وتعرف منها حالة ملك وتخرجها من هناك بأسرع وقت
أخذ حاتم الورقة قائلا بينما ينهض : تحت أمرك يا فندم
تن*د اللواء حسن قائلا : حاتم عايزك تستجوب البت الممرضة وتاخد منها المعلومات بأي طريقة , فاهمني بأي طريقة ملك لو مرجعتش هتحصل مصايب كتيرة احنا في غني عنها
حاتم : تمام يا فندم بعد اذن حضرتك
اللواء حسن : تقدر تتفضل
أدي حاتم التحية العسكرية مغادرا الفيلا ليذهب لتلك الممرضة ليستخلص منها المعلومات بأي طريقة ممكنة , قرأ ما بداخل تلك الورقة جيدا ، ثم اخرج ولاعته وقام بحرق الورقة حتي تحولت الي رماد حملته تلك النسمات الخفيفة ليختفي بعد لحظات
بينما بداخل الفيلا تن*د اللواء حسن بحزن قائلا : يا تري عاملة ايه دلؤتي يا ملك , لازم ترجعي بأسرع وقت ، والا هتحصل مشاكل احنا في غني عنها, الاغ*ية مش عارفين هما بيتعاملوا مع مين
أسدل الليل ستائره علي السماء المزينة بتلك النجوم الصغيرة المتوهجة , وفي احد البيوت الموجودة بإحدى المناطق الشعبية بالقاهرة دخلت تلك الفتاة الي منزلها تحرك رأسها بخفة بسبب ذلك الألم الذي أصابها
توجهت ناحية غرفة أخيها الصغير لتجده نائم في سريره بعمق , استندت علي باب الغرفة تتن*د بحزن قائلة : علي عيني والله يا يوسف أسيبك طول اليوم مع الجيران , عارفة اني مقصرة معاك بس أعمل ايه لازم أشتغل عشان نعرف نعيش , لا لينا أب ولا أم يراعونا ولا حتي عيلة تسأل علينا , بس اوعدك ان كل ده هيتغير قريب
تن*دت بخفوت ثم أغلقت الباب بهدوء وحينما كانت علي وشك الاستدارة لتذهب لغرفتها ، وجدت من يكبلها من الخلف واضعا يده علي فمها يكتم صوتها بينما يمسك بها بإحكام باليد الأخرى
تحدث بخفوت بجانب أذنها قائلا : هتبقي عاقلة ومش هتطلعي صوت هنعرف نتفاهم انما هتتغابي هوريكي الويل سامعاني
هزت رأسها موافقة فتركها بهدوء ناظرا لها بحدة قائلا : حصليني علي الصالة
جلسا في تلك الصالة الصغيرة , كانت هي تجلس أمامه تفرك يديها بتوتر وتنظر له بخوف بينما هو يناظرها بحدة , تحدث ذلك الغريب قائلا : متخافيش يا صفاء انا جاي أعرف منك كام معلومة اتعاونتي معايا ومغلبتنيش اوعدك انك مش هتتأذي انما بقي لو نشفتي دماغك صدقيني هتزعلي جامد اوي وساعتها مش هتخافي وبس لا هتترعبي
ابتلعت صفاء ريقها بتوتر قائلة بصوت خرج مرتعشا رغما عنها قائلة : احم معلومات ايه حضرتك
استند حاتم بمرفقيه علي ركبتيه ناظرا في عينيها بعمق قائلا : المريضة ملك الشافعي الي انتي مسئولة عنها عايز اعرف حالتها ودخلت المستشفى ازاي عايزك تقولي كل حاجة
توترت صفاء وارتعشت يداها , أشاحت ببصرها بعيدا عن عينيه بتوتر قائلة : م ملك مين يا باشا أنا معرفش حد بالاسم ده
حرك حاتم رقبته يمينا ويسارا قائلا بتنهيدة : ليه يا صفاء مصرة تزعليني ، وانا زعلي وحش ها
انقض عليها ممسكا بيدها بشدة يضغط عليها بقوة مما جعلها تتأوه فيما تابع كلامه بغضب قائلا : بلاش الأسلوب ده معايا يا بت انطقي وقولي كل الي تعرفيه ولو خايفة وفيه حد مهددك ، اوعدك ان الي هعمله فيكي لو متكلمتيش هيبقي أسوء من الي هيعملوه هما فيكي
تساقطت دموعها بشدة قائلة : يا باشا أبوس ايدك أنا في حالي كافية خيري شري مش عايزة مشاكل لو اتكلمت مش هلحق أشوف الشمس بكرة هسيب أخويا لمين
تابع حاتم حديثه قائلا : منا قلتلك لو متكلمتيش مش هتلحقي حتي تشوفي القمر الي طالع دلؤتي ده فاتكلمي احسنلك
ساد ال**ت دقيقة ثم نظرت له صفاء بترجي قائلة : لو حكتلك توعدني انك تحميني أنا وأخويا
نظر لها حاتم بثقة قائلا : اوعدك محدش هيقرب منك بس احكيلي كل المعلومات الي عندك
أخذت نفس عميق ثم نظرت له قائلة : انا مجرد ممرضة شغالة في المستشفى دي من زمان والكل عارف اني في حالي مهما يحصل ولا كأني سمعت أو شفت حاجة ، لأنهم مبيرحموش وحتي لو اتكلمت مفيش حاجة هتتغير ولا هم هيتحاسبوا وأنا الي هتأذي ، وحياتي هتتدمر ده اذا مقتلونيش , من فترة لاقيت مدير المستشفى بنفسه طلبني في مكتبه وقالي في مريضة جت جديد المستشفى بس مش هيبقي ليها ورق في المستشفى ، يعني كأنها مجتش من أساسه وطلب مني نوع حقن معين اديهولها باستمرار هو كان مفكر ان عشان ممرضة فهبقي جاهلة باسم الدوا ومش هعرف بتاع ايه بس أنا عرفت
نظر لها حاتم بتركيز قائلا : وطلع بتاع ايه
أكملت صفاء حديثها قائلة : الدوا هيخليها مجنونة وتفقد أعصابها علي الاخر ، والجرعة الي كان كاتبها الي المفروض أديهالها كبيرة لو فضلت مستمرة عليها فترة مش بعيد تموت ، فأنا مرضتش أديها الجرعة كاملة كنت بديها حاجة بسيطة بس يا دوبك اعراض الجنان تبان عليها لأن المدير كل يوم يمر عليها عشان يتأكد من حالتها وانها خلاص اتجننت
قبض حاتم علي يديه بغضب شديد قائلا : كملي وبعدين
نظرت له بتوتر قائلة : بس ده كل الي اعرفوا والله
حاتم : قوليلي اسم المدير ايه
صفاء : اسمه جلال أبو النجا
تن*د حاتم قائلا : بصي يا صفاء الي موجودة في المستشفى دي تبقي شخصية مهمة جدا فوق ما تتصوري فعايزك تبطلي الدوا الي انتي بتديهولها ، وتبدأي تديها فيتامينات وأدوية تساعدها ترجع طبيعية تاني
انتفضت صفاء قائلة بخوف : انت عايزهم يقتلوني قلتلك المدير بذات نفسه بيدخلها كل يوم يتأكد من حالتها ، ده لو عرف الي عملته هيقتلني
حاتم : يا صفاء متخافيش خدي الورقة دي اديهالها وبعد ما تقرأها احرقيها ، وهي هتتعامل كأنها مجنونة لحد ما تخف وساعتها هي هتطلع من المستشفى من دون ما حد يحس
نظرت له صفاء باندهاش قائلة : تطلع ازاي ده أوضتها عليها حراسة كتيرة ده النملة متعرفش تعدي الا بإذن
ابتسم حاتم بخفة قائلا : متخافيش هي هتعرف تطلع , بس انت حسك عينك تفتحي الورقة وتقرأي الي فيها
أخذت منه الورقة المطوية قائلة : منا قلتلك يا باشا معنديش حاجة اسمها فضول ، يعني لا أري لا أسمع لا أتكلم
حاتم : برافو عليكي وده الي عايزو منك ومتقلقيش هتكوني انتي وأخوكي تحت عنيا طول الوقت ، ومحدش هيقدر يقربكلوا
تن*دت صفاء قائلة : ان شاء الله يا باشا
ابتسم حاتم ولم يعلق ف*نحنحت صفاء قائلة : طب ايه يا باشا
نظر لها حاتم قائلا : ايه ايه يا صفاء
نظرت له صفاء بتوتر قائلة : يعني حضرتك قلت الي عندك و .. الوقت اتأخر زي ما حضرتك شايف يعني
ابتسم حاتم بحرج قائلا : اه تمام انا أصلا ماشي أهو خلي بالك من نفسك
نظرت له باندهاش قائلة : تحت امرك يا باشا مع السلامة
غادر حاتم كما أتي بينما تن*دت صفاء بحزن قائلة : ادي حياتك هتقلب أكشن يا صفاء , يا رب حلها من عندك يا رب
انقضي الليل بما يحمله من مشاكل واضطرابات وانقضي معه شهر بكل أحداثه المؤلمة للبعض والمفرحة للبعض الأخر , وفي يوم أشرقت الشمس تنشر نورها مجددة الأمل في نفوس البشر, في احدي المنازل الراقية بالقاهرة نجد ذلك الرجل الثلاثيني يجلس في تلك الحديقة الصغيرة بمنزله الذي كان يمتلئ بالدفء والحنان ولكنه أصبح الان موحش كئيب يطبق علي أنفاسه
ينظر لتلك الصورة في يده بشوق جارف قائلا : البيت بقي وحش من غيرك يا ملاكي حياتي انطفت من غيرك , فينك بس دورت عليكي في كل حتة , وحياتك عندي لأخدلك حقك منهم كلهم , وحشتيني اوي يا حببتي وفرح بنتنا كل شوية تسأل عليكي وأنا مبقتش عارف أرد أقولها ايه
نظر للحديقة التي أمامه يبتسم بحب فكم احبت زوجته تلك الحديقة واعتنت بها جيدا , شرد بذاكرته يتذكر احدي مواقفهم معا هنا وأخذته ذاكرته الى ذلك اليوم عندما كانت تسقى الزهور وتتحدث معها بابتسامة فجاء هو من ورائها قائلا بحب : حبيبي سايبني وبيعمل هنا ايه
التفتت تنظر له بابتسامتها التي يعشقها قائلة : بسقي الورود وبهتم بيهم وبحكيلها همومي
أدارها لتكون بمواجهته قائلا بعبث : طب ما تقوليلي أنا همومك وأنا أخليكي تنسيها وتنسي الدنيا كلها , ولا انت مش واثقة في قدرات جوزك ها لا كدة ازعل وأجيب ناس تزعل
ضحكت بعنج قائلة : حازم بطل كلامك ده
نظر لها حازم بمرح قائلا : ليه هي المقدم ملك بتت**ف ولا ايه
نظرت له ملك بابتسامة قائلة : لا يا عسل مبت**فش ويالا بقي سبني عشان أكمل الي بعمله ورايا شغل ها
حازم : هو انا لو قلتلك انى غيران من الجنينة دى هينفع تسيبيها خالص
ضحكت ملك بخفة قائلة : حتى الورود بقيت تغير منها يا حازم
حازم : طب اعمل ايه اذا كانت الورود دى بتسمع ضحكتك على طول ، وانت على طول بتتكلمى معاها دا انا بقيت احس انك متجوزة الورود يا شيخة حني عليا بقي ده انا زي جوزك برضو
اصطنعت ملك الحزن قائلة : اخص عليك يا حازم بقه انا مقصرة معاك وبعدين يا حبيبى مش انت الى بتجبلى الورود دى ولأنها تخصك فأنا بهتم بيها جدا
ضيق حازم عينيه ينظر لها بحنق قائلا : امممممم يا نصابة بقى بتضحكى عليا بكلمتين حلوين عشان اسيبك تكملى شغلك صح
ضحكت ملك قائلة : بصراحة اه
حازم : طيب انا هوريكى
وأمسك حازم رشاش المياه ، وأخذ يرشها بالماء وهى تركض وهو ورائها وهى تترجاه أن يتوقف ، ولكنه يأبى التوقف ويضحك على منظرها الى وقعت علي الأرض التي أصبحت مبتلة فتلطخت ملابسها ووجهها بالطين ، وعندما رأها انفجر ضاحكا على منظرها
ملك وهى تنظر له بغيظ : ماشى يا حازم ان ما وريتك
وحاولت النهوض ولكنها تصنعت الألم فجاء اليها مسرعا ومد يده لكى يخرجها الا أنها سحبته من يده ليقع هو الأخر بجانبها ويتلطخ أيضا
نظر لها حازم بدهشة قائلا : يا مجنونة ينفع الى عملتيه دا
ملك بغرور : عشان تعرف بس ان مش انا الى يتلعب معاها هع هع هع
حازم : ماشى يا ستى استنى بس عليا لما ارجع من الشغل وانا هوريكى
نظرت له ملك بعبث قائلة : هستناك علي نار يا روحي متتأخرش عليا ها
حازم : أيوة اثبتي بقي علي الدلع ده لحد ما أجي يا وحش الشاشة
راقب ضحكتها وهي تودعه بيدها أثناء مغادرته
أفاق من ذكراته يحتضن الصورة بيديه الي ص*ره يرفع رأسه عاليا للسماء يناجي ربه قائلا بحزن : يا رب رجعهالي يا رب, ياااا رب
بعد عدة دقائق نهض من مقعده متوجها للداخل فوجد ابنته فرح ذات الخمس سنوات تلعب مع مربيتها وحالما رأته تركت ال**بها متوجهة ناحية والدها ترفع يديها له ليحملها بحب قائلا بابتسامة بينما يقبل خدها : أميرة بابا عاملة ايه
نظرت له فرح بابتسامة قائلة : قاعدة بلعب يا بابي مع عروستي
وسرعان ما تحولت ابتسامتها الي عبوس قائلة لوالدها بحزن : بس مامي وحشتني أوي وعايزة العب معاها هي مش هترجع بقي يا بابي ولا ايه قولها فرح زعلانة منك خالص وبتعيط عشان عايزاكي
أغمض عينيه بحزن ثم فتحهما مجددا يبتسم بخفة حتي يطمئنها قائلا : لا روح بابا متزعليش مش انا قلتلك ان ماما مسافرة عندها شغل وأول ما تخلص هتيجي علي طول
ازداد حزن الصغيرة قائلة : بس هي مش بتكلميني خالص يا بابي هي زعلانة مني ولا ايه
ربت حازم علي ظهرها بهدوء قائلا : لا يا روحي ماما عمرها ما تزعل منك أبدا تلاقيها بس مشغولة وهي لما بتكلمني انت بتبقي نايمة وهي بتسأل عليكي علي طول وبتقولي سلملي علي فرح كتير وانها هتجبلك هية كبيرة اوي وهي جاية
ابتسمت فرح بسعادة قائلة : بجد مامي هتجبلي هدية كبيرة اوي
حازم : ايوة يا روحي بس بشرط انك تسمعي الكلام ومش عايزك تبقي زعلانة اتفقنا
أومأت برأسها قائلة : اتفقنا
رن جرس المنزل فأنزل فرح قائلا لمربيتها : خديها علي أوضتها كملوا لعب فوق
أومأت له المربية قائلة بطاعة : تمام يا فندم , يالا يا فروحة
عقب ذهاب الصغيرة مع مربيتها اتجه حازم ليري من الطارق وعلي الفور ارتسمت ابتسامة سعيدة علي محياه حالما رأه فأردف بسعادة قائلا : حاتم , قولي انكم لاقيتوا ملك ها , ما تنطق يا حاتم ساكت ليه
ضحك حاتم بخفة قائلا : يا عم وانت سبتلي فرصة أرد ولا اعمل حاجة , حتب دخلني الأول ولا هنتكلم علي الباب
أفسح له حازم الطريق بنفاذ صبر قائلا : أديني وسعت أهو أتكلم بقي عشان انا علي اخري
جلس حاتم ثم نظر له بابتسامة قائلا : أيوة يا حازم لاقينا ملك أخيرا
لم يصدق حازم ما سمعه واستند بمرفقيه علي ركبتيه قائلا بابتسامة : الحمد والشكر لله أخيرا ربنا استجاب لدعواتي
أنهي حديثه ثم استقام فجأة من مكانه قائلا : يعني بتقول عارف مكانها ولسة قاعد يا حاتم قوم بينا نروح نجبها ده انا هطربق الدنيا عليهم وعلي الي خلفوهم بس أرجعها لحضني من تاني والمرة دي أنا الي هتصرف معاها
أشار حاتم له ليجلس قائلا : يا عم اقعد بس متتحمئش أوي كدة فيه حجات لازم تعرفها الأول
نظر له حازم بعصبية قائلا : انت بتستعبط يا حازم بتقولي خلاص لاقينا مراتك الي بقالها سبع شهور مختفية وبدل ما تقولي يالا أحنا رايحين نجبها تقولي اقعد
حاتم : يا ابني اهدي بقي ملك مهمة عندنا احنا كمان بس نعقل الأمور هي دلوقتي حياتها في خطر ، ومش عارفين مين الي عايز يأذيها واحنا شاكين في ناس من الجهاز عندنا فلو حاولنا نروح ننقذها الاخبار هتوصلهم ومش بعيد يقتلوها
جلس حازم مكانه بحزن قائلا بقلة حيلة : والعمل دلؤتي ايه هنسبها كدة
حاتم : ومين قالك بس اني هخلي حد يمس منها شعرة ملك دي أختي يا حازم
تن*د حاتم مكملا حديثه قائلا : ملك موجودة في مستشفي الخانكة للأمراض العقلية والي حطوها هناك بيتعمدوا يدوها دوا يخليها تتجنن بس متقلقش أنا وصلت للمرضة المشرفة عليها واتفقت معاها انها تساعدنا
قبض حازم علي يديه بغضب قائلا : يا ولاد الجذمة ورحمة امي مش هرحمهم, والممرضة دي هتساعدنا ازاي
حاتم : هتبدل الدوا الي بتاخده ملك لفيتامينات وحجات تشفيها وملك لما تسترد صحتها هتلاقيها هي الي جاية بنفسها هنا ده مش بعيد تخلص عليهم في طريقها وهي جاية , وانت أكتر واحد عارف ملك وعارف هي تقدر تعمل ايه
حازم : أيا كانت قوتها يا حاتم فهي من جوا أرق بكتير اه تبان انها قوية وجاحدة وقلبها ميت ، بس في الحقيقة مفيش أطيب وأحن من قلبها ، وأكيد دلؤتي خايفة وبتنادي عليا أروح أنقذها وأنا قاعد هنا متربط مش عارف أعمل حاجة
حاتم : احنا صبرنا كل ده مجاش علي الكام يوم دول , و احم انا عارف الموضوع ده من شهر يعني خلاص ملك زمانها قربت تنهي علاجها وتخرج
نظر له حازم باندهاش قائلا : كمان يعني بقالك شهر مخبي عليا انكم لاقيتو مراتي يعني أقتلك ولا أعمل فيك ايه ها
حاتم : لازم تعرف ان الموضوع كان لازم يفضل سر محدش عارف مين الجواسيس الي شغالين معاهم وفي حياتنا ولو كانوا عرفوا الي بنعمله مكناش هنعرف نعمل حاجة ولا نقدر ننقذها عشان كدة مرضتش أقلك
حازم : وايه الي خلاك تقولي دلؤتي
كاد حاتم أن يرد عليه الا أن ظهور مربية فرح قاطعه والتي نظرت لهم قائلة : مستر حازم فرح دلؤتي نامت وأنا ورايا مشوار ضروري ولازم أمشي دلؤتي
أوما لها حازم بلامبالاة قائلا : تمام يا نورهان تقدري تمشي ومفيش داعي ترجعي هنا تاني انا هفضل مع فرح
نورهان : تمام
أنهت حديثها تخرج من المنزل سريعا وسط نظرات حاتم المراقبة لها بدقة
بينما في مستشفي الخانكة يجلس المدير علي كرسيه باسترخاء ترتسم علي وجهه ابتسامة مرتاحة, سرعان ما سمع هاتفه يرن فاعتدل يمسك هاتفه يجيب علي المكالمة قائلا بنزق : ايه يا وش المصايب فيه اخبار ايه تاني
مرت دقيقة يستمع فيها الي الطرف الأخر قبل أن ينتفض من مكانه قائلا بذعر : يعني ايه الي سمعته ده وهما عرفوا منين انها موجودة هنا ده انتو ليلتكوا سودة احنا كدة هنروح في داهية , اخفي من وشي اخفي دلؤتي
أغلق الهاتف بتوتر يشد شعره بغضب قائلا : هتعمل ايه في المصيبة دي يا رأفت ده لو الباشا شم خبر حياتي هتبقي التمن , لا لا أنا مش هقعد كدة لازم أعمل حاجة
قام رأفت بالاتصال علي رئيسه قائلا بتوتر : احنا اتكشفنا يا باشا وعرفوا ان ملك عندي في المستشفى وكمان بتتعالج بدل ما تاخد دوا يجننها
استمع الي الطرف الاخر بخوف دقائق قليلة ثم أردف قائلا : تحت امرك يا باشا
أنهي حديثه ثم خرج من مكتبه سريعا بعد أن أخذ حقنة متجها ناحية غرفة ملك وحالما دخل وجدها متسطحة علي الفراش ملامحها مستكينة فاقترب منها بحذر ، وحينما كان علي وشك غرز الحقنة في يدها وجد من تمسك يده بقوة وحالما نظر لها وجدها تطالعه بابتسامتها التي لطالما أرعبته قائلة ببطء : مش هتقولي حمد الله علي السلامة ولا ايه