" الجامعة.."
دخلت إلى مكتبة الجامعة تنظر حولها بحثًا عنه بابتسامة واسعة بشوشة.. حتى رأته لكن اختفت ابتسامتها عندما رأته يتحدث مع ثلاثة فتيات.. جزت على أسنانها بشدة حتى سمعت إلى صريرها.. وأخذتها قدميها إلى حيث يجلس ووقفت أمام الطاولة.. نظر إليها قاطبًا جبينه وهو يتحدث مع الفتيات وقطع كلماته قائلًا :
-اقعدي يا دكتورة
جلست على المقعد المقابل له واخذت ترمقهن بغيظ واضح.. أنهى هو حديثه معهن سريعًا ليغادرن فنظر إلى لينا بابتسامة بسيطة قائلًا :
-نورتي الجامعة
-شكرًا يا دكتور.. ممكن باختصار كده تشرح لي المحاضرات
ضيق عيناه قليلًا وتحدث بجدية :
-وباختصار ليه؟.. أنتِ وراكِ حاجة؟..
أومأت بالنفي عدة مرات وهي تحدق به في ذهول وقلبها يدق داخل ص*رها في رهبة.. وجد نفسه يتأمل بنيتها بتمعن شديد للحظات.. ليستفيق على نفسه وتنحنح وهو يفتح الكتاب قائلًا :
-يلا ركزي معايا
انتبهت إليه وهو بدأ يشرح لها بطريقة مبسطة.. وبعد لحظات رغمًا عنها رفعت عينيها إليه لتشرد به في لحظة وبدأت تتحدث بينها وبين نفسها في حيرة :
-أنت جاي تكمل دراسة في القاهرة علشان اشوفك واعجب بيك واحبك.. ليه دخلت قلبي بسرعة كده؟!
جاءت فتاة ووقفت تساءل عن شيئًا ما ووضعت الدفتر الخاص بها أمامه تشير إلى شيء ما قائلة :
-حاسه كل حاجة معقدة يا دكتور.. يعني أنا كنت خلاص قررت اسحب ورقي لاني مش قادرة على الطب لكن من ساعة وجود حضرتك وكلامك شجعني
بدأت لينا تض*ب على الطاولة بقبضة يدها بخفة وهي تحدث نفسها بحنق شديد :
-كنتِ اسحبي وريحينا.. بجد مش هتحمل اللي بيحصل ده
فيما تحدث هو بود :
-خير بإذن الله يا دكتورة وفي السيكشن هبسط لكم كل حاجة بإذن الله
-طيب هو مفيش طبعة تانيه من كتاب حضرتك؟!.. ياريت لو فيه تجبلي أول نسخة
-طبعًا بإذن الله
ابتسمت له وأخذت الدفتر متمتمه بالشكر وكادت أن تغادر لكنها تذكرت شيئا وقالت :
-ممكن رقم حضرتك
اتسعت عيني لينا وتود أن تنهض الآن وتنزع شعرها من رأسها.. بينما تنحنح عدي بهدوء وقال بجدية :
-تابعيني على صفحة الفيس يا دكتورة واي سؤال ابعتي رسالة
اومأت بتفهم في حين اتسعت ابتسامة لينا لكونه رفض يعطي لها رقم الهاتف لكن حديث تلك الفتاة جعلها تشعر بالغيظ ثانية :
-اه أنا متابعة حضرتك طبعا واي سؤال هبعته لحضرتك.. عن اذنك
نظر إلى لينا وكاد أن يتحدث لكنها قالت في حنق :
-تقريبًا مش هنعرف نقعد هنا.. كل شوية بنوته تيجي وتتكلم معاك
-أه لكن ده شيء طبيعي
جزت على أضراسها حتى سمعت صريرها وحسمت قرارها أن تعترف لها بإعجابها به حتى لا تتعلق بشيء من الهواء.. وإذا كان يبادلها بذات الشعور سيعترف لها وحينها سيكون لديها الحق في إظهار غيرتها عليه والتحدث مع الفتيات بدلا منه.. بدأ يشرح لها من جديد لكنها سحبت الكتاب من أمامه ومسكت بالقلم بيد ترتعش وتحدثت بتلعثم :
-أنا.. أنا هكتب حاجة ها
لاحظ ارتعاش يديها بطريقة مبالغة ووجد نفسه يمسك إياها وتساءل في دهشة :
-ايد*كِ بترتعش كده ليه؟!..
ابتلعت ل**بها بصوت مسموع تحدق به في دهشة وهي تشعر بدفء يديه وأطرقت عيناها لتنظر إلى كفيه.. فاق على نفسه ليسحب يديه على الفور قائلًا بجمود :
-اسف لكن ليه التوتر ده؟!
-شوية وهتعرف
أومأ بالإيجاب فقامت بوضع الكتاب على قدميها وفتحت ثانِ صفحة لتكتب وكفها يرتعش برهبة وتوتر " أنا معجبة بيك جدًا يعني بحبك أكيد.. اسفه لكن كان لازم اقولك علشان ارتاح.." ثم أغلقت الكتاب وضعته أمامه وفوقه القلم ثم نهضت عن المقعد تطلع إليه وقلبها يعلوا ويهبط بوضوح كما أنها شعرت بالغثيان من كثرة التوتر الشديد قائلة :
-عن اذنك بقى
غادرت بخطوات واسعة عقب انتهاء كلماتها مباشرةً فظل ينظر إليها في غرابة حتى اختفت عن عيناه.. ثم نظر إلى الكتاب وفتح إياه لم يجد شيئًا بالصفحة الأولى وقام بفتح الصفحة الثانية ليقرأ كلماتها بعينيه.. رفع حاجبيه في دهشة ثم لاحت ابتسامة جانبية على ثغره لكن سرعان ما تلاشت وأغلق الكتاب بعنف
***
" القصر.."
وقفت تدق جرس الباب حتى ردت مرام عليها من الداخل وضغطت على زر فتح الباب بمجرد أن علمت بأنها فاطمة.. دخلت مغلقة الباب خلفها ونظرت إليها بابتسامة واسعة :
-مساء الخير يا مرام
-مساء الفل حبيبتي.. هو حازم ماجاش معاكِ
-معايا بس بيركن العربية وجاي
أومأت بالإيجاب وكادت أن تفتح الباب لكن نادتها والدتها بحده عندما خرجت من المطبخ :
-مرام استني عندك
التفتت إليها فيما انتقلت فاطمة ببصرها بينهم واستأذنت متجه إلى الدرج.. تقدمت جيهان نحو ابنتها ووقفت في مواجهتها تطلع إليها بحنق متسائلة :
-رايحة فين؟!
-طالعة بره أجري شوية
-مش قبل ما نخلص كلامنا مفهوم
رفعت مرام عيناها إلى فاطمة واتبعتها حتى دلفت إلى الجناح وعادت بالنظر إلى والدتها وهي تتحدث بصوت منخفض :
-كلامنا خلص خلاص يا ماما ومش مستعدة افتح الموضوع ده تاني
همت أن تتحدث لكن دق جرس الباب فالتفتت مرام وفتحت إياه فتساءل حازم قبل أن يدخل كعادته :
-ادخل ولا استنى؟!
ردت والدته في حدة :
-ادخل حياة مشيت
دخل مغلقًا الباب خلفه وسأل باهتمام :
-راحت فين؟!
-راحوا بيتهم علشان مدرسة زهره
أومأ بتفهم واتجه إلى الدرج لكن أوقفته والدته بسؤالها :
-حازم انت عرفت بالعريس اللي أتقدم لمرام؟!
التفت إليها ونظر إلى ش*يقته التي يبدو عليها الحزن الشديد وأجاب بهدوء :
-أه آدم قالي.. وطبعًا قولت له طالما مرام موافقة انا موافق
اقتربت منه ووقفت إلى جواره تتشبث في ذراعه وهي تقول بحزن :
-لاء طبعًا موافقتك أهم من موافقتي يا حازم
سحب ذراعه من يدها ليحيط كتفها وقال بعد أن قبلها على جانب رأسها بحنان :
-أنا موافق طبعًا يا روحي.. مروان شاب محترم وابن أصول
ابتسمت إليه فاندفعت جيهان بتذمر شديد :
-ازاي توافق يا حازم ده بيشتغل عند آدم
ابتسم ورد عليها ببساطة :
-ما مالك كان بيشتغل عند آدم يا أمي
-في فرق كبير جدا بينه وبين مالك.. مالك من عيلة كبيرة ومعروفة لكن ده لاء
غضب من كلمات والدته ووجد نفسه يندفع بتذمر شديد :
-وابن العيلة الكبيرة ده عمل فيها ايه؟!.. مد ايده عليها وبهدلها وكمان اتسبب في فقدان الجنين وكمان خسر آدم اكتر من مليون جنية.. بلاش التفرقة دي يا أمي
تذكرت ما حدث من مالك لتشعر بالحزن وتحدثت في توجس واضح :
-أنت قولت بنفسك مالك عمل فيها ايه.. امال ده اللي مانعرفش عنه وعلى عن عيلته حاجة هيعمل ايه
-بلاش تحسبيها كده.. مروان شاب كويس ومكافح وطالما هي موافقة يبقى كلامنا مالوش لازمة
تن*دت بغيظ وتركتهم واتجهت إلى الدرج لتصعد إلى الطابق العلوي.. وقف أمام ش*يقته فقالت بحزن :
-مستحيل اتمم اي حاجة وماما مش موافقة
-هتوافق يا روحي بإذن الله
تن*دت بهدوء وقبلته على وجنته ثم خرجت مغلقة الباب خلفها.. اتجه هو نحو الدرج وصعد إلى الطابق العلوي من ثم دلف إلى الجناح.. نظر حوله ثم دخل الغرفة فنظرت فاطمة إليه بلهفة وخبأت شيئًا ما أسفل الغطاء.. لاحظ هذا ووقف أمامها وعيناه على الفراش ثم جلس على حافته ناظرًا إلى الأمام وهو يقول بثقه :
-مش هسألك خبيتي ايه لإنك هتقولي من نفسك
-ايه الثقة دي.. طيب على فكرة مش هقولك
أدار رأسه ناحيتها قاطبًا جبينه قائلًا :
-خلاص مضطر ارفع الغطا
مسكت بذراعه تحدق به في هلع ثم ابتلعت ل**بها في توتر قائلة :
-ده اللبس اللي اشتريته إمبارح وكنت بطلعة علشان احطه في الدولاب
-طيب يا روحي خليني اشوفه
ثم غمز لها فأومأت بالنفي عدة مرات فأحاط خصرها عنوة لتفلت شهقة من بين شفتيها وبدأ يضغط على خصرها بأنامله.. حدقت به وهي تحاول أن تسحب ذراعه عن خصرها وهي تقول :
-أنت وقح جدًا على فكرة.. كنت فكراك محترم
-ما انا محترم إلا معاكِ أنتِ
ضحكت ضحكة خفيفة ثم ض*بته بخفه على ص*ره قائلة :
-اتفضل اخرج بقى على ما اعلق الهدوم
-حاضر أمري لله.. لكن اللي مصبرني اني هشوفهم عليكِ
قال آخر كلماته وهو يعض على شفاه السفلية فض*بته على كتفه.. ثم نهض عن الفراش متجها إلى الباب وخرج مغلقًا إياه خلفه.. انتظرت هي للحظات خوفًا من أن يدخل ثم أبعدت الغطاء ونظرت إلى المنامات هامسة :
-الوقح
***
" النادي.."
توقفت سيارة الأجرة أمام البوابة الكبيرة فأعطت له المال المطلوب وترجلت.. ولم تنتبه من تلك السيارة السوداء التي تراقبها منذ خروجها من النادي التابع لها.. وقفت تعطي لهما بطاقة اشتراكها بنادي آخر قائلة :
-جايه اقابل كابتن محمد
-اتفضلي وأنتِ خارجة هتاخدي الكارينية
أومأت برأسها ودلفت إلى الداخل في طريقها إلى المعلب وهي تفرك في أصابع يديها في توتر.. عند وصولها وقفت تبحث عنه عن بُعد حتى رأته يقف في منتصف المعلب يعطي إليهم بعد النصائح.. انتظرت لدقائق حتى ابتعد عن الشباب وتراجع عدة خطوات ووقف يتابعهم.. تقدمت نحوه ووقفت خلفه تتن*د بهدوء وقالت بحزن :
-شكرًا يا كابتن على اللي عملته معايا
نظر خلفه بعينيه وقد ميز صوتها وعلم بأنها هي.. ف*نهد بعمق عاقدًا ذراعيه أمام ص*ره وقال دون أن يلتفت إليها :
-شكرًا على ايه؟!
-على أن فريقنا يتعرف.. كمان الكابتن اللي حضرتك بعته قالي إنك عايزنا نسافر بره.. هو ده بقى الخبر الحلو اللي كنت هتقولي عليه
تحدث بسأم :
-أه هو.. لو سمحتِ أنا عندي شغل
تحركت من مكانها ووقفت أمامه فأشاح وجهه بعيدًا عنها مما لاحظت هذا وقالت بنبرة ضيق :
-أنت ليه مش طايق تبص في وشي.. حصل ايه لكل ده؟!
-حصل إنك كدابه وعايزة توصلي لهدفك حتى لو على حساب غيرك.. كل اللي يهمك أنتِ وبس
قال كلماته بحنق شديد فحملقت به في دهشة قائلة :
-لدرجة دي شايفني وحشه.. أنا عملت كده علشان اوصل لهدفي
-وانا رديت عليكِ وقولت لك كان ممكن توصلي لهدفك باكتر من طريقة غير دي..
نظر إليها بحده خافت منها وتمنت لو الأرض تنشق وتبتلعها وهو يتحدث بحده مفرطة :
-أنتِ خدعتنني.. ومش واثق فيكِ.. ومش يمكن كارمن دي لعبة جديدة.. قولي واعترفي أنتِ مين
هبطت دموعها على وجنتيها ووجدت نفسها تض*به على ص*ره وهي تقول بنوبة بكاء :
-أنت بتجرحني بكلامك
-دي أقل حاجة وانصحك تمشي وألا سمعتك كلام مش هيعجبك
قال كلماته بحده ونبرة قاسية وقبل أن يقسوا عليها قسى على قلبه.. فقد شعر بألم شديد داخله جعل ص*ره يضيق بشدة وبكائها جعله يتألم أكثر.. نظرت هي إليه بنظرات عتاب واضحة تومئ بالإيجاب وتحدثت بنبرة ضيق :
-همشي.. همشي واوعدك مش هتشوف وشي تاني
ثم وضعت يدها على فاها وشهقت بصوت عال وتحركت من أمامه بخطوات واسعة.. التفت ينظر إليها ويجز أضراسه بشدة وبدأ يعاتب نفسه على ما تفوه به.. فحقًا جرحها بكلماته وبعد لحظات من التفكير وجد نفسه يلحق بها بخطوات واسعة ثابتة.. بينما هي ركضت إلى الخارج وتمسح دموعها بكلتا يديها ووقفت أمام الأمن لتأخذ البطاقة الخاصة بها..
بعد ذلك تابعت السير وهي تضعها داخل حقيبة يدها وهي تتجه إلى الرصيف الثاني ولم تنتبه من تلك السيارة السوداء التي تقترب منها بأقصى سرعة وصدمتها بقوة.. صرخت من شدة الألم وسقطت على الرصيف مغشيًا عليها.. تحرك السائق بالسيارة بأعلى سرعة فيما ركض الجميع إليها ومنعهم الأمن من الاقتراب وأحدهم يتصل بالإسعاف والآخر دون رقم السيارة.. في ذات اللحظة خرج كابتن محمد ليشعر بالقلق من تلك اللمة ووقف يسأل أحدهم عن السبب ليخبره بما حدث.. اتسعت عيناه وبدأ قلبه يدق بصوت مسموع داخل ص*ره وهو يقترب من تلك الفتاة.. وكلما اقترب كلما وضحت ملامحها أمامه وصعق قلبه بمجرد أن تمكن من رؤيتها بوضوح والدماء تسيل من جانب رأسها
***يتبع