" الفصل الأول.. "
" بكيت اليوم بفضل حديثك الحاد معي وهذا يعني أنك.. تهمني كثيرًا.. ويا له من شجار رائع جعلك تُصالحني بلطف.."
" مكتب المحاماة.. "
جلس على المقعد الخاص به ينظر إلى كلا من الزوج والزوجة الجالسين أمامه.. ثم تحدث بجدية :
-خير؟
-أستاذ حازم ممكن أعرف استاذ هاني فين؟!
هم أن يُجيب على سؤالها لكن تحدث الرجل بجدية :
-أستاذ حازم ده مش موضوعنا.. احنا جاين هنا نلغي القضية علشان هنرجع لبعض
قالت بحسم :
-لاء مستحيل أرجع أنا عايزه حقي.. فين بقى أستاذ هاني هو اللي كان ماسك القضية
-هو جاله سفر مفاجئ وأنا مكانه
اعتدلت في جلستها ونظرت إليه بملامح جادة قائلة :
-تمام أنا عايزه حقي في البيت.. حضرتك انا عشت معاه اكتر من سبع سنين وفي الآخر خانني.. لاء وكمان رافض يديني حقي وحق ولاده
-لأني عايز ارجعلك
نظرت إليه واندفعت بحده :
-مستحيل
-امال احنا جايين هنا ليه؟!
-علشان أريح ماما وبس لكن مستحيل أرجعلك
تحدث من بين أسنانه :
-اعتذرت وعملت لك كل اللي أنتِ عايزاه.. اعمل ايه اكتر من كده
همت أن تندفع لكن تحدث حازم بحده :
-بعد اذنكم المشاكل العائلية دي في البيت انا مش مأذون.. القضية يوم عشره الساعة تسعة
-تمام هكون في المحكمة قبل الوقت كمان.. عن اذنك
نظرت إلى زوجها السابق بتحدي وهي تنهض عن المقعد وخرجت مغلقه الباب خلفها.. زفر حازم بهدوء وتساءل :
-عندك محامي؟
-لاء.. كان نفسي نرجع على الأقل علشان الأولاد.. عن اذنك
أومأ بخفه فنهض عن المقعد وغادر الغرفة.. قام بفتح الخزنة ووضع الملف داخلها وهو يتحسبن على صديقة.. بعد ذلك نهض متجهًا إلى غرفة الاجتماعات ودخل بابتسامة بشوشة قائلاً :
-بعتذر يا شباب كان عندي اتنين مجانين..
ابتسم الجميع فيما جلس هو على رأس الطاولة ونظر إليهما بجدية قائلاً :
-مبدئيًا محتاج منكم بحث..
بدأ يشرح لهما طريقة عمل البحث المطلوب وعن ماذا بطريقة مبسطة.. انتبه الجميع إليه عدا فاطمة الشاردة به وفكرت أن تستنجد به وتطلب منه أن يبحث لها عن عمل لكنها طردت تلك الأفكار عن رأسها.. بعد ربع ساعة تقريباً انتهى من مناقشتهم وكاد أن يستأذن لكن تساءلت شهد باهتمام :
-حضرتك ليه مش بتنشر معلومات عن كلية الحقوق والمواد على صفحتك الشخصية؟!
نظرت فاطمة إليها باهتمام في حين أجاب الأخير بجدية :
-لاء صفحتي الشخصية مالهاش علاقة عن شغلي أصلاً هي للترفيه..
ثم ابتسم إليها ونظر لهم جميعًا متسائلًا :
-أي أسئلة ثانية؟!
رد أحدهم :
-شكرًا يا أستاذ
نهض ليغادر ونهض الجميع للمغادرة.. مضت فاطمة إلى جوار شهد وقالت :
-ممكن تشرحيلي هو عايز ايه في البحث
تأبطت ذراعها وابتسمت قائلة :
-عقلك ماكنش موجود في الاجتماع بقى
-اه سرحت شوية
-اوكي هقولك هو عايز ايه
***
بعد الخروج من مقر العمل تجولت الشوارع تطلع إلى المحلات على أمل أن تجد لافته تحمل " مطلوب فتاة للعمل.." لكنها شعرت بألم في قدميها لتتوقف عن السير لبضع دقائق.. ثم استقلت سيارة اجرة لتعود إلى المنزل..
ترجلت من السيارة عند أول الشارع واتجهت إلى المنزل بخطوات واسعة.. عند وصولها دخلت العمارة وصعدت درجتين لتصل إلى باب الشقة ووقفت تفتح الباب.. دخلت مغلقه إياه خلفها واستمعت إلى حديث ش*يقتها..
-احنا بخير يا حبيبي وأه طبعًا عمك مش مقصر معانا خالص
جلست إلى جوارها تنظر إليها بوجه محتقن فنظرت كارمن إليها وهي تنهي المكالمة مع ش*يقها.. أنهت المكالمة وكادت أن تتحدث لكن قالت فاطمة بحده :
-ليه تكذبي عليه.. كان لازم تقولي الحقيقة
-علشان يجي يعمل مشكلة مع عمك.. والمشكلة دي أساسها أنتِ علشان روحتي تدربي ولو عُدي عرف هيقولك بلاش تدريب
تعجبت ثم ابتسمت قائلة :
-أيه ده هو عُدي وافق على تدريبي أصلًا ؟
زفرت بنفاذ صبر قائلة :
-أه قولتله وقالي مفيش مشكلة
-أخويا حبيبي
لكزتها بغيظ ثم نهضت متجه إلى المطبخ ودخلت كي تحضر الغداء.. نهضت الأخيرة متجه إلى غرفتها ودخلت مغلقه الباب بظهرها.. بعد ذلك بدلت ثيابها الخروج بـ بجامة بيتي مريحة ورفعت شعرها كعكة في منتصف رأسها.. ثم جلست على فراشها تقلب في صفحة التواصل الخاصة بها.. لكن وجدت نفسها تدخل على صفحة " حازم.." فقد أخذتها من زميلتها شهد.. ابتسمت بمجرد أن رأت صورته الشخصية مبتسمًا ومعه اثنان من الشباب.. لكنها لم تكترث إليهم وركزت معه هو فقط.. بعد لحظات من الشرود به خرجت من الصورة وبدأت تقلب في صفحته حتى رأت صوره له ويحمل طفل صغير كاتبًا عليها " أغلى ما لدي.. "
رفعت عيناها عن الهاتف تحدق في الفراغ هامسة :
-متجوز؟!
فتحت كارمن الباب قائلة :
-الغدا يا أستاذة
أومأت بالإيجاب فخرجت الأخيرة في حين نظرت فاطمة إلى الهاتف ثانية وبدأت تقلب في صفحته لتجد الكثير من صور ذلك الطفل.. لكن فجأة انقطع الاتصال بالنت فرفعت مقلتيها للأعلى ثم حاولت الاتصال مجددًا لكن بلا جدوى.. زفرت بقوة تاركة الهاتف أعلى الفراش.. ثم تركت الفراش وخرجت متجه إلى المنضدة الصغيرة وجلست على أحد المقاعد لتشارك ش*يقتها في وجبة الغداء.. كانت هي الأخرى شاردة مما لاحظت فاطمة وتساءلت بفضول :
-مالك يا كارمن؟
تناولت مل*قة أرز قائلة :
-مفيش حاجة
-احنا بنفهم بعض من نظرة على فكرة.. فيه ايه مالك
ابتلعت ل**بها واندفعت بحنق :
-بطلي زن يا فاطمة قولتلك مفيش حاجة
صدح صوت الجرس فنهضت راكضة إليه ووقفت خلفه متسائلة :
-مين؟
-أنا منال يا فاطمة افتحي
فتحت الباب فدخلت تطلع إليها بكبرياء في حين عزمت الأخيرة عليها بالدخول لكنها قالت بنبرة كبرياء واضحة :
-اتفضل فين؟!.. جايه اقولكم أن احنا غيرنا رقم الروتر عايزين نت ادفعوا معانا فيه.. باي
ثم خرجت فأغلقت فاطمة الباب بعنف قائلة :
-و**ة
-شوفتي دماغك الناشفة وصلتنا لفين
استدارت وتحدثت بحده عالية :
-أنا هكلم عُدي واقوله
نفخت في شدقيها بسأم وقالت بنبرة عالية :
-قولتلك ألف مرة طلعي عُدي بره الموضوع.. عُدي بيحضر دكتوراه في الطب وكل جنية محتاجه.. افهمي
***
" النادي.."
دلفت إلى الصالة الخاصة بالفتيات بعد أن ابدلت ثيابها وبدأت تركض على المشاية.. مضى الوقت عليها وظهرت حبات العرق على جبهتها وبدنها.. وقفت فتاة إلى جوارها فنظرت كارمن إليها ثم توقفت عن الركض تلتقط أنفاسها بصوت مسموع وبدأت تجفف العرق بالمنشفة..
-أيه يا كابتن الماتش فاضل عليه دقايق
-مش هحضر الماتش ده.. هكتفي بس بتدريبات البنات
اندهشت من كلماتها قائلة :
-مش معقول ده روحك في كرة القدم
تناولت زجاجة المياه واتجهت إلى صالة تبديل الثياب وهي تقول بحنق :
-أه لكن مفيش حد شايفنا
لحقت بها وهي تسأل بعدم فهم :
-قصدك ايه يا كابتن؟!
-ولا حاجة.. روحي أنتِ علشان تلحقي
ثم دلفت إلى الداخل فوقفت الأخيرة تطلع إلى الفراغ بعدم فهم من كلماتها ثم غادرت الصالة.. أما في الداخل وقفت كارمن تفكر وبعد لحظات جلست على اريكة خشبية تحملق في الفراغ.. حتى جاءت فكرة في رأسها سبقت وفكرت بها من قبل لتنهض على الفور ووقفت أمام الخزانة الخاصة بها.. قامت بفتحها بالقفل وتناولت حقيبتها لتأخذ منها الهاتف واتصلت على صديقة لها.. أجابت بعد لحظات فابتسمت كارمن وبعد تبادل السلام بينهم تساءلت :
-فاكرة الفكرة المجنونة اللي اخدت رأيك فيها؟
استمعت إلى ردها بالإيجاب ف*نهدت بعمق قائلة :
-أنا جاهزة
***
وهي تمضي بين الشوارع وجدت إعلان عن عمل في محل للملابس.. نظرت إلى كلا الاتجاهين ثم دلفت إلى الداخل ووقفت أمام مكتب رب العمل.. رفع رأسه عن شاشة الحاسوب لينظر إليها وتساءل :
-حضرتك بدوري على حاجة معينة
شعرت بالتوتر في البداية ثم تحدثت باضطراب :
-أه لأ.. هو انا دخلت علشان الإعلان
القى نظره على اللافتة المُعلقة على الباب ثم نظر إليها وقال بفهم :
-أه.. طيب حضرتك شرط التفرغ
-ما هو انا مش ورايا حاجة غير تدريب في المكتب بيبدأ من تسعه لحد واحده.. هينفع ولا ايه؟
بدأ يحرك انامله على المكتب ثم نظر إلى الفتاة التي تعمل معه يناديها.. استمعت إلى نداءه واتجهت نحوهما وهي تمضغ علكة بطريقة واضحة.. وقفت إلى جوارها تطلع إليها من أعلى لأسفل فقال :
-دي نيرة هتعلمك كل حاجة عن الشغل
ابتسمت إليه تشكره بامتنان ثم صافحت زميلتها في العمل.. تساءل مبتسمًا :
-تحبي تبدأي شغل من امتى؟!
