الفصل الثالث: مطاردة غادي من قبل شخص غريب وتنقذه فتاه جميلة

2170 Words
زوجة ما زالت عذراء و سألها من اين جئت بهذه السياره..؟ فأجابت : استأجرتها. لكي تقتفي بها خطواتي ..؟ نعم . فقال غادي : اظن ان لك اسما تعرفين به ..؟ فضحكت و اجابت : انني ادعي سيرافينا ..سيرافينا ديلجادو . انك لست أمريكية فيما أري ..؟ كلا . من اين انت اذن ..؟ سوف تعرف و لكن فيما بعد . و اوقف السيارة أمام العمارة التي يقيم في احدي شققها و كانت جميع النوافذ موصدة يسودها الظلام و لا ينبعث منها بصيص من الضوء . و استقلا المصعد فصعد بها الي الطابق الثالث و توقفا أمام باب مسكنه و تطلع ايها من جديد : كان وجهها شاحبا و بدت مرتبكة تعض علي شفتيها. و دس المفتاح في الثقب و فتح الباب و أدهشه أن يجد الباب غير موصد بالمفتاح فقد كان علي يقين من انه اغلقه في هذا الصباح . و جعل يفحص القفل بأهتمام فلاحظ ان فيه بعض الخدوش فدعاها الي الدخول و اغلق الباب من خلفها و حاول ان يدير المفتاح في القفل من الداخل فألفاه معطوبا مهشما و زالت دهشته حين أضاء النور فرأي الحال التي كان عليها مسكنه .. بدا له و كأنما انطلق في الشقه ثور هائج قلب الاثاث علي الارض و أفرغ محتويات الادراج ة ألقي بالاغطية و الملاءات و نبش ما في الدواليب و حين دخل الي مخدعه وجد المراتب ملقاه علي الارض و قد تعري السرير من كل ما عليه. و ما أخذت عين الفتاة هذا المشهد حتي أطلقت أهة دهشة و استغراب و أسرعت الي النافذة تسدل ستائرها و تضم أطرافها حتي لا يتسلل منها الضوء الي الخارج . و نظر اليها و رأي الذعر يطل من عينيها الجميلتين و أدهشه ان يجد نفسه ساكن الاعصاب لا يبالي بما حدث يتلقي الامر في قلة اكتراث كأنما لا شئ يعنيه مما جري . كان في اول الامر يخشي جانبها و يتوجس منها أما الان فقد أصبح مطمئنا اليها اشد الطمئنان فقد كانت صادقة في خوفها لا يبدو عليها انها تفتعل أو تمثل . سألته : هل سرق منك شئ ..؟ فأجاب : اني لا احتفظ في بيتي بشئ ذي قيمة ..و لكن من تظنين فعل ذلك ..؟ فقالت : رامون طبعا . أهو صديق لك ..؟ فانفجرت في غضب : انه ليس صديقا . ثم أردفت : أرجوك ان تتأكد مما اذا كان قد سرق منك شئ . و هز كتفيه بلا مبالاة و مضي يدور بمسكنه باحثا هنا و هناك و ان كان علي يقين سابق من ان شيئا لم يسرق منه .. ان رامون ليس مجرد لص عادي فأن له دون شك هدفا خفيا من اقتحام مسكنه و من متابعة خطواته و مطاردته طوال النهار. و لكن ما الذي يبغيه يا تري من وراء هذه المطاردة ..؟ و عن اي شئ يبحث في شقته ..؟ ان هذه الاحداث التي توالت لابد انها تطوي وراءها سرا غامضا . كان مسكنه مكونا من مخدع للنوم و غرفة للاستقبال الحق بهما مطبخ صغير و حمام يقع في نهاية الردهة . و كانت كل غرفة من غرف البيت تحمل آثار البحث و التفتيش الدقيق فلم يسلم ركن منها من العبث أو النبش. ووجد في المطبخ زجاجة من البراندي فصب لنفسه كأسا أفرغه في جوفه دفعة واحدة فأنتعش و أزال عنه الشعور بالبرد ثم حمل الزجاجة و كأسين الي الفتاة و تناول كأسا ثانية. و قال لها : أرشبي فما أحسبك معتادة علي جونا القارس البرودة . الحق اني لم اعتد في بلادنا الا الحر القائظ . و أدرات بصرها في اللوحات التي تعلو الجدران و قالت يبدو انك تحب المناظر الطبيعية ..؟ سوف تروق لك ما تحفل به جواتيمالا من مشاهد طبيعية آية في في الروعة . اذن فهذه هي بلدك ..؟ نعم .. انني من قرية انتيجوا بجوار مدينة جواتيمالا كما أملك بيتا صيفيا في سان جوزيه علي شاطئ الباسيفيك .. ان كل بقعه في بلدي تختلف عن الاخري و لكنها كلها رائعه الجمال زاخرة بالالوان الخلابة و لا شك عندي في انها تفتن من كان فنانا . من طرازك و سوف تجد فيها ما يبهرك . فتأملها برهة ثم قال : ليت شعري لم تسهبين في الحديث عن بلادك ..؟ فهزت كتفيها في رقة و قالت : سأروي لك كل شئ و أرجو أن تصدق ما اقول اذ يجب أن تثق بي و الا خسر كلانا كل شئ .. ان ما اقوله لك عاجل و ملح و يجب ان تبادر الي العمل و التصرف دون اي اهمال .. اني لا أحاول ان أبث في نفسك الذعر و الخوف و لكن تلك هي الحقيقة .. أتحسب ان من الهين علي أن أزج بنفسي في مثل هذا الموقف و ان أحضر في جوف الليل الي شقة رجل عازب ..؟ و أو مأت برأسهاوالي مخدع النوم و تضرج وجهها احمرار ثم اسطتردت تقول : اني ما كنت لأفعل هذا لولا ان الامر خطير . فقال كول في جفاء : اكملي حديثك .. اني مصغ ووضعت كأسها علي منضدة بجوار النافذة ة استطردت : لقد جئت الي هذه البلاد لامر يتعلق بأخيك . فقال في استغراب : جيد ..؟ نعم رامي . و لم يكن في ذلك ما يدعو الي الاستغراب فكل هذه الأحداث تشير الي أخيه : الرجل ذو الخنجر و الاسبانية التي تنتشله فجأة من الخطر الداهم هذا كله طابع أخيه المألوف .. انه رجل لا يحل بمكان الا حفت به الاخطار و احتوته المغامرات .. ان الرجل الذي لا يفتأ يسعي الي المخاطر و يرمي بنفسه في اتون النار . و قال غادي : اجلسي يا مس ديلجادو . و مشت الي المقعد و كانت حركتها سريعة و رشيقة . و خلعت معطفها فانكشف عن ثوب واسع فضفاض تشده حول خصرها الدقيق بحزام عريض من الجلد له توكة تمثل تحفة اثرية . و كانت ترتدي فوق الفستان بلوزة لها ياقه عالية تنعقد حول عنقها بدبوس اثري . و استوت جالسه علي المقعد و جعلت تتأمل يديها لائذة بالصمت . و سألها كول : حدثيني عن أخي . فقالت أن من العسير علي أن أبدا . و من العسير علي ان أصبر و أنتظر. و قالت ان رامي واقع في مشكلة .. مشكلة خطيرة تدعو الي اليأس . و تطلعت اليه بعينين تفيضان أسي و قالت : انك أخوه و مع ذلك فا تشبهه في شئ الا اذا كنت مخطئة في رأيي .. ان أخالك مجبول علي العنف و المغامرة أما انت فلا . و سألها غادي: و ما هي المشكلة التي وقع فيها ..؟ انه في السجن .. في مدينة جواتيمالا. و ما الذي اقترفه ..؟ و بدا عليها التردد و كانت حبات البرد تضرب زجاج النافذة من الخارج فتطلعت اليها ساهمة . و قال يستحثها : تكلمي . لقد رمي رامي في السجن بتهمة ملفقة .. نعم .. أني متأكدة من أنها تهمة ملفتة و قد مضي عليه اسبوعين في السجن حتي الان . و في البداية حاولنا ان نعرف مكانه فلم نوفق فلما اهتدينا اليه بعد ذلك أردنا ان نعمل من أجله شيئا فأخفقنا .. كان مستحيلا ان نقدم اليه اية مساعدة فسألها : و من الذيةحاول ان يساعده . أصدقائه.. و انا طبعا. هل اتصلتم بالسفير اللبناني هناك ..؟ طبعا. و لكن السيارة لم تفعل شيئا . فقد أقحم رامي نفسه في الشئون الداخلية للبلاد مما حمل السفير تيلزون علي ان يتخذ منه موقفا حياديا حتي لا يقال أنه يتدخل في أمور تمس سيادة الدولة … نعم لن يستطيع مستر تيلزون أن يسدي اليه شيئا من العون . و سألها كول : و متي يحاكم رامي ..؟ لن يحاكم . لن يحاكم ..؟ ما معني هذا ..؟ أليس من الضروري أن يقدم الي … فقاطعته : لن يقدم للمحاكمة يا سنيور . اذن ما مصيره .؟ سيبقي في السجن . الي ما لا نهاية ..؟ فهزت كتفها في غير اكتراث و أجابت . ليس للزمن حساب في بلدي . فطغي عليه شعور من الخوف و قال في نبرة من القلق : أتعنين انه سيبقي في السجن حتي يموت ..؟ أني آسفة يا سنيور و لكن هذا جائز .. انها مأساة محزنة .و جعل يحملق فيها صامتا و قد ارتج عليه الكلام و تدفقت في رأسه الخواطر المزعجة لما سمع منها . و تناول سيجارة أشعلها و جعل ينفث دخانها في عصبية . و سألها : و لكن كيف يتاح لي أن أساعده ..؟ ما الذي ينبغي أن افعل ..؟ يجب أن أسافر معك الي هناك ..؟ لا أدري .. اني أشك في جدوي ذلك . اذن ما العمل .. ؟ ولاذت بالصمت لا تجيب و انما عقدت ما بين حاجبيها و غرقت في التفكير .ثم رفعت اليه رأسها و قالت : أهذه أول مرة سمعت فيها عن المشاكل التي أوقع أخوك نفسه فيها ..؟ و لم تسألين ..؟ ألم يكتب اليك مؤخرا ..؟ ألم تتلق منه أية رسالة في هذه الايام ..؟ فنهض واقفا و مشي الي النافذة ة أخذ يتطلع منها الي الخارج و حين استدار اليها و جد السؤال مازال يتردد في عينيها و لكنه تجاهلها و لم يجب و إنما ابتدرها قائلا : و لكن ما هي التهمة الموجهة الي رامي ..؟ جريمة قتل . و خيل اليه أنه غرق في فيض من الماء البارد المثلوج . جريمة قتل ..؟ و من هذا الذي قتله ..؟ فرفعت اليه نظرة ثابتة ة في صوت هادئ أجابت . قتل أختي ..! و ارسلت الكنيسة دقاتها الحزينة الرتيبة و أخذت حبات البرد تدق زجاج النافذة . و جعل يتطلع الي الجدران و الي اللوحات التي تعلوها و قد ارتج عليه الكلام و لم يسعفه النطق . و كانت الفتاة صامتة لا تتكلم و كان صمتها هو الشئ الوحيد الذي بدا عنده في هذه اللحظة واقعا حقيقيا . اما فيما عدا ذلك فقد خيل اليه انه يعيش في جو خانق من التصورات و الاوهام : رامي يقترف جريمة قتل و القتيلة هي اخت هذه الفتاة الماثلة امامه و التي تتكلم في هدوء و بساطة و جيدون حبيس سجن في امريكا الوسطي .. اهذا شئ يمكن ان يصدق ..؟ اهذا شئ معقول ..؟ و لكن لم لا ..؟ و الا فكيف نفسر وجود الرجل ذو الخنجر ..؟ و مشت الفتاة الي النافذة ة ازاحت اطراف الستارة و تطلعت من ف*جته الي الخارج ثم ارتدت اليه تقول في هدوء : هنال من يراقب البيت . و دنا من النافذة و تطلع بدوره منها .. الساعة الان الثانية بعد منتصف الليل و البرد قارس يهرا الاعضاء و الثلوج تتساقط تباعا بلا هوادة فلا يمكن اذن ان يتربص مخلوق بالطريق في مثل هذه الظروف الا اذا كان له من وراء ذلك هدف غامض .. و ها هو رجل متربص في الشارع عبر الطريق يترصد البيت منزويا في الظلام .. في البداية لم يكن متأكدا من الامر الا حين رأي طرف سيجارته المشتعل يتوهج في الظلمات كانه عين ثعبان يترقب فريسته و يتحفز للانقضاض . و ارتد الي سيرافينا ديلجادو متسائلا : من يكون هذا ..؟ رامون طبعا . و ما عسانا نفعل حياله ..؟ لاشئ .. فلندعه منزويا في مكانه حتي يحزم رايه علي الاقدام علي عمل معين .. انه مكلف بمهمة لابد له أن بنجزها . و ما هي هذه المهمة ..؟ أن يمنعك من تقديم اية مساعدة لاخيك. و عاد غادي يصب لنفسه و للفتاة كأسين آخرين و قال : قلت ان رامي قتل اختك ..؟ هذه هي التهمة الرسمية الموجهة اليه و لكنه لم يكن هو الذي قتلها . و ما هي العلاقة بينهما ..؟ أعني بين رامي و اختك ..؟ كانا متحابين. اذن من الذي قتلها..؟ هذا ما لا علم لنا به. و انشات الفتاة تتكلم بلا توقف و في كلمات متلاحقة سريعة كانما احست من وجود رامون بالطريق يترصد البيت ان الوقت ضيق امامها . و كان رامي يتابع حديثها في انصات و انتباه حتي لا تفوته كلمة مما تقول . قالت ان مدينة جواتيمالا هي العاصمة و انها مدينة يسودها هدوء ظاهري و لكنها في حقيقتها ميدان لصراع خفي يدور وراء الستار و انها مسرح لحوادث خطيرة من الشغب و العنف و ان الليل فيها مطرز بالمؤامرات و الدسائس ام ثروتها فمص*رها الموز و البن و بعض المعادن و خاصة معدن البو**يت الذي اكتشف حديثا . و يعمل رامي رئيسا للمهندسين في شركة ميابوكيست و هو محبوب من الموطنيين اهل البلاد ومن بعض العرب و من الامريكيين علي السواء و له عندهم مكانة كبيرة . و قالت الفتاة مستطردة ان آل ديلجادو يشغلون في البلاد مكانة اجتماعية بارزة و يدعون باستمرار الي الحفلات و المآدب. و ظلت الحال علي هذا حتي ظهر جيدون علي مسرح الحوادث . و قالت ان أختها ماريا ديلجادو لم تخلق علي غرارها وجيدون تختلف عنها من اوجه كثيرة فهي كثيرة فهي رائعة الجمال متدفقة الحيوية شديدة الذكاء و الدهاء . و الاهم من هذا انها مندمجة في الشئون السياسية و لها نفوذ سياسي كبير. و قالت سيرافينا في بساطة : و الواقع اني ما احببتها في يوم من الايام. فسالها : و ما السبب ..؟ اننا نختلف في طريقة تفكيرنا اختلافا بينا و لعلي من الطراز الذي يمكن ان يوصف بالنزق و الطبش فاني فتاة هوائية احب المرح و الضحك و ان كانت قد مرت بي اخيرا ايام طويلة لم تنف*ج فيها شفتاي حتي عن ابتسامة واحدة . اما ماريا فالحياة عندها جادة الي اقصي حد .كما انها فتاة طموح جمة المطامع و رأسها زاخرة بالاحلام من اجل مستقبل بلادها و لذلك القت بنفسها في غمار السياسة و صراع السياسيين . و سالها : و لكن كيف قتلت ماريا ..؟ لقد عثر عليها البوليس في بيتها الصيفي في سان جوزية مصابة بثلاث رصاصات و كان وجهها مشوها الي درجة يتعذر معها علي المرء ان يتبين ملامحها . و قد القي القبض علي رامي علي الفور اذ كان موجودا في البيت ساعة اكتشاف الجثة
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD