خرجت فاتن بعد أن دار حوار حاد بينها وبين نغم ، جلست نغم علي فراشها تبكي بحرقة مما حدث ومما قالته والدتها عن ذلك ، جلست مهرة بجانبها ترتب علي كتفها قائلة :
- خلاص يا نغم متعيطيش يا حببتي ، خلاص بقا .
ارتمت نغم بين ايدي مهرة تعانقها وتبكي علي ص*رها وهي تقول :
- خلاص ايه بس يا مهرة ، انتِ مسمعتيش ماما قالت ايه ، ديه عيزاني انساه ومفكرش فيه وأوافق علي باسل .
ربطت مهرة علي ظهر نغم تقول :
- ماهي معاها حق بصراحه .
ابتعدت نغم عن مهرة تنظر لها بحزن قائلة :
- انتِ اللي بتقولي كدا يا مهرة .
مسحت مهرة علي شعرها وقالت :
- بصي يا نغم ، شادي ابن عمي واخويا وكل حاجه ، بس هو مخدش خطوه لحد دلوقتي زي ما خالتو قالت ، وانتِ مش هتفضلي قاعدة عدة لحد ماهو ياخد خطوة ويجي يتقدم .
- انا مش هقدر يا مهرة مش هقدر اكون لحد غيرة ، اينعم احنا بقالنا شهرين بس عارفين بعض ، بس والله في الشهرين دول قلبي حبه وعشقه وبقي ملكه هو ... .
**ت لبرهة ثم قالت بأبستامة كأن حالها تشقلب :
- وبعدين هو بيحبني ... انا شفته وهو ليحاول يتكلم معايا ونظراته ليا كانت حب وتعامله معايا كانت حب والله بهو بيحبني يا مهرة بيحبني والله .
- طب وهو قالك أنه بيحبك .
اختفت ابتسامتها مرة اخري ورجت لحالتها الأولي البائسة ، نظرت للأسفل بيأس وقد تحطم كل شيء امامها قائلة :
- لا ... لا يا مهرة لا .... لا .
ضمت مهرة وجه نغم بكفيها قائلة لها :
- بصي يا نغم انتِ اختي حببتي اللي ماما مجبتهاش ... انتِ توأمي يا نغم ... وأوعدك أن انا هتكلم مع خالتو وأونكل جاسر ، بس انتِ فكري وخُدي القرار الصح اللي ممكن تندمي لو اخترتي غلط ، الجواز عمره مكان لعبه يا نغم يعني متحكوميش علي حد من غير ما تسفيه ، طب اقولك علي حاجه ، وافقي علي الخطوبه .... .
- ايييه خطوبة ايه بس يا مهرة انتِ اللي بتقولي خطوبة .
- استني بس .... انتِ هتعملي خطوبه يعني فترة تعارف بينكم ... وانا عارفه ومتأكدة انك عارفه وحافظه حدودك كويس بينك وبين اي راجل ، المهم الخطوبة دي علشان تعرفين وتقدري تختاري بين شادي وبين باسل ، هاااا .
- مش عارفه يا مهرة مش عارفه .
- خلاص يا حببتي فكري وبكرا قوليلي ردك تمام .
ثم قبلت جبين نغم وهي تقول بمرح :
- وبعدين انا رجعت فكلامي وعايزه احط رووچ هتحطيلي ولا عايزه فارس يتخض لما يشوفني .
ابتسمت نغم وقالت :
- واخيرا الحاجه مهرة اتنزلت وهتحط رووچ ، هههههه .
- ايوه كدا اضحكي يا نوني .
- طب يلا بقي علشان الساعة بقت اربعه والمأذون هيجي علي سته المغرب .
- يلا يا نوني ... بس ... .
- في ايه يا مهرة ... خايفة برضو .
- اكدب ليكي يا نغم لو قلت لأ .
- طب من ايه يا مهرة خايفه من ايه .
- يعني احنا هنخرج لوحدنا هنتعشي لوحدنا وانا مش عارفه اتعامل ازاي معاه وهتكلم ازاي اصلاً انا خايفه .
نظرت لها مهرة بدهشة عارمة فكيف مهرة علمت بالعشاء هذا :
- عشا ايه يا مهرة بس .
نظرت لها مهرة بطرف عينيها قائلة :
- والله عليا انا برضو يا نغم .. انا سمعت أنه هيعملي مفجأة واننا هنتعشي برا .
- هتتعشوا بس .. .
- ايوه بس ... ليه هو في حاجه ولا ايه .
تنفست براحه عندما علمت ان مهرة لا تعلم بالرحلة النيلية ، فقالت نعم :
- لا ولا حاجه يلا بقا نجهز .... ولا نأجل الليله دي .
- لالا تأجل أيه بس ، دا انا مصدقت .
- نعم ! ، مصدقتي .... اوباااااا ، دا احنا طلعنا م***فين وبنفكر في الحب وكدا .
- مكدبش عليكي يا نغم انا مكنتش بفكر فكدا خالص بس ظهور فارس غير حجات كتيير اوي جوايا منها الخوف من الرجاله والشارع والوحدة .... فارس ده بقي جزء من قلبي يا نغم ... بس اللي واقف حاجز بين اكتمال فرحتي هي ماما .
وقفت نغم ووقفت عند الشرفة محاولة تغير محور الحديث لكي لا تستاء مهرة اكثر وخصوصاً بأن هذه الليله ليلة عقد قرانها ، لتقول :
- بس انتِ مش هتبقي لوحدك مع فارس .
ذهبت مهرة ووقفت بجانب نغم ثم أردفت بعدها :
- اومال ايه.
- ماجد حبيبك هيكون معاكي .
- بجد!! .
- اه بجد .
- طب الحمد لله .
- طب يلا يا ختي علشان نجهز بقا .
- يلااا .
لتذهب نغم للخزانة وتخرج منها فستانان وتتجه لمهرة وهم يستعدان .
***
- كنت عايزني فأيه بقي يا سي شادي .
قالها فارس وهو يرتدي بتدلته وأمامه شادي هو ايضاً يرتدي ملابسه ، نظر له شادي بسخرية قائلاً :
- انت لسه فاكر يا معفن ... دا انت لطعتني في العيادة مستنيك وفي الأخر مجتش لا وكمان رجعت البيت علي العشا .
نظر له فارس بهيام وامسك يده وهو يقول بسعادة عاشق :
- عزمتني علي الغدا امبارح يا شادي ... مش قادر اوصفلك يا شادي لما بكون معاها بنسه كل حاجه لا وكمان بنسه نفسي ... بحبها اوووي يا شادي اوووي .
- ايه ده ايه انت استقلت من التدريس وبقيت شاعر ... هههههههه .
ابتعد فارس عنه قائلاً بحماس كبير يعلم مص*رة تماما :
- طب كنت عايز ايه بقي يا لذيذ .
ربط شادي علي كتف فارس قائلاً له بصوته الفرح له :
- لا خليها بعد ما نرجع من مفجأتك لحببتك مهرة .... انهاردة يومك يا عريس ومش عايزين حد يشغلك دماغك في هي .
ثم غمز له بعينيه بمكر ، احتضنه فارس بود وحب وهو يقول له :
- عقبالك يا خويا .
نظر شادي للفراغ بعينان تشع السعادة والأمل وهو يقول :
- قريب جدا يا فارس ... جدا .. .
***
وفي الساعة السادسة مساءاً كان منزل جاسر مهيأ لتلك المناسبة المبهجة ، حفل عقد قران فارس ومهرة ، كان الحفل بسيط ، ينعزل فيه الرجال عن النساء نوعاً ما ، فالنساء كانت في غرفة المعيشة والرجال في الريسبشن " الصالون " يفصل بينهما باباً لا يكاد ينغلق من الزحام ، لذلك احتفظت جنا ونغم بحجابهم حتي لا يراهم أحد دون أن يشعرا ، لم يكن هناك شخص اسعد منه في تلك اللحظة التي طوق خاتم خطبته اصبعها ، نعم فلقد فاجأهم بحفلة خطوبة ايضاً ، مهرته أصبحت له وملكه وملك روحه ، لم يكن بحاجه إلى التعبير عن سعادته فقد تكلفت عيناه بهذا الأمر مما جعل مهرة تفرح اكثر من حُسن اختيارها بفارس ، فلقد زال الخوف تماماً وحل مكانه الحب ، ونبضات قلبها نتيجة سعادتها وحبها لفارس ، كانت حفل عقد القران بسيطاً ولكنه ممتلىء بالبركة فإن لم تكن البركة في الحلال بعد الصبر الجميل فأين تكون ، أنتهي المأذون من العقد قائلاً :
- حد يودي الدفتر للعروسة علشان تمضي .
لمح جاسر نغم تقف بين النساء فنادي عليها فأقبلت سريعاً وكأنها تنتظر هذا النداء لتلقي نظرة سريعة علي شادي الجالس بجوار فارس ومحمد ، راقب شادي نظرتها فوجدها تبحث عنه وحده ، استغرب شادي من ذلك فلأول مرة نغم هي من تنظر له وأيضاً ... ، وأبتسمت عندما وجدته ، أعطاها جاسر الدفتر الكبير وأسرعت هي في سعادة إلى غرفة مهرة التي هي من شحنتها بهذه السعادة بعد ذلك الخبر ، كانت مهرة يحيط بها فاتن , ريهام , جدتها , جنا , سارة , مريم وبعض النساء الأقارب المحبات ما عدا والدتها ، وهذا ما جعل سعادة مهرة لم تكتمل كُليلاً ، وضعت نغم الدفتر امامها قائلة بشغف :
- امضي يا عروسة يالا ، ولا رجعتي في كلامك .
أبتسمت مهرة وهي تنظر إلى الدفتر ونغم تشير لها علي المكان المخصص للتوقيعها وأبتسمت اكثر عندما وجدت توقيع فارس وكأنها تراه هو شخصياً وليس توقعيه ، شعرت بإضطراب وبخفقان شديد في نبضها وهي توقع بجانب توقيعه ، أخذت نغم الدفتر مرة اخري بعد أن قبلت مهرة مهنئة لها ومباركه لزواجها وسط زغاريد النساء المتعالية وعادت سريعاً لتلقي نظرة اخري وهي ترد الدفتر لجاسر ولكنها لم تجده ، مقعده فارغاً ، بحثت بعينيها سريعاً في الغرفة ولم تجده ، انتهت الأجراءات بمباركة الجميع وعناق محمد لــفارس في سعادة كبيرة ، نظرت مهرة لسارة ونادت عليها بصوت مرتفع لكي تسمعها من بين هذه الضوضاء :
- سااااارة ... سااااارة .
انتبهت سارة لها عندما كانت ترقص مع مريم واحدي الفتيات الأخريات ، وذهبت لها قائلة بمرحها الدائم :
- عيون سارة يا عروستنا .
- بالله عليكي يا صارصور هاتيلي نضرتي من اوضتي علشان مش قادرة أستحمل اللينسيز اكتر من كدا .
ابتسمت لها سارة وقال لها واضعه سبابته علي عيونها :
- عيوني يا قلب صارصور .
بعثت مهرة لها قبلة في الهواء ثم أردفت بعدها :
- تسلملي عيونك يا قلبي .
خرجت سارة من غرفة المعيشة متجهه إلى غرفة مهرة وهي تدندن بعض الأغاني ، دخلت الغرفة واتجهت إلى التسريحة التي عليها النظارة الطبية الخاصة بـ مهرة ، اخذتها سارة ودارت لكي تخرج ، كانت ستمسك مقبض الباب لتراه يلف ويدخل محمد ، تسمرت مكانها وهي تري محمد امامها يقف متفاجأ ايضاً من وجودها ، نظر لها محمد بحزن شديد قائلاً :
- سارة ممــ... .
قاطعته سارة وهي تنظر للأسفل متجاهلاه قائلة :
- بعد اذنك مهرة عيزاني .
غضب محمد منها ، ليمسك يدها يمنعها من الخروج قائلاً لها بحنق :
- ياريت متمشيش وانا بكلمك وتتحججي .
حاولت انزاع يدها من كفه قائلة بعصبية :
- سيب ايدي يا محمد ميصحش كدا ، سيب يا محمد .
نظر لها بسخرية قائلاً :
- ههههه ، وهو انتِ تعرفي اللي يصح واللي ميصحش .... بصي علي نفسك ولبسك وشعرك ده .
ترقرقت الدموع بمقلتيها من كلماته ، شعرت بالإهانة من كلماته هذه ، شعرت بجرح كرامتها من كلماته ، لم تشعر بنفسها إلا وهي تصفعه بقوة بيدها الحرا ثم سحبت يدها منه قائلة ودموعها علي وجنتها :
- انت انسان حيوان وانا ندمت اني حبيتك يا محمد .. ندمت .
ثم تركته وخرجت وهي تمسح دموعها التي علي وجنتها ، فهي تعبت منه ومن وقع كلماته التي تجرحها .... الله وحده العالم بحالها بعدما حدث ما حدث لها من اول مقا**ه له التي تغيرت من بعدها اتجاهه ، اما عنه فقد صدم مما قاله اكثر من صدمته من الصفعه ، وضع اناملة في شعرة بغضب ثم كور يده وض*ب الحائط بقبضته قائلاً بصوت مرتفع غاضب :
- غ*ي غ*ي .
***
انفض الجميع وذهبوا جميعا تاريكين الأحباء معاً في الصالون يودعون العائلة لكي يذهبوا إلى حيث المطعم ، نزلوا إلى الجراچ حيث توجد سيارة ، ركب فارس وركبت مهرة بجانبه وماجد يجلس في الوراء ، كانت مهرة طوال الطريق صامته لا تتكلم ، حتي السعال كانت تكتمه من خجلها ، نظرت مهرة علي ماجد من المرآه لتراه ممسك بجهازه اللوحي " الأيباد " يتصفح به ثم أسندت رأسها علي زجاج باب السيارة تنظر للطريق وهي شارده في تعامل زوجة عمها سهام وعدم حضور والدتها ، اما عن فارس فكان لا يمكن وصف سعادة بكلمات سأكتبها وهو ينظر لها من حين لأخر ، شعر بأنه ملك الدنيا والآخري ، شعر بأنه اغني واسعد رجل في العالم هذا .. نغم غني فمن يملك مهرة يملك العالم كله ، مهرة بالنسبة لفارس شيء ثمين لا احد لمسه أو ش*هة من قبل لا يوجد في هذه الدنيا إلا القليل منه .
***
في أحدي حواري مصر ، حيث القهوة التي يجلس عليها الكثير من شباب السوء ورجال عديمة المسئولية و كهول لا شغل لهم ، في بناية أو شبه بناية فكانت هذه البناية مدمرة وعليها رمال كثيرة مكونه من طابقين فقط ... نعم ان هذه الناس طبقة الفقير وما تحت ، في هذه البناية يسكن بها فتحي ، دخل فتحي غرفته وأقفل الباب ثم اوصدة من الداخل لكي لا تسمعه زوجته " شادية " أخرج هاتفه من جيبه واتصل بجاد يخبره :
- ايوه يا بيه ...، انا عرفت حاجه مهمه جدا عن العمليه الجديدة ...، حاضر يا بيه حاضر ...، مش هتأخر واحدة بالدقيقة هكون هناك ...، سلام يا بيه .
يتبع......