-من بكرة بإذن الله هكون هنا الساعة واحده
-شرفتينا يا فندم
أومأت مبتسمة واتجهت إلى الخارج لكنها التفتت ثانية عندما تذكرت شيئًا وتساءلت بلهفة قلق :
-هو الشغل بيخلص الساعة كام؟
-البنات بتمشي من هنا الساعة سته
أومأت بالإيجاب ثم تابعت السير وغادرت.. فنظرت نيرة إليه وقالت في شك :
-مش مرتاحة للبنت دي
-لاء ارتاحي.. وشها بشوش وزي القمر
***
" مكتب المحاماة.."
وقف يتحدث معهما عن الكثير من الأمور المتعلقة بالمحكمة والقضايا المختلفة.. عقب انتهائه سمح لهما بالمغادرة في ذات الوقت وصلت فاطمة ودخلت من الباب الخارجي للغرفة قائلة :
-أسفه جدًا على التأخير
نظر إليها بملامح جامدة وانتظر حتى خرج الشباب واندفع بصرامة :
-انتِ باين عليكِ مش بتاعت شغل..
جحظت عيناها به وهو متابع بحده :
-كل مرة متأخرة.. انا عندي هنا نظام فاهمة
لمعت عينيها بالدموع واصطبغت وجنتيها بحمرة الحزن.. في حين دخلت ميار ووقفت تنظر إلى فاطمة بحزن لكونها استمعت إلى توبيخه لها وقالت :
-فيه واحد منتظر حضرتك في المكتب
رمقها بنظرة نارية قبل أن يتجه إلى غرفة المكتب ودخل مغلقًا الباب خلفه.. سمحت لدموعها بالهبوط على وجنتيها ببطء فيما وقفت ميار أمامها وقالت كي تلطف الجو :
-ماتزعليش هو اصلًا باين عليه مضايق النهاردة
رفعت عينيها الباكية إليها قائلة بنبرة ضيق :
-أنا ذنبي ايه
ابتسمت وتأبطت ذراعها لتسير إلى جوارها وقالت بمزاح :
-ذنبك إنك جيتي متأخرة..
نظرت إليها في تعجب فابتسمت ميار قائلة :
-تعالي اعزمك على ليمون في الكافية وتحكيلي اتاخرتي ليه
اما عن الفتيات وقفت " رهف.." أمام نافذة الغرفة تتحدث في الهاتف وهي تلف خصل شعرها على سبابتها.. ضحكت ضحكة عالية فنظرت شهد إليها وهي تزفر بسأم من تلك الفتاة المستهترة..
-بجد هنروح مارينا.. يا روحي ماتحرمش منك أبدًا..
ثم تصنعت الحزن متابعة :
-لكن مش هينفع أهلي مستحيل يوافقوا.. احنا نروح اسكندرية يوم ونرجع
تركت شهد القلم ونظرت إليها مستنده بقبضة يدها على وجنتها.. بعد لحظات أنهت المكالمة وعادت إلى مقعدها تحت أنظارها وقالت بحنق :
-يا بنتي أنتِ ل**نك ده مش بيفصل
-مركزة معايا ليه؟
قالت كلماتها بتهكم لترد عليها بغيظ :
-هركز معاكِ ليه؟.. انا مش عارفه اركز في البحث من كتر رغيك في التلفون
-خلاص ركزي بطلت رغي
تناولت القلم من جديد وبدأت تراجع آخر ما كتبته على الورق.. فيما وقف حازم أمام باب الغرفة يبحث عن الفتاة الذي تسبب في بكائها لكنه وجد مكتبها خالي.. ثم نظر إلى مكتب ميار ولم تكن موجودة ايضًا.. حك جبينه واتجه إلى الشقة الثانية ووقف أمام مكتب المحامين الذين يعملون معه.. دخل بعد أن دق الباب قائلًا :
-يسعد مساكم يا شباب
الثلاثة في آنٍ واحد :
-مساءك فل يا متر
جلس على مكتب محامي يدعى " عمرو.." ذات بشرة قمحية وعينين بنيتين كما يمتلك شعر أسود.." وضع أمامه ملف قضية ثم وضع كفه على كتفه قائلًا :
-استلم يا بطل الملف.. عارف انك قدها
-شكرًا يا أستاذ
نهض عن المكتب ونظر إلى الشباب قائلًا :
-ساعة وتكونوا في مكتبي علشان نناقش القضايا اللي معاكم
استمع شاب يدعى" حسين.. " حديثه معهما وهو يقف أمام غرفة المكتب.. التفت حازم متجهًا إلى الخارج ليراه وخرج مغلقًا الباب خلفه متسائلًا :
-واقف هنا ليه؟!
شعر بالتوتر قليلًا ثم أشار إلى الغرفة وتساءل باهتمام :
-هما دول هنا تدريب برضه؟
-لاء دول متخرجين من أربع سنين وبيشتغلوا هنا.. بتسأل ليه؟
-الحقيقة قلقان وبفكر بعد ما اتخرج اعمل ايه.. أصل أنا بسمع كلام زي المحامين الكبار مش مخلين مكان للخرجين اللي زينا وان الناس بتروح للمحامي المعروف..
أومأ بتفهم فتابع بحماس :
-على فكرة انا ماكننش فاشل في الثانوية انا جايب مجموع عالي لكن دخلت حقوق علشان والدي
أحاط كتفه بذراعه لينظر الأخير إليه في دهشة في حين تحدث الأخير بجدية :
-مش شرط تكون فاشل علشان دخلت حقوق.. وبلاش تسمح لحد يحبطك بكلامه كافح واشتغل على نفسك.. أما بقى بالنسبة للشغل ماتشلش هم طول ما انا جنبك
ثم ابتسم إليه ابتسامة تفاؤل وربت على كتفه قبل أن يتابع السير فابتسم الأخير وتن*د بعمق.. فيما وقف حازم عندما وجد ميار تدخل برفقة فاطمة.. تنحنح بخفه فنظروا إليه لكن سرعان ما أطرقت فاطمة رأسها..
-كنتِ فين؟!
وجه سؤاله إلى ميار فقالت مبتسمة :
-كنا بنشرب ليمون.. عن إذن حضرتك
رمقت فاطمة بنظرة سريعة قبل أن تتجه إلى مكتبها.. وضع الأخير يده في جيب سرواله واتجه إلى غرفة المكتب قائلًا :
-تعالي ورايا يا أستاذة
نظرت فاطمة إليها بلهفة فأشارت لها برأسها أن تلحق به.. لحقت به بالفعل ودخلت مغلقة الباب خلفها وقالت في توتر :
-الظروف الو**ة هي اللي خلتني اتأخر
قطب جبينه وابتسم ليخ*ف روحها وتساءل مازحًا :
-وايه هي الظروف الو**ة دي؟
وجدت نفسها تبتسم كي يتزين خدها اليمين بغمزة عميقة ثم اختفت ابتسامتها بذات سرعة ظهورها وقالت بحزن :
-كنت.. كنت بد..
قطع حبل كلماتها بسؤاله وهو يتقدم نحوها ليقف أمامها مباشرةً :
-تحبي اقولك قولت ايه في الاجتماع ولا ميار اللي تقولك؟
رفعت بنيتها إليه لترى عمق عيونه الخضراء تطلع إليها عن قرب لتجد نفسها تتن*د بعمق وقالت مبتسمة :
-لاء حضرتك طبعًا
-أولاً انا عايز البحث بعد بكرة
-حاضر
اومأ بالإيجاب ثم التفت متجه إلى المقعد الخاص به ف*نهدت هي بعمق كي تستنشق رائحة عطرة التي خ*فت عقلها وفاقت من شرودها على كلماته :
-أقعدي يا أستاذة
جلست على المقعد المجاور إلى المكتب تطلع إليه باهتمام واضح.. قام هو بدوره وبدأ يشرح لها كل شيء فاتها
***
وقفت أمام المرآة تمسح مساحيق التجميل التي وضعتها.. بعد ذلك تناولت هاتفها واتصلت على صديقتها بعدها فتحت مكبر الصوت وتركته أمام المرآة لتقم بتمشيط شعرها.. أجابت بعد لحظات وبعد تبادل السلام بينهم قالت كارمن :
-عملت اللي قولتي عليه وهبعتلك الصورة واتساب
-اوكي يا روحي.. كارمن خلي بالك أنتِ داخله على مهمة مش سهلة
رفعت شعرها على هيئة كعكة في منتصف شعرها وهي تقول بهدوء :
-أطمني.. عُدي مش راجع قبل خمس شهور هكون أنا اثبت وجودي.. علشان يخدوا بالهم من المرآة شوية
ضحكت ضحكة خفيفة قائلة :
-مجنونة.. يلا ابعتي الصورة
-اوكي يا روحي باي
أنهت المكالمة ثم خرجت مغلقة الباب خلفها من ثم اتجهت إلى المطبخ.. فيما كانت فاطمة جالسة على الاريكة تضم قدميها إليها مستنده بذقنها على ركبتها.. شاردة في عمق عيناه التي ترى الطبيعة داخلهما.. ونبرة صوته التي مازالت تتردد في آذنيها كأنه معها.. فاقت من شرودها على نداء ش*يقتها التي تسأل :
-تتعشي معايا يا توتا؟!
التفتت إليها برأسها تومئ بالإيجاب فعادت إلى المطبخ ثانية ..في حين تطلعت هي الأخرى إلى الأمام وابتسمت بجنون ثم تناولت ورق البحث وقلم وبدأت تنقل بعض الجُمل من كتاب القانون.. لكن بعد دقائق وجدت نفسها شردت به ثانية فيبدو انه استحوذ على عقلها وافكارها.. فشلت في أن تنشغل في أي شيء آخر غيرة بل وفشلت في أن تخرجه من رأسها.. تأملت الورقة بعمق حتى خيلت بأنها ترى عليها وبدأت تكتب..
" بكيت اليوم بفضل حديثك الحاد معي وهذا يعني أنك.. تهمني كثيرًا.. و يا له من شجار رائع جعلك تُصالحني بلطف.."
جلست كارمن إلى جوارها ومدت يدها بطبق الطعام.. لملمت الأوراق وضعتها فوق بعضها وتناولت سندوتش.. بعد لحظات من ال**ت ابتلعت كارمن الطعام ونظرت إلى ش*يقتها وهي تقول بحسم :
-فاطمة أنا اخدت قرار اني أنتحل شخصية عُدي
ادارت رأسها إليها بلهفة قائلة :
-تاني يا كارمن.. دي جريمة وانا خايفة عليكِ
وضعت الطبق أعلى المنضدة لتأخذ الهاتف وفتحت صورة لها وادارت الهاتف إليها.. أخذته من يدها تطلع إليها عن قرب فابتسمت الأخيرة بثقة قائلة :
-شوفتي بقى ان مفيش حد يقدر يفرق بينا
-لو عُدي عرف بحاجة زي دي هيهد الدنيا
أخذت الهاتف من يدها وقالت بتحدي :
-فاضل خمس شهور ويجي هيكون أثبت للمجتمع أن البنت ليها في كل حاجة حتى الكورة
فاطمة بنبرة توجس واضحة :
-ربنا يستر يا كارمن من جنانك
..... يتبع