حبيبتي هي القانون .....
القوانين خلقت ليتم تجاوزها .. أليست هذه حكمة متداولة هذه الأيام .. هل من المعقول ان هذه القوانين وجدت حتى نقفز من فوقها .. ولكن ماذا تشمل هذه القوانين .. القلب ؟ ... الحب ؟ ... أم الانتقام ؟ ... وربما المسامحة .
( لقد انهيت امتحاني منذ قليل ) أجابها الصوت الرجولي عبر الهاتف ( وكيف كان تقديمك ؟)
ابتسمت لكلماته التي طالما كانت مهتمة .. ذات قيمة كبيرة لها .. جرير لم يخذلها أبدا يحفظ كل جداولها .. يعاملها بلطف وكأنها شخص مهم له في حياته .. ولكن بالفعل هي تعتبر شخص مهم أليست زوجته ..
عند هذه الكلمة تلاشت ابتسامتها لتجيبه بكلمات مقتضبة ( كان جيد )
وكأنه فهم ما ترمي له لي**ت عدة ثواني ثم يقول ( حسنا لابد أنك متعبة سوف اتركك لترتاحي )
شتمت نفسها في داخلها ففي كل مرة تفتعل نفس الخطأ ترسل له رسالة لا تهتم .. لا تراعي.. ابتعد فقط .. ولسوء حظها في كل مرة يفهم ما ترمي له فيبتعد بذوق كبير .. وي**ت بطريقة جذابة لتجبر نفسها على الاتصال معه وفتح أي حديث ليعود يثرثر ويهتم فتعود لت**ر الوضع بينهما .
هكذا اعتادت وهكذا تبقى منذ سنة ونص وهما على نفس الحالة .. مد وجزر
يقترب لتبتعد وتجرح .. ثم تعود لتشده لمحيطها فيذوب وينخرط فيها .. لتعود مرة أخرى لتجميده .
اخرجها من بحرها الذي غاصت فيه ومشاعرها الضائعة قائلا ( بالمناسبة صديقي نبيل وزوجته لديهم رحلة إلى لوس أنجلوس .. وقال نبيل أنهما سوف يزروك .. هل ترغ*ين باي شيء من البلاد أرسله لك )
فكت ربطة شعرها وهي ممسكة الهاتف بيد وحقيبتها على كتفها ويدها اللأخرى تحرر خصلاتها مجيبة ( لا شكرا .. لكن زودني برقم نبيل فأنا لا أعرفه )
همهم مجيبا ( سوف ارسله لك بالفعل وبالمناسبة أنت تعرفيه هو من قام بتزويجنا بالمحكمة )
علت الدهشة ملامحها وتوقفت عن السير لحظات ليعلو الادراك ملامحها قائلة ( اااه لقد تذكرته .. حسنا لا تقلق سوف ارحب به ترحيب يليق به )
شعرت به يبتسم عبر الهاتف ليجيب ( أنا واثق .. والآن يجب أن أغلق احدثك مساء ..)
( حسنا )
أوقفها ندائه مرة أخرى لتجيبه ( ما الأمر )
ليقول بتذكر ( لقد أرسلت لك النقود تفقدي حسابك البنكي لا تنسي كعادتك )
ابتسمت مرة أخرى ولكن هذه المرة ابتسامة كانت خارجة من قلبها لتجيبه بكلمة واحدة قبل أن تغلق ( شكرا لك ) .
دائما ما كان جرير دقيق .. لا ينسى شيء .. اقساط الجامعة .. النقود للقرطاسية .. فاتورة الماء والكهرباء وحتى النقود لمصروفها الشخصي ..
كان دقيق جدا في التعاملات المالية وكريم جدا .. سرحت في خيالها بهذا الشخص فمنذ أن تزوجته وسافرت إلى هنا لم تره سوى ثلاث مرات وكل مرة يحدث تصادم بينهما ينتهي بجموده مغادرا أمريكا م**ور الخاطر فتعود لتصالحه مرة أخرى ليرضى ببساطة وهي تضيع في أفكارها .. هل يفعل كل هذا لأنه يكن مشاعر نحوها .. أم كل ما يفعله هو ليكمل الصفقة معها وتعامله معها هو مجرد تعامل عادي يكون بين أي شخصين مضطرين للتعامل مع بعضهما .
لم تنتبه لأفكارها ومكان سيرها حتى شعرت باحدهم يصطدم بها بقوة ليقع هاتفها الذي بقي في يديها أرضا لتصرخ بلغة عربية ( هاتفي )
كانت الفتاة الأخرى واقفة جامدة من صدمة الارتطام حتى نطقت بالعربية ( أنت عربية ايضا )
وقفت نيسان تتفحص هاتفها بهدوء حتى استوعب كلمات الفتاة لتنظر لها متاملة اياها .. فتاة تبدو نشيطة .. التسرع مرسوم على محياها لتجيب بتهذيب ( نعم عربية )
لتمد الفتاة يدها تبادرها بالتحية قائلة ( شغف الشافعي )
ابتسمت لها نيسان مجيبة ( نيسان منصور )
لتقترب الفتاة امثر ( انا اسفة حقا ولكنني معتادة على السير بسرعة .. هل حدث شيء للهاتف دعيني اصلحه لك )
ارتبكت ملامح نيسان ( لا باس ..)
لتعود شغف للقول ( ربما هذا الهاتف فرصة لنكون صديقات )
..............................................
( هل انتهيت عزيزتي ؟)
سالها بابتسامة ارتسمت على شفتيه وهو يراقبها تقف أمام المرأة تضع زينتها بتركيز كبير .. تركيز طالما جذبه .. يحب أن يراقبها .. يعشق تحليل حركاتها وهي تركز على وضع كحلها الأ**د الذي يزيدها أثارة ودلال لا يليق إلا لها وبها ..
لم تلتفت له وهي تمسك قلم الماسكرا وتفتح شفتيها تركيزا لتقول ( على وشك )
ليقترب منها يحضنها من الخلف ويديه تستريح على بطنها وذقنه يستند على كتفها لتمتعض لثانية واحدة فحيل امتعاضها لابتسامة عاشقة ليهمس لها بتعب حل عليه فجأة ( لا أعلم كيف سأتمكن من الابتعاد عنك كل هذه المدة )
تن*دت بحزن فهي الأخرى تشعر بوخز في قلبها كلما فكرت أنه سيغيب .. لن تنام في احضانه كل ليلة .. لن تبكي على ص*ره في كل مرة تكتب مشهد صعب في إحدى رواياتها او تشكي لها عن احد ابطالها الاشرار .. كيف سيبتعد وهذه المرة الاولى له في الابتعاد منذ زواجهما ..
ادارها اليه لتصبح مقابلة له ليتامها بحب وكانه يحفظ كل تفاصيل وجهها وكل رمش فيها ليمسك رقبتها بيده يقربها منه ليطبع قبلة طويلة فوق جبينها ليبتعد بعدها مبتسما ( عليك أن تشتاقي لي كثيرا )
ابتسمت بخفة ( حاضر )
ليكمل وكأنه يدلي بيان عسكري ( ويجب أن تنتهي من روايتك قبل عودتي لأني لن اسمح لك بالانشغال بعد عودتي )
وضعت يدها كتحية عسكرية قائلة ( امرك سيدي )
ليكتف يديه امام ص*ره ( ولا تنسي طعامك )
لتومئ له ب**ت تهم بالاقتراب منه بغية تقبيله ليوقفها ( وامر أخر أيضا ... لا تبتسمي لأحد ولا سيما الرجال )
لتعلو ضحكتها وهي تقترب منه تحتضنه بشوق ووداع .. بحب لهذا الرجل الذي بدل معنى الرجولة في حياتها .
زواجها منه كان اعظم شيء قدمته لها الحياة .. مساندا .. داعم .. يتحمل نوبات جنونها الكتابية .. يستمع لخططها .. شكواها من الابطال .. وحتى شكواها من قرائها على الشبكة العنكبوتية .
...................................................................................................
( لقد جعلته يتركها ) قالت له بخبث وهي تحادثه عن طريق اتصال مرئي معه فمنذ سفر نبيل وهما يتواصلان عن طريق الاتصال المرئي فلا هو استطاع كبح شوقه ولا هي تمكنت من التعود على غيابه بعد كان يجب ان تراه امامه تشكو لها ما تفعله بكتابتها ..
ليسالها ( ولماذا يتركها .. انت من قال انه يعشقها ديمة )
وضعت الوسادة في حضنها تضمها لها ( نعم يعشقها ولكن لابد من الفراق لتقدر قيمة من تحب )
ابتسم لها بمكر وهو يشرب من فنجانه ( هذا يعني أنك تقدرين قميتي بعد غيابي )
اطلقت زفيرا قويا منها وهي تشد الوسادة لحضنها مجيبة ( لا تختبر صبري نبيل أنا اشعر بالضياع بعيدا عنك .. اشتقت لرائحتك .. جسدي يأن ليحصن جسدك )
اسند راسه على يديه وهو يراقبها عبر الشاشة بحب سكن أواصله ( هذا ما تحصل عليه عندما ترتبط بكاتبه .. تنهك روحك بغزلها الذي يصيبك بالمقتل )
علت ضحكتها باستمتاع ليقول بحزم ( ابعدي هذه الوسادة )
نظرت له بعدم فهم قائلة ( ماذا ؟)
تن*د بتعب مجيبا ( انت تحضنين الوسادة بطريقة تجعلني اغار .. انا نبيل رمزي اغار من وسادة .. بالله عليك ابعديها )
لتعلو ضحكاتها في الارجاء وهي تبعد الوسادة بالفعل ليقاطعها ( بالمناسبة مبارك فوزك بالجائزة )
فتحت فمها على وسعه ( وكيف عرفت .. كنت اريد اخبارك بعد قليل )
ابتسم لها ( وكيف لا اعرف كل شيء عن زوجتي .. هل حضرت خطابك وفستانك لتسلمها )
هزت رأسها بلا .( اريد اخذ رايك بهذا الامر )
اجابها بعد تفكير ( ارتدي فستانك الاسود الذي احضرته لك بعيد مولدك ..بالنسبة للخطاب لا يمكنني مساعدتك بشيء .. انت الكاتبة هنا )
ابتسمت له بحب قائلة ( احبك )
.............................................................................
جميلة ... لا بل مثيرة لحد الجنون ...بوقفتها التي تحمل ثقة يعلم أنها مجرد ثقة مزيفة فقلبها يرتجف توترا ولكنها كالعادة حبيبته تعشق التحدي وتكره الضعف ...
راقبها وهي تتحدث وتحرك يديها بكل الجهات ...ابتسم بخفة فهي لن تترك عادتها هذه أبدا تستخدم يديها للتعبير أكثر من ل**نها ...رغم أنها معروفة بطولة ل**نها ...
حقا كانت نجمة .. حديثها وهي تستلم جائزة أفضل روائية لهذا العام ...تبدو كالشمعة المنيرة بذلك الفستان الأ**د "من قال أن الأ**د رمز شؤم فهو غ*ي ...الأ**د ببساطة رمز الأغراء والأ***ة "
يلتف حول جسدها وكأنه هذا اللون خلق لها فقط كان فستان مثير يض*ب رأسه في المقتل لدرجة أنه ندم على اقتراحه لها بارتدائه
لأن كل مايتمناه ويفكر به الآن كيف سيخلع عنها هذه القطعة الموترة لأعصابه ... وبذلك الحذاء الخمري اللون ازدادت ف*نة وأعصابه تزداد انهيار ... فلونه مناقض تماما لسواد فستانها وسمرة جسدها الخفيفة .
كم يتمنى الآن أن يتلمس نوعومة جلدها بيده الخشنة ..
يحتاج الآن أن يحضنها .. أن ي**ر أضلاعها من شدة احتضانه لها ...كم مر من الوقت ثلاثة أشهر مسافر بعيد عنها بسبب العمل بعيدا عن رائحتها التي اختارت ان تكون كالورد ... سيجن من التفكير والنظر إليها ليركز سمعه لها وهي تلق خطابها عله أن يلهي جسده ورغبته بها .. ليصل صوتها لقلبه وهي تقول ( ربما تكون الرواية مجرد خيال من نسج الكاتب ولكن أنا أؤمن أن كل شخص من يملك بطل في حياته .. بطلي ليس هنا اليوم .. رغم أنني أرى نظرات الفخر بعينيه الآن .. من استمع لي .. من جشعني .. من عاش مع أبطال أكثر مما عشت أنا .. زوجي نبيل ..
ذلك الرجل الذي يصفق لنجاحاتي .. يفرح بها وكأنها تخصه .. من ألمح نظرة فخر في عينيه في كل مرة أناقشه بإحدى المشاهد .. بطلي وكل أبطالي .. هذه الجائزة تستحقه أكثر مني
وأخيرا انتهت من الكلام وعمّ التصفيق في أرجاء الصالة ..لقد كان فخور بها وسعيد بنجاحها كلماتها مست شيء في قلبه .. صغيرته كبرت ونجحت .. حبيبته تخط طريقها نحو النجاح فخورة فيه كما هو فخورا بها ابتسم بسعادة وطرف من دموع الاعتزاز في عينيه
.......................................................................................
نزلت من مكان استلام الجائزة مبتسمة ولكنها حزينة وما هي إلا ثوان حتى تبدل حزنها حين لمحته يقف بين الحضور أنيق كالعادة ولكنه كالعادة لا يرتدي ربطة عنق ابتسمت بشر وهي تعد نفسها بتوبيخ له ...لقتربت أكثر تتأمل وجه لقد اشتاقت له حقا ...اشتاقت أصابعها لملمس ذقنه الخشنة ... لدفء حضنه ...تن*دت بشوق ولكنها حاولت ألا تثير الانتباه لنفسها ...عندما أصبحت قريبة منه بادرته ( أين ربطة العنق ...سوف أجن منك )
نظر لها بنصف عين ( أنا بخير ..شكرا لك وأنت كيف حالك )
ضحكت بخفة عليه حتى أكمل ( امرأة جاحدة أهكذا يستقبل شخص مثلي غاب عنك ثلاثة أشهر )
أجابته( شخص مثلك؟ )
اقترب أكثر حتى أطل عليها رغم ارتدائها الكعب ( هل تنكرين أن أبطال رواياتك كلهم سرقة من شخصيتي )
قلدته بنظرة النصف عين وهي تسأله( منك أنت؟)
هز رأسه بثقة ( نعم مني
اقترب أكثر منها يهمس ( وبمناسبة الروايات هل يمكن أن تغادري الآن )
هزت رأسها بموافقة ( نعم يمكن لم يبقى سوى العشاء وهو غير مهم
امسكها من يدها وخرج بها بهدوء من القاعة ...مرت نصف ساعة حتى وصل البيت معها وما أن فتح الباب حتى حاصرها بين يديه والحائط يقترب منها ويغلق الباب بقدمه ( لن تلبسي الأ**د مجددا ... ) لم يمهلها للاعتراض ليقبلها بقوة كانت قبلة شوق وعقاب في نفس الوقت ينتقل بين شفتيها بخفة وحاجة يلهث من شدة التأثر ولكن هذا لا يثنيه عن التهامها أكثر وطلبها أكثر ..
ابتعد عنها قليلا ( وأيضا لا للكعب العالي أبدا ) وعاد لتقبيلها من جديد بقوة أكبر من سابقتها حتى كاد أن يدمي شفتيها ومن يهتم فهو مشتاق ويجب أن يطفئ نار شوقه الآن وقبل أي شيء ..ابتعد عنها يلتقط أنفاسه وهي تلهث بين يديه تكاد أن تسقط من فرط التأثر به لكنها استجمعت قوتها وسألته ( وماذا ستفعل أن قلت أنني سأخالف أوامرك هذه )
)
نظر لها بوقاحة وهو يداعب النبض في رقبتها بهدوء وأثارة (سأتخلص من هذا الفستان فهو يوتر أعصابي )
مدت يدها من فتحة قميصه لتصل لجلده تحرك يدها كما يفعل هو وسألت( و؟)
قال بتوتر أكبر (سأ**ر عظامك هذه يا حضرة الكاتبة )
وقفت على أصابعها تقبل رقبته وهي تبتسم (امممم أعجبني العقاب ..هيا نفذ أيها القاضي المحترم
ضحك بخفة ليحملها بين يديه (الآن لن أكون محترم أبدا ...سأمحو الاحترام والتهذيب من قاموسي )
ضحكت بقوة فهذا هو حبيبها المجنون رغم الوقار الذي يعرف به ولكنه رجل مجنون بامتياز .. تكاد لا تصدق أنه قاض معروف في البلد عندما تراه يتصرف معها بوقاحة في كثير من الأحيان ....
تحتضن جذعه بقوة وتريح رأسها على ص*ره ..هذا هو مكانها الصحيح وهذا ما تتمنى أن تبقى فيه لأخر يوم في حياتها ...قبلت مكان قلبه وأعادت رأسها لمكان القبلة ( هل أخبرتك أنني اشتقت لك )
قبل شعرها وأخذ أكد خصلاتها يداعبها ( أنت لم تخبريني ولكن جسدك وقلبك أخبرني )
شدت من نفسها لحضنه أكثر حتى قال ( مبارك الجائزة يا غاليتي )
ابتسمت بحب ( أحبك ) وغطت في نوم عميق مع شعور بالأمان والحب معه .
...................................................................
هل حقا أي شخص له انجاز واحد فقط ... هل يعقل اننا نملك الحق بالانتصار لمرة واحدة .. في العمل .. في الحب .. في الحياة .. في كل مكان وكل شيء .. هي صخرة واحدة نستطيع ان نحطمها وتجاوزها .. وبعدها نقرر هل سنبقى على اطلالها .. ام نحاول ان نحطم صخرة اكبر وفي كثير من الاحيان نفشل ..
هل يحق للكاتب مثلا ان يحقق اكثر من انتصار فيما يكتب .
ام هي رواية واحدة يحقق فيها الانتصار .. ياخذ الجوائز .. يذاع اسمه اكثر من مشاهير الفن .. اسمه مرتبط باسم هذا الانجاز ... ليصل لمرحلة يصبح انجازه طوق يخنقه .. فكل جملة يكتبها يتم مقارنتها بذلك الانجاز .. كل سطر يبوح به يقاس بتلك الاسطر المشهورة .. كل احساس يكتب عنه يتم البحث عن اوجه الشبه مع تلك المشاعر التي خاضها عندما كتب ب**ة نجاحه وما كتب بعدها ... وكان حياته توقفت عند هذا الطوق الذي لفه حوله بيديه .. هل هي مشكلة القراء ام هي المشكلة بالكاتب نفسه .
تن*دت بالم وهي تشرب من فنجان النسكافيه الخاص بها وتقرا ماكتبت لتشعر به فوق راسها يطل عليها بجسده كما اعتاد يديه تاكأ على حواف كرسيها وراسه قريب من راسها ليسألها بصوته الخشن ( ماذا تكتبين ؟)
تن*دت وهي ترفع نظرها باتجاه اتبسامته الجذابة وذقنه الغير حليقة وتلك الشعيرات الفضية التي بدأت تتناثر عليها تجعل القلب يرفرف لتجيبه ( منشور على الفيسبوك )
لم يرد عليها وعينيه تركز على شاشة حاسوبها ليقرأ ماذا كانت تكتب ليعبس وعينيه تجول فوق الكلمات ليزم شفتيه بعدم رضى فتبادره بالسؤال ( ما الأمر حبيببي ؟)
تن*د دون كلام ليفك أزرار قميصه متجها نحو الاريكة المقابلة لها ( هل تعتقدين أن قرائك سيتقبلون هذا الكلام ؟)
استدارت بجسدها نحوه دون أن تغادر كرسيها لتسأله بعدم فهم ( ولماذا لا يتقبلون ؟)
عاد يتن*د وهو يلف قدم فوق أخرى وعينيه تراقبها ب**ت ليسأل ( أنت خائفة أن لا تكوني على قدر مسؤولية تلك الجائزة التي حصلتي عليها )
ارتبكت عينيها والتقط ذلك الارتباك وفهم ما ترمي له وما تخاف منه ليتابع مراقبتها لتقول بتردد ( ولماذا اخاف .. حصلت على جائزة كنت أطمح لها منذ زمن )
هز راسه بتفهم دون أن يجيبها ليبسم لها بحب وهو يرفع يديه اتجاها قائلا ( تعالي إلي )
وهي فعلت أطاعته كما عادتها سارت نحوه كالم**رة وكيف لا يخدرها وهو حبيبها وزوجها وكل الرجال هو .
اقتربت منه حتى امسك يدها يجلسها بقربه معتدلا في جلسته حتى أصبح مقابلا لها تماما ليقول ( اسمعي طفلتي .. الناس لا تتقبل كل شيء .. في كثير من الأحيان نفضل الكذب والنفاق على الحقيقة المطلقة .. أنها طبيعة البشر ولا يمكننا تغيريها .. نحن مخلوقات تحب كل شيء جميل .. منمق .. مزين .. نكره الاشياء المجردة ومنها الوقائع )
كانت تستمع لكلماته وكالعادة نبيل اخترقها كما لم يفعل أحد من قبل ليكمل ( عليك ان تتعاملي مع البشر بطبيعتك نعم ولكن ايضا عليك أن تضعي في حسبانك أن هذه الطبيعة قد لا تعجب الكثيرون ولا سيما عندما تكوني شخصية عامة .. معروفة ولها اسم )
هزت راسها والاقتناع بادي عليها تماما نعم فهو محق .. طالما احببنا المديح .. من منا لا يحب أن يتم مدحه .. حتى قرائها يحبون أن تمدحهم .. تشكرهم
اخرجها من تفكيرها وهو يفك ربطة شعرها المرفوع لفوق ليستريح عند كتفها ليسالها ( والآن اجيبي هل تعتقدين أن قرائك سيحبون هذا المنشور أو سيوافقون على ما كتبتيه )
ضاعت نظراتها قليلا لتقول ( البعض قد يتقبله )
ليكمل عنها ( والبعض قد يعتبره تقليل من ثقافة القارئ )
فتحت عينيها وهي تستوعب كلماته لتقول ( لم أفكر هكذا ابدا )
قرصها من خدها كما اعتاد أن يفعل ( أنا هنا لأفكر عنك بما تنسي لأن تفكري به )
أنزلت راسها بخجل وهي ترتمي بحضنه مقبلة فكه ( لهذا أحبك )
فتح عينيه بمكر ( فقط لأجل هذا )
هزت رأسها ضاحكة بشغب ( بالطبع )
لحاول أن يبعدها عنه بغضب مصطنع ( ابتعدي حالا )
علت ضحكتها وهي تراقب نظراته العاشقة لتدفن رأسها قرب قلبه باريحيه ( لا أريد .. هذا المكان حقي أنا )
شدها لحضنه بقوة وهو يسترخي في جلسته لترتاح في جلستها هي الأخرى ليجيبها بصوت خافت ( أنا كلي حق لك ..سمائي )
ابتسمت بشغف له .. فهذا هو المكان الافضل في العالم بالنسبة لها .
ابعدها مرة اخرى عنه ليسالها ( هل حضرتي كل شيء من اجل السفر )
اومات له ( اكون سعيدة حين نسافر معا )
اعادها لاحضانه وهو يقبل انفها بطريقة عفوية ( انا من يكون سعيدا حين اكون معك )
.
............................................................................................
بين ريتا وعيوني بندقية
والذي يعرف ريتا , ينحني ويصلي
لإله في العيون العسلية
كما هي العادة لا بد أن تصدح هذه الأغنية في بيتهم كل صباح .. حتى أصبحت الزائر الصباحي الدائم لهم ..
صوت العود الذي يصدح في زوايا البيت ليناقض البلاد التي يقطنون فيها .. من قلب التقدم والسرعة .. الاغاني السريعة التي غزت العالم .. هذه الأرض الأجنبية التي اصبحت بيت لهم ما زال عود مارسيل ي**ر هذا الروتين كل صباح وكأنه تذكير لهما بارضهم أو ربما هو تذكير لأمها لشيء لا تعلم ماهيته ..
خرجت من غرفتها مستمعهة يصوت مارسيل وهو ينطق اسم ريتا ويتغزل به لتلتقط والدتها وهي تصب القهوة العربية في فنجاني .. حتى القهوة العربية ما زالت عادة يومية لا تتغير لتقترب منها تقبل قمة راسها قائلة ( الذي أعرفه أن فيروز هي العادة الصباحية للعرب ولكن أنت دائما تستمعي لهذه الأغنية فقط )
ابتسمت أمها وهي تناولها فنجانها لتأخذه شغف منها وهي تجلس بالكرسي المقابل ( هذه الأغنية لا تشبه أي أغنية ثانية ابنتي )
ارتشفت من فنجانها قليلا لتضعه على الطاولة وهي ترفع شعرها تربطه قائلة ( وما المميز فيها )
غمزت لها أمها بشقاوة ما تزال تحتفظ بها ( الا يكفي أنه يغني لي يا فتاة )
علت ضحكة شغف المستمعة مجيبة وهي تردد مع مارسيل باندماج ( اسم ريتا كان عيدا في فمي ..
جسم ريتا كان عرسا في دمي )
ابتسمت لها والدتها ( صوتك جميل )
هزت شغف رأسها بفخر وهي تضحك ( سوف اترك الصحافة وأصبح مطربة )
..
علت نظرة الخوف وجه والدتها لتقول بشكل قاطع ( هذا مستحيل )
انتفضت على كلمات أمها الرافضة .. لطالما كانت امها رافضة لفكرة الشهرة ولا سيما الغناء .. حاولت أن تعلم ولكن في كل مرة تغلق الحديث معها دون أن تسمح لها بمناقضة أي شيء ..
تن*دت وهي ترسم ابتسامة على شفتيها مقتربة من والدتها تقبل خدها ( كنت أمزح أمي .. ثم أن حلمي هو اخراج افلام وثائقية .. وليس الغناء )
احتضنت ريتا شغف بخوف .. لا تريد لابنتها ان تفكر بهذا الخيار ابدا .. للاسف قد ورثت منها الصوت الجميل ولكن يجب عليها ان تبقيها بعيدة عن أي شيء قد يزرع في حياتها أي عثرة حزن .. يجب ان تبعد ابنتها عن ما عاشته هي .
عاد تركيزها مع شغف ( سوف اذهب لرؤية نيسان اليوم .. هل تأتين معنا سنذهب لمركز التجميل )
ابتسمت لها في محاولة لتغير الاجواء التي توترت ( هل ستغير صبغتها ؟)
ضحكت شغف بقوة ( انها مجنونة .. تغير لون شعرها اكثر من تغير ثيابها )
اخفضت صوت التلفاز عند انتهاء الاغنية لتقول ( كل منا له هواية ورغبة في شيء ما .. هواية ينفس بها عن ما بداخله .. ونيسان وجدت بتغير لون شعرها هذا المنفس .. في كل مرة قد تشعر ان روحها تجددت )
أومأت شغف لكلام والدتها مضيفة ( معك حق ولاسيما علاقتها بجرير التي تميل على حافة الجرف .. فلا تعرفين هل هما زوجين أو غريبين )
**تت ريتا دون ان تضيف شيء لكلام ابنتها .. معها حق منذ ان تعرفت شغف بنيسان واصبحتا صديقتين ووهي لا تعرف علاقة نيسان بزوجها .. هي لم تسال ونيسان لم تحكي أي شيء .. ولكن كانت نيسان فتاة جيدة
.. صديقة مناسبة لشغف لتربطها باصلها الشرقي .. فاكثر ما حاولت ريتا غرسه بابنتها هو الاصول الشرقية .. ان تجعل ابنتها عربية خالصة لا تتاثر بالمجتمع الامريكي الذي اضطرت ان عيش فيه ..
انتشلتها شغف من افكارها متسائلة ( لد*ك دروس اليوم )
اومات ريتا لها ( لدي حصة واحدة ودرس خصوصي لطالب )
هزت شغف راسها بتفهم وهي تغادر الصالة ( سابدل ثيابي واذهب لنيسان