على مشارف النهاية .. لا تُملأ بطون الجرذان ، بل تتكفل أيادي المجهول بأنفاسه.
وما بين الحب ، والصراع ، والوهم ..
عاش عمر يبني برجا من حبر وصية والده ، واتساءل ماذا لو كان والده قد مات بسلام؟ .
هل بالفعل نضيع سنوات العمر تاركين ظل طوبى بحثًا عن طعام الزقوم ؟!
الإجابة دومًا تراها واضحة بين السطور ..
الوصية
" عندما كنت في نفس عمرك ، بعد كل مرة كنت أشاهد فيلما عن الإنتقام كنت اتساءل بعدها هل سيكون لدي ولدا ينتقم لي عندما يؤذيني أحد وانا شيخ كبير ؟! .. ها انا شيخ كبير وها هو ولدي أمامي ولكن لم يؤذيني أحد.. بل كانت الحياة ، هزمتني ياولدي و**رتني لم أكن قادرا على مضاهاتها ، لن أقول لك أنني لم أنجح في شيء قط ولكن لم يكن نجاحي سوى بدايات كاذبه ، قضت الحياة على جميع احلامي أبكتني دائما وتركت لي حلم واحد وهو أنت . لذلك عندما تبلغ الثامنة عشر من عمرك لا أريد أن أرى خيالك في هذه القرية الا عندما تحقق أحلامك وأحلامي وتأخذ حقي وحقك من الحياة ، لا أريدك إنسانا ناجحا بل أريد أسطورة تتحاكى عنها الأجيال أريدك مثالا يضرب في الأنحاء.
التضاد هو الذي يجعل الماكنة تدور لن تنتج عندما يكون كل شيء معك ، اذا أردت ان تفعل شيئا فلتبحث عن كاره.
اذا أردت الصمود، لا تجعله إختيارا. بل قدر ، لو كان ترك الحياه اختيارا لكانت بقاع الأرض قبورا. "
كانت تلك اخر كلمات والدي قبل وفاته حملني بوصية ثقيلة بنتيجة فقط لم يعلمني كيف لم يجهزني ولكن دائما كانت كلماته نصب عيني كانت كالناقوس الرنان في كل مره أتكاسل أو أتحطم أو أستشعرني منهزما .
يعجز الكلام.. تتشنج المشاعر ..تتبنج الأعين.. تقف في مفترق الطريق إما أن تنضم أو تبقى مهمشا للأبد ..
تتساءل نبضات قلبك : هل لد*ك شجاعة الإستمرار وحيدا ام انني سأنبض خائفة دون فائده؟
هل أصبحنا في زمن فاسد للدرجة أن وصول الشاه آمنه بين أنياب الذئاب حماقه واضحة لا تستتر ؟! .
الطيب
إسمي عمر الطيب أعمل طبيب نفسي .. طموح جدا .. أعمل في مستشفى خاص في القاهرة بعد أن كنت أعمل في إحدى مستشفيات قرية ( بنهور ) المغمورة .. القرية التي ولدت وترعرعت بها وحفرت خطواتي على أراضيها العرجة طلبا للعلم الذي لم يكن سهلا كما هو الحال في العاصمة هنا ، ولكن كانت الحياة و الحالات التي تقابلني في بنهور تجعلني أرى الحياة بسيطة ، كانت أكثر المشكلات إستعصائا .. شابا خجولا ينفر التجمعات وهو ما يسمى في الطب النفسي بالرهاب الإجتماعي ، أو سيدة في العقد السبعين تأتي بشكواها المفتقده لصغارها المهاجرين ، وفتاة خارجة بهشاشة نفسية من علاقة حب مستترة بين أشجار وزهور بنهور الريفية مع شاب لم يستطيع أن يظهر حبهما للنور بحجة الظروف . لا أقول أن ذلك بسيطا ولكن الأمر في العاصمة مختلف تماما الأمر لم يعد بهذه البديهية الصورة التي إكتملت الان في عيني جعلتني أريد ان أكتب الف مؤلف وكتاب يحمل فقط علامات إستفهام يبدأ كل كتاب بكيف وينتهي بكيف . كيف يحيا هؤلاء بعد ما قابلوه ؟! كيف أخبر أحدهم " لا تجعل الحياة تهزمك إمضي قدما .. " ؟! كيف لا تهزمه الحياة في ظل ما يمر به ؟! وانا بداخلي أعلم تمام العلم أنني لو كنت مكانه لقتلت نفسيا .
لا أعلم كيف تغير ذلك الفتى الطموح الذي أراد يوما أن يفيد البشريه لهذا الذي اصبحت عليه . لا اعلم سوى أنني الآن أكتب كلماتي بكل ثقه ربما يكون ما أفعله يكفر جزء من ذنوبي ، لن أخشى اليوم شيئا .
...النفس البشرية
من الناحية النفسية ليس هناك شخص قوي وشخص ضعيف و لكن هناك شخص قوي الآن و آخر ضعيف الآن ، و من مقياس الظروف و الصدمات الإجتماعية المخادع .. ليست هناك ظروف أو صدمات قوية و أخرى ضعيفة ، بل صدمة قوية الآن و ظرف ضعيف الآن ، ما أقصدة بالقوة و الضعف هو قوة و ضعف تأثير ظرف معين على شخص معين خلال فترة زمنية معينة.
لذلك لم أعد أتعجب عندما يواسي شخصا توفى والدة منذ إسبوع فتاة **ر ظافرها مساء أمس ، و لن أتعجب عندما أرى مراهقا يروي لي محاولة إنتحاره نتيجة ضغوطات المرحلة الثانوية و آخر لا يزال صامدا بعد أن تم إغتصاب كرامته بكل الاشكال أثناء مدة قضاها في السجن ظلما بعد ان أوقعت به جماعة سياسية.
هذا ما أدركته حينا بعد حين لن يتحمل الريفي الحياة المدنية السريعة الضاغطة بسهولة و لن يتحمل الأوروبي الحياة الأفريقية و لن يتحمل الأفريقي الحياة الأوروبية بمرونة.
النفس البشرية تركيبة عجيبة .. لم تكن محاولات فرويد ملمة و لن تكن محاولات أي شخص كافية لشرح هذه التركيبة ، لن تصبح يوما اللاماديات ماديات .
قد تقرأ هذه العبارات و انت في بداية الشتاء فتكون حزين بلا سبب هش نفسيا بلا مبرر ، تتأثر من مشهد رومانسي ولست غارق في دوامات العشق ، قد يقرأها آخر في بداية الصيف فيكون فرح بلا سبب ، عندما يأتي أمامه ذات المشهد يقوم بنعته " عالم ساذجة" هذا ليس انفصام هذا مزاج النفس المخمورة .
قرية بنهور " مستشفى السلام
العيادة النفسية
3 يونيو 2019
إستيقظت في الصباح مبتسما على ع** ما يروى حول الأطباء النفسيين من تأثير ما يقابلهم في حياتهم على أنفسهم ، خرافات متداولة ها أنا سعيد رغم الحياة البسيطة التي نعيشها انا و أختي " علا " و أمي ، بعد وفاة والدي و انا في الصف الإعدادي .. أصبحنا الآن ثلاثة .. طباعنا مختلفة ولكن لعل فاختلافنا أشياء إيجابية ، لازالت علا مغرمة بالموسيقى و الأفلام والمسلسلات التركية رغم أنها في مقتبل دراستها الجامعية ولكن لازال هوس المراهقة يداعبها ، و كذلك أمي سيدة المنزل وسيدة حياتي لم تمل يوما من توبيخنا صباحا بسبب الإهمال في المنزل و تدليلنا مساءا و هي تروي لنا الحكايات لم نكبر في عينها ولا نريد أن نتذكر أننا كبار أمامها .. فنجلس أنا وعلا أمامها تارة .. وفي أحضانها تارة .. وتحت أقدامها تارة. نلعب و نتبادل أطراف الحكي ونستمتع بها ، نحن في حاجه شديدة لأشياء كهذه تنسينا المآسي وتذكرنا أننا عصبة متماسكين أقوياء مهما مر بنا ومهما مر طعم الحياة .
وجهي المستدير يجعلني دائما أفضل ان أمشط شعري المتوسط الطول إلى الجنب قليلا ثم الى الوراء لا أدع حلاقا يغير وضعه مهما أخبرني عن خبراته في مجال قص الشعر كمثل لحيتي الخفيفه التي لطالما أحببت وضعها العشوائي لا أحبذ تلك التحديدات الزائده كما لو كنت مغني راب مراهق .