الفصل الخامس (5)

3758 Words
الحلقه (5).. "هو ليّ " ، بين مدّ وجزر . ---------- دلفت نسمـه بخُطي وئيدة إلي الغرفه تنظر حيث أشارت نيروز ، قطبت ما بين حاجبيها بإستغراب لتقول نيروز بطفولة واضحة : - عمو دا ؟! هبطت نسمه للأسفل حيث مستوي قامة الصغيرة، بادلتها إبتسامة حزينة حيث وضعت رأس نيروز بين كفيها لتردف بنبرة مُختنقة : - دا اسمـــه عا** ، أخر مرة جاب ليّ شيكولاته كـانت من أربع سنين ، كُنت أتمني جدًا إن هو اللي يبقي جايب لك دي ، كُنت أتمني إنه يكون عايش معايا وجنبي .. أنا عــارفة إن نيــروز بنت جميله وذكيــة ، بس المرة دي إنتِ غلطانة ، علشـان هو سابني من زمـــان ، من زمان أوي . سقطت عَبرة ساخنه علي وجنتها ، مدت نيروز أصابعها ناحية وجنة نسمه تمحو هذه القطرة برفق شـديد فيما إبتسمت لها نسمه لتردف بحنو : - بس شكل البو** مُغري ، تعالي نفتحها وناكل منها ســـوا . أومأت نيروز برأسها في سعادة تقول وهي تُقدم الصندوق إلي نسمة : - ناكل كُله . قهقهت نسمه وهي تُطالع نيروز بحنو ، شـرعت في نزع لفافة الصندوق ومن ثم قامت بفتحـه لتفوح رائحة من داخله تعرفها جيدًا ، بل تتلاصق بكُل ذكرياتها مُنــذ اليوم الأول لغيابه ... في تلك اللحظه فتحت عينيها علي وسعهمـــا ، أخذت تُقرب فوهة الصندوق من أنفها تتنشق هذا العطر حتي تتأكد بأنهـا لا تتوهم ، أبعدته علي الفـــور ، ألقت بالصندوق جانبًا لتنهض بدورها وهي تُردد بنبرة مُضطربة : - لأ ، مستحيل يكون البرفيوم اللي في البو** دا مُجرد صُـــدفة ، في حاجه غريبة بتحصل حوليــا .. هتجنن بجد . وضعت رأسها بين كفيها تدور الدُنيا بهــا ، قاربت علي الإنهيار ولكنها ذأبت ناحيه باب الغرفة تترجل منهُ ثم أخذت تهتف بنبرة مرتعدة : - سليــم ، سليــم ؟!! ... ألحقننننننـي . هـــرول سليــم إليه وقبل أن تسقط أرضًا كان قد أمسك بهـا ، أسندها بذراعيـه ثم تابع بقلقِ جليّ : - نسمه إنتِ كويسه ! ، مــالك ؟! ترجلت نيروز خارج الغرفه تحمل هذا الصندوق بين يديها فيمــا أشارت نسمه إليه قائلة ببكاء مريــر : - برفيوم عاصــم جوا الصندوق دا ، ولمّا سألت نيروز مين اللي جابه ، شــاورت علي صورة عا** .. صدقني يا سليــم ، أنا مش مجنونة ، والله العظيم مـا مجنونة . رمقها سليم بنظرة حانية ، أومأ برأسه عدة إيماءات خفيفة ليردف قائلًا بهدوئه المُعتـاد : - ممكن تهدي ؟! ، انا لازم أتكلم معاكي شويه في مكتبي . نــوراي بتلعثمِ : لمّا نتطمن عليها الأول يا سليــم ! جـاءت السيدة خديجه في هذه الأثناء تتسند علي ذراع إبنتهـا لتقول بنبرة مرتجفة : - مالها نسمه يا سليم ؟! ، كانت بتصرخ ليه ! نسمه بنبرة مُجهدة : أهدي يا أمــي أنا كويسه ، شوفت كابوس مش أكتــر . عــاونها سليم حتي إستقامت في مشيتها ، إتجه بها إلي غرفة مكتبه وفور دلوفهمـــا قد أحكم سليــم غلق باب الحجرة ومـا أن أجلسها علي الأريكة حتي تابع بهدوء بعد أن سحب مقعدًا وجلس أمامها : - إحنا عايشين مع بعض أديلنا قد أيه يا نسمــه ؟! جدحتهُ نسمه بإستغراب من سؤالهُ ، ثم تابعت بهدوء : - من يوم ما وعيت علي وش الدُنيا وانا عايشة معاكم . سليــم بإبتسامة صافية : - يعني إنتِ أُختي وبنتي ، زيّك زيّ روفيدا بالظبط ، أنا اللي ربيتـك وأعتبرتك أختي وهتفضلي كدا لحد ما أموت ..اللي عاوز أقوله لك إني بفكر في سعادتك إنتِ وأمي وروفيدا في كُل ثانية ، ولمّا بتضحكوا بحس إني أديت واجبي علي أكمل وجه ، وإنتِ عارفة كويس إن عمري ما خذلتك ولا هخذلك .. فـ أنا ليّا طلب عندك ، وياريت تسمعيني للآخر ، وتأكدي تمامًا إن اللي هقوله دا ، فيه كُل الخير ليكِ . رمقته نسمه بتركيزِ شديد ، أردفت بنبرة خافته : قول اللي إنت عاوزه يا سليــم . سليــم بثبات وهو يتفحص معالم وجهها : - في شخص متقدم لك ، ولـو أنا مش واثق منهُ او مش عارف أنه خير ليكِ ، صدقيني ما كونتش كلمتك في الموضوع دا أبدًا ، أدي لنفسك فرصة تعيشي الحياة من تاني وتحبي وتتحبــي وتكوني أُم ، راحت فين نسمه اللي كان نفسها دايمًا في تؤام .. تاهت مننا كُلنــا ، بقيت أضعف كائن علي وجه الأرض ، نسيت أزاي تواجه ظروفها وتدوس عليها وتعدي ، مع أنك أكتر شخصية عندك عزيمة وإرادة تتحدي العالم ، مش كفاية يا نسمه وترجعي لينـا بقه ؟! ، عاوز أشوف نسمه اللي كانت حابه الحياه وبتضحك من قلبهــا .. وعُمرها ما شالت للدُنيـا هم ... نسمه بشبح إبتسامة : ما أنا بضحك أهو !. سليـم بحنو : شكل دموعك ليها رأي تاني ؟! ، لسـه موجوعة يا نسمه من جرح اربع سنين ؟! ن**ت نسمه ذقنها للأسفل لتهطل الدموع منها بغزارة وكأنها أختزنتها لهذه اللحظة لتقول بنبرة م**ورة : - وحشني يا سليــم ، ما كونتش أتخيل إني هحب أصلًا ، أو هلاقي حد يحبني بشكلي اللي كُنت عليه ، كُنت زيّ أي بنوتة بتحلم بواحد يحب روحها ، بس عُمر ما حد حب روحي غيركم .. وهو ، هو حب روحي ، رضي بيّا بكُل عيوبي ..ضحكت من قلبي معاه بجد ، قدمته له علي طبق من فضة علشان كُنت واثقه إنه مش هيخذلني .. دا انا حتي ما أحتفظتش بحاجة لنفسي ، علشان كدا ما بقيتش عـارفة أسند نفسي أبدًا .. مش عارفه أقوم يا سليــم ، ومش عاوزة أصدق أنه مـات .. مش عاوزه . إبتلع سليــم غصة في حلقهِ ، مــال إليها ليلثم جبينها بحنو جــارف ثم قال بثبـات : - نفسك عا** يكون عايش دلوقتي يا نسمه ؟! نسمه بوجع : أوي .. وعلشان عارفه إنه مش هيرجع ، نفسي أنا أروح لهُ ، علشان ما شبعتش منهُ . سليم بعينين لامعتين : ولا هتشبعي ، علشـان اللي بيحب أوي كدا ، ما بيشبعش ، أسأليني انا .. علشان خاطري فكري في مستقبلك ، وخليكي واثقة في إختياري ليكي .. قولتي أيه يا نسمــه ؟! نسمه وهي ترفع بصرها إليه بإستسلام : - اللي تشوفه يا سليــم ، ما بقيتش فــارقه . تنحنح سليم قليلًا قبل ان يردف بنبرة متوترة : - بس العريس عاوز كتب كتاب وفرح علي طول ؟ نسمه بدون أي ردة فعل : ماشي . حدق سليــم بهـا ، فنبرتها أقلقته بشدة ، الاستسلام أضمر خلاياه داخلهـا ، ليتابع سليــم بتركيز شديد لتفاصيل وجهها : - وكتب الكتاب هيكون بعد يوميـن ؟! نسمه بإرهاق بالغ : اللي تشوفه يا سليــم . -------- " في صباح اليوم التالي،،، - فين نسمه ؟! ، مش هتفطر ولا أيه ! أردف سليــم بتلك الكلمات وهو يلوك الطعام في فمهِ بنهم شــديد ، فيما تابعت روفيدا بهـدوء : _ أنهار طلعت تصحيها ، شكلها لسه نايمة . أومأ سليم برأسه في تفهم ، وضع شوكته جانبًا ثم استقـام واقفًا ليردف بنبرة هادئه للغاية : - عاوزة أبلغكم .. إن في عريس جاي بُكرا علشان نسمـة . السيدة خديجه بسعادة غامرة : علي خير يارب ، بس هي ما تقفش في الجوازة . إِفتر ثغر سليم عن إبتسامة هادئة ، أغلق سُترته بكُل هـدوء ثم رفع بصره إليهم قائلًا : - لأ يا أمي ، المرة دي غير كُل مـرة ..العريس إتقدم قبل كدا وانا وافقت وجاي بكرا علشان هنكتب الكتاب . فغـر الجميع فاهه في آن واحد ، عقد قران في منزلهم دون علم لهم ، تبادلوا نظرات تساؤلية فيما بينهم ليبرر سليــم هذا قائلًا : - بما إنها وافقت ، فـ أنا قولت أستعجل في كتب الكتاب ، قبل ما ترجع في كلامها .. فـ ياريت يا أمي تجهزوا الڤيلا بشكل عائلي إستعدادًا لـ بُكرا . أومأت السيده خديجه رأسها إيجابًا ، إستدار سليم مُتجهًا ناحية باب الڤيلا ، ينوي حضور ميعاد أنتظرهُ كثيرًا ليجد زوجتهُ تضع أصابعها بين أصابعه قائلة بهدوء : - سليم بلاش مشاكل أو عصبية علشان خاطري ، وكُل حاجه هتتحل بأمر الله .. ماشي حبيبي ! توقف سليــم عن السير في هذه اللحظه ، قرّب وجهه منها ثم طبع قُبلة حانية علي وجنتها قائلًا : - أدعيلي إنتِ بس يا عملي العسل في الدُنيا . وقفت نوراي علي أطراف أصابعها ، لترفع جسدها لأعلي قليلًا حتي أصابت هدفها حينما طبعت قُبلة طويلة علي أنفه قائلة بهيام : - بدعيلك يا بطلي . " علي الجانب الاخر وبالأخص داخل غرفة نسمه ،،،، - إنت يا بــابا فؤاد اللي بتقول كدا ، عاوزني أنسي عا** وأتجوز بالسهولة دي ، انا مش عارفه أنا وافقت أزاي ؟! . عَبرت قسمـات وجهها عن الصدمة وهي تنظُر للبعيد ، تتحدث إلي السيد فؤاد هاتفيًا والذي بدي عليه تقبله الشديد لهذا الزواج ، فيما تابع هو بنبرة حانية : - انا ما بقولكيش أنسيه يا نسمــه ، انا بقول أدي لنفسك فرصة ، مش يمكن يكون زيّ ما كُنتِ بتحلمي وهو دا نصيبك في الدُنيـا . إبتلعت نسمه غصة في حلقها ، أخذت تجهش في البُكـاء ضامة ساقيها إلي ص*رها وقد وضعت صورته أمامها : - مش عاوزاه .. مش عاوزه النصيب دا .. انا أيه خلاني أقبل أصلًا ، ساعدني يا بابا فؤاد ، كلم سليم وقوله إنك مُعترض . فؤاد بثبـات : حبيبتي ، انا هعترض بناءً علي أيه ؟! ، من حقهم يفرحوا بيكِ ، وإنتِ زعلك علي عا** طال أوي .. استعيني بالله يا بنتي ، وربنا ما بيجيبش غير كُل خـير . أغلقت نسمه الهاتف معه ، رفعت الصوره إليها أخذت تمرر أصابعها علي وجهه قائلة بألم جـــارف : - فاكرين إن ذكرياتي معــاك هتخلص لحد هنــا .. مش عارفين إنك محفور جوايـا ، مكان ما هروح هتكون معايـا . مـالت إلي الصوره تُقبلهـا ، وقد أطالت القبلة هذه المرة لتسقط عبره عليهـا ، وهنا قبضت نسمه راحتها ثم رفعتها أمام عينيها تنظُر إلي هذا الوشم بحُزن وحسرة : - هتفضل جوايا ، أوعدك . وجدت نسمه أحدهم يقوم بفتح باب الحجرة ، أطلت أنهار من خلف الباب تمسك بذراعيها هذين الطفلين ، أردفت بنبرة هادئه قبل ان تخطو أي خُطوة للداخل : - تسمحي ليّ أدخل يا أبلة نسمـه ، ولا ما ينفعش . أومأت نسمه برأسها إيجابًا ، سـارت أنهار إليها وقد سبقها الطفلين ليردف رامي بنبرة طفولية : - أبلة إنتِ بتعيطي ؟!. رمقتهُ نسمه بحنو ، لتجد الأُخري تردد بطيبة قلبها المألوفة : - زعلانة من سيـم ؟! إلتفتت نسمه إليها ، لتفتح ذراعيها علي وسعهما فيما قفـز الطفلين إليها لتقول من بين دموعها : - هو في حد يزعل من سليم يا نيروز ؟! ، ياريت كُل الناس زيه . لاحظت أنهار هذه الصورة القابعة جانب نسمه ، مـالت إليها تلتقطها ، تنظُر إلي هذا الشاب شديد الوسامــة بحُزن شديد ، تستعجب من هذا الحُب الذي لم تري مثيلهُ من قبل .. فقد إمتلأت الغرفه بصور لهُ ، أدق التفاصيل معه ، تسعي لإحيائها .. حقًا مـا هذا الحُب ؟!!!. -------- أنهي سليــم عمله داخل مؤسسته الخاصة ، فقد استبدل طاقم الأطباء بآخر علي قدر من المسؤليه وكذلك عاونه أوس في ذلك والذي أصبح المسؤل الثاني بعدهُ ومُـدير هذه المؤسسه في غيابه .. لم ينس سليم بدأ تحرياتهُ في هذا الموضوع ، فقد علم بطريقته المعهودة في تتبع مصادر الشك بأن أمجد العــزالي قد قدم أموال طائلة للأطباء العاملين بالمؤسسه لتزوير إمضاء سليم النجدي علي أوراق موافقه لبيع أعضاء الاطفال بالمؤسسه .. فـ كُل ما بيع بالمال ، يُبتاع بالمال كذلك ... ســار سليم في الطُرقة مُتجهًا إلي الباب الرئيسي للمؤسسـه ، وقف أمام سيارته ثم طلب من السائق الترجل خارجها : - أخرج يا راشـد .. انا اللي هســوق . راشد بقلقِ : اللي تشوفه يا فندم . دلـــف سليم داخل سيارته ، أشعل المقود حتي أنطلقت السيارة بقوة وقد أص*رت صريرًا عاليًا ، زفـر عدة زفرات مُحاولًا السيطرة علي نفسه ، فـ الآن اجتماعه بـ رئيس الوزراء ، وسيكشف عن دنائة أمجد العزالي فور الإلتقاء به .. أوقف سيارتهُ أمـام مبني الوزارة ، ترجل خارجها ليقف أمام صرحًا كبيرا ، قد رفعت الأعلام اعلاهُ ، أستعجب الحرس ، كيف لوزير أن يتنقل دون حراستهُ الخاص ، أتجه سليم صوب الباب علي الفـــور ليُفتح إلكترونيًا .. سـار علي عجالة من أمره ناحية المصعد الإلكتروني فقد تجهمت معالم وجهه كُليًا ، ومـا أن وقف أمام مكتب رئيس الوزراء حتي تابع مساعده الخاص بنبرة ترحيبية شديدة : - أهلًا يا معالي الوزير .. لحظة واحدة أبلغ رائف بيه . غــاب المساعد لفترة قليلة قبل أن يفتح الباب ثم يردد بهدوء : - إتفضل يا معالي الوزير .. في إنتظــارك . أومأ سليم برأسه مُتفهمًا ، ســار للداخل ، حتي وقف أمام مكتب رأئف العدوي الذي تابع بثبات وهو يُصافحه : - أهلًا معالي الوزيــر .. خير .. ايه المشكلة اللي بتواجهك في الوزارة ! سليــم بثبات ومازال يقف أمامه : أمجد . قطب رائف ما بين حاجبيه ثم جلس من جديد قائلًا بتساؤل : - أمجد العزالي بتاعنـا . سليــم بإبتسامة ساخرة : هو بعينــه .. ال*قبة الوحيدة في حياتي من يوم ما مسكت الوزارة .. بس شايف معاليك مستغرب أوي من كلامي وكأنك مش عارفه كويس ؟! رائف بصرامة : تقصدك أيه يا سليــم ؟! إقتـرب سليــم من المكتب ، مـال بجذعة العلوي للأمـال قليلًا ضاغطًا بكفيه علي سطح المكتب : - دي الشكوي التالتة منه .. والتالتة تابتا ، الأولي لمّا قدم رشوة للظابط علشان يخرج عزيز المرشود براءة ، بحكم أنهم أصدقاء وإن عزيز عضو في البرلمان وعنده حصانة تمنعه أنه يتسجن .. السؤال هنـا ، هل الحصانة قوتها أكبر من رئيس ع***ة بيخ*ف الأطفال ويقتلهم ويتاجر في اعضائهم ، ومش بس كدا لأ دا بيهرب هيروين في جسمهم .. كُفـرررر .. أه والله كُفـررر ونجاسه .. جاوبني يا بـاشا لحد فين قوة الحصانة دي ؟! نهض رائف من مكانه ض*ب بكفيه علي سطح المكتب بقوة لتتلاقي رؤوسهم ، جدحه سليم بإصرار فيما قال الأخر بحدة : - فوق يا سليــم وشوف إنت بتكلم مين ؟ رفع سليم شفته قليلًا ليرد بلا مُبالاة : - أمجد العزالي ، ما سكتش لحد هنـا .. لأ ، لقي نفسه مفتقد الظلم والقذارة فـ راح للغلابة وأص*ر أوامر بهدم بيوتهم بحجة أنها منطقة مِلك الحكومة ، مع أن الحكومة عندها كتير ومش محتاجة تبص لمكان تحت خط الصفر زيّ دا ، بس هي دماغه طلبت كدا .. لأ وأيه لف بقه علي المؤسسـه اللي بنيتها بدم قلبي وشقايا وتعبي قبل ما أشـرف هنا ، بنيتها علشـان أعالج الأطفال اللي محتاجين عناية خاصة .. علشان يكونوا أحسن ، قام هو قدم رشوي بردو للدكاترة علشان يتاجر في أعضاء الأطفال دي ، يقول لهم هنروح نتفسح وياخدهم أودة العمليات ويطلعوا ناقصيـن عضــو .. قولي يا باشـا ، أيه رأيك في الكلام دا ؟! ، قولي أنا غلطت في أيه أو أذيته في أيه ! رفع رائف ذراعه للأعلي ثم هتف بسليم قائلًا بهدوء : - ممكن تهدي يا سليــم ، أقعد لازم نتكلم . رمقه سليم بنظرة قاسية أعقبها إبتسامة باردة ، ليقول وهو يهزّ رأسهُ سلبًا : - كُنت عارف إن عزيز المرشود واطي وقاتل ووافقت علي براءته ، عارف إن أمجد حرامي مش شخص أمين أنه يبقي وزير ووافقت لأنك شبههم .. حماس الشاب اللي كان من سنتين مـات ، ودي بقه استقالتي .. مش هستني انتهاء فترتي .. هو شهر واحد هنهي فيه المشاريع اللي بدأت فيها وخلص كلامي علي كدا .. وساعتها بقه هعمل اللي انا عاوزه ، ما انا خلاص ما بقيتش وزير ، يعني حُـــر وصدقني مش هرحم حد . رائف بعصبية بالغة : - اللي بتعمله دا اسمه جنان يا سليــم ! رمقه سليم بحنق ثم استدار مُتجهًا ناحية باب الحجرة وبنبرة صارمة تابع : - دا عين ال*قل . -------- - انا مش فاهمه دا مشـرف في النادي بإستمرار ليه ؟! ، تصرفاته غريبه وحتي نظراته . أردفت نـوراي بتلك الكلمات وهي تنظُر بحنق إلي هذا الكائن الذي يتقدم نحوهما فيما تابعت روفيدا بتساؤل : - أمجد العزالي ! ، غريب ؟! . نـوراي تجدحها بتحذير ونبرة خافتة : - اسكتي .. جـاي علينا . - أهلًا يا سيداتي ؟! ، أخبار سليم باشا إيه ؟! نـوراي بإبتسامة لم تصل إلي شفتيها : بخير ..بس ليه بشوف حضرتك في النادي بإستمرار .. المفروض إن حضرتك مش فاضي بسبب المشاريع الجديدة . أمجد بثبـات : لأ الحقيقي ، انا واخد أجازة من الوزارة .. بريح دماغي شوية ... وكُنت حابب أتكلم معاكي شوية يا مـدام نـوراي ينفع . نـوراي بتوتر وهي تنظر لروفيدا ثم تعيد النظر إليه : أسفة جدًا .. بس نيروز خلصت التمرين ولازم نرجع الڤيلا حالًا . إلتفت ببصره ناحية روفيدا ليقول بثبات : - بعد أذنك يا مدام .. ممكن تسيبينا علي إنفراد شوية . أومأت روفيدا برأسها في توترِ ، فقد أربكتها نظراته وكذلك أسلوب حديثهُ .. مشت بضع خُطوات ولكنها لم تبتعد كثيرًا .. رمقها أمجد بإبتسامة خبيثة .. جال ببصره في سائر جسدها من أعلي رأسها إلي أخمص قدميها ليقوم بإعجاب واضح : - إنتِ إتجوزتي سليم عن قصة حُب ولا جواز عــادي ! رمقته نوراي شزرًا ، وقد إرتجفت أوصالهـا لتظهر رجفتها في نبرة صوتها فـ تراجعت للخلف قليلًا لتعرقل الطاولة حركتها ، فـ مالت للخلف قليلًا فيما قـام هو بإلفاف ذراعه حول خصرها ... حدقت نوراي إلي ذراعه الملفوفة حولهـا ، فبدأت تستقيم في وقفتها تبعد يده عنها بينما أحكم هو قبضته علي خصرها ليقربها منهُ أكثر ، وهنـا هتفت نوراي بصراخ عال : - إنت مجنون ؟ ، أيه اللي إنت بتعمله دا ؟! هـرولت روفيدا إليها ما أن سمعت صراخها ، فقد وجدتها فرصة للإقتراب ، بينما تابع هو بنبرة صارمة : - عيب يا مدام ، هو دا مُقابل مساعدتي ليكي .. بعد إذنكم . ومـا أن أستدار حتي ألقت هي بصقة خلفة ، ترمقة بنظرة كارهة وأخذت تردد بحنقِ : - بني آدم حقير .. انا لازم أقول لـ سليم علي المريض دا . في تلك اللحظه وجدت نوراي إبنتها وهي تُهـرول ناحية أمجد ، ومن ثم ض*بت برأسها أسفل بطنه قائلة بغضب طفولي : - مـامي لأ .. كلب ووحش . فغــرت روفيدا فاهها في دهشة فيما هتف أمجد بها وهو يدفعها بعيدًا عنهُ : - هي ناقصة إعـاقة. هـرولت نـوراي إلي ابنتها التي وقعت أرضًا أثر دفعته ، ألتقطتها علي الفـــور بين أحضانها ثم صرخت به في حــدة : - الإعاقة عُمرها ما كانت إعاقة جسم .. دي إعـاقة عقل وقلـب يا مُحترم .. ولازم تفهم إني مش هسكت عن اللي حصل لبنتي دا .. إنت فاهم ؟! أمجد ببرود : أبقي سلميلي علي سليم باشــا . إبتعد من أمامهم يمشي مُختالًا وكأنه صاحب حقًا وكأنه لم يقتُل يومًا او يسلب فقيرًا مأواه ، يمشي كـ الذي أعطي كُل حقًا حقه ، فـ سلم قلبهُ ... قـامت نوراي بتقبيل ابنتها وهي تهتف بنبرة حانية : - حبية مامي ، كويسة ؟! -------- - يا مـاما إلهــام ردي عليا ؟! ، كلميني .. أقفي جنبي انا محتاجه لك .. عاوزين يجوزوني .. طيب وعا** ؟! أردفت نسمه بتلك الكلمات وهي تُعطي ال*قاقير للسيدة إلهام فرغم ما أثقل قلبها وكاهلها ولكنها لا تفرط بها أبدًا ، أنهت ما تفعلـهُ لتنظُر لهـا بخيبة أمل ..وما هي إلا لحظـات حتي وجدت يد إلهــام تمتد إليهـا وهنـا تحولت دموعها إلي إبتسامة ثم ألقت بنفسها بين أحضانهـا وكأنها تستنجد بها ... --------- - نوراي فين يا أمي ؟!. أردف سليــم بتلك الكلمات وهو يقف في مُنتصف حديقه الڤيلا وقد أخرج هاتفه من جيب بنطاله فيما تابعت السيدة خديجه بهدوء : - لسه ما رجعتش من تمرين نيروز .. مش هتدخل يا بني جوا ؟! سليــم بإبتسامة صافية وهو يُقبل يد والدته : - لا يا حبيبتي .. أسبقيني إنتِ وأنا هستني نوراي لمّا ترجع . إنصاعت خديجة لحديثه ، دلفت للداخل تستكمل إجراءات الغد علها تستطع الإنتهاء من هذه التجهيزات قبل الموعد ، رفع سليــم سماعة هاتفة إلي أذنه ومن ثم أخفضها مُجددًا عندما وجدها تدلف من الباب الرئيسي للڤيلا ... في تلك اللحظه تابع ماجد الذي سـار بجانبهما بنبرة خافتة : - صدقيني يا نوراي لو ما قولتيش لـ سليم عن اللي حصل .. انا بنفسي اللي هقول . إبتلعت نوراي ريقها بصعوبة ، تحول وجهها من العبوس إلي إبتسامة مُشرقة لتردد بخفوت : - هقوله يا ماجد .. بس بعد كتب الكتاب .. مش عاوزة أضايقه ، هو فيه اللي مكفيه لو سمحت ! ماجد بضيقِ : ماشي . ذأبت نوراي في سيرها إليه ومن ثم ألقت بنفسها بين أحضانه وراحت تقول بنبرة مهمومة : - وحشتني ! سليم رابتًا علي ظهرها بحنو : مش أكتر مني مــرّ اليوم بحلوه ومره ، مـرّ يحمل في جوف ليله نفوس مهمومة وأُخري باكية بينما هو يبكي قلبه جبروتًا من الفساد حوله ... -------- ( في مسـاء اليوم التالي ) (عقـد القران ) ، تحول الحفل العائلي الذي من المنطقي ان يتوج بالزغاريد والموسيقي الغنائية ، ولكنه أصبح حالة من الإنهيــار والخوف والصدمة ، سَكن المكان كُليـًا جلس المأذون إلي الأريكة ينظُر إلي حالات الإغماء التي تأتي تباعًا .. فيما هتف سليم به قائلًا : - كمل إجراءات ال*قد ، العريس موجود وأنا وليّ العروســة . المأذون بقلقِ : بس يا بني إنت مش شايف اللي بيحصل .. هو العريس فيه حاجة غريبة لا سمح الله . ماجد بشدوه : غريبة بس ! ، منك لله إنت وهو .. البيت كُله في الإسعافات الأولية . أطلق ذاك الجالس قبالة سليم قهقه بسيطة ليضع كفه بكف سليم فيما بدأ المأذون بإتمام مراسم ال*قد ، ولكن هُنـاك من تقف في البعيد ومازالت مُتماسكة من أثر الصدمة .. سـارت نحو الدرج كـ الموميــاء حتي صعدته نحو غرفة نسمه ومـا أن دلفــت للداخل حتي رمقتها نسمه بضيقِ قائلة : - كتبوا الكتاب يا أنهار ؟! . أنهار بضحكة بلهـاء وهي تُشير إلي الصورة المُعلقـة بالحائط : - اه .. مب**ك كتب كتابك علي المرحوم ، يا صلاة العيد . سقطت في الحال مُغشيًا عليها ، فتحت نسمه عينيها علي وسعهما تنظـر إليها بقلقِ ، هـرولت إليها تض*ب وجنتها بخفة قائلة بحيرة : - المرحوم ؟! ، ايه الجنان دا ! دلــف سليم إلي الغرفة في تلك اللحظه ولم يستغرب من إغماء هذه الأخيرة ، فهو يعلم السبب تمامًا .. نظر إلي نسمه بحنو قائلًا : - يالا يا نسمــه أمضي . نسمه ترمقهُ بإستغراب : سليم ، إنت مش شايف اللي مغم عليها دي ! سليم بإبتسامة ثابتة : اه شايفهـا .. أمضي علشان أخدها معايا ، لأن العريس عاوز يقعد معاكي شوية . لـوت نسمه شدقها بإستنكار ، إلتقطت منه القلم ومن ثم خطت موافقتها علي عقد القرآن ، لترفع عينيها إليه قائلة بوجوم : - بس انا مش عاوزة .. أقابل حد دلوقتي . مـال سليــم بجذعه للأسفل ، خبط علي وجنة أنهار بخفة لتفتح الأخري عينيها في ألم قائلة : - هم اللي بيموتوا .. بيصحوا تاني ولا أيه ! مسح سليم علي وجهه بهدوء وقد كتم ضحكته ، ليسندها حتي استقامت واقفه ثم إتجه بهـا خارج الغرفة قائلًا : - جوزك هيدخل دلوقتي يا نسمه . إستدارت نسمه علي الفـــور .. إتجهت ناحية شرفة الحجرة ، رفعت عينيها للأعلي ثم رددت بنبرة أشبه للبُكاء : - يـااااارب .. رضيت بقدرك ، فـ أرضيني . سمعت في تلك اللحظة صوت أزيز الباب وهو يُفتح، أغمضت عينيها دون أن تلتفت للقـادم ، أخذت نفسًا عميقًا داخلها ، تنوي وضع الحدود بينهمـا .. هـدوء عم الغرفة ، لتجد ذراعين يحاوطان خصرهــا من الخلف ، ولكنها تعرف هذه اللمســة جيدًا .. فهي شفرة جسدها الوحيدة نحو السعـادة ، فتحت عينيها علي وسعهمــا .. تنفي ما أحسته ، تنشقت هذه الرائحة التي عشقتها مُنذ أمـد بعيد لتجد عطره يقترب منها بل جسده بأكمله ليميل إلي عُنقها ثم يُقبله في لهفة .. ومازالت هي كـ الصنم .. تجمدت من هذه البوادر الغريبة وليقطع شكها ، صوته وهو يردف بصوتِ عاشـــق : - وحشتينـــي ..فراقنـا طال أوي ، مش كدا ؟! يتبع #علياء_شعبان
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD