الفصل الثاني

2957 Words
كان جوي لا يزال مذهولاً بأعين متسعة مما فعلته تلك الفتاة المجهولة, و الجميع يحدق به لم يعرف أحد من هي؛ و لكن أن تتجرأ و تقترب من "جوي تيرنر" و تقبله، لا أحد يستطيع الحديث معه ببساطة.. حين أفاق من صدمته تحرك سريعًا للخارج ليبحث عنها, و لكنه لم يجدها فدلف مرة أخرى يسأل عنها؛ و لكن لا أحد يعرفها, شتم بخفوت, و رحل و هو يفكر فيها.. تلك الجميلة ذات العينين الخضراوين الداكنتين، لا يعرف يشعر أنه شاهدها من قبل, أو ربما تشبه أحدهم و لكن لا يستطيع تذكره!.. يقود سيارته متجهًا للشاطيء حيث أصدقائه مجتمعين للسباحة في هذا اليوم الحار.. لكن تفكيره لا يزال منصبًا على تلك الغريبة، و كأنها بقبلتها قد جعلت نفسها مركز الكون، تجذبه و تجذب فضوله للتفكير فيها، الرغبة في معرفتها، التعرف عليها، حل لغز تقبيلها له.. له هو بالتحديد دون غيره.. و لكن أثناء تفكيره لمح على جانب الطريق سيارة صغيرة متوقفة, و فتاة تحاول عبثًا معرفة ما بها من عطل, حركة جسدها اليائسة بتبرم, ركلها بقدمها لإطارات السيارة, حين مر بسيارته بجوارها تبين ملامحها, لم يصدق إنها هي.. تلك الفتاة الغريبة التي قبلته بالمقهى.. كأنها خرجت من أفكاره لتتجسد له.. أمامه التوت زاويتي شفتيه بإبتسامة ماكرة, و التمعت عيناه, يتراجع بسيارته للخلف؛ حتى وقف بجوارها, رمقته بطرف عينها و لم تعيره إنتباهًا.. أوقف محرك سيارته و فتح بابها, يهبط منها متجهًا إليها, بعد أن عادت تنحني منكبة تفحص موتور السيارة.. قال من خلفها مشا**ًا:" تبدين بمشكلة.." زفرت بحنق, قائلة دون أن تلتفت إليه:" ارحل.." اتسعت إبتسامته, و اقترب منها متفحصًا هيئتها بعينين عابثتين, و قال بنعومة:" قد أساعدكِ.." اعتدلت ماي بوقفتها, لا ينقصها سوى شاب عابث يريد أن يتسلى قليلاً, هي حانقة بشدة كانت تريد الوصول إلى المكتبة لتبحث عن بعض الكتب التي قد تفيدها بدراستها.. التفتت بجسدها إليه بحدة, فغرت شفتيها لتعنفه, و لكن تجمدت الكلمات و لم تغادرهما و هي ترى ذلك الشاب الذي قبلته بالمقهى, ينظر إليها بحاجب مرفوع مترقبًا.. أغلقت شفتيها و ابتلعت ريقها بصعوبة, تسبل جفنيها تتحرك حدقتاها بإرتياع.. لم تغادر الإبتسامة المتسلية شفتيه, و قال:" مرحبًا.." تمتمت بصوت يكاد يكون مسموعًا:" مرحبًا.." مال جوي برأسه قليلاً للجانب يتطلع لسيارتها, قائلاً بوداعة:" أرى أنكِ بمشكلة!.. هل تحتاجين مساعدة؟.." عضت على شفتها السفلى بقوة, متفاجئة بشدة من وجوده لا تدري ماذا تفعل, و لكنها استجمعت شجاعتها, و قالت سريعًا:" لقد تعطلت سيارتي و أنا ذاهبة للمكتبة.." _و يبدو أنكِ لم تستطيعي معرفة عطلها, و تحتاجين لمن يقلكِ!.. هزت ساقها بعصبية, و قالت بحنق:" أظن ذلك.." _حسنًا سأوصلكِ.. اتسعت عيناها بقوة تنظر إليه بذهول, تهتف بذعر:" ماذااا!.. بالطبع لا.. سأتصل بأحدهم ليأتي و يقلني.." تأوه جوي بتصنع, و قال برقة خبيثة:" لا تخجلي عزيزتي.. أنا سآخذكِ بطريقي.." تحرك حدقتاها بإضطراب, قائلة بتعلثم:" لكن.. لكن أنا لا أعرفك.. لا أستطيع أن...." _و لكنكِ أيضًا لم تكوني تعرفينني؛ حين قبلتيني.. أليس كذلك!.. نبرته المتهكمة بوقاحة, جعلتها تغمض عيناها بقوة لاعنة نفسها, شاعرة بالخجل الذي جعل وجنتاها تشتعلان.. ضحك جوي بخفوت, و مد يده يلمس ذراعها فانتفضت تنظر إليه بهلع, و لكنه رفع يديه بإستسلام مشيرًا لسيارته, و لم يكن أمامها إلا أن تنصاع له, فدلفت لسيارته و جلست ب**ت, و دلف هو أيضًا خلف المقود, و تحرك بالسيارة يرمقها بطرف عينه كل ثانية مراقبًا إياها.. و قال بهدوء:" أنا جوي.." لم تنظر إليه, و لكنها قالت بهمس ناعم:" ماي.." ابتسم جوي مرة أخرى, و لكنه لم يستطع منع نفسه من السؤال, فقال:" حسنًا لِمَ قبلتني بالمقهى؟.." أخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته بروية, و بعد **ت قصير نظرت إليه, هامسة بإعتذار:" أنا حقًا آسفة.. لم أقصد.. لا أعرف كيف فعلت ذلك و لكن أصدقائي تحدوني أن أقبل أول شاب يدخل للمقهى, و سخروا مني و لم أستطع إلا أن أقبل التحدي.." _هل تعلمين أنكِ منذ أن قبلتني و أنا أفكر بكِ!.. اتسعت عيناها ناظرة إليه بذهول, ثم أسبلت جفنيها سريعًا تبتلع ريقها بصعوبة, و لم ترد عليه.. و هو أيضًا لا يعرف كيف قال تلك الكلمات فقد انطلقت من بين شفتيه بطريقة لا إرادية.. **ت كلاهما حتى وصلا إلى المكتبة, فتحت باب السيارة سريعًا لا تكاد تصدق أنها نجت من هذا اللقاء, و خرجت منها متمتمة:" شكرًا لك.. أنا مدينة لك بخدمة.." ضحك جوي, و قال غامزًا بنبرة ذات مغزى:" بل خدمتان عزيزتي.. وداعًا.." و تحرك سريعًا بسيارته.. لا تعرف ما سر تلك الإبتسامة البلهاء التي ارتسمت على ثغرها و هي تراقب سيارته تبتعد عنها.. و لكن بداخلها كانت تشعر بدغدغة لذيذة تشعرها بفضول شديد لتعرفه أكثر.. على الشاطيء حين وصل كان رفاقه قد سبقوه بالسباحة بالبحيرة, و انضم إليهم سريعًا، و لكن تلك الفتاه ذات العينين الخضراوين, و الشعر الأشقر الداكن تشغل تفكيره, صاحبة القبلة الخاطفة.. _ماي.. اسمها تسرب من بين شفتيه كلحن خاص يتوق لسماعه و الإستمتاع به.. في المساء بغرفتها لم تستطع النوم، و كل تفكيرها بذلك الشاب جوي, كانت قد سألت أصدقائها عنه.. فقالوا أنه شاب سيء الطباع خشن التعامل.. لكنها تجده ع** ذلك فقد كان لطيفًا معها كثيرًا, و ودودًا.. و جوي الذي قرر أن عليه أن يعرف الكثير عن ماي, و يتعرف عليها.. ****************** ضحكاتها الطفولية تسبق خطواتها الراكضة بأرجاء المنزل و صوت والدتها الناعم بحزم مرح يعلو ينهرها ألا تتمادى باللعب؛ حتى لا تسقط غافية من التعب قبل العشاء، و لكنها لم تستمع تريد اللعب و اللهو؛ لتجد نفسها بلحظة محمولة بين ذراعي أبيها؛ لتعلو ضحكاتها أكثر حين دغدغها مشا**ًا, لتهتف لاهثة من بين ضحكاتها:" يكفي أبي.. يكفي.." حرك حاجبيه بمشا**ة, ثم همس بتساؤل:" أين وضعتها أيتها الشقية؟.." اتسعت إبتسامتها و لمعت عيناها بإشراق، تميل هامسة بأذنه:" لقد وضعتها بالحديقة و إكتفينا باﻷخرى بالمنزل.. لا تخبر أمي حتى لا تنزعها.." هز رأسه بيأس ضاحكا بسعادة من شقاوة صغيرته و تمردها المعتاد، و تحرك حاملاً إياها بين ذراعيه يقف أمام النافذة بسورها العريض؛ يتطلع إلى ذلك الإصيص الفخاري، و تلك الزهرة التي انبثقت منه بلونها الازرق الرائع.. مالت الصغيرة بجسدها تمد يدها تتلمس وريقات الزهرة بحذر رقيق خوفًا من سقوط أوراقها، قائلة بإنبهار:" انظر إليها أبي إنها رائعة، لقد جعلتها أمي تنمو سريعًا.." ارتفعت زاويتي شفتيه بإبتسامة رقيقة، قائلاً بدفء:" والدتكِ رائعة بكل شيء، إنها تضفي على كل ما حولها بهجةً و إشراقًا.." أجفل يلتفت برأسه للخلف حين شعر بيد ناعمة تلامس كتفه, هامسة بدلال:" والدتها تريد سماع كلماتك وجهًا لوجه, و ليس همسًا للصغيرة.." التفت بجسده كليًا، مقبلاً الصغيرة على وجنتها برقة، ثم انحنى يضعها أرضًا فتركض مرة أخرى، ليجذب زوجته يحتضنها, هامسًا أمام شفتيها:" إيما لم أجد كلمات تعبر عن مدى عشقي لكِ حبيبتي.. لذلك أهمس خجلاً لصغيرتي بكلمات لا توفيكِ قدرًا.." صاحب كلماته الأخيرة بقبلة ناعمة على شفتيها استقبلتها بعشق مغمضة العينين، و حين ابتعد عنها، همست بصوت متأثر بعاطفة:" يكفي فقط أن أرى بعينيك ما لا تستطيع أن تخبرني به.. أحبك نيل.." هم نيلسون أن يتحدث حين قاطعه صوت الصغيرة, هاتفة من الحديقة:" أمي هناك من يسأل عنكِ.." التفت كلاهما من النافذة المطلة على الحديقة حين الصغيرة، فاتسعت عينا إيما بذعر، هاتفة:" إيزابيل عودي للداخل في الحال.." عقدت الصغيرة حاجبيها بتعجب من نبرة والدتها المذعورة، ثم التفتت مرة أخرى لتجد أن ذلك الزائر لم يكن بمفرده و معه العديد من الأفراد.. شهقت بخوف طفولي حين وجدت نفسها محمولة بين ذراعي نيلسون الذي ركض إليها, يحملها بخوف بين رغم تلك النظرة الشرسة المخيفة المطلة من عينيه.. دلف بها للمنزل ووضعها أرضًا، هامسًا بقوة:" ابقي هنا صغيرتي، لا تخرجي.." ذعر تمكن منها حين وجدت والديها بالحديقة يقفان بتأهب، والدتها تردد بعض الكلمات تمد ذراعيها بكفين مبسوطين و ذلك العازل يتحرك و كأنه موجات كهربية تتموج، و والدها بجسده المتحفز و كأنه على وشك الإنقضاض على أحدهم.. و هؤلاء الأشخاص يرددون كلمات بنفس هيئة والدتها محاولين إختراق العازل، هتفت بصوت باكٍ برعب طفولي:" أمي.." فهتفت إيما محذرة:" لا تخافي إيزي.. لن يحدث شيء، فقط لا تخرجي من المنزل.." جذ نيلسون على أسنانه مزمجرًا بشراسة، صارخًا بجنون:" دعونا و شأننا؛ ماذا تريدون؟.." صوت مقيت وصلهم من خلف العازل:" ستعاقبان على ما فعلتماه.." صوت دوي مفزع جعل الصغيرة تنتفض، و نيلسون يصرخ:" لا تخرجي.." ثم ركض إيزابيل، و هي تستمع لصوت والدتها:" إيزابيل اركضي للغابة هناك.. لا تلتفتي خلفكِ سنلحق بكِ.." ركضها مذعورة تنظر حولها بهلع، ثم تلك الأصوات العالية، و صوت أبيها صارخًا بجنون متألم:" إيمااااااااا.." و تلك الهوة السحيقة السوداء التي سقطت بها.. انتفضت من نومها نصف جالسة, هاتفة بذعر:" أبي.." تتلفت حولها بتشوش، العرق يتصبب من جسدها، تلهث بقوة، ص*رها يعلو ويهبط بشكل ملحوظ.. أغمضت عينيها بقوة.. كابوس.. كابوس ملازم لها منذ ذلك الحادث؛ كأنها تعايش تلك الأحداث المؤلمة مرارًا وتكرارًا.. تفقد جزء من روحها معه، ظنت أنه لن يعاودها مرة أخرى، لكن مع عودة عائلة ويلر للبلدة عاد إليها كابوسها.. فتحت عينيها تنظر للساعة بجوارها فوجدتها الثالثة صباحًا.. زفرت بقوة، ترفع يدها تتخلل شعرها بأناملها، تلقي بجسدها للخلف بإرهاق، لن تستطيع النوم مرة أخرى هذه الليلة؛ تعلم أن ذلك الكابوس سيعاودها مرة أخرى.. شتمت بحنق متمتمة من بين شفتيها بغضب:" تبًا لك داني.. أي بلاء القيته فوق رأسي بعودتك!.. أكرهك.." ************** في الصباح على مائدة الإفطار بمنزل تيرنر جلس الجميع يتناول إفطاره ب**ت, يستمع إلى حديث سامانتا و لويزا والدتها حول زفافها المنتظر, كانت إيزابيل تطرق برأسها بوجوم و على وجهها ملامح الإرهاق واضحة, تشعر ببعض الألم بجسدها, لا تدري لماذا!.. مع عدم نومها الكافي و كابوسها المزعج.. أجفلت على صوت عمها, متسائلاً:" ماذا بكِ إيزي؟.. لا تبدين بخير.." وصلها صوتًا ساخرًا:" لا تقلق هكذا أبي.. يبدو أنها تفكر بكارثة لتقوم بها.." رفعت وجهها تنظر إلى جوي بعينين شرستين, لا تطيق صوته, ذلك الأ**ق دومًا يحب أن يشاجرها, و يفتعل المشاكل.. لكن صوت عمها الزاجر بغضب:" كف عن هذا جوي.. دعها و شأنها.." عقد جوي حاجبيه بعبوس, يزم شفتيه بحنق, كم يكره تلك المحتالة الو**ة, منذ أن أتت إلى هنا, و هما يتشاجران, تتدخل بأموره, و بما لا يعنيها, و حين يعنفها, يعنفه والده واقفًا بصفها, متخذًا نفسه كجدار حامي لها.. مال عليه كلارك, هامسًا بتحذير:" كف عن جنونك جوي, و دع إيزابيل و شأنها الآن, أبي يبدو غاضبًا و قد تعاقب بقسوة منه.. أنت تعرف إيزابيل خط أحمر بالنسبة إليه.." زمجر جوي بخفوت مشتعل, يرمقها بطرف عينه, يصب عليها اللعنات صبًا, و هي ترمقه بنظرات مستهزئة, تجعله يكاد ينهض ليفترسها.. التفتت تنظر إلى عمها, و هو يقول:" سنذهب جميعًا لبيت البحيرة لعدة أيام, ليحضر الجميع حقائبه.." فهتف كل من جوي و إيزابيل بصوت واحد:" لن أذهب.." نظر إليها بحاجبين معقودين, متسائلاً:" لماذا؟.." زم جوي شفتيه, لا يريد الذهاب إلى هناك و الإبتعاد عن هنا, لديه مخططات ليتعرف إلى ماي، و يتقرب منها, تلك الفتاة التي تكاد لا تفارق صورتها مخيلته, إبتسامتها الناعمة تجعله يبتسم بعذوبة, ثم حتى و إن لم تكن ماي سببًا لعدم ذهابه, فهو يريد أن يرتاح من رؤية تلك الحمقاء التي أمامه.. قالت إيزابيل بهدوء:" لن أستطيع الذهاب, فأنا سأسافر قليلاً, هناك بعض الأشياء عليّ أن أهتم بها قبل زفاف سامانتا.." _إلى أين ستذهبين؟.. انطلق السؤال سريعًا من كلارك, جعل إيزابيل تنظر إليه بحاجب مرفوع بإستهجان.. فقال معللاً:" ربما تحتاجين مساعدة!.." _أستطيع تدبر أموري بنفسي دومًا.. مال جوي على كلارك أخيه الأكبر, هامسًا بإمتعاض:" منذ متى تعرض عليها المساعدة, لتذهب للجحيم و لا تعود.." التفت إليه كلارك بحاجبين معقودين بإستنكار, هامسًا بعدم رضا:" كف عن ذلك جوي.. تظل ابنة عمنا.." هز جوي رأسه بسخرية, هامسًا بتهكم:" يال قلبك الرقيق.." نهض مايسون عن كرسيه, يتحرك, ثم اقترب من إيزابيل, ممسدًا شعرها بحنان, قائلاً:" حسنًا عزيزتي.. لكن عودي سريعًا.." كانت تطرق برأسها مسبلة الجفنين, و إلا لكان هال من رأها, تلك النيران التي اندلعت بعينيها اللتين توحشتا بطريقة مرعبة, تكور قبضتيها أسفل الطاولة حتى ابيضت مفاصل أصابعها, حين ربت مايسون على رأسها.. فهمست تحاول مداراة جنونها:" سأفعل.." ثم نهضت خلفه, تصعد الدرج متجهة إلى غرفتها, و حين دلفت إليها مغلقة الباب, كانت تلهث بعنف, تنفس حممًا حارقة تكاد تفتك بمن حولها.. تغمض عينيها بقوة تزم شفتيها المرتعشتين, هامسة بعذاب:" أبي.." زمت لويزا شفتيها بحنق, مايسون يعامل إيزابيل بطريقة مختلفة تمامًا عن معاملته لأولاده, منذ أن أتت لتبقى معهم هي و نيلسون منذ ثمانية عشر عامًا بعد وفاة والدتها, ثم وفاة نيلسون منذ ثلاثة عشر عامًا, حين كانت إيزابيل بالحادية عشر يعاملها و كأنه يخشى عليها أن تصاب بخدش, يدللها بطريقة مبالغ فيها, مايسون القاسي يتحول لحنون مع إيزابيل, نظرة عينيه تفيضا بمشاعر و كلمات تعبر عما بداخله, لا تعرف السبب؛ لكنها تشعر بشيء مريب بداخلها بشأن إيزابيل, معاملة مايسون لها بهذه الطريقة ليست بسبب ما تعرضت له من مآسي فيما سبق, هناك شيء ما يحدث, لكنها لا تعرفه و مايسون لم يخبرها أبدًا.. *************** قد يسخر البعض إن أخبرهم أحدهم أنه أحب من أول نظرة, فما بالك من أول قبلة خاطفة!.. من قال أن الحب أعمى فهو محق, لكن هو يعمي عن بعض الحقائق, يغيب العقل عن التفكير, السؤال, بدائيات البحث عن الشخص الذي أمامك و من تكون عائلته, كيف وصل إليك, و إلى تلك البلدة.. تحركت مشاعرهما دون أن يعرفا من يكونا, دون معرفتهما أن كل منهما ينتمي لعائلة تكره الأخرى, بينهما نهر من الدماء منذ القدم لم يعد السبب واضح مع تعدد و تغير الأجيال.. فقط كراهية و عداوة عمياء.. لكن تلك القبلة التي اختطفتها ماي بخجل منه, جعلتها عاشقة تحلق في السماء, زاد ذلك مع مقابلاتهما المتعددة, تتبعه إياها مقتفيًا أثرها بكل مكان تذهب إليه تجده أمامها.. يأخذها إلى أماكن رائعة, تتميز بلدتهم بالعديد من الأماكن الجميلة, سواء, بحيرات, حدائق, تلة خضراء مرتفعة مختبئة خلف غابة كثيفة الأشجار أسفلها شلال مياه.. حين تقف فوقها تسلب الأنفاس من جمالها, تجعلك مبهورًا لا تحيد بعينيك عنها.. دومًا كانت بلدتهم مزارًا للعديد من السياح, بسبب جمالها, وتلك المهرجانات التي تقام كثيرًا بها.. مر أكثر من شهر و علاقة ماي و جوي تتوطد أكثر و أكثر, بات يحدثها يوميًا بالهاتف, حين تستيقظ, و قبل أن تنام.. لا تزال لا تصدق أن ذلك الشاب الذي معها, هو نفسه من أخبرها رفاقها أنه سيء, شرس الطباع, فكلماته, وجهه, حتى لمساته الرقيقة, قبلاته الناعمة تنفي حديثهم المجحف بحقه.. ضحكت برقة, و هي تجلس بأحضانه أعلى التلة, التي أصبحت مكانهما المفضل يأتيان إليه دومًا ليبتعدا عن جميع الأنظار, خاصة أن جوي إختار مكانًا منعزلاً لا يعرفه غيره.. عقد حاجبيه متسائلاً, يداعب أصابع يدها الرقيقة بين يده الضخمة:" ما الذي يضحككِ ماي؟.." هزت كتفها بخفة, هامسة بنعومة:" لا شيء تذكرت فقط حديث رفاقي عنك.." ترك يدها, و رفع كفيه يضعهما على كتفيها, يلفها إليه, و لا تزال بأحضانه, متسائلاً بترقب:" و ماذا قالوا لكِ؟.." ارتفعت زاوية فمها بإبتسامة, قائلة برقة:" لا شيء مهم.. لا تشغل بالك.." مال برأسه قليلاً, هامسًا بشك:" ماي!.. لمعة عينيكِ لا تريحني.." رفعت يدها تتلمس وجنته, هامسة لعينيه:" لا يهم ما قالوه عنك.. ما يهمني ما أراه أنا.. و قد تعلمت ألا أحكم على أحدهم بأقاويل الآخرين.." أغمض عينيه يمرغ وجنته بيدها الناعمة, يتن*د بخفوت, هامسًا:" يا إلهي, كم أحب بقائي معكِ.." فتح عينيه, يرفع يده يمسك بيدها الساكنة على وجنته, يقبلها بنعومة, قبل أن يقول:" زفاف شقيقتي بعد أسبوع.. أريد أن تأتي معي لتقابلي عائلتي.." اتسعت عيناها بشدة, قائلة بذهول:" عائلتك!.. و لكن.. لكن هذه خطوة كبيرة جوي.." ابتسم بعينين لامعتين, قائلاً بإصرار:" و أنا أريد ذلك.." أطرقب برأسها مفكرة للحظات, قبل أن ترفع رأسها, هامسة:" و أنا سأخبر داني عنك.." انحنى بوجهه إليها هامسًا أمام شفتيها:" أخبري من تريدين عني.." و التقط شفتيها بقبلة رقيقة تليق بتلك الزهرة الناعمة التي بين يديه.. ************ داني أقرب الناس إليها, يتحدث معها, يمازحها, تحكي له كل أسرارها, و يستمع إليها بصبر, يناقشها ببعض الأمور.. هي و داني صديقان أكثر من أخوين, بع** جيفري المتهور الذي دومًا يشا**ها رغم حبه لها.. لكن داني الأقرب إلى قلبها.. ترددت كثيرًا لتخبره بشأن جوي, ليس خوفًا, لكن ربما لم تجد الوقت لتخبره, و لم تكن متأكدة من مشاعر جوي إتجاهها, تلك الليلة حين اخبرها جوي أنه يريد أن يقدمها لعائلته فاجأها بشدة, و عليها أن تخبر داني و تستشيره بالأمر فهو دائمًا يعطيها ما تحتاج إليه.. بطرقات خافتة دقت باب غرفته, لتسمع صوته يأذن لها بالدخول, فتحت الباب و دلفت بهدوء مغلقةً إياه خلفها.. حين نظر إليها داني ابتسم بحنان, قائلاً:" مرحبًا عزيزتي.. تعالي.." صاحب كلماته بمد يده إليها, التي استقبلتها بسعادة, تمسك بها تجلس بجواره على طرف الفراش.. ابتسمت ماي بوجهه, قائلة برقة:" مرحبًا أخي.." اتسعت إبتسامته, يقرأ عينيها و ما فيهما من حديث, فتساءل بترقب:" ماذا هناك ماي؟.. ماذا تريدين!.." عبست بوجهها, تقول بعتاب:" ماذا داني!.. هل أصبحت لا آتي إليك سوى لطلب ما!.. لقد تغيرت كثيرًا حتى أنك انشغلت عني منذ أتينا إلى هنا.." رقت نظراته يطالعها بحنان, تلك الصغيرة تظن أنها ماكرة, تتلاعب بالحديث, و لا تعلم كم هي شفافة بالنسبة إليه.. تن*د قائلاً بإسترضاء:" آسف ماي.. كما تعلمين عودتنا إلى هنا تدفعني إلى محاولة موازنة بعض الأعمال.." هزت رأسها متفهمة, لكنها تساءلت:" داني لِمَ أرى حزن بعينيك؟.. هناك ما يزعجك.." إبتسامة حزينة تلونت على ثغره, يسبل جفنيه مفكرًا بإيزابيل و حديثها معه, نظراتها المشتعلة, لكنه عاد ينظر إلى ماي بنظرات رقيقة رغم ذلك العذاب بعينيه, يرفع يده يربت على وجنتها, هامسًا:" لا شيء حبيبتي.. لا تشغلي بالكِ.. و الآن اخبريني بما تريدين.." تحركت حدقتاها بإرتباك خفيف, تفرك يديها بتوتر.. شجعها داني قائلاً برفق:" هيا ماي.. يبدو أنكِ تخفين شيئًا ما.. تبدين مختلفة هذه الفترة.." عضت على شفتها السفلى بقوة, ثم قالت سريعًا:" داني لقد تعرفت على شخص ما, و أظن أنني أحبه.." ارتفع حاجبي داني بذهول, مرددًا بإنشداه:" ماذا؟.. تعرفتِ على أحدهم, و تحبينه!.." أومأت برأسها إيجابًا, لينفض ذهوله, هاتفًا بلهجة سريعة:" من يكون, و كيف تعرفتِ عليه, و كيف؟.." ضحكت ماي بتوتر, ترفع يدها هاتفة:" اهدأ داني ماذا بك!.. لقد تعرفت عليه بعد عودتنا إلى هنا.. نخرج معًا منذ فترة, إنه شخص جيد.. ربما حين تقا**ه تظنه خشن الطباع, لكن حين تعرفه جيدًا ستحبه هو شخص رائع.." ارتفع حاجب داني, يهتف ضاحكًا:" يا إلهي لقد بتِ تختلقين له الأعذار و تدافعين عنه منذ الآن!.. لكن عليّ أن أقا**ه أولاً لأحدد بنفسي.. ما اسمه؟.." _جوي.. عقد داني حاجبيه مضيقًا عينيه بتفكير, يردد إسمه همسًا, ثم قال بهدوء:" حسنًا عزيزتي.. سأقا**ه لأحكم بنفسي إن كان جيدًا أم سيئًا. لأطمئن أن صغيرتي بخير.." ابتسمت بإمتنان, هامسة برقة:" شكرًا لك داني.." هز رأسه بخفة, ثم مال برأسه للجانب مقبلاً وجنتها بحنان, قائلاً:" و الآن اذهبي لتنامي, و سأخبركِ متى سأقا**ه فيما بعد.. تصبحين على خير حبيبتي.." نهضت ماي من جواره بإبتسامة مشرقة, قائلة:" تصبح على خير.." و تحركت من غرفته متجهة لغرفتها, تابعها داني حتى أغلقت باب الغرفة خلفها, مع إبتسامة صغيرة على شفتيه, الصغيرة ماي تحب أحدهم, سيقا**ه و يعرف من يكون, ماي عليه أن يحافظ عليها فهي أكثر من أخت بالنسبة إليه, ربما إن أخبرت أحد غيره عما تشعر به لإستخف بحديثها, لكنه يعرف جيدًا معنى الإستهتار و الإستهانة بمشاعر و قلوب الآخرين, فقلبه لا يزال يحترق شوقًا و لوعةً بعيدًا عن إيزابيل, و هم ظنوا أنها مشاعر طفولية حمقاء ستختفي مع مرور الوقت.. ********************* انتهى الفصل الثاني قراءة ممتعة
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD