الفصل الثالث

4067 Words
لا بالله, ليست تلك البداية أبداً فلتستعموا للبداية من إمرأة ذو حاسة سادسة ونظرة شاملة وحمق عاطفي لابد من تواجده داخل كل أنثى؛ فدوى الإتربي. مصر الجديدة 1995 هنا ابنتي تشبه أكثر إمرأة أمقتها بالوجود حماتي العزيزة إنما جلال يقول إنها تشبهني أكثر. تمارس علي كافة الترهيب لتنال كل محظور عليها وأقبل بكل ترههيب فوجنتاها الممتلئتين الوردتين يقوما عنها بالترغيب. ذكية ولا أنكر فقد علمها أبيها القرءاة والكتابة وهي بالثالثة من عمرها ورغم ذلك قليلاً ما تتكلم العربية وتتحدث دائماً الإنجليزية بلا معلم ولا حتى أنا. كانت أكثر الأطفال هدوئاً حتى بلغت الرابعة ومن حينها أمسينا زوجتين كريهتين لرجل واحد؛ أبيها. تحبه بهوس مريب لما كانت بالثالثة من عمرها كانت تنهض عن السرير بمفردها وتخرج للردهة تهاتف أبيها وتنقل لها وحشتها ودموعها فيهرع إلينا تاركاً زوجته الأولى تسب وتلعن الزوجة الثانية وإبنتها. أخرج من خلفها أجد دموع التماسيح جفت بثوان فأسألها متعجبة : - عرفتي رقم تليفون بابي منين يا هنا ؟ - انتي بتقوليه - لا مش بقوله - لا بتقوليه لما تتصلي بماما نهال وتقوللها كل سنة و انتي طبية نهال زوجة جلال الأولى يجبرني جلال على مهاتفها مرة شهرياً لتحدث الألفة بيننا كما يمني نفسه وبالفعل من عاداتي كلما أقمت إتصال هاتفي أصف الأرقام بإصبعي ولساني سوياً لذلك هنا حفظته عن ظهر قلب فهي لديها ذاكرة فوتغرافية ذو سعة غير محدودة. انظر لعيونها النعسة في حيرة فتصيح بي: - مش بصي كده عيب أصلا ابتسم فتلك تعاليم جلال؛ فقد علمها أبيها أن لا تطيل النظر في وجه أحد مهما كانت الأسباب؛ أولا لكونها فتاة ولابد أن تملك نظرات حيية وثانياً والأهم عيونها الزرقاء الشاسعة تثير الريبة بمن تسلطهما عليه. تهرع للباب وتحاول فتحه فقد شعرت بوجود أبيها قبل أن يقوم بفتح الباب ويجدها من خلفه . يحملها على كتفه ويأتيني سائلاً: - علمتلها إيه؟ - قرصتها - ليه بس ؟ - انت صدقت .. هي اللي قامت من جنبي و كلمتك .. بتدلع - وهي هتجيب رقمي منين؟ - إسألها أنت انا داخلة أنام ما أن أذهب عنهما حتى تصرح له: - وحشتني قتل - وانتي وحشتيني إعدام .. حفظتي الكلمات؟ - حفظاها أصلا - هنسمّع بكرة أصلا و هنشوف أصلا فتاة بالثلاثة تقول وحشتني قتل, بكرهك قتل ولكن الثانية من نصيبي. حملها وعاد لغرفة نومنا وهي بمنتصف السرير بالطبع. تخرج لسانها كيداً لي وتقول: - هنام جنب بابي - إشبعي بيه ياختي يبدل ملابسه للنوم ويضطجع على السرير فتضع رأسها على ص*ره وتذهب في النوم مباشرة وحينها أصرح لائمة: - انت مدلعها زيادة يا جلال - هما عشرة هي بنت واحدة .. وبعدين ما هي شاطرة وبتسمع الكلام لازم تتدلع كلامه هو فقط له السمع والطاعة إنما كلماتي لها رصاص يصم أذانها . أحبها رغم كل أفعالها فهي إبنتي وحلمي الذي أبى التحقق مع زوجي الأول وتحقق مع حبي الأول. تتركني أثني نفسي أمام أبيها لما أكذبه وأخبره بأني من علمها الإنجليزية وأوليها الإهتمام الكافي ولا أصطحبها معي لعيادتي وأتركها بغرفة فارغة بصحبة أل**بها لساعات حتى أنتهي من مرضاي فهو دائماً ناقم على عملي الذي أوليه إهتمامي الأول بل وندم أشد الندم لأنه من إبتاع لي تلك العيادة بكل مدخراته. تربت على كتفي مهونة لما يقتلني الإشتياق لزوجي الذي يتغيب عنا لثلاثة أيام لزوجته الأولى وتخبرني أنه بدوره يقتله الإشتياق إلينا. تجمع دماها وتدعوني لأكون الأميرة بكل حكاياتها الخرافية بينما هي الساحرة الشريرة وملك ممرضتي المساعدة خادمتها الحمقاء. تلقي ملك الدمية من يدها وتقول متبرمة : - انا مش هعمل خدامة تاني - Not maid you fool, my assistant - ( انتِ لست خادمة أيها الغ*ية, بل أنتِ مساعدتي ) - إشتمي براحتك وانا هقول لجلال بيه - وانا هقول لمامي بتاعتك على بدر والحاجة العيب اللي انتي تضع ملك كفها عن فم صغيرتي لتصمتها بينما تقول بتوسل: - هلعب يا هنا اي حاجة انتي عايزاها أنزل يدها عن فم إبنتي وأقول : - يعني مش كفاية سرمحتك معاه كمان تخلي بنتي تشوفك - تشوفيني فين يا دكتورة احنا كنا في القناطر - اومال هنا عرفت منين ؟ - زي ما بتعرف كل حاجة .. ربنا يحميها مكشوف عنها الحجاب لا أصدق ولن أصدق أبداً ما يزعمون, إبنتي طفلة سوية القوى إنما أذكى من الازم ليس أكثر. فبهذا اليوم خاصة إرتدت ملك ممرضتي ثياباً جديدة, صففت شعرها ووضعت المساحيق وتلك الأمور ليست من عادتها أبداً فهي دائما عابسة حزينة والسبب الذي يجعلها حزينة هو نفس سبب التأنق؛ لقاء حبيب يتلاعب بمشاعرها ومستقبلها وهنا إبنتي تملك حساسية مرهفة وذكاء فطري يجعلها ترى تبدل الأحوال بتبصر عميق يلهمها الحقائق الدفينة . أنهض عن البساط الأرضي المبسوط بغرفة إبنتي بالعيادة وأستعد لعملي اليومي بينما أطرد كل فكر غيبي غير مفسر عن عقلي. إبنتي سوية رغم كل قول وفعل حتى يوم أ**د بدل أراءي و معتقداتي أجمع . الرابعة من عمرها وإنتسبت لمدرسة بريطانية دولية أعلنت عن قبول أول دفعة لها وحينها سارعت لإلحاقها بها ولكن فوجئت بإنهم يقوموا بإختبار الأطفال أجمع لقبولهم وهم بالكاد تعلموا النطق بخلاف إبنتي بالطبع. فوجئت مجدداً لما أراد جلال أن يتم إختبار إبنتنا اليوم بكل ثقة وليس ذلك فحسب؛ يريد أن يتم إختبارها للصف الاول الإبتدائي وليس روضة الأطفال ولمفاجأة ثالثة إبنتي إجتازت كافة الإختبارات على تعجب من الجميع إلا أبيها الذي تبجح على مديرة المدرسة الأجنبية قائلاً : - بالعالم الثالث عباقرة أيضا ولكن مواردنا بسيطة على ع**كم بالطبع لذلك أطالب بتخفيض المصاريف المدرسية للنصف فإبنتي كما ترين لا تحتاج حتى تعليمكم .. كذلك ذكر على موقع المدرسة الإلكتروني أن هناك تخفيض للمتفوقين و لم نغادر المدرسة إلا عند حصولنا على التخفيض لإبنتنا المتفوقة حتى قبل إنتسابها للمدرسة. كان زوجي سعيد للغاية, يقبل يداي ووجنتاي ويلقبني بالأم المثالية لإني علمت إبنتي الإنجليزية والفرنسية حتى أنه سهى إن إنجليزتي بالكاد تغطي تعليمي الجامعي وعملي إنما فرنسيتي هي الجيدة وبأي حال لست أنا من علمها حرفَ ولكني لم أخبره بالطبع وتركته بسعادته. المعلم الحقيقي كان أبشع كوابيسي .. كان يوم إجازتي الأسبوعية فقررت قضائه مع إبنتي على ع** عاداتي فقد كنت أتركها لدى زوجة زوجي ليتثنى لها الإعتياد على أخويها كما أوصى جلال كذلك إنما اليوم أصررت أن أكون أماً حقيقيةً وأستذكر معها دروسها. ذاكرنا سوياً طويلاً حتى شعرت بالملل وحينها قالت لتتهرب من الدرس : - انا جعانه عايزة برجر - مفيش برجر يا هنا هناكل انهارده شوربة طماطم وفراخ زفرت في وجهي - أووف بقه- ثم ذهبت عني للعب بدماها ولم يفلح معها أي دلال, بدلت ملابسي وإستعديت للذهاب لشراء البرجر كما تريد الأميرة إنما الأميرة وعلى ع** عاداتها فضلت إنتظاري بالمنزل وليس مرافقتي وتلك سابقة كان حرياً بي ملاحظتها قبل أن أصطدم بالواقع المرير. خرجت من المنزل وإستقليت المصعد ثم تذكرت إني نسيت هاتفي النقال بالمنزل وقد يكون الان بقبضة هنا وتخابر به أصدقائها الخرافيين بالصين لتنهي رصيدي لأجلاً غير مسمى. وجدت هاتفي بالردهة كما تركته تماماً وتلك سابقة أخرى, وجدت إيديث بياف تغني ( Non, je ne regrette rien )2- مع إبنتي بغرفتها وإبنتي تشا**ها وتخبرها بالفرنسية إن صوتها ليس بجودة إيديث بياف الحقيقية. وجدت برودة بالمنزل تجمد الأوصال رغم أن أشعة الشمس تخترق كل ركن بالشقة فقد كنا بشهر أكتوبر, وجدت معدتي مضطربة وساقاي لا تحملاني لخطوة أخرى أثابر للحصول عليها حتى أحصل على إبنتي . وجدت إمرأة طويلة القامة تصل قامتها لمترين أو أكثر فرأسها يصل لسقف الغرفة, تحمل إبنتي بين ذراعيها وتغني لها Edith Piaf - Non, je ne regrette rien , شعرها الأزرق الحريري يغطي قامتها من الخلف .. عيونها زرقاء الشاسعة بلا بؤبؤان فقط شطئان من درجات السماء للأزرق الداكن كما بؤبؤاين هنا تماماً.. قسماتها لمنحونة إغريقية فأنفها بالكاد تجلى إرتفاعه عن باقي وجهها الأبيض الزاهي .. شفتاها رفيعة منمقة من الأزرق الداكن.. يتباطئ دورانها بإبنتي وتنزلها عن يدها أرضاً وتنظر لي بخيبة أمل وتقول : - غ*ية .. فين البرجر ؟ أحدث إبنتي بلهفة قبل أن تصرعني إغمائة فزع: - تعالي يا هنا إبعدي عنها - مش تخافي يا مامي دي صاحبتي تتضائل المخلوقة بثوان لتماثل قامة هنا وتقول مصححة بعصبية مكتتمة : - انا ماما يا هنا - لا يا غ*ية فدوى هي ماما تعود المخلوقة لحجمها الطبيعي وهي بطريقها للتحول تتحول إلي حتى إنها الان أمامي مباشرة ولكن بنفس قامتي, عيونها الزرقاء الخالية بعيوني وتقول بحزن لم يؤدي وظيفته لانها تسخر مني ليس أكثر: - انا الغ*ية!! انا أكبرها و أعلمها و أحميها و أسليها وابقى غ*ية تخيلي جحود الولاد وجهها ليس أدمي ولابد إنها شيطانة فأجد نفسي أردد لطردها من بيتي : - الله لا إله إللا هو تقاطعني تلاوتها : - الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم صدق الله العظيم .. تترك التلاوة وتتحول عني لهنا وتقول: - كملي لماما يا هنا ثم تعود إلي مجدداً وتردف : - أصل انا اللي علمتهالها برضه .. يا ماما - إمشي مامي خايفة منك تقولها إبنتي يبدوا إنها ليست بهذا الحجود فتجيبها المخلوقة: - ما ينفعش يا هنا .. عرفت سرنا - إمشي بقه تنظر لي المخلوقة مطولاً ثم تقول : - انتي مش أم .. انا أم .. أحسن أم .. لكن فين العدل تعبث أصابع يمناها بقسماتي بينما تقول مازحة: - هو** بو** .. شفتي يا هنا ماما مش خايفة مني أي شيطانة تلك هل إرتادت جامعة يال لتقول هو** بو** فتجيب خاطري دون سماعه - السوربون وحينها يزداد إرتجافي فحتى ليس في وسعي التفكير دون علمها. تحاوط أصابعها الطويلة رقبتي بالكامل حتى إنني أظن إنها ملتفة لمرتين أو أكثر كأعتى منشقة صنعت في التاريخ وتقول والغضب يعتصرها: - مش انا اللي همشي .. إنتي ويضيق خناق أصابعها من حول رقبتي أكثر وأكثر .. يغرب النهار في منتصفه .. حدقتي لم يعد في وسعها المقاومة وفي طريقهما للأغلاق .. هنا تصرخ بكلمات غريبة مرددة: - Mater, tris fectum …… mater, tris lusum -3 المخلوقة تنزعج من الكلمات وتقول - أسكتي يا هنا إبتديتي تزعجيني تجمع هنا شهيق طويل ثم تزفره بصراخ مدوي لم أتوقع أبداً أن يص*ر منها : - Mater,tris fectum … mater, tris lusum الكلمات المريبة جعلت المخلوقة تتخبط, عيونها تغلق بشدة وكأن صراخ هنا يضرب رأسها بالمطارق, بالكاد تنظر إلي لأرى بعيونها كلمات لا تقوى على لفظها ولكن تقوى على غرسها برأسي .. سوف أعود ..ثم تتسرب قوى المخلوقة وأصابعها عني رقبتي .. تتضائل .. تتضائل .. تتضائل حتى تسير سوائل مطاطية من الأزرق الزاحف على الأرض كثعبان ضخم يخرج من النافذة هارباً من كلمات إبنتي التي لم تتوقف عن الهدير الصارخ. - خلاص يا هنا مشيت تعالى لماما يا حبيبتي أشير لهنا أن تقترب بأخر ما إمتلكت من قوى أن تقترب وأذهب بعالم أخر . أفقتُ بغرفتي على سريري, زوجي جالس بجانبي يمسح على وجهي بمنشفة مبللة, بينما هنا مزوية بركناً تبكي. ابتسمتُ لرؤياها سليمة معافاة وناديتها لتأتيني. خطوت تجاهي ولكن يصيح جلال بها زاجراً مانعاً إياها من التقدم نحوي: - إمشي روحي أوضتك أعارضه بشدة: - لا هنا مش هتسيبني .. تعالي يا هنا اقتربت مني بتحسب فأمسكت بها وجذبتها ناحيتي, ضممتها إلى ص*ري وحينها فقط نلت الطمئنينة. نظرت لوجهها الباكي وكفكفت عنه الدموع ثم تحولت لزوجي قائلة : - أنا هسيب الشقة وهروح أقعد في العيادة انا وهنا .. في حاجة مش طبيعية في الشقة. استنكر زوجي قراري بشدة ثم قال : - ما انتي عيشتي عمرك كله فيها إيه اللي جد ؟ - انت ما شفتش اللي انا شفته .. في ست .. قاطعني: - هنا حكتلي كل حاجة .. إرتاحي إنتي دلوقتي - مش هرتاح لازم نمشي من هنا نهضت عن السرير يتخبطني الوهن ولكن أغالبه وأذهب لخرانتي وأنزل من أعلاها أكبر حقيبة ملابس أملكها استعداداً للجلاء النهائي عن شقتي, جمعت بها ملابسي و ملابس ابنتي للرحيل عن البيت المخيف ولا ألتفت لكلمات زوجي الذي قال : - يا فدوى المشكلة مش في البيت .. المشكلة في هنا نظرت له بحدة وقلتُ في إصرار: - بنتي سليمة وهمشي من هنا برضه - طب ممكن تسمعي الاول - نمشي الأول من هنا إستجاب لرغبتي في الرحيل إنما إصطحبني لمنزله الأول, لزوجته الأولى التي ما إن رأت هنا حتى ضمتها بين أضلعها وقبلتها بحرارة للحظات من الزيف وبعد لحظات أخرى تذكرت إن لإبنتي أم تنتظر واجبات الضيافة فقالت ساخرة لا أعرف مما : - سلامتك يا دكتورة .. معقولة في دكتورة عيانة ؟! - إزيك يا بوسي ؟ - الحمدلله ميرسي يا فيفي .. إتفضلي أقعدي خريجة معهد القطن قصير التيلة أمست تجيب بـ -ميرسي - من بعد - العواف - فهي تقلدني بكل شيء ولكن ما يشغلني الان أن منزل الحية أفضل من منزل الأشباح فترياقها جلال. بالفعل تخرجت في معهد للحياكة وكانت تلك المرأة الأنسب للطيار المجتهد وليس أنا بعيون والديه. لا يهم من جديد فقد جاب الطيار الأصقاع وعاد إلي بالنهاية وقبل بي حتى بعدما صارحته بإنني عاقر لا أمل مرجوا مني قد ينتظره بينما هو أراد العديد من الأبناء ولكن زوجته الأولى لديها علة بالقلب وحذره الأطباء من إنجابها مرة ثالثة أما زوجته الثانية عقيمة حتى معجزة السماء التي لم تتكرر فقد حاولت الإنجاب مجددا ولم أفلح أبداً. جلست على مجلس الزوجة الأولى البالي المطابق لذوقها البارد بكل شيء فإنضمت للمجلس ترمقني بنظراتها الباردة كذلك. - مش هنشرب حاجة يا بوسي؟ سألها جلال فأجابته : - حاضر نهضت آسفة على تركنا وحيدين وحينها صحت بزوجنا : - إنتي جبتني هنا ليه؟ - اومال كنت هسيبك تنامي في العيادة إنتي و البنت لوحد*كوا . حقاً هذا شاغله الحين, فقد كنت و إبنته تعيش وحيدتين بوجودة فذكرته بمَ تناساه : - ما إحنا على طول لوحدينا إيه الجديد ؟ احتد علي قائلاً : - ما انا بعقد معاكي قد ما بعقد معاها . قد يكون اقتسم الأسبوع بين زوجتين إنما ماذا عن أربع سنوات تركني بهم و قضاهم مع الأولى وحيدة و أظن وجب التوضيح فقلت : - المفروض إنما تعود الزوجة الأولى بمشروباتها الساخنة بهذا الجو الخانق لتقاطع دفاعي عن حقوقي وتقول بودٍ زائف : - منورة يا فيفي - ميرسي, هنام فين ؟ - بدري كده ! - وانتي مالك يشير لي زوجي أن أهدأ بينما يربت على ركبة الأولى لمعاجلة حدتي ثم يقول : - انتي وهنا هتنامي في أوضة الولاد والولاد في أوضة أمهم طيب .. قلتها بينما أنهض وأحمل حقيبتي وإبنتي لغرفة الأولاد. حسبته سوف يتبعني ليوضح لي ما حدث وما مشكلة هنا ولكني وجدته يهمس للأولى كلمات وتؤمئ بالموافقة بكل طواعية كعادتها الباردة كذلك, ترى فيمَ الهمس؟ الغرفة خالية من الولدين مما أحزن هنا للغاية, تبحث عن كلاهما بحماسة تحسبهما مختبئين عنها أسفل السرير أو بالخزانة ليمازحاها ولكنهما بيوم الاجازة يكونا بالنادي يبدوا أن صدمة اليوم أنستها روتين أخويها. وأخيراً يأست وجلست على طرف سرير من أصل سريرين والملل يملأها إنما زال التملل لما دخل علينا أبيها الغرفة وأغلق الباب من خلفه عيونه اللائمة على إبنته ثم قال: - روحي لبوسي يا هنا خليها تعملك مهلبية تذهب بلا مجادلات فأجادل أنا : - انت بتقولها يا بوسي ليه و إسمها نهال ؟! حتى بوسي مش لايق عليها تقيله اوي عليه, قولها تخف أكل شوية بقت شبه الكورة . صاح بي بعصبية : - وانتي ما أهلك هي بتاكل من مال ابوكي .. وبعدين ده وقته خلينا في اللي احنا فيه, عندك إستعداد تسمعي ولا هتقلي ادبك زي عوايدك؟ - قول - الست اللي شوفتيها متربطة بهنا .. متقدرش تأذيها ولا تقدر تأذي أي حد إلا لو سمحلها - إزاي يعني ؟ - تقريبا هي من عالم تاني وكل عالم بتحكمه قوانينه .. هي تقدر تأذي اللي منها لكن في عالمنا ضعيفة قدرتها بتتتلخص في الوسوسة .. الايحاء مش اكتر - ومين اللي قالك الكلام ده؟ - أمي - يبقي هجس . تمتم في سخط : - انا غلطان إني بتكلم معاكي أصلا إنتفض عن السرير بعصبية فأمسكته من رسخه وأجلسته مجدداً وقلت : - فرضاً كلام أمك حقيقي .. إشمعنا هنا و عايزه منها إيه؟ - الله أعلم - لا تصدق طمنتي .. دي كانت هتموتني يا جلال - وإيه اللي منعها ؟ - هنا قالتها كلام كده, كررته كتير لحد ما ساحت وطارت من الشباك بدى على قسماته الدهشة ثم قال : - ماشاء الله معقولة هنا قدرت تعمل كده!! - ومش بس كده .. بتغير على هنا مني وهنا بطبيعتها معاها على الاخر ومش بتخاف منها مع إن شكلها يرعب صمت لوهلة للإستيعاب ثم حدثني بقين: - هنا مميزة زي ما قوتلك قبل كده .. سر كده إيه ما نعرفش او حتى علاجه والشيء الوحيد اللي في ايدينا اننا نحاول نقنع هنا ان اللي بتشوفه تهيؤات - لا طبعا كده غلط .. كده تتجن وتتلغبط بين الحقيقة و الخيال أمعن التفكير بكلماتي ثم قال : - كنت المفروض تصدقيني من بدري .. عشان نفكر سوا - انت كنت بتحاول تقنعها ان اللي بتشوفه خيال ؟ أومأ بالموافقة ثم لاح علينا صمت الهزيمة أمام قوى خفية: - جلال لو هنا تجاهلت الشيء ده ايه اللي ممكن يحصل ؟ - يمكن يزهق ويدوّر على غيرها .. و يمكن يدوّر على السبب ويحاول يمحيه عشان هنا ترجعله من جديد - يبقى لازم نتواصل معاها ونعرف إيه اللي عند هنا و هي عايزاه - ما انتي كنت معاها ما سألتهاش ليه يا فالحة ؟ - انا كنت فاهمة يا حاجة انا لأخر لحظة كنت فاكرها حرامية ربت على فخذي مهوناً ثم ذهب لهنا يطلب صفحها. عندما فقدت الوعي هنا فشلت في إيقاظي ولمفاجأة أخرى هاتفت هنا أبيها بعمله وأنا زوجته ليس في وسعنا مخابرته في عمله لأنه لم يطلعني على أي وسيلة للإتصال به لأنه يعمل بجهة عسكرية وكذلك لا يملك هاتف نقال. تفاجأ بدوره بمكالمة عاجلة جائت لرئيسه بالعمل؛ صغيرة تبكي وتريد بابا اللي شغال طيار بطل عندكوا , انا هنا جلال عبد المقصود المرعي. وكأن ذلك إسم قد يتباهي به مخلوق بخلاف إبنتي. تعاطف معها متلقي المكالمة وأوصلها بأبيها الذي أذن من عمله وسارع إلينا. وجدني على حالي المريب وحينها سأل هنا عنما جرى فنقلت له كل ما حدث وحينها غضب عليها لأنها جلبت شيطانتها للعلب بالمنزل وكأن في وسعها طلبها بمكان آخر. جلال كان متفهم للغاية لكل مريب رأيته بإبنتي بل ويجده من المسلمات متعللاً بالوراثة, فأمه بدورها تدعي إنها من ذوي الرؤى الغيبة المثبتة ومن ضمن رؤياها إني لا أصلح زوجة لولدها إذاً لا تملك بينة فقد تزوجته رغم أنفها وأنف رؤياها. رغم تفهم زوجي لحالة إبنته ورؤى والدته الكاذبة طلب من هنا أن ترى اليقين زيف ليذهب عنها كل يقين ويسكنها الخبل ظنًا منه أن ذلك العلاج وليس بلاء أخر ولكن هنا إمتثلت لأبيها وتوفقت عن سرد ما تراه من غيبات وإحتفظت بالأسرار لنفسها, لذلك بالأونة الأخيرة كانت تميل للعزلة وهذا ليس شيمها . ماذا لدى هنا ليطلبه الأرواح القلقلة أو الجان أو أيا ما ظهر لي بهذا اليوم, أين اليقين أليس بيننا وبين هؤلاء أو أياً من كان تصنيفهم حجاب . ولدت بتلك الشقة وتربيت بها وتزوجت بها ولم تسكنها ريبة يوماً فمن أين جاء الفزع. تلك المرأة الحقود ملوعة القلب ولا شك وتجد بهنا سلوان وقبل أن أفهم أي شيء غلبتني سنة من النوم أخذتني لعالم لم أبصره من قبل. أرى أمامي حديقة ولكن مريبة بعض الشيء فأرضها ليست مخضرة ولكن صفراء متبورة , الأشجار تحاوطني من كل مكان ولكن يابسة بدورها, شيطانية أغصانها تت**ر وتتلوى لتنال مني, تنحني لعرقلني فأسارع بالخطى, تستعلي لتعبث بشعري فأهرع بعيداً عن تلك الغابات الشائكة حتى كوخ من أخشاب داكنة بلا أبواب أو نوافذ منتصب وسط براح متبور كذلك. مجرد علبة من الأغصان بلا منافذ يخرج منها صوتاً مألوف يردد: - لا شكراً مش عايز أنه زوجي وتهذبه العتيد حتى بالجحيم فأحياناً تهذبه ذاك يدفعني للتساؤل من جديد أي ضابط هذا. أقترب من الكوخ وبلا إرادة مني يلامس كفي الأيمن إحدى حوائط الكوخ فينكشف لي خباياي إنما لا يسعني الولوج إليه فحاجز من الزجاج, لا من المياة المتدفقة يحول بيني زوجي المرقفص أمام إمرأة مريبة شعثاء الشعر مرقفصة بدروها يحول بينهما جرة من طين تنفث النيران. زوجي يرتدي ملابس التحليق وليس بدلته العسكرية الرسمية التي يرتديها على الدوام, أما المرأة المريبة عجوز هرمة ترتدي خرق بالية من خيش كاكي اللون على جسدها الأ**د المترهل تبدوا وكأنها من جنسية غير عربية قد تكون من أقاصي أفريقيا . بص*رها المجعد ذو الأخاديد قلادة تحوي تمائم عديدة وجمائم متناهية الصغر قد تكون لفئران. تميمة واحدة إجتذبتني لأن هنا ترسمها بدفاترها على الدوام؛ لزهرتين يانعيتين ساقيهما متداخلتين وكأنهما نبتا من جذر واحد, إحداهما ذهبية صفراء والأخرى سوداء لامعة بألق الماس. - انا سايبها على ربنا .. صدقيني مش محتاج - انت حزين معاها .. والسعادة اللي كنت مستنيها معاها إتأخرت .. انا بتكلم صح ؟ - موضوع عدم الخلفة مأثر على أعصابها لكن إن شاء الله هتتقبل إرادة ربنا قريب تنظر المرأة لعيوني وتبتسم وكأنها تراني ثم تتحول عني للسماء وتقول بإبتهال : - شايفاها .. جايه .. مش محتاجه غير مدخل - هي إيه ؟ - السعادة - كله من عند ربنا أنا ماشي عن إذنِك يهم جلال للمضي ولكن يستوقفه قولها : - انا مش سحّارة .. انا مفتاح .. مش محتاجة أطر ولا مساعدة ولا جزاء .. إعتبرها هدية من شعبي ليك جزاء معروفك يعود زوجي لوضع القرفصاء ويقول : - كل الدكاترة قالوا إنها مستحيل تخلف - أنا في مكاني من قبل الاطبا و الدوا .. عندي علم نزل عليا من السما .. لما ترجعلها تمنع عنها دوا الأطبا وتكتفي بأعشابي .. تقدر تجربها أو تجربها على حد لو لسه في قلبك خوف من نواياي. تذهب يسراها للخلف, تعبث بأشياء عديدة أحدثت أزيز معدني ثم تعود بسرةً من الخيش الكاكي تقدمها لجلال, يتردد لثوان إنما بالنهاية يتقبلها ويضعها بحواشي بدلته. يخرج من جيب أخر ببدلته حافظة نقوده ويناول المرأة حفنة من الدولارات إنما تشير له أن لا وتقول منبة: - عند إكتمال القمر قبله لاء .. بعده لاء .. عند إكتمال القمر يومئ بتفهم وينهض عن مجلسها عابس الوجه يبدوا أنه نادم عن الأمر برمته فرغم رؤى أمه الحمقاء إلا أنه لا يؤمن بالدجل ومجيئه للمشعوذة كان لأجلي فسعادتنا لم تدم إلا لأشهر بعد زواجنا. لا أعلم ما دهاني حينها فقد كان كل ما يجول بخاطري هو الإنجاب من رجل أحبه وبريعان شبابه وسبق له الإنجاب على نقيض زوجي الأول ولكن لم يحدث حبل مما حول سعادتي لهزيان صباحي ومسائي أذهب عني جلال لشهور ثم عاد بهذا السرة من الخيش فحدثت معجزة السماء؛ هنا . يهم بالخروج من كوخ المشعوذة ولكن لا يجد منفذ فيتحول لها وكأنه يسألها الخروج ولا يستنكر ولوجه من الأساس بصندوق من الخشب. تجيبه: - انت غيرهم يا جلال .. سمي الله وأخرج يسمي الله فتنف*ج فسحة بحجمه تماماً بالكوخ يهم بالخروج فتقول: - لو ماكنتش قطعت الصلاة كنت شفت المخرج زوجي لم يتوقف عن الصلاة الموقوتة قط مهما كانت الظروف, زوجي يجتازني وكأن وجودي دخاني له وليس لي فقد أسقطني مروره من خلالي على السرير الذي غادرته في أحلامي وعدت للغرفة من جديد . أشعر بثقل يسحقني فمخلوقة زرقاء تقرفص على ص*ري وتقول مبتسمة : - سمعت إنك عايزة تتواصلي معايا أصرخ لرؤياها من جديد إنما صراخي لا يصلني, لا أسمعه .. أحاول دفعها عني إنما ذراعي خدرة .. أثابر لأنهض يداهمني شلل كامل يثبتني من أسفلها وبالنهاية تقول : - تواصلي وكيف أتواصل ولساني خدر فتجيب خاطري : - انت غ*ية بجد بقه .. انا سمعاكي تواصلي يا دكتورة أسألها عنما تريده من إبنتي فتقول : - دي بنتي أنا .. سايباها معاكي لفترة مش أكتر أمجنونة أنتيا إمرأة كما يترائى من برودتك, هنا إبنتي أنا حملتها ببطني وأنجبتها فتجيبني : - انتي دكتورة يا فدوى وعارفه كويس انك ما كنتيش هتخلفي انت وعاء مش اكتر ولكني أنجبتها وكل ترهيب تمارسيه علي لن يفلح إفعلي ما وسعك أعلم أن ليس في وسعك إيذائي .. لا تملكين إلا مؤثراتك البصرية و تلك قد تفلح مع طفلة و ليس معي كلماتي هذه المرة بلغت صدى داخلها مما جعلها تهبط عن ص*ري وتتمشى بالغرفة الهوينة حتى تصل لحقيبة ملابسي. يدها ذا الاصابع الطويلة البيضاء تغوص بحقيبتي دون أن تفضها ورغم ذلك تخرج منها أحد فساتيني .. تعرضه لي لثوان بكلتا يداها ثم ينزلق لتصبح داخله وتصبح أنا . عيوني, شفاهي, شعري فقد أمست فدوى, تقترب مني وتجلس على طرف السرير الممددة عليه في شلل تام وتقول بصوتي بعدما إستعارته كذلك : - تفتكري لو روحت لجوزك الأولاني وقولته وحشتني هيعمل إيه .. ما تنسيش لأخر لحظة كان عايزك ولسه عايزك .. تفتكري لو جلال عرف أو الاحلى شافك في فيلا جوزك الاولاني هيعمل إيه؟ سبتها بكل بذئ أعرفه حتى أوقفتني : - انا مش هعمل كده .. إحنا ماعندناش قدرة البشر المهولة على الشر .. لأننا صادقين ما عندناش حاجة نخاف منها عشان نكدب .. بنعرف قيمة الحقيقة .. الراجل اللي سيبتي جوزك الاولاني عشانه .. بي**نك مش مع الجموسة دي, لا طبعا دي خيانة بموافقتك الجموسة زوجة جلال الاولى فهذا لقبها المشهر الذي أطلقته عليها سراً فهي عبارة عن جموس أبيض بدين ليس في وسعه إلا الإنجاب والإرضاع .. تردف المخلوقة بميوعة ساخرة : - بصي انا مش .. مش بحب .. أعمل خِلاف .. بين إتنين أحبا .. إسأليه على رحلة زائير ..إسأليه على توقفت لوهلة حتى يتثى لها إعادتي للبوار ولكن داخل خيمة, مستقلية على فراش أرضى وزوجي يعتليني ويقول: - أحلى عيون شفتها في حياتي الإنعكاس بعيناه لم يكن لي بل كان للعينة وهي بصورة بشرية, القسمات ذاتها ولكن بعيون هنا وبشرة ز**ية وقامة متوسطة. تنظر لي أسفة وتقول : - الوحدة بتخلي الرجالة تعمل حاجات فظيعة .. انتي كمان كنتي سخيفة معاه اوي الفترة دي والجموسة دي صدقيني ما تزيدش عن جموسة في حياته. صرخت بها من أعماقي مكذبة : - انتي فاكراني هصدق الجرافيك بتاعك إنت شكلك هبلة ثم جلبة سمعاناها سوياً كانت للأولاد, جفلت لهاالمخلوقة إنما لم تعتعتها عن جلستها من أعلى رأسي. عاد الولدين من تدريب السباحة ويرحبا بهنا.. يدخلا إلى الغرفة مع هنا ويلقيا أمتعتهما بغير اكتراث أزياء السباحة مبللة على السرير المقابل للسرير المسجية من عليه, ثم يبدلا ملابسهما للظهور لأخرى مريحة للمنزل. الولد الأصغر يجذب هنا من شعرها فتقول مهددة: - هقول لبابي - مش هيصدقك ..يتبع ..
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD