المقدمةومَا زالَتْ تِلْكَ الآثارٌ ظّاهرةٌ مَخْفّيةٌ ، تُمْعِّنٌ في أَبْجَدِّيَتِّي الْقَلَقَ وَ تُزْهِرُ فَوْقَ سُّطُوري كَلِمات.
وَلَوْلا مَحَبَّةُ قَلَمي للإكْتِشَّافِ ،لما قُرِأَ لي كِتاب ٌ ولما فَاضَ الْوَجْدُ عِشْقا" ولَمْ يَخُطٌّ نَبَضَّاتُ قَلْبٍ مَجْنون.تَراتِّيلُ وَتَرانيمُ تَنْشُرُها أَحاسِيسُ وَعَواطِفٌ وَتَبُّثُّها أَنامِلُ كاتِبَةٍ عَبْرَ مَخْطوطاتٍ .
لا تَعْلَمٌ عَديدَ الْصَّفَعاتِ ،ولا تُقَّدِرُ أزْمِنَةَ الْصُّمود ،هِيَ توقِنُ أنَّ الْوُقوفَ لَهُ مَهاراتٍ ويَمْلِكٌ مَكارهَ الضَّعْفِ وقُوَّةَ الخُلود.
كانَت ْ صَغيرةَ القامَةِ ،سَّخِيَّةَ السّذاجَةِ ،ترتَدي مِعْطَفًا أَزْرَقًا في رَبيعٍ قاسٍ ،تَشُّدُّهُ إلَيْها كأنَّها تَخافُ عَليْه وتَخْشَّى الهَواء.
كُلَّما زادَ عَدَدُ الأَشْخاصِ إرْتَفَعَ مَنْسوب ُ تَمَسُّكِها بِأَزْرارِ الْمِعْطَف ،بَقيَّتْ لُغْزٌ وحافَظَتْ على سِّرِّها على طول الأَيَّام.
وفي الصَّفِّ ذَهَبَتْ مُحاولات ِ الْمُعَلِمَةِ هَباءً.وبَقيَّ الْمِعْطَفُ سِمَةَ شَّخْصِّةِ الْفَتاة.
ولا خَجَل َ على مُّحَّياها وهِيَّ تُصَّرِحُ أَنَّ حِرمانها والْمَطَرُ شَكَّلا معًا عِشْق الْمِعْطَفِ الْأَزْرَق ولو ارتَدَتْهُ في الْحَّرٍ وَالْلَّهيب.
وتَوالَتْ الْصّفَعاتُ وكَبُرَت ِ الْفَتاةُ وكان الْحُزْنُّ مُلازِمٌ لَها .
وَكَما هِيَ سُّنَّةُ الْوُجودِ السَّىءُ سَّباقٌ في كل الْدُّروب. وَتَبْقى الْعلاماتُ تُّخْبِرُ عنْ تَّفاصِّيل الْوَجَعِ في كُّلِّ الْفُصُول.
عَلاماتٌ خَالِدة تَسْطَعٌ بَيْنَ الْفَيْنَةِ والْفَيْنَة لِتُلامِسَ فينا الْحَنين ولِتُحَرِكَ كلَّ مَشّاعِرِ الماضِّي مَمْزوجَةٌ بِأَحاسيس تُّلَوِنُ حُروفي وتُزَيُّنُّها بِحَبَّاتٍ مِنَ الدَّمْع الْجَّميلِ في قُّرةِ عَيْني الْمُؤَجَلةِ إلى حاضِري الْقَريب.
وَبِالْرُّغْمِ مِنْ كُلِّ الْصُّعوباتِ ،الْماضِّي كانَ يَحْمِلُ لَنا أَشْياءَ ثَمينَة،ويَحْفِرُ في الْوجدانِ الْحُّبُّ الْكَبير.
وذاك َ الشَرَفُ يَمْنَحُنا كَراماتٍ ويَهِبُنا حَسَنّاتٍ ،ويضحو في الْذاتِ بَتَلاتِ الْمجْدِ وتَنْمو لِتُّصْبِحَ كَلِماتٍ كَأنَّها أَزْهارُ نَيْسَّانَ تَتَفَتَقُ عَنْ مَعانٍ رائِعةٍ تَنْشُّرُ الابْداع سُّطُّورٌمِنْ شُّعاعاتٍ شَّمْسٍ لَحَظّاتِ الشّفّقِ والْغَسَّق.
شَّتانَ بَيْنَ طُفولَتِّي وبَيْنَ كُهُولَتِّي ،الْأُولى :كانَتْ صّافِيةً حَزينَة والْثّانيَّة
مُّكْفَهِرَّةٍ خَجولَة.
وكلُّ ثَّانِيَّة ٍ فيهما هِيَ لِقَلَمي رافِدَةٌ ولِدَواتِّي حافِظَة ،لذلك افْتَتَحْتُ كِتَابِيَّ بِرِداءٍ أَزْرَقٍ.