٣

1382 Words
اليوم غير بقية الايام . . . ليس بيوم هادئ على الاطلاق ، أنه يوم إزالة الستار عن أهم قضية في حياة جيهان لهذا استيقظت مبكرا على غير عادتها ثم نادت على الخادمة لكي تعجل بإعداد الفطار و أسرعت إلى غرفة والدتها و قالت : امي . . امي استيقظت السيدة ثريا و قالت بصوت يتخلله فتور النوم و كذلك القلق : ماذا حدث يا ابنتي ؟ _ لا شئ يا امي . . . أنا اوقظك لنتحدث سويا بعد تناول وجبة الإفطار فنغتنم اليوم من بدايته _ كم الساعة الآن ؟ _ السادسة يا امي _ السادسة !! اليوم عطلتي دعيني انام قليلا _ لا لن ادعك اليوم . . . انت اليوم ملكي _ يا لك من عجولة مثل والدك تماما _ الابنة سر ابيها يا امي . . . سأنتظرك بالاسفل لتناول الطعام لا تتأخري استجابت الام لرغبة إبنتها مقدرة شغفها الشديد لمعرفة القصة . بعد تناول الإفطار ذهبت ثريا مع جيهان لغرفة المكتب و اخذ كل منهما مكانه و جلبت الخادمة كوبين من الشاي الساخن و وضعتهما أمام الام و ابنتها على المكتب الذي يفصل بينهما . اردفت الام قائلة : أتعجب منك يا ابنتي فأنت تكلمين والدك كثيرا و تذهبين إليه في نهاية كل عام . . . لم لم تطلبي منه أن يحكي لك قصتنا ؟ _ لقد طلبت منه عدة مرات لكنه لم يستجب لي بتاتا كلما فاتحته في الموضوع يغير الموضوع او تتبدل ملامحه لأنه مازال يحبك يا امي _ اعرف هذا جيدا ، أنا أيضا احبه و لكن من الصعب العيش معا ثانية _ هذا ما يثير فضولي أكثر ، كيف هذا الحب يسمح لكما بالفراق ؟ _ اصبري و ستفهمي القصة جيدا و تفهمين السبب _ ابدأي يا امي لقد زاد شوقي و بلغ فضولي أعلى مستوياته _ و لكن اسمعي بهدوء و بدون مقاطعة ، فالله وحده يعلم كم سأسعد و أتألم و أنا احكي هذه القصة ، ستعيد الي ذكريات أثرت في حياتي بأكملها ، ايام اعيش على ذكراها حتى الآن _ حاضر يا امي اردفت الام قائلة : لقد كنت فتاة عملية لا أؤمن بالحب إطلاقا ، أعتقد أنه يوما ما سيأتي شخص من اختيار والدي و سأوافق عليه . لقد كنت أعيش في قصر كبير بالقاهرة لان والدي كان ثريا أو بالأحرى اشهر الأثرياء في مصر في تلك الفترة ، كان له بعض الأعمال هنا في لندن على ع** الحال الآن ، اغلب الأعمال انتقلت بعد وفاة والدي الى اخي محمد هنا في لندن و لم يتبقى لنا سوى مشاريع قليلة بمصر . عشت حياة عادية فلقد كنت طالبة متفوقة طوال أيام دراستي بكلية الطب و كانت معي دائما صديقتي المقربة كريمة ، كانت فتاة متفائله سعيدة بحياتها ، كانت جارة لنا أيضا تسكن القصر المجاور لقصرنا ، كانت زميلتي عام بعام منذ الصغر ، و للمصادفة مجموعنا في الثانوية العامة كان واحد و بالتالي دخلنا نفس الكلية لم نفترق ابدا و كنا نحلم بالتخرج و السفر للعمل بالخارج . كنا نحلم بالسفر إلى أمريكا ، في آخر سنة بالكلية اعجبت كريمة بشاب ثري لديه الكثير من الأعمال في امريكا و هذا أكثر ما اعجبها به . فهو يعيش في أمريكا لا يحضر إلى مصر إلا لقضاء بعض الأعمال البسيطة . و بالفعل تقدم هذا الشاب لخطبة كريمة و وافقت الأسرة بأكملها عليه لأنه كان مناسبا من كافة النواحي . لقد كان يسمى فاروق ، شاب عملي و طموح و يناسب كريمة و يناسب شخصيتها و سيحقق حلمها في السفر الى أمريكا . كان يوم الخطبة يوم رائع كنت سعيدة جدا و كأني العروس . أقيم الحفل في قصرها و كنت معها في غرفتها في انتظار قدوم فاروق و أهله . عند قدوم فاروق استدعانا والد كريمة لكي يسلمها لفاروق . جلست كريمة و فاروق معا ليتحدثا معا قليلا قبل النزول إلى الحديقة حيث ينتظر الحضور . هبطت إلى الحديقة لكي أرحب بالمدعوين و كذلك زميلاتنا في الكلية . بعد قليل من الوقت حضر فاروق و كريمة إلى الحديقة و انهال الحضور بالتصفيق . ثم قاما بتبادل الخواتم و قدما معا رقصة جميلة على موسيقى هادئة ثم رحبا بالضيوف . في خضم هذه اللحظة دخل شخص لا اعرفه ، تجمع حوله الضيوف ليسلموا عليه ثم ذهب إلى فاروق ليبارك له ثم جلس على إحدى المقاعد و حوله مجموعة من الشباب يتحدثون و يضحكون . فإقتربت من كريمة لأسألها عن هذا الشاب و سبب تجمع الناس حوله فأخبرتني أنه فريد صبري صديق لفاروق و هو موسيقي معروف و تعجبت من عدم معرفتي به . و لكن لا داعي للعجب لاني لم اكن يوما مهتمة بالموسيقى على الاطلاق على ع** كريمة التي كانت تهتم بالموسيقى و شئونها . انتهت الحفلة و عدت إلى البيت و لأول مرة استمع الى موسيقى في غرفتي و كان لها طعم غريب هذه المرة ، لا اعرف سبب هذا الشعور و لكني أحضرت بعض الكتب عن الموسيقى من مكتبة القصر و قرأت بإهتمام غريب . و من هنا بدأت رحلتي الوهمية مع الموسيقى ، ثم خلدت للنوم ، استيقظت في الصباح التالي . . . . و في خضم هذه اللحظة التي انتظرتها جيهان بشوق كبير و شغف لا يضاهى و ترتشف بعضا من الشاي و تعاود النظر إلى والدتها و هي تقص حكايتها ، و تنتظر لمعرفة ماذا حدث في الصباح التالي ، لكن الام لم تكمل فلقد قاطع حديثهما دخول الخادمة و في يدها الهاتف ثم قالت : اتصال هام يا سيدتي من القاهرة التقطت ثريا الهاتف ثم أجابت و كان ابن أخيها كريم يطلب إليها الحضور العاجل إلى القاهرة لتوقع بعض الأوراق الهامة لأنها شريكة لأخيها في كثير من الأعمال التجارية ، أخبرته بأنها ستحضر بسرعة ثم أغلقت الخط . . . اعتذرت الام من جيهان لأنها لن تستطيع تكملة ما بدأته من قصتها و وعدتها بأن تكملها لها حين تعود و انصرفت لتستعد للسفر . جلست جيهان تنظر إلى الشاي كثيرا و ترتشف القليل ثم تضعه أمامها و تفكر و هي في حالة من التوهان الشديد ، ظلت تفكر ماذا حدث فيما بعد و كيف كان حديثهما الاول ، كيف انجذبا إلى بعضهما البعض ، و ظلت هكذا فترة طويلة حتى دخلت والدتها لتودعها قبل أن تغادر ، وجدتها شاردة الذهن فقالت لها : يا عزيزتي . . . اراك على خير ، وعدتك بأن اكمل القصة لك فلا تقلقي ، أليس لد*ك شئ آخر تفعليه ؟ ردت جيهان عليها و على وجهها الكثير من العلامات التي تنم عن خيبة الأمل و القلق و التفكير : لدي الكثير يا امي و لكنها كانت أهم شئ لدى ، كنت أود معرفة كل شئ الآن . . . لكن سأقوم للعزف قليلا و سأحاول الاتصال بوالدي فلم أحدثه منذ مدة _ جيد يا إبنتي العزيزة . . . اليس هناك أي خبر عن النتيجة ؟ _ أظنها ستعلن غدا يا امي _ حسنا يا إبنتي سأتصل غدا لأطمئن عليك غادرت الام مسرعة حتى لا تتأخر على الطائرة ، توجهت جيهان إلى غرفة البيانو لتعزف عليه قليلا فهو صديقها المقرب ، تعزف و تعزف لكن أناملها وحدها من كانت تعزف لكن قلبها و عقلها و خيالها في مكان آخر ، فكثيرا ما كانت تحاول تخيل ما حدث و تكوين بعض الأفكار عما حدث و عن سبب انفصال والديها و كثيرا ما سألت نفسها : لم أرغب في معرفة سبب الانفصال ؟ أو حتى قصة الحب ؟ كل شئ انتهى ، والدي له حياته الخاصة و كذلك والدتي و أنا اعتدت على ذلك . ثم تأتيها فكرة أخرى و تقول لنفسها : لعلي اعرف السبب و بهذا يمكنني اصلاح العلاقة بينهما ثم قامت و على وجهها معالم الملل من كثرة التفكير و خرجت من الغرفة و هي تتأفف و تقول : لقد ضاع اليوم . . . يا له من يوم ممل ! ثم خطر على بالها أن تحدث والدها قليلا فهي لم تحدثه من فترة ، دخلت غرفتها و الامل يغمر وجهها و اتصلت على والدها و لكن لا احد يجيب . فقالت لنفسها : سأبعث له رسالة إلكترونية ، و حينما تصفحت بريدها الالكتروني وجدت رسالة منه ففرحت كثيرا و فتحتها و كان يقول : " ابنتي العزيزة جيهان . . . صغيرتي اللطيفة ، يا الطف فتاة في هذا الكون و هذا ليس لكونك ابنتي فأنا لو كنت رجلا اخر لأحببتك أيضا فأنت حبيبتي اللطيفة التي ملأت حياتي نورا و غيرت عالمي المنعزل و ملأته أطيافا رائعة ، اشتاق اليك كثيرا طفلتي ، ارجو منك المغفرة لأني لن استطيع رؤيتك الايام القادمة و لا الاتصال بك فلدي رحلة ستطول قليلا لهذا إن ظهرت نتيجتك لا تحضري إلى القاهرة الا عندما ارسل اليك رسالة . . . " تضايقت جيهان كثيرا من الرسالة لأن فرصة السفر الى القاهرة و لقاؤها بوالدها تأجل .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD