-شكرًا يا حازم أنا قولت أنت الوحيد اللي هتساعدني
-العفو يا ثراء واجب عليا اطمن على اخويا
أومأت بتفهم وهي تمسح دموعها من أسفل النقاب وتحدثت بصوت مبحوح :
-عايزه منك خدمة.. حاول تقنع يونس يستقيل أرجوك أنا كل يوم القلق هيموتني
تطلع إليها في دهشة وابتسم قائلًا :
-عايزه غراب الداخلية يستقيل؟!
-طالعين السما ليه بلقب الغراب ده والغراب ده اصلا حاجة مش حلوه
ضحك ضحكة خفيفة وقال كي يفهمها حقيقة اللقب :
-اللقب ده اللي طلعه عليه واحد من أكبر تجار الم**رات لما يونس قبض عليه وعلى كل اللي معاه.. قاله أنت غراب الداخلية.. يعني حاجة صعبة ووحشه بالنسبة لتجار الم**رات.. وأي حد يسمع كلمة غراب يخاف.. فهمتي؟
تن*دت بصوت مسموع تومئ على أنها فهمت ومع ذلك قالت بإصرار :
-لكن حاول تقنعه أرجوك.. اشمعنا أجبر أخوه انه يستقيل
-لأن ببساطة ليث كان متهور جدًا وعرض حياته للخطر اكتر من مرة.. ادعي له
-بدعي له والله.. لكن بقلق عليه جدًا
هبطت دموعها على وجنتيها ثانية فقام بسحب منديل ومد يده به إليها.. أخذته وفي ذات اللحظة دقت فاطمة الباب ودخلت تنظر إليهما وهي تقول :
-في واحد عايز حضرتك بخصوص قضية
نهضت ثراء عن مقعدها وتحدثت بصوت مبحوح تأثيرًا من البكاء :
-همشي أنا بقى وابقى طمني عملت معاه ايه
-حاضر خير بإذن الله
استأذنت وخرجت مغلقة الباب خلفها.. وقفت فاطمة مكانها تفرك في أصابع يديها والغيرة تقطع قلبها إلى أشلاء.. رفع عيناه إليها قاطبًا جبينه وتساءل بهدوء :
-عايزه حاجة يا أستاذة؟!
نظرت إليه تومئ بالإيجاب ووجدت نفسها تسأل دون تفكير :
-هي مين دي؟!
تأملها بجمود للحظات ثم ترك مقعده متجه إليها وهي تتبعه ببنيتها حتى وقف فاستدارت نصف استدارة كي تواجه وهو يجيب على سؤالها بحنق غير واضح :
-مرات ابن عمي
-كانت عايزاك في موضوع شخصي ليه؟!
نفذ صبره من فضولها الزائد وتدخلها في حياته بطريقة مبالغة ومع ذلك أجاب بهدوء :
-كانت عايزه تطمن على جوزها لأنه كان في مأمورية واتاخر
-لاحظت انها كانت بتعيط ليه
جز أضراسه ومسح على لحيته وهو يتحدث بحده :
-مش ملاحظة إنك بتدخلي في حاجات مالكيش فيها.. أنا قولت بلاش احرجك وارد على أسئلتك..
وجد نفسه يندفع بنبرة عالية :
-لكن جه الوقت تعرفي حدودك وتعرفي أن في حاجات مالكيش إنك تعرفيها.. وده آخر إنذار ليكِ
اصطبغت عينيها بحمرة الدموع وحاولت أن تدافع عن نفسها لكنها تخجل أن تعرفه بالحقيقة.. فهي تسأل بدافع الغيرة عليه ليس لتدخل في حياته الشخصية.. اكتفت بنظرات عتاب مؤلمه موجه له واستأذنت بنبرة بكاء أطلقت الحنجرة صراح كلماتها بصعوبة :
-عن اذنك
ثم اتجهت إلى الباب بخطوات واسعة وخرجت مغلقة الباب خلفها.. تن*د هو بصوت مسموع قابضًا قبضته بقوة وأخذ يزم شفتيه ويعاتب نفسه على أسلوبه الحاد معها.. استمع إلى صوت دقات الباب فأذن بالدخول ليدخل الرجل الذي يريده.. جلس على المقعد الخاص به مرحب به وجلس الأخير على المقعد المجاور إلى المكتب..
بالخارج جلست على المقعد الخاص بها تبكي بصوت مسموع وتعالت شهقات بكائها جاعله من ص*رها يعلوا ويهبط بوضوح.. ثم تناولت حقيبة يدها وأخذت تنادي ميار التي جاءت على فزعة صوتها واندهشت من هيئتها متسائلة :
-مالك يا فاطمة؟!
-خدي مكاني أنا لازم امشي
ثم اتجهت إلى الخارج فلحقت بها على الفور مناديه :
-فاطمة استني فهميني ايه اللي حصل
لم تنتظر المصعد الكهربائي وهبطت الدرج.. ض*بت الأخيرة كف على كف وعادت إلى الداخل تطلع إلى الفراغ في حيرة حتى لفت نظرها هاتفها أعلى المكتب.. أمسكت به قائلة :
-هوصلك ازاي دلوقت
***
" روسيا.."
بدأت مرام في تحضير حقيبة السفر خاصتها ووضعت كل شيء يخصها داخلها.. قررت العودة إلى الوطن بعد الحصول على شهادة الدكتوراه.. وقفت جنى عند عتبة باب الغرفة عاقدة ذراعيها أمام ص*رها قائلة :
-مرام أنا قررت أول ما أرجع مصر أزور أهلي
نظرت إليها بابتسامة واسعة وقالت مؤيدة لفكرتها :
-قرار ممتاز يا جنى.. ربنا يوفقك يا حبيبتي
-يا رب يا مرام..
ثم تقدمت نحوها وهي تمسح يديها في بعضها البعض ووقفت إلى جوارها قائلة :
-كمان قررت أشوف شريف
رفعت الأخيرة إحدى حاجبيها في شك قائلة :
-تمثيل تاني يا جنى
-لا أنا خلاص خرجت التمثيل من رأسي وإلا ماكنتش افكر ارجع لأهلي..
ثم أردفت مبتسمه :
-هو بس سألني امبارح على ميعاد رجوعي وقولتله
تن*دت بحزن وقالت كي توقظها من الحلم التي توهم نفسها به :
-جنى بلاش تعلقي نفسك بيه هو خطب يا حبيبتي
-بصراحه لما بيبعت رساله يطمن عليا مش بقدر امنع نفسي وارد عليه.. ومش قادره أخرجه من تفكيري..
ثم ابتسمت بحزن وقالت كي تبدل ذلك الحوار :
-سيبك مني المهم أنتِ.. هتعملي ايه مع مروان؟!
نظرت إليها للحظات من التفكير ثم ردت عليها بسؤال :
-أنتِ رأيك ايه؟!
-بصراحه مروان جدع وبيحبك يا مرام
أومأت بالإيجاب وتن*دت بضيق قائلة بنبرة ندم :
-عارفه انه بيحبني ومن زمان.. وللأسف ماكنتش شيفاه
بدأت تغلق سحابة الحقيبة وقامت بوضعها جانب الحقيبة الثانية وهي تستعجلها حتى لا يتأخرون على معاد الطائرة.. خرجت الأخيرة ودلفت إلى غرفتها في حين فتحت مرام سحابة حقيبة يدها.. أخرجت منها علبة صغيرة وفتحت إياها لترى هدية مروان لها.. يخبرها بها بأنه سيظل يحبها إلى الأبد..
اتسعت ابتسامتها ووضعت الهدية كما كانت في ذات اللحظة وصلت إليها رسالة.. تناولت الهاتف لتجد رساله من مروان وقامت بفتحها لتقرأ محتواها بعينيها " مصر فرحانه برجوعك يا مرام.." بدأت تقرأ الرسالة عدة مرات وهي تشعر بالسعادة من كلماته البسيطة.. وأخذت تفكر بماذا ترد عليه لكنها لم تجد إلا الشكر.. وبالفعل ارسلت له رسالة تشكره بامتنان على كلماته الرقيقة
***
" النادي.."
كانت تركض على المشاية بسرعة فائقة.. وبذات السرعة انتشرت حبات العرق على وجهها وبدنها.. دخلت فتاة تدعى " سمية.." أخذت تنظر حولها بنظرات جامدة حاقدة عن كارمن حتى وجدتها.. اتجهت إليها ووقفت إلى جوارها وقالت دون مقدمات :
-لو كنتِ فكرة أن الفريق هيوقف عليكِ تبقي غلطانه
توقفت عن الركض ونظرت إليها وهي تلهث بصوت مسموع قائلة بتحدي :
-لاء مش غلطانه وعرفت انكم خسرتوا المباراة
-يعني غايبة بقالك اسبوع وكمان بجحه.. بقولك ايه طالما مش قد الكورة اعتزلي
تناولت المنشفة لتمسح على جبهتها وابتسمت وهي تقول بثقة :
-الكورة هي اللي مش قدي.. انا كارمن يا سمية لو كنتِ نسيتي تاريخي يفكرك
-تمام انا والبنات هنقدم فيكِ شكوى وغصب عنك هتخرجي من الفريق
ثم ابتسمت إليها ببرود لتضحك الأخيرة وتركتها وغادرت وهي تقول :
-مسكينة
جزت أسنانها وتبعتها دون أن تظهر لها.. دلفت إلى غرفة الفتيات من ثم إلى المرحاض كي تضع بدنها أسفل الماء البارد.. انتهت بعد نصف ساعة تقريبًا وارتدت ثيابها وحجابها مستعده للذهاب.. لحقت سمية بها وبدأت تراقبها حتى توقفت كارمن عن السير عندما سمعت إلى صوت رنين هاتفها..
فتحت سحابة الحقيبة لتخرج الهاتف لترى اسم كابتن محمد.. زمت شفتيها ووقفت جانبًا لتتحدث معه بصوت شبابي مبحوح :
-السلام عليكم يا كابتن
-وعليكم السلام.. ماجتش النهاردة ليه يا كابتن؟
تن*دت وهي تقول في توتر :
-أه فعلًا ماجتش.. أصل حصلت ظروف
أومأ بتفهم وقال بجدية :
-ربنا يعينك يا كابتن.. في انتظارك بكره
أومأت بالإيجاب وأنهت معه المكالمة ثم زفرت بهدوء وتابعت السير.. في حين صدمت سميه مما سمعته آذنيها للتو وأخذت تفكر مع من تتحدث
***
خرجت من البوابة الرئيسية للنادي واستقلت سيارة أجرة تنقلها إلى النادي الثاني.. وصلت بعد نصف ساعة تقريباً ووقفت أمام الباب الرئيسي فأعطت له المال المطلوب وترجلت.. وقفت تنظر إلى لافتة النادي متشبثة في حقيبتها.. تود أن تدخل للاطمئنان عليه..
تقدمت إلى الداخل ووقفت عند الأمن يطلب منها بطاقة الدخول.. أخرجت من الحقيبة بطاقة عضويتها بالنادي الثاني ومدت يدها بها ليأخذها وبدأ يفحص بياناتها وهي تقول :
-انا عضوه في نادي تاني وجايه اقابل كابتن محمد
رفع عيناه إليها واعطاها البطاقة سامحًا لها بالدخول.. دلفت إلى الداخل وأخذتها قدميها إلى غرفة مكتبه مباشرةً.. عند وصولها وقفت تلتقط أنفاسها بهدوء ثم دقت الباب.. استمعت إلى صوته يأذن بالدخول فدخلت مغلقة الباب خلفها.. نظر إليها قاطبًا جبينه متعجبًا من وجودها هنا.. اتسعت ابتسامتها ووقفت أمام المكتب قائلة :
-جيت أطمن على حضرتك.. الحرق خف شوية؟!
جلس على المقعد الخاص به مشبكًا يديه في بعضها البعض قائلاً بجمود :
-أحسن الحمد لله.. أنتِ عضوه هنا؟
-الحقيقة لاء أنا عضوه في نادي تاني وبشتغل مدربه البنات في الجيم
أومأ بتفهم ثم تحدث بجدية :
-امال كنتِ هنا بتعملي ايه؟!.. جيتي علشان تحرقيني؟!
وجدت نفسها تضحك تومئ بالنفي وتحدثت بهدوء :
-كنت جايه علشان تـ..
قطعت حبل كلماتها فكانت ستقع في الخطأ ثم تابعت بهدوء :
-تدريب لأصحابي أعضاء في النادي
-اتفضلي اقعدي
-لاء مفيش داعي أنا جيت بس أسأل على حضرتك وأمشي
تساءل باهتمام :
-أسمك ايه؟!
بدأت تفرك في أصابع يديها وقالت في توتر خوفًا من أن يطلب البطاقة الشخصية :
-كارمن
-اسمك جميل يا كارمن.. على العموم أنا أحسن الحمد لله وشكرا لسؤالك واهتمامك
-العفو ده واجبي.. عن اذنك
همت أن تغادر لكنه أوقفها بحديثه :
-كارمن ممكن اسم وعنوان النادي اللي بتشتغلي فيه
حملقت به في توتر وبدأت توبخ نفسها على أنها جاءت إليه ثانية وتساءلت بصوت منخفض :
-ليه يا كابتن؟!
تحدث ببساطة :
-عادي عايز اعرفه
ثم سحب ورقه بيضاء وطلب منها تدون اسم وعنوان النادي بالتفصيل.. ترددت لكنها اضطرت لفعل ذلك وتناولت قلم وكتبت العنوان من ثم استأذنت وغادرت وهي تزفر وتندم على مجيئها إليه
***يتبع