" القصر.."
عادا إلى المنزل بسلام واستقبلتهما حياة بابتسامة بشوشة وتمنت لهما السعادة الدائمة.. شكرتها فاطمة بامتنان شديد كما إنها ارتاحت لها كثيرًا.. حمل حازم ابن ش*يقه الصغير وقبله على جبينه بحنان وأخذ يتطلع إليه بشوق وحنان.. فقد انشغل عنه كثيرًا في الفترة الأخيرة واعتذر عن انشغاله..
وقفت فاطمة تنظر إليه بابتسامة واسعة فيما تأبطت حياة ذراعها وقالت بنبرة تمني واضحة :
-ربنا يرزقكم بالذرية الصالحة
-يا رب بإذن الله.. شكله بيحب الأطفال جدًا
-أه وسليم بقى حالة خاصة بالنسبة له
هبطت جيهان الدرج واتسعت ابتسامتها بمجرد أن رأت ابنها قائلة :
-حازم يا حبيبي حمد الله على سلامتك
نظروا إليها جميعًا لتشعر فاطمة بالضيق في حين تحدث حازم برسمية :
-الله يسلمك
ثم أعطى سليم إلى حياة ومسك بكف فاطمة واتجها إلى الدرج.. وقفت تنظر إليهما بحزن واضح وظلت واقفه حتى صعدا إلى الطابق العلوي.. لاحظت حياة حزنها واقتربت منها لتقف أمامها وقالت بهدوء كي تلطف الجو :
-معلش حازم هيزعل شوية صغيرين.. أنتِ عارفه مايقدرش يستغنى عنك
-يمكن اتسرعت في حكمي عليهم لكن انا مهما كان أمه
-حضرتك ممكن تتكلمي معاه بهدوء وبإذن الله كل شيء هيبقى تمام
" بعد مدة من الزمن.."
انتهت من تناول الغداء وأخذت رشفة من الماء البارد.. ثم استندت بوجنتها إلى قبضة يدها شاردة في الطبيعة التي تُريح أنظارها.. انتبه إلى شرودها وتساءل باهتمام بعد أن ابتلع طعامه :
-سرحانه في ايه؟!
نظرت إليه ثم استندت بساعديها إلى الطاولة وقالت بجدية :
-موضوع كده عايزه اقولك عليه
أومأ برأسه ناظرًا إليها باهتمام واضح قائلًا :
-اتكلمي يا روحي انا سامعك
تن*دت بعمق وبدأت تفكر من أين تبدأ ثم نظرت إليه وتحدثت بوضوح :
-فيه مشكلة حصلت مع شهد زملتي في المكتب وطلبت منى اقولك يمكن تقدر تساعدها.. هي كانت مخطوبة وخطيبها ده ضحك عليها وطلب منها تيجي معاه تشوف والدته المريضة.. بعد ما راحت مالقتش والدته فقالها انها بتكشف وقدم لها عصير فيه منوم وحصل اللي حصل بقى أنت فاهم..
اومأ بتفهم ناظرًا إلى الأمام بتفكير حيث تابعت :
-هو قالها مش هسيبك لكن عمل تدريبها في المكتب حجة وسابها وهي مش عارفه تعمل ايه.. كمان بتقول ان والدها لو عرف حاجة زي دي يمكن يروح فيها.. تقدر تساعدها؟!
-بإذن الله ربنا يقدرني.. هروح المكتب من بكرا وهتكلم معاها وبإذن الله نلاقي حل
-يا رب لأنها صعبانة عليا جدًا وهي قالتلي إنك أملها الوحيد
دق الباب فهمت أن تنهض لكن نهض هو ودلف إلى الداخل متجهًا إلى الباب وفتح إياه ليجد كلا من كارمن وحياة التي تحدثت :
-خبطنا كتير جدًا
-اه كنا في البلكونه مش سامعين.. اهلًا يا كارمن
-حمد الله على سلامتكم يا متر
رحب بهما لكن استأذنت حياة وغادرت ودخلت كارمن فيما عاد هو إلي الشرفة ليخبر زوجته بوجود ش*يقتها.. تركت مقعدها ودلفت إلى الداخل على الفور تحتضنها عنوة لتبادلها الأخيرة بذات العناق قائلة :
-وحشتيني يا توتا أوي
ابتعدت عنها قليلًا لتطلع إليها بلهفة اشتياق قائلة :
-وأنتِ كمان بجد وحشتيني
أخذتها إلى الاريكة التي تقع إلى جوار الشرفة وجلسنا إلى جوار بعضهما البعض وفاطمة تساءل باهتمام :
-احكي لي عملتي ايه مع كابتن محمد وعُدي عامل ايه؟!
-احنا بخير يا حبيبتي الحمد لله واتنقلنا في شقة تانيه إيجار.. أما كابتن محمد بقى فمش طايق يبص في وشي
شعرت بالحزن على ش*يقتها ومسحت على ذراعها بلطف وقالت كي تهون عليها :
-فترة وهتعدي بإذن الله
تن*دت بحزن قائلة :
-يا رب تعدي بسرعة لاني تعبت..
ثم نظرت إليها وتساءلت :
-المهم أنتِ عملتي ايه مع حازم؟!
-الأسبوع ده هفضل احلف بيه طول عمري.. مش قادرة اوصف لك سعادتي
تعجبت من حديثها وتساءلت في شك :
-فاطمة الجواز لسه على الورق؟!
فاقت على نفسها تطلع إليها في دهشة ثم تحدثت بتلعثم :
-أه.. أه طبعًا احنا متفقين
أومأت بالإيجاب وهي تطلع إليها بشك واضح وشعرت بأن ثمة شيء حدث بينهما وهي لا تود الإفصاح به ومع ذلك احترمت رغبة ش*يقتها.. وهي تتمن أن الجواز مايزال على الورق فقط
***
" الشركة.."
-يعني لازم احلف لك يا ليث علشان تصدق
قالت كلماتها في تعجب لكونه لم يصدق بأنها تناولت الفطار على عربة فول للمرة الرابعة وتحدث مازحًا :
-ده أنتِ بقيتي شعبية بقى
ضحكت ضحكة خفيفة وتحدثت بمرح :
-احساس ممتع جدًا مهما اشرح لك مش هتصدق
-عقبال المرة الخمسين
-يا رب.. المهم طمني عليك أنت عامل ايه
تن*د بحزن واضح وتحدث من بين أسنانه بغيظ :
-ق*فان يا مرام تسنيم متعبه جدًا.. بفكر ارجع روما
مرام في دهشة :
-لاء اوعى تعمل كده.. علشان خاطري اتحمل بس شوية
دق باب المكتب فنظرت إليه وكادت أن تأذن بالدخول لكنها تفاجأت بدخول " مالك.." اتسع بؤبؤ عيناها في دهشة تاركة مقعدها قائلة :
-ليث هكلمك تاني
أصابه إحساس بأن ثمة شيء حدث وتساءل باهتمام :
-فيه حاجة يا مرام؟!
-لاء مفيش هكلمك تاني.. مع السلامة
أنهت معه المكالمة ووضعت الهاتف جانبا ثم عقدت ذراعيها أمام ص*رها وتساءلت بحده :
-نعم عايز ايه؟!
وقف أمام المكتب ينظر إليها بحزن واضح وتحدث بهدوء :
-جاي اشوفك يا مرام.. مرام انا..
-مش طايقة اسمع منك كلمة.. كفاية أوي اللي حصل.. اطلع بره
قطعت حبل كلماته بتلك الكلمات التي قذفتها من بين شفتيها بحده عالية ومع ذلك استقبل ردة فعلها بهدوء وتحدث بحسم :
-مش همشي غير لما اتكلم معاكِ
مطت كفيها بعصبية قائلة من بين أسنانها :
-أنت الفهم معدوم عندك بقولك مش طايقة اسمع منك كلمة.. واطلع بره بقى بدل ما استدعي الأمن
فلتت حدته من بين شفتيه وهو يقول :
-قولت لك مش همشي غير لما اتكلم معاكِ وغصب عنك هتسمعيني
زفرت بقوة واتجهت إلى الباب وكادت أن تفتح إياه إلا أنه قبض على مرفقها عنوة وادارها إليه بعنف متسائلًا :
-أنتِ ليه مش عايزه تسمعيني؟!
اندفعت في وجهه وهي تحاول سحب مرفقها من قبضته :
-أنت كمان بجح وبتسأل.. سبني بدل ما أصرخ
عقد بين حاجبيه وهو يتحدث بجدية :
-مرام انا لسه بحبك وماقدرتش انساكِ
حملقت به بعدم استيعاب مما سمعته وهي تلعنه بينها وبين نفسها.. في ذات اللحظة دق الباب ودخل مروان مبتسمًا لكن اختفت ابتسامته فجأة عندما وجد مالك ووضحت عليه علامات الدهشة في حين قالت مرام بنبرة عالية مستنجدة به :
-مروان خلي البني آدم ده يسبني ويخرج بره
كاد مالك أن يتحدث لكن ض*به مروان بقوة بقبضتي يديه في ص*ره ليتراجع خطوة للخلف تاركًا مرفقها رغمًا عنه واضعًا كفيه على ص*ره والأخير يثور به :
-أطلع بره بالذوق احسن لك يا مالك
اقترب منه على وجه السرعة وأخذ بتلابيبه قائلًا بشراسة :
-اطلع انت بره وإياكِ تدخل بيني وبين مرام
وضعت كفها على وجنتها ويبدو عليها الخوف الشديد من أن يتطور الشجار بينهما.. في حين نفض مروان يديه بعنف وعيناه تطلع إليه بشرارات من الغضب قائلًا بنبرة خشنة :
-من حقي ادخل لأن مرام تخصني
انتقل ببصره بينهم في دهشة وتساءل بعدم فهم :
-تخصك يعني ايه؟!
قالت هي على وجه السرعة :
-يعني هو خطيبي..
التفت مروان برأسه ينظر إليها في دهشة وفجأة سكن الغضب داخله واستبدل بالسعادة البالغة.. فهو يتمن لو تصبح مرام خطيبته حقًا.. فيما صعق الأخير مما سمعه ووقف مذهولًا وكأن انزلق فوق قلبه لوح من الثلج جعله تمثال لا يقوى على الحركة.. تن*دت هي بعمق قائلة :
-اطلع بره ومش عايزه اشوف وشك تاني
نظر مروان إليه بنظرة متوعدة بالشر إذا اقترب منها ثانية.. لكنه لم يكترث وتطلع إليها بحزن واضح وبكل هدوء اتجه إلى الباب وقبل أن يخرج رمقها بنظرة سريعة.. أغلق مروان الباب ووقف أمامها فشعرت بالخجل الشديد قائلة :
-اسفه يا مروان كان لازم اقول كده علشـ..
-بحبك
قطع حبل كلماته من تلك الكلمة المكونة من أربع حروف مميزة سكنت قلبها ليصبح ممتلئ بورود الربيع بألوانها المختلفة.. كلمة بسيطة خ*فت أنفاسها وسرقت سعادة الكون وضعتها داخل قلبها.. حملقت به في دهشة وقلبها يقرع كالطبول لم تصدق آذنيها ما سمعته للتو.. تن*د بهدوء ناظرًا إليها بحب واضح وتابع بجدية :
-بحبك من اول يوم شوفتك فيه.. بحبك من زمان لكن مقدرتش اقولك.. ندمان على كل لحظة عدت وأنتِ مش معايا.. لكن متأكد لو واففتي عليا هنعوض كل اللي فات
أطرقت رأسها في حزن واضح وتحدثت بضيق :
-أنت تستاهل واحده احسن مني
-أنتِ في نظري ست البنات ولا واحده تملى عيني غيرك
رفعت رأسها إليه ويبدو عليها الحزن الشديد وتساءلت بضيق :
-يعني تقبل على نفسك تتجوز واحده مطلقة؟!
-أنا بحبك وكل اللي يهمني اللي جاي وبس لكن اللي فات خلاص نرميه ورا ضهرنا.. المهم دلوقت لو طلبت ايدك توافقي؟
عضت على شفاها السفلية بخجل واضح ووجدت نفسها تبتسم وهي تومئ بالإيجاب فاتسعت ابتسامته وقال بنبرة تعلوها السعادة الذي يعجز عن وصفها :
-مرام أنتِ أجمل بنت شوفتها والوحيدة اللي قلبي عشق تفاصيلها
***
" الجامعة.."
أخذت منه معاد أن يتقابلا داخل المكتبة.. وعقب وصولها وقفت تبحث عنه بين الجميع حتى رأته يقف مع فتاة فعقدت بين حاجبيها ووجدت نفسها تغار عليه.. أما هو فكان يتحدث مع الفتاة بتلقائية ويجيب على جميع أسالتها..
-هو السيكشن الخاص بحضرتك هيبدأ امتى
-بإذن الله هكتب المعاد على صفحتي الشخصية وفيه دروس كتيرة موجودة على اليوتيوب
-شكرًا يا دكتور عن اذنك
أومأ برأسه وعندما غادرت جلس على المقعد يفتح الكتاب الذي بين يديه.. نظرت لينا إلى الفتاة بغيظ شديد ثم اتجهت إلى الطاولة الذي يجلس أمامها وجلست على المقعد المقابل له وهي تقول برقة :
-صباح الخير
رفع عيناه عن الكتاب وأغلق إياه وقال مبتسمًا :
-صباح الجمال
وضعت الكتاب أمامه وقالت بذات الرقة :
-الكتاب وشكرًا لحضرتك.. على فكرة انا اشتريت وردة تانيه غير اللي ضاعت وبعتذر للمرة التانية
تلك الابتسامة الجانبية التي تخ*ف انظارها ظهرت على ثغره وهو يفتح الكتاب على الصفحة التي بها الوردة.. وضع أنامله على خدودها برفق ثم رفع عيناه إليها وقال بهدوء :
-ولا يهمك فداكِ وهدية مقبولة
تن*دت بهدوء ثم فتحت سحابة الحقيبة وأخرجت بحث صديقتها وضعته أعلى الطاولة قائلة :
-ده بحث لميس وانا بصراحه ساعدتها فيه شوية.. لأن حضرتك عارف ظروفها
-مفيش مشكلة لكن الأفضل تقرأ الكتاب اللي اتنقل منه البحث لأن الغرض منه الإفادة
أومأت بتفهم وأخرجت من الحقيبة علبة على شكل طفل ممدد على فراش صغير داخلها " شوكولاتة وفشار والكثير من انواع الحلوى.." وضعتها أمامه وقالت مبتسمة :
-ده من السبوع لميس بعتته احضرتك
ضحك ضحكة خفيفة وهو يمسك بها وقال :
-شكرًا.. بنتها اسمها ايه بقى
تحدثت بمرح :
-لينا.. من حبها فيا بقى
-ربنا يديم صداقاتكم
-يا رب يا دكتور..
ثم تنحنحت بخفة ووجدت نفسها تسأل بفضول :
-هي البنت اللي كانت واقفه معاك كانت عايزة ايه؟!
نظر إليها للحظات وهو يسأل لِمَ هي مهتمة لمعرفة الإجابة على هذا السؤال وأصر على أنه يبدل ذلك الحوار كي يرى ردة فعلها :
-طيب يا دكتورة لو احتاجتي اي حاجة رقمي معاكِ وانا دايما موجود في المكتبة
استقام ظهرها تطلع إليه في ذهول فلاحظ هذا وأيضًا حزنها سيطر على جميع ملامح وجهها في لحظة.. أومأت بالإيجاب وهي تغلق سحابة حقيبتها.. بعد ذلك اردتها على كتفيها ونهضت وهي تقول بصوت مبحوح من فرط الحزن الذي أصابها فجأة :
-بعد اذن حضرتك
ثم اتجهت إلى الدرج بخطوات بطيئة ناظرة إلى الأمام بنظرة حزينة كما أن اجتمعت الدموع حول مقلتيها.. نظر هو إليها قاطبًا جبينه ونظرات حزنها عالقة في ذهنه وكأنها مازالت أمامه ولم تغادر.. ظل ينظر إليها حتى هبطت الدرج ثم نظر إلى الوردة وحمل إياها ليضعها على أنفه فاستنشق عطرها ليشعر بشيء غريب عليه حرك قلبه جاعلًا إياه ينبض داخل ص*رة عنوة
***
" صباح اليوم التالي.."
استقبلتهما ميار بترحاب شديد حاملة علبة من أفخم أنواع الشوكولاتة.. أخذت فاطمة اثنان وأعطت واحده إلى زوجها الحبيب ليأخذها منها ونظر إلى مديرة مكتبه يشكرها بامتنان :
-شكرًا يا ميار
-ده واجبي يا متر.. الف مب**ك وربنا يرزقكم بالذرية الصالحة
ثم رحب بهما الجميع ويباركون لهما على الزواج.. بعد ربع ساعة تقريبًا دلف حازم إلى غرفة المكتب في حين دخلت فاطمة إلى غرفة المكتب الخاصة بالفتيات واحتضنت شهد عنوة وتساءلت باهتمام :
-طمينني عاملة ايه؟!
بادلتها بالعناق مغمضة عينيها لتهبط دموعها على وجنتيها وقالت بصوت مبحوح :
-زي ما انا والحمد لله على كل حال
ابتعدت عنها لتنظر إليها بحزن واضح لتجد جسدها أصبح هزيل ووجهها بلون الليمونة كما أن عينيها ذبلت من كثرة الدمع.. تن*دت بحزن من أجلها تمسح على ذراعها بلطف قائلة :
-ماتقلقيش خالص انا معاكِ وحازم بإذن الله يجيب لك حقك منه
جلست معها هي ورهف لدقائق حتى دخلت ميار قائلة :
-فاطمة وشهد أستاذ حازم عايزكم
أومأت بالإيجاب ومسكت بكف شهد وهي تقول بهدوء :
-يلا يا حبيبتي.. عايزاكِ تبقي شجاعة واوعي تخافي
***يتبع