الفصل السادس

3206 Words
" الشعور بالاحتياج يجعلك هش .. ضعيف .. قابل لل**ر .. تحتاج لاي احد تستند لكتفه .. تحتاج لتمسك في يد احدهم " انتهت فريدة من لبسها وهي تكاد تنفجر من الغضب منه ، لما يتعمد تجاهل رأيها في قرار مثل ذلك .. الاعلام !! .. سمعت صوت طرق علي الباب ، فالتفت لتراه يدخل دون ان ينتظر الاذن بالدخول مثل كل مره .. ادارات وجهها عنه من الغضب لا تريد ان تريه ذلك الجانب الغاضب منها .. تريد الاحتفاظ بالصوره الهادئه الرقيقة لها امامه ، تنفست بعمق محاوله ان تهدئ حتي سمعته يقول : ما هذا الجمال زوجتي المستقبلية !! فريدة باستنكار : ماذااا ؟! ادهم وهو يتصنع البراءه : انا لم اخطئ فانتي غدا ستكونين زوجه لي فريدة وهي تتحدث من بين اسنانها بشراسه : زوجه علي الورق ادهم وهو يخفي انزعاجه مما قالت للتو : ايا كان ، فانتي فاتنه لاول مره فريدة تشعر بتلك الاحاسيس ، الخجل المفرط ، فكانت ترتدي مجرد فستان بسيطه باللون الاسود بدون اكمان ويغطي الص*ر بطريقه راقيه يتجسد علي جسدها ويصل الي قبل ركبتيها .. وقف ادهم يشاهدها باستمتاع واضح فهو لاول مره يراها خجله لدرجه احمرار خديها بهذه الطريقه . قطعت ذلك الصمت فريدة وقالت : هيا لنتحرك .. اريد ان انتهي من ذلك سريعا . تحرك علي مضض وقال لها : انا ايضا اريد ذلك .. هيا بنا •••• عندما وصلوا الي تلك القاعه التي يعقد بها المؤتمر امسك ادهم يد فريدة باحكام واضح ، وهو اكثر من سعيد لذلك ، وعندما بدأ هجوم التصوير طوق ذراعيها ، واحتضن خصرها في تملك .. احساس من الذعر والقلق انتابه بشأنها ، بشأن انه يمكن ان يحدث شيئا لها في هذه الفوضي ، فاراد ان يخبئها بين اضلاعه .. توالت عليهم اضواء الكاميرات التصوير ، فأغلقت فريدة عينيها بشده منزعجه من الاضواء ، وعندما احست بيد ادهم تحتضنها لا تعلم لما لم تشعر بالخوف .. بل الع** شعرت بالامان !! لانها بالاصل لا تحب ان تبقي تحت الاضواء او مركز اهتمام للاخرين .. ذلك يجعلها في اشد درجات توترها .. فوجدت نفسها لا اراديا تدفن وجهها في ص*ره تحتمي به من تلك الاضواء التي حاول سبر اغوارها .. تفاجأ ادهم من فعلتها تلك ولكن لم يأخذ وقتا طويل في الاستيعاب ، فقد احكم ذراعيه عليها اكثر لانه شعر بتوتر جسدها .. بذل الحراس جهدا في ابعاد الصحافه من الاقتراب منهم حتي استطاعوا الوصول للمنصه .. جذب ادهم الكرسي الاول لفريدة التي كانت ممنونه له بحمايه الي ان وصلت اخيرا للكرسي .. عم الصمت القاعه حتي اشار ادهم برأسه لبدأ الاسئلة . احد الصحفيين : سيد ادهم اري ان خبر زواجك كان مفاجأه للناس بكل الطرق ، فما السبب الرأسي وارء ذلك الزواج خصوصا وهو بتلك السرعه ؟ ادهم : ليست مفاجأه فنحن كنا نخطط لها قبل الحادث ، ولكن ما حدث قلب كل ترتيبتنا .. انا وفريدة نعرف بعضنا منذ ثلاث سنوات وتطورت علاقتنا بسرعه للحب ، لكن ارادنا ان ينمو حبنا بعيدنا عن الاعلام حتي نستطيع مباشره عملنا دون شائعات .. الان بعد ان هدأت الاوضاع اعتقد ان الوقت قد حان للزواج .. قالها وهو ينظر لفريده نظره حب ** : ذلك يفضي بنا الي السؤال التالي .. الحادثة .. ما سر اختفائك منذ الحادث ولماذا لم تظهري الا الان ؟ فريدة وهي تتذكر كلام ادهم لها في السيارة ، وتأكيده عليها بان تجاوب بما قاله لها ، اخذت نفسنا عميقا وجاهدت حتي تنظر الي ادهم بحنان وحب وقالت : لقد دخلت ف غيبوبة مدتها ثلاث اسابيع وبفضل ادهم بعد الله انا الان اجلس بينكم .. لقد كان مع وقت الحادث وهو من انقذني من الموت .. وبسبب خوفه علي ممن فعل الحادث ، تكفل بنقلي لمنزله ورعايتي وحمايتي حتي الان .. صمتت قليلا ثم قالت بصدق : شكرا لك .. اضافت بعدها بهمس :حبيبي ابتسم ادهم ابتسامه عفوية ، ثم اقترب منها وقبل جبينها تحت ذهولها وعدم قدرتها علي الحركه .. فصفق جميع الحاضرون بحفاوه . ادهم : هل من اسألة اخري ؟ ** : من تظن انه وراء الحادث ، فعلي حد علمنا انكي لم تدلي باقوالك الي الان ؟ فريدة بارتباك تحاول الا تظهره ، فضمت كفيا معا بشكلا حاسم : ليس لدي علم ولكن اعتقد انهم اعدائا لدكتور بن ؛ فكان يتلقي دائما تهديدات من اعدائا كثر ولا يلقي لها بالا . ** : ماهو ردك علي احراق مركز الاستشارات النفسية الخاص بدكتور بن ويلسون وبرأيك من فعل ذلك ؟ تكونت غصه في حلقها فور سماع ذلك ولكنها تظاهرت بالتماسك : لا اعلم من فعل ذلك ولا الغرض من وراء ذلك ولكني اثق في جهود مكتب التحقيقات الفيدرالي في القبض علي الجناه . ** : اعتقد ان خسائر المكتب المادية تقدر بأكثر من 17 مليون دولار ، فقد كان مجهز بافضل وسائل الامن ومع ذلك تم احراقه .. هل ستعيدين بنائه من جديد ؟ فريدة وقد استغربت من السؤال فردت باستنكار : المكتب كان ملكا لدكتور بن اما الان فعلي حد علمي اصبح ملكا للدوله لعدم وجود ورثة له . ** : كيف دكتور فريدة وانتي الوريثة الوحيدة لدكتور بن بوصية قانونية .. الا تعلمين بذلك ؟! بهتت فريدة من السؤال واصابها البكم .. التفتت تنظر لادهم باستفسار حول ذلك ولكن اكتفي باماءه لها بمعني "نعم الخبر صحيح" نظرت له بحده والتفتت مره اخري للصحفي وقالت مغيره للموضوع : هل هناك اسألة اخري؟ ** : تدور شائعات عن السبب وراء تضمينك وريثه لدكتور بن وهذه الشائعات منتشره منذ قبيل قتله .. الشائعات تقول ان العلاقه بينكما لم تكن عمل فقد بل تخطت العمل و.. قبل ان يكمل كان ادهم قد انتفض من كرسه ونظره له نظره مميتة وقال بنبره مرعبة : كيف تجرؤ علي قول ذلك !! امسكت فريدة بيده واعطته نظره مهدئه ثم قالت وهي تحاول السيطره علي مشاعرها وعدم السماح لدموعها بالهبوط الان امام ذلك الحشد من الناس .. ما هذا السؤال السخيف !! نعم بالرغم من انها تدعي القوه الا انها الان وبعد ما حدث الان اصبحت اضعف من ورقه شجره تسقط في موسم الخريف !! لقد علمت الان انها كانت تستمد قوتها منه ، والان هو ليس موجودا : بن لم يكن فقط رئيسي بالعمل او استاذي بالجامعه .. بن كان ابا لي ، كان السند لي .. لقد توفي والدي وانا صغيره جدا لم اعرف طعم الابوة .. بن اعطاني ذلك الشعور .. لقد ساندني كثيرا ودعمني وقت ان كنت بمفردي .. ساعدني في دراستي وعملي حتي اصبحت ما انا عليه الان .. وهو بالمثل فقد اعتبرني ابنته التي قتلها المجرمنين في محاوله انتقام منه والان قتلوه هو ايضا .. الذي اريد قوله الان ان بن كان .. صمتت ولم تستطع الاكمال فقد اختنقت بالعبارات وتلك الغصه التي تكونت في حلقها تأبي ان تسمح لها بالتنفس ، لم تدري الا وادهم يضمها بشده الي حضنه .. لم تبتدي اي اعتراض فذلك ما كنت تحتاجه بشده ، حضن تبكي فيه ويحميها من عيون الناس التي تحاول اختراقها الان دون مراعاه لمشاعرها .. اخذ يملس علي شعرها ويهمس لها بكلمات تطمئنها .. بكت الي ان ابتل قميصه وهو لم يمانع ، فعندما رأها وشفتيها ترتعش اثناء الحديث وتلك الدموع التي تكونت في عينها الذهبيه تمنعها من الرؤية ، وتشبثها بقميصيه بكلتا يديها الصغيرتان ، اثار لديه شعور باحتياجها له وانه يجب عليه حمايتها اكثر من ذلك ، ولا يسمح مطلقا بحدوث ذلك مره اخري .. استشاط غضبا من ذلك الا**ق الذي ابكاها واشار فورا لعادل بانهاء المؤتمر وخروج كل هؤلاء الحمقي من امامه ، اما ذلك الو*د الكبير الذي ابكاها فكان له معامله خاصه جدا . بعد ان هدأت انتبهت انها بحضنه تبكي وتمسك بقميصه تعتصره بين يديها كأنها تخشي من ان يتركها ويذهب .. استنكرت فعلتها وتركته بسرعه ، وهي تغمغم بكلمات اعتذار مبهمه وتتحاشي النظر في عينيه وتمسح عينيها بطريقه طفوليه اثارته بشده .. حاولت ان تنهض الا انه امسك معصمها بقوه معيدا اياها الي مكانها مره اخري .. نظرت له باستنكار وكادت ان تتحدث فقال لها : فريدة اهدئ واجلسي حتي ينتهي الحرس من فض الجموع بالخارج . التفتت تري القاعه قد فضت جميعها وتسألت كيف في هذه الثواني فعل ذلك ام انها استغرقت وقتا طويل في البكاء .. لامت نفسها بشده علي فعلتها تلك .. كيف تحتضنه بتلك الطريقه وامام هذا الحشد من الناس .. لاحظ ادهم تلون وجهها وبدأ يستمتع بتأثيره عليها فقال بنظره استمتاع : لا بأس .. لم يكن بالسئ الي هذا الحد . نظرت له فريدة بحده وقالت : ماذا تقصد ؟ ادهم وهو يتصنع البراءه : المؤتمر بالطبع . ادارت وجهها عنه متجاهله سخريته فقال : هيا بنا نستطيع الرحيل الان طوال الطريق ظلت صامته تنظر من نافذه السياره و لم تتحدث بشئ حتي وصلوا فسارعت بالصعود الي غرفتها فستوقفها ادهم قائلا بنبرة آمرة : العشاء سيكون جاهزا بعد 10 دقائق .. اريد اراكي في غرفه الطعام!! قال ذلك ثم ادار ظهر تاركا ايها تقف بين السلالم متلعثمه لم تستطع الرد فتلك اول مره لها تأكل معه او تأكل في غرفه الطعام .. فطوال الايام السابقه التي رفضت خلالها الطعام .. كان يبعثه لها مع تلك المرأه الخمسينيه التي تدعي علي ما تذكر "مريم" ، مصرية ايضا ذلك الذي علمته عندما حدثتها باللكنه المصريه ذات مره ، هي امرأه تحمل في عينيها نظره الامومه دائما .. فلا تنكر ، لقد شعرت بالراحه لها .. صعدت السلالام بارهاق وابدلت ملابسها ب**ل وهي تحاول ان تتجاهل ما حدث في المؤتمر حتي لا تضعف فيكفي ما حدث الي الان .. خرجت من الغرفه علي استحياء وهي تنظر في كل الاتجاهات علها تري من تسأله علي مكان غرفه الطعام ، فالقصر متسع بطريقه تثير الرهبة في النفوس .. فور ان ارادت ان تنزل السلالام وجدت مريم في طريقها لها فقالت : سيدتي .. السيد ادهم بانتظارك في غرفه الطعام فريدة : شكرا مريم ولكن دعيني فقط ب فريدة لا داعي لكلمه سيدتي فانا لا احبها .. اومأت لها مريم : حسنا فريدة من هنا فتح بابا كبيرا علي مصرعيه يطل علي سفرة طويله تتسع لعشرين شخص تبدو عليها الرقي والفخامه بدرجه تشعر الفرد بالتوتر .. نظرت امامها وجدت ادهم يترأس الطاوله وينتظرها ويشير الي كرسي علي يمينه ، لتجلس فريدة علي مضض .. فكل هذا الثراء لا يشعرها بالراحه مطلقا وتجد نفسها غريبه ، ولا تتفق تماما مع هذا المكان .. فطوال عمرها لم تحلم بمثل هذا للثراء يوما .. بدأت مريم في وضع الطعام ، فامسكت شوكتها تعبث في طبقها وذهنها شارد في القادم ، وكيف ستستطيع التعايش مع كل ذلك الثراء ، وفجأه طرأت علي ذهنها فكره انها الوريثه الوحيدة ل بن .. لما ادهم لم يخبرها بذلك لما اخفي عنها ؟! .. لاحظ ادهم عبثها في الطبق ولم يعجبه ذلك فسبب اساسي في جعلها تأكل معه هو انه يريدها حقا ان تأكل فهي لا تأكل الا القليل من الطعام .. الاصح ما يبقيها علي قيد الحياه .. فقد نحفت بشده . قال بنبره صارمه جاذبها اياها من شرودها : كفاكي عبثا في الطعام وتناولي كل ما في طبقك . تفاجأت بشده من لهجته وقالت بحنق : لا تأمرني .. انا لست طفله . ادهم بسخرية : بلي مازلتي طفله .. والان انهي طعامك . فريدة بكل ما تحمل من غضب : قلت لك لا تأمرني ولست طفله .. ثم قل لي لماذا لم تخبرني بشأن وصيه بن بتوريثي املاكه !! انهت جملتها بصراخ جعلت ادهم يحترق غضبا فقال بنبره حاده وهادئه : اخفضي صوتك فريدة ولا ترفعيه مره اخري وانهي طعامك الان !! نظرت له وهي ترفرف باهدابها بشده ، فقد شعرت بندم بعد ان انتهت من صراخها فبحياتها لم تصرخ علي احد ، ولم تكن هذه طريقتها في الحديث مع احد ، ولكن الان تشعر بال.. الخوف ؟! فريدة وهي تجرب صوتها : لقد قلت لك لا تأمرني فانا لست خادمتك ولا تغير الموضوع واجب سؤالي . التف لها بكامل جسده فجعلها تندم علي ما قلته ، فنظرته عينيه كانت مرعبه وهو يصر علي اسنانه بشده تجعل فكه يهتز دليل علي الغضب .. قال من بين اسنانه : فريدة ! لا تختبري غضبي .. انا لم انزلك من الغرفة لنتحدث .. انهي طعامك الان !! لم تحتاج لان يكرر كلامه مره اخري وباشرت بالاكل سريعا .. قررت ان تتحدث معه في غير وقت ، فليس من العقل تماما الوقوف امام مثل هذا البركان الثائر .. فتلك النظره علمت منها انه ليس بالشخص الصبور والقابل للتفاوض ، وهي تلاحظ لاول مره تلك الصفه به ، وذلك ليس بالجيد مطلقا .. فايا كان ذلك الشخص غدا سيصبح زوجها .. الفكره في حد ذاتها جعلت قلبها ينقبض .. كيف ستتعامل معه حتي لو كان مجرد زواج علي ورق !! بالتأكيد سيتطلب منها درجات عليا من الطاقة النفسية ليست تملكها الان . بعد ان انتهت قامت مباشرتا دون ان تستأذنه ، وخرجت من قاعه الطعام تنوي العوده لغرفتها ولكن استوقفها بابا مطل علي الحديقه ، فارادت ان تلقي نظره علي بيري .. تلك الكلبه اللي اهملتها طوال الايام الماضية جرت عليها الكلبه مرحبه بها بشده كالعاده ، فلعبت معها فريدة حتي نسيت كل همومها .. جلست باسترخاء علي العشب الاخضر تنظر للسماء ولتلك النجوم المتناثره فيها ، ولذلك النجم الذي يلمع بشده دون البقية ، ويبدو في الظاهر اكبر منهم في الحجم وكأنه مصباحا معلقا بالسماء !!.. تذكرت الليالي التي كانت تجلس فيها مع بن بحديقه منزله يشاهدوا النجوم ، وهم جالسين علي تلك الاورجيحه و بن يقول لها "ان الليلة الذي يطل فيها هذا النجم هي ليلة مميزه لكل من يراه " لطالما كان ردها " ان هذه الليلة مميزة لانك بجانبي ابي " .. نعم هكذا كانت تناديه عندما يبتعدوا عن الحياه العملية .. ابي .. الي الان مازالت لا تصدق فكره موته .. ابي لن يكون موجود بعد الان . ابتسمت بحزن والهواء يلفح وجهها ، فاذا كانت الليالي السابقه مميزه لوجود بن في حياتها فلما هذه الليلة الان مميزه ! ربما لشده حزنها .. فهي تشعر الان انها مرهقه نفسيا لدرجه لم تتعرض لها يوما .. شعرت فجاءه بظل يصد عنها الهواء فادارت عينها اتجاه فوجدته ينحني ويتمدد بجوارها بهدوء علي الارض ويقول بلا مقدمات : انها ليلة مميزه لسطوع النجم القطبي في السماء . تفاجاءت فريده من قوله لدرجه انها شكت في سمعها ونظرت لها وهي تفتح عينيها علي اتساع من الصدمه وقالت : ماذا قلت الان !!! قال بلامبالاه : اترين هذا النجم الذي يلمع بشده وسط النجوم .. لطالما اؤمن بان الليله التي اراها به هي ليلة مميزه ، ليس بالضروري ان تكون سعيده ولكن فقط مميزه .. استبشر به خيرا بشده .. اعلم ، يمكن ان ابدو غير عقلاني بذلك ولك.. قاطعته فريده قائله : انا ايضا اؤمن بذلك . ادار رأسه لها حتي اصبح علي بعد انشات من وجهها وتأملها بدهشه : من اين لكي بذلك ؟ اراحت راسها مره اخري علي العشب وقالت دون ان تنظر له فقط تنظر للنجم مره اخري : بن هو من اخبرني بذلك .. لقد كان دائم الحديث عن هذا النجم عندما يتعلق الامر بتأمل النجوم .. كنا نجلس بحديقه منزله علي اورجيحه واسعه نشاهد النجوم واستمع له وهو يقص عليّ اخبار النجوم .. فقد كان مولع بقراءة حركه النجوم وتقلبتها في السماء .. كان يؤمن بذلك بشده .. اتذكر انه في اخر ليله لنا تأملنا بها السماء انزعج بشده وعندما سألته عن السبب رفض ان يفصح لي عنه وقال انه ليس بالشئ الهام .. افتقده بشده الان .. اتعلم ما ابكاني اليوم ؟ ليس لاني تذكرته ولكن لاني ادركت اني اكذب بشأن قاتله .. اني اصبحت شريكه في قتله الان بتستري علي القاتل .. بن لا يستحق ذلك مني لقد فعلي لي الكثير .. صمتت للحظه والدموع تنهمر من عينيها دون توقف ، تري كل فعله معها فاحست انها ستختنق بالكلام ان لم تفصح عنه .. كان يتستمع لها وهو متفاجأ قليل مما تقول ، ويشعر بالغضب والغيره من حزنها علي ذلك البن ، وهو يفكر بصحه ما قاله ذلك الصحفي اليوم ، ولكن عندما قالت اخر جمله انتبه لها بشده وصمت يحثها علي استكمال الحديث ، فقد شعر انها ستقول شئ مهما عن نفسها .. فاليوم وبعد ما قاله ذلك الو*د عنها في المؤتمر بدأ يفكر في الامر بشكل جدي .. يا تري ما حقيقة علاقتها ب بن؟ .. ولما يوصي بكل امواله لها بعد وفاته؟ .. لابد وان العلاقة بينهما اكبر من مجرد تبادل عاطفي لمشاعر الاب وابنته .. مجرد ان خطرت تلك الفكره علي ذهنه جعلت جسده يتصلب من الغضب . اكملت وكأنها تزيل هما كبيرا من علي عاتقها : كل ما اتذكره عن ابي هو انني كنت مرتبطه جدا به ، كان كل شيئا بالنسبة لي ، كان هو من يطعمني و يحممني و يوصلني للمدرسة ، كان يحملني طوال الوقت اجلس بحضنه باستمرار ، حتي في السياره كان يضعني علي ركبتيه ويربط الحزام علي كلينا .. كنت انا دائما علي دقات قلبه .. امي لم يكن لها دورا كبيرا برعايتي ، و اعتقد ان ابي كان يريد فعل كل ذلك بنفسه .. اتذكر تلك المره التي مرضت بها اصبت بحساسيه نتيجه لتأثير داوء معين وانتفخ وجهي وجسدي وكنت اختنق بشده .. وقتها ابي هو من اصطحبني للطبيب بسرعه ولم ينتظر امي ان تكمل ملابسها ، واثناء روجوعنا من المشفي ذهب بي لمحل لعب مشهور واشتري ليا كل ما شاورت عليه .. وعندما رجعنا تلقي لوما لاذعنا من والدتي واصر ليلتها ان يسهر للاطمئنان علي .. مازلت اتذكر ذلك الحضن الذي كان قبيل وداعه لي .. لم يكلف احدهم نفسه عناء ان يشرح لي معني ان ابي قد مات ولما لم يعد موجودا ! .. لا تنظر لي هكذا لا يوجد احد لم يعاني من الالم النفسي ، حتي ولو كان هو من يجلس امامك ليعالجك من معاناتك النفسية .. اتذكر ايضا فتره الضياع التي عشتها بعده مده وفاته .. اخذت مده طويله حتي استطعت التكيف والتأقلم مع فكره عدم وجوده .. الشعور بالوحده والضياع وفقدان السند .. هذا كل ما شعرت به .. الاحساس باليتم .. امي كانت مشغوله باخي لانه كان صغيرا جدا وحديث الولاده اما انا .. انا كبيرة .. ههههههه تبا كان عمري فقد خمس سنوات ولم يلتفت لي احدهم حتي .. كل ما فعلته انها تركت زمام اموري لجدتي التي مع الاسف لم تكن متفقه في التعامل معي .. بعد ان تعبت من سؤالي الملح عن ابي والاجابه دائما واحده .. لقد مات ، صعد عن الرب .. شعرت بعدها بفتره بالشعور بالاحتياج .. الاحتياج للاهتمام .. للحب .. للرعاية .. للضحك واللعب والسعاده .. لكل ما كان يقدمه لي ابي بسخاء .. تلفت حولي ولم اجد سوي امي ، لان جدتي كانت تلجأ للعنف في التعامل معي عندما تغلب في اطعامي او اي شيئا اخر .. كنت اتقرب من امي بشده واحاول ان الفت انتبهاها لي بشتي الطرق .. كنت التصق به ليلا نهارا كظلها ، حتي بدأت في التذمر مني ونهري عن ملاحقتها .. مع ملازمتها الدائمه لاخي الصغير ، نقل لدي الشعور بالرفض من ناحيتها .. فبدأت بالبعد تماما عنها وتجنب كل المواقف التي تجمعني بها والانزواء علي نفسي في غرفتي ، ابكي بالساعات و الوم والدي علي تركه لي مهمله هكذا .. اصبحت طفلة مكتفيه بنفسي ذاتيا .. اطعم نفسي واحمم نفسي والعب مع نفسي .. حتي اذا مرضت لا اشتكي المرض او اطلب العلاج بل بالع** ارفض كل محاولات امي لاتعافي من المرض .. تعلمت الاعتماد علي ذاتي من صغري .. ورفضت اي مساعده من امي او اي شخصا اخر ، حتي لو تسبب لي ذلك في مخاطر .. مر وقتا ولم تنتبه امي لذلك حتي كبر اخي وقل اهتمامها به .. بدأت تلاحظ الفجوه التي اصبحت بيننا .. حاولت التقرب مني لمعرفة الاسباب ولكن كان الرفض صريح مني .. حتي كبرت ودرست هذا المجال وقتها عرفت حقيقه ما عانيت منه وهو اضطراب فقدان السند و خوف التعلق .. بدأت احاول ان اخفف من مشكلتي وبالفعل نجحت ولكن يبقي جزءا منا يرفض ان يقدم اعذارا لمن خذلوه .. فقد كان الامر يصعب ماداواته تماما .. ولكني الي حدا كبير تحسنت علاقتي بوالدتي واخي واصبحنا اكثر قربا .. الي ان جاءت فرصه السفر فوجدتها فرصه جيده لمحو ما سبق ، فالبعد يقلل من حد الالم ويساعد في نسيانه .. وكم كنت مخطئه .. ففي سنتي الاولي هنا تعرضت لتعبا شديد لم يكن بجانبي احدا ولم اكن اعرف احدا هنا سوي المعرفه السطحيه .. الشعور بالوحده والغربة مع الاحتياج الملح للسند .. جعلتني ادرك اهميه اسرتي الصغيره في حياتي .. بسبب تعبي تغيبت عن الدراسه لمده اكثره من اسبوع .. كنت احتضر حرفيا بدون دواء او رعاية وغير قادره علي اطعام نفسي .. حتي جاء لزيارتي اخر شخص اتوقع قدومه .. د. بن .. كان استاذي بالجامعه وكنت دائمه الجدال معه في اساليب العلاج ، ولم اتوقع يوما ان نفس الشخص الجاد في الجامعه هو الشخص المرح في الحياه الشخصيه والشخص الوحيد الذي يأتي لزيارتي .. قام بكل ما يتطلبه الموقف من مساعده .. طلب لي الطبيب واحضر لي الدواء وحضر لي الطعام وسهر بجانبي يبدل لي في الكمادات لخفض الحراره ، وتكفل باعطائي الاجازه الكافية للشفاء .. قال لي يومها وانا اشكره لما فعله معي "انا اري بكي ابنتي ، هل يمكن ان تعديني والدك؟" .. منذ ذلك اليوم ونحن نتعامل علي هذا الاساس .. اعطاني اكثر ما كنت احتاجه .. ساعدني علي تخطي كل العقبات وساعد في تحسين علاقتي بوالدتي اكثر .. الان انا اشعر ب.. صمتت عن الحديث ثم نظرت لادهم الذي كان يستمع لها باهتمام وتلك النظره الغامضه بعينية التي لا تستطيع تفسيرها ، فقررت تغيير حديثها وقالت : لا اعرف لما بوحت لك بكل ذلك ، يمكن لشعوري بالاحباط لذلك الوضع الذي اصبحت به ، او لحزني الشديد علي بن او بسبب ما حدث في المؤتمر اليوم .. ولكن انا اشعر بالندم ، فانسي كل ما قولته الان ولا تفكر بالحديث به معي مره اخري . ثم قامت بسرعه تفر هاربه وهي تلعن وتسب نفسها لما قالته منذ قليل وقبل ان تبتعد لحق بها وامسكها من رسخها وقال : .... # يتبع
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD