ألـوان الـحـب " الـفـصـل 1 "
أشرقت الشمس واستيقظتْ بطلتنا على ضوئها الذي تسرب من النافذة؛ لتنهض بتكاسل وعينيها تتجول في الغرفة باحثة عنه حتى وجدته يقف أمام المرآة يجهز نفسه كعادته كل يوم؛ ليذهب إلى عمله.
نظرت إليه وهو يرتدي ساعة يده لتشرد في وسامته وملامح وجهه الهادئة التي تعشقها؛ فهي تحسد نفسها كل يوم أنها تمتلك زوجًا مثله وسيمًا ومهذبًا ولطيفًا ومرحًا، والأهم أنه يحبها بشدة ويراعي شعورها دائمًا.
فمنذ أن رأته أول مرة في شركته وهي قد أُعجبتْ به وبلطفه مع من يعملون عنده، رغم صرامته في العمل إلا أنه يعاملهم باحترام ولكنها أخفتْ إعجابها؛ خوفًا من أن يتلاعب بها كما يفعل الكثير ممن هم في نفس مستواه وهذا ما جعلها تعذبه؛ لكي ترضى به؛ لتتأكد من حبه أولًا.
كان يشعر بها تحدق به وهذا الأمر يجعله سعيدًا جدًّا؛ فهو يجلعه يتأكد أنها تحبه وأنه هو الوحيد الذي بقلبها ولن يمتلك قلبها غيره؛ فتلك النظرة التي يراها دائمًا بعينيها اتجاهه هي ما تكمل يومه.
ابتسم بحب وهو يمسك بزجاجة عطره الخاص ينثر منها فوق ثيابه وهو يتحدث دون أن ينظر لها:
-أخيرًا صحيتِ.
أفاقتْ من شرودها على صوته لتبتسم بخفة وهي تنهض من فوق الفراش لتتقدم نحوه بخطا سربعة نسبيًا وقد أتقنت رسم قناع الحنق فوق ملامحها لتتوقف خلفه وهي تعقد ذراعيها أمامها بينما تحدثت بضيق مصطنع:
- الناس تقول صباح الخير وإنتَ جاي تقولي: أخيرًا صحيتِ.
ارتفع جانب شفتيه بابتسامة وهو يلتفت اليها ليمسك بإحدي ذراعيها ليجذبها نحوه ثم انحني ليقبل إحدي وجنتيها قبل ان يهمس بجانب أذنيها بكلمتها المفضلة فخرجت نبرته رقيقة ليميل علي وجنتها الأخري يقبلها برقة ثم ابتعد ليحاوط خصرها بذراعيه وهو يقول بحب:
- ها لسة القمر بتاعي زعلان بردوا؟
زمت شفتيها في ضيق مصطنع قبل ان تتحدث بعدم اقتناع:
- أممم يعني.
رفع رأسه قليلا ليطبع قبلة رقيقة فوق رأسها فارتسمت ابتسامة رضا فوق شفتيها وهي تستمع اليه يقول بأمل:
- طيب ودلوقتي؟
اجابته بابتسامة رقيقة:
- خلاص كدة لقد عفونا عنك.
ارتفعت ضحكاتهم معًا قبل ان تميل برأسها فوق كتفه لتغمض عينيها مستمتعة بقربه قبل ان يغادر فضمها اليه وهو يسير بيده فوق خصلاتها الناعمة لينعم كلًا منهم بلحظات ربما لن تأتي مجددًا قبل أن تأتى المقاطعة من تلك الدقات التي وقعتْ على بابهم لتجعل كلا منهم ينتفض في مكانه مبتعدين عن بعضهم قصرًا.
تسائل سليم بصوتًا غاضب وهو يجز على أسنانه بحنق:
- مين؟!
جائه صوت أخيه من الخارج وهو يقول:
- أنا جاسر يا سليم.
زفر سليم بحنق وهو يتسائل:
- عاوز إيه يا زفت؟
تنحنح جاسر بإحراج وهو يستشعر سبب غضب أخيه، والذي لم يكن سوى قدومه بوقت غير مناسب ليجيبه بتوتر:
- ماما بعتتني أناديلك أنتَ ولين؛ علشان نفطر سوا.
جائه صوت سليم من الداخل وهو يقول بضيق:
- طيب روح إنتَ وإحنا جايين وراك.
ذهب جاسر سريعًا؛ حتى لا يثير غضبه أكثر، بينما أراد سليم أن يكمل ذلك العناق، ولكن هذه المرة لين هي من أوقفته بيدها التي وضعتها فوق كتفه وهي تحدثه بابتسامة رقيقة:
_حبيبي يلا متخليش مامتك تستنى أكتر.
رفع كفها الي فمه ثم لثمه برقة جعلتها تزيله من بين يديه سريعًا وهي تنظر إلى الأرض بخجل، وقد اشتعلتْ وجنتيها بحمرة محببة له ليرمقها بنظراته العاشقة وهو يتن*د بضيق قائلًا:
- تعرفي نفسي في إيه؟
تسائلت لين بنبرة رقيقة وما زالتْ ابتسامتها تزين وجهها:
_ في إيه؟
أجابها سيلم بغضب:
- أروح أقتل الجزمة اللي اسمه جاسر ده.
ضحكت لين بخفة ليبتسم سليم فور رؤيته لضحكتها؛ فهذا ما كان ينقصه ليكتمل صباحه ضحكتها التي تسعد حياته كلها، وضع يده على خدها ناظرًا إليها بابتسامته الرجولية التي تأسرها قائلًا بحب:
- أهو دلوقتي نفسي اتفتحتْ للفطار.
ابتسمتْ بحب وهي تقترب منه لتعانقه ليبادلها العناق وهو يبتسم بحب؛ فهي أجمل هدية قد نالها في حياته.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وقف أمير أمام المرآة يرتدي ساعة يده ثم نثر بعضًا من عطره المفضل لينظر إلى نفسه في المرآة مرة أخيرة؛ ليتأكد من مظهره وهو يبتسم برضا ليأخذ هاتفه وباقي أغراضه، ثم نزل إلى الأسفل فوجد والدته تعد مائدة الإفطار.
اقترب منها ثم قبل رأسها وهو يقول بابتسامة:
- صباح الخير يا ست الكل.
ابتسمت وفاء وهي تلتفت قائلة بحنان:
- صباح النور يا حبيبي، يلا أقعد أفطر.
جلس أمير وبدأ في تناول الطعام فجلست وفاء بجانبه، وبدأت هي الأخرى في تناول طعامها ولكنها تذكرت شيئًا فنظرت إليه وهي تحدثه بابتسامة:
- إلا صحيح هتروح إنتَ ورغدة علشان تشتروا فستان الفرح إمتى؟
رفع نظره عن الطعام الذي أمامه لينظر إليها وهو يجيبها بهدوء:
- إنهاردة هروح أنا وهي ولين نختار واحد.
عقدت حاجبيها بتعجب وهي تقول:
- بسرعة كدة.
تعجب أمير من سؤالها ليحدثها بهدوء:
- بسرعة إزاي يا ماما؟ الفرح آخر الأسبوع وتقوليلي بسرعة.
تحولت تعابير وجهها إلى الحزن وهي تعاود النظر إلى طبقها مجددًا ليزداد تعجب أمير، وهو يمد يده ليمسك بيدها الموضوعة فوق الطاولة وهو يتسائل بقلق:
- في إيه يا ماما مالك زعلتِ فجأة كدة ليه؟
أجابته وفاء بحزن وعيون دامعة:
- أصل بعد ما أختك اتجوزتْ إنتَ اللي كنت مالي عليا البيت، ودلوقتي إنتَ كمان هتتجوز وهتسيب البيت.
تن*د أمير بارتياح وهو يبتسم بحنان ليقرب يدها إلى شفتيه يلثمها برقة، وهو يحدثها بهدوء مطمئنًا إياها:
- يا حبيبة قلبي أنا مقدرش أبعد عنك لحظة واحدة، ده إنتِ الخير والبركة.
رمقته بنظرات حزينة وهي تحدثه بضيق:
- بس إنتَ قررت تاخد مراتك وتقعد في شقة بعيد عني.
ضحك أمير بخفة وهو يحدثها بمرح:
- ده أنا كنت بقول على شقة في الغردقة للأجازة يا ماما، إنتِ بجد صدقتي إني هاخد رغدة وأروح أقعد في شقة برا وبيتي موجود، ده كانت رغدة تقتلني.
ابتسمت وفاء بسعادة وهي تسأله بلهفة:
- بجد يا أمير يعني مش هتسبني إنتَ كمان؟
أجابها أمير وهو يقبل يدها مجددًا:
- بجد يا روح أمير، هو إحنا لينا بركة غيرك.
نظرتْ إليه بحنان أموي وهي تقول:
- ربنا يخليك ليّ يا حبيبي ويتمملك علىٰ خير.
ابتسم أمير بخفة وهو يحدِّثها بحنان:
- تعرفي إن يومي مبيكملش إلا بدعاكِ الحلو ده؟
ابتسمت وفاء بحب وهي تُربت فوق يده الموضوعة علىٰ يدها، لتتسع ابتسامته أكثر، وهو يعاود تقبيل يدها مجددًا ليترك يدها وهو ينظر في هاتفه ليلاحظ تأخره علىٰ موعد ذهابه، وقف علىٰ قدميه سريعًا، وهو يضع الهاتف بجيب سترته، وهو يحدث والدته بتعجل:
- ياه ده أنا اتأخرتْ أوي، لازم أمشي دلوقتي.
رمقته وفاء بنظرات متعجبة وهي تقول:
= طيب اقعد كمل أكلك حتىٰ.
احتسىٰ بعض الماء بسرعة، ثم قال وهو يضعها علىٰ الطاولة مجددًا:
- معلش أصل عندي مستشفىٰ ومرضىٰ، وبعدين رغدة، يعني اليوم مليان.
ابتسمت وفاء بخفة وهي تحدثه بنبرة حنونة:
- ربنا يجعل لكَ في كل خطوة سلامة يا أمير يا ابني، يا رب.
ابتسم أمير بحب وهو يقترب ليقبل رأسها، ثم ودعها وذهب وهو يستمع لدعواتها له.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وقفتْ رغدة أمام فستان الزفاف الذي وأخيرًا اختارَته، تنظر إليه بإعجاب شديد، بينما وقف خلفها أمير وهو يكاد يغشي عليه مِن التعب؛ فيومه لم يكن فارغًا أبدًا؛ فلقد كان لديه الكثير مِن المرضىٰ، وعندما انتهىٰ واستطاع الذهاب مبكرًا لم ترحمه رغدة، وجعلته يدور معها، علىٰ كل المحلات الخاصة بفساتين الزفاف حتىٰ أكملوا العشر محلات، ولم تختار منهم شيئًا، لينتهي بهم الأمر إلىٰ هنا، وهو يحمد الله أن شيئًا قد أعجبها أخيرًا.
بينما وقفت لين بجانبها وهي تتطلع إلىٰ الفستان بإعجاب؛ فت**يمه رقيق وجذاب جدًا؛ فهي دائمًا ما تُعجب بذوق صديقتها؛ لأنها تختار الأفضل والمناسب دائمًا.
نظر إليهم أمير بتعب وهو يحدثهم بضيق:
- أخيرًا اختارتوا حاجة!
ابتسمت رغدة بسعادة وهي تحدثه دون أن تلتفت إليه:
- أيوة، بذمتك مش حلو؟
نظر أمير إلىٰ الفستان الذي أمامه، ثم ابتسم بحب وهو يحاوط كتفها بيده، ثم تحدث وهو يغازلها بمرح:
- هو فعلًا حلو أوي، بس أنا متأكد إنه هيبقىٰ أحلىٰ لما إنتِ تلبسيه.
ابتسمت رغدة بخجل تزامن مع احمرار خديها، بينما تنحنحت لين وهي تحدثه بمرح:
- إحنا هنا يا أستاذ.
نظر إليها أمير وهو يضيق ما بين حاجبيه بضيق فبدا لها منظره مضحكًا، بينما خجلت رغدة أكثر ليحدثها أمير بضيق:
- بعد كدة مش هقولك تيجي معانا تاني.
شهقت لين بصدمة مصطنعة وهي تحدثه:
- بقي كدة يا أمير مكنش العشم.
حدثها أمير بمزاح:
- عشم مات وادّفن.
حركتْ لين يديها فوق رأسها بحركة دائرية ثم قالت بطريقة مضحكة:
- اسم الله عليّ إن شاء الله اللي يكرهوني.
ضحكتْ رغدة بشدة وكذلك أمير فشاركتهم لين الضحك كذلك حتى تحدث أمير بعدما هدأ قليلًا:
- إيه رأيكم ندخل نشتري الفستان؟ علشان أنا جعان واحتمال أكلكم دلوقتي.
ضحكت لين بخفة وهي تحدثه:
- طيب يا أخويا، يلا اتفضل.
انتهوا من شراء الفستان ليأخذهم أمير إلى إحدى المطاعم ليتناولوا الغذاء معًا، وبعد ذلك طلبوا الطعام، استئذن منهم أمير؛ لكي يجري مكالمة هاتفية لتنتقل رغدة بأنظارها إلى لين بعد ذهابه وهي تتسائل بفضول:
- عملتِ إيه في موضوع كارمن يا لين؟
أجابتها لين بهدوء:
- معملتش حاجة، ثم أنا مش فاهمة إنتِ ليه شاكة فيها؟
رمقتها رغدة بنظرات مندهشة وهي تحدثها بتعجب:
- إنتِ مش ملاحظة إنها كانت حبيبة جوزك القديمة! المفروض إنتِ اللي تِشكّي.
أجابتها لين بعدم اهتمام:
- أد*كِ قولتيها كانت يعني فعل ماضي وانتهى، يبقى أهتم ليه؟
أجابتها رغدة بعصبية:
- تهتمي ليه؟ إنتِ مش شايفة إنها لازقة لجوزك مبتفرقهوش ثانية واحدة! إيه مش فارق معاكِ خالص؟
أجابتها لين بثقة شديدة:
- أنا بثق في جوزي ثقة كاملة، وعمري ما أشك فيه أبدًا.
زفرتْ رغدة بحنق وهي تحدثها بضيق واضح:
- اللي هي بتعملوا ده يخلي الحجر يلين، إنتِ مبتشوفيش بتلبس إيه؟ ولا بتعمل إيه؟ ولا تصرفتها معاه إزاي؟ وتقوليلي بثق فيه! طيب ما أنا بثق في أمير، بس لو واحدة زي دي لفَّت حواليه أخاف عليه منها، وأبدأ أشك كمان.
نظرت إليها بتوجس وهي تتساءل بريبة:
- تقصدي إيه؟
ابتسمت رغدة وهي تجيبها بهدوء:
- أقصد إنك لازم تخافي علىٰ جوزك، وتخلي بالك منه، متسمحيلوش إنه يبص برة، جننيه، اشغلي كل تفكيره، بقى أنا اللي هقولك بردو!
عقدتْ حاجبيها بشك وهي تحدثها بقلق:
- بس أنا متاكدة إن سليم مستحيل ي**ني.
تن*دتْ بضيق وهي تحدثها بتعب:
- خلاص استني بقى لما ي**نك وبعدين ابقي شوفي مين اللي صح.
لاحظتْ رغدة قدوم أمير من بعيد لتحدثها سريعًا:
- خلاص قفلي على الموضوع؛ علشان أخوكِ جاي.
أومأتْ لين ب**ت وهي تفكر بكلام صديقتها، أيعقل حقًّا أنّ سليم من الممكن أنْ ي**نها؟ بالتأكيد لا؛ فهو يعشقها وليس بعد كل ما فعله من أجلها سينظر لغيرها، لا، من المستحيل أن يفعل ذلك.
جلس أمير فوق كرسيه ثم حدثهم وهو يبتسم بمرح:
- ها، كنتوا بتنموا على مين في غيابي؟
نظرت إليه رغدة بدهشة وهي تقول:
- بقى إحنا وش نميمة!!
ضحك أمير بخفة وهو يقول بمرح:
- إنتوا النميمة نفسها يا روحي.
ض*بته رغدة في كتفه بحنق فتعالت ضحكاته وهو يتابع نظرات الغضب التي ترمقه بها بتسلية، هدأتْ ضحكاته قليلًا وهو ينظر نحو لين التي ما زالت شاردة ولم تنتبه إليهم، ليحدثها بتعجب:
- إيه يا نونو ساكتة! في حاجة؟!
انتبهت إليه لين لتبتسم بخفة وهي تحدثه بهدوء:
- ها لا، ولا حاجة بس تعبانة شوية.
تسائل أمير بقلق:
- تعبانة من إيه؟ تحبي نروح للدكتور؟
أجابته لين بمرح محاولة تغير الموضوع:
- أومال إنتَ إيه؟
ضحك أمير بخفة وهو يضع يده فوق رقبته قائلًا بإحراج:
- تصدقي نسيت!
ضحكت رغدة بشدة علىٰ ملامحه تلك، بينما اكتفت لين بابتسامة بسيطة، لتحدثه رغدة بابتسامة بعدما هدأت قليلًا:
- متقلقش هي هتلاقيها تعبانة من اللف مش أكتر.
رمقها أمير بنظرات حانقة وهو يتحدث بضيق:
- هو مين السبب يعني؟
وقبل أن تتحدث رغدة لتبدأ معه مشاجرة، قاطعتها لين التي تحدثت سريعًا بابتسامة:
- الغدا وصل، اسكتوا بقىٰ.
وصل النادل، ثم وضع الطعام لتحدثهم لين بعد ذهابه بهدوء:
- يلا ناكل، أنا جعانة أوي.
امتثل الاثنين لطلبها؛ فلقد كانوا في حالة يثرى لها؛ فكثرة زيارتهم للمحلات وتجولهم كثيرًا جعل شعورهم بالجوع يزداد، ليبدأوا في تناول الطعام آخذين استراحة قليلة مِن المشاجرات.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
في مكان ما، كانت هناك فتاة تركض بأقصىٰ سرعتها، وهي تنظر خلفها كل دقيقة؛ لتتأكد أن لا أحد يتبعها، ظلت تركض حتىٰ وصلت إلىٰ الطريق العام، وقفت تستريح قليلًا، وهي ممسكة بقدميها غافلة عن تلك السيارة، التي كانت قادمة في تجاهها ولم يُسعفها الوقت؛ لتتنحي مِن أمامها، فض*بتها السيارة دافعةً إياها فوق الأرض الصلبة، لتصطدم بها بعنف، وجعلتها تفقد وعيها.
توقفت السيارة سريعًا، ثم نزل صاحبها، وعلىٰ وجهه علامات الصدمة، وهو يرمق الفتاة الملقاة علىٰ الارض، وبقعة الدماء التي تتسع أسفل رأسها بفزع، ولكنه تمالك نفسه سريعًا وهو يقترب منها؛ ليحملها واضعًا إياها بداخل سيارته، ثم عاد إلىٰ مكانه؛ لينطلق بها علىٰ أقرب مستشفىٰ.
وبعد عدة ساعات دخل إلى غرفتها بعدما سأل الطبيب عن حالتها وقد طمئنه عليها وأنها أصبحتْ بخير، ليجلس على إحدى المقاعد التي بجانب فراشها وهو يتطلع إليها بتفكير، ليتن*د بحيرة وهو يتسائل:
- يا تري إنتِ مين؟ وحكايتك إيه؟!
وقعت عينيه فجأة فوق تلك القلادة التي حول عنقها ليقترب قليلًا؛ ليراها بوضوح فقرأ تلك الأحرف المنقوشة فوقها والتي يبدو أنها حروف اسمها.
ابتعد قليلًا وهو ينظر إليها بلهفة بعدما سمع همهمتها الخافتة والتي تدل على أنها بدأت تستعيد وعيها أخيرًا، ليتن*د بارتياح عندما لاحظ جفنيها اللائي بدأتْ في فتحهما ببطء سرعان ما أغلقتهم مجددًا؛ عندما اصطدمتْ عيناها بالضوء لتعاود فتحهم من جديد وهي ترفرف بجفنيها محاولة الاعتياد على الضوء وهي تتجول بنظراها في الغرفة التي تسائلت كيف أتت إليها؟ ولكن ألم رأسها هو من جعلها تتناسى الإجابة، لتضع يدها فوقها وهي تتأوه بألم، ليقترب منه سريعًا وهو يتسائل بقلق:
- إنتِ كويسة يا آنسة؟ تحبي أطلبلك الدكتور؟
نظرت إليه بدهشة وهي تسأله بتعجب:
- إنتَ مين؟ وأنا بعمل إيه هنا؟!
ابتسم بخفة وهو يجيبها بهدوء:
- أنا جاسر الأنصاري.
رمقته بنظرات صادمة وعيون متسعة قليلًا وهي لا تصدق هل هي تحلم أم ماذا؟!
_______________________________________