" اشتقت إليك يا من جعلت قلبي ينبض بالعشق .. عشقك أنت.."
دونت تلك الكلمات البسيطة على ورقه بيضاء فارغة.. فقد مضى يوم على غيابه وهي حقًا اشتاقت إليه.. لم تستطيع طرده من أفكار رأسها أصبح كالسرطان داخل قلبها.. كتبت اسمه جوار كلماتها ثم فتحت درج المنضدة المجاورة إلى الفراش وضعت الورقة داخله وأغلقت عليها..
تركت الفراش بل الغرفة أيضًا ودخلت المرحاض لتتوضأ.. من ثم خرجت وارتدت اسدال الصلاة ووقفت تصلي فرض الصباح.. وفي دعائها وجدت نفسها تدعو له وتمنت أن يحبها على الأقل بنصف قدر حبها له.. عقب انتهائها ارتدت فستان لونه أبيض ذو اكمام فضفاضه ثم وقفت أمام المرآة تضبط حجابها..
وقفت كارمن عند عتبة الباب تنظر إليها بتمعن شديد لكونها تعلم أن ش*يقتها ليست على طبيعتها وتساءلت :
-هتفطري معايا؟!
-لاء ماليش نفس.. أنا بفطر في المكتب
تقدمت نحوها ووقفت خلفها تحتضن كتفها بذراعها وقالت بحزن :
-عارفه إنك زعلانه بسبب ضغط عمك عليكِ
في لحظة لمعت عينيها بدموع الحزن والقلق معًا ثم التفتت واحتضنتها بشدة وقالت بنبرة مهلكة :
-أنا تعبت منهم يا كارمن.. الجواز مش بالعافية وحرام اللي بيحصل فيا ده
تن*دت بحزن وتشعر بالعجز فليس بيدها شيء لتفعله لكنها قالت كي تطمئنها :
-أطمني يا حبيبتي أنا خلاص قررت اكلم عُدي وهقوله على كل حاجة وبإذن الله يتصرف
ابتعدت عنها تومئ برأسها بعدها مسحت أسفل عيناها وتناولت حقيبة يدها لتغادر.. خرجت من الشقة مغلقة الباب خلفها وكادت أن تهبط الدرج لكنها استمعت إلى نداء "منال.." ابنة عمها وهي تهبط الدرج.. وقفت تنظر إليها بعينين حادتين للغاية.. وقفت الأخيرة أمامها قائلة :
-باختصار واحده صحبتي محتاجة محامي شاطر فقولت مفيش غيرك يساعدها
-مش هاخد صحبتك بذنبك.. خليها تشرف في اي وقت
فتحت الدفتر ومدت يدها بالقلم قائلة :
-أكتبي عنوان المكتب
تناولت القلم وهي تتن*د بنفاذ صبر ودونت العنوان ثم تركت لها القلم واتجهت إلى الدرج.. مسكت بمرفقها لتوقفها عن السير فنفضت الأخيرة ذراعها بعنف وتفاعلت في وجهها :
-ابعدي عني بقى.. عايزه ايه تاني
ابتسمت بخفة وتحدثت ساخرة :
-هعوز منك إيه؟!.. كنت هسألك بس على مواعيد المحامي اللي بتشتغلي عنده
تأملتها بعدم قبول وهي تضبط الحقيبة على كتفها وقالت بنفاذ صبر :
-في أربع محامين موجودين في اي وقت
-لاء مش عايزين اي محامي.. عايزين الأستاذ الكبير
-أستاذ حازم مش موجود اليومين دول بعد بكرة بقى بإذن الله
عقب انتهاء حديثها تركتها وهبطت الدرج من ثم خرجت من المنزل.. لحقت بها وهي تمضي من جوارها صدمت في كتفها عن قصد وتابعت السير.. نظرت فاطمة إليها بغيظ وزفرت بنفاذ صبر وبعد لحظات من سيرها تقابلت مع ابن عمها ووقف أمامها فتوقفت هي الأخرى وقالت من بين اسنانها :
-نعم يا رامز
-لقيتوا شقه تانيه ولا وافقتِ على الجواز
ابتسمت ببرود مماثل لبروده :
-بندور على شقه جديدة
ثم تركته وتابعت السير فالتفت لينظر إليها وتحدث بإعجاب :
-بيعجبني عندك
***
" روسيا.."
وقفت على المنصة بكل شموخ واعتزاز تناقش رسالتها أمام الكثير من الدكاترة الكبار.. تتحدث اللغة الأجنبية بفصاحة.. بحضور أخوتها الثلاثة والتي سعدت كثيرًا بمفاجئتهم لها.. انتهت من حديثها بعد نصف ساعة تقريبًا وشكرت الجميع على الحضور ثم تركت المنصة وجلست على أحد المقاعد بالصف الأول..
بعد ساعة تقريبًا استلمت الشهادة وأصبحت أستاذة جامعية بالفعل.. التقطت الكثير من الصور مع أستاذتها وزملائها ثم ركضت إلى أخواتها واحتضنتهما الثلاثة في آن واحد.. قبلها حازم على جانب رأسها وقال بنبرة فخر :
-مب**ك يا روحي
ابتعدت عنهما تطلع إليهما بعينين لامعتين بدموع السعادة قائلة :
-الله يبارك فيك يا حبيبي.. بجد وجودكم أحلى من الدكتوراه نفسها
قبض آدم على انفها بأصبعي السبابة والوسطى بخفه وهو يقول مداعبًا :
-يا بكاشة
-أبدا والله
ثم احتضنته عنوة فبادلها بذات العناق وقبلها على جانب رأسها.. مسح ليث على شعرها برفق قائلًا :
-ربنا يوفقك في حياتك الجاية يا دكتورة
ابتعدت عن ش*يقها لتنظر إليه وقالت بعد أن قبلته على وجنته :
-يا رب يا ليث
احتضنت جنى كتفها بذراعها وقالت بنبرة فخر :
-صديقتي أستاذة في الجامعة يا جماعة.. لازم نحتفل
أكد آدم على كلماتها :
-طبعًا أنا حاجز في أفضل مطعم علشان عيون حبيبي..
ثم نظر إلى مروان الواقف خلف ش*يقته متابعًا :
-طبعًا جاي معانا يا مروان
التفتت مرام إليه فيما هو تحدث بجدية :
-لاء خليكم مع بعض أنا هستعد للسفر
قالت مرام بتأكيد :
-أنت أساسي معانا يا مروان
أومأ بالإيجاب من ثم هم الجميع بالمغادرة واستقلوا سيارة كبيرة قام آدم باستئجارها من أحد الفنادق المعروفة.. جلس هو أمام المحرك وتحرك إلى وجهته.. وصل إلى المكان المنشود في خلال ربع ساعة تقريبًا وترجل الجميع من ثم دلفوا إلى الداخل.. جلسوا حول مائدة كبيرة وطلب كلا منهما الطعام المفضل..
عقب انتهائهم فاجئها آدم بتورته كبيرة تحمل صورتها وهي ترتدي ثياب التخرج.. احتفل الجميع بها مثلما ما حلمت بل وأكثر وكل منهم قدم لها هدية خاصة.. وانتبهت جيدًا إلى اسواره من الفضة تحمل علامة تدل على معًا للأبد وهي هدية مروان لها.. وضعت الهدايا جانبًا ونظرت إليه بابتسامة واسعة راقت له كثيرًا ليبادلها بابتسامة عذبه خاصه بها..
بعد دقائق قليلة حمل ليث كوب العصير الخاص به وترك مقعده متجهًا إلى شرفة المكان.. ووقف يتطلع إلى المياه التي تتحرك بأمر من الرياح الخفيفة.. نظرت مرام إليه بحزن واضح ثم لحقت به ووقفت إلى جواره متسائلة :
-عملت ايه مع تسنيم؟!
تن*د بألم وتحدث بسأم :
-بقالي شهرين سايبها.. كل ما احاول اكلمها تطنش
قالت في حيره :
-بقالكم سنه على الحالة دي.. معقول مش مشتاقة ولا حنت
ابتسم ابتسامة حزينة قائلًا :
-اه معقول.. على العموم أنا سايبها براحتها.. براقبها وعارف كل تحركاتها..
ثم نظر إليها وتابع بجدية وحسم :
-بعتلها رساله قولتلها مش هتبقي لحد غيري وأنا مستحيل أكون لواحده تانيه غيرك
ابتسمت وأعجبت بإصراره قائلة :
-ايوه كده اتمسك بيها.. هي بتحبك لكن تقلانه
-كل ده تقل؟!.. احنا داخلين على سنه
مسحت على كتفه وتحدثت بهدوء :
-معلش اتحمل شوية كمان
تناول القليل من المشروب وبعد لحظات من ال**ت تساءل باهتمام :
-عاملة ايه مع مروان؟!.. لسه مانطقش
شعرت بالخجل وأطرقت رأسها متسائلة متصنعة عدم الفهم :
-مانطقش بأيه؟!
-عليا الكلام ده؟!.. أنتِ فاهمة قصدي وارفعي راسك وبصيلي
رفعت رأسها إليه ويبدو عليها الحزن الشديد وتحدثت بوضوح :
-بصراحه مبسوطة بعدم اعترافه.. مروان طيب وابن حلال ومش عايزه اظلمه معايا.. أنا عندي عقده من الارتباط
-انتِ ولا أول ولا آخر واحده يحصل لها اللي حصلك.. فيه غيرك مر ب*روف أصعب منك ودلوقت أقوى من الأول..
مسك بيدها مشددًا عليها متابعًا :
-مرام لازم تبقي أقوى من كده وعيشي حياتك.. وعد؟
ابتسمت تومئ بالإيجاب قائلة :
-وعد
***
" بعد مضي يوم.."
داخل الكافية كانت تجلس أمام طاوله في انتظاره على أحر من الجمر.. تناولت الكثير من المشروب البارد وبدأت تحرك اناملها على الطاولة وعيناها على باب الدخول.. ما هي إلا لحظات ورأته يدخل بهيبته ورزانته اتسعت ابتسامتها واعتدلت في جلستها وهي تمسح على شعرها ووضعت بعض الخصل الكثيفة على كتفها..
رفع نظارته أعلى شعره يبحث عنها بين الجميع حتى رآها.. تقدم نحوها وجلس على المقعد المقابل لها وقال برسمية :
-صباح الخير
-صباح الجمال.. متأخر عن معادك
-معلش كنت في المحكمة
اومأت بالفهم ثم تن*دت بعمق ويبدو عليها السعادة البالغة وقالت :
-شكرًا علشان قبلت تقابلني
حازم بجدية :
-وافقت علشان أسمعك لأن مقابلة المكتب ماكنتش لطيفة وبعتذر على اللي أستاذة فاطمة عملته
-أه السكرتيرة
قالت كلماتها بتهكم فكلما تذكرت ما فعلته فاطمة تستشيط من الغيظ.. تأملها هو بنظرات حاده ثابته وتحدث مصححًا لعبارتها السخيفة :
-فاطمة طالبة في كلية الحقوق وهي مديرة مكتبي وبتساعدني في شغلي مش سكرتيرة
شعرت بهجومه عليها بكلماته وابتسمت بهدوء قائلة :
-ماكنتش أعرف انها طالبة في الحقوق..
ثم أردفت بلؤم :
-وأنا شاكه انها كانت بتقطع كلامنا عن قصد
تلاشى حديثها نهائيًا وتساءل بنفاذ صبر :
-ممكن اعرف عايزه تتكلمي في ايه؟
-اه طبعًا.. كنت حابه اتعرف على حضرتك أكتر ونتكلم ونتقابل كتير.. الحقيقة أنا معجبة بيك جدًا
قالت كلماتها بوضوح مبالغ فيه مما تعجب من كلماتها الاخيرة وتحدث ببحة صوته :
-أنا مش فاضي للمقابلات والمكالمات..
قطعت حبل كلماته قائلة :
-حلو أوي.. أنا عارفه إنك دوغري
...... يتبع