الفصل الأول
بقلمى/سارة رجب حلمي
كان يطالعها عبر المرآه، فخجلت من نظراته المستمرة، وأمالت رأسها إلى الأمام تخفض بصرها لتتخفى من ناظريه، وبعد أن ضاقت بنظراته التى تحاوطها من كل جانب، قررت أن تعنفه حتى يوقف متابعتها بهذا الشكل الذي يضايقها.
نيللي: ممكن أعرف مركز معايا كده ليه؟!، تحب أنزل أركب تا**ي تانى؟
كارم: لااا طبعآ، أنا آسف.
نيللي: ياريت تسوق من غير ماتبصلى بقى.
كارم: حاضر يا أستاذة.
حاول أن يحيد نظراته عنها حتى لا تنفذ تهديدها وتغادر سيارته التى وظفها من أجلها فقط!!!
نيللي: هنا يا أسطا لو سمحت.
كارم: أوسطا!، حاضر يا أستاذة.
نيللي: عايز كام؟
كارم: وصل يا أستاذة.
نيللي: لا طبعآ مينفعش، قول كام الأجرة؟
فكر كارم فى أى مبرر يقوله لها حتى تلغى فكرة إعطاءه المال: أصل النهاردة عيد ميلادى، ويوم عيد ميلادى بوصل الناس فري.
نيللي بسخريه: فري!!، عمومآ أنا بدفع كده فى المشوار ده.
قالتها وهى تلقى بنقودها على المقعد المجاور لكارم، ثم فتحت باب السيارة ونزلت منها ونظراته تتابعها برغبه بألا تتركه وتختفى عن ناظريه من جديد.
ثم دخلت إلى المبنى الذي تقصده وهو مكان للعمل كانت قد قدمت أوراقها به آمله أن يقبلوها.
نيللي: صباح الخير.
الموظفه: صباح النور.
نيللي: كنت جاية أسأل عن طلب كنت قدمته للعمل هنا، وقالولى الرد بعد أسبوع، يعنى غالبآ النهاردة.
الموظفة: إتفضلى حضرتك فى الإستراحه ودقيقتين وهبلغك بالنتيجه.
أماءت لها نيللي برأسها ثم أولت ظهرها لها متوجهه لأقرب مقعد للجلوس عليه فى إنتظار النتيجة، مرت ثوان معدودة قبل أن ترى صديقتها سحر وهى تدخل من الباب، فوقفت لترحب بها بإبتسامة عريضة، وتقدمت منها سحر وهى ترد بإبتسامه.
نيللي: إتأخرتى أوى، كنت فاكراكى مش هتيجى.
سحر: إزاى مش هاجى يعنى ده انا على أعصابى ومستنيه اليوم ده من يوم ماقدمت.
تعجبت نيللي من حديث صديقتها: ليه كل ده!، هو مش إمتحان مصيرى، لو إترفضنا مش مهم ونشوف فى مكان تانى، متضايقيش نفسك مهما كانت النتيجه.
سحر: مانتى عارفة يانيللي إن مفيش شغل وفرحت إن فى مكان إدانا فرصة أصلآ إننا نقدم ونستنى نتيجه كمان، كل الأماكن بترفض من غير حتى مايعرفوا المؤهلات.
أشارت نيللي برأسها بلا مبالاة: مش مهم، أهم حاجه متضايقيش نفسك.
ثم ضحكت وهى تكمل حديثها: مش قادرة أشتغل طبيب نفسي النهاردة.
نظرت لها سحر بغضب طفولى قائله: بقى كده يانيللي!، طب هو انا ليا غيرك يهون عليا اللى بيتعبنى.
أجابتها نيللي وهى مازالت تضحك وتحاول أن تكتم صوت ضحكتها: لأ بس أنا كمان هبقى زيك ومش هنلاقى حد يطبطب علينا إحنا الإتنين.
أجابت سحر بعد تفكير: مايمكن يقبلوكى إنتى ويرفضونى، عادى بتحصل.
وفى هذه اللحظه تقدمت نحوهم الموظفه بابتسامتها الرسميه: آنسه نيللي، آنسه سحر، إتفضلوا معايا.
وقفت الفتاتان بخوف مما هن مقبلات عليه، ثم مشوا خلف الموظفه بخطوات غير واثقه.
الموظفه: أكيد إنتو الإتنين بنتين مجتهدين جدآ ومؤهلاتكم قويه وأى مكان يقبل بيها، بس إحنا محتاجين للشغل هنا مواصفات معينه، فبنعتذر لحضرلك يا أستاذة نيللي، وأستاذة سحر تقدرى تبدئى شغلك معانا من بكره.
تقوس فم نيللي بحزن، فى حين أن سحر سعدت بشدة ولكنها عادت للعبوس قائله.
سحر: طب أنا دلوقتى مش عارفه أفرح عشان إتقبلت ولا أزعل عشانك يا نيللي.
نيللي: لاطبعآ ياحبيبتى إفرحى، ألف مب**ك وربنا يوفقك.
ثم عانقتها برفق.
سحر: أنا آسفه بجد كان نفسي نفرح إحنا الإتنين النهاردة.
نيللي: مش مشكله خالص، مانا كنت قايلالك إنه عادى بالنسبالى وهدور تانى، محصلش حاجه.
ثم وجهت بصرها للموظفه بإبتسامه هادئه: شكرآ لحضرتك على تعبك معانا.
الموظفه مبتسمه: مفيش تعب ولا حاجه شرفتوا.
إصطحبت نيللي سحر وخرجتا من البناية ونيللي تبتسم وسحر على ع** ذلك.
نيللي: إنتى كنتى ناوياها النهاردة بس للأسف إتقبلتى فلازم تنفذي اللي كان مرسوم فى خيالك، حرام تتبسطى.
سحر: يعنى لو كنا إتقبلنا إحنا الإتنين كنت هبقى زعلانه برضو مثلآ!!، أنا زعلانه عشان إنتى مش معايا، إحنا زميلات كفاح زى بعض، ولا ناسيه إتعرفنا إزاى أصلآ؟
نيللي ضاحكه: لا طبعآ مش ناسيه، إتقابلنا فى إنترفيو فى شركه وقعدنا نرغى عشان نضيع الوقت لحد ماندخل للراجل الرخم بتاع الإتش آار، وإتصاحبنا وخدنا أرقام بعض، والحمدلله..دخلنا عملنا الإنترفيو وسقطنا فيه إحنا الإتنين.
سحر: هههههههههه، أيوا ومن يومها وكل ماواحده فينا تسمع عن إعلان شغل تقول للتانيه وجرى عالشركه إحنا الإتنين.
نيللي مبتسمه: بس برضو كنا بنترفض، لحد الحمدلله النهاردة أهو، إتفك نحسك، وعقبالى.
سحر بحزن: والله متضايقه بجد، كان نفسي يقبلوكى.
نيللي: بطلى كآبه بقى ياسحر، أنا والله مش فارق معايا وفرحانه عشانك جدآ، إفرحى إنتى كمان بإنك آخيرآ إتوظفتى بعد لف وتعب ومحاولات خدت منك وقت كبير أوى حتى من قبل ماعرفك.
سحر: بس أنا كنت بدور على شغل بالشكل ده عشان أشغل وقت فراغى، لكن إنتى محتاجاله فعلآ ومابدأتيش تدورى على شغل غير بعد وفاة باباكى الله يرحمه.
نيللي: ماتقلقيش عليا، المعاش بتاع بابا مكفينى أنا وماما وزيادة الحمدلله، بس قولت أشتغل منه أشغل وقتى زيك كده واحقق ذاتى وأزود فى المعيشه شويه وأكيد إن شاء الله هلاقى.
توقفت سحرعن السير عندما رأت تا**ي فأوقفته بإشارة من يدها وهى تقول لنيللي: إن شاء الله وسلميلى على طنط أوى اللى نفسي أشوفها ولا أكلمها حتى وهى دايمآ لإما مش فالبيت لإما مش فاضيه لإما نايمه، لإما..
قاطعتها نيللي وهى تضحك: خلاااااااص خلاص كفايه ياستى.
سحر: ثوانى أسأل الراجل رايح على عنوانى ولا عنوانك، ماحنا حتى ربنا ماجعلناش ساكنين فى نفس الإتجاه.
وبالفعل توجهت نحو سائق التا**ي وسألته عن وجهته، فوجدت أنه على إستعداد أن يوصلها.
سحر وهى تعيد النظر إلى نيللي: معلش يانيللي، إستنى إنتى مواصله تانيه، أول ماوصل البيت هكلمك.
نيللي: ماشي ياحبيبتى، مع السلامه.
نيللي فتاة تبلغ من العمر أربعة وعشرون عامآ خريجة كلية حقوق، لا تطمح إلى العمل فى المحاكم، فأقصى طموحها أن تعمل فى الشئوون القانونية لأى شركة، او حتى فى أى وظيفه فى تخصصات أخرى فذلك لا يعنيها، أهم ماعندها أن تتوظف وفقط.
عيناها بلون العسل الصافى، بشرتها ناصعة البياض، محجبه، تلف حجابها حول وجه رقيق، يحب من يراها النظر مطولآ فى هذا الوجه الطفولى
أما سحر تبلغ من العمر خمسة وعشرون عامآ، خريجة كلية تجارة.
فتاة رقيقة الملامح بعينين سودوان، وبشرة صافية بلون خمرى مميز، محجبة أيضآ، فحجاب الفتاة يزيد من جمالها.
بعد مرور دقيقه واحده من مغادرة سحر وجدت نيللي تا**ي يقف أمامها، فنظرت إلى سائقه بتعجب لإنه وقف دون إشارة منها، فتفاجئت أنه السائق الذي أوصلها إلى هذا المكان، فاقتربت بتردد
نيللي: هو حضرتك بتراقبنى ولا حاجه؟!!!
كارم: وانا هراقب حضرتك ليه؟!
نيللي: أمال إيه الصدفه اللي خليتك تيجى هنا تانى ووقت مانا خرجت من المبنى ده وواقفه مستنيه تا**ي!
كارم بلامبالاة: عادى!، ده الخط اللى أنا ماسكه ووارد تلاقينى هنا كتير وعند بيتك كمان.
نيللي: مش مصدقاك وحاسه إنك قاصد تستنانى، ماتجيب من الأخر إنت عايز منى إيه؟؟
حاول كارم أن يجيبها بطريقة توحى أنه يعاملها كما كان سيعامل أى شخص آخر يوجه له هذا الكلام.
كارم وهو يدعى الإنفعال: تصدقى بالله!، أنا غلطان إنى وقفتلك وعملت خاطر لركوبتك معايا الصبح، والتيبس اللى حطتيه فى فلوس التوصيله فرحنى وخلانى لما شوفتك جيت أركبك تانى وكنت عايز أخليكى زبونتى بدل ماتنزلى من بيتك وتوقفى ساعه على ماتلاقى تا**ي تركبيه كنت هد*كى رقمى وتتصلى بيا فى اى وقت وماتنزليش من بيتك إلا لما أكون جيتلك، بس إتهامك وشكك فيا مالصبح خلانى ندمت، وهذا فراق بينى وبينك.
نيللي: إيه كللل ده، إهدى شويه، وبعدين مرة مثقف وتقولى فري وتيبس ومرة متدين وبتتكلم بآيه من القرآن، ومرة متحرش وبتبصلي فى المرايه، إنت إيه حكايتك بالظبط!
كارم يتصنع نفاذ الصبر: ياستى ولا حكايه ولا روايه، أنا غلطانلك، بعد إذن حضرتك.
ثم أدار محرك السيارة مستعدآ للرحيل الذي كان يرفضه قلبه وبشده، فكان يفعل ذلك وهو يتمنى أن توقفه وتطلب منه الركوب، ولكن حينما فقد الأمل وشعر أنه أدار السيارة أكثر من اللازم ولا بد الآن أن يتحرك، فبدأ فى تحريك السيارة.
كانت هى تقف تنظر إليه بعدم فهم وتريد أن تثبر أغواره، فهى تشعر تجاهه بأمر عجيب، ومتأكده أن وراء شعورها شئ غامض يستحق التعجب، ولم تفق من شرودها سوى على أن السيارة التى تستند إليها بيدها تتحرك، فصرخت به تستوقفه.
-إستنى، إستنى.
نظر لها كارم بغيظ: عايزة إيه حضرتك؟!
أجابته بتوتر: خلاص هركب، بس لو مطلعتش قد الثقه.
ها....
قاطعها قائلآ: طب وعلى إيه تقوليلى كلام يضايقنى تانى!، هو مفيش زباين غيرك، سبحان الله على الناس مفكرينا خدامين عندهم.
أجابته نيللي بضيق: ماتبطل رغى بقى وخلينى اركب وإنت ساكت.
نظر لها بتعجب: ماتركبى يا أستاذة، هو حد ماسكك!
صعدت نيللي السيارة وفى قلبها بعض التخوفات منه، ولكنها قررت أن ت**ر هذا الحاجز، فقد أعجبت بعرضه أن تأخذ رقمه وتتصل به عند رغبتها فى الخروج، فيسهل عليها عناء الوقوف فى الشوارع والإشارة لسيارات الأجرة التى عادة ماتكون محمله بالركاب أو السائق غير مستعد لتوصيلها إلى وجهتها.
نظر لها من خلال المرآه الموجوده فى منتصف سقف السيارة، ليتابع ردة فعلها ويتأكد هل هى خائفه منه أم لا.
نيللي: شوفت إنك غريب وفيك حاجه مش مفهومه؟، رجعت تبصلى تانى من المرايه ونظراتك بتضايقنى.
كارم بلامبالاة: عادى على فكرة، بتطمن إنك مش متضايقه ولا خايفه.
أجابته بإنفعال: نظراتك هى اللى بتخوفنى وتضايقنى، متبصليييش تانى.
- حاضر.
قالها وهو يقوم بتشغيل الراديو على محطة نجوم إف إم.
تابعت مايفعله بتعجب وهى تهمس بصوت خافت يكاد لايسمع: أنا مش عارفه ده أهبل ولا بيستهبل!، نجوم إف إم إيه اللي بيشغلها وإيه أصلآ كل التصرفات المتناقضه دى كلها.
شعر أنها توبخه بصوت خفى فتحدث دون أن ينظر لها فى المرآه: حضرتك بتقولى حاجه يا أستاذة؟
نيللي: بليز سوق وإنت ساكت بقى بجد.
أمسك بعناء بسمة كانت تود الظهور على شفتيه، فقد كان يعرف أنه أثار حفيظتها ضده، ويعلم أنها قد تكون أخر مرة تضطر إلى الركوب معه، ولكن تصرفاته التى ضايقتها كانت تص*ر عنه بغير إرادة، فكانت نابعه عن فضول، ورهان!!
ولكن ماحدث فى لقائه بها جعله يشعر أنها تساوى بالنسبة له أكثر من مجرد رهان عابر ...
بعد عدة دقائق وصل كارم بها أمام منزلها.
ثم إلتف بجسده لينظر لها بعدما أوقف السيارة.
- ها؟، إتطمنتى إنى مش خاطفك ولا حاجه؟
أجابته بعناد: هو انت تقدر أصلآ!!، يلا هات رقمك عشان أنزل.
أجابها بخبث: لحقتى تعجبى بيا!!
نيللي بغضب: هو أنت هتهزر!!، هات الرقم عشان لو خارجه تانى أكلمك.
أجابها برقم هاتفه دون مزيد من النقاشات التى غالبآ ستؤدى إلى أنها ستقسم أن لن تتعامل معه أبدآ..
فبعد تسجيلها للرقم أدخلت هاتفها فى الحقيبه وأخرجت النقود وهى تمد يدها له بها.
تحدث وهو ينظر للنقود بضيق: هو احنا ماينفعش نتعامل من غير فلوس خالص؟؟
تعجبت من قوله ونظرت له بعدم فهم: نعم!!، يعنى هتفضل توصلنى من غير فلوس!، ليه؟، بنت أختك أنا!!
بدأ يبرر لها بمبررات كاذبة، لم يجد أمامه سواها: أصل أنا بتحرج أوى آخد فلوس من ستات.
ألقت بالنقود على المقعد المجاور له وهى تقول بغيظ: يبقى متركبش ستات يابو كرامه.
ثم تركت سيارته متوجهه إلى البنايه التى تقطن بها.
فقال متعجبآ فور إبتعادها: أبو كرامه!!
ده انا مش هعجبها مش عشان دى شغلتى وفقير، ده انا مش هعتب تفكيرها حتى عشان الشلفطه اللي سعيد الكلب عملها فى وشي دى، ده مش شكل سواق تا**ي ده شكل تاجر م**رات.
ثم إعتدل فى جلسته وأدار محرك السيارة ثم إنطلق بها مبتعدآ.
...................
وصلت إلى منزلها وفتحت الباب بمفتاحها الخاص،حيث أن والدتها لا تستطيع أن تأتى لتفتح لها...
دخلت من باب المنزل وعلى محياها إبتسامة رائعه، وكيف لا وهى الآن سترى والدتها التى تشكل بالنسبة لها الحياة بأكملها وبأجمل معانيها، ففى كنفها تشعر بالأمن والطمأنينه وتحمد الله ليلآ ونهارآ أنه أخرج والدتها من هذا الحادث القاسي لتظل هى النور الذي يضئ لها جوانب حياتها المظلمه.
نيللي: ماااااما، ياست الكل.
خرجت نبيله من غرفتها وهى تمرر يديها على عجلات مقعدها المتحرك، تبتسم لإبنتها بود.
قالت وهى مازالت تحرك مقعدها للإقتراب من إبنتها: وحشتينى يانيللي.
إقتربت منها نيللي بسعاده وجلست على ركبتيها وأمسكت بأطراف المقعد المتحرك وتحدثت وعينيها تشعان بالحب الذي تكنه لهذه السيدة العظيمه: وإنتى مش هتتخيلي وحشتينى قد إيه، ولا هتصدقى بحبك قد إيه؟، ماما إنتى مخليه لحياتى طعم، إنتى أكتر حد فى الدنيا بيفهمنى، دايما بتقولى كلام مستنيه أسمعه منك، وبتتصرفى تصرفات ببقى متوقعه إنك تعمليها، بقيت أحس إننا شخص واحد، أو إنتى قاريه أفكارى أوى بدرجه مش قادرة أفهمها.
نبيله: طبعآ بقرأ أفكارك، مش إنتى بنتى حبيبتى!
ثم تغيرت نبرة صوتها قائله بحزن شديد: ده غير إنى ماقدرش أعمل أكتر من كده، أنا لا بعرف أعملك أكل زى زمان ولا أغسلك هدومك ولا أساعد حتى فى ترتيب البيت، أنا بقيت عاله عليكى يا نيللي.
حزنت نيللي من كلمات والدتها التى أثرت بها بشده فقالت على الفور: ماتقوليش كده أبدآ يا ماما، مانتى ياما تعبتى معايا وإنتى اللي كبرتينى وخلتينى بالشكل اللي أنا فيه دلوقتى ده، وجه اليوم اللي أردلك فيه الجميل.
أجابتها نبيله بحب يطل من عينيها: أنا آسفه يابنتى.
تعجبت نيللي من قولها فضيقت بين عينيها قائله: آسفه على إيه يا ماما!!!، وجودك جنبى أكبر راحه وسعاده ليا، إنتى ليه مش قادرة تصدقى؟
إبتسمت لها نبيله بحنان: مصدقه ياحبيبة ماما.
ثم قالت بتذكر مفاجئ: آه صحيح، عملتى إيه النهاردة في الشركة؟، هتشتغلى؟
أخفضت نيللى رأسها بحزن: كنت لسه هتكلم فى الموضوع ده بس إنتى دايمآ عارفة هتكلم فى إيه وبتسبقينى.
نبيله بأسى: متزعليش يابنتى ربنا يعوضك بشغل أحسن منه.
رفعت نيللي رأسها بدهشه: عرفتى منين إنى إترفضت؟
قالت نبيله بنظرات واثقه: شكلك بان عليه لما سألتك.
نيللي: من وقت مادخلت بحاول مافتحش الموضوع عشان ماتضايقش وإنتى كمان متتضايقيش عشانى.
نبيله: أنا أصلآ مش عايزاكى تشتغلى، معاش باباكى مكفينا، خليكى قاعده معايا متسبينيش.
نيللي: أهم حاجه إنتى اللي تفضلى معايا ومتسيبنيش أبدآ يا ماما.
نبيله: مش هسيبك يا نيللي، ماكانش ينفع أصلآ إنى أسيبك وقت ماعملت أنا وباباكى الحادثه، ماينفعش نموت ونسيبك إحنا الإتنين وفى وقت واحد، أنا رجعت عشانك، لو مكنتيش فالدنيا مكنتش هرجع، وماينفعش أسيبك دلوقتى وأنا عارفه إنك مالكيش غيرى.
تطلعت بها نيللي والدموع تغطى عينيها: ربنا يخليكى ليا وميحرمنيش منك أبدآ يا ماما.
.......................
بقلمى/سارة رجب حلمي..