الفصل الثاني غادي يقضي ليلة حبه الاولي علي العشب الرطب ويتضح بعدها انه مراقب

2135 Words
الفصل الثاني كان الطريق باردا مظلما و خاليا من الناس و كان يسير وحيدا لا يصحبه الا الوقع الاصم لحذائه فوق الثلوج و انجابت موجة الغضب من ص*ره و حلت محلها الريب و الهواجس أنه خبير بها و يعرفها و محال ان تدع الامور تقف عند هذا و لم يداخله شك في انها سوف تصارع أباها بما حدث او بشطر مما حدث و غدا يدعوه الاب الي مكتبه ثائرا مهتاجا فينهال عليه بلواذع الكلم ثم يطرده من الشركه الي عرض الطريق. و لكن أفي ذلك ما يضره و قد كان في نيته منذ وقت طويل ان يسقيل من هذا العمل و ان يحطم آغلال العبودية التي تشده الي مروان جوردان انه كان دائب التفكير في ان يتخلي عن كل شئ و ان ينطلق الي مكان بعيد اي مكان يشعر فيه بأنه أصبح سيد نفسه لقد بدا له الان انه عاش طويلا في شرك لا فكاك منه و المصيده تطبق عليه دون ان يدري بها ان الاسوار ما زالت تقوم حوله شاهقة عالية و لكنه الان يعرف علي الاقل أين مكانه منها و ارتد بذاكرته الي أيام خلت الي ذلك اليوم الذي رأي فيه أخاه رامي لاخر مرة يا الله كان ذلك منذ عامين و مع ذلك فما خطر اخوه بباله الا الان . كان أخوه اذ ذلك يملك استديو صغير للتصوير يمارس فيه عمله الفني و يبيع لوحاته الي وكالات الاعلان بما يسد حاجته لقد كانت اياما هانئة خاليه من الهموم و المسؤليات رغم ما كان يعتمل ص*ر أخيه من أطماع و هموم فقد كان المسكين موزع القلب بين ان يرسم لنفسه ما يروقه من الصور و بين أن يرسم اللوحات التي تطلبها المؤسسات الاعلانية حتي يضمن لنفسه دخلا يعيش عليه. و ذكر أخاه رامي كان عملاقا مديد القامة برونزي الوجه تتسم ملامحه بالحرية و الانطلاق و له صوت عالي النبرات يطاول السماء و تضيف به الجدران. و في لقائهما الاخير قال له رامي : تعال يا بني لتعيش معي ان الحياه هناك ستروق لك و ستأخذ عينك من الالوان أروعها ستري السماء بسحبها الملونه و البحيرات بمياهها الزرقاء الصافية و القوم هناك ذوو سجية طيبة بسطاء النفوس بعيدون عن التعقيد و سوف اعلمك كيف ترسم و اني لكفيل يأن أجعل منك فنانا تعال عش معي و تنسم عبير الحرية و الانطلاق فاني راحل عن هذه البلاد الكريهة. و قال غادي يسأله : و لكن اي عمل سوف تمارس هناك. ؟ و ضحك رامي و انف*جت شفتاه عن اسنان قوية بيضاء و اجاب: سوف افعل ما يروقني سأكون حرا أفعل ما يتراءي لي أنني مهندس يا غادي و قد ظفرت بوظيفة طيبة فهيا احزم متاعك و دعنا نرحل سويا . لا استطيع اني لم اخلق لما خلقت له انت ان حياتي طراز مختلف عن حياتك يا رامي أهذا قرارك النهائي ..؟ انه قراري النهائي. اذن ما الذي تريده مني قبل ان ارحل..؟ ما عساي أستطيع ان افعل من اجلك..؟ لا شئ.. لا شئ علي الاطلاق. و لكن رامي قبل ان يرحل أجري بعض الاتصلات التليفونية و كتب رسالة تزكية ثم بعث بأخيه بيت الي مروان جوردان فيالمدينه فقد كان رامي فيما ييدو كثير المعارف و الاصدقاء و له اتصالات قوية بالكثيرين و انطلق بيتر الي وكالة جوردان للاعلان يحمل كتاب التوصية الذي كتبه أخوه و حصل علي الوظيقه المنشودة في الحال. ووفق غادي في عمله و نجح نجاحا منقطع النظير و أصبح هو الشاب الاثير المرموق . و كم كان سعيدا يوم وجه اليه المدير الدعوة لتناول العشاء في قصره التعرف بابنته روبي .. و بدا كل شئ رائعا أخاذا أشبه بالاساطير التي تنشرها المجلات عن الشاب الخامل المغمور الذي وقع في غرام ابنة رئيسه. و لم يمض وقت طويل حتي أصبح ذائعا علي الالسان انه يحب روبي و ان روبي تحبه و تهواه و أنهما عما قريب سيتزوجان. و انقضي عامان منذ ذلك اليوم . و في خلالهما لم يسمع نبأ عن رامي و لم تأته منه رسالة واحدة و لم يندم غادي يوما علي انه لم يصحب أخاه رامي الي أمريكا الوسطي ففي تلك المجاهل ما كان ليظفر بالهدوء الذي ينشده فهي بلاد الاثارة و الدسائس و المغامرات و حسبه ما لقي من صنوفها في الحرب فما أجدره الان بالراحة و السكينة بل ان حسبه الان ما يلقاه علي يدي أليس من متاعب و مشاكل. و تابع طريقه و هذه الخواطر تشغل ذهنه و كانت المحطة خالية مهجورة ليس فيها أحد و كان الشارع ساكنا لا تمرق فيه السيارات و المركبات و رأي شباك التذاكر مغلقا فارتقي الدرج الي رصيف المحطة و أقبلوا على اللوحة المعلقة علي الجدار ليتبين مواعيد القطارات و عرف ان عليه ان ينتظر نصف ساعة حتي يأتي القطار التالي. و أخذ يسائل نفسه و هو يرتعد بردا وعما يفعله رامي الان في هذه البلاد الاستوائية ذات القيظ الشديد القتال . و استغرب من نفسه كيف تهفو به خواطره الليلة الي رامي و هو الذي لم يكد يفكر فيه طوال عامين . و أثارت انتباهه حركة مفاجئة صادرة من الطرف الاقصي للرصيف المهجور و حدث نفسه بأنه كان واهما فيما سمع و ان كل شئ هناك علي الاطلاق .. و كانت أنوار الاشارات الخضراء تنع** علي القضبان في صمت و سكون و الريح تعبث بصحيفة ملقاه علي الارض فتصفق بها باب ادقاعة الانتظار التي كانت مغلقة يسودها الظلام و السكون . ولكن الحركة الصادرة من أقصي الرصيف تناهت الي سمعه مرة أخري ثم تجسدت علي صورة رجل يوفض الخطي متجها الي ناحيته و كان الرجل يرتدي معطفا ثقيلا له ياقة من الفرو و فوق رأسه قبعة ذات حافة عريضة تنسدل علي وجهه فتخفي معالمه. و كان الرجل يمشي الي ناحيته في خطوات ثابتة سريعة و رغم أن بيتر لم يميز ملامحه الا انه أحس بموجه من الذعر تطغي عليه و تسري في أوصاله. يا له من ا**ق معتوه ..! ما الذي يبعث في نفسه هذا الخوف الجارف ..؟ ان في وسعه ان يدافع عن نفسه و أن يتقي اي خصم يحاول ان يهاجمه .. لقد كان و هو في الكلية بطلا من ابطال المصارعة بفنونها المختلفة . و بعد فما الذي يخفيه من رجل يقترب منه دون ان يص*ر منه ما يريب ..؟ أليس الناس أحرارا في ان يمشوا علي ارصفه المحطات ..؟ و مع ذلك فما ملك إلا ان تراجع الي الوراء بضع خطوات متجها الي السلم الذي يفضي الي الطريق . و توقف الرجل و جمد مكانه . و أخذت الريح تحرك الصحيفه و تضرب بها باب القاعة المغلقة و تحولت أضواء الاشارات من اللون الاخضر الي الاصفر و تموجت هبات الهواء و ارتعدت و أحس من برودتها بلسعات حادة تنفذ من حذائه و تلذع قدميه. و ارتد غادي الي الوراء خطوة أخري حتي صار على رأس الدرج المؤدي الي الشارع . و سمع دوي القطار يقترب و لم يكن يدري ان كان متجها الي هذه المحطه او انه سيتجاوزها. و مهما يكن فلم يكن في نيته ان يستقل هذا القطار اذا رأي الرجل الاخر يصعد اليه. و فجأة استدار و اخذ يهبط الدرج الحديدي مسرعا الي الشارع. و في نفس اللحظة سمع وقع خطوات الرجل الاخر تدق وراءه مسرعة في اثره . و تقبضت أصابعه علي السياج الحديدي و اخذ يركض هابطا .. لقد خامره طوال الليل الهام بأن شيئا مزعجا سوف يحدث و كان لا يفتأ يرمي تصورات كاذبة و إنما تجسد حقيقة واقعه ماثلة في هذا الرجل الذي يطارده هذا الرجل الذي يرتدي المعطف ذا الياقه العالية و القبعه العريضة المرخيه علي وجهه لتخفي معامله. و استدار وقد بلغ الدرجه الاخيرة و رفع رأسه الي الرجل الذي كان يطل عليه من أعلي السلم . و ابتسم الرجل في وجهه و هتف به : سنيور ..! لحظه واحدة يا سنيور ..! و تردد صدي صوته بين جدران السلم الصماء و أدرك كول ان بصره لم يقع علي هذا الرجل من قبل. و هتف به من اسفل السلم ماذا تريد ..؟ أريد ان اتحدث اليك يا سيدي. و فيم تريد ان تحدثني ..؟ انك غادي غسان ..؟ اليس كذلك فسأله كول : و فيم سؤالك ..؟ لماذ تريد ان تعرف..؟ فأجاب الرجل : لان لدي ما أقضي به اليك .. و لبث غادي مكانه جامدا و اخذ يهبط الدرج لا متمهلا و لا مسرعا . و اقترب القطار و علا ضجيجه و بدا كأنما تهتز جدران المحطه لما يتردد من صداه و كان الرجل ما يزال يهبط درجه بعد درجه. و فجأة طغي علي غادي موجة من الذعر الجارف فقد كان الرجل ممسكا بخنجر في يده كان مظهره عاديا وديعا و حركته هادئه مسألمة فلم يلحظ كول متي استل الرجل الخنجر من جيبه. و تطلع الي الرجل و رأي الابتسامة الرقيقة التي تتبدي تحت شاربه الصغير و رأي منكبيه العريضين و رأي خطوه الثابت المتزن و هو يهبط درجات السلم ثم قرأ ما يتجليوفي عيني الرجل : تعطش صارخ الي القتل و الدماء . و استبد به الخوف فاستدار و انطلق يطوي الدرجات الباقية في سرعة جنونية.. و سمع من خلفه وقع الاقدام و هي تدق الارض في خبطات ثقيلة تقتفي أثره بلا هوادة الي أن غرقت في ضجة القطار و هديره . و مر القطار بالمحطه يبتلع القضبان و أضاءت أنواره المحطه لحظه خاطفة ثم تابع طريقه متجها الي الشمال و ما لبث أن أحتوته الظلمات. و جري غادي الي الشارع المرصوف و كان مهجورا خاليا من المارة و خيل اليه أنه سمع من ورائه الرجل يزعق و ينادي و لكنه استمر يجري و يجري دون أن يتوقف. كان الشارع مهجورا و البيوت مظلمة و لا احد يكمن أن يخف الي نجدته . وأخذت عينه حديقه صغيرة تقوم علي جانب الطريق و لمح سيارة تدور حول الحديقة و تتجه الي ناحيته و قد سقطت عليه أنوارها الكاشفة . و تحول غادي الي الطريق الجانبي الذي رأي السيارة قادمة منه . و تطلع وراءه فلم يعد يري أحدا يطارده فكف عن الركض و عاوده شئ من الاطمئنان . و توقفت السيارة في محاذاته فما كان منه الا أن وقف بدوره . كانت امراة هي التي تقود السيارة . ورآها تفتح الباب و تومئ اليه بالدخول و القي نظرة سريعة علي رقم السيارة فوجد أن الرخصة صادرة من بيروت و فجأة .. سمع وقع الاقدام من جديد تدق الارض قادمه اليه . و تطلع وراءه و رأي الرجل مقبلا الي ناحيته و هو يجري . و عرف انه وقع في فخ لا مهرب منه : المرأة التي في السيارة و الرجل القادم من خلفه. و اثر السيارة يستطيع أن يتغلب علي المرأة اذا حاولت به شرا . و ما أن استقر علي المقعد حتي انطلقت السيارة بأقصي سرعتها . و سمع الرجل يصرخ بصوت يغلي غضبا . و قالت الفتاة الجالسه وراء عجلة القيادة : سيكون كل شئ علي ما يرام يا مسترغادي . فأدار رأسه اليها يفترس فيها من خلال أستار الظلام و قال : أتعرفين اسمي ..؟ اطمئن يا مسترغادي .. سأذهب بك الي بيتك ..عمارة فيرمونت ..أليس كذلك ..؟ فاستبدت به الدهشة من جديد و قال متسائلا : عجبا ..! يبدو أنك تعرفين كل شئ عني ..! فأجابت في بساطة : كل شئ يا مستر غادي . لم تكن الفتاه تحسن القياده بل كنت في رايه اسوء من تولى قياده سياره في يوم من الايام فلقد كان تنحرف يمينا ويسارا والعجلات تنزلق على الثلوج المتراكمه بما ينزل بخطر الاصطدام او الانقلاب وفجاه وقفت السياره على جانب الطريق وقالت اسفه في اني لم اتعود من قبل السير على الطرق المغطاه بالثلوج هل لك انت تولى القياده بدل مني وعلى ضوء مصباح الشارع تفرس في وجهها كانت في عنفوان الشباب زيت شعر احمر وعينين لكنتين تتطلع بهما اليه في شيء من الخوف وجعل يسائل نفسه عما اذا كانت لا تخشي حقا الى الثلوج وحدها وننزل من مقعده ودار حول السياره و حين استقر على الارض شعر ان الخوف الذي احتوى منذ لحظات قد بذل الان وتبدد والقى نفسه مطمئنا مرتاحه البال وعجب كيف ساوروا من قبل الشعور بالرعب الجارف وانزلقت الفتاه فوق المقعد وتخليه له عن عجله القياده نقدم نزلت من ص*رها تنهيده ارتياح ورضاء وقالت اخشى ان اكون فائقه هادئه كما انني اجهل المدينه وطرقاتها وسالها وهو يدير اليها جانب عينيه من انت وما عسى يزيدك ان تعرفي اسمي فقال دعى للحكم على هذا ومع ذلك فانه لا يحدث في كل يوم ان ينقض على رجل مجهول بخنجر مرفوع وفي يده ثم تاتي فتاه اثناء مجهولا تسرع الى نجدتي بعد ان تعاقبت خطواتي طوال يوم كامل الم تكوني تتعقبيني ولا مساء شفتيها ظل ابتسامه خفيفه واجابت نعم تعاقب زوجتك ولكن ليس طوال اليوم الكامل رامون هو الذي كان في اثرك اليوم باكمله فقال لها ارمون الرجل ذو الخنجر الذي يجري ورائي في المحطه فقالت له هو بعينيه فقال متسائلا اذان حدثيني بالامر كله ما هي الحكايه ولا تخفي عني اي امر اخر فتافيت الاجابه وقالت سالوا متنصل من فضلك اني امقط هذا الثلج فقال لها ولكنه ليس سهل جدا انه مجرد برد خفيف قلت اهو هناك فرق بينهما وكانت تنطق الكلمات بالانجليزيه باللكنه تدل على انها اجنبيه او من بلاد جنوب امريكا اسالها اما عرفت الثلوج من قبل فقالت له لا لم اعرفها من قبل نادرا ما اعرفها فانا لم تشاهدها من قبل كانت زهقت ها تدل على انها من الممكن ان تكون اسبانيا وكذلك لم يكن الرجل في الخنجر اوروبي او امريكي وفطن الى انها ترتعد بردا وانها لا تفتح تشد اطراف معطفها الخفيف على ص*رها فقد كانت هذه الليله من الليالي القارصه البروده ومد يده وتضغط على زر جهاز التدفئه ابدا ينفذ الى السياره طيار ساخن فتن*دت في ارتياح حين سمع تدفئ الى ساقيها
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD