المدينة المتوحشة

حلقة 4 تمساح النهر

وقفت على الجانب الأخر من النهر تتمايل بجسدها اللين المفعم بالأ***ة رغم نحافته و شعرها البني المسدل على كتفيها و عينيها النجلاوين العسليتين التين أطلقا سهام نظراتها نحوه فأنهار ، بشرتها البيضاء المشربة بالحمرة و جسدها الذي لا يغطيه سوى سروالا من أوراق شجرة الموز الممتزج مع اوراق شجر جوز الهند مما جعل رائحة جوز الهند النفاذة تفوح منها في كل أتجاه مما جعلها مثيرة بشكل غير عادي وقفت تشاغله و هو يتأملها مغرم وله من روعة ما يرى و لكن كيف يصل إليها و النهر بينهم ، لابد و أن يكون هناك طريقة وجدت هي أغصان شجرة م**ورة فربطت ثلاثة أفرع بأوراق شجرة قوية و مدت له جسرا كي يمشي إليها ، ناولته إياه عن بعد فمد يده و حاول تثبيته على جانبه من النهر فثبتته هي الأخرى ، كانت أغصان الشجرة المتلاصقة نحيفة و لكنه ايضا خفيف الوزن استطاع أن يتوازن و يسير عليها مثل البهلوان الذي يمشي على الحبل و في منتصف الطريق فوق الجسر الوهمي خرج من أعماق النهر تمساح ضخم كانت هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها أي نوع من أنواع التماسيح في هذا النهر فزع هو جدا من ظهور التمساح المفاجئ ، لمحت هي أحد المارة على الجانب الأخر فاختبأت داخل الأشجار ، صرخ الرجل من الرعب و لكنه لم يستطع إنقاذ الضحية فقد سقط في النهر من الرعب و كان جسده وجبة مشبعة لذلك التمساح الذي ظهر ظهورا غريبا لم يحدث من قبل ، هرول الرجل مسرعا كالمجنون يصرخ و يولول برعب حتى قا**ه أحد جيرانه سائلا

- ماذا أصابك يا رجل ؟

- تمساح النهر هو الذي يأكل رجال المدينة

- أي تمساح تقصد يا سويلم ؟

- تمساح النهر يا رجل

- و هل في النهر تمساح ؟

- اقسم لك رأيته بأم عيني

- رأيته الأن

- نعم رأيته و قد مزق أحشاء الرجل أمام عيني

- أي رجل

- رجل كان يعبر جسرا من أغصان الشجر كي يصل إلى الجانب الأخر من النهر

- و لماذا يعبر على جسر كي يصل إلى الجانب الأخر أن الجانب الآخر هو جزيرة الغابة

- لا أدري و لكن اقسم لك رأيته و هو يسقط في فم التمساح و مزق أحشائه و لا أدري إن أبلغت مخفر الشرطة هل سيجدون في النهر أي أثر لجثته أم لا

- أخشى أن يكون كل ما تحكيه مجرد سراب أو ربما كنت نائما فرأيت ذلك الكابوس

- لست مجنونا كي لا اعرف الفرق بين الكابوس أو السراب و بين الحقيقة

عادت إلى النهر تنادي بصوتها العذب

- بلمان يا بلمااااان

خرج فجأة التمساح الضخم من قاع النهر بطريقة مفزعة صعد من القاع إلى الأعلى بشكل غريب احدث طوفان من الماء اغرق كل ما حوله ثم رد عليها

- ماذا تريدين يا سيلين ؟

- جئت لأشكرك

- على اي شيء ؟

- لأنك ظهرت في الوقت المناسب

- أنا دائما لا أظهر إلى في الوقت المناسب

- أنت جميل يا بلمان رغم انك في كثير من الأحيان تصبح مخيف جدا

- هههههه يا سيلين أنا لا أخيف سوى الأشخاص المريبين فقط

- أنا لست مريبة لذلك أحبك ولا اخاف منك

- أذا ذهبتي إلى قصر الجبل و ألتقيتي بالملكة فبلغيها تحياتي قولي لها بلمان يحييك و ينتظر أوامرك

- سأفعل يا بلمان سأفعل

- أشكرك يا سيلين

- لا تشكرني و لكن أريد أن أفهم فقط

- تفهمين ماذا ؟

- ما هي الأوامر التي تنتظرها من سمو الملكة ؟

- لماذا لا تسأليها هي ؟

- أنت تعرف أن سمو الملكة لا تحب أن يسألها احد عن شيء لم تتحدث عنه من تلقاء نفسها

- و لا تحب أن تسأل أحدنا أيضا عن شيء تحب أن نحكي نحن كل شيء من تلقاء أنفسنا دون أن تسأل أياكي أن تخفي عنها شيء يا سيلين فهي تعرف كل شيء

- أنا لا أجرؤ على فعل هذا يا بلمان

- من الغباء أن لا نعرف حجم و قيمة كل من حولنا

- أنت تمساح حكيم

- هههههههه الحكمة هي صفة البشر و ليست صفة التماسيح

- بل على الع** أنا أرى في كثير من الح*****ت صفات نسيها كثير من البشر

- يا سيلين غرور البشر و كبرياءهم يجعلهم أغ*ياء ع** ما يتصورون أنه من الغباء أن لا نعرف مقدرة كل من حولنا نعرف على اي شيء يستطيعون أو لا يستطيعون أي شيء و الأهم أن نعرف قدراتنا نحن ، نعرف ماذا نستطيع أن نفعل و ماذا لا نستطيع فعله

- أنت فيلسوف يا بلمان

- لا الفلا سفة بشر و أنا لست بشر ، إذا فهم كل منا نفسه جيدا و عرفها حق المعرفة استطاع من خلالها أن يعرف كل شيء حوله و كل المخلوقات من حوله

- كلما تحدثت معك تعلمت الكثير يا بلمان

- و كلما رأيتك أشعر بالسعادة و أشعر أن لي صديقة وفية جميلة تزوروني من حين لأخر

- شرف لي أنك تعتبرني صديقتك المقربة يا بلمان سعيدة كل السعادة بصداقتك يا بلمان

- أنا الاسعد فحياتي في النهر مملة و قاسية لا يؤنس وحدتي أحد ، الأسماك تعتبرني عدوها لأنها طعامي المفضل

- هههههه معهم حق يا بلمان فبالتأكيد صداقتك تهدد حياتهم فكيف يصادقوك بل مجرد وجودهم معك في مكان واحد يهدد حياتهم

- أنها فطرتي التي فطرت عليها لا حيلة لي فيها يا سيلين

- أعرف ذلك جيدا و لكن الأسماك أيضا هذه فطرتهم التي فطروا عليها فطرة الخوف ، بل كل المخلوقات بداخلهم شعورا بالخوف لا ينتهي ابدا .

- معكي حق يا سيلين لا يجب أن نلوم الآخرين على ما فطروا عليه كما لا يجب أن يلومونا على ما فطرنا عليه فهي حكمة الخالق سبحانه و تعالى .

- نعم سبحان الله ، سأذهب الأن و أأتي لك لاحقا

- لا تتأخري عني يا صديقتي الوحيدة

- لا استطيع التأخر عنك يا صديقي أنت أيضا صديقي الوحيد

- ألا يوجد من بني البشر و الح*****ت غيري من يستحق صداقتك

- غالبا لا فالأمر ليس اختياريا كما نظن نحن لا نختار أصدقائنا ولكن الظروف هي التي تفرض عليك أصدقائك و لست أنت من تختارهم

- معكي حق. وبهذا يصبح كل من حولنا مفروضين علينا ليس بينهم من نختاره

- معك حق يا صديقي بداية من الأب و الأم و الأخوة و الأقارب حتى الأصدقاء كنا نظنهم هم الوحيدون الذين نختارهم بكامل أرادتنا اكتشفنا أننا لا نختارهم و اذا اخترناهم غالبا نسئ الاختيار