الفصل الرابع
لست رهينتك
وقفت أمام مرآتها تطالع أثار الكدمات على وجهها بضجر ثم قررت أن تخفى تلك العلامات ببعض مساحيق التجميل التى لم تكن من عادتها. وضعها عند الخروج
ثم ارتدت فستانا طويلا بدون أكمام باللون الأبيض به وردات صغيرة صفراء اللون
ضيق عند خصرها ليبرز نحافته ثم يتسع إلى الأسفل بأناقة
طرحت شعرها على ظهرها لتنسدل موجاته حول وجهها فزادها جمالا واحساسا بالحرية والانطلاق
خرجت من غرفتها فوجدت والدتها قد أعدت لها طعام الإفطار
وما إن رأت هيئتها حتى حدقت بها بتمعن واندهاش
فهتفت ماريا بحرج : صباح الخير يا حبيبتي
مالك بتبصيلى كده ليه؟!!
تبسمت لها بسعادة وهمست: صباح النور والسرور على عيونك اقعدى افطرى عملالك البيض بالبسطرما اللى بتحبيه
جلست ماريا على مائدة الطعام بشرود تعبث فى الاطباق دون أن تأكل وعينى أمها تتابعانها باهتمام
ثم قطعت ال**ت قائلة: ماقولتيش رأيك ياماما فى شكلى؟! حلو؟
اتسعت ابتسامة زينب وقالت بإعجاب : حلو بس!!! زى العسل يا قلبي ثم أردفت متسائلة بخبث: مش ده الفستان اللى اتخانقتى معايا لما اشترتهولك وقولتى
انك مش بترتاحى غير في البناطيل؟ ايه اللى غير رأيك؟! وعاملة ميكب بصراحة حاجات مش متعودة عليها منك هاااا احكيلى بقى إيه السر؟!!!
توردت وجنتيها خجلا وهمست بارتباك: احمم ولا سر ولا حاجه
انا قلت تغير وعملت الميكب عشان ادارى الكدمات اللى فى وشى مش أكتر وبعدين انا مبسوطة
قوى عشان خلصت من عمى وابنه عشان كده قلت
أغير اللوك شوية وأفرح نفسى
غمزت لها بعينها غير مصدقة وسألتها بمكر باسمة: امممم مبسوطة عشان كده بس؟!
هزت كتفيها وقالت: اه طبعا.. هيكون فيه إيه تانى يازوزو
مطت شفتيها ثم تن*دت قائلة: ولا حاجة يا نور عينى سلميلي. على هشام شكله شاب محترم وابن ناس
لا تدرى لماذا فرحت لسماع اسمه فتعجلت الذهاب لرؤيته
: من عيونى تؤمرينى بحاجة تانية ياست الكل؟!
قالتها وهى تغادر مقعدها متوجهة نحو أمها فقبلت
خدها ثم غادرت والأخرى تدعو لها بصلاح الحال
استيقظ متأخرا من نومه فقد جافاه النوم لساعات طويلة ليلا يحاول تهيئة نفسه ليتخطى تلك المرحلة الحرجة من حياته لتمضى به الدنيا - التى لن تتوقف- إلى صعيد آخر .. لا بأس هشام فكم طرقت طبول فوق رأسك سابقا حتما ستمر كما مرت غيرها
توضأ وادى فرضه ثم ذهب
إلى المطبخ لإعداد الإفطار فوجدها قد سبقته
وبدأت في إعداده
فمازحها قائلا بسعادة: ايه الهنا اللى انا فيه النهارده ده ؟!!!؛حبيبة خانو بتجهز الفطار بنفسها؟! ده يوم تاريخي في حياتى
فضحكت ساخرة وهتفت: خانو ايه ونيلة ايه
دا انا بوظت الدنيا على الآخر
هشام ماتزعلش منى اناحطيت السكر على الفول والملح في الشاى آنى آسفة هههه
رفع يديه الى أعلى هاتفا بمرح: يعنى ياربى اول مرة أفرح ان حد هيعملى فطار يطلع بالشكل ده؟!!
اطلعى بره ياحبيبة ومش عايز اشوف رجلك في المطبخ ده تانى يلااا
خرجت وهى تصيح ضاحكة: الحق عليا كنت عايزة أخدم ههههه
فأجابها ساخرا: ابقى اخدمى جوزك ان شاء الله هيفرح بيكى قوى هههه
ثم أردف قائلا: لو عايزة تخدمينى إكوى التيشريت
الأزرق اللى على السرير بس أبوس إيدك ياشيخة
خلى بالك وانتى بتكويه
أجابته بثقة: ماتقلقش ياشومة عشراية وهتلاقى التيشريت جاهز وزى الفل
فسخر منها قائلا: المهم ألاقيه ربنا يستر
أنهيا تناول الإفطار وارتدى ملابسه ثم توجه إلى غرفة أخته فطرق الباب قائلا: حبيبة!!! افتحى الباب
فخرجت إليه مسرعة: ايه يا هشام انا كنت دخلت أنام !!
: تنامى ليه؟! مش عندك درس أحياء الساعة ١١؟!!
ظهر الضيق على ملامحها وقالت: مش قادرة أروح
كنت سهرانه طول الليل بذاكر وكمان بفكر من أول الشهر اروح عند مستر تانى معدتش مرتاحة مع مستر
هانى؟!
تعجب كثيرا من قولها فقد كانت معجبة كثيرا بطريقته المثالية فى شرح الدروس
فما الذي غير رأيها؟!
فقال بحزم: لا ياحبيبة معدش ينفع الإمتحانات خلاص قربت والكل بيقول عليه من أحسن مدرسين الأحياء هنا وكمان معدش فيه وقت نجرب حد تانى
تعالى على نفسك واستحمليه الشهرين دول
زفرت باختناق ثم قالت باستسلام: حاضر... هلبس حالا وانزل معاك
سبقته في الوصول إلى المطعم وعيون جميع العاملين ترمقها بنظرات متعجبة فكم تبدو اليوم
جميلة وبشوشة وملامحها تنبض بإشراقة وإقبال على الحياة.
سألت عنه فأخبروها بعدم وصوله إلى الآن فقامت بجولتها اليومية لمتابعة العمل داخل المطعم
ثم توجهت إلى المطبخ
وفى هذه الاثناء وصل هشام أخيرا إلى هناك
دلف بهدوء إلى المكان فسمع أحدهم يقول: واخد بالك من ماريا شكلها النهارده عامل إزاى
فأجابه ضاحكا: لو جت كده كل يوم هنحب شغل المطعم ده قوى
لم يكد ينهى كلمته حتى همس الآخر بخفوت: أسكت دى جايه علينا أهى
طالع هيئتها الجديدة التى بدت له أقل احتشاما من ذى قبل فظهر على وجهه بعض الضيق ..فتعجب لنفسه لما يهتم لشأنها وما ترتديه؟!
تقدم هشام بضع خطوات وقال ببرود: صباح الخير يا جماعة
اتسعت ابتسامتها لسماع صوته فأقبلت عليه قائلة: صباح الخير يا أستاذ هشام
فاجابها بهدوء متجاهلا النظر إليها وهو يدعى إنشغاله فى إلقاء نظرة على المكان: صباح الخير
صدمها ردة فعله تجاهها وأحست بحرج أمام نفسها وأمام الحضور فهمست وقد اندثرت ابتسامتها: عن اذنكم أنا طالعة المكتب
هز رأسه دون حديث أما هى فقد سارعت الخطى نحو الدرج وهى تشعر بالغيظ
وما إن وصلت إلى الغرفة حتى ألقت بجسدها على المقعد ثم أخرجت مرآتها واخذت تطالع هيئتها
مرة أخرى لتعرف سر إعراضه عنها وعدم إهتمامه بها
ثم ألقتها بإهمال على المكتب وهى تحدث نفسها بانكار:
جرالك إيه يا ماريا ؟!! انتى مهتمة قوى بهشام ده ليه؟!! الحكاية كلها أسبوعين !!
اتقلى كده وارجعى لعقلك وبلاش تظهرى واقعة كده
أرجعت ظهرها للخلف بأريحية وهى تحاول تهدأة نفسها وإعادة الأمر إلى السيطرة كما كانت دائما
فهى لم تكن يوما الفتاة الساذجة البلهاء الباحثة عن الحب والإعجاب دون تحكيم العقل ..
ولذلك كانت تفشل كل محاولات زملائها الشباب في الارتباط بها على مراحل تعليمها المختلفة وكانوا
كثيرا ما ينادونها الآنسة شاكر لجديتها وقوة شخصيتها ع** قريناتها من الفتيات فى تلك المراحل و اللآتى يملن للمرح والترفيه ولتجربة العواطف والأحاسيس مع أى أحد فقط لتشعر انها أنثى مرغوب بها
سمعت طرقا على الباب فاعتدلت في جلستها وامسكت هاتفها مدعية الانشغال به وهتفت بجدية: إتفضل أدخل
خاب أملها عندما انفتح الباب فوجدت عبدالله وكانت مخيلتها تصور لها حضوره
: خير ياعبدالله في حاجة؟!
أجابها بتهذيب و هو يومأ برأسه إيجابا: أيوة الأستاذ هشام طالب حضرتك
تعجبت الأمر ترى ماذا يريد؟! ولماذا لم يخبرها عند وصوله بهذا الأمر ؟!
قامت بهدوء قائلة: هو فين يا عبد الله؟!
: فى المطبخ
وصلت لباب المطبخ فسمعت صوته يصرخ بغضب
على من بالداخل فدلفت مسرعة لتعرف الخبر
صاح محمود بغضب بمجرد رؤيته لها: تعالى يا ماريا
يابنتى شوفى حل مع الاستاذ ده؟!!
فصرخ به بانفعال : أنا قولتلك أنت مرفود والموضوع منتهى
التفتت إليه متسائلة بحيرة: فى ايه بس يااستاذ هشام؟ ايه اللى حصل؟!!
اتسعت حدقة عينيه غضبا وهدر قائلا: زفت كل حاجه زفت وهو المفروض المسؤول عن المطبخ واللى فيه مفيش اى اهتمام ولا أمانة..
توجهت عيناها مباشرة نحو محمود الذى بدى على ملامحه الغيظ ثم التفتت نحوه قائلة بإنكار ودافعا عنه:
عم محمود شغال معانا هنا من أيام بابا الله يرحمه
وليه معزة خاصة عندى واستحاله أصدق انه يضرنا في حاجة
فصرخ مستنكرا بغضب : يعنى أنا كذاااب ؟!!!!
ثم استطرد وهو يخطو نحو أحد الأركان مشيرا باصبعه نحوه:
تعالى اتفضلى الزباله بايتة من أمبارح فى قلب المطبخ والحشرات اتلمت حواليها
ثم تحرك نحو الثلاجة ففتحها وأخرج منها بعض أكياس الخضار ووضعها فى يدها وهو يقول: وادى الخضار شوفى دبلان إزاى وشكله يق*ف !
لو الحكاية هتستمر على كده أبشرك المطعم هيفلس وهيتقفل . أنا بحب كل شيء يمشى بالملى من غير أخطأء.
رمقت محمود بنظرة عاتبة : عم محمود المكان الوحيد اللى مش بدقق عليه فى المتابعة هو المطبخ عشان معتمدة على وجودك فيه
بدخل اطمن منك وأخرج بدون ما اشكك في كلامك ليه كده تزعلنى منك بس؟!
فصاح محمود مدافعا عن نفسه: يابنتى الخضار ده
إحنا رفضنا نطبخ بيه من امبارح واتصلت بالمورد
اللى بعتها وجاى ياخدها تانى النهارده
والزبالة دى اول مرة تحصل انها تبات في المطبخ وانا كنت لسه بتخانق مع العامل عشان نسى يعدى علينا إمبارح عشان ياخدها والأستاذ هشام لو كان ادانى فرصة أشرحله مكنش حصل ده كله
رنت لهشام الذى بدى عليه عدم الإقتناع ثم همست
بهدوء: بتهيألى ياأستاذ هشام إن الموضوع كله كان سوء تفاهم مش أكتر
لم يلتفت إليها بل ظلت نظراته متعلقة بمحمود بعدم ٱرتياح ثم زفر قائلا: هنشوف الموضوع ده بعدين
ثم التفت مغادرا المطبخ دون حديث
وتركها تتابعه بعينى محتارة فى أمره وما الذى يقصده بهذا الكلام المقتضب؟!!!
هدر محمود وهو يشعر بغليان: أنا ماشى يا ماريا وسايب المطعم مش معقول بعد الخدمة هنا العمر ده كله اتهان بالشكل ده قدام الطباخين؟!!!
اقترب منه ماريا بهدوء والإبتسامة تعلو ثغرها ثم ربتت على كتفه برفق قائلة: حقك عليا أنا ياعم محمود هشام لسه أول يوم ومعندوش لسه فكرة
عن حاجة معلش عديها عشان خاطري!!
هدأت ملامحه كثيرا إثر حديثها العذب وتبسم لها بحنو وهو يقول: عشان خاطرك إنتى بس يا بنت الغالى
برقت في عينيها الدموع وهمست بامتنان: ربنا مايحرمنيش منك يا عم محمود
مش عايزة أعطلكم أكتر من كدة عن شغلكم عن إذنكم
ثم غادرت المطبخ وهى تشعر بعدم ارتياح نحو طريقة هشام فى الادارة والتى سوف تتسبب فى صدام لا تتمناه بينهما !!
ترى ماذا سيحدث بينهما ؟
فى ڤيلا الفيومى
كان الجميع ملتفون حول مائدة الإفطار إلا إسلام الذى تبدل حاله منذ خروجه من احتجاز قسم الشرطة فأصبح يسهر كثيرا ليلا وينام طيلة النهار
مما أثار حنق والده وجدته اللذان كانا يضعان عليه
أملا كبيرا في إصلاح أوضاعهما المادية بعد سلسلة خسائر متتالية زلزلت وضعهما فى سوق التجارة
صاحت لبيبة بغيظ: هو إسلام لسه ماصحاش ياهدى؟!
هدى: لا يا تيتة ...أنا حاولت أصحيه كتير بس مارضيش وقالى مش عايز أفطر دلوقتي
لوت ثغرها بضيق وهى تحدق فى راغب الذى كان يجلس إلى جوارها ثم هتفت : الواد ده ناوى على إيه
ياراغب؟!! هو ده إسلام اللى كنت بتقول هيعمل مشروع ي**بنا دهب؟!!
فلوس المطعم شوية شوية هنلاقيها خلصت و هو ماعملش حاجة.
لوح بيديه بقلة حيلة وهو يتكلم من بين أسنانه غيظا: البركة في بنت إبنك اللى بوظت لنا كل حاجة
وعملت اللى فى دماغها غصب عن الكل بس ورحمة أبويا ما هخليها تفرح أنها غلبتنا وجابت مناخرنا الأرض
دست لبيبة قطعة من الجبن في فمها بانفعال واخذت تمضغها بحنق ثم قالت : هتعمل ايه يعنى ياراغب؟!
خلينا فى حالنا وسيبها تروح في داهية بالمطعم بتاعها.
ضحك ضحكة ساخرة قائلا: أسيب إيه يا ماما المطعم ده لو اتظبط واتعمله دعايه حلوة زى ماكان إسلام عايز هي**بنا دهب وبعدين ماتنسيش ان شاكر أخويا كان عامله من الفلوس اللى سرقها من بابا الله يرحمه يعنى برده حقنا ومش هنسيبه ولا رأيك إيه؟!
زفرت لبيبة وأجابته بعدم إرتياح: اللى انت عايزه اعمله بس أنا اعمل حسابك البت دى مش سهلة...
ولا نسيت لما وقعتك انت وابنك فى الخيّة وخلت رقبتنا قد السمسمة بدل المرة اتنين مرة يوم الفرح ومرة لما ابنك اتسجن بسببها
سدد نظراته نحو اللاشىء وقد أحس بغليان الدماء بعروقه إثر تذكره لهذا الأمر وعقله يبحث مكيدة لا تخيب ليرد لها الصاع صاعين وليسلبها ذلك المطعم
دون أن يورط نفسه بشىء يعرضه للمسائلة
ثم فجأة تبسم وعيناه تلمعان وكأنه قد وصل إلى أمنيته و مبتغاه
كانا يجل**ن سويا لمناقشة بعض الأمور الخاصة بالمطعم ويقدمان مقترحات لتطوير الخدمة
وتحسين المستوى
حاولت ماريا قدر استطاعتها أن تبدو هادئة وألا تناقش معه أمر ماحدث صباحا مع كبير الطهاه" محمود" فهى ترغب أن تمر الأمور بهدوء بينهما
ليس فقط لاحساسها بانجذاب إليه وانما لرغبتها كذلك فى
الإرتقاء بالمطعم والمحافظة على مستواه حتى لا تشمت بها عائلتها المتربصة بها متمنية إفشال مهمتها تلك
أخرجت ماريا بعض الأوراق ووضعتها بين يديه قائلة: ده متوسط أرباح المطعم الست شهور اللى فاتوا
وده فيه متوسط الحاجات اللى بيحتاجها المطعم
كل شهر وفى الاوراق هتلاقى أسماء الشركات اللى بتورد لنا اللحوم والخضار وادوات المطبخ
تقدر تراجعهم وتقول رأيك
بدأ هشام يطالع الأوراق باهتمام بالغ وعينى ماريا تحدقان به بسرور لا تدرى مص*ره لكن مجرد وجوده بجوارها أصبح يسعدها كثيرا وبينما هما كذلك
إذ اقتحمت حبيبة مجلسهما فجأة وهى منهارة بشدة وملابسها اصابها بعض التمزق وحجابها اصبح فوضوى الشكل وخصلات شعرها مشعثة بارزة منه
وعيناها الفيروزية حمروتان من كثرة البكاء
انتفض واقفا لمرآها على تلك الحال وأسرع نحوها ممسكا يدها بقلق متسائلا: مالك ياحبيبة حصلك إيه؟!!
فارتمت بانهيار فى أحضان أخيها وقد تحشرج صوتها بإختناق ولا يكاد يفهم منه شىء
فأخذ يربت على ظهرها وهو يقول بخوف: طمنينى بس جرالك إيه؟!!
وقفت ماريا تتابعانهما بحيرة ولا تدرى ماذا تفعل؟
وبعد دقائق أضحت حبيبة تهدأ شيئا فشيئا ثم بدأت الحديث بصوت مختنق بالبكاء: فيه واخد زميلى فى درس مستر هانى بقاله مده عمال يضايقنى و يلح عليا عشان اديه رقم الفون بتاعى وأنا بصده ومش بديه فرصة...أخر مرة وأنا خارجة من الدرس وقف قدامى وأصر انى أتكلم معاه بالعافية ومسك ايدى فض*بته على وشه
و شتمته قدام البنات صحابى
لم يمهلها حتى تكمل حديثها حتى زأر بها بقوة وهو ممسك بذراعها بعنف ينافي معاملته الرقيقة لها منذ دقائق: وسيادتك ماقولتليش ليه على كل ده هاااا؟!!!
وانا كنت وقفته عند حده من اول مرة؟؛ ولا الحكاية عحبتك؟!
صرخت حبيبة متألمة من ذراعها الذى أوجعه قبضته القويه عليه وكذلك قلبها الذى أوجعه حديثه الفظ
واتهامه لها
لم تستطع ماريا الوقوف ساكتة فأسرعت بتلقائية
لتخليص حبيبة من قبضته فأمسكت يديه تجذبها
وهى تهتف برجاء: سيبها ياهشام عشان خاطر ربنا
سيبها !!!
سرت رجفة غريبة في جسده عقب لمستها ليديه
فأفلت ذراع أخته وقد تقابلت عيناهما لأول مرة
بهذا العمق وبعد عدة ثوان أدركت ماريا انها مازالت ممسكة بيده ببلاهة فتركتها بتوتر وحرج
ثم اقتربت نحو حبيبة التى كانت لاتزال منخرطة في البكاء فطوقتها بين ذراعيها وهى تهمس بنبرة عطوفة: اهدى ياحبيبتى خالص وبطلى عياط
أعطتها منديلا فمسحت به مدامعها ثم أخرجت من ثلاجة مكتبها عبوة من العصير المعلب ووضعته
بين يديها قائلة: اقعدى ياحبيبتى واشربى العصير ده
وفى تلك الأثناء كان هشام قد أشعل سيجارة
وأخذ يسحب دخانها وينفثه بغضب وانفعال بالغين
صدمت ماريا لمرآه يدخن لكنها لم تتكلم
اقترب من أخته وهو يجاهد ثورانه قائلا: ايه اللى حصل النهارده ياحبيبة انطقى؟!
ظهر الخوف على ملامح حبيبة وانتقلت بعينها نحو ماريا وكأنها تطلب منها العون فاقتربت منها وجلست إلى جوارها على الأريكة وربتت على فخذها وكأنها
تقول: لا تقلقى أنا معكِ
فبدأت الحديث بخوف: النهارده قبل الدرس جه واعتذر لى على اللى حصل المرة اللى فاتت فسكت وقولتله حصل خير واتفاجأت بعد الدرس جه يقولى انه عازمنى على عصير فى مكان عام وفضل يطمنى ويكلمنى بذوق فروحت معاه اتاريه كان عايز يبعدنى عن مكان الدرس وقبل مانوصل للكافيه لقيته ض*بنى على وشى زى ما ض*بته المرة اللى فاتت وشتمنى ولقيت البنات صحباته هجموا عليا وفضلوا يض*بوا فيا ورمونى على الأرض وهو واقف بيضحك وبيصورهم ثم اجهشت بالبكاء
فصاح فيها أخوها بغضب: انتى غ*ية ؟!!! واحد زى ده تمشى معاه ازاى؟!؛ هى دى التربية اللى ربتهالك ياحبيبة؟! قوليلى بسرعة الاقى الحيوان ده فين؟!
أجابته من بين شهقاتها : عندنا درس فيزياء بعد ساعه ونص أكيد هيكون هناك.
هب واقفا وهو يقول: يلا قدامى بسرعة
قاطعت ماريا حديثه : هتروح ازاى بالشكل ده؟ فى محل في الشارع اللى ورانا هروح معاها نشترى. لبس ونرجع على طول مش هنتأخر
حرك رأسه نفيا بعدم موافقه قائلا: هروح انا معاها
انتى ذنبك ايه فى الموضوع ده؟
تبسمت بعذوبة وهمست: الموضوع مش هيتعبنى ولا حاجه وكمان انا عايزة اشترى حاجة فرصه اجبها بالمرة ومش هينفع نخرج كلنا ومندوب الشركة اللى بتورد لنا الخضار جاى دلوقتي وانا عايزاك تقا**ه شخصيا وتحاسبه على الغلط اللى حصل
اقنعه حديثها فسمح لهما بالإنصراف بعد ان أعطى لأخته مبلغا من المال لتشترى فستانا آخر
وقف أمام نافذة الغرفة يدخل بعض الهواء إلى رئتيه
عله يهدىء انفعاله قليلا فلمح سيارة مورد المواد الغذائية للمطعم
وقد نزل منها رجل اربعينى أثار عجبه الأمر إذ أنه لم يتوجه إلى الداخل بل بقى واقفا بجوار سيارته وكأنه في انتظار أحد ما
حتى خرج له أحد الطهاه واخذا يتبادلان الحديث معا
لم يستطع هشام تحديد هويته فقد أولاه ظهره فأسرع بمغادرة الغرفة وتسلل بهدوء حيث يقفان
هاله ما سمعه منهما فاخرج هاتفه وبدأ فى التسجيل ليسمعها تلك المواجهة التى لن تصدقها ماريا إلا بدليل
ثم زأر قائلا: وإيه كمان ياشيف محمود؟!!!
اتسعت حدقة عينيه بذهول والتفت إليه بذعر قائلاً
بعدم تصديق لوجوده في هذا المكان : أ ..أستاذ هشام !!
يتبع