...... صفق باب سيارته التي قادها بسرعه كبيرة وهو يخرج من البوابه مبتعدا وكأنه يهرب....يهرب من تلك المواجهه التي لم يكن يتخيل ان تحدث بينهما مجددا......!
تلك المرة منذ سنوات حينما افضت بكل مايجول بخاطرها منه تكررت ولكن بصورة ابشع.... تأزمت ملامحه بقوة بينما ازدادت وطاة هذ الألم بص*ره ليجذب ربطه عنقه ويفك بضع ازار من قميصه في محاوله منه لتهدئه أنفاسه المتلاحقه والتي بدأت تخرج بصعوبه من ص*ره ... أوقف سيارته واخرج هاتفه من جيبه ليطلب سريعا الطبيب الخاص به ... دكتور عزيز
: اهلا ياادهم بيه...
قال تجهم بصوت مختنق نسبيا : كنت حاسس بنغزة ... قاطعه الطبيب سريعا دون سماع باقي شكواه : انا موجود في المستشفي حالا تجيلي ياادهم بيه لو سمحت
أغلق أدهم الهاتف والقاه بجواره وظل جالس لحظات خلف المقود وهو يحاول تهدئه أنفاسه قبل ان ينزل من سيارته ويتجه الي ذلك المحل الصغير الموجود بجانب الطريق....ويطلب من البائع زجاجه مياه
اسرع ذلك الرجل العجوز يحضر لادهم زجاجة المياة ويعطيها له ليخرج أدهم بضع أوراق ماليه كبيرة من جيبه ويضعها امام الرجل ويغادر... : استني خد الباقي يابيه
قال أدهم للرجل الذي اتسعت عيناه بعدم استيعاب : خليهم عشانك
عاد ادهم لسيارته بينما يستمع لدعاء الرجل : ربنا يهدي بالك ويخلي لك عيالك
ارتشف من المياة بضع قطرات واخذ نفس عميق بعدها أدار سيارته واتجه للمشفي بعد قراره بعدم الذهاب فليحدث له مايحدث..... ولكن الآن سيذهب من اجل أولاده..!
........
....
وضعت غزل يدها علي بطنها بألم شديد وهي تستفرغ كل مافي معدتها لتجلس علي الارض الرخاميه باعياء شديد تبكي بانهيار.... فماذا فعلت وكيف استطاعت جرحه بتلك الطريقه.....!!
............
....
مررت ماهيتاب اناملها ببطء علي شاشه هاتفها التي كانت تنظر من خلالها علي صور أدهم....! أدهم الذي لأول مرة تنظر له تلك النظره المختلفه عن كونه زوج صديقتها...!!
شهامته ورجولته معها والتي تخالف تماما نصف الرجل الذي كانت متزوجه به جعلت تلك النظرات تلمع بعيونها...!!
ماذا لو كانت متزوجه برجل مثله..... رجل تقف خلفه ولا تبالي،..... رجل لا تخشي شئ بوجوده..... رجل يخاف عليها من نسمات الهواء ويغار بجنون..... رجل يحبها كما يحب أدهم صديقتها...!!
..........
...
نظر ادهم الي وجهه الطبيب الذي فحصه بدقه شديده وهو يجهز نفسك لسماع خبر سئ ليتفاجيء بالطبيب يقول بنبره مطمئنه ; الحمد لله كل حاجة كويسه ياادهم بيه
اعتدل أدهم جالسا وهو يغلق ازارا قميصه ويسأل الطبيب : امال ايه الوجع اللي بحس بيه كل فترة ده يادكتور
قال الطبيب وهو يجلس الي مكتبه :
والله ياادهم بيه حالتك الصحيه كويسه جدا ومع ذلك هعمل شويه فحصوصات تانيه للاطمئنان مش اكتر...... مفيش اي داعي للقلق والوجع ده بنسبه كبيرة سببه نفسي
نظر له الطبيب وتابع : في حاجة مضايقه سيادتك مؤخرا
هز أدهم راسه : لا
قال الطبيب : عموما سيادتك ماشي علي نظام صحي كويس وملتزم بيه ودي حاجة كويسه جدا..... وحاليا حاول تبعد عن الانفعال وعن اي حاجة ممكن تضايقك
اومأ أدهم قائلا : تمام....
قال الطبيب : انا مش هكتب لسيادتك اي حاجة ولا حتي فيتامينات ممكن بس شويه رياضه هتكون مفيده مع تغيير جو
هز أدهم راسه قبل ان يقول بتردد ; دكتور
نظر له الطبيب ليساله أدهم بحرج..ليهز الطبيب راسه علي الفور : لا طبعا ياادهم بيه صحه سيادك في احسن حال وتقدر تخلف عشر أطفال مش طفل واحد .. السن عند الراجل مالوش وقت للانجاب ولكن للست بتقل فرصها طبعا مع تقدم العمر
قال أدهم بتساؤل خيرته اجابته عن عدم حمل غزل مرة اخري بعد انجاب ابنتهم سيلا وقد ظن انه السبب ; يعني..... قاطعه الطبيب مؤكدا بابتسامه ; يعني سيادتك متقلقش وبعدين انت لسه شباب ياادهم بيه..... ليه بتفكر كدة
قال أدهم : حبيت بس اسأل
: اطمن
ابتسم أدهم للطبيب : متشكر يادكتور
قال الطبيب وهو يصافحه : تحت امرك في اي وقت..... واول ان شاء الله ماتطلع نتيجه الفحوصات هستني سيادتك
; تمام
..........
... فرك أدهم وجهه بقليل من الغضب الممزوج بالحيره بعد كل ماحدث..... هل هو السبب بكل ماحدث بينهم..... هل طباعه الصعبه ولدت بداخلها عقده لم تستطيع تجاوزها علي مدار السنوات...... ذلك الكلام سمعه منها تلك المرة التي انفجرت بها به ومن بعدها حاول تخفيف وتدارك أخطائه..... اذن أين الخطأ..... هل كان عليه أن يتحكم باعصابه اكثر.... هل توقفت عن حبه. هل فرق السن بينهم.... هل عجز عن احتواءها..... هل.... هل.... هل.. ؟!
اسئله كثيرة دارت بعقله...... لا يعرف اجابتها ولا يستمع الا لصوتها الذي يتردد بعقله.....
..... لا يستوعب مايحدث لها وكأنها تبحث عن أي شئ يضايقه وتفعله...... أصبحت تبحث عن مشاكل وتعاسه بحياتهم
لم تعد تلك المرأه التي تريد ارضاءه.... أصبحت متمرده علي كل شئ وهو لم يعد يعرف ماذا يفعل معها....... نعم عجز تمام خاصه بعد تلك المشاحنه التي دارت بينهما اليوم.....! كيف تستطيع أن تتحدث بتلك الطريقه بعد هذا الخطأ الذي ارتكبته بالذهاب لمنزل عمر وهي تعرف حساسيته تجاه الأمر....
تلك المرة تجاوزت الحدود كثيرا....! ؟
كل مرة يتلمس لها الأعذار ويقول ان اغلب ماتفعله طيش ليس اكثر......
ولكن تلك المرة يأخذه تفكيره لسبب اخر ..... وهو انها لم تعد تحبه ...!
نظر الي تلك الصور الموضوعه علي جانب مكتبه باطار ذهبي أنيق وقد احتلت غزل اغلب تلك الإطارات..... فهو لا يشبع ابدا من النظر الي صورتها..... نظر الي صورتها وهي تضحك وصورتها برفقه أطفالهم وتلك الصورة التي تنظر له بحب بها.....
تن*د وهو يتذكر كلامها ولا يعرف كيف قالته له....!
خرج من شروده علي صوت : أدهم بيه...
رفع عيناه الي حارس الأمن الذي دخل الي مكتبه قائلا : سيادتك لسه هتفضل هنا
اومأ قائلا : اه ياعادل
قال الرجل بقلق : سيادتك كويس
اومأ قائلا : اه.....
: طيب تحب اجيب لسيادتك حاجة
: لا متشكر... اتفضل انت انا هفضل عنا عشان عندي شغل
خرج الحارس وأغلق الباب ليخلع أدهم جاكيته ويتمدد علي الاريكة الجلديه بمكتبه ويعود مجددا لتفكيره....!..
.......
دارت غزل حول نفسها بقلق وشعور مقيت بالذنب يتملكها فلم تقصد ابدا ان تصل اليه مخاوفها بتلك الطريقه...... نظرت الي هاتفه بينما لايجيب علي اتصالاتها لتتجه الي مها بعد تردد كبير ولكن يقتلها شعورها المقيت بالذنب.... وكأن من كانت تتحدث معه هي ﷼اخري تلبستها وليست هي.....
ماذا حدث لها... تغيرت كثيرا ولا تعرف لماذا...... فلماذا دوما تكون بحاله التأهب للحرب معه...... مع انه وطنها عالمها ولا يستطيع احد محاربه وطنه وعالمه
نظرت لها مها بقلق حينما دخلت غرفتها بهذا الوقت المتأخر :مالك في ايه...؟
قالت غزل بدون مقدمات : طنط لو سمحتي اتصلي بأدهم
عقدت مها حاجبيها وقامت مقعدها بقلق :أدهم...! في ايه ماله..؟
قالت وهي تفرك يدها ; أصله مش بيرد عليا وانا هموت من القلق عليه
نظرت لها مها بطرف عيناها ثم عادت لتجلس مكانها وقالت بهدوء :قلقانه عليه..؟
قالت غزل بتأكيد ; طبعا قلقانه عليه مش جوزي وابو ولادي
قالت مها ببرود وهي تتطلع بملامح وجهها الممتقعه : اطمني هو كويس
سألتها غزل بلهفه : كلمتيه...؟
اومات مها لتقول ; هو كويس..... طيب هو فين.....
: كويس.... و في الشركه
طاطات راسها واستدارت لتغادر لتوقفها مها : انتي بتعملي كده ليه ؟
قالت غزل وهي تلتفت لمها : بعمل ايه..؟
قالت مها : انتي فاهمه..... عارفه انه هيضايق ليه بقي روحتي.... ؟
قالت غزل بضياع : عشان غ*يه ومكنش عارفه انه لسه بيفكر كدة
قالت مها باتهام : ناسيه عمر عمل معاكي ايه..؟
قالت غزل بدفاع : انا كنت عند اوركيد
هزت مها كتفها : بس بالنسباله مش، كدة
قالت غزل بقليل من الانفعال : يبقي متحاسبينيش علي تفكيره
تن*دت مها وقالت : بصراحه انا تعبت في فهمك
نظرت لها غزل لتكمل مها ; بتخربي حياتك بايدك كل يوم اكتر من الي قبلها
هزت غزل كتفها باقرار :متتعبيش نفسك
انا اصلا مش فاهمه نفسي...
مفيش حد بيبقي قاصد يخرب حياته
وبعدين ياطنط اعذريني ماحضرتك يعني ..... واونكل سليم...... سكتت غزل فليس هناك من داعي لفتح مشاجرة اخري باخبارها انها ليست بأفضل منها في تصرفاتها مع زوجها الراحل
تغيرت ملامح مها والتي كانت كل كراهيتها لغزل في انها تري نفسها بها دون ارادتها
لتقول غزل سريعا باعتذار ; انا اسفه
هتفت مها بحنق ; انتي غ*يه ومتعملتيش مني...... نظرت غزل لها لتتابع مها وهي تتجه لتقف امامها : اه انا خربت حياتي.... كنت بقف لسليم الند بالند.. عمري ما حاولت اشوف ايه بيريحه عشان اعمله وكنت فاكرة اني كدة هبقي مرتاحه... تهكمت من نفسها : وياااه علي الراحه اللي انا عايشه فيها بعد موته وكل مواقفي معاه بتتعاد قدامي وانا شايفاك بتغلطي نفس الغلطات مع أدهم...... هزت راسها باسي وتابعت :
سليم مكنش بيحبني زي ماادهم بيحبك.... بس اقولك ده مش مبرر لأن كان بأيدي احببه فيا بس انا كرهته فيا بعمايلي زيك بالظبط....
عقدت غزل حاجبيها بعدم فهم.... هل تنصحها الان..... لتقول باتهام ;
حضرتك بتتكلمي وكأن قلبك عليا
قالت مها بجديه وهي تهز راسها ; قلبي علي أدهم ابني.... عاوزاه مبسوط...... إنما انتي انا ياما نصحتك وانتي بتسيبي النصيحة وتمسكي في الأسلوب وانا متعودش احسب الكلمه قبل مااقولها.... اللي انتي فيه ده انتي الوحيده السبب فيه.... الست هي اللي تقدر تصلح حال بيت أو تهدمه
هزت مها راسها بخزي وتابعت بلوم شديد : كنت فاكراكي عاقله بس كل ما بتكبري بتتجنني وتتصرفي غلط..... ومسيرك هتضيعيه من ايدك بتصرفاتك
كورت غزل قبضتها وعاد الألم يراود معدتها من جديد لتنظر مها ليدها التي وضعتها فوق بطنها : مالك...؟
قالت غزل وهي تهز راسها : مفيش..
تصبحي علي خير..
هزت مها راسها بعد خروج غزل.... أحبت رؤيه عذابها وقلقها عليه لتتأكد انها مازالت تحبه ولكنها فقط تسيء التصرف
.......
...
في الصباح عادت لتستفرغ مجددا لتقول ام حسن بقلق ; أنتي كويسه ياهانم
هزت غزل راسها بينما انتفخت عيناها من كثره البكاء طوال الليل : اه
خدي سليم وسيلا يفطروا وانا نازله وراكي
جلست علي طرف الفراش وعاودت الاتصال به بيأس..... لن يجيب وهي تستحق فهي جرحته ولكن دون ارادتها.... هي فقط مشتته ضائعه... كانت بحاجة للحديث معه عن مخاوفها بدلا من ترك الأمر يتفاقم بداخلها بتلك الطريقه...
..........! نظرت مها الي احفادها بابتسامه لتأخذهم بحضنها وتسأل ام حسن :غزل فين. ؟
قالت المرأه : نازله ورايا... بس شكلها تعبانه يامها هانم
اومات مها قائلة : طيب يلا جهزي الفطار للولاد
ابتعدت قليلا وتحدثت في الهاتف : أدهم صباح الخير ياحبيبي
: صباح الخير
: ايه ياابني انت فين كل ده..؟
قال أدهم باقتضاب : عندي شغل
قالت مها باستنكار متظاهرة بعدم معرفتها بما دار بينه وبين زوجته : شغل ايه اللي بتباب فيه برا
: شغل مهم... معلش ياماما مضطر اقفل
أغلق الهاتف لتنظر مها الي غزل التي نزلت بحاله يرثي لها وهي تتن*د بتعب حقيقي...!
فلاهي مرتاحه ولا ابنها مرتاح.... هل حقا هناك امرأه تبحث عن تعاستها بيدها
....