الفصل الثاني

1978 Words
عادت رانيا من الخارج لتنزوى بنفسها في حجرتها على غير العادة فهى دائمة الالتصاق بوالديها المحبين لها بل أكثر من الحب أنهما شغوفان بها فهى الابنة الوحيدة التي انعم الله عليهما بها بعد انتظار طويل فوالد رانيا هو ناصر أكبر إخوته وقد تزوج من والدتها چيلان بعد قصة حب طويلة نشأت رانيا على قصة حبهما التى يرويناها لها يوميا ليس بالحديث فقط بل بالمشاعر المتدفقة بينهما بالعشق الذى يطل من عينى كل منهما حين يتطلع إلى الأخر. جلست رانيا تتذكر ما روياه لها عن حبهما الذى نبت بمجرد أن كانت چيلان بالسادسة عشر وكان ناصر بالحادى والعشرون من عمره وظل حبهما حتى أنهى ناصر خدمته العسكرية وإلتحق بعمله ليتقدم لخطبتها حين كانت بالتاسعة عشر من عمرها وبعد عام واحد جمعهما بيت الزوجية ليعيشا معا حياة مشتركة مليئة بالألم الذى لم يزيدهما إلا إمتزاجا وقوة . بدأت چيلان تشعر بالقلق حيال رانيا فتوجهت لغرفتها وطرقت الباب لكن لم تجب رانيا .فتحت چيلان الباب بهدوء لعلها غفت لتجدها مستقرة فوق فراشها بشرود لدرجة أنها لم تشعر بدخولها اقتربت لتجلس بالقرب منها وهى تهمس: رانيا مالك حبيبتي؟؟ جفلت رانيا حين شعرت بوجود امها معها وانتبهت قائلة: هااا ابدا يا ماما لتبتسم چيلان بمودة : طيب سرحانة فى مين؟ تحاول رانيا أن تتهرب من عينى امها وتقول بتوتر: ولا حد يا ماما نظرت لها چيلان بلوم لتتن*د فهى لا يمكنها الكذب على امها ،ولا يمكنها ايضا كتمان أمر عنها وبدأت تتذكر حين فتحت الباب لذلك الذى خطف قلبها ،رأت بعينيه نظرة لم تراها من قبل وكأنه بهت لرؤياها ثم كانت اول كلمة خرجت من بين شفتيه لينخلع لها قلبها : اتخطف ترى ما كان مقصده؟ إنها تراه للمرة الأولى ورغم ذلك كان له تأثير عظيم ... دقائق !!! بل لحظات جمعتها به لتغادر تاركة قلبها حارس له أفاقت من شرودها لتنظر لامها وتقول : ماما انت عرفتى ازاى انك حبيتى بابا ؟ تبسمت چيلان فقد صدق حدسها وصغيرتها تصارع الحب فقالت بحنان: أول ما نقلنا فى البيت اللى جمبهم شوفتوا اول مرة ...كانت دقايق؟لا لحظات حسيت انه خطف قلبى تتساءل رانيا وكأنها لا تعلم مسبقا بل هى فقط تحتاج لمعرفة المزيد عن هذا المجهول المسمى بالحب : واعترف لك ازاى ؟ تضحك چيلان وكأنها تعود لتلك الأيام : هههههههههه لو على الاعتراف ما نطقش غير بعد الخطوبة ، لكن عنيه كانت بتترجانى استنا كانت بتقول اللى هو مش قادر يقوله ثم نظرت لابنتها وقالت : مش هتحكى لى بقا هو مين اللى خطف قلبك ؟ ابتسمت رانيا بخجل وقالت: معرفش غير إن اسمه كريم وبيدى درس انجلش لرامى أبن عمى نظرت لها چيلان بصرامة وقلق:طب حبيبتي يمكن متجوز أو مرتبط ..ليه تعلقى قلبك بيه؟ تن*دت رانيا بقلة حيلة: غصب عني يا ماما شوفت فى عينه نظرة ما شوفتهاش قبل كدة صمتت چيلان قليلا ثم قالت: طب استنى شوية وراجعة لك اومأت لها رانيا لتتجه للخارج إلى غرفتها حيث هاتفت والدة رامى لتدعى أن إحدى صديقاتها بحاجة لمدرس لغة إنجليزية لفتاة من عمر رامى .لترشح لها كريم فورا فتتسأل چيلان عن أخلاقه بحجة أنها فتاة ولا يؤتمن تركها مع شخص غير مؤتمن ..لتثنى عفاف والدة رامى على اخلاق كريم وتخبرها أنه غير متزوج لكنه حيي خجل .كانت عفاف تتحدث وقلب چيلان يثلج لحديثها وتزهر الطمأنينة فى ربوعه . تسرع عائدة لابنتها تبشرها بأن لا بأس من كريم فهو ذو خلق وتخبرها بما اخبرتها به عفاف ليثلج ص*ر رانيا اغتباطا فهو غير متزوج اذا تلك النظرة التي رأتها بعينيه لها وحدها ،يالها من راحة شعرت بها حين علمت أنها نظرة منه خاصة لها وحدها . ترى هل انتفض قلبه مثلما انتفض قلبها !!! حدسها كأنثى يخبرها أنه فعل .فهذه النظرة بعينيه كانت ترجو الوقت ليتوقف حتى لا يشيح بعينيه عنها ،تبسمت براحة لعل الغد يأتى لها منه بالمزيد . لينقضى اليوم ورانيا تنتظر الغد فقد تراه مرة أخرى فى بيت عمها ************ وقف كريم على رأس الشارع منتظرا قدوم عمرو بعد أن حثه الأخير على ذلك وبالفعل مالبث أن وصل إليه عمرو مبتسما سعيدا وهو يقول: ابسط يا عم مش متجوزة ولا مخطوبة تساءل كريم بلهفة: وعرفت ازاى يا عمرو ؟؟ ابتسم عمرو وبدأ يقص ل كريم ما فعله مع ذلك الحارس الطيب حيث أخبره أنه موفود من وزارة الإسكان وهذا تعداد روتينى ليصدقه المسكين ويبدأ في سرد كل ما يحتاج إليه من معلومات ليضحك كريم على صديق عمره وهو يقول: تسلم يا غالي كدة اروح بكرة وانا مطمن ادعى لى اشوفها تانى تجهم وجه عمرو وهو يقول: وبعدين؟ نظر له كريم بعدم فهم: وبعدين ايه؟ تساءل عمرو بطريقة مباشرة: وبعدين لما تشوفها تانى هتعمل ايه؟ ابتسم كريم وربت على ذراع صديقه وقال: ماتخافش يا عمرو مش هضيع فرصتى ابدا غادر الصديقان ليعود كل منهما إلى منزله وكريم يتمنى أن تكون له وعمرو يتمنى أن يحقق الله ما يصبو قلب صديقه إليه ************ صباحا فى المدرسة يتقابل عمرو وكريم أمام المدرسة ككل يوم يتصافحان بود بينما يشعر عمرو فورا بإجهاد كريم ومعاناته فيبدو أن هذا الأخير لم ترى عينيه النوم الا لحظات فوجهه شاحب وعينيه حمراوين ورغم ذلك يشع منهما بريق جديد لم يراه عمرو مسبقا يتقدمان للدخول ليتقابلا مع رزان و مريم أمام الباب مباشرة لتخفض رزان وجهها فورا لدى رؤيتهما بينما تتبادل مريم معهما التحية بود فهم زملاء عمل اما رزان فتلقى التحية وهى تنظر أرضا وتسرع الخطا للداخل لتستمع لحديث صديقتها معهما فيثور قلبها لصوته الدافئ الذى يتخلل روحها لكنها تواصل التقدم حاملة قلبها المتألم لتلحق بها مريم بعد قليل رزان فتاة في الثالثة والعشرين ذات جمال خلاب واكثر ما يزيدها جمالا براءتها المفرطة صاحبة عينان بلون البراعم النابتة معتدلة القوام وملتزمة الى حد كبير،شديدة الخجل بشكل ملفت .أما مريم فهى ايضا فى الثالثة والعشرين لكنها مرحة منطلقة مبتسمة دائما ،بوجه خمرى يخطف القلوب وعينين كليل غابت نجومه وقمره ليكون وجهها هو صاحب النور الذى يضئ فيه . تسرع مريم خطاها لتلحق رزان وهى تقول: يابنتى جريتى كدة ليه؟لازم يارزان تحاولى تقربى منه نظرة لها رزان بحزن: مقدرش يا مريم اول ما بشوفه قلبى بيتخطف من ص*رى اول ما اسمع صوته روحى بتهرب منى تن*دت مريم حزنا لحال صديقتها: وبعدين يا رزان هتفضلى تحبيه وانتى ساكته كدة !!.طب هو هيحس بيكى ازاى ؟ اخفضت رزان عينيها بألم وقالت: انا مقدرش اخد خطوة وانا عارفة ومتأكدة أنه مش حاسس بيا .تعرفى لو حسيت بإنجذاب منه بس كان ممكن اغامر لكن وانا واثقة أنه مش شايفنى مستحيل احاول واجرح قلبى اللى عايش على الامل. تربت مريم علي ذراعها بإستسلام: ربنا يكتب لك الخير يا رزان . مر اليوم كباقى ايام العمل روتينيا جدا حتى انتهى ليبدأ الجميع بالمغادرة ويسرع كريم خطاه فهو على أمل أنه سيراها مرة أخرى وعازم على التشبث بهذة الفرصة بأقصى جهده فهو لن يتخلى عن هذا الإحساس الذى اشعرته به عيناها .لن يحارب اقتحامها لحصونه بل يرغب في الاستسلام لهذة الرعشة التى اجتاحت قلبه لدى رؤيتها وهذه ال ***ة التى أسكرت قلبه الذى لم يعد يعلم منذ الأمس ما حل به سوى أنه غادر ص*ره لتستقر عينيها فى موضعه ********* فى منزل رامى وصلت رانيا اولا وبدأت مع رامى مراجعة مادة الكيمياء دون تركيز بعقل مشتت ويلاحظ رامى تشتتها فيقول بود: مالك يا رانيا ؟ تبتسم رانيا وتحاول أن تبدو طبيعية: مالى يا رامى انا كويسة ؟ يعود رامى ليستند بظهره للخلف: رانيا احنا اصحاب وانا فاهمك كويس وانتى مش كويسة ابدا نظرت له رانيا ومشاعرها تتخبط حقا هى تتخذه رفيقا واخا لم ينجبه والداها لكنها لا تستطيع أن تتحدث معه ليس فقط لصغر سنه ومروره بتلك المرحلة الخطيرة التى تتخبط فيها افكار الشباب ، ولكن أيضا لأنها غير واثقة مما راته فى عينيه قد تتغير نظرته لها اليوم ستحاول جاهدة أن تراه مرة أخرى لعلها تجد بعينيه ما يهدأ من لوعة القلب التى تشعر بها تمنت أن تتمكن من سؤال رامى عن موعد الحصة القادمة ..ترى متى ستراه مرة أخرى؟؟ شعر رامى بتخبطها فقال: انا مش هضغط عليكى تتكلمى لكن لما تحبى تتكلمى انا جاهز اسمع ودق جرس الباب ليقول رامي : ده اكيد مستر كريم ماكملش الحصة امبارح لتهب واقفة بلهفة فشلت تماما فى اخفاءها وهى تقول: انا هفتح واسرعت للباب ينظر رامى فى إثرها بتعجب من لهفتها الواضحة والجديدة عليها بينما أسرعت خطاها نحو الباب وقلبها يدق بالأمل ************* غادر كريم المدرسة متوجها من فوره كالامس لمنزل رامى لقد قالت بالامس انها ستكمل مع رامى استذكار دروسه اليوم فهل يكون القدر متعاطفا معه فيراها مرة أخرى حث خطاه فالمدرسة لا تبعد كثيرا عن منزل رامى وصل للمنزل ليرتقى درجاته وكأنه يرتقى فوق قلبه فكل خطوة تمس قدمه فيها الارض يشعر بثقلها على قلبه فورا يتابع حتى يصل للباب فيكاد قلبه النابض أن يفر من بين ضلوعه ..يدق الجرس وينتظر بأمل كبير سرعان ما تحقق حين فتح الباب ليجدها أمامه اتسعت ابتسامته بسعادة وهو يردد بخفوت : السلام عليكم سمع صوتها يأتيه مرددا : عليكم السلام..اتفضل ياله من صوت عذب !! وياله من احساس شعر به !! تلاقت الأعين فى نظرة صامته لكنها تحمل الكثير من الكلام ،احيانا يكون الصمت ابلغ من الكلام،احيانا لا نحتاج للصوت لنعبر عما نشعر به حين تتحدث القلوب فليصمت الكون احتراما . يتقدم كريم للداخل حيث تفسح له المجال فيمر إلى الداخل ليجد رامى جالسا وأمامه كتب الكيمياء فيبتسم بحنان أهذا الكتاب يخصها؟! هل مس ملمس كفها الرقيق ؟ يمد يده فيمسك الكتاب يغلقه ويضعه جانبا بينما توجه رامى للداخل بصحبة رانيا وسرعان ما عاد حاملا كتبه ليبدأ كريم فى شرح الدرس له وهو يتمنى ألا تغادر قبل انتهاءه لكن ليس كل ما يتمناه يحصل عليه وقد كان القدر عطوفا معه للغاية اليوم فرأها وسمع صوتها ضم عينيها واحتواها بعينيه فيكفيه هذا اليوم . غادرت رانيا بعد قليل فهى لم تعد قادرة على تحمل ثورة قلبها منذ إلتقت أعينهما لكن ما حيلتها هى لن تتمكن من الحديث إليه حياءها يمنعها إنها تمر بهذه المشاعر للمرة الأولى على الاطلاق لم تكن تظن يوما أن قلبها سيخفق لشخص ما بهذة القوة أنهى كريم الدرس ل رامى لكنه رفض إلا أن يتمسك بأمله ،يتمسك بفرصته التى أصبح يتنفس من خلالها منذ الأمس فطلب من رامى لقاء والدته ليتساءل رامى بحزن: ليه يا مستر هو حضرتك مضايق منى فى حاجة؟ ابتسم وهو يقول بحنان : لا يا رامى انا عاوز اتكلم مع والدتك فى موضوع شخصى تعجب رامى لكنه نفذ رغبة كريم وأبلغ امه برغبته فى لقاءها لتستعد عفاف وتخرج إليه فورا فتقبل عليه متسائلة: خير يا مستر كريم ؟ رامى بيقول حضرتك عاوزنى فى حاجة شخصية جلس كريم بعد أن جلست عفاف تنحنح ليقول: طبعا حضرتك انا معاكم من سنتين واكتر وحضرتك عارفة اخلاقى كويس تنظر له عفاف بتعجب: طبعا يابنى انت بقيت زى ولادنا ونعم الاخلاق ابتسم كريم وهو يقول: فى موضوع متعلق بيه حياتى كلها وعاوز من حضرتك دعم فيه لتقول له بينما تعجبها يزداد: دعم منى انا !!!؟لو اقدر ما اتأخرش عنك ابدا خير كانت مشاعره متخبطة ثائرة لكنه أبى إلا حسم الأمر لصالحه فقال: انا عاوز اتقدم لخطبة الآنسة رانيا علت الدهشة وجه عفاف مما زرع القلق بقلب كريم فورا وهى تتساءل : رانيا مين؟ رانيا بنت ناصر سلفى ؟ هز كريم رأسه وقلبه يزداد انفباضا : ايوة حضرتك تن*دت عفاف ثم قالت : والله يابنى مش عارفة اقولك ايه لم يتمكن كريم من السيطرة على لهفته ليتساءل فورا: هى مرتبطة ؟؟ نفت عفاف الفكرة وهى توضح له الأمر : لا ابدا مش مرتبطة بس ابوها اتقدم لها ناس كتير رفضهم ، ماتزعلش منى انت زى ابنى هو رفض دكاترة ومهندسين وكمان واحد شغال في الخارجية. إيه يخليه يوافق عليك وانت يعنى مدرس ؟ أوعى تزعل انت زى ابنى ابتسم كريم وهو يسترد انفاسه التى سحقتها عفاف ثم قال: انا بطلب من حضرتك بس تعرضى الموضوع عليهم وانا بإذن الله هقدر اقنعه بنفسى ، صحيح انا مجرد مدرس لكن عندى حاجة أقدمها لها غيرى مقدرش يقدمها زاد تعجب عفاف من إصراره لكنها قالت: حاضر يا بنى اقولهم بس قبل ما تروح لازم تعرف إن رانيا بنتهم الوحيدة اللى خلفوها بعد خمستاشر سنة جواز اتسعت عينا كريم بتعجب: ياااه خمستاشر سنة وكملوا مع بعض !!! تن*دت وكأن ألم الماضى يعود : انا علشان كده عاوزة افهمك ناصر وچيلان كانوا بيحبوا بعض اوى ولما اتأخروا فى الخلفة وأهله ضغطوا عليه يتجوز خرج من بيت العيلة ومارضاش يتجوز عليها وبعد ما خرجوا بسنتين ربنا رزقهم ب رانيا علشان كده يا حبيبي ناصر متشعلق بيها اوى ساعات بنحس أنه خايف يجوزها يشعر بمزيد من الراحة فوالدها سيقدر حبه لها :كلام حضرتك طمنى اكتر انا واثق انى هقدر اتفاهم مع استاذ ناصر وإن شاء الله هتكون من نصيبى بس كلمتين حلوين من حضرتك فى حقى طبعا يفرقوا
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD