عدوتي الحبيبة ١ •
امام احدى شركات البناء الضخمة ، تجمعت انا و عدد كبير من المحتجين على مشروع شركة غيل الذي كان سيتسبب بتدمير جزء كبير من متنزه المدينة لبناء مجمع تجاري ضخم ب*ع .
كنت من دعوت للاحتجاج و وجدت التجاوب من أهالي المنطقة بعد ان شرحت لهم مدى الضرر الذي يتسبب به هؤلاء المستثمرين الجشعين على البيئة .
فأنا - رنا- التي بقدر ما احببت البيئة كنت اكره ظلم و تسلط الأغنياء .
****
وقفنا نحمل اللائحات و نردد الشعارات و بدأت الناس تتجمع لترى ما يحدث . ذلك جعلنا اكثر حماسة لطرح قضيتنا .
مضت دقائق و وصل رئيس الشركة بسيارته الضخمة و المرافقين في سيارة اخرى تتبعه .
كان رئيس شركة غيل رجلاً كبيراً في السن و مفرط البدانة برأس أصلع تماماً كما لو انه قام بتلميعه !
نظر إلينا بتقزز ثم احمر وجهه بشكل ملحوظ و قد بدى مستاءً و هو يقول " مالذي تريدونه بالوقوف هنا امام شركتي ؟"
ردت امرأة الى جواري " نريد إيقاف مشروع المجمع التجاري الجديد .انه يضر بالبيئة و يقلل المتسع المتوفر لأهل المدينة للاستمتاع بالطبيعة ."
هو بعينين مراوغتين " حسناً لقد تأثرت باهتمامكم بالأمر لذا لمٓ لا تدعو الباقي لي . أعدكم بأني سأجد حلاً "
لاحظت ان من حولي قد ابتلعوا الطعم بالفعل و صدقوه. بينما هو تابع طريقه الى الشركة كان الجمع يهم بالرحيل فوقفت في المنتصف و تكلمت " الى أين ستذهبون ؟ هل حقاً صدقتم ما قاله للتو ؟ انه يحاول التخلص منا ببيعه لنا امالاً كاذبة ! "
تكلم احدهم " لا اعتقد ان هنالك ما بوسعنا عمله فهم أثرياء و سيقومون بما يريدونه في النهاية!"
وافقه الرأي البعض و غادروا . صرخت بهم " لمٓ الاستسلام دون محاولة ؟ نستطيع ان نشد انتباه الاعلام عندها سيُصبِح موقفنا قوياً و سنحقق ما نريد "
توقف معظم من كانوا قرروا الرحيل بعد ما قلته، و سرعان ما اتصلت بصديقي سام و الذي كان صحفياً لنقل الخبر .
شعرت بالتفاؤل و عدنا لترديد الشعارات بنفس الحماس . لكن و قبل حتى ان يصل الصحفي او غيره من الاعلاميين، انضم إلينا مجموعة من الناس الذين لم أتعرف عليهم و بدى انهم سيدعموننا في البداية ، لذلك كنت سعيدة الى ان بدأوا بالهجوم على ممتلكات الشركة حينها ادركت ما كان يحدث لكن الاوان كان قد فات . ارسلت الشركة مجموعة من البلاطجة للانضمام الينا فقط ليقوموا بخلق الشغب و الفوضى حتى نصبح بأعين الاخرين مجرد مخربين.
وصلت الشرطة و قامت بإلقاء القبض علينا جميعاً . كان قد تم الايقاع بِنَا !
*****
صديقتي حنان و معها سام كانا من اخذاني من مركز الشرطة بعد ان تم إطلاق سراحي مع البقية في اليوم التالي بعد ان تم تحذيرنا من اي اعمال مشابهة .
حنان كانت صديقتي منذ الطفولة و ايضاً جارتي و اختي التي لم تلدها امي .
بعد ان توفى والدي عندما كنت في الثانوية و أصبحت وحيدة تماماً، قامت والدة حنان السيدة مريم بأخذي للعيش معهم بدلاً من البقاء بمفردي .و منذ ذلك الحين اصبحت حنان و عائلتها اهلي الذين احبهم و اهتم بأمرهم .
كانت تفهمني حنان دون ان اتكلم كما كنت افعل بدوري . حاولت التكلم مع بقية من تم اعتقالهم معي لمواصلة ما بدأناه لكنهم تخلوا عن الامر بعد ان تم اعتقالهم .شعرت باليأس و لكني اردت الانتقام و لم يكن هنالك شيء سيوقفني.
حاولت حنان و خطيبها سام إقناعي بالتوقف عن الامر لذلك أخبرتهم اني سأفعل فقط لأتخلص من وعظهما.
*****
في اليوم التالي ، انطلقت على دراجتي الهوائية في فترة الاستراحة و خرجت من عملي مسرعة وقد كنت احمل الأدوات اللازمة معي لتنفيذ خطتي الطفولية و التي كانت ستطفئ إحباطي من ذلك الثري الخبيث.
توقفت امام شركة غيل انتظر فريستي بفارغ الصبر فقد كان لدي عمل لم ارد التأخر عليه اكثر من ساعة و الا كنت سأغضب المدير .
لكن الوقت مر و لم يخرج الرئيس غيل . كنت قد بدأت اشعر باليأس. عندها فقط ،خرج مرافقين ضخمين و ورائهما شاب تعرفت عليه بسبب ملابسه التي كانت تثير عجب الناس . أيمن ابن مالك شركة غيل .
كان يمشي و كأنه لا يدوس الارض و يسير على السحاب . فكرت في نفسي ان لم استطع تنفيذ خطتي على غيل فأستطيع تنفيذها على ابنه على الأقل . وةلم اكن لأشعر بالسوء لان ذلك الشاب المبهرج كان متغطرساً .
كان يخبر مرافقيه شيئاً عندما اقتربت بدراجتي و انا أمسك بالبيض . ابتعد المرافقين مسافة كافية و في تلك اللحظة رميت أيمن بالبيض الفاسد بينما لم يكن الامر ببال احد .
و قبل ان يستوعب احد ما يجري و أيمن يقف مصعوقاً و متقززاً في حالة لا تصديق ينظر إليَّ ،ضحكت و انا ابتعد بسرعة بدراجتي و يلاحقني مرافقي أيمن الضخام .
سمعت صراخ الولد المدلل من الغيظ و شعرت بالرضى و السعادة .
لم يتمكن احد اللحاق بي فقد كنت سريعة جداً و بارعة في استخدام دراجتي .
عدت الى عملي و كأن شيئاً لم يكن، و الابتسامة على وجهي كما لو كنت قد فقدت صوابي ، شعرت بالراحة .
انتهى عملي و أسرعت الى حنان لأخبرها ما حدث .
جلست في احدى طاولات مطعم العائلة التي كانت تديره الخالة مريم بعد ان حكيت لها ما حدث و وصفت لها منظر أيمن عندما رشقته بالبيض ووانسحق كبرياءه بالكامل ،و ضحكت كالمجنونة دون توقف الى ان ض*بتني حنان و هي توبخني خائفة من انتقامه .بينما أخبرتها اني لا أبالي و ان والدي لم يقوم بتربيتي لأخضع لأحد مهما يكن .
****
بعد الحادثة بأسبوع كنت في العمل عندما تم استدعائي من قبل المدير التنفيذي للشركة ، كنت أتوقع ترقية بما انني كنت قد قدمت فكرة تطوير برنامج كان سيدر ربحاً على الشركة.
ما لم اتوقعه هو ما وجدت .. رمى المدير ملفاً نحوي و هو يتهمني بسرقة فكرة !
قرأت الملف و كان يحوي تفاصيل فكرتي التي طرحتها منذ فترة تنفذها الشركة المنافسة و أخبرني اني سرقت الفكرة لا غير و ان ما قمت به كان سيسبب بخسارة فادحة على شركته .
حاولت إقناعه أنها فكرتي و هم من قاموا بسرقتها دون جدوى فقد كان غاضباً و أخبرني ان لم اقدم استقالتي فسيقوم بطردي .
شعرت بالغضب العارم و قدمت استقالتي و خرجت باستياء، اشعر بالظلم و القهر ولم يكن بيدي شيئ لفعله في ما حدث .
فجأة تذكرت ما فعلته بأيمن و فكرت ( هل هذا جزاء عملي الشرير الذي فعلته بأيمن ؟ كارما؟!.. انه ليس بريء حقاً !.. ماذا افعل الان؟ اصبحت عاطلة عن العمل !)
مشيت في شوارع المدينة لا اعلم ما يجب عليّ فعله بعد ان تم طردي . لم استطع العودة للمنزل فالخالة مريم كانت ستحزن كثيراً ان علمت بأنه تم طردي و هي مصابة بمرض القلب، ولا تتحمل الصدمات. لذلك قررت ان لا أجعلها تعرف بالأمر .
كان المشي هو ما أقوم به دائماً عندما لا استطيع تحمل مشاعري سواء كانت إحباطا او حزناً او غضباً ،و كان بمثابة الهروب من كل ما كان يعبث بتوازني.
مشيت يومها لساعات بلا توقف حتى وقت الغروب حيث جلست على مقعد و البحر امامي في منظر ساكن جميل.. و انقضى الوقت دون ان اشعر بينما حدقت في ذلك الجمال الرباني حتى ظهر امامي ظل كثير الالوان . أيمن ببزته البنفسجية المخملية وقف امامي و ابتسامة متغطرسة على وجهه.
©ManarMohammed