-1
...
"لن تواعديه؟ "
صوت سولي قاطع قراءتي للكتاب.
كنتُ اجلس في مقعد خشبي بحديقة المدرسة.
تحت ضوء الشمس الخافت مع رواية بين يدي.
اجبتُ دون النظر لها:
"لن افعل! "
جلست هي قربي واطلقت تنهيدة تدل عن خيبة أملها:
"لِماذا؟ "
نظرتُ لها واجبتُ:
"لقد اعترف بحبه في رسالة نصية، هذا ليس الحب الذي اريده! ماذا بعدها؟ هل سيكون موعدنا للسينما والمطاعم؟ هذا عادي للغاية بالنسبةِ لي! "
اخرجت هي زجاجة مياه من حقيبتها المدرسية بينما تقول:
"هذا هو الحب في عصرنا! إن لم تقبلي بهِ ستموتي وحيدة! "
"حسناً افضل الموت وحيدة عن المواعدة بتلك الطريقة لشخص لا يشبهني، فقط من يشبهني سيكتب لي رسائل حب بالورق ويشتري لي الزهور ويأخذني في موعد غرامي لمتحف او مكتبة لنتشارك احاديث طويلة وعميقة! "
"هذا ممل للغاية! "
رُبما هو ممل للجميع، لكنهُ لن يكون مملاً للشخص الذي يشبهني أليس كذلك؟
عُدتُ اقرأ الرواية.
رواية رومانسية عن أميرة اضطرت للزواج من امير لا تحبه وهربت بِالزفاف.
لقد هربت لأنها تريد استكشاف العالم والبحث عن من يشبهها حقاً، أليس هذا جميلاً؟
اشعر بالشفقة على نفسي لأني خلقت في هذا العصر الحديث المق*ف.
يتقابل الثنائي مرتين ويقعون بالحب فوراً ويعترفوا عبر رسالة نصية وموعدهم الغرامي يكون مشاهدة فيلم سوياً او الذهاب لمطعم.
ما الرومانسي بِمشاهدة فيلم سوياً؟
بالطبع هذا بالتغاضي عن قبلة السينما، التي لا تحمل أي معنى.
لكني لستُ مثلهم، اريد قصة اكثر خيالية ورومانسية او فلأمُت وحيدة!
ض*ب الجرس المدرسي معلناً بداية الصف التالي.
•••••
كان الأستاذ يشرح التاريخ.
التاريخ اعتاد ان يكون مادتي المفضلة!
احب التاريخ بِشدة، هو يذكرني بجمال العالم القديم وبساطته.
كل شيء بهذا العالم كان جميلاً...
خاصةً قصص الحُب، في مملكة كبيرة لفتاة شابة تود استكشاف العالم.
اليس هذا افضل ما يمكن للمرء الحصول عليه؟
توقف الاستاذ ونظر لي بإبتسامة خافتة وسأل:
"ما هذا الكتاب؟ "
اجبتُ بنفس ابتسامته:
"تلك رواية رومانسية تاريخية،تدعى عبيد لونا،لونا إله القمر،! "
تحدث احد الشباب من قربي:
"ممل!!"
سولي تدخلت قائلة:
"هي لم تطلب منك قراءته! "
الشاب اجابها:
"لابد انكِ غريبة اطوار مثلها، تلك الفتاة لا تملك حسابات بمواقع التواصل الاجتماعي حتّى! كل ما تقوم به هو قراءة كتب مملة ودراسة التاريخ! الجميع يعتقد انها غريبة اطوار ايضاً،لهذا السبب لا احد يرسل لها طلب لحضور الحفلات! "
كدتُ اتدخل قبل ان يقول الاستاذ:
"هذا يكفي!"
•••••
سِرتُ عائدة للمنزل برفقة سولي ليلاً.
كنتُ ارتشف عصير الشوكولا خاصّتي بهدوء بينما اقرأ كتابي.
هذا بالطبع سيكون كتابي المفضل!
سولي تحدثت:
"جيا..."
همهمتُ دون أن ارفع عيني من الكتاب.
اكملت هي:
"لِما لا تحاولين التأقلم؟ "
رفعتُ عيناي لها بتساؤل.
عما تتحدث؟
وضحت هي:
"انا لا اكره شخصيتكِ، ولا اعتقد انكِ غريبة الاطوار لكن...اكره كيف ينظر لكِ الآخرين، اكره كيف لا تتسكعين وتمرحين في هذا العمر وبدلاً من هذا تنعزلين عن الآخرين، اكره حقيقة انكِ ستندمين على هذا بالمستقبل!"
اعدتُ نظري للكتاب بينما اقول:
"انا احب حياتي، ما افعله في حياتي يجعلني سعيدة، لما سأندم على سعادتي لاحقاً؟ ولما يجب ان اغير الشيء الذي احبه لأجل الاخرين؟ افضل ان اكون غريبة الاطوار تفعل ما تحبه عن ان اكون نسخة من الاخرين لأتأقلم معهم! "
سولي تن*دت وقالت:
"إذاً...لما لا بحثي عن شاب يشبهكِ؟"
نظرتُ لها رافعة احد حاجباي:
"لما تصرين على جعلي اواعد؟ اعتقد اني لن انجح في هذا العصر! سيكون من المستحيل العثور على شخص واحد مثلي"
سولي ابتسمت بحماس شديد فجأة وقالت:
"اعرف الحل!! "
قبضتُ حاجباي.
امسكت هي بمع**ي وسحبتني خلفها ركضاً لمكان مجهول.
ماذا تفعل تلك الخرقاء؟ ولما هذا الحماس؟
وقف كلانا امام بئر.
نظرتُ لها بعدم فهم.
وضحت هي قائلة:
"هذا هو بئر تحقيق الأمنيات! اخرجي عملة نقدية وتمني العثور على شخص يشبهكِ!"
"هاه؟ "
اخرجت هي عملة نقدية وتمنت:
"اتمنى ان التحق بجامعة سول للفنون! "
ثم رمت بالعملة داخل البئر.
نظرت لي بحماس شديد وقالت:
"دوركِ الآن!! "
رمقتها ببرود.
أي شخص سيصدق هذا الهراء سوى اخرق مثلها؟
اخرجتُ عملة معدنية وقُلت:
"امنيتي ليست شاباً يشبهني! "تن*دتُ واكملت ساخرة"اتمنى ان اعيش قصة خيالية رومانسية مثل رواية عبد لونا! "ثُم رميتُ بالعملة داخل البئر بينما سولي تصرخ بصدمة.
نظرت لي بذعر وصدمة وقالت:
"ماذا فعلتِ؟ "
سرتُ بعيداً بينما اقول ساخرة:
"لا بأس، هو لن يحققها على كل حال! "
•••••
كنت اجلس بسريري في غرفتي المظلمة ليلاً.
النافذة مفتوحة ومطلة على السماء السوداء والنجوم.
استمع لأغاني هادئة.
تلك افضل لحظة باليوم، لحظة الاسترخاء والجلوس للتفكير فقط.
اليوم كان مرهقاً رغم انه لم يتغير كثيراً عن ايامي السابقة.
لكن اليوم تحديداً اشعر برغبة أكبر في الذهاب من هذا العصر المق*ف.
اريد العودة لعصر الملوك والأمراء كما في رواية...
تذكرتُ فجأة بئر تحقيق الامنيات.
انا لا اصدق بهذا بالطبع، لكني ايضاً اؤمن ان لا شيء مستحيل لذا...
سأغمض عيناي لثلاث ثوانٍ وإن كانت امنيتي ستتحقق فيجب ان انتقل للرواية بمجرد ان افتح عيناي!!
اغمضتها وعددتُ لرقم ثلاثة.
بمجرد ان وصلت لرقم ثلاثة فتحتُ عينايّ!!!
"آنسة جيا، هل تقبلين بالزواج من الأمير هاري؟ "
القسيس سألني كما بالرواية.
ما ا****ة؟
كنتُ اقف بكنسية كبيرة وجميع العائلة الملكية من عائلتي وعائلته حاضرون.
ارتدي فستان الاميرة الاحمر.
كلا مني ومن الامير هاري نقف امام القسيس لإتمام زواجنا.
هل انا...
احلُم؟
اغلقت قبضة يدي بقوة شديدة لتنغرز اظافري بجلدي.
لقد شعرتُ بالألم...
هذا...ليس حلماً!!!!
كيف حدث هذا؟!
هل كان هذا البئر؟
اشعر اني فقدت صوابي.
هل هذا حقيقي؟؟
كيف...؟
هذا...جنون!!
لابد اني جننت!!
ماذا يجب ان افعل؟
اغمضتُ عيناي لثلاث ثوانٍ.
يجب ان استيقظ!
فتحتها بعد مرور الثانية الثالثة، لكن لم يتغير شيء!!!
"آنسة جيا! "
هاري نظر لي بتساؤل.
لا...
انا لا احب هاري!! لا اريد ان اتزوجه فقط لأن الاميرة يجب ان تتزوج امير!!!
اريد الزواج بشخص احبه!!!
اريد ان اعيش قصة حب خيالية وصادقة!
اخذتُ خطوة للخلف بينما جميع الأعين عليّ.
وبحذائي ذو الكعب العالي...
اخذتُ اركض للخارج بأسرع ما يُمكنني!!
الجميع شهق والامير هاري نادى بأسمي.
كان فستاني فضفاضاً للغاية والكعب العالي عائقاً لركضي.
هذا جنون!!
خرجتُ للغابة بينما اركض بشكل اسرع واحمل فستاني لأتمكن من الركض بشكل افضل.
انا لا اتذكر قراءة ما سيحدث بعد ان هربت الاميرة من الزفاف.
لا اعلم اين اتوجه! لا اعلم ماذا سأفعل!
لا اعرف أي شخص بهذا العالم، لا اعلم وجهتي...
إذاً لما هربت؟!!!
كان ضوء القمر هو مرشدي الوحيد في هذا العالم.
تمكنتُ من الركض لأبعد ما يمكنني عن تلك الكنيسة!
نظرتُ خلفي لأتأكد ان لا احد يلاحقني.
لحسن الحظ لا احد يفعل.
اعدتُ نظري للأمام لأرى ذئب.
الذئب أخذ وضعية الاستعداد للهجوم...
هذا...كابوس!!!
-يتبع....