الفصل الاول

1827 Words
مش عارف المفروض ابدأ منين وبأيه، الكلام كتير أوي لكن مش مترتب، حاولوا تستحملوني شوية، يمكن لما تعرفوا كل إللي حصل تعرفوا أنا ليه متلغبط، أسمي عساف عندي ٢٨ سنة، من الصعيد ومش هقول من اي محافظة مش عايز ابقى بسواء سمعة بلدي إللي مالهاش ذنب في إللي حصل، أنا درست لحد ماخدت دبلوم تجارة وبعدين سيبت الدراسة، مش فشل مني لكن وفاة ابويا فجأة غيرت ظروفنا كلها، أصل أبويا الله يرحمه كان هو إللي شايل مسؤلية كل حاجة تخصنا، حنين اوي وتقريباً أختي وأنا واخدين منه كتير، اااه أنا عندي أخت واحدة إسمها مروة، جمييييلة وزي القمر، في الوقت إللي حصلت فيه. الأحداث كانت هي هتكمل ١٦ سنة بس إللي يشوفها كان يقول إنها أكبر بكتير، في البلد بيقولوا خرٌاط البنات خرطها، كنت بفرح لما بشوفها بتكبر قدامي، كانت دلوعة أبويا ودلوعتي أنا كمان، وقلبها ات**ر وعرفت الحزن للمرة الأولى في حياتها يوم أبويا ما مات من أربع سنين ونص، لما لقيت نفسي فجأة بدل ماكنت أنا وهي بنتسند على ابويا، بقيت لازم اكون أنا إللي سند ليها، طول عمري صاحبها وقريب منها لكن بحس أن في أي حاجة كبيرة هيكون أبويا هو الضهر، ولازم دلوقتي أحسسها أني قد الوضع الجديد، اختى مروة متعلمتش اصل أمي من الستات إللي عقلهم صعيدي قديم غلب عقول الرجالة في البلد، كانت شايفه أن البنت عار والراجل هو حيطان البيت، طول عُمر أمي وهي بتعامل مروة بغباء غريب لكن أبويا وأنا كنا بنحاول نهون عليها، وكنا بنقدر نعمل ده، لكن كل حاجة اتغيرت بعد موت أبويا لما لقيت شغلي إللي كان بيكفي مصروفي الشخصي بالعافية مش هينفع يكفي البيت، أصل أنا شغال غفير باليومية على مصنع مكرونات في مدخل البلد، وعلشان الوضع الجديد مبقاش محتاجة شغل وردية واحدة اضطريت اشتغل ورديتين فبقيت برة البيت ١٦ ساعة لما برجع البيت جسمي م**ّر وحيلي مهدود، يادوب أكل لقمة وانام، الأكل إللي بقيت مبشبعش منه خوفاً من أنه يكون مش هيكفيني أنا وأختي وأمي فأكل نص بطن وأقوم انام، ووقت الأكل بقى هو الوحيد إللي باخد وادي في الكلام مع اهلي، وده كان مأثر على مروة اوي، في يوم وأحنا قاعدين على الأكل لاحظت أن مروة سرحانة، ركزت معاها شوية وقولتلها: - مالك ياست البنات؟ مش بتاكلي ليه؟ قبل ما ترد مروة لقيت أمي اتكلمت بقسوة غريبة وقالت: - أنت الراجل، أنت إللي شقيان ومهدود حيلك. عساف: - وايه دخل ده في أن مروة قاعدة سرحانه كده؟ هو فيه حاجه حصلت وأنا مش هنا. أمي بحزم: - إيه إللي هيحصل يعني؟ دى بتدلع حركات بنات مايعة. عساف بأصرار وشايف عيون مروة المليانة بالدموع: - احكيلي ياختي في ايه مزعلك، مش أنا سرك برضو؟ هزت مروة رأسها بالموافقة على كلامي لكن دموعها نزلت غصب عنها وده إللي عصب أمي وخلاها تزعق وتقول: - جرى إيه ياجعانة انتي، أنتي هتبومي علينا ليه يابومة؟ عساف: - بالراحة ياما مش كده، مش هسكت غير لما أعرف في ايه. أمي: - مفيش، ليه وليه قولتلها متمديش ايدك على الأكل غير لما اخوكي يقوم، الراجل ياكل ويشبع والحريم تاكل فضلته. أول ما سمعت الكلمة اللى امي قالتها حسيت بالوجع اللى مروة حاسة بيه، اصل ايه يعني حد يقولي لاء متاكلش غير لما اللى حواليك يخلصوا اكلهم، ولو اتبقى حاجة كلها؟ انا لو عندي قطة ولا كلب هحطلهم اكلهم وانا بحضر لنفسي اكل، يبقى ازاي اقبل ان اختي تستني بواقى الاكل اللى يفيض مننا، عنيها وال**رة اللى فيها للحظات حسستني ان الست دي من الممكن تكون مرات ابوها، لكن لاء والله دي امي وامها، ولا ابويا عمره عمل حاجة غلط ولا امي ممكن تكون جايبة اختي من الشارع، بصيت لمروة وبحاول اطمنها وانا برد على امي: - أيه اللى بتقوليه ده ياما؟ دي أميرة البيت، والبيت كله تحت رجليها ياست الكل، دى المفروض تبقى الدلوعة بتاعتك. امي بانفعال: - عساف، بلاش الشغل الماسخ ده، البت لو م**رتلهاش بدل الضلع اربعة وعشرين هتركب وتدلدل، أنشف كده واعرف الاصول واللى يصح واللى ميصحش. قمت من مكاني وروحت قعدت جنب مروة وخدتها تحت دراعي وبحاول احنن امي: - ياست الكل لو مش هتدلع عندنا هنا في حضن اهلها، هتستنى الدلع من مين بقى؟ لما تتجوز واحد غريب يعالم هيبقى كويس وحنين عليها ولا لاء؟ امي: - عيشت وشوفت البنات كمان هيروحوا بيوت رجالتهم علشان يدلعوا، راجل ازاي انت انا مش عارفة، بس هقول ايه بقى ربنا يرحم ابوك كان قلبه بارد عليكم، معرفش يطلعك خشن. عساف: - قوليلي ياما، انتى لما كنتي صغيرة كانوا ناسك بيتعاملوا معاكي ازاي؟ أمي بجدية: - انا طالعة من بيت رجالة، واللى ربوني رجالة، علشان كده بعرف الاصول والصح والغلط، شغل المياعة ده مش عندنا. عساف برفق: - علشان كده، الزمن ياست الكل غير الزمن، وبعدين ده هي بت واحدة يعني لا لها صاحبة ولا بتروح ولا بتيجي وطول اليوم فى البيت مبتتحركش، يبقى براحة عليها شوية ياما، أحنا نبقى اصحابها مش نحسسها انها فى سجن. كانت مروة مش بتتكلم بس ماسكة كف ايدي بأيديها الاتنين اللى كانوا زى التلج، وكأنها بتقولي اوعى تسيبني، لقيت نفسي بغمس العيش وبأكلها بأيدي علشان امي تتعصب وتقوم من على الاكل وهي بتقول: - بكرة تجيبلك العار وابقى ساعتها اعرف قيمة كلام امك، يا حسرتي على ابن بطني ياناس. طلعت امي على السطح تحط اكل الطيور اللى بنربيهم، وقعدت انا مع مروة اختى اللى كانت بتاكل وهي خايفة من امي، حاجة توجع اوي ان الواحد يبقى بياكل اللقمة فى بيته وهو خايف، ده ايه الذل ده؟ اومال لو بتاكلها فى بيت حد بيتعطف عليها باللقمة كانت حسيت بأيه؟ المهم ما صدقت ان امى طلعت السطح علشان اعرف اتكلم مع مروة براحتي: - طبعا ياست البنات امك انتي عارفة طبعها، يعني مش جديد علينا، غلبت رجالة الصعيد. مروة بخوف: - والله ما بعملها حاجة يا عساف، ده انا تحت رجليها، ومش بمد ايدي على لقمة غير لو هي قالتلي. عساف: - ايه العبط ده يابت انتي؟ ده بيتك وتاكلي وتشبعي واللى يفيض منك ترميه للقطط فى الشارع، هي امك بس عايزة تطلعك جامدة كده علشان مفيش حاجة تأثر فيكي بسهولة. مروة بحزن: - ابويا وحشني يا عساف، وانت بقيت مش موجود، انا طول اليوم ساكتة مش بقول غير حاضر، ورحمة ابويا دى بس الكلمة اللى بقيت بنطقها. عساف: - بصي يا حتة من قلبي، امك عايزة تفضل رابطة البيت علشان ميسيبش، هى فاكرة ان بموت راجل البيت ممكن احنا نفلت من تحت ايديها، متعرفش اننا متربيين زين والرك على الأساس، حاولي تتحمليها معايا معلش لحد بس ما تتعود على ان ابوكي فارق وان احنا مش هنتغير. مروة بطيبة وابتسامة: - ماشي يا عساف، ربنا يخليك ليا يا خويا، مش عارفة لو مش انت كان حصل فيا ايه. عساف وهو بيطبطب على مروة: - هيحصل ايه يعني؟ انتي هتفضلي عمرك كله زى الفل. مروة: - بوجودك يا قلب اختك، انا شبعت الحمد لله، هقوم بقى اعملك كوباية شاي بالنعناع انما ايه...حاجة كده تستاهل بوئك. عساف بضحكة: - تسلملي ايدين الحلوين. لميتي مروة الطبلية ودخلت تعمل الشاي، بصيتلها بأعجاب...البنت خسارة فى بيتنا وظروفنا دي، وشها المدور الجميل اللى من كُتر بياضه تقولوا عليه بينوّر، طولها اللى متقاس بالمقاس، شعرها الناعم الطويل وعنيها اللى كأنها ابريق عسل بيبرق من اللمعة اللى فيه، جسمها اللى يغوي اي راجل فى الدنيا ويخلي محدش يصدق ان دي عيلة لسه مجابتش ال16 سنة، ليه بنت زيها تعيش فى الفقر ده؟ مع ام زي امي دي؟ فى بلد متعرفش غير ان البنت ب***ة مالهاش غير الخدمة والجواز، ليه متتعلمش وتوصل لكل حاجة حلوة فى الدنيا؟ كنت قاعد سرحان فى كل ده وبقول من جوايا الله يسامحك يابا، كان جرى ايه لو علمتها زى ما علمتني، يمكن هي كانت هتكمل وهتوصل أكتر مني وساعتها لو معييش غير القرش اللى فى جيبي كنت هصرفه عليها وعلى علامها، بس هنقول ايه بقى؟ العايط فى الفايت نقصان عقل. قررت اطلع نفسي من التفكير فى حاجات لا هتقدم ولا هتأخر واطلع اراضي امي بكلمتين حاكم انا عارف انها مش طايقاني، فعلا طلعت لقيتها قاعدة على السطح بتزغط البط، وعلى وشها زعل الدنيا كله، وده العادي بتاع امي انا مش فاكر هي كام مرة ضحكت بالظبط من قلة المرات اللى ضحكت فيها: - أيه يا حاجة، انتى زعلانة مني ولا ايه؟ امي: - بقولك ايه يا عساف، الله يرضى عليك سيبني فى حالي، اللى انا بلمه من ناحية انت بدلعك الماسخ ده بتبوظه من التانية. عساف: - يا امي الدنيا اتغيرت، مروة دي مفيش بنات زيها دلوقتي، دى جوهرة نحافظ عليها مش نبهدلها ون**رها كده، لازم تبقى عينها مليانة ومرتاحة فى بيتنا علشان يوم ما تطلع من البيت ده متحسش انها اقل من حد ولا تحس بأنها كانت محرومة ولا عينها مش مليانة. أمي: - شوف يا عساف، انا بنزل السوق ياخويا وبقف مع دي وبسمع كلام دي والبنات دلوقتي بقوا على كل لون، ومالهمش كاسر، والبت اللى مالهاش كاسر بتفجر، وانا مش هستنى ده يحصل. عساف: - ياحاجة مش كل البنات، فيه بنات بتتعلم وبتشتغل وفى نفس الوقت طالعين من بيوت ناس عارفة الاصول والصح والحلال والحرام، بنات بمليون راجل مش براجل بس، لكن.... أمي بمقاطعة: - بنت بمليون راجل؟! مش بقولك انت مايع وقلبك طري، الراجل راجل والبت بت يا عساف، وانا معرفش اللى بتقول عليه ده، اللى اعرفه ان البت تت**ر نفسها علشان مترفعش عينها فى كبيرها، ويوم ما تتجوز تعرف قيمة راجلها وتشيله على راسها. عساف بهدوء: - ايوة ياما، بس انتي يعني متأخذنيش مكنتيش شايلة ابويا على راسك. امي بانفعال: - عمرك شوفتني عليت صوتي عليه؟ عمرك سمعتني بطلب منه حاجة؟ عمرك شوفتني قصّرت فى خدمته؟ عساف: - لاء ياما محصلش، بس برضو كنتي بتعملي كل ده من غير روح ولا نفس، بتعمليه كأنه امر عسكري عليكي، مش علشان فيه حب ومودة. امي: - المهم انى كنت بعمله، لكن باللي انت بتعمله فى اختك ده هتخليها تركبنا وتدلدل رجليها يا عساف، انا يابني عايزة مصلحتها. عساف: - مفيش فايدة فى اللى باقوله يعني؟ امي: - روح يابني انت ارتاح، انت شقيان وطالع عينك فى الشغل، متشغلش بالك بالبيت وبمواضيعنا، امك قادرة تمشي البيت بصباع رجليها، خليك انت ياحبيبي فى حالك. أمي لما قالت الكلمتين دول حسيت ان تعب الشغل اللى اتلهيت عنه شوية كله كبس عليا من تاني، ولقيت نفسي بتاوب، وفعلا مش محتاج حاجة غير اني افرد جسمي واروح فى سابع نومة، فعلا الشقا وحش، سيبت امي بعد ما بوست على راسها ونزلت علشان اروح انام لقيت مروة ماسكالى كوباية الشاي ومستنياني انزل خايفة تطلع السطح احسن امي تنكد عليها، ضحكتلها وبوست على راسها وأخدت منها كوباية الشاي اللى تظبط الدماغ بصحيح، مروة مش بتعملي الشاي غير على الفحم فبشرب من ايديها كوباية شاي محدش بيعرف يعملهالي غيرها، بوست على راسها وانا بقولها: - ربنا يقدرني واوصلك لحد بيت عدلك يا مروة، انتي تستاهلي زينة الشباب اللى ييعرف قيمتك يا جوهرة. ضحكت وطبطت عليا، وسابتني وراحت تكمل شغل المطبخ، ودخلت انا الاوضة شربت الشاي وانا بفكر فى حال اختي وامي اللى مشاكلهم مش بتخلص، الغريبة ان مروة فعلا مش بتتكلم خالص، مسالمة لأبعد درجة ممكن أى حد يتخيلها، مش بتقول غير حاضر وبس، حتى لو الحاجة هي مش عايزاها ولا عايزة تعملها ولا حتى حتى قادرة عليها برضو مش بتقول غير حاضر، انا مش عارف فيه بنات بالشكل ده فعلا دلوقتي ولا خلصوا ودي اخر واحدة موجودة منهم، وسط كل ده فكرت فى ظروف شغلي اللى المفروض تتغير، اصل انا مش هفضل غفير العمر كله، ده لا هينفع يخليني اكفي البيت ولا هيعرف يخليني أجهز اختي، ولا حتى افكر فى اني انا كمان افتح بيت وافكر فى الجواز، فضلت الأفكار تروح وتيجي على بالي لحد ما عنيا راحت فى النوم، محسيتش بنفسي غير والشمس طالعة وامي بتصحيني علشان ارجع للساقية تاني.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD