الفصل 2 مريم الكاذبة

1685 Words
أنهيت فطوري وقمت لأغسل الأطباق, لأجد خالتي تدخل المطبخ مرة أخرى تتحدث في هاتفها, أنهت المكالمة وذهبت إلي الثلاجة فتحت المبرد وأخرجت منه بعض الأطعمة المجمدة, وهي تغني بصوت عالي لأسمعها مريم: حسنا, حسنا, ما الأمر حاولت أخفاء ضحكتها: ماذا, لا شيء, آه تقصدين المكالمة..آه..نعم..أنه يوسف, لقد أخبرني أنه ينوي القدوم علي الغداء مريم: حسنا, أنه نوعا ما منزله, يمكنه الحضور وتناول الطعام خالتي: نعم, نعم, إلا أنه لم يتناول معنا الغداء منذ شهر أو أكثر, حسنا لابد وان لديه سبب أو أكثر ليتناول الغداء معنا مريم تقلد ضحكة خالتها: هل تعلمين يا عزيزتي, جمانة في البيت أيضا, ربما يوسف سيتناول الغداء معنا من أجلها اختفت الابتسامة من علي وجه صباح وقالت غاضبة: حسنا جمانة كانت موجودة الأسبوع الماضي, و لم يتناول الغداء معنا دخلت آمال إلي المطبخ فزفت صباح لها الخبر لتلتفت لي مبتسمة: أفضل شيء في وجودك يا مريم أني أشعر وكأننا عدنا عائلة مرة أخري ابتسمت لها وقلت: شكرا خالتي آمال, هل تودون أي مساعدة صباح: آه..ستطهين له الطعام أيضا مريم: هل تعلمين ماذا, سأخرج لأستنشق بعض الهواء خرجت من المطبخ وهي تستمع لضحكات خالتها, ابتسمت رغما عنها عندما تخيلت وجه يوسف وهو يتناول طعام قد طهته بنفسها..ا****ة, ربما سيمتنع عن الأكل خوفا من كونه مسمما, أضحكتها الفكرة قررت الجلوس في الحديقة للاستمتاع ببعض الشمس فمازلنا في فصل الشتاء والشمس لا تظهر كثيرا ,كانت درة بالفعل تجلس مع جنا تستذكر معها بعض الدروس, ابتسمت كلتاهما عند رؤيتي, ألقيت نظرة خاطفة علي ملابس درة, لطالما عرفت ما يجب ارتدائه وكيف, موهبة ليست لدي للأسف, أنا أرتدي دائما الجينز والقمصان الواسعة, أما درة فهي تبدوا دائما وكأنها ذاهبة إلي جلسة تصوير لعمل أعلانا ما, وعلي الرغم من كل ذلك فهي لا تبالغ أبدا في وضع مساحيق التجميل علي ع** جمانة التي تضع الكثير في رأيي وبألوان فاقعة أتساءل دوما إن كان هدفها مواكبة الموضة أم جذب أنظار الجميع إليها درة: حسنا, ما خطتك اليوم, هل تنوين زيارة بعض الأصدقاء, تناول الغداء في الخارج مريم: كما أود هذا, ولكن في الحقيقة أريد تهدئة الأمور قليلا, من أجل أمي درة مبتسمة: طبعا, أمك مريم: لا تجلسي مع صباح كثيرا, يبدوا وأنك أصبت بالعدوى درة ضاحكة: جنا أجلسي هناك و أحفظي تلك الكلمات وسأسمعها لكي بعد قليل, ألتفت إلي وأكملت "حسنا أنت لن ترحلي هذه المرة, أبقي, أرجوك مريم: لما الجميع يريد أن يبقيني هنا, الجميع يفكر في ما يريده هو ولا أحد يفكر فيما أريده أنا درة وعلي وجهها علامات الغضب: أنت أنانية يا مريم, منذ أن كنت صغيرة ولا تفكرين إلا في ما يناسبك, لا تفكرين بمردود أفعالك علي الآخرين مريم: ما الذي تقولينه درة: حسنا لابد وان عمتي صباح أخبرتك بأن جمانة تنوي التدرب هذا الصيف بالشركة, ومعرفتي بها تخبرني أن الصيف لن ينتهي إلا وقد اتخذت يوسف زوجا لها مريم: حسنا هنيئا لهم ض*بت قدم مريم بغضب قائلة: ما الذي تظني أن جمانة ستفعله إذا أصبحت سيدة هذا المنزل كيف ستعامل صباح والفتاتين, فكما تعرفين طليقها لا يرسل لها أية أموال, هل ستبدأ خالتك في العمل, وماذا بشأن أمك مريم غاضبة: ماذا بشأنها درة: لا أظن أن عمتي منال ستمكث طويلا في هذا المنزل بعد دخول جمانة إليه, مريم أخبريني كم معاش أبيك بالضبط, أنه في النهاية معاش معلم مريم غاضبة: يمكنني الاعتناء بأمي, شكرا جزيلا درة: حسنا فكري في هذه الأفكار قليلا, سأذهب لض*ب جنا لتصنتها علينا تركتني درة لتلك الأفكار وذهبت إلي جنا لتتوعدها إذ قالت لأي أحد عما سمعته, ما ذنبي أنا ولما يجب أن أفكر في مصير كل شخص في هذا المنزل, ثم توقفت قليلا, لما لا يفكر أحد فيما يريده يوسف, ففي النهاية هو ليس دمية نحركها كما نريد, لقد فتح خالي هذا المنزل للجميع فهل يستحق أبنه تلك المعاملة منا, دعك من أني أستبعد أن يكون يوسف وصل إلي هذا السن ولم يكن له حبيبة أو أكثر, ربما زواجا عرفيا من أحدي السكرتيرات المتناثرات في مكتبه ففي النهاية هو شاب وسيم ويمتلك شركة هندسية لا بأس بها, ا****ة, يمكنه أن يشير لأي فتاة فتأتي له حتى بدون زواج هزت مريم رأسها لطرد تلك الفكرة, ا****ة علي وعلي أفكاري أن يوسف ليس كذلك, هل هو كذلك, كلا..ما الذي يمنعه من الزواج ممن يريد, ا****ة عليك يا درة لقد سممت أفكاري تجاه الرجل "مريم ....مريم" قطع الصوت حبل أفكارها, أنه حسام حسام: ما بك كنت أنادي عليك منذ بعض الوقت ولم تجيبين مريم: عفوا كنت أفكر قليلا, ثم ما بك أن عينيك منتفختين حسام: حسنا, لم أحصل علي أي قسط من النوم مريم: لما هذا؟ حسام: حسنا يمكنك أن تقولي من الغضب, لم أحصل علي أي قسط من النوم بسبب غضبي الشديد من جمانة, فطوال الليل كنت أفكر في أنسب طريقة لقتلها بدون أن تنسب الجريمة إلي مريم: نوعا ما فشلت, فقد أخبرتني, أضحك يا رجل, لما هذا الغضب منها حسام: ألم تخبرك عزيزتك درة..آه..حسنا, أسمحي لي, فالآنسة جمانة قررت العودة للمكوث في هذا المنزل خلال أجازة منتصف العام بعد أن حجز أبي لي ولها تذكرة ذهاب إلي أسبانيا, هل تصدقين هذا..أسبانيا..هههههه اللعنة..أسبانيا مريم: حسنا لو أردت الذهاب إلي أحدى العيادات النفسية فأنا معك توقف حسام عن الضحك وقطب جبينه: غريب قولك هذا, فمنذ سماعها خبر وصولك وهي توشك علي الموت غيظا علا صوت درة وهي تحدث جنا قائلة وقارة أمريكا الشمالية تحتوي علي دولتين, أمريكا وكندا وكأنها تخبرني لقد قلت لك هذا مريم: حسنا لما لم تتركها تأتي بمفردها وتذهب أنت إلي أسباااااانيااااااا حسام غاضبا: هل تظنين لم أحاول لقد حاولت وباستماتة..ولكني أمي, سامحها الله, لقد أصرت علي عدم بقائها وحيدة معكم, وكأنكم ستأكلونها, في الحقيقة هي من ستؤكلكم ابتسمت له مفكرة, حسنا درة محقة, ربما لا أريد الزواج بيوسف ولكني لن أتركه لتلك الشمطاء دعك من أن سؤالي لحسام كان غرضه معرفة هل جمانة مدعومة من أمها أم لا, والسؤال الأهم هل يعرف خالي علاء بهذا, أن زوجة خالي "صفاء" مثال مشرف للمرأة المكافحة, لا..لا تظنها مكافحة في العمل أو الحياة بشكل عام ولكنها مكافحة في العلاقات الزوجية فقد فرقت بين خالي علاء وزوجته, والدة درة وتزوجت منه لتنجب حسام وجمانة كنت غارقة في أفكاري عندما رن هاتف حسام ليستأذن وينصرف حسام أنه في الخامسة والعشرون من عمره, محببا نوعا ما إلي, بالتأكيد أفضله عن جمانة ولكنه يبقي غريبا بعض الشيء, لديه هذا الجزء الغامض من شخصيته, كنت أتخذه أخا أصغر لي, ولكن منذ بضع سنوات وبعد تخرجه ذهب هو أيضا للعمل مع يوسف ولكن أنتهي الأمر بكارثة وكشف نوعا ما عن وجهه الحقيقي وعن مدي كرهه ليوسف وحقده علي العائلة كلها حسنا كان هذا منذ وقتا طويل, ربما حسام كان طفلا وقتها ويغار ولكن بقت تلك الغصة في حلقي اتجاهه, الغضب يكشف الكثير من مكنونات الشخص, لطالما أعتبره يوسف أخ أصغر له وخاصة أنه الشاب الوحيد في العائلة بعد يوسف, ربما هذا هو سبب المشكلة اقتربت درة مني وقالت: ألم أقل لكي أن زوجة أبي مشتركة أيضا في الأمر مريم: ألم يحاول أحدكم التحدث مع يوسف, ومعرفة رأيه درة: بالطبع لا مريم: ولما لا لتتحدث واحدة منكم معه..أفضل من التكلم عنه..كما أنه رغم كل شيء هو شخص ذكي ولا يحب المستغلين من أمثال جمانة درة: ولكن هذه هي المشكلة, أنه لا يرى فيها شخص مستغل, أنه يرى فيها فتاة صغيرة تستمع له وتهتم به, علي ع**ك مريم غاضبة: درة من فضلك لا تكوني حمقاء أنت الأخرى, أنه أخر شخص أفكر في اتخاذه زوجا لي, كما يجب عليك التفكير في مصلحته أيضا أنا لست المرأة التي ستسعده درة: حسنا يا مريم لا تغضبي ولكن أحذري..فجمانة تعلم بمقدار حب يوسف لكي قامت مريم غاضبة وركلت المقعد أمامها, لطالما كانت درة مقتنعة بحب يوسف لها, ولكنها لم تنظر للأمر بتلك الطريقة..اهتمامه بها كان نابعا من إحساسه بالذنب وليس الحب توجهت مريم إلي المنزل فقد قررت البقاء في غرفتها لقد بدأ اليوم بشكل خاطئ ولذلك فضلت البقاء وحيدة حتى تهدأ, وفي طريقها إلي غرفتها قابلت زوجة خالها آمال..كانت تحمل الكثير من الملابس القادمة من المغسلة..فعرضت مريم عليها المساعدة آمال: مريم يمكنك أخذ تلك القمصان ووضعها في غرفة يوسف مريم مترددة: آه حسنا ألن يغضب من دخولي غرفته آمال مبتسمة: لا لن يفعل..كما أني لن أخبر أحد أخذت مريم القمصان وتوجهت إلي غرفته, وقفت قليلا خارجها وهي مترددة هل تطرق الباب أم تدخل..اللعنة..أنه ليس موجودا في المنزل, فتحت باب الغرفة ودلفت إلي الداخل أضاءت نور الغرفة ووقفت قليلا لتتأملها, لقد غير يوسف الكثير, لقد قام بهد الحائط بين غرفته وغرفة أبيه ليجعلها غرفة واحدة كبيرة له, وقد كانت كبيرة بحق, لديه مرحاضه الخاص كذلك وغرفة صغيرة لملابسه, كما لديه مكتب صغير بجانب النافذة موضوع عليه بعض الملفات وحاسوبه المحمول, توجهت إلي غرفة الملابس الخاصة لوضع القمصان حتى أوقفتها شاشة الحاسب المحمول, أن الكاميرا مضاءة, يا تري هل يعرف يوسف بهذا؟ أم انه يقصدها, ربما الحاسوب يسجل الآن من دخل إلي غرفته, أو ربما موصل بأخر في الشركة ويوسف يشاهدها الآن ا****ة, حاولت مريم أن تبدوا طبيعية وعلقت القمصان وهمت بالمغادرة, ثم تجمدت, تسارعت ض*بات قلبها وجف حلقها, كانت هناك تلمع في ضوء الغرفة الخافت, أنها هي, أنها كرة عماد! رفعت الكرة إليها لتجد أمضاء الكابتن حسام حسن بخط أ**د سميك, لقد تم محو بعض الحروف لابد وان يوسف حاول تنظيف الكرة فمحا بعض الأحرف عند طريق الخطأ, لم تكن تعرف ما الذي يجب فعله..الكرة ليست له ليحتفظ بها, من أعطاها له؟ هل هي أمي, وهل آخذها؟أم أتركها؟ هل يراني الآن لو أخذتها, فليراني أنها ليست له علي أيه حال أو..لا داعي لإثارة المشاكل ستسأله بكل تهذيب ثم تطلب منه أن يردها إليها, وضعت مريم الكرة ثم أغلقت النور وألقت نظرة أخيرة علي الحاسب ثم أقفلت الباب خلفها ورحلت بقت مريم في غرفتها حتى موعد الغداء, استطاعت سماع أصوات الفتيات في الخارج وهن يتحدثن عن جمانة وما ترديه في أول يوم ذهابها إلي الشركة مع يوسف, غادرت غرفتها لتجد يوسف أمامها مباشرة يوسف: عمتي منال تطلب منك النزول قالها يوسف ودخل إلي غرفته لاحظت مريم انه علي غير عادته كلمات مقتضبة ووجه خالي من التعبير, حسنا لقد كان يوما سيئا منذ بدايته, نزلت واتجهت إلي المطبخ لتساعد النساء في وضع الطعام بعد دقائق نزل يوسف وجلس الجميع علي الطاولة لتناول الغداء, بالطبع كانت جمانة تجلس علي يمين يوسف وبجانبها ميادة التي كانت تستمع إلي كل كلمة وكأن حياتها متوقفة عليها, كانت جمانة تلقي الكثير من الدعابات, وتتغزل في سيطرة يوسف علي الشركة وحكمته في أدارتها, خلال كل هذا كانت درة وخالتي صباح يتبادلن النظرات, رمقتني درة بنظرة غاضبة مرة أو مرتين خلال تلك الدقائق القليلة, حسنا جعلني الأمر أبتسم قليلا ,كانت جمانة مازالت تتحدث وتسأل يوسف عن شيئا ما, وكان هو ينظر إلي طعامه دون أن يلمسه, كررت جمانة سؤالها, ولكن يوسف غادر الطاولة وتوجه إلي مكتبه قائلا: مريم أريد التحدث معك مريم: أنا لم أنهي طعامي بعد توقف يوسف وقال: الآن
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD