الفصل الرابع

1515 Words
فدوى الاتربي ينال الفتى جزائه لما تحاول ضربه ولكنه يعرقلها بحرفية الصبيان ويسقطها أرضاً, لا تيأس أبداً كعادتها, تمسك بساقه و تعض عليها بأسنانها بعزم و حدة مهولة بينما الفتى يصرخ بالنجدة من بين محاولاته للتحرر من براثن هنا لما تغضب على أحدهم . يأتي جلال على صراخه ويخلص ساقه من بين أسنانها, يجذبها من ذراعها و حتى أقامها واقفة أمامه ثم شرع في توبيخها جزاء ضربها لأخيها الأكبر, لم يلتفت لتبريراتها ولا يصدقها روايتها من الأصل و من ثم ينتهي العراك بين الإخوة لما يرسل الصغيرة للعقاب. يجبرها أبيها الجلوس ساكنة على سرير بجانبي لنصف ساعة و لكم هذا يغضبها على غضبها الأول فهي تكره السكون كأي طفل. أنا أيضا لم أكن أصدقها عندما كانت تأتيني للشكوى من أخيها الأوسط فقد كنت أحسبها تجذب الإنتباه لها كعادتها الدائمة و لذلك تختلق القصص التي تظهرها ضحية تنمر أخويها, فهي بارعة في هذا الجانب, و إلى أن تبيت الحق عندما رأيت ما رأيت للتو. - عرفتي إنك مش ام .. انا اللي علمتها إنها ما تستسلمش أبداً قالت المخلوقة و قد نسيت أمرها لوهلة من الزمان مما جعلني أصيح بها : - الله يخرب بيتك انتي لسه هنا ؟! هنا بالطبع, أنا تسليتها الجديدة, مقرفصة على ص*ري من جديد لم تستسلم بدورها ولم تسلمني لعالم الواقع حتى نجدة السماء - فدوى إنتي نمتي؟ كان زوجي يناديني وحينها صحوت فزعة أقول: - أنا نمت كتير جزع لإنتفاضي عن نومتي مرة واحدة فقد كنت بإنتظاره ليخرجني من متاهتي, يحدجني عجباً و يقول و هو يربت على كتفي مطمئنناً : - أبدا .. ثواني بالعدد أنا هاخد الولاد ونقعد برضه كلمي انت نوم - لا أستنى انا عايزه اتكلم معاك طلب زوجي من الاولاد التحضر للغداء فخرجوا من الغرفة مباشرة, و قد خلت الغرفة إلا من كلانا. نهضت عن السرير وتوجهت للباب لأغلقه ثم عدت لزوجي وسألته : - فاكر اعشاب البرد اللي جبتهالي من بره ؟ - أعشاب ايه ؟ أثار حنقي إنكاره فقلت بعصبية : - الأعشاب يا حبيبي اللي جبتهالي من بره في نفس سنة اللي حملت فيها بهنا - ودي إيه اللي فكرك بيها ؟ - كنت جايبها منين ؟ - من بره - منين يعني ؟ - مش فاكر - ومش فاكر إيه كمان صاح بي مستنكراً : - في إيه يا فدوى لن يجدي أي دفاع إما الحقيقة إما الفراق.حتى لا ينكر فهو لا يذكر فحسب, لا يذكر عيون زرقاء إلا لأمه ووريثتها هنا, ويصيح بي : - إنتي مجنونة يا ست إنت .. حتى لو عرفت واحدة غيرك وحبلت مني تولدي إنتي !! - يعني بتعترف إنك عرفت واحدة ؟ - أنا بفترض. - لا وإنت الصادق إنت بتفتري ... بعد كل اللي عملته عشانك يا جلال تخوني ؟! عاد لهدوئه الأول ثم قال : - اللي شفتيها يا فدوى في أحلامك إنسية ؟ - لاء. - واضح إنها بتحبك و بتعزك و عايزه مصلحتك ؟ - لاء طبعاً. - ولما واحده أول مرة تشوفيها اياً كان جنسها تقنعك إني خنتك وبنتك اللي ولداها من بطنك وكنت واعية في لحظة لحد ما نزلت مش بنتك تصدقيها كده بالسهولة دي ؟! - أغلب كلامها كان حقايق . - طب يا فدوى كلامها حقايق إضربي دماغك في الحيط ولو مش عايزه هنا بركة يا جامع هي كمان مش عايزاكي انت فاكره نفسك أم أصلا! - والله !! أومال أنا إيه ؟ - ولا حاجة. - ماشي يا جلال .. الحقيقة هتبان وانت عارف ساعتها انا هعمل إيه. يشيح بيديه غير عابئ بكلماتي وحينها خرجت من غرفة ولداه لإبحث عن هنا. وجدتها بين أيادي اللعينة زوجته الأولى, جالسة على مجلسها البالي وهنا من أمامها تضفر لها شعرها مثل فلاحات بلادها وحينها صحت : - إيه اللي عملتيه في شعر البنت ده .. فكي .. فكي يايلا . - جلال بيحبه كده . - عشان فلاح زيك وحينها خرج جلال وقال هازئاً : - انت لسه هنا يا شغل بره إتفضلي روحي بيتك. . بكل إزدراء قابلت كلماته الهازئة مني وسحبت إبنتي للخارج. - مش كلت لسه .. عايزه ملهبية؟ تقولها الإبنة الحبيبة بينما تتملص عن يد أمها ولكن أعنفها وأسحبها رغماً عنها ورغم كلمات زوجة زوجي ذو الحنو الزائف : - خليكي يا فدوى انتي مش كنتي هتعقدوا معانا يومين ؟! أتقدم منها وأذيع عليها الخبر : - جوزك المحترم خننا. - عيب يا فدوى ما تقوليش كده على جلال. أوشك على قتلها ولكن أتمالك نفسي فهي مريضة عقلية وترى جلال ملاكاً من السماء ليس في وسعه الخطيئة لمجرد أنه إرتضى الزواج من إمرأة مثلها موضعها الأمثل مصحاً عقلي وليس الزواج والإنجاب. أكمل سحل الغ*ية التي لازالت تتملص مني للعودة لأبيها الذي نزل من خلفنا ليبرأ ساحته أمامي أو أمام إبنته؛ شاغله بالحياة. يحمل هنا ويحدثها مهدءً : - رووحي مع ماما دلوقتي وبكره هنخرج كلنا سوا ونتغدى بره. - انا جعانه دلوقتي. نظر لي وقال: - على الأقل إستني لما تتغدي معانا. لا أجيبه فقط أحمل إبنتي عنه وأخرج من البناية لسيارتي لأبدأ أسوء يوم بحياتي بأكملها. عدت بها لعيادتي ولم تتوقف عن التذمر والعويل للحظة حتى صحت بها : - ما تسكتي بقه .. كفاية زن - انا بكرهك قتل. - وبتحبي مين ؟ - ربنا و بابي وكريم. أمسك بها من ذراعيها وأصيح بها : - اوعي تقولي كده تاني انتي فاهمة. - بحب كريم .. بحب كريم .. بحب.. أوقفتها عند هذا الحد وقلت : - بابا لو عرف هيموتك - بابي مش بيموت حد - هنا يا حبيبتي .. حبي اي حد في الدنيا إلا كريم - لاء انا بحب كريم عاقبتها بأشد عقاب وقع عليها منذ مولدها لما أرسلتها لغرفة فارغة حتى من أل**بها ودون غداء وهي تتضهور جوعاً. من تصرخ بحبه أخر رجل في وسعها حبه في الوجود فحتى لو فنى الوجود إلا منه لم يتثنى لها الإقتراب منه لأنه بكر زوجي الأول, رأته هنا مرة واحدة عندما كان يزور أبيه بنفس البناية التي أسكنها فأبيه؛ زوجي السابق ضاق به العالم أجمع بقصوره وترفه وجاء يسكن بنفس بنايتي ليعكر صفو حياتي مع جلال. زوجي الأول من دفع ولده للحاق بإبنتي, أما الولد سافل عديم الأخلاق مثل أبيه شاب وسيم أمامه العالم بأكمله لخوضه إنما يترك العالم لإبنتي, يحدثها بالكلمات الحانية يهديها الأل**ب والحلوى حتى أحبته بل و تريد الزواج منه ليقتلها أبيها من كل بد مهما بلغ حبه لها فزوجي الأول ذو سيرة مشهرة ورجل أعمل مشبوه ونهاية كان زوجاً لي وأذاقني الأمريين. وكأن ذلك ما ينقصني الان فقد هدمت الشياطين حياتي وسرقت سعادتي بالظنون .. جلال زوجي لا يصافح نساء لا يترك صلاة يقضي أوقاته بين عائلته وقراءاته فكيف حدث ما حدث - يا مامي انا أسفة خلاص .. مامي أنا جعانة .. ونبي يا مامي أنا جعانة .. أوف بقه إنتي رخمة أوي انا بكرهك قتل سكنني الهم فذهب عني ندائها المترجي والساخط, نصب عيناي زوجي يتسلق تل بكل حماسة للقاء عشيقة جاهلة قبيحة لا ترقى حتى خادمة لي وتركني لأشهر ألعن غيرتي وجنوني وحتى نفسي الهوجاء التي أذهبته عني. بعد تلك السفرة الملعونة عاد بمال وفير وقلباً مثقل ولكن لم أعرف سر ثقله مهما توسلت إجابة منه. حينها ردد أن هذه المهمة أرهقته بشدة وكل ما يريده هو الراحة إلى جانبي وإسعادي. إسعادي!! إسعادي أم ذنباً يحاول التبرأ منه عن طريق إسعادي . وهذه المجنونة التي تسبني وتكرهني وتركل الباب بكل قواها لتخرج من الغرفة إبنتي حقاً؟! لا تشبهني, لم ترث مني جين واحد . لا تحب إلا جلال لأنه أبيها وأنا فقط خازنة وراعية لها حتى تتسلمها مني أمها الحقيقية . - يا مامي .. يا مامي بطني توجعني .. يا مامي بقه عايز أكل وحينها نهضت عن كرسي وضعته أمام الغرفة الفارغة المحتجزة بها إبنتي وتوجهت إليها .. فتحت الباب وجدتها من خلفه باكية بإحتقان فصفعتها, نعم صفعتها بشدة وكانت تلك مرتي الأولى ومع الأسف الشديد ليست الأخيرة ونادمة لما تبقى من عمري على فعلتي. فعلتها لتريني ما لديها, ما أفظع ردود أفعالها على صفعة تلقطها من أمها ولكن وجدتها تبكي من جديد وتنادي أبيها بنفس البراءة التي أعهدها منها. مال قلبي فجثوت أرضا لأضمها لحضني ولكن لفظتني, إبتعدت عني وذهبت للنافذة تبكي وتنادي أبيها ولكن بهمس . أقترب من جديد وأضع يدي على كتفها ولكن تزيحها وتقول بلغتها المت**رة لطفلة ولكن بلهجة حادة : - انا مش بحبك أصلا زي انتي كمان مش حبيني - انا بحبك - وانا بكرهك .. انتي بتفكري كتير اصلا .. وبتحبي حبة صغننه وبتكرهي حبة كبيرة - انتي بتجيبي الكلام ده منين؟! - مش ليكي دعوة أصلا - طب أجيبلك تأكلي إيه؟ - انا عايزه بابي - هتاكليه تلتفت لي وتقول مستهزئة مني : - لا يا رخمة هاكل أكل ماما بوسي فأجد نفسي أصفعها من جديد رغم أن سبابها بالسابق كنت أتقبله برحابة ص*ر لأني أردتها شجاعة مقدامة لا تخشى أحداً خاصة بعد صمت دام لسنوات حتى إنني ظننتها مصابة بالتوحد إلى تواصلت معي . تلك الصفعة كانت قوية أبكتها بشدة.. هدجت أنفاسها.. بصمات أصابعي طبعت على وجنتها اليمنى ولو رءاها جلال قد يقتلني .. تهرع من أمامي وتخرج من الغرفة للردهة فأحاول اللحاق بها .. أجدها تحاول فتح باب العيادة الرئيسي لتهرب مني ويتثنى لها النجاح .. خرجت من العيادة وتجري بأقصى سرعتها بالممر حتى تصل للمصعد الذي يفتح الان و تخرج منه ملك – ممرضتي المساعدة – إتصلت بها لتوافيني بالعيادة بطعام ودثار لأقضي ليلتي السوداء الحالكة .. تمسك بها ملك وتسألها ممن تهرب فتجيب : - مامي عايزه تموتني تضمها ملك وتحملها وتربت على ظهرها لتهدئها وحينها أهرع لهما وأنزعها عن كتف ملك وأجدني أقول بلا أسباب : - انا هدبحك - يالهوي سيبي البت انتي عايزه منها ايه .. يالهوي هتموتيها
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD