الجزء الاول

2166 Words
بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فى احدى محلات الملابس والاحذية وتحديدا الساعة العاشرة صباحا تستعد زهرة لفتح المحل التى تعمل به منذ ثلاث سنوات هى وصديقتها وصال وتقوى . تتتاوب زهرة بنعاس وهى تدفع الباب لتدلف قائلة _ انا هموت وانام ... امبارح لا خليل ولا بنته سابونى انام ... منهم لله قالت وصال بغيظ وغضب _ انا بجد بحسدك على برود اعصابك يا زهرة ... انتى متحملة الاتنين دول ازاي ... ولسة عايشين معاكى ليه اصلا ...لاء وكمان سيباهم يتحكموا فيكي . تكلمت تقوى وهى تستعد لبدأ يومها العملى ترد عليها بدلا عن زهرة قائلة _ بس يا وصال ...متزوديش همها .. هتعمل ايه يعنى ... هتعيش لوحدها ازاي وسط الحارة اللى هي فيها دي ... اهى متحملة ق*فهم علشان خاطر محدش يتكلم عنها ولا يجيب سيرتها ولعلمك زهرة مش ضعيفة .... بس انا فاهمة دماغها كويس . قالت وصال بتأكيد وهى تعرض بعض المانيكانات المعلقة عليها بعض قطع الملابس _ لاء ضعيفة ... البيت بيتها وهما يا حيالله جوز امها وبنته ... وغير كدة اصلا انا مبطقهمش . كانت زهرة تعمل صامتة وتترك الحديث ببينهما لانها تعلم ان كلامهما الاثنتين صحيح ... فزوج امها وابنته تمادوا كثيرا بعد وفاة والدتها واصبحوا يتحكمون بها ...وما يجعلها تحتمل هذا التحكم هو احساس الوحدة الذي تكره ... هى تريد عائلة ... تريد محبة وحنان ... صحيح ان زوج امها همه الاول والخير هو المال وابنته همها الاول والاخير هى الشهرة والجمال ولكنها تتحملهما فقط لكى لا تشعر بالوحدة خصوصا ان والدها متوفي منذ زمن ولا تعلم عن عائلتها شيئا منذ صغرها ... ووالدتها توفت منذ عام وليس لها اقارب او ايضا لا تعلم عنهم شيئا . تكلمت تقوى حينما رأت زهرة صامت متسائلة بقلق _زهرة ؟ ... مالك مش بتتكلمى ليه . تثاوبت زهرة قائلة بارهاق - ابدا يا تقوى ... سيباكوا تتكلموا زى كل يوم وف نفس الموضوع ... وايه الجديد يعنى ... وهعمل ايه فيهم ... لو مشتهم وعشت لوحدى اهالى الحي مش هيرحمونى ... مضطرة اتحملهم لحد ما الاقي ابن الحلال اللى اطمن على نفسي معاه وساعتها يروحوا لحالهم . ضحكت وصال بشدة حتى ادمعت عيناها كانها تخفي قهرها وراء هذا الضحك المبالغ به قائلة - ههههههههههه ابن ايه يا حبيبتى ؟ ابن الحلال ؟ دول كلهم اولاد حرام ... ؟ كلهم صنف زبالة ... انا لو عندى امكانيات كنت لبست حزام ناسف وفجرت نفسى فى اكبر كمية منهم . نظرت زهرة لتقوى بحزن على حال رفيقتها ... لقد وصل بها الامر الى طريق مسدود ... لقد اختارت بقلبها من دمره وحطمه وجعله اشلاء لم تتلملم بعد . قالت زهرة بأمل لعلها تخفف عنها وتجدد فيها امل الحياة مجددا - يا وصال ... مش معنى انك اتعرفتى ع الشخص الغلط يبقى كله كدة ... فيه رجالة كتير عارفين قيمة الست اللى معاهم وفي...... قاطعتها وصال بغضب وتعنيف كأن زهرة هدمت حصن قلعتها التى شيدته بعذاب واحاطت نفسها بسد منيع كي لا يخترقه اي مذكر قائلة - مافيش يا زهرة ... مافيش اي ذكر كويس يا زهرة ... كان فيه وماتوا ...الكلام ده كان ايام الرسول صلى الله عليه وسلم وبس ... الايام دى الذكر امه بتجوزه بنت ناس علشان يخليها بنت كلب وشوارع وبس ... سمعانى يا زهرة ونصيحة منى متفتحيش السيرة دى قدامى تانى اتجهت تقوى وزهرة اليها يهدآنها هما تعلمان جيداا ما عاشته وبسبب هذا تعطى هكذا رد الفعل المبالغ فيه .. قاطع حديثهن دخول صاحب المحل الاستاذ رؤوف الذي يحبهن ويقدرهن قائلا وهو يرى حالتهن - صباح الخير يابنات ... مالكو ع الصبح ... فطرتوا ولا لسة قبل ما تتجادلوا سوا . تكلمت تقوى بادب قائلة - صباح الخير يا استاذ رؤوف ... احنا جايبين معانا فطار اتفضل حضرتك افطر معانا . اشار رؤوف بيده قائلا- لا انا فطرت مع مراتى ... وجاي علشان افكركوا بفرح نور بنتى ... اكيد مش ناسيين صح . قالت زهرة بايجاب - طبعا يا ريس فاكرين ... وان شاء الله هنكون اول الحضور . ابتسم رؤوف بود ولكنه تكلم بحذر قائلا - تمام يا بنات ... بس خلوا بالكوا ... الفرح فى قاعة ضخمة والمعازيم كلهم مرفهين ... انا مقصدش ابدا بكلامى انى اقلل منكم بس بلفت نظركم منعا للاحراج ... كل واحدة تختار من المحل اللى يناسبها واعتبروه هدية منى ليكم بمناسبة الفرح . تكلمت وصال بعد **ت طويل قائلة بعتذار - الف مب**ك لنور يا استاذ رؤوف بس انا اسفة مش هقدر احضر ... حضرتك ليك مكانة خاصة عندى بس مش هقدر اكون فى الوسط ده ... اومأ رؤوف لها ...هو يعلم جيدا ظروفها واسباب رفضها هي ليست معرفة يوم او يومين لاااا ف وصال تعمل عنده حتى قبل ان تتزوج من ذلك الخائن ... وان كانت تكره الجميع بما فيهم والدها ولكنها تكن لهذا الرجل الاحترام . قال رؤوف اخيرا - تمام يا بنات ... انا هسيب المحل فى امانتكم اليومين دول لحد ما الفرح يخلص ... معلش بقى انا مشغول مع العروسة . اومأت تقوى قائلة - اطمن يا استاذ رؤوف وان شاء الله نيجي نشرفك ونبارك لبنت حضرتك . شكرهم رؤوف وغادر بينما انشغلن البنات فى عملهن بعدما تناولا وجبة الافطار المكونة من سندوتشات الفول والطعمية التى ابتاعتها تقوى اثناء مجيئها من احدى العربات . ______________ فى قاعة المحكمة يقف هذا الظالم بشموخ يمثل ظالم آخر مثله يريد اذلال ام اطفاله وانتشال حقوقها لذلك استعان به ومن غيره طارق الازهرى المعروف ... حتى ان هذه الام المسكينة حينما علمت بتوليه القضية فوضت امرها لمحامى المظلومين والضعفاء محامى الارض والسماء لرب العزة والملكوت . كان يرافع بكل قوة وجبروت مستعملا ادلة تثبت ادانتها فى قضية شرف قائلا - حضرة القاضى الاوراق اللى قدام سعادتك والصور بتثبت انها كانت بتتردد على الشقة دى ولما سألنا عرفنا انها شقة واحد عازب ... وهل يجوز يا سيدى ان تذهب امرأة متزوجة ولديها ابناء لشقة رجلا اجبنى عنها ؟ ... اترك الحكم لكم ولكنى اخشى على هؤلاء الاطفال من هذه المرأة الخاطئة .. نظر القاضى الى الاوراق والصور ثم رفع نظره الى تلك الباكية الضعيفة متسائلا - عندك اعتراض على كلامه . قالت السيدة وهى تبكي بشدة - ايوة طبعا يا باشا ... دى شقة واحدة ست كبيرة كنت بروح اخدمها علشان اصرف على عيالي لان جوزى مكنش بيلعتلنا اي فلوس برغم انه مهندس بترول وربنا كارمه ... وكان ليها ابن مشفتش منه غير كل خير واحترام ... الكلام اللى بيقوله ده مش صحيح ابداا ولا عمرى اغضب ربي حتى لو كنت بكره الهوا اللى بيتنفسه جوزى سألها القاضى السؤال المعتاد قائلا - عندك دليل على الكلام ده . اجابته بحزن واسف - للاسف الست اتوفت من اسبوعين وابنها سافر ومحدش كان عارف بشغلى ده غيرهم .... حاولت اتواصل معاه ييجي يشهد بس موصلتش لحاجة .... وكلت امرى لله . اطلع القاضى على الاوراق التى امامه مجددا وللاسف الشديد هو ان القانون لا يأخذ الا بالاوراق فتم الحكم لصالح الزوج وحرمت من اطفالها وهى تبكى قهرا ولكنها اتجهت الى تلك المحامى الذي يستمد جبروته من اذلالهن... بعدما رفعت الجلسة وهى تنظر داخل عيناه بغل وطاقة لو تجسدت لكانت نارا تحرق جسمه حيا - حسبي الله ونعم الوكيل فيك ... ربنا يحرق قلبك على ضناك زى ما حرمتنى منهم ... افتكر دعوتى كويس ... ربنا يبعد عنك حبايبك وتعيش وحدانى وتموت وحدانى .... حسبي الله ونعم الوكيل فيك . غادرت هي وابتسم لها بتشفى دون نطق حرف ... لا نقول ان دعوتها لم تأثر فيه ... ولكن حتى شعور الذنب قتله منذ زمن ... خرج من المحكمة بعدما هاتف الزوج اخبره بأن القضية حكمت لصالحه وطلب منه تحويل باقى اتعابه على حسابه البنكى . _________ عودة الى الفتيات بعد الظهر يجلسن يتسامرن ويضحكن بشدة على بعض المواقف الممتعة التى عاشتها كل واحدة منهن . قالت زهرة بتفكير - طيب يابنات هنلبس ايه ... انا عيني كانت هتطلع ع الفستان التايجر ده ... واهو فرصتى جت وهاخده البسه . قالت تقوى بهدوء - بس يا زهرة ده قصير اوى حرام . قالت زهرة بعدم اقتناع ومرح- بصي يا تقوى ... انتى البسي زى ما تحبي ... وسبيني البس زى ما احب ... ده فرح ناس كبيرة واكيد لازم احضر بابهى صورة ليا ... وكدة كدة بعدها ناوية اتحجب بس سبيني اشقط عريس حلو كدة . قالت تقوى بقبول - تمام يا زهرة اعملى اللى يريحك .... بس واجبي انصحك ... الوسط ده اغلبهم ناس متعرفش يعنى ايه اخلاق ... ناس بيشتروا كل حاجة بفلوسهم . غضبت زهرة قائلة بدفاع - قصدك ايه يا تقوى ... ومالك بقيتي زى وصال كدة ... انا اقدر احافظ على نفسى كويس اوى .... وزى ما قلتلك البسي زي ما تحبي وسبيني البس زي ما احب وبعد كدة ياستي هسمع كلامك ... بس ده اليوم اللى بستناه . نظرت لها وصال دون نطق حرف وتتمنى بداخلها ان لا تندم زهرة على ما تريده .. ____________ فى الليل عادت وصال الى بيتها التى تقطن به مع والدتها واختها الصغيرة فدوى . كانت سماح والدة وصال نائمة محتضنة ابنتها فقد غلبها النوم وهى تشاهد احد المسلسلات على التلفاز . اطفأت وصال التلفاز ونادت على والدتها قائلة - ماما ... قومى يا حبيبتى نامى جوة . تململت سماح بنعاس قائلة بحنان - وصال ... جيتي يا عمرى .. هقوم اعملك تتعشي . اوقفتها وصال قائلة بهدوء - لاء يا ماما خليكي يا حبيبتى ... انا اكلت مع البنات قومى انتى نامى جوة على سريرك وصحى فدوى كمان ... يالا تصبحي على خير انا هموت وانام . قالت سماح بحب - بعد الشر عنك يا حبيبتى ... ربنا يريح قلبك ويفرحك يا وصال يااارب . دخلت وصال غرفتها بعدما اغتسلت وتوضأت لكى تؤدى فرضها .. بعدما انتهت تمددت على الفراش وفتحت احد ادراج الكومود المجاور لها واخرجت منه صورة لاحب مخلوق لديها ... صورة طفلها الذي انتشله منها القدر ... نظرت لها وهى تتلمس هيئته باصابعها كأنه امامها ... تتحرك اصابعها هدوء وقلب ممزق على معالم وجه ... هل مازال يحمل نفس الوجه ام تغير قليلا ... كيف اصبحت ملامحه الان ... اسئلة تراودها يوميا وهى تموت قهرا فى اليوم مئة مرة ... تتمنى رؤيته صدفة ... ولكن كيف ذلك وهى فى الجهة الاخرى من العالم ... لقد اصبح عمره الان اربع سنوات وثلاث شهور ويومين . تحسبه بالساعة وتحتفل بعيد ميلاده كل عام ... رفعت يدها الى السماء وبكت داعية الله بقلب منفطر مشتاااق قائلة - ياااارب ...ياااارب رضيت بقضائك ولا اسألك رده ولكنه فوق تحملى يارب فأسألك اللطف فيه ... يارب انت تعلم ان قلبي يشتااق له وحضنى يريده يارب ف لا تحرمنى من رؤيته ... يارب انت القادر على مالا يقدر عليه عبد اكرمنى لقاؤه يارب . خلعت حجابها واستلقت فى وضع النوم وهى محتضنة صورة طفلها ككل يوم .. اما عند تقوى التى دخلت بيتها بارهاق وجدت والدتها الحاجة عليه تجلس على الاريكة بجوار زوجها المتقاعد على كرسى متحرك تطعمه الطعام الموصى به لحالته وهو يبتسم لتقوى عند دخولها كانه ردت اليه روحه .. اتجهت تقوى اليه مبتسمة قائلة وهى تأخذ يده تقبلها - عامل ايه يا بابا النهاردة ؟ .. اومأ لها محمد دليل على انه بخير وما زال على وجه نفس الابتسامة فقالت علية - حمدالله على السلامة يا تقوى ... طول النهار كان مكشر وزعلان واول ما شافك ضحك اهه ... ضحكت تقوى وهى تجلس بجواره وتأخد من والدتها طبق الطعام قائلة - معلش يا ماما بقى ... حضرتك عارفة ان احنا مبنقدرش نبعد كتير عن بعض ... وبعدين بابا ليه حق عليا بس سمحونى انا مضغوطة فى الشغل اليومين دول لان زى مانتو عارفين بنت استاذ رؤوف فرحها بعد يومين .... بس بعدها بقى يا عم محمد هتلاقينى هنا كتير وهنعد مع بعض اكتر زى الاول ... وقفت علية مغادرة تقول - طيب يا تقوى خليكي معاه لحد ما اصلى العشا واكلم اختك رحاب اطمن عليها وعلى عيالها . اومأت تقوى وجلست تطعم والدها طبق المهلبية الشهى بينما خرجت عليه تفعل ما قالته . اما عند زهرة التى عادت مرهقة وعندما دخلت البيت وجدته معبأا بالدخان وزوج والدتها يجلس متربعا فى منتصف الصالة يدخن بشراهة ويستمتع برؤية التلفاز ... اغتاظت وغضبت قائلة - ايه اللى انت عامله فى البيت ده هو غرزة ... ما تروح تعد على اى قهوة برا . اشار بيده وهو يحمل السيجارة قائلا بلا مبالاه - ابعدى شوية بس من هنا مش شايف الفيلم ... ومش كل شوية تقولى نفس الكلام واخرج ... انا اعد فى الحتة اللى تعجبنى ... انتى سامعة ... انا عندى بنت مينفعش اسيبها لوحدها وانزل اعد ع القهوة .. بالرغم من غضبها الا انها ضحكت بشدة قائلة - لاء جدع والله ... اب فعلا وبتتحمل المسئولية بصحيح ... طب بما انه كدة مبتخرجش ليه تشوفلك شغلانة وتقعدنا احنا الاتنين سوا ؟ .. نظر لها واقترب منها قائلا وهى ينفس دخان السيجارة امام وجهها - دى بنتى ... لكن انتى مش بنتى ... ولو مش عاجبك نمشي ... انا متحملش مسئولية حد مش من دمايتى ... عجبك على كدة ماشي مش عجبك يا حلوة يبقى خليكي قاعدة هنا لوحدك وانا اخد بنتى وامشى . اثار الدخان الصادر منه ص*رها مما جعلها تسعل بضيق منه ومن كلاماته ...هذا القاسي ذو القلب المتحجر . نظرت له بقلة حيلة وقهر تعجز عن تفسيره .... تخلى عنها الجميع حتى والدتها فارقتها للابد ... هى مجبرة على تحمله معها حتى تلقى فارس احلامها الذي سيأخدها الى عالمه الوردى .. لكم تمنت ان تذهب بعيدا عن هذه الحياااه ... كم تنتظر لحظة بعدها عن هذا الرجل ودنياه ... حسننا فات الكثير ولم يعد هناك سوا القليل من الزمن ... نعم هكذا تعتقد ولكنها لم تكن تعلم ان القادم لم يكن فى الحسباان ابدا فما تراه الان من عجز وقهر لم يكن شيئا بجانب ما ستراه مع هذا عدو المرأة ... يتبع
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD