* الحلقة الثانية * الوحوش المستئذبة *

3632 Words
ساءت حالة أمير كثيراً بعد أخر مكالمة بينه وبين هوليا وغضبها علية و تهديده برفع قضية طلاق و الانفصال عنه ، فبرغم كل ما حدث و غضبه الشديد مما فعلته به واخذها لابنتهم وسفرها لأمريكا عند والدها دون اخباره إلا انه كان يلتمس لها الأعذار على أمل ان تعود الحياة بينهم لمجراها الطبيعي كان ينتظر خروجه من السجن حتى يذهب إليها ويصلح ما بينهم لأجل طفلتهم لهذا كانت كلماتها و طلبها للطلاق منه بمثابة خنجر غرِز في القلب المكلوم المجروح بأمريكا وبمنزل اصلان بيه كانت صافية هانم أم هوليا تراجعها بغضبها على زوجها قائلة " اعتقد أنكِ غضبكِ كان زائداً عن الحد هذه المرة ، فبالأخير هو والد لي لي وايضا ما زال زوجك وأيضا وأيضا " **تت أمها، لترد هوليا بنفس غضبها التي انتهر مكالمتها به قائلة " ماذا وأيضا ماذا؟" تحدثت صافية مرة أخرى وهي تجلس على مقعد كبير فخم ذات ظهر مائل ليزيد من راحة الجلوس عليه تنظر لمجلة الموضة التي بيدها دون الاهتمام بالنظر لابنتها قائلة " انتِ السبب بغضبه وعصابيته فهو يعتقد انكِ السبب بما هو به ، اعني قصة الاوراق وتحايل الراجل عليكِ حتى اخذوها منكِ وكأنكِ طفلة صغيرة بجانب طبعا الاموال التي اخذتِها منه قبل سفرك ، لا اعلم حتى الان لماذا فعلتِ هذا هل نحن بحاجة للمال كي تأتي بها وتصرخي بوجهه انها ثمن السنوات السابقة... " قاطعتها هوليا بصوت عالٍ قائلة " ماذا تقولين انتِ " نظرت لها بقوة لترفع صوتها اكثر وهي تقول " أمي انظري اليَّ ماذا تقولين...على الاقل انتِ كوني بصفي لقد شرحت لكِ اكثر من مرة لقد تحايلوا عليَّ و اخبروني انهم يريدون الأوراق لأجل امير، حتى اتصلت به لأكثر من مرة ولكن كانوا قد استولوا على هاتفه وارسلوا لي رسالة منه كي اسلمهم الاوراق ، ماذا تريديني ان افعل امام هذا من انا كي أجابه اشخاص كهؤلاء، هذا بالنسبة للأوراق لا أريد ان اشرحها مرة اخر، و اما المال فلقد وضعته باسم ابنتي اعلم انه لا حاجة لي به ولكني احترق كلما تذكرت الايام والسنوات التي مرت وان تحت سيطرته ازداد اغتياظا كلما اتذكر كيف كنت ساذجة اسمع كلامة تحت مسمى الحب ، اتمنى ان يشعر بالنار داخله كما اشعر انا ولكن لا اعتقد سيحدث هذا فهو فقط يحاول اغضابي بمسألة الاموال فثروة تارهون وايضا امينة هانم التي كانت تدور الدنيا حولها وهي جالسة على مقعدها كافيان ان يجعل منه ملكاً" استقامت صافية هانم بجلستها وتركت المجلة التي بيدها جانباً وهي ترد على ابنتها قائلة " رحمة الله تنزل عليها كان الجميع يدور حولها حتى وهي بهذه الحالة " ثم اخذت نفساً عميقا شردت به لتتذكر أمينة هانم ومكانتها القوية بالمجتمع المخملي فرغم انه قعيدة لسنوات طويلة الا انها كانت مميزة جدا لا تخجل من وضعها كانت تلف الدنيا بهذا المقعد المتحرك حتى انها كانت تتألق بالحفلات واجتماعات الجمعيات الكبرى ليلمع اسمها بتركيا كلها تحدثت صافية من جديد قائلة " مازالتُ أُذكركِ انه زوجكِ و والد ابنتكِ ان اردتِ الطلاق فلا يكون بهذا الشكل ولا بهذه الطريقة" ردت عليه ابنتها وهي غاضبة لتقول " عن اي زوج تتحدثين لقد كان خطئي من البداية لا أعرف كيف تحملت تحكمه بي لسنوات لا ترتدي هذا, و لا تخرجي مع هذه , و لا تضحكي أمامهم و لا تتكلمي ولا ولا ولا لقد سئمت تحملت و قلت انهُ يحبني ولكن يكفي بهذا القدر سأجعله يدفع ثمن ما فعله بي " ردت صافية عليها بابتسامة ساخرة وهي تقول " من يسمعك تتكلمين يعتقد أنكِ تزوجتِ رغماً عنكِ لا يفكر نهائياً أنكِ وقفتِ أمامي انا واباكِ حتى تتزوجيه أليس هو حب حياتك كما كنتِ ترددين " تحركت هوليا وهي تقول بعصبية " اوووووف ألا تملي من تكرار نفس الكلام " جاءت إليهم المربية وبيدها الطفلة الجميلة لي لي، و هي تخبرهم انها لا ت**ت و تبكي طوال اليوم وخاصة بليل اقترحت عليهم المربية ان يعرضوا الطفلة على الطبيب فلربما تكون مريضة ونحن لا ندري اقتربت هوليا من ابنتها وبدأت تكلمها وهي بيد المربية قائلة " ابنتي الجميلة ما بكِ ؟ لماذا كل هذا الصراخ حتى انا اسمع صراخكِ من الأعلى " كانت الطفلة ترفرف بيدها كي تلقي نفسها في حضن امها أخذتها هوليا من يد المربية وهي تضحك لها وتداعبها قائلة " هل اشتقتِ لي" اقتربت صافية هانم من حفيدتها وهي بحضن امها قائلة بوجه مبتسم " لقد أصبحت نسخة طبق الاصل منكِ انها تشبهكِ تماماً " حركت هوليا يدها على رأس ابنتها لتلامس شعرها الذهبي الجميل بحب و فرح، ولكن لم تكتمل سعادة لي لي بحضن أمها سوى دقائق معدودة تقيأت بعدها عليها بشكل سيء صرخت هوليا بوجه الطفلة وألقت بها في يد المربية بقوة وهي تتحرك غاضبة ساخطة عليها وكأنها شخص كبير فاهم ما فعل وكأنها بإرادتها تقيأت كانت تصرخ وهي تركض على الدرج للصعود لغرفتها قائلة " انها شبيهة ابيها لا تفهم بأي شيء ولا ينفع معها المعروف" بهذه اللحظة وعلى غير العادة اشفقت والدة هوليا على حفيدتها اقتربت منها وهي تتحدث مع الطفلة و تداعبها وهي تتحمل رائحة قيأها بصعوبة ، لكن كان هذا دون فائدة فنظرات الطفل لم تسقط من على امها من الاعلى وهي تبكي دون توقف وجهت صافية هانم أوامرها للمربية قائلة " اذهبي وحمميها... من الواضح انه يجب علينا استدعاء الطبيب الخاص بها " تحركت المربية بالطفلة التي لازالت تصرخ باكية و عيونها نحو الدرج خلف امها نادت والدة هوليا على الخادمة بق*ف كي تأتي وتنظف المكان وبعد وقت قصير جاء الطبيب بالفعل وبعد معاينة الطفلة و فحصها اتضح ان لديها اضطرابات بمعدتها تزيد مع تناول الطعام مما يؤدي الى مغص قوي وتقيء ببعض الاوقات اوصاهم الطبيب ان تتدفأ جيداً وخاصة عند نومها، نظرت هوليا بغضب نحو المربية وهي تسمع للطبيب ليكمل الطبيب شرح الوضع وكيفية اعطاءها علاجها وكيفية تنظيم طعامها مع الدواء. لم ينتهي الأمر الى هنا وحسب فلقد قررت هوليا ان تعاقب المربية على اهمالها وان تنهي عقدها معهم والبحث عن بديل فوري قبل ذهابها وبالفعل لم ينتهي اليوم حتى أتت مربية جديدة لتحمل مسؤولية الطفلة ، وكأن كل الخطأ على المربية ، وكأن تغيرها سيصلح الأمر وكأن هوليا مديرة اعمالها تعين لها موظفين جيدين وليست امها تجولت ريحان بين متاجر الملابس والاماكن المجاورة كي تتعرف على إسطنبول الجميلة فهي غير معتادة على الخروج والتجول وحدها ... اعجبت كثيراً بالأجواء و وجهات المتاجر الفاخرة و ايضا الساحل فهي تحبه وكانت متشوقة كثيراً للجلوس عليه ولكنها لم تستطع فخوفها الذي يظهر بخطواتها الثابتة القوية وهي تحاول ان تبتعد عن التجمعات والمارة و يديها الممسكة بحقيبتها وكأنها تحتمي بها ، بل و بنظرات عيونها الحادة التي تراقب من حولها يعلم جيداً صعوبة ما تعرضت له عادت ريحان من رحلتها الممتعة والمتعبة بنفس الوقت بسبب حالة الخوف والترقب التي كانت بها قررت أن تطمئن على السيدة أمينة قبل صعودها لمنزلها دخلت بهدوء حتى لا توقظها وتركت باب الشقة خلفها مفتوحاً حتى تصعد لمنزلها على الفور نظرت نحوها لتجدها نائمة ألقت النظر على ادويتها لتتأكد أنها تناولتها ثم تحركت للمطبخ لتطمئن على الغاز والوضع بالمطبخ لتجد ما توقعت فكان الطعام خارج البراد دون اهتمام أخذته من أعلى الموقد ووضعته بمكانه بالبراد ، و عندما استدارت لتخرج وجدت أمامها شخص يضحك بوجهها صرخت بصوت عالي خائفة وهي تتراجع للخلف لتبتعد عن هذا الشخص وهي تحتضن نفسها بعيون متسعة كان عمر يهدئ من روعتها وخوفه وهو يقول لها " هذا انا , هذا انا لا تخافي " رفع يديه لأعلى وهو يراقبها بعينيه وضعها فهي غير طبيعية التقطت ريحان أنفاسها بصعوبة ، تحرك عمر وأحضر لها كأس ماء ومدهُ نحوها اخذته منه وشربت منه وعيونها تنظر للأرض بدأ عمر حديثة بصوت هادئ قائلا " لقد أتيت باكراً اليوم ورأيت باب المنزل مفتوحاً لهذا دخلت لأنظر ما الأمر لم أكن اتوقع وجودكِ و ترككِ للباب مفتوحاً فهذا ليس من عادتكِ " ردت ريحان علية بعد ان استجمعت نفسها بعصوبة قائلة " لقد عدت للتو من الخارج وكنت اطمئن عليها ، لم اتوقع تأخري بالداخل لهذا تركته مفتوحاً " فرح عمر انها بدأت تخرج من عزلتها ورغبتها بالتعرف على المدينة بعد مرور ستة أشهر من مكوثها بها ، ولكن هذا لا حقيقة استغربه من رجوعها بهذا الوقت فهو يعلم جيداً انها ليس لديها احد بإسطنبول وليست من هواة الخروج.... سألها عمر عن مقابلات العمل ولكنها وقفت أمامة مرتبكة وغير مرتاحة تنظر بعيون غير ثابتة، حاول ان يخرجها من حالتها وان لا يتركها حتى يطمئن عليها ولكن مع الاسف لم يستطع تحرك عمر وغير كلامه قائلاً " لنكمل غداً حديثنا اذهبي لترتاحي الان ونتحدث صباحاً مطولاً" خرجت ريحان من منزل أمينة وصعدت منزلها ، ليتحرك عمر ويجلس بجانب أمينة التي استيقظت على صوت صراخ ريحان وخوفها حين رأته فاجأة عادت ريحان سريعاً لتأخذ حقيبتها فلقد نسيتها بغرفة أمينة عندما كانت تطمئن عليها لتجد عمر يجلس بجانب فراشها يحدث بصوت منخفض قائلا " لا تقلقي عليه.. هو بخير إنه أمانتي إلى أن أسلمه لكِ وهو بأفضل حال " دخلت الغرفة بهدوء وهي تنظر نحو حقيبتها قائلة " لقد نسيتها من أجل المفتاح لهذا عدت " اخذتها و تحركت لتصعد لمنزلها دون كلام خرج عمر خلفها ولكنه توقف قبل خروجه من الباب شارداً يحاول ان يحل لغزها وحالة الذعر التي هي بها صعدت ريحان لتدخل منزلها سريعاً وهي حزينة على خجلها من عمر ، فلقد فضحت من جديد أمامه فهي تريد و تتمنى أن تكون طبيعية ، تريد وبشدة أن لا تخاف وان لا تتأثر بذعرها الداخلي ولكنه شيء غير إرادي يظهر فجأة ليسيطر عليها، حينها لا تستطيع أن تتنفس او تتحرك او حتى تفكر تتوقف كل اعداداتها ، تختنق وكأنها ستموت من خوفها فهذه هي الحياة ليست كل الأمور كما تظهر لنا من الخارج فهناك جروح بداخلنا تسيطر علينا نحاول دفنها والتغلب عليها ولكنها مع الأسف تجد اللحظة الغير متوقعة وتسيطر هي علينا بل تمتلكنا فنصبح كالرماد تحتها ابدلت ملابسها وتوضأت للصلاة التي تحرص على ادائها كي تحفظها من شر الناس فهذه وصية خالتها لها حين و هي تودعها قائلة " عندما تجدين نفسك وحيدة , و عندما تجدين نفسك خائفة , و عندما تجدين نفسك بخطر ليس أمامك سوى الله ألتجئ له ليحفظك فطالما حفظتي صلتكِ به حفظك هو و فتح لكِ الأبواب ، والصلاة يا ابنتي صلة العبد ولقاءة اليومي به وهي حفظنا بهذه الحياة " تمسكت بنصيحة خالتها و عملت بها حتى وهي بأصعب أوقاتها تلجئ للصلاة واحتضان القرآن و هي نائمة بوحدتها لتسيطر على الخوف والرعب الذي يملأ قلبها المدمر كل ليلة انتهت ريحان من صلاتها ودعائها الثابت دوماً ان يحفظها الله ويشفي ذات سرورها، التجأت لفراشها او بمعنى اخر مخبئها و أمسكت دفترها الذي أصبح رفيقها بهذه الحياة لتحدثه بما يجول بعقلها وقلبها فتحت صفحة جديدة لتكتب بها " سأظل رماداً تحت آلامي، سأظل لغزاً أمام كل من يقترب مني " ثم تن*دت بحرقة ألمها و قالت لنفسها دون ان تكتب " و علي ان أبقى لغزاً أمام الجميع كي لا " و**تت لترفع غطائها عليها وهي تنظر للفراغ بعيونها الثابتة و دموعها الهادئة الصارخة المتقطعة وكأن هذه الدموع تسقط من بين الصخور المتحجرة كانت تبكي وتصرخ من نارها ولكن ب**ت وألم عميق لا يعلمهُ سوى الله بقسم الشرطة كان هو ايضا ليس بخير يسير بغرفة حجزة وهو مختنق يتنفس بصعوبة وكأن السماء ضغطت على الأرض وهو بمنتصفهم يتحرك بوجه الاحمر المتعرق و الغاضب ، و عيون الدامعة كلما تذكر صوت ضحكات ابنته الجميلة التي لا يغيب وجهها عنه ألمه قلبه عليها كثيراً فهو يعلم حال أمها ويعلم أنهُ وأمهُ أمينة فقط من كانوا يهتموا بها مرت الليلة بما تحمله من حزن وخوف و تفكير من جهة عمر الذي كان يسعى دائماً لحل لغز ريحان ليست فقط الليلة هي من مرت بل مر معها عدت ايام واسابيع بهذا الحال كانت ريخان خلالهم تخرج كل يوم باحثة عن عملاً مناسب لها وكانت آسيا هي من تتابع حالة السيدة أمينة بغياب ريحان لأجل عمر والتقرب منه. اما هوليا فوضعها كان الافضل من بينهم فلقد افتتحت معرضها الكبير بمشاركة عدة أسماء مرموقة بمجالها كان المعرض محدد له البقاء اسبوعاً كاملاً تحت الاضواء لعرض أجمل اللوحات الفنية . وكالعادة تزدهر هوليا وتتألق تحت الاضواء فكانت تتحدث مع هذا وتضحك مع آخر بخلاف الذين يأتون إليها كي يطلب منها ان تتصور معهم للذكرى بالأصل تستحق هوليا هذا النجاح فهي موهوبة بتخصصها وكانت احدى أبرز التلاميذ بجامعتها تفوقاً حتي انها حازت على تقديرات مميزة أثناء تخرجها من الجامعة مما جعلها الاولى بتفوق على دفعتها ولكن هذه الاضواء وهذه الفرصة بالنجاح من صنع والدها ذو المال والنفوذ العالية بمكانه. كانت كل ليلة تنجح بها وتزدهر تندم على العمر الذي امضته مع أمير . لتصف نفسها دائماً انها غ*ية حمقاء فلقد سمعت صوت قلبها فقط ووقفت أمام والديها قبل زواجها فهما كانوا دائماً ينصحاها بأن لا تستعجل على الزوج وان أمامها نجاحات كثيرة عليها تحقيقها قبل الزواج كانوا يرفعونها للسماء وهم يصفوها أمام نفسها بأنها جميلة وموهوبة وذكية وصاحبة مال ونفوذ وانها لا يمكنها دفن نفسها خلف ستار الحب والزواج (مع الأسف هناك الكثير من هذه العينة يفكرون بالحياة والسعادة من منظور أخر ولكنه لم ينجح معهم الامر ، حتى اوقات تفكيرهم هذا يكون سبب كبير بتعاستهم هم و أبنائهم فحين يهتم الإنسان بجانب واحد من حياته وان يرى نفسه لا أحد مثله ولا بقدره , تبدأ اول خطوات الانهيار الداخلي فتكون الحياة دون سعادة يسعى الإنسان دوماً للبحث عن المثالية الأنانية ولكن دون جدوى فلا يوجد سعادة بهذا المنطق احادي الزوايا ) كان هذا السبب هو دوماً ما يجعلها تبتعد عن ابنتها وبناء حواجز كثيرة بينهم حتى أصبح القلب صلباً لا يشعر بالأمومة. فهي دائماً تنظر لطفلتها انها نتاج قرار خاطئ وانها شبيهة ابيها لقد كبر الغرور وحب النفس بداخلها شابة جميلة لا يمكن لأحد أن يقف أمام سعادتها ونجاحها المرموق كما تحلم بهذه الآونة بدأت حالة السيدة أمينة تتدهور فهي تنام كثيراً صباحاً وليلاً على غير عادتها ، نتيجة استهتار آسيا بالالتزام بمواعيد الأدوية الهامة مما ادى سوء حالتها الصحية فهي بخلاف عجزها ومشاكلها مع الضغط والسكر قد اصيبت بخلل في وظائف الكلي و **ور بوظائف الكبد بسبب حادث تعرضت له اهتمت آسيا بالأغاني والشعر والملابس والهاتف الذي لا يسقط من يديها ونسيت أمر أمينة بغيابهم ، والاكثر من هذا فإنها تقوم بتخبئة الجرعة والتخلص منها حتى لا أحد يلاحظها أحد و يحزن عمر منها? لاحظت ريحان ارتفاع حرارة أمينة وتغير لون وجهها ، كانت تحاول ان تتحدث معها وهي تراقب اي ردت فعل منها ولكن اصبحت أمينة لا تستطيع حتى فتح اعينها استدعت عمر سريعاً من عمله ليأتي و معه الطبيب الخاص بأمينة وبعد الفحص وجد الطبيب أن الضغط منخفض كثيراً و نسبة السكر مرتفعة بالدم، بجانب اعراض نتجت عن زيادة خلل وظائف الكبد والكلى حاول الطبيب السيطرة على الوضع و وضع لها الأدوية بالمحلول الطبي وجلس بجانبها لعدة ساعات حتى اطمئن ان الوضع بدأ يستقر أخبر الطبيب عمر عندما خرج من الغرفة " ان هناك شيئا غير مفهوم إما انها لا تأكل فحدث الهبوط بالضغط وهذا غير وارد لان سكرها عالي والكلى والكبد متأثرين، او كما انا اعتقد انه له علاقة بتناول أطعمة ممنوعة بكمية كبيرة بأوقات غير منتظمة.. وهذا أيضا لا ارشحه لان النسب التي أمامي تؤكد لي أن أمينة هانم لم تتناول الأدوية المهمة بشكل منتظم وان هناك قصور بهذا الجانب" اكمل الطبيب قائلا "لقد مرت على خير هذه المرة ولكن ان تكررت مرة اخرى ستكون العواقب كبيرة لأنها ما زالت لم تتعافى من آثار الحادث " كان عمر يستمع للطبيب وهو غاضباً ، تمالك اعصابه و هو يرد علية و يطمئنه قائلا "سنتابع دوائها بشكل أفضل أعدك لن يتكرر نفس الخطأ مرة أخرى " اعترفت آسيا بخطئها أمام ضغط عمر عليها، و اخبرته انه كان يحدث دون قصد منها وهي غير معتادة على أمر كهذا عدلت ريحان مواعيد دواء أمينة بأوقات تواجدها هي وعمر بالمنزل فهي ذو عقل حكيم تستطيع ادارة المواقف جيداً خرجت مشكلة أخرى خلاف تنظيم مواعيد الدواء ولكن هذه المرة يجب على عمر ان يحلها ، فعندما علم أمير بوضع امه واضطراب حالتها الصحية تغير كثيرا ليصبح شخصاً اخر لا يستطيع احد السيطرة عليه كان صوته يئن بالصراخ ليسمعه كل من في القسم، حاول عمر كثيرا بترويضه وتهدئته ولكن دون فائدة كان امير يقول له " اخبرتك ان لا تبحث عن عمل.. اعطيها ما تريده خصص لها مبلغ كبير شهرياً كي لا تتركها" حاول عمر ان يشرح له الوضع ورفض ريحان هذا المبدأ وانها تعتبرها امها وتساعدها لكي ت**ب رضا الله فقط ، لم يستجيب له كان يصرخ بوجهه كي يجد له حل فهو لا طاقة له بتحمل المزيد وعده عمر ان يجد له حلا وان يعمل جاهداً من اجل القبض على من اجبروه بتحمل هذا الوضع ومحاسبتهم ولكن بشرط عليه ان يهدأ اولاً... كان بحث ريحان عن عمل غير سهل .. لقد ارهقها كثيرا حتى كادت تفقد الأمل في ان تجد لها عملاً تخرج لتقدم ملفها بأكثر من شركة و تعود بوقت مبكر بحيث لا يتعدى مكوثها خارج المنزل الساعة الثالثة من أجل رعاية أمينة. ولكن الامر ليس بيدها فهي تتنقل من عنوان لأخر ومرتبطة بمواعيد الباصات لتتأخر بهذا اليوم عن العودة مبكراً حتى جاءت الساعة الخامسة وهي ما زالت بالخارج لهذا فهي مسرعة بسيرها من اجل الوصول بأسرع وقت لإعطاء الدواء للسيدة أمينة اقتربت من البناية بهذه السرعة لتصطدم بشخص كان يأتي هو أيضا بسرعة وارتباك من الجهة الجانبية دون ان تلاحظها ، ليكون الاصطدام بشكل قوي أمام مدخل البناية الخاص بها و كالعادة تفزع ريحان وترتجف عندما يلمسها اي شخص نظرت له بعيون متسعة ليعتذر الرجل منها قائلاً " هل تأذيتِ هل أنتِ بخير اعتذر منكِ " بقيت صامتة أمامه بجسدها الذي ارتجف واهتز من جديد ، اقترب منها كي ينظر لها جيداً هل تأذت أم لا... ليتفاجأ بها تصرخ بوجهه و تتحرك مسرعة لتدخل بنايتها و تصعد الدرج استغرب هذا الرجل من حالتها واكمل سيره ولكن الغريب بالأمر أنهُ دخل البناية و توقف أمام منزل عمر وهو يراقب الأرجاء ليتأكد انهُ لا أحد فتح الباب و دخل بهدوء واغلقه خلفه. كان متحمساً بشكل كبير يتحرك بكل مكان بالمنزل قائلا " كعادتك لم تهتم بشيء من يراك يستغرب كثيرا كيف بشخص مثلك ان يكون ضابط ، وكأنك شخصين بشخص واحد ابتسم وجههُ وهو يشاهد صور ابنة عمر على حائط الغرفة . خرج للصالون وجلس على الأريكة وهو يفرد يديه وارجله ليستمتع بالراحة حتى أنهُ تحرك بمكانه و رفع ارجلة ليستلقي على الاريكة كي يريح ظهره.. ولكن لم يلبث كثيراً بنومته على الأريكة المريحة ، حتى فُتح باب المنزل ودخل عمر عليه ليتحرك سريعاً وهو ينظر له رافعا يده فرحاً، ليبتسم عمر هو ايضاً قائلاً " لقد فاجأتني ما هذه الحالة ، ولكن اهنئك أنهُ طراز مميز يليق بك كثيراً " ووضع يده على كتفه قائلاً " هل ذهبت إليها، ام كنت تنتظرني " رد علية امير تارهون قائلا " لا، انتظرتك لندخل سوياً و حتى لا ازعج ريحان هانم " ضحك عمر وقال "خيراً فعلت بالأصل هي لا تسمح بدخولك بمفردك وأيضا بهذه الحالة التي انت عليها، من اين وجدت هذه الملابس ستجعلني اكافئ أمين افندي عليهم " تحركا سوياً نحو منزل أمينة والدة أمير، اقترب عمر و دق الباب أولا قبل دخوله نظر له حسن مستغربا ليقول له عمر " لأجل ان تأخذ حذرها فهي محجبة " فتحت ريحان الباب لتتفاجأ بعمر في هذا الوقت وايضا بجانبه هذا الرجل الغريب بشكله وملابسه فكان الرجل بهيئة غريبة فشعرهُ طويل يرجعه كلهُ للخلف عن طريق مثبت خاص لامع وايضا هناك سوالف طويلة تصل لأسفل الأذن بشكل كبير وشارب طويل عريض كثيف كأفلام السبعينات فشكل وجهه لأول وهلة مخيف وكأنه شخص م***ف لان أيضا ملابسه غريبة لا يهتم بها وكأنه يتبع موضة من قديم الازل قميصه مزخرف برسومات والوان مزعجة يظهر عليه الفقر او الحالة المتعسرة . دخل عمر وهو يبتسم لريحان قائلاً " اعتذر لعدم تحدثي على الهاتف قبل قدومنا " ونظر لصديقه وهو يضع يده على كتفة قائلا " اعرفك على ضيفنا السيد حسن ابن أخو السيدة أمينة ، جاء من سفره ويريد رؤية عمته " تحدث أمير بوجه مبتسم قائلا لريحان " اعتقد انه ليس لقاءنا الاول " ونظر لعمر ليقص علية ما حدث امام البناية واصطدامهم تحركت ريحان للخلف صامتة دون ان تجيبه ما زالت متأذية من شكل حسن وهيئته وطريقة سيره الغريبة وكأنه يسير بأكتافه ابتسم و دخل ببطء وهو ينظر لها و يشكرها بأدب وذوق عالي هزت ريحان رأسها بهدوء وهي تستغرب حالته ، فصوته وطريقة كلامه لا تتماشى مع هيئته ووضعه.... ولكنها كالعادة خجلها امام اي شخص غريب جعلها مخفضة الاعين ومحمرة الوجنتين تحرك عمر وهو يشير لحسن اتجاه غرفة أمينة قائلاً "تفضل غرفتها من هنا اعلم جيدا انها اشتاقت اليك " وقفت بالخلف تراقب بعيونها وضع عمر والضيف المبهجة... تحركت واقتربت من باب الغرفة لتجد امامها لقاء مفعم بالبكاء فأمينة التي لا تتجاوب مع اي احد بسهولة كانت تبكي بقوة حتى اهتز جسدها من البكاء.. كانت ترى من يُدعى حسن يبكي وهو يحتضنها ويقبل يدها ويعتذر منها و يعدها بعدم تركها مرة أخرى ولكن الاغرب من هذا كله بكاء عمر معهما وقفت ريحان تراقبهم وهي تقول لنفسها " هل يكون لقاء العمة بهذا الشكل وان كانت علاقتهم بهذه القوة فكيف يتركها وحيدة هكذا" نظر عمر لريحان و وقفتها خارج الغرفة وهو يتحرك نحوها ماسح دموعه ليقول " حسن شخص مقرب جداً من أمي فهي من اهتمت به وكبرته.. فهناك علاقة قوية بينهم" استمرت عيون ريحان على حالة حسن وأمينة وهي تستمع لما يحدثها عمر عنه .. نظر عمر هو ايضا لحسن فوجده قد إنهار بالكامل، يقبل يدها ورأسها ويحتضنها ويعتذر منها بشكل متكرر و بقوة. علق بذهن ريحان مظهر حسن وهيئته وصوته ليتكرر المشهد امامها حتى بعد صعودها لمنزلها انهت صلاتها لتشرد مطولاً وهي تنظر امامها تتذكر وجهه الغريب عند الاصطدام وحالته المرتبكة وقفت وهي ترفع سجادة الصلاة لتضعها جانبا وتتوجه لفراشة بهدوئها الداخلي قبل الخارجي والشرود التام.. نامت ريحان على فراشها ورفعت غطائها فوقها و هي تسمع صوت حسن بأذنها بحيرة و استغراب فكيف لهذا الصوت الجميل المليء بالحنان والشجن ان يكون لرجل كهيئة حسن ظلت تتذكره وهو يعتذر لأمينة ويقبل يدها بطريقة مختلفة جدا عن الشخص الذي كان يسير بأكتافه بقوة ظل صوته بأذنها وهو يقول لها اعتقد انه ليس لقاءنا الاول ، كيف قالها وكيف كان يشرح لعمر عن اصطدامهم بطريقة أرستقراطية فبرغم وجهه الغريب الا انه يمتلك عيون ضاحكة لها سحر مختلف ولكن هذا ليس بغريب فأحياناً يكون المظهر مختلف عن ما بداخل الانسان ولكن الاغرب هنا هي حالة ريحان وشرودها الغير طبيعي لأول مرة بهذا الشكل و ايضا تردد صوت حسن بأذنها وتذكرها هيئته وعينيه دون خوف او ذعر حتى انها بهذه الليلة لم تتذكر الوحش الذي يظلم عليها لياليها ظلت شاردة ساكنة تتذكر تفاصيل لقائهم المفاجئ واصطدامهم وصوت كلامه حتي نامت على حالتها فهل هذا ما نقول عنه القدر أم هو من يتسرب للقلب دون إرادة منا وكأنه عقلها الباطن كان ينتظره كي يتعلق به فهل يستطيع الانسان ان يعيش بجسد فقط دون روح ، يستطيع هذا الجسد مجابهة الحياة وحده دون الروح، العقل يستطيع مجابهة جسد لا يريد البقاء بدنيا يراها مليئة بالذئاب، يتحمل القلب ان يظل دون نبض بجسد دون روح، الحياة قاسية لدرجة انها تفرض عليك ان تعيش بحياة دون حياة فإن تعيش وحيداً تواجه دنياك المظلمة دون روح أحساس مميت بشكل لا يستطيع لاحد تحمله او شرحه........
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD