الفصل الثالث (3) الجزء الثاني (2)

1219 Words
_ " كان يا مكان في سالف العصر والزمان، كان في أمير اسمه إياس، كان بيضحك دايمًا وعُمره ما فكر يأذي حد، ناس كتير قالوا له أمشي في طرق وحشة علشان تكون قوي وتبقى ملك الغابة، بس هو رفض يتخلى عن انسانيته، قابل بنت وحبها وكان قلبه الحاجة الوحيدة اللي مِلكه .. لأنه وقتها ماكنش غني .. يادوب عنده بيت على قده هو وأسرته .. وكان ظابط حكيم .. ما بيجيش على حقوق حد .. وفجأة صحي على تغفيلة كبيرة أوي .. والحاجة الوحيدة اللي كان بيملكها الفقير دي بقيت هشة ومطعونة مية طعنة .. وأكتشف إن الملاك اللي طعن قلبه .. لا ملاك ولا حاجة دي الساحرة الشريرة .. ومن وقتها وهو قسي على الدنيا كُله .. ومنع قلبه إنه يقوم بدوره أو ياخد فرصة جديدة .. ركنه على الرف يعني .. أصله ماكانش عايز يثق في قلبه ويتطعن تاني .. لأنه كان ناقص له طعنة واحدة ويموت. دخلت في حياته بنوتة جميلة وجابت له معاها لؤلؤة عظيمة .. حبهم أوي .. بس نسي كُل كلمات العشق اللي بتتقال .. لا عايزها تغيب عن عينه .. وغصب عنه مش عارف ينطق .. بس هو بيكذب على نفسه قبل ما يكذب عليها. عايزها تخرج من حياته بس لو خرجت هتكون دي الطعنة الأخيرة". زمت رتيل شفتيها بحُزنٍ وتأثُر وبنبرة طفولية فذّة قالت: _ " زيّك إنت ومامي؟ إنت ليه مش بتحبها وتعيش معانا؟". اياس بنفي قاطع وهو يربت على أناملها الصغيرة: _ " مين قال إنّي مش بحبها؟ لو ما كُنتش بحبها وبحترمها .. ما كانتش ريتا نورت حياتنا وجت". اعتدلت "رتيل" في نومتها جالسة ثم نظرت داخل عيني والدها بشغف شديدٍ وراحت تقول بتساؤل مُهتم: _ " وأنا جيت حياتكم ونورتها إزاي؟!". حدق إياس فيها بذهول وتحيّر من سؤاله المُفحم ليقول بنبرة خافتة: _" ها؟!" . رتيل مُكررةً سؤالها: _ " أنا نوّرت حياتكم إزاي؟!". _ " بلمبة ألوّز يا حبيبتي .. لمبة ألوّز .. إنتِ جايبة اللماضة دي منين؟!". قالها إياس مستنكرًا لسؤال ابنته التي ضحكت بسعادة ثم قالت مراوغة حتى أنها أثارت شكوكه بصدد معرفتها بإجابة السؤال: _ " طيب إنت ومامي جبتوني إزاي؟!". نبش إياس مُقدمة رأسه في حيّرة، يفكر فيما سيرد به عليها، تنحنح بخشونة وهو يقول بنبرة متحفظة: _ " آآ .. هو في الحقيقة .. أنا قولت لماما نفسك في بنت ولا ولد .. قالت ليّ عايزة بنوتة اسمها رتيل .. فـففـ أيه بقي؟ قولت لها تلبس اسدال الصلاة وتصلي من بالليل لحد الفجر وتدعي إن ربنا يبعت لها بنوتة اسمها رتيل .. بشرط إن لمّا الشمس تطلع تروح فاتحة ستاير الأوضة وتحط سرير للبيبي في نص الأوضة بالظبط وتخرج علشان أشعة الشمس تخترق الأوضة وتوصل للسرير وبعد ساعة تفتح الباب ولقيناكِ وكُنتِ زيّ القمر". صفقت " رتيل " في سعادة غامرة ثم صاحت بحماس تسأله: _" ينفع أنا يا بابي أخلف بكرا؟!". غابت الابتسامة عن وجهه على الفور وبنبرة غاضبة قليلًا قال: _ " ماينفعش لمّا تكبري، ويلا نامي علشان الموضوع كبر أوي". ---------------------------------------------------------- حل النهارُ سريعًا .. وإتسقت الشمسُ في كبد السماء .. كانت الساعة الثامنة صباحًا .. هرعت "آسيا" إلى غرفة ابنتها فوجدته نائمًا إلى جوارها .. اقتربت منه بهدوء رغم خوفها العظيم مما رأت .. هزّت كتفه في خفة بينما تابع هو بنبرة جامدة: _ " في أيه على الصبح؟!". آسيا بنبرة متلعثمة والدموع تتلألأ في عينيها: _ " إياس؟ لقيت الدم تاني بره !!". فتح عينيه على وسعهما ثم هبّ من نومه واقفًا .. انتشل سُترته واتجه إلى الخارج .. قام بفتح باب الشقة ليجد الدماء قد عادت كليلة أمس .. تأججت نيران الغضب داخله وهو يتلفت حوله بغضب جامح .. أسرع بغلق الباب ثانية ثم نظر إلى زوجته التي تقف خلفه متوجسة وبنبرة حازمة قال: _ " ادخلي اقفلي الأوضة على البنت .. وافتحي باب السلم الخلفي اللي في المطبخ .. بسرعة يا آسيا". انهمرت الدموع من عينيها وبنبرة متحشرجة قالت: _ " أنا خايفة على رتيل". لانت نبرته قليلًا وبنبرة هادئة تابع: _ " ما تخافيش من حاجة ومش عايزك تعيطي، أسمعي اللي بقول لك عليه وقولي ليّ إذا كان في نفس الكلام دا عند الباب التانية ولا لأ". انصاعت آسيا لكلامه، أحكمت غلق الباب على ابنتها ثم توجهت إلى المطبخ وقامت بفتح الباب المؤدي إلى السُلم الخلفي وما أن جاءت إليه ثانية حتى قالت بنفي: _ " مافيش حاجة على السلم التاني". _ " يبقى غشيم .. ما درسش العمارة كويس .. أسمعي كويس أنا هقولك أيه؟" نظرت آسيا داخل عينيه بتوجس وريبة فيما تابع بنبرة خافتة لا تسمعها سواها: _ " أنا هخرج من العمارة خالص وهركب عربيتي على إنّي ماشي .. لحد ما يتطمن .. وبعدين هلف من السلم الخلفي وهكون جوا الشقة تاني .. جمدي قلبك .. أنا جنبك .. خلي السلاح دا معاكِ .. وادخلي أوضة رتيل وما تعمليش صوت خالص". أومأت برأسها في فزع والرعب يدُب في أوصالها، انتظرها حتى أحكمت غلق الباب عليها في غرفة ابنتها ثم قام بفتح الباب وترجل منه وهو يصيح بنبرة عالية قليلًا: _ " تعالي يا مدام امسحي الألوان دي، استحملى إنتِ بقى ولاد الجيران .. أنا ماشي". تنشق الهواء داخله بثبات، عدل من ياقة بذلته وهبط الدرج بملامح باردة جدًا .. اتجه صوب سيارته ثم ركبها وأنطلق .. وما هي إلا لحظات حتى غيّر وجهته حيث الباب الخلفي للعمارة .. أوقف سيارته على الفور حتى أحدثت صريرًا عاليًا .. ترجل من السيارة ثم صفع بابها دون أهتمام .. هرول إلى السلم الحديدي يصعده حتى الطابق السادس. قام المُتربص بفتح باب الشقة في توجس فقد تأكد من مُغادرة الآخر، أعلن عن سلاحه الأبيض وهو يتلفت حوله في الشقة بحثًا عن فريسته .. قام بالمرور بين الغرف في حركة جنونية ولا يوجد أحدًا .. وما أن وصل إلى غرفة الطفلة حتى وجدها مُغلقة من الداخل .. وبدأ في طعن هيكل الباب تارة وأخرى في محاولة لإفشاء المقبض .. وفي هذه اللحظة، خرجت صرخة من فم آسيا دون قصد منها، فابتسم هو لمحاصرة هدفه. _ " عايز تموت إزاي؟!". وجد سلاحًا ملامسًا لم***ة رأسه، التفت إياس حتى واجهه وما زال السلاح مشهرًا عليه .. رمقه إياس بنظرة نارية مُخيفة .. ابتلع المتربص ريقة بصعوبة بينما نزع اياس منه السكينة وألقاها أرضًا .. ثم حاوط رأسه من الخلف بأصابعه وعلى غفلة من الآخر قام بصدم رأسه بالحائط مما جعله يتأوه بشدة ليصرخ إياس بنبرة هوجاء: _ " مين باعتك؟!" هزّ الرجلُ رأسه برفض .. فعاود إياس فعلته .. يُبعد رأسه قليلًا ثم يصدمها بالحائط مُجددًا حتى نزف الرجل خيوط دماء من رأسه .. كرر إياس سؤاله دون جدوى .. انهال عليه إياس بالصفعات المُميتة في وجهه وقفصه الص*ري مما جعل الآخر يخر ساقطًا بالأرض .. قامت آسيا بفتح باب الغرفة وما أن رأت المنظر حتى شهقت بفزع وهنا صاح الرجل عاليًا في ألم: _ " مش هقوووول ". جثى اياس على إحدى ركبتيه أرضًا وهو يضغط على عُنقه وبنبرة عدوانية قال: _ " هو اللي باعتك مش قايل لك إن البيت دا فيه طفلة ومش عايزين نزعجها؟ وإنت بتتض*ب ما تطلعش صوت علشان لو البنت صحيت وخافت، هموتك؟!". وما أن أنهى كلامه حتى جرهُ إياس حيث الباب ثم اقترب منه وصاح بنبرة تعبق بحرارة عميقة: _ " إنت غ*ي عارف ليه؟ علشان اللي زقك علينا عارف إنك هتخسر وهتموت .. أكيد كان عايز يخلص منك ومقالكش إنك داخل جُحر الأفاعي". **ت لوهلة ثم هتف بنبرة حادة: _ " للمرة التالتة، مين اللي باعتك؟!". كان آسيا تقف في زاوية ما منكمشة على نفسها، تراقب ما يحدث بجسد مُرتعش .. قام إياس بصدم وجه الرجل بالأرض حتى لامس الدماء الذي وضعها بنفسه .. تأوه الرجلُ هذه المرة كثيرًا وبنبرة خافتة توحي بانهيار قوته كُليًا قال مُستسلمًا: _ " مدام آآ آيات بنت اللوا طاهر المُرشد". يتبع #إنّي_اقترفتُكِ #علياء_شعبان
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD