تسكن ساميه هي و زوجها ممدوح بالطابق الخامس و لم ينعم عليهم الله سبحانه و تعالى بالذرية و لكن لا يعلم أي شخص مهما كان سواء من جيرانهم و اصدقاءهم و لا حتى اقرب الأقربين أيا منهم هو السبب في تأخر الأنجاب و لا ما هي المشكلة الصحية تحديدا التي يعانون منها .
عادت سامية من عملها منهكة جدا فتحت باب شقتها بالمفتاح و دخلت لتلقي بجسدها على الفوتيل القريب من الباب لترتاح قليلا من ما عانته بسبب ازدحام الطريق بعد يوم عمل شاق ، و ظلت هكذا لبعض الوقت حتى سمعت صوت جرس الباب فقامت متثاقلة تحمل جسدها بصعوبة بالغة حتى وصلت إلى الباب ففتحت لتجد مديحة جارتها أمامها فقالت
- خير يا مديحة
- أنا ازعجتك و لا أيه أرجع
- لا طبعا انتي بتقولي ايه أتفضلي
دخلت ساميه و مديحة تتبعها و جلسا قالت سامية
- تشربي أيه
- و لا حاجة مش عايزة أتعبك و انتي لسه راجعة من الشغل
- و لا تعب و لا حاجة الكاتل و كل حاجة جنبي هنا هنعمل حاجة نشربها و احنا قاعدين
- شكلك محتاجة نسكافيه يعدل دماغك
- بفكر أعمل قهوة ع السبرتاية
- لا أوعي تعملي كدة
- ليه يا رويتر
- واحدة صاحبتي جت تولع السبرتاية هبت فيها
- يا ساتر يا رب
- أعملي القهوة على الشعلة الكهرباء أأمن
- ماشي
جلست سامية بجوار طاولة صغيرة موضوعه بجانب الحائط عليها غلاية كهربائية و شعلة كهربائية صغيرة و شعلة الكحل و بجوارهم علب الشاي و السكر و القهوة و النسكافيه و غيره أعدت كوبين من القهوة قالت مديحة
-
كويس انك عملتيها دوبل في كوباية الفنجان ده صغير ما بيكفيش حاجة
- أنا كمان محتاجة كوباية كبيرة يمكن دماغي تصحصح حاسه أني عايزة أنام
- ربنا يتوب عليكي من الشغل ده يا سامية
- و لما يتوب عليا يا مديحة اقعد أكلم الحيطان
- يمكن لما تقعدي ربنا يكرمك بحتة عيل يملأ عليكي الدنيا
- دي حاجة بتاعة ربنا يا رويتر
- أنا عارفة أنكوا بتقولوا عليا حشرية و رويتر لكن عايزة اقولك على حاجه و ما تزعليش مني
- خير يا مديحة
- في واحدة قريبة أمين كانت عايشة في الكويت و برضوا كانت متأخرة في الخلفة رجعت مصر من فترة و راحت مركز طبي كويس أووي و عملت حقن مجهري و جابت ولد و بنت زي القمر
- ربنا يسهل يا مديحة هو انتي جيتي عشان تقوليلي الموضوع ده
- لا أنا بس قلت اقولك عشان كمان هي قالتلي أن المصاريف هناك يعني معقولة و في خ** كمان اليومين دول
- هقول لممدوح و أشوف هنعمل ايه
- المهم عرفتي المصيبة اللي احنا فيها
- يا ساتر يا رب ما لك النهاردة يا مديحة
- عرفتي مين اللي هيسكن في الشقة اللي قصادك
- الشقة الفاضية
- اه
- مين
- ست عازبة و حلوة هتسكن لوحدها
- طب و ايه يعني
- ألطم يا ناس هو ما حدش شاغل دماغه غيري
- شاغله دماغك بأيه
- هي رجالتنا ملايكة يا حبيبتي لما جوزك يفتح الباب كده يلاقي واحده مزه قمر قدامه خارجة و لا داخله شافتها قدامه مش هيبصلها
- صدقي أول مرة في حياتك تقولي حاجة صح
- الحمد لله أنك انتبهتي
- لكن برضوا هيقلقوا أننا نحس بحاجة اللي عايز حاجة غلط هيدور عليها بره مش جمب بيته
- عموما أنا نبهتك و أنتي حرة و خلي بالك أنتي أكتر واحده مضرورة دي هتسكن قصادك و بعدين دي مش ماجرة زي العريس و العروسة اللي هيجوا يسكتوا في السابع دي أشتريتها تمليك يا حبيبتي
- كمان
- أه
- و بعدين أيه العمل
- لازم نطفشها
- و دي هنطفشها أزاي
- هو أحنا هنغلب هنتصرف
- فعلا نفكر في حل
- طيب أنا هسيبك بقى قبل ما ممدوح يجي
- نورتي يا مديحة
- عايزين نبقى نجتمع سوى نشوف هنعمل ايه
- لما تيجي بس تسكن عشان نفكر في طريقة تناسبها
- زي ما تشوفي
خرجت مديحة لتصطدم بممدوح أمامها ليدخل بيته أثناء خروجها فقال لها
- اذيك يا مديحة
- الحمد لله يا ممدوح أنت أخبارك أيه
- الحمد لله خير ماشيه ليه ما تخليكي
- معلش اصلي سايبه العيال لوحدهم
- ربنا يخليهم لك
- تسلم يا أخويا
ركبت مديحة المصعد و هبطت لشقتها و دخل ممدوح و أغلق الباب قائلا
- خير مديحة كانت بتعمل ايه هنا يا ساميه
- و لا حاجة بتسأل عليا عشان بقالي كتير ما شفتهاش
- يا ريت ما تحكيش معاها حاجة تخصنا
- من غير ما تقول يا ممدوح و بعدين هو أحنا عندنا ايه أصلا يتحكي
- في غدا و لا هنطلب دليڤري
- في غدا يا ممدوح هحضره بسرعة حاضر
- هغير هدومي و أخد دوش عشان أفوق و أكل بمزاج
دخلت سامية إلى المطبخ لتجهيز طعام الغداء و دخل ممدوح إلى الحمام ليغتسل و بعد أن انتهى كل منهم جلسوا معا أمام طاولة السفرة لتناول طعام الغداء
قالت سامية
- عايزة أقولك على حاجة بس ما تزعلش مني يا ممدوح
- خير
- مديحة بتقول في واحدة قريبة أمين جوزها كانت متأخرة في الخلفة و بعدين
- ما تكمليش
- ليه بس يا ممدوح دي بتقول عملت حقن مجهري و جابت ولد و بنت زي القمر
- أنتي عارفة الحقن المجهري ده بكام
- ما لكش دعوه بالفلوس أنا هتصرف
- هتخلصي القرشين اللي ورثتيهم على الحقن المجهري يا سامية
- يا سيدي مش هخلصهم المهم نجيب عيل يملى علينا الدنيا
- أنا مش موافق
- ليه كده يا ممدوح قلتلك مش عايزة منك غير موافقتك و تيجي معاية للدكتور
- أعملي اللي انتي عايزاه يا سامية
- أنت مش عايز تخلف مني ليه يا ممدوح أنت شايفلك شوفه تانية
- قلتلك أعملي اللي انتي عايزاه هو نكد و خلاص
- لا مش نكد و خلاص عايزة افهم يا ممدوح لو مش عايز تخلف مني فهمني و أنت حر مش هجبرك على حاجة
- بلاش هبل يا سامية أنا بفكر معاكي هو انتي بتحسبي كل حاجة بعواطفك و لما افكر معاكي بالعقل تعملي كده
- لو فضلنا نفكر بطريقتك عمرنا ما هيكون عندنا اولاد يا ممدوح
- قلتلك أعملي اللي تشوفيه أنا هدخل أتخمد احسن مش طافح عشان ترتاحي
- أيه اللي مزعلك دلوقتي هو أنا قلت ايه لكل ده انت بتتكلكك
- أنا برضوا اللي بتلكك و لا تتلككيلي و لا أتلككلك النوم احسن
- هأتصل على المركز الطبي و هحدد ميعاد يوم الجمعة عشان تبقى أجازة و تيجي معاية
لم يرد ممدوح على كلام زوجته سامية و ترك لها الطعام و ذهب لغرفته ليخلد للنوم كي ينهي ذلك الحديث الذي يعتبره حديثا مملا لا معنى له .
ظلت سامية تفكر في ما دار بينها و بين زوجها ممدوح أثناء غسل الصحون و ترتيب المنزل و تذكرت ما حدث بينهم منذ عدة سنوات قبل أن يذهبا إلى الطبيب و يقوموا بإجراء الفحوصات الطبية كي يعرفون سبب تأخر أنجابهم تذكرت حين بدأت حديثها معه قائلة
- بقولك ايه يا ممدوح
- نعم
- عايزين نروح لدكتور نشوف احنا أتأخرنا ليه كده في الخلفة
- روحي
- لوحدي
- أه
- و انت
- أنا أيه أنا راجل يا ماما معنديش مشاكل أنا صاغ سليم دوري على نفسك امك خلقتك بالعافية بعد سنين اكيد ورثتيها
- أيه اللي بتقوله ده يا ممدوح ماما جبتني بس بعد سنين عشان بابا كان بيسافر كتير و يسبها لوحدها كانت هتخلف لوحدها
- يمكن الحادثة اللي عملتيها و انتي صغيرة هي اللي أثرت عليكي
- أنت مش لاقي كلام تقوله مش عيب الكلام ده يا ممدوح
- بقولك ايه روحي لدكتور زي ما أنتي عايزة مالكيش دعوة بيا أنا متأكد من نفسي
- ماشي يا ممدوح بس خليك فاكرها
- فاكرها يا ختي
- طيب تعالى معايه اكشف أنا و اعمل فحوصات
- مش فاضي
- و حياة أغلى حاجة عندك تيجي معاية
- هفكر
- بلاش تموت اللي في قلبي ناحيتك يا ممدوح
- خلاص بطلي زن هبقى أجي معاكي
-
و رضخ ممدوح و ذهب معها للطبيب و حين وصلوا رحب بهم الطبيب و أجرى الفحوصات اللازمة لسامية و حين طلب من ممدوح أن يجري فحوصات طبية رفض قائلا
- لا هي بس اللي هتعمل تحاليل و أشعة
رد الطبيب
- و أنت لا ليه هي هتخلف لوحدها
- لا أنا متأكد من نفسي اني صاغ سليم و سيد الرجالة كمان
- ما دمت متأكد ايه اللي يمنعك انك تعمل التحاليل و الأشعة الا لو كنت خايف من حاجة
- حاجة أيه اللي هخاف منها يا دكتور
- خلاص يبقى تعمل التحاليل و الأشعة ثم أنت لازم تعمل التحاليل عشان نفهم طبيعة الحالة مش بالضرورة يكون عندك مشكلة أو هي عندها مشكلة
و هكذا رضخ ممدوح لذكاء ذلك الطبيب في إقناعه بأجراء تلك الفحوصات الطبية و انتظروا معا النتيجة و ذهبت سامية وحدها كي تعرف نتيجة التحاليل و عرفت و عادت حزينة لتبلغ زوجها ممدوح بما عرفت قائلة
- ممدوح
- نعم خير
- أنا رحت جبت نتيجة التحاليل و الأشعة
- طبعا طلعتي ما بتخلفيش
- مش لدرجة ما بخلفش
- أمال أيه
- الدكتور قال إن عندي مشكلة محتاجة علاج و لازم ناخدلها علاج احنا الاتنين
- أنتي اللي عندك مشكلة أنا مالي
- ده كلام الدكتور هو احنا هنفهم احسن من الدكتور
- طب ما في حل اسهل
- حل ايه
- أتجوز واحده معندهاش مشاكل تخلف على طول ارخص
- تفتكر ده وقت هزار رخم
- طب بس ايه المشكلة
- المشكلة أن العيب عندك مش عندي و ما كنتش عايزة أقولك عشان ما أزعلكش
- أنتي بتقولي أيه أنتي اتجننتي
- هي دي الحقيقة
- بلا حقيقة بلا كلام فارغ
و أنكر ممدوح تلك الحقيقة تماما و لكن العجيب في الأمر هو تمسك سامية به رغم كل ما فعله بها من معايره و نية لغدره بها و أكثر من ذلك رفضه للعلاج و محاولة البحث عن حل لمشكلة الأنجاب ، بل هي لم تكن تنوي أن تخبره أن العيب عنده و ليس فيها و لكن خوفها من غدره هو ما دفعها لذلك للأحتفاظ به و عدم هدم بيتها و رغم كل ذلك يتعامل معها ممدوح و كأن كل ما فعلته و تفعله حق مكتسب .
-
-
-
-
-
-
-