فاتت الليلة زى كل ليلة، مش عارف اذا كانت مروة هديت فعلا ولا لسه شايلة جواها وبتداري، لكن كل اللى عارفه اني حاولت اعمل اللى عليا واراضيها، وحاولت احنن قلب امي اللى انا متأكد انه مستحيل يعرف يعني يايه حنية. صحيت تاني يوم رايح على شغلي وانا ماشي قابلت واحد جاري اسمه السيد أبو حسين، لقيته بيقرب عليا بأبتسامة وحماس استغربته، وقف وسلم عليا وبسعادة قاللي:
- عساف يا ابن الغالي، بقولك ايه النهاردة فيه ناس جايين يقروا فاتحة ألبت حُسنة بتي، احنا مش عاملين هيصة ولا حاجة عارفين ان الحاج مكملش سنة لسه، بس انت عارف بقى سُترة البنات متستناش، أنا كنت هخبط عليك علشان استأذنك لكن بركة اني قابلتك بقى. عساف بأبتسامة:
- ماشاء الله، كبروا البنات، ربنا يتمم على خير يا عم سيد، الفرح حلو، وبعدين ده مطلوب وده مطلوب، وحُسنة أختى انا افرحلها وازفها على عريسها كمان. السيد:
- ده العشم فيك يا ابن الغالي، راجل من ضهر راجل صحيح، ابقى قول لمروة تيجي تهيص مع البنات، خليها تفررح شوية معاهم بنات فى قلب بعض. عساف:
- هقولها، بس انت عارف امى بعافية شوية ومروة مش بتحب تسيبها تقعد لواحدها، بكن هقولها والله. طبعا انا قولت كده لأني عارف امي لو مسكت حتة من السما مستحيل تخلي مروة تدخل عند حد، حتى لو الحد ده خالها ولا عمها، الاصول عند امي كده البت متخرجش من دارها غير لو على بيت جوزها او على المدافن، هنعمل ايه بقى مش هينفع نزعلها امنا فى الاول والاخر ورضاها والجنة.
سيبت عم سيد ومشيت طلعت على شغلي وانا فرحان والله، حسيت ان فرحة البت حُسنة دي هى فرحة اختي مروة، اصل هما فى سن بعض تقريبا، تخيلت طول الطريق ليلة فرح اختى بقى وانا بسلمها لعريسها، ولا وانا بحُط رجل على رجل وبتشّرط عليه ماهو واخد ست البنات، كنت عمال طول الطريق أرسم مع نفسي شكل الليلة دي، واضحك شبه الاهبل، اصل مروة دي انا بحبها كأنها بنتي، ويمكن لو مش اختي انا مكنتش سيبتها لراجل غيري تاني ابدا، اه اومال ملكة جمال البنات وستهم دي متروحش غير للي يعرف قيمتها، وانا اكتر واحد فى الدنيا عارف قيمتها، وصلت شغلي واليوم فات زى كل يوم من غير اى حاجة جديدة، ده ييجي يشرب معايا كوباية شاي، وده يرمي سلام ربنا، ودول ييجوا يقعدوا على المصطبة جنبي وقت الراحة بتاعتهم، وانا قاعد زى ما انا اللى يكلمني كلمة ارد عليه، واللى ميوجهليش كلام اعمل نفسي ولا كأني موجود، لحد ما جه سالم، جاري واكبر مني بسنتين بيشتغل معانا وهو اللى كان جايبلي الشغلانة دي، لكن هو شغال عامل جوة المصنع مش غفير، وظروفه حلوة يعني ومرتاح، بصراحة مشوفتش منه حاجة وحشة غير انه اسمع انه بتاع حريم من اللى بيقعدوا يتكلموا عن الناس، لكن بعيني مشوفتش منه حاجة، علشان كده بتعالمل معاه باللي بشوفه منه مش اللى بسمعه عنه، المهم جه رمى عليا السلام:
- سلام عليكم، جرى ايه يا عساف، انت علطول ساكت كده يابني؟
عساف بضحك:
- هقعد اضحك مع حالي يعني يا سالم؟ ما انا قاعد لواحدي هكلم نفسي ولا ايه؟
سالم بضحك:
- غلباوي انت، مفيش كلمة تعدي عليك من غير ما تردها بعشرة، بس اقصد يعني لف فى المصنع، اعملك صاحب واتنين وعشرة، اعمل عزوة بدل ما انت مع حالك كده. عساف: - ماهو انا مصاحب كل الناس هنا يا سالم، لكن اسيب مكاني دى متحصلش لو على رقبتي، ده شغل يابن عمي والواحد مش حمل قطع عيش، متقلقش صاحبك بيحب الناس بس محبش ابقى تقيل. سالم:
- وماله يا صاحبي، شوفت صحيح النهاردة البت بت عمك سيد فيه ناس رايحة تقول عليها.
عساف:
- اه، عرفت عم سيد قابلني وقاللي الصبح، فرحتلها والله، ربنا يكملها على خير، عقبالك يا صاحبي.
سالم:
- ايدي على كفتك يا خويا، وانا يعني هتأخر اني يبقالي بيت وواحدة ست تاخد بالها مني ومن حالي وتراعيني، بس ان جيت للحق الحريم دلوقتي كلها مالهاش امان.
عساف بيضحك:
- اقعد طيب اعملك كوباية شاي معايا واستهدى بالله كده، صوابعك مش زى بعضها.
سالم وهو بيقعد وبيضحك بصوت عالي:
- أنت بس اللى طيب وغلبان، لو ليك فى قعدات القهاوي كنت سمعت اللى ميتسمعش، مبقاش فيه حُرمة يتأمن لها يا صاحبي.
عساف بنفي:
- ياجدع اتقي الله، انت هتسّب الولايا ولا ايه؟ وبعدين زى ما فيه الوحش فيه الحلو، انا البت مروة اختي لولا انها اختي مكنتش اخد دقيقة تفكير فى اني اروح اتجوزها.
سالم بيغمز:
- أنت بتدلل ياض ولا ايه؟
عساف بضيق:
- بدلل ايه ياجدع انت عيب عليك، دى ست البنات، انا بتكلم على ان مش كل الناس زى بعضها، اختى انا عارفها وعارف تربيتها واللى زيها لو مليون واحد ييجوا يقولوا بتعمل الغلط وشافوها بعنيهم اخلعلهم عنيهم من مكانها ولا اصدق حد فيهم، وزى اختي أكيد فيه غيرها كتير، الرك على التربية يا صاحبي.
سالم:
- انت خدت الكلام على ص*رك ليه يابني؟ انا بهزر معاك، وبعدين انت اختك مخرجتش من بيتكم ولا عتبت الشارع من وقت ما كانت لسه عيلة، لكن دلوقتي البنات بتتعلم وتروح مدارس، وما ادراك بقى ببنات المدارس واللى بيتعلموه ويعلموه لبعض، البت اللى بقيت تخرج من بيتها دلوقتي متتأمنش على بيت من هنا لحد اول الشارع حتى.
عساف:
- لاء، ده انت الكلام معاك يوجع الراس، اشرب يا عم الشاى اشرب، هتيجي ليلة حُسنة النهاردة؟
سالم:
- اومال ايه؟ طبعا جاي، حُسنة دي غالية عليا...هههههه. قالها سالم وغمز وهو بيضحك وانا مش فاهم هو بيضحك على ايه، بس بصراحة مش هسأل علشان مش عايزه يخوض فى سيرة حد اكتر من كده، شربنا كوبايتين الشاي واتفقنا هنتقابل فى الليلة علشان نبارك لعم سيد، وبعدين عرفت ان العريس من نواحينا برضو لازم نقوم معاه بالواجب ونبارك، خلصنا كوبايتين الشاي وراح سالم على شغله وفضلت انا فى مكاني لحد يومي ما خلص، رجعت على البيت كانت مروة اختى مجهزة الأكل وعلى وشها فرحة غريبة، على غير العادة طبعا، استغربت اصل مش معقول امي تكون راضيتها مثلا، كانت امي قاعدة على الكنبة بتشرب كوباية شاي، واختي بتجيب الاكل من المطبخ للطبلية، اول ما شافتني راحت جت تجري عليا واترميت فى حضني، فرحت اوي بفرحتها دي وقولتلها:
- يارب دايما مبسوطة كده، خير ايه اللى حصل؟ فرحيني معاكي.
قبل ما ترد عليا مروة بحماس، لقيت امي رديت بأستهزاء وهى بتقول:
- تقولش هى اللى هتتجنز، البت حُسنة المفضوحة فيه ناس جايين يطلبوها الليلة، فرحانة هي بقى ياخويا كأن هي اللى الناس جايين لها.
حاولت مروة تحافظ على ضحكتها الجميلة ومتزعلش من كلام امي، اما انا كلام امي استفزني:
- ليه ياما مفضوحة؟ عيب ياست الناس ده انتي تعرفي يالاصول، احنا عندنا ولية ميصحش نقول كده، وبعدين ربنا يسعدها ويسعد مروة وكل البنات، عادي تفرح، كل البنات كده.
امي:
- ماهي مفضوحة بصحيح، اش فهمك انت؟ انت ولا عارف حاجة دي سيرتها فى السوق على لسان من هب ودب، وبعدين بنات مين اللى يفرحوا لبعض يا خايب، كنت روح قول لحُسنة دي ان اختك جايلها عريس قبل منها، شوف الغل ولوية البوز كانت هتبقى عاملة ازاي. طبطبت على كتف مروة وتجاهلت كلام امي اللى يحرق الدم وقولت لأختي:
- عقبال ليلتك ياست البنات، والله انتي خسارة فى اي راجل فى الدنيا، مش عارف انا هعمل ايه يوم ما واحد ييجي ياخدك مني؟
لقيت امي بعصبية:
- ايه الكلام المايع ده يا عساف؟ فيه راجل يتكلم مع اخته كده؟ اتحشم واتكلم زى الرجالة
عساف:
- ايه ياما وانا قولت ايه غلط؟ ولا قولت ايه يخليني مش راجل؟ اختى وبعرفها قيمتها.
مروة:
- ربنا يخليك ليا يا خويا، يلا تعالى بقى الاكل هيبرد. امي:
- انت اللى هتبوظها، هتفضل تقول لها قيمة لها قيمة لحد ما تعنس وتقعد جارك، ساعتها هتمشى تدلل عليها بطبلة وطار.
عساف:
- يلا ياست الكل تعالى كلي بقى علشان الأكل ريحته تجوع، عايز الحق اغير هدومي دي واروح ابارك لعم سيد.
مروة:
- يابختك، هتروح الفرح.
عساف:
- لاء، مش عاملين فرح، الراجل بيفهم فى الاصول، قابلنى الصبح وقاللي انهم عاملين الليلة على الضيق علشان ابويا، علشان كده لازم انا كمان اقدره واروح اباركله، تيجي معايا؟ مروة: - بجد؟
امي بانفعال:
- أطفحي ياللى تتشلي، انتي لسه هتقولى بجد ولا بضحك؟ عشنا وشوفنا البنات تروح بيوت اغراب كمان، مش بقولك انت عيارك فلت يا عساف، اومال لو عايش فى بلد غير الصعيد كنت عملت ايه، قلعتها عبايتها ولبستها بدلة رقص ودورت بيها على المسارح؟ عساف بأحراج:
- كتر خيرك ياما، انتي شايفاني كده يعني؟ مقبولة منك ياست الناس.
قعدت ساكت خالص واكلت وانا بفكر يمكن انا فعلا بدلع مروة زيادة عن اللزوم، يمكن بقولها كلام ميصحش يتقال، يمكن باللى بقوله ده يفتح مخها ويخلي تفكيرها يروح لحاجات مش فى بالي زى ما امي شايفة، فضلت ساكت لحد ما خلصت اكل ومنطقتش بكلمة، وبعد ما خلصت دخلت اخدت هدومي وروحت على الحمام، لميت مروة الطبلية ودخلت تعمل الشاي، وطلعت امي على السطح علشان تزغط الطير زى كل يوم، وخبط الباب، وراحت مروة تفتح...علشان تلاقي اللى واقف على الباب سالم اللى هى متعرفهوش.
سالم أول ما شاف اختي وقف فاتح عنيه على اخرها، ومشالش عينه من عليها، مروة خافت لما شافت على الباب راجل متعرفهوش واتدارت ورا الباب وهى بتداري شعرها بالايشارب بتاعها وبتقول بصوت واطي: - انت مين؟ عايز ايه؟
سالم ساكت وهو بيسمع صوتها اللى كيف الكروان ده، وده خوف اختي اكتر وخلاها تقفل الباب فى وشه وتجري تجيلي على الحمام وقفت ورا الباب وهي بتقولي:
- الحقني يا عساف، فيه راجل برة على الباب مش بيتكلم وواقف باصص بطريقة تخوف، انا قفلت الباب فى وشه ودخلت اجري، الحقني احسن ده خوفني. حطيت جلابيتي عليا وطلعت اجري وانا بقولها:
- ادخلي انتي جوة.
روحت على الباب فتحته لقيت سالم واقف وكأنه صنم، اول ما شوفته ضحكت بصوت عالي وانا بقوله:
- يخرب عقلك، بقى انت اللى خوفت البت، عندها حق الصراحة ماهو انت منظرك يخوف.
سالم بسرحان:
- هي مين البت دي يا عساف؟
عساف:
- دى اختي مروة ياجدع، تعالى ادخل اتفضل.
فعلا سالم دخل البيت وعنيه بتلف فيه كله متخيل انه هيشوف مروة تاني، لكن مروة مستحيل تطلع من اوضتها مدام انا منادهتش عليها خلاص، لقيت سالم بيقولي:
- بقى العروسة اللى فتحت الباب دي تبقى مروة اختك اللى لسه من كام سنة كانت بضفاير بتطلع فى ايد امك تروح بيها السوق؟
عساف:
- الصغير بيكبر يا صاحبي، خطوة عزيزة نورت بيت اخوك، اعملك شاي؟
سالم:
- أنت اللى هتعمله؟
عساف:
- ياعم انت مالك انا ولا الحاجة امي، تشرب شاي؟ سالم:
- لالا، مش عايز شاي دلوقتي، خليها مرة تانية نبقى نشرب الشربات بقى.
عساف بأستفهام:
- شربات ايه؟ سالم: - شربات البت حُسنة، انت مش قولت انك رايح، قولت ادخل انا وانت بدل ما اروح لواحدي، علشان كده عديت عليك.
عساف:
- اااه، طيب اصبر بس احسن انا طلعت من الحمام قبل ما اخلص أدخل اغير الجلابية دى احسن المياه اللى على جسمي نشفت فيها، خمس دقايق وتلاقيني قصادك.
فعلا دخلت اغير هدومي وأنا ودني برة كأنها سماعات مراقبة، ماهو انا برضو مش هينفع اقبل ان حد ممكن يتحرك فى بيتي اي حركة كده ولا كده والبيت فيه حريم، غيرت هدومي فى دقيقة وطلعت كان سالم قاعد فى مكانه متحركش، ومن غير كلام خدته وطلعنا من البيت بعد ما قولت بصوت عالى من تحت السلم لأمي:
- انا خارج ياما رايح بيت عم سيد، مش هطول.
كنت قاصد اعمل كده علشان مروة كمان تعرف ان مفيش حد فى البيت، لكن انا بصراحة مفكرتش فى اللى سالم فكر فيه، ولا جه فى بالي انه يكون فكر بالطريقة دي.