الفصل الثاني

1466 Words
الفصل الثاني حفلة زفاف جلس الجد عثمان كعادته امام منزله على اريكته المهترئة وهو يشدد من الغطاء حوله فلقد اصبح الجو اكثر برودة، ثم تناول ابريق الشاي الموضوع فوق النار المشتعلة ليسكب كوبا ثم يقوم باحتواءه بين راحتيه محاولا الوصول الى اقصى درجة من الدفء عندما سمع أصوات الخطوات التي تقترب فقام برفع رأسه وهو يعدل نظارته السميكة عندما وجد الاطفال تجمعوا حوله كعادتهم، ابتسم بغضه وهو يشير لهم ان يقتربوا منه حتى يستطيعوا الحصول على اقصى قدر من الدفء عندما طالبه أحد الاطفال بصوته المبحوح المحبب للاذن "لقد جئنا في ميعادنا ايها الجد، لم استطع التوقف عن التفكير في القصة وخصيصا عندما ذكرت اسم قريتنا حضرموت في النهاية، وما هي علاقة الجبال خلفنا بمختبر يقوم بعمل تجارب على البشر" اشار له الجد عثمان ان يتوقف عن التحدث، وهو يخبره ان يجلس بين الاطفال ثم أكمل حديثه بمحبة" لا تقوموا باستعجالي سأخبركم بالرواية، كنا قد توقفنا عند موافقة تحالف المناصرين بالخطة والتوجه الى جبال حضرموت، في هذه الفترة كان هناك قرية على الطرف الاخر من البلد لا يعلم أحد شيئا بشأنها لموقعها المميز فلقد كانت اسفل الجبال الشاهقة حيث العشب الاخضر وتحاوطها غابة ساعدتها أكثر على اخفائها عن عيون الفضولين، كان اهل القرية من البسطاء استطاعوا التعايش في المنطقة وقاموا بزراعتها بمختلف المحاصيل الزراعية، وكانت تعتبر القرية الوحيدة في العالم التي تملك أبقار وخراف،كان أهل القرية من الاناس الطيبيين ومن وسط سكانها ظهر الثنائي الصغير آدم وفيحاء الذي أينع الحب في قلوبهم منذ صغرهم، فلقد كانت فيحاء يتيمة الابوين تسكن مع جدتها وهناك قابلت ادم منذ ان رأها ادم وعلم انها حب حياته كان يهتم بها وينفذ طلباتها حتى انها ذات مرة طلبت منه ثمرة من شجرة عالية فما كان منه الا ان صعد وأحضرها ولكن لسوء حظه بينما يهبط وقع ليسقط على صخرة حادة، ولكن الحمد لله نجى منها لكنها تركت له ندبة مميزة على شكل هلال فوق فكه" نظر له الطفل ذو الصوت المبحوح بضيق وهو يزفر مما جعل عثمان يقطع استرساله وهو يسأله ما هو خطبه أجابه الطفل "لقد مللت التحدث عن قصة حب تافهة اريد معرفة الاحداث، وما علاقة ما تخبرنا به ببطلة البلاد العنقاء" قهقة العجوز عثمان وهو يصب كأسا من الشاي، ثم اكمل الروي "ان كنت تظن انني هنا لاتحدث عن قصة حب باليه فأنت مخطئ ولكن الحب كان المحرك لهذه الثورة فحبنا للاشخاص هو دافعنا لحمايتهم والبحث عن حياة كريمة لهم، والان لنكمل قصتنا كان قد مر خمسة عشر عاما على بدء الاحداث بالفعل عندما سمعت فيحاء صوت قطار يعلن عن وصوله من بعد بقاءه في الحرب لأعوام دون زيارة واحدة حتى تمني نفسها بأن تتذكره وتتوعده ان قام هو بنسيانها وما كان منها الا ان ركضت مثل الاطفال الصغار تتلهف للقاء الغائب وهي تتجه ناحية المحطة وما كادت تصل حتى لمحت عدد من الجنود يرتجلون من القطار وهم يتمازحون ويضحكون وكأنهم لم يخرجوا لتوهم من حرب طاحنة، فلقد اعلن التحالف منذ شهر عن انتهاء وسوف يعود بعدها الجنود الى ديارهم بعد سنوات انقطاع عن أهاليهم، اخذت فيحاء تنظر في الوجوة حتى لمحت الندبة على شكل هلال فوق فكه وهنا ركضت نحوه لم تشعر بنفسها الا وهي تحتضنه وتبكي بينما هو احتواها بين ذراعيه وقام بتهدئتها عن طريق الربت على رأسها، لا يعلم احد كم طال الوقت قبل ان تستجمع انفاسها وتبتعد بخجل وقد توردت وجنتاها بينما لم يرحمها هو الاخر وعينيه تجوب في ملامحها محاولا اطواء ملامحها داخله، ثم دمعت عيونه في نظرة اخبرتها الكثير عن اشتياقه" تأفف الطفل مرة أخرى لكن الجد عثمان تجاهله وهو يكمل"مرت أيام والقرية تحتفل بالعائدين من الحرب حتى انهم قاموا بذ*ح بقرة وطهوها مع صنع مأدبة من مختلف الخضروات والفواكة الطازجة، جمع اهل القرية طاولات الطعام ووضعوها في منتصف السهول وبدأت النساء اخراج ما تم نضجه من الطعام وبعد ان اكتمل التجهيز حتى اقبل الجميع على ما لذ وطاب من المأكولات وبدأوا في التهامه وسط الضحكات والمزحات بينما كانت عيون ادم تتجه الى فيحاء وحدها يحاول أن يكتفي منها ولكن هيهات كانت كالادمان كانت بالنسبة له م**ره المفضل، تثير جنونه حد الثمالة لو كان هناك شرح وافي لما يعانيه لكان الامر اشبه بتأثير م**ر مندثر يسمى ال*****ن " لاحظ الجد عثمان انه خرج من سياق الامور ليسعل بقوة وهو يعدل نظارته السميكة فوق عينيه الذابلة ثم قام بعد ذلك باكمال الروي"وجد ادم نفسه ينهض مسرعا ثم التقط يديها مجبرا اياها على الوقوف وسط اعتراضها المبتسم ثم ركض وهي خلفه بينما اهل القرية يعلنون شجبهم ورفضهم للامر محاولين اخفاء نظراتهم المتمنية السعادة لهم، بينما اشار له والده محذرا اياه، استمروا بالركض حتى وصلوا الى الغابة ساروا قليلا وهناك وصلوا الى شجرة قام الجميع بتسميتها أم الغابة نظرا لضخامتها قام برفعها لتتسلق الشجرة بخفة وقام بمتابعتها حتى استقرت على جذع ضخم ثم صعد هو الاخر ليجلس فوق جذع مقابل لها، نظرت حولها تتطلع الى المكان من أعلى نظرة خاطفة على جبال حضرموت اثارت القشعريرة داخل جسدها فمن هناك تأتي اصوات صرخات مخيفة وكأن هناك أرواح تعذب ثم نظرت الى جدول الماء الذي يتلألأ خلفها بفعل اشعة الشمس، نظرت بعدها نحوه لتجده يمسك بين يديه خاتم من الماس بينما يده الاخرى ممدودة لها ثم بدأ يتحدث بصوت متهدج (فيحاء مالكة القلب والروح والحياة هل تقبلين الزواج مني؟) بدأت فيحاء بالضحك بهيستريا حتى دمعت اعينها مما اغضبه فبدأت بالاعتذار له ثم انفجرت باكية ليقوم بتهدئتها وهو يحاول معرفة خطبها فقامت بض*به في كتفه بقوة ثم اخبرته بهدوء فلتستعد ايها العريس فلقد اعددت كل شيء لحفل زفافنا ليلاً، خ*فت الخاتم من بين اصبعه وهي ترتديه ثم نزلت مسرعة من فوق الشجرة وهي تخبره انها ذاهبة للاستعداد لحفل الزفاف، نظر لاثرها وهو يضحك بجذل لن تتوقف هذه الفتاة عن ادهاشه مرة بعد مرة اعتدل الجد عثمان في مجلسه وهو يتناول من زوجة ابنه غطاء من الصوف ويقوم بلفه حول قدميه وصب لنفسه كأسا اخر من الشاي ثم اكمل "تجمعت الفتيات وهن يتجهن ناحية الجبل حيث يوجد عيون مياة في كهوف داخل الجبل منها الساخن الى حد الغليان ومنها الدافئ كان يستخدمانه للاستحمام او للبخار الكثيف كما يمكنهم ايضا الاستفادة من الطمي لتنعيم البشرة والوجه، وبدأت حفلتهن في اعداد العروس وهن يتمازحن دون ان يدركوا ان من الناحية الاخرى استمع لصوتهن احد الجنود فاقترب بحذر فأثار حيرته انه يمكن ان يتواجد بشر تحت سحابة غاز الميثان المميتة فانصت الاستماع ليدرك من حديث الفتيات انهم يقطن في هذه المنطقة، انطلق الجندي مسرعا الى القائد الاعلى منه يخبره ان هناك قرية ما هنا يقطنها السكان، نظر له القائد غير مصدق ولكن ما ان تابعه بنظره حتى تأكد من صحة ادعائاته فأمر ان يقوم بمتابعتهم ومعرفة وجهتهم، وما ان ذهب الجندي خلفهم لمراقبتهم حتى سأل احد الضباط صديقه القائد على ما ينتوي أن يفعله ابتسم القائد بخبث ان هذه فرصة لا تعوض ليقوم العالم بتجاربه على البشر، وهل هناك افضل من قرية لا يعلم بشأنها أحد ان تكون فئران لتجاربه،فابتسم صديقه ساخرا وهو يخبره ان القرية معروفة للكل والا لما كانت هناك سكة حديدية توصل اليها وحتى ان هناك جنود قد عادوا من الحرب بالفعل، اطلق القائد سبة ولكنه اكمل بخبث انه سيتمكن من اقناع التحالف باجراء التجارب فسأله صديقه ولما يريد فعل ذلك رغم انتهاء الحرب فأخبره بهدوء مجرد احتياط وبالفعل لم يطول الامر حتى استطاع أن يأخذ الاذن بالحصول على بضعة رجال لاجراء التجارب وكأن الامر هين وكأنهم فئران تجارب" مسح الجد عثمان دمعة خرجت من محجريه تعلن عن كمية الالم التي تعتصر ص*ره فقط من الذكريات ثم اكمل بصوت مختنق "في ساحة القرية قام السكان بفرش الارض بالزهور وتم تعليق الزينة بينما بدأت انغام الموسيقى تسطح في المكان ثم أتى المأذون ليعقد القران فعلى الرغم من انه في ظلال الحرب فقد الكثيرون من المسلمين حياتهم والبعض الاخر يفقه القليل عن الدين الا ان المأذون ظل من الثوابت لديهم وما أن انتهى المأذون من عقد القران حتى حمل ادم زوجته فيحاء على كتفه ورأسها تتأرجح للخلف وهي تضحك بسعادة التفت ادم للجموع التي ترقص وتتمايل على الانغام والفرحة التي تعم الجميع ليخبرهم ان يستمروا في الاحتفال بينما هو سيحتفل بطريقته الخاصة، وبعد وقت ليس بالكثير استمع ادم لصوت طلقات اعيرة نارية وصراخ النساء بينما تعالى صوت الرجال كأنهم يتشاجرون فقام مسرعا ليرى ما خطبهم، ارتدى ملابسه بسرعة وهو يخبر فيحاء ان تبقى ولكنها قامت هي الاخرى بارتداء ملابسها ووجنتها حمراء من الخجل فلقد اصبحت زوجته امام الله الان، ثم تبعته لترى جار لهم مصاب بطلق ناري في ص*ره والدماء تسيل منه بغزارة بينما زوجته تبكي فوق جثته، وعلى مقربة منهم وقف الجنود وهم يشيرون الى حافلة نقل جنود اقترب منهم ادم مسرعا يحاول ان يفهم ما الذي يحدث حوله وهنا اخبره الضابط ان هناك اوامر من التحالف باحضار بعض الرجال من القرية بصورة ضرورية لحماية المختبر بداخل الجبال نظر له ادم بحيرة فلم يكن لديه فكرة بوجود المختبر من الاساس ولكن امر الاستدعاء في يده واضح ولا يحمل الكثير ليقال فأخبر الضابط انه يشرفه حماية المختبر لانه احد الجنود المتمرسين، اعترضت فيحاء وهي تستحلفه بكل عزيز وغالي ان يعدل عن قراره ولكنه ابتسم لها بحب ان هذا واجبه لكنها صرخت به ان الحرب انتهت دون جدوى ارتجفت شفاة الجد عثمان وهو يتذكر الاحداث كما حدثت بالامس وكيف كان يساق الرجال كمن يسيرون نحو هلاكهم ويتم ترحيلهم الى المختبر فتوقف عن التحدث وهو يقاوم البكاء مثل الاطفال"لقد تعبت يا أطفال والان ارحلوا ولنكمل في يوم اخر فلقد انتهى حفل الزفاف بالفعل"
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